المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سياسة معاوية بن أبي سفيان البحرية في مواجهة الروم - موجز عن الفتوحات الإسلامية

[طه عبد المقصود عبد الحميد أبو عبية]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌أولًا: الفتوحات في الشرق

- ‌مدخل

- ‌ بلاد ما وراء النهر:

- ‌ فتح بلاد السند "حملات محمد بن القاسم

- ‌ثانيا: الفتوحات في الجانب البيزنطي

- ‌سيطرة المسلمين على الحوض الشرقي للبحر المتوسط في عصر الراشدين:

- ‌سياسة معاوية بن أبي سفيان البحرية في مواجهة الروم

- ‌بناء الأسطول والتمهيد البري والبحري لفتح القسطنطينية:

- ‌منطقة الثغور الشامية وأهميتها في توسيع الفتوحات بآسيا الصغرى "الأناضول

- ‌حصار القسطنطينية في عصر بني أمية

- ‌مدخل

- ‌المحاولة الأولى: حملة سفيان بن عوف "سنة 49هـ/ 669م

- ‌المحاولة الثانية: حصار السبع سنوات "54-60هـ/ 674-679م

- ‌الحصار الثالث للقسطنطينية بقيادة مسلمة بن عبد الملك "97-98ه

- ‌ثالثا: فتوح المغرب والأندلس وبلاد غالة "جنوب فرنسا

- ‌طبيعة الفتح الإسلامي لبلاد المغرب:

- ‌مراحل الفتح الإسلامي للمغرب

- ‌المرحلة الأولى: مرحلة الاستكشاف والاستطلاع "22-50هـ/ 643-670م

- ‌أولًا: عمرو بن العاص وأولى المحاولات "فتح برقة- ودان- فزان- طرابلس

- ‌ثانيا: فتح إفريقية

- ‌المرحلة الثانية: الاستقرار والفتح المؤقت "50-71هـ/ 670-689م

- ‌أولا: عقبة بن نافع في ولايته الأولى وتأسيس مدينة القيروان "50-55هـ/ 670-674م

- ‌ثانيًا: عزل عقبة وولاية أبي المهاجر ديار "55-62هـ/ 674-681م

- ‌ثالثا: ولاية عقبة بن نافع الثانية ومحاولة فتح المغرب الأقصى "62-64هـ/ 681-684م

- ‌رابعًا: زهير بن قيس البلوي واسترداد القيرون "69-71هـ/ 688م-689م

- ‌المرحلة الثالثة: إتمام الفتح وتثبيت سلطان المسلمين في المغرب "73-95هـ/ 692-714م

- ‌فتح إسبانيا وبلاد الغال "جنوب فرنسا

الفصل: ‌سياسة معاوية بن أبي سفيان البحرية في مواجهة الروم

‌سياسة معاوية بن أبي سفيان البحرية في مواجهة الروم

سياسة معاوية بن أبي سيان البحرية في مواجهة الروم:

تولى معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه أمر الدولة الأموية صبيحة تأسيسها، وكان واليا على الشام لأكثر من عشرين سنة متصلة في زمن خلافة عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهما على التوالي. وقد وقع عليه -في أكثر الوقت- العبء الأكبر في مجابهة الخطر البيزنطي على إقليم الشام برا وبحرا. وكان لخبرته القتالية الطويلة مع الروم أثر واضح في تشكيل رؤية -أو "استراتيجية"- للتعامل معهم، وفي توجيه قناعته بطبيعة السياسة الملائمة لهذا التعامل. وكانت المواجهة القتالية المستمرة مع الروم البيظنطيين هي الأسلوب الذي ارتآه أنسب للتعامل معهم، وكان توليه خلافة المسلمين هي الفرصة المناسبة التي ساعدته على تحوي لتلك القناعة الشخصية إلى "سياسة دولة"، وتوافرت -إلى ذلك- مجموعة من العوامل الداخلية الإيجابية أدت إلى إنجاح هذه السياسة، أهمها وجود جيش قوي، ولاؤه الأول والأخير للخليفة، وموارد اقتصادية هائلة تدرها الأمصارن وقرب عهد بالإسلام وفر أعداد هائلة من المتطوعين المؤمنين بهذه السياسة بوصفها رسالة إيمانية1.

