الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
16-
السراج المنير فى الإعانة على معرفة بعض معانى كلمات ربنا الحكيم الخبير للإمام شمس الدين محمد بن أحمد الخطيب الشربينى ت 977 هـ
17-
غرائب القرآن ورغائب الفرقان لنظام الدين النيسابورى ت 728 هـ
18-
الفتوحات الإلهية بتوضيح تفسير الجلالين للدقائق الخفية للإمام سليمان بن عمر العجيلى الشافعى الشهير بالجمل ت 1204 هـ
19-
فى ظلال القرآن للأستاذ سيد قطب ت 1966م
20-
لطائف الإشارات للإمام عبد الكريم القشيرى ت 465 هـ
24-
مفاتيح الغيب (التفسير الكبير) للإمام فخر الدين الرازى ت 606 هـ 0
25-
الميزان فى تفسير القرآن للأستاذ محمد حسين الطباطبائى 0
26-
نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور لبرهان الدين البقاعى
المطلب الثاني زعمه أنه لا يطلب للآيات مناسبة لأنها نزلت متفرقة حسب الحوادث والنوازل
حقائق مهمة لابد من بيانها:
قد يتعلل بعض المعارضين لعلم المناسبات بأن القرآن الكريم نزل مفرقا حسب الحوادث والنوازل فلا مجال لتكلف البحث في أوجه ترابطه، ونرد على هؤلاء بالتذكير بالحقائق الآتية:
ترتيب المصحف كما في اللوح المحفوظ
القرآن الكريم كما نعلم مسجل في اللوح المحفوظ، أخبر بذلك رب العزة فقال " {وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم} . [سورة الزخرف الآية: 4] " يعني القرآن في اللوح المحفوظ "لدينا لعلي حكيم" أي رفيع محكم لا يوجد فيه اختلاف ولا تناقض؛ وقال الله تعالى: "إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون" [الواقعة:78] وقال تعالى: "بل هو قرآن مجيد. في لوح محفوظ" [البروج: 21، 22] .
لقد تعددت تنزلات القرآن الكريم: فلقد نزل جملة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة ومن بيت العزة إلى قلب المصطفى صلى الله عليه وسلم منجما
…
* روى الطبري في تفسيره عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: " ليلة القدر هي الليلة المباركة وهي من رمضان نزل القرآن جملة واحدة من الزبر (1) إلى البيت المعمور وهو مواقع النجوم في السماء الدنيا حيث وقع القرآن ثم نزل على محمد بعد ذلك في الأمر والنهي وفي الحروب رسلا رسلا (2)
*وروى الطبري في تفسيره بسنده عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال أنزل القرآن في ليلة القدر من السماء العليا إلى السماء جملة واحدة ثم فرق في السنين بعد، قال: وتلا ابن عباس هذه الآية (فلا أقسم بمواقع النجوم) قال نزل مفرقا (3)
ترتيب القرآن الكريم كما هو عليه في المصحف ترتيب توقيفي على حسب ما هو موجود في اللوح المحفوظ، لا على حسب ترتيب نزوله فهو على حسب الحوادث والنوازل والمصالح تنزيلا وعلى مقتضى الحكمة ترتيبا.
أمين الوحي جبريل عليه السلام يعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ترتيب القرآن:
كان الوحي ينزل على الرسول صلى الله عليه وسلم وبمجرد فراغ أمين الوحي جبريل عليه السلام يكون الموحى به قد جمع في قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أمين الوحي يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بموضع كل آية من كل سورة.
(1) - يقصد بذلك اللوح المحفوظ
(2)
- تفسير الطبري 2/145 ورواه النسائي في السنن الكبرى حديث 11372والحاكم في المستدرك على الصحيحين 2 / 578 - 3958 وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه - ورواه الضياء في الأحاديث المختارة 10 / 153 ورواته ثقات وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد 7 / 140 ونصه عن ابن عباس قال أنزل القرآن جملة واحدة حتى وضع في بيت العزة في السماء الدنيا ونزله جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم 000 رواه الطبراني والبزار باختصار ورجال البزار رجال الصحيح وفي إسناد الطبراني عمرو بن عبد الغفار وهو ضعيف 0
(3)
- نفس المرجع..
