الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كيف يعذب إبليس بالنار وهو مخلوق منها
؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إبليس سوف يدخل النار؟ وكيف يدخل النار وهو مخلوق من نار؟ وهل هناك شيء يؤكد كيف سيعذب إبليس؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
أمَّا أن إبليس سيدخل جهنم خالداً فيها: فهذا مما لا شك فيه، وقد ذكر الله تعالى مصيره في الآخرة في عدة آيات، ومنها:
1.
قال تعالى: (قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ
…
قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُوماً مَدْحُوراً لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ) الأعراف/12– 18.
قال الطبري:
وهذا قسم من الله جلّ ثناؤه، أقسم أن من اتبع من بني آدم عدوَّ الله إبليس وأطاعه: أن يملأ جهنم من جميعهم يعني: من كفرة بني آدم أتباع إبليس، ومن إبليس وذرّيته " انتهى باختصار وتصرف يسير.
"تفسير الطبري"(8/139) .
2.
وقال تعالى: (قَالَ يَا إِبلِيسُ مَا لَكَ أَلا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ
…
إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ. وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ. لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ) الحجر/32– 44.
قال الشنقيطي رحمه الله:
وكل آية فيها ذِكر إضلال إبليس لبني آدم بيَّن فيها أن إبليس وجميع من تبعه كلهم في النار كما قال هنا: (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ. لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ) .
"أضواء البيان"(3/131) .
3.
وقال تعالى: (قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ * لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ) ص/84، 85.
4.
وقال تعالى حاكياً قول الجن: (وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً. وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً) الجن/14، 15.
ثانياً:
أما كيف يعذَّب إبليس في النار وقد خُلق من النار: فالجواب عنه:
أنه لا يلزم من كون الجن خلقوا من نار أن يكونوا الآن ناراً، كما أن الإنس خلقوا من تراب وليسوا الآن تراباً.
قال أبو الوفاء بن عقيل:
" أضاف الشياطين والجان إلى النار حسب ما أضاف الإنسان إلى التراب والطين والفخار، والمراد به في حق الإنسان أن أصله الطين، وليس الآدمي طيناً حقيقة، لكنه كان طيناً، كذلك الجان كان ناراً في الأصل " انتهى.
"لقط المرجان في أحكام الجان"(ص 33) بواسطة "عالم الجن والشياطين"(ص 58) .
وإذا كان الإنس خلقوا من تراب وقليل منه يؤذيهم، وإن دفنوا تحته ماتوا، وإن ضربوا به (الفخار مثلا) جرحوا أو ماتوا، فكذلك ليس غريباً أن يكون الجن قد خلقوا من النار، ويعذبون بنار جهنم.
والجن خلقهم الله تعالى من نار، ولكنهم ليسوا الآن ناراً، والأدلة على ذلك كثيرة، منها:
1.
عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي فأتاه الشيطان فأخذه فصرعه فخنقه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(حتى وجدت برد لسانه على يدي، ولولا دعوة أخي سليمان عليه السلام لأصبح موثقا حتى يراه الناس) رواه النسائي في "السنن الكبرى"(6 / 442) ، وصححه ابن حبان (6 / 115) .
2.
عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعناه يقول: أعوذ بالله منك ثم قال: ألعنك بلعنة الله ثلاثا وبسط يده كأنه يتناول شيئا، فلما فرغ من الصلاة قلنا: يا رسول الله قد سمعناك تقول في الصلاة شيئا لم نسمعك تقوله قبل ذلك ورأيناك بسطت يدك، قال: إن عدو الله إبليس جاء بشهاب من نار ليجعله في وجهي فقلت: أعوذ بالله منك ثلاث مرات ثم قلت: ألعنك بلعنة الله التامة فلم يستأخر، ثلاث مرات، ثم أردت أخذه، والله لولا دعوة أخينا سليمان لأصبح موثقا يلعب به ولدان أهل المدينة. رواه مسلم (542) .
فمن هذين الحديثين يتبين لنا أن الجن الآن ليسوا ناراً؛ ويدل على ذلك: ما وجده رسول الله صلى الله عليه وسلم من برد لسان الشيطان، كما في الحديث الأول، وأن الشيطان لو كان باقيًا على ناريته ما احتاج أن يأتي بشهاب ليجعله في وجه النبي صلى الله عليه وسلم، ولما استطاع الولدان أن يلعبوا به.
3.
ومن الأدلة – كذلك -: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم) رواه البخاري (1933) ومسلم (2175) .
ولو كان الشيطان ناراً لاحترق الإنسان؛ لأن الشيطان داخله، فتبين الفرق بين كون الشيطان ناراً وكونه مخلوقاً من نار.
ولو كان الشيطان ناراً الآن –على سبيل الفرض- وأراد الله أن يعذبه بنار جهنم، فإن الله تعالى على كل شيء قدير، ولا يعجزه شيء سبحانه وتعالى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
ما صحة حديث إحياء أبوي النبي صلى الله عليه وسلم؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما صحة الحديث القائل بإحياء أم النبي محمد صلى الله عليه وسلم فآمنت به ثم ماتت؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لم يصح حديث في أن الله تعالى أحيا أبوي النبي صلى الله عليه وسلم وأنهما آمنا به ثم ماتا، بل الأحاديث الصحيحة الثابتة تدل على أنهما ماتا على الكفر، وأنهما من أهل النار.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه وسلم: (اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لأُمِّي فَلَمْ يَأْذَنْ لِي، وَاسْتَأْذَنْتُهُ أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأَذِنَ لِي) رواه مسلم (976) .
