المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ مروان بن الحكم - موسوعة سفير للتاريخ الإسلامي - جـ ٢

[مجموعة من المؤلفين]

الفصل: ‌ مروان بن الحكم

3 -

‌ مروان بن الحكم

(64 - 65هـ):

هو «مروان بن الحكم بن أبى العاص بن أمية بن عبد شمس» ، ولد فى

السنة الأولى من الهجرة، ولذلك يعده بعض العلماء من الصحابة، وهو

ابن عم الخليفة «عثمان بن عفان» رضى الله عنه، وكان كاتبه وأمين

سره، وولاه «معاوية بن أبى سفيان» فى خلافته «المدينة المنورة»

أكثر من مرة؛ ثقة منه بقدرته وخبرته السياسية التى اكتسبها طوال

عمله مع «عثمان» .

وكان «مروان» أثناء ولايته على «المدينة» يتحرَّى العدل، ولا يصدر

أمرًا إلا بعد استشارة صلحاء الناس، ومن مآثره التى جلبت ثناء الناس

عليه أنه جمع صيعان «المدينة» التى يكيلون بها، وأخذ بأعدلها

وأضبطها كيلا، فنسبه الناس إليه، وقالوا:«صاع مروان» ، وقال عنه

الإمام «أحمد بن حنبل» : «كان عند مروان قضاء - يقصد كان عادلا

فى قضائه - وكان يتبع قضايا عمر بن الخطاب»، ويصفه المؤرخون

بالشجاعة والشهامة، والدهاء وحسن السياسة.

توليته الخلافة:

اضطرب أمر «بنى أمية» بعد رفض «معاوية بن يزيد» أن يتولى

الخلافة، أو يعهد بالأمر إلى أحد من أهل بيته، وفى هذه الأثناء

أعلن «عبدالله بن الزبير» نفسه خليفة للمسلمين سنة (64هـ) فى

«مكة» ، فبايعه «العراق» و «مصر» ، حتى الشام نفسها معقل

الأمويين بايعه معظم أقاليمها، وبدا الأمر كما لو أن دولة الزبيريين

قامت، ودولة الأمويين بادت.

كان «مروان بن الحكم» وبنوه يعيشون فى «المدينة المنورة» ،

فأخرجهم منها «عبدالله بن الزبير» فرحلوا إلى الشام، حيت تجمع

هناك كل أنصار «بنى أمية» وولاتهم، من أمثال: «عبيد الله بن

زياد»، و «الحصين بن نمير» ، فأخذوا يشجعون «مروان» على تحمل

قيادة البيت الأموى، ومنع دولتهم من السقوط.

وبعد مداولات طويلة بين زعماء القبائل استغرقت عدة شهور عقد

مؤتمر فى «الجابية» بالقرب من «دمشق» ، فى شهر ذى القعدة سنة

(64هـ)، بويع فيه «مروان بن الحكم» بالخلافة، باعتباره أكبر أبناء

البيت الأموى سنا، وأكثرهم تجربة.

ص: 94

كان على «مروان» بعد بيعته أن يثبت جدارته بهذا المنصب وأهليته

له، بأن يسترد نفوذ «بنى أمية» وسلطانهم فى الشام، معقلهم

الرئيسى، الذى خضع معظمه لعبدالله بن الزبير، ومن ثم خاض

«مروان» مع أنصار «ابن الزبير» معركة كبيرة فى «مرج راهط» ،

شرقى «دمشق» فى نهاية سنة (64هـ)، وكان النصر فيها حليف

«مروان» ، وبداية الطريق لاستعادة الأمويين لدولتهم التى كانت قاب

قوسين أو أدنى من الزوال.

ولم يضع «مروان» وقتًا بعد هذا الانتصار، فعاد إلى «دمشق» ، حيث

تلقى وفود المهنئين والمبايعين. وبعد فترة قصيرة اطمأن فيها على

استقرار الأوضاع فى الشام، ترك ابنه «عبدالملك» فى «دمشق» نائبًا

عنه فى حكمها، وتوجه إلى «مصر» التى كانت تحت حكم «عبدالله

بن الزبير»، فاستردها بسهولة، وأقام بها نحو شهرين، رتَّب فيها

أوضاعها، وعيَّن ابنه «عبدالعزيز» واليًا عليها، وعاد هو إلى

«دمشق» ، ليستأنف صراعه مع «ابن الزبير» ، لكن الموت عاجله سنة

(65هـ) بعد حكم دام عشرة شهور.

ثورة التوابين في عهد مروان بن الحكم:

«التوابون» مجموعة من الشيعة الذين أحسوا بخطئهم الفادح حين

دعوا «الحسين» إلى «الكوفة» ليبايعوه خليفة وإمامًا، ثم خذلوه لما

حضر إليهم، لذلك قرروا الثأر له، وسمُّوا أنفسهم التوابين، أى الذين

تابوا عن تقصيرهم فى نصرته، وتزعمهم «سليمان بن صرد

الخزاعى».

وقد اجتمع لهم عدة آلاف من الناس، قيل إنهم بلغوا ستة عشر ألفًا،

وبايعوا «ابن صرد» على الموت طلبًا لثأر «الحسين» ، لكنهم انفضُّوا

عنه حين جدَّ الجد، كما انفضوا عن «الحسين» من قبل، ولم يبقَ معه

سوى نحو ثلاثة آلاف، توجه بهم لقتال الأمويين، فتصدَّى لهم

«عبيدالله بن زياد» فى جيش ضخم، بلغ عدده نحو ستين ألفًا،

فهزمهم وقتل معظم التوابين وعلى رأسهم زعيمهم «سليمان بن

صرد»، فى مكان يُسمَّى «عين الوردة» فى شمالى «العراق» سنة

(65هـ).

وهكذا أضيفت إلى مآسى المسلمين مأساة أخرى، أدَّى إليها

ص: 95

الاندفاع الأهوج، والحماس الطائش من جانب التَّوابين، وهم يعلمون

أنهم يواجهون بأعدادهم القليلة جيوش الدولة التى لن تتهاون مع من

يخرج عليها ويهدد أمنها.

ص: 96