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم عقب نزول الوحي عليه يستدعي الكتبة فيملي عليهم ما أوحي إليه ويعلمهم بموضع الآيات وترتيبها في سورها وترتيب السور أيضا: ومما يدل على ذلك: ما رواه الإمام أحمد في مسنده عن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه -قال كنت جالسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ شخص ببصره ثم صوبه ثم قال أتاني جبريل فأمرني أن أضع هذه الآية هذا الموضع من السورة (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى) الآية سورة النحل 90. (1)
* وما رواه مسلم عن عمر رضي الله عنه قال ما سألت النبي عن شيء أكثر مما سألته عن الكلالة حتى طعن بأصبعه في صدري وقال تكفيك آية الصيف التي في آخر سورة النساء فدله على موضع تلك الآية من سورة النساء وهي قوله سبحانه (يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة.) إلى آخر الآية الأخيرة من سورة النساء:. (2)
جبريل عليه السلام يدارس رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن في كل عام وفق ترتيبه:
وفي شهر رمضان من كل عام كان جبريل عليه السلام يعارض رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقرآن، حتى كان العام الذي توفي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عارضه مرتين.
(1) - رواه الإمام أحمد في مسنده المجلد الرابع مسند الشاميين وأورده الهيثمي في المجمع كتاب التفسير. - باب سورة النحل. في الحديث رقم: 10708 - وقال رواه أحمد وإسناده حسن.
(2)
- رواه الإمام مسلم في صحيحه 23 - كتاب الفرائض 2 - باب ميراث الكلالة. الحديث رقم: 9 - (1617) ..
*روى البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة. (1)
* وروى البخاري في صحيحه بسنده عن عائشة رضي الله عنها قالت:
(1) - صحيح البخاري 1 - بدء الوحي. 1 - باب: كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. الحديث رقم: 6 ورواه مسلم في صحيحه 43- كتاب الفضائل. (12) باب كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير من الريح المرسلة. الحديث رقم: 2308 (12) باب كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير من الريح المرسلة 0
أقبلت فاطمة تمشي كأن مشيتها مشي النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (مرحبا بابنتي) . ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله، ثم أسر إليها حديثا فبكت، فقلت لها: لم تبكين؟ ثم أسر إليها حديثا فضحكت، فقلت: ما رأيت كاليوم فرحا أقرب من حزن، فسألتها عما قال، فقالت: ما كنت لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى قبض النبي صلى الله عليه وسلم فسألتها، فقالت: أسر إلي: (إن جبريل كان يعارضني القرآن كل سنة مرة، وإنه عارضني العام مرتين، ولا أراه إلا حضر أجلي، وإنك أول أهل بيتي لحاقا بي) . فبكيت، فقال:(أما ترضين أن تكوني أهل الجنة، أو سيدة نساء المؤمنين) . فضحكت لذلك. (1)
* وروى النسائي في السنن الكبرى بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض عليه القرآن في كل رمضان فلما كان العام الذي قبض فيه صلى الله عليه وسلم عرض عليه مرتين فكان يعتكف العشر الأواخر فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين. (2)
ترتيب القرآن من مظاهر حفظ الله لكتابه:
(1) - صحيح البخاري - كتاب المناقب. 22 - باب: علامات النبوة في الإسلام. وجدت الكلمات في الحديث رقم: 3426/3427 - وأخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب: فضائل فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم، رقم:2450. (يعارضني القرآن) من المعارضة وهي المقابلة في القراءة عن ظهر قلب. (فرحا أقرب إلى حزن) أي كان الفرح قريب الحزن. (لأفشي) من الإفشاء وهو الإظهار. (حضر أجلي) . قرب موتي] .
(2)
8 - السنن الكبرى 5 / 7 حديث 7992..
ومن مظاهر حفظ الله لكتابه أن حفظه مرتبا كما هو في اللوح المحفوظ الذي نزل القرآن منه جملة إلى السماء الدنيا قبل أن ينزل مفرقا حسب النوازل والحوادث والمناسبات قال تعالى في سورة الحجر {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ {9} } وقال سبحانه مخاطبا رسوله الكريم {لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ {16} إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ {17} فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ {18} ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ {19} } سورة القيامة، فالقرآن وإن نزل مفرقا لكن الله تعالى تعهد بجمعه في قلب رسوله صلى الله عليه وسلم مرتبا، حيث كان أمين الوحي جبريل عليه السلام يبين للرسول صلى الله عليه وسلم موضع كل آية ومكان كل سورة
…
ولما جمع القرآن في مصحف واحد في عهد عثمان رضي الله عنه -روعي في جمعه ترتيبه الذي تعلمه الصحابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم. أما ما رواه الحاكم وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما قلت لعثمان بن عفان رضي الله عنه ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني وإلى البراءة وهي من المئين فقرنتم بينهما ولم تكتبوا بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم ووضعتموها في السبع الطوال ما حملكم على ذلك فقال عثمان رضي الله عنه -أن رسول الله رضي الله عنه كان يأتي عليه الزمان تنزل عليه السور ذوات عدد فكان إذا نزل عليه الشيء يدعو بعض من كان يكتبه فيقول ضعوا هذه في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا وتنزل عليه الآية فيقول ضعوا هذه في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا فكانت الأنفال من أوائل ما نزل بالمدينة وبراءة من آخر القرآن فكانت قصتها شبيهة بقصتها فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين لنا أنها منها فمن ثم قرنت بينهما ولم أكتب بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم (1)
(1) - رواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين 2 / 242 - ح 2875 وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي والإمام أحمد في مسنده ح 399 - 1/57، ورواه الترمذي في السنن ك التفسير 5/272 ح-3086، وقال هذا حديث حسن لا نعرفه الا من حديث عوف عن يزيد الفارسي عن ابن عباس. ويزيد الفارسي هو من التابعين من أهل البصرة. ورواه أبو داود في السنن أبواب الصلاة باب من جهر بها ح786، 787. وذكر الشيخ المحدث أحمد شاكر رحمه الله في تخريجه للمسند معلقا على كلام الترمذي: أن النسخ الصحيحة من سنن الترمذي ليس فيها إلا وهو حديث حسن
…
فلا عبرة بتحسين الترمذي ولا بتصحيح الحاكم ولا بموافقة الذهبي وإنما العبرة بالحجة والدليل " مسند أحمد بتحقيق المحدث أحمد شاكر رحمه الله 1 /57 ويزيد بن أبان الرقاشي هو من التابعين من أهل البصرة، وهو أصغر من يزيد الفارسي. ويزيد الرقاشي إنما يروي عن أنس بن مالك، أقول ويزيد هذا منكر الحديث قال صاحب المغني في الضعفاء: يزيد بن أبان الرقاشي العابد عن أنس قال النسائي وغيره متروك
وفي الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي: " يزيد بن أبان الرقاشي عن يروي قال شعبة لأن أزني أحب إلي من أن أحدث عن يزيد الرقاشي "
وفي ميزان الاعتدال في نقد الرجال: " يزيد بن أبان الرقاشي البصري أبو عمرو لصاحب العابد عن أنس وغنيم بن قيس والحسن وعنه حماد بن سلمة والفاء بن سليمان وجماعة. "
وورد في الضعفاء والمتروكين للنسائي: " يزيد بن أبان الرقاشي متروك بصري "
وفي ضعفاء العقيلي: " قال شعبة لأن أقطع الطريق أحب إلي من أن أروي عن يزيد الرقاشي، حدثنا عبد الله بن أحمد قال قيل لابن يزيد الرقاشي فقال كان شعبة يشبهه بأبان بن أبي عياش قال عبد الله سمعت أبي يقول يزيد الرقاشي فوق أبان بن أبي عياش حدثنا محمد بن عيسى قال حدثنا عمرو قال كان يحيى لا يحدث عن يزيد الرقاشي وكان عبد الرحمن يحدث عنه حدثنا زكريا بن يحيى قال حدثنا محمد بن المثنى قال قد حدث عبد الرحمن عن الربيع بن صبيح عن يزيد الرقاشي حدثنا محمد بن احمد حدثنا معاوية بن صالح قال سمعت يحيى يقول يزيد الرقاشي ضعيف 5.