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أَنَّ رَجُلا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيْنَ أَبِي؟ قَالَ: فِي النَّارِ. فَلَمَّا قَفَّى دَعَاهُ، فَقَالَ: إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ. رواه مسلم (203) .
ومما يدل على عدم صحة هذه الأحاديث: أن هذا الأمر لو وقع لاشتهر وانتشر، لأنه يكون آية عظيمة من آيات الله تعالى، فتتوفر الدواعي على نقلها.
وقد حكم أئمة العلم المحققون على هذه الأحاديث الواردة بأنها موضوعة مكذوبة.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: حجَّ بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع، فمرَّ بي على عقبة الحجون وهو باكٍ حزين مغتم، فبكيتُ لبكاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم إنه نزل فقال: يا حميراء استمسكي، فاستند إلى البعير فمكث عني طويلاً، ثم إنه عاد إليَّ وهو فرح مبتسم، فقلت له: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، نزلت من عندي وأنت حزين مغتم فبكيت لبكائك، ثم إنك عدت إليّ وأنت فرح مبتسم، فعَمَ ذا يا رسول الله؟ فقال: ذهبت لقبر أمي آمنة فسألت الله أن يحييها فأحياها، فآمنت بي وردها الله عز وجل.
رواه ابن شاهين في " الناسخ والمنسوخ " والخطيب البغدادي في " السابق اللاحق " – كما قال السيوطي في " الحاوي "(2 / 440) -.
قال ابن الجوزي:
" هذا حديث موضوع بلا شك، والذي وضعه قليل الفهم عديم العلم، إذ لو كان له علم لعلم أن من مات كافراً لا ينفعه أن يؤمن بعد الرجعة، لا؛ بل لو آمن عند المعاينة لم ينتفع، ويكفي رد هذا الحديث قوله تعالى: (فيمت وهو كافر) وقوله في الصحيح: (استأذنت ربي في أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي) وقد كان أقوام يضعون أحاديث ويدسونها في كتب المغفلين فيرويها أولئك، قال شيخنا أبو الفضل بن ناصر: هذا حديث موضوع وأم رسول الله صلى الله عليه وسلم ماتت بالأبواء بين مكة والمدينة ودفنت هناك وليست بالحجون " انتهى.
"الموضوعات"(1/283) .
الحجون: موضع بمكة.
وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله:
" وأما الحديث الذي ذكره السهيلي وذكر أن في إسناده مجهولين إلى أبي الزناد عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل ربه أن يحيي أبويه، فأحياهما وآمنا به: إنه حديث منكر جدّاً، وإن كان ممكناً بالنظر إلى قدرة الله تعالى، لكن الذي ثبت في الصحيح يعارضه " انتهى.
"البداية "(2/261) .
وقال ملا علي القاري عن هذا الحديث:
" موضوع، كما قال ابن دحية، وقد وضعت في هذه المسألة رسالة مستقلة " انتهى.
"الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة"(ص 83) .
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: هل صح عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن الله تبارك وتعالى أحيا له أبويه حتى أسلما على يديه ثم ماتا بعد ذلك؟
فأجاب:
" لم يصح ذلك عن أحد من أهل الحديث ; بل أهل المعرفة متفقون على أن ذلك كذب مختلق، وإن كان قد روى في ذلك أبو بكر - يعني الخطيب - في كتابه "السابق واللاحق" وذكره أبو القاسم السهيلي في "شرح السيرة" بإسناد فيه مجاهيل، وذكره أبو عبد الله القرطبي في "التذكرة" وأمثال هذه المواضع، فلا نزاع بين أهل المعرفة أنه من أظهر الموضوعات كذباً، كما نص عليه أهل العلم، وليس ذلك في الكتب المعتمدة في الحديث ; لا في الصحيح ولا في السنن ولا في المسانيد ونحو ذلك من كتب الحديث المعروفة، ولا ذكره أهل كتب المغازي والتفسير، وإن كانوا قد يروون الضعيف مع الصحيح، لأن ظهور كذب ذلك لا يخفى على متدين، فإن مثل هذا لو وقع لكان مما تتوافر الهمم والدواعي على نقله، فإنه من أعظم الأمور خرقا للعادة من وجهين: من جهة إحياء الموتى، ومن جهة الإيمان بعد الموت. فكان نقل مثل هذا أولى من نقل غيره، فلما لم يروه أحد من الثقات عُلِم أنه كذب.
ثم هذا خلاف الكتاب والسنة الصحيحة والإجماع. قال الله تعالى: (إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما) وقال: (وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار) . فبين الله تعالى: أنه لا توبة لمن مات كافراً. وقال تعالى: (فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون) فأخبر أن سنته في عباده أنه لا ينفع الإيمان بعد رؤية البأس ; فكيف بعد الموت؟ ونحو ذلك من النصوص. . . " انتهى باختصار.
"مجموع الفتاوى"(4/325) .
وبعض أهل التصوف لم يستطع تصحيح هذه الأحاديث وفق القواعد الحديثية فصححها بالكشف!
يقول البيجوري:
" ولعل هذا الحديث - حديث إحياء والدي النبي صلى الله عليه وسلم وإيمانهما ثم موتهما- صح عند أهل الحقيقة بطريق الكشف " انتهى.
"جوهرة التوحيد"(ص 30) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله رادّاً على مثل هذا:
" وعامة هؤلاء إذا خوطبوا ببيان فساد قولهم قالوا من جنس قول النصارى: هذا أمر فوق العقل! ويقول بعضهم: يثبت عندنا في الكشف ما يناقض صريح العقل " انتهى باختصار.
"الجواب الصحيح"(2/92) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب