الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم استعمال كلمة لو
[السُّؤَالُ]
ـ[فيمن سمع رجلا يقول: لو كنت فعلت كذا لم يجر عليك شيء من هذا ، فقال له رجل آخر سمعه: هذه الكلمة قد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنها ، وهي كلمة تؤدي قائلها إلى الكفر ، فقال رجل آخر: قال النبي صلى الله عليه وسلم في قصة موسى مع الخضر: {يرحم الله موسى وددنا لو كان صبر حتى يقص الله علينا من أمرهما} واستدل الآخر بقوله صلى الله عليه وسلم: {المؤمن القوي أحب إلى الله من المؤمن الضعيف إلى أن قال فإن كلمة لو تفتح عمل الشيطان} فهل هذا ناسخ لهذا أم لا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
جميع ما قاله الله ورسوله حق ، " ولو " تستعمل على وجهين: أحدهما: على وجه الحزن على الماضي والجزع من المقدور ، فهذا هو الذي نهى عنه ، كما قال تعالى:{يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم} .
وهذا هو الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: {وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت لكان كذا وكذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل فإن - اللو - تفتح عمل الشيطان} أي تفتح عليك الحزن والجزع ، وذلك يضر ولا ينفع بل اعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك ، وما أخطأك لم يكن ليصيبك ، كما قال تعالى:{ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه} ، قالوا: هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم.
والوجه الثاني: أن يقال " لو " لبيان علم نافع ، كقوله:{لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا} . ولبيان محبة الخير وإرادته ، كقوله:" لو أن لي مثل ما لفلان لعملت مثل ما يعمل " ونحوه جائز.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: {وددت لو أن موسى صبر ليقص الله علينا من خبرهما} هو من هذا الباب ، كقوله:{ودوا لو تدهن فيدهنون} فإن نبينا صلى الله عليه وسلم أحب أن يقص الله خبرهما ، فذكرها لبيان محبته للصبر المترتب عليه ، فعرفه ما يكون لما في ذلك من المنفعة ، ولم يكن في ذلك جزع ولا حزن ولا ترك لما يجب من الصبر على المقدور
…
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
مجموع الفتاوى الكبرى لابن تيمية 1033 - 9