وبعد أن أمن معاوية الجبهة الداخلية للدولة الإسلامية باتباع مجموعة من الخطوات -أهمها حل المشاكل التي خلفتها أعوام متتالية من الفتن والحروب بعد مقتل الخليفة الشهيد عثمان رضي الله عنه، وإزالة التناحر القبلي بين عرب الشام وعرب الجنوب وفق ميزان عدل لا يميل إلى أحد الطرفين على حساب الآخر. وبعد أن نقل عاصمة الخلاصة إلى دمشق الشام موطن شيعته ومناصريه، ولتكون قريبة من ميدان الصراع مع البيزنطيين، إضافة إلى اهتمامه الكبير بتأسيس جيش قوي ليكون عدته في تنفيذ مشاريعه الحربية، وجعل قوامه الأساسي من جند الشام الموالين له، واختار مجموعة من خيرة القادة العسكريين لقيادته -نقول: بعد أن نجع في تحقيق ذلك كله عمد إلى رسم الخطوط العريضة لسياسات التعامل الخارجي للدولة الأموية، والتي استمرت منهاجا لها حتى زالت سنة "132هـ".

ولعل المعلم الرئيس لسياسة التعامل الخارجي للدولة الأموية يتلخص في عبارة واحدة، هي "الهجوم خير وسيلة للدفاع، والعمل المستمر على توسيع الدولة وضم مناطق جديدة إليها". وهذه السياسة يمكن أن نطلق عليها اسم "سياسة تداعي الفتوحات"، فمثلا: نجد أن الدولة الأموية قد آمنت بأن تأمين فتوحات الشام

1 نادية مصطفى: الدولة الأموية دولة الفتوحات "ص13- بتصرف يسير".

ص: 27

إنما يستدعي السيطرة على المناطق المجاورة له من الشمال والشمال الشرقي "أرمينية"، والجنوب الغربي "مصر"، والمناطق الغربية "جزر البحر المتوسط الشرقية"، ثم إن تأمين فتوحات مصر استدعى فتح إفريقية "تونس"، وهذا بدوره تطلب فتح المغرب الأوسط "الجزائر"، ثم المغرب الأقصى، ثم عبور المضيق إلى شبه الجزيرة الإيبيرية "إسبانيا". وبهذا أصبح المسلمون في مواجهة القوى غير الإسلامية "الأوروبية" في الغرب بالقدر نفسه الذي واجهوا به الدولة البيزنطية في الشرق. فعلى هدي الظروف الجغرافية -إذن- كانت تسير الفتوحات الأموية برا من أجل رفع راية الإسلام1.

ولم يختلف الأمر في البحر عنه في البر؛ فبعد غزو جزيرة "قبرص" في البحر المتوسط الشرقي أيقن الأمويون ضرورة عدم التوقف عن هذا الحد، فمواصلة الاستيلاء على الجزر التابعة للروم في شرق هذا البحر كان حتمية وفقا لسياسة الأمويين الخارجية؛ فشرق البحر المتوسط تنتشر فيه الجزر التي تقسمه إلى بحار داخلية صغيرة، يتصل بعضها ببعض عن طريق مضايق وفتحات صغيرة، وتتحكم في مداخلها أطراف تلك الجزر، فكانت هذه المضايق أشبه أعناق الزجاجات تكفل للمسيطر عليها السيادة على ما يليها من بحار داخلية وما يطل على هذه البحار من أراض وبلاد، ومن ثم سار الأمويون في استيلائهم على هذه الجزر وفق خطة منطقية محددة بدقة، تهدف إلى تأمين سلامة الفتوحات الإسلامية في البر عن طريق الاستيلاء على الجزر القريبة المجاورة مباشرة لتلك الأراضي المفتوحة، ثم متابعة الاستيلاء على غيرها من الجزر التي تتحكم في أكبر عدد من المضايق البحرية، وذلك لسد كل المنافذ والطرق أمام الأساطيل البيزنطية إذا ما رغبت في مهاجمة الأراضي المفتوحة من جهة البحر2.

1 راجع: الصراع بين العرب وأوروبا من ظهور الإسلام إلى انتهاء الحروب الصليبية للدكتور رمضان عبد التواب "ص96 وما بعدها""ط دار المعارف، القاهرة 1983م"، الحدود الإسلامية البيزنطية بين الاحتكاك الحربي والاتصال الحضاري، للدكتور فتح عثمان "ص259، 260""ط القاهرة، الدار القومية للطباعة والنشر"، الدولة الأموية دولة الفتوحات، لنادية مصطفى "ص16".

2 الدولة الأموية دولة الفتوحات "ص16، 17".

ص: 28