وفي تقريب التهذيب: " يزيد بن أبان الرقاشي أبو عمرو البصري القاص بتشديد المهملة زاهد ضعيف من الخامسة مات قبل العشرين "
وفي التاريخ الكبير: "يزيد بن أبان الرقاشي البصري عن أنس كان شعبة يتكلم فيه قال نصر نا روح عن حريث سمع يزيد الرقاشي وقيل له أبا عمرو " - المغني في الضعفاء 2 / 747 -ت 7082 والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي 3 / 206 -ت 3770 - وميزان الاعتدال في نقد الرجال1 / 7 - ت232 - والضعفاء والمتروكين للنسائي 1 / 110 - والضعفاء للعقيلي 4 / 373 - 1983 وتقريب التهذيب 1 / 599- 7683 ، التاريخ الكبير ج: 8 ص: 320 - 3166 والجرح والتعديل لابن أبي حاتم 9 / 251 - 1053
ورواه البزار في مسنده 2/8 وقال وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه ولا نعلم رواه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا عثمان ولا روى ابن عباس عن عثمان إلا هذا الحديث، ورواه ابن حبان في صحيحه كما في الموارد 1/125-ح452 وأورده ابن كثير في فضائل القرآن ص 24وقال إسناده قوي جيد..
فعلى فرض صحة الحديث فإن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما لم يعترض على ترتيبهما في المصحف، وإنما يتساءل عن الحكمة في الإقران بينهما وجعلهما كسورة واحدة واعتبارهما في السبع الطوال، علما بأن الأنفال من المثاني وبراءة من المئين.
ولقد رد عثمان رضي الله عنه ببيان أن ترتيب المصحف وفق الترتيب التوقيفي الذي تعلمه الصحابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا مجال للاجتهاد في ذلك، وإنما قرن بينهما عثمان واعتبرهما كسورة واحدة لما بينهما من التشابه في الموضوع والهدف مع أن الأنفال من أول ما نزل في المدينة، والتوبة من آخر ما نزل، لكن العبرة ليست بترتيب النزول؛ من ثم لم يقرن بينهما بالبسملة واعتبرهما كوحدة واحدة أو كسورة واحدة بها ينتهي قسم الطوال. ويؤيد هذا ما رواه النحاس في الناسخ والمنسوخ عن عثمان رضي الله عنه -قال:" كانت الأنفال وبراءة يدعيان في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم القرينتين، فلذلك جعلتهما في السبع الطوال "(1) يعني عدهما كسورة واحدة تنتهي بها السبع الطوال.
فليس في الحديث ما يشير إلى أن عثمان رضي الله عنه هو الذي رتبهما في المصحف أو أنه أدمج بينهما فجعلهما سورة واحدة، ولو كانت الأنفال والتوبة سورة واحدة لكان لهما اسم واحد ولكان عدد السور القرآنية 113 سورة، لكن الأمة مجمعة على أن عدد السور 114، وأن لكل منهما اسما مستقلا0
وإنما لم تستهل سورة براءة بالبسملة لما ورد في أولها من البراء والوعيد للمشركين؛ فلم تبدأ بالبسملة المتضمنة للرحمة لأن المقام لا يناسبه الحديث عن الرحمة.
قال الطيبي: " دل هذا الكلام على أنهما نزلتا منزلة سورة واحدة وكمل السبع الطول بها ثم قيل السبع الطول هي البقرة وبراءة وما بينهما "(2)
(1) - الناسخ والنسوخ لأبي حعفر النحاس حديث 552-2/397
(2)
- تحفة الأحوذي 8/ 381..
ولقد سبق وأن تحدثت عن مرحلة جمع القرآن في عهد عثمان رضي الله عنه وما اتسم به هذا الجمع من توثيق وضبط، وأن عثمان رضي الله عنه شكل لجنة من كبار القراء أوكل إليهم مهمة الجمع وأشرف عليهم، وأن عثمان رضي الله عنه فعل ما فعل باستشارة الصحابة وما كان ليستبد برأي أو يجتهد مع نص، وما اعترض معترض على ذلك.
روى البخاري في صحيحه بسنده عن ابن الزبير قال قلت لعثمان بن عفان رضي الله عنه (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا) البقرة 234 نسختها الآية الأخرى فلم تكتبها أو تدعها والمعنى لماذا تكتبها أو قال لماذا تتركها مكتوبة مع أنها منسوخة قال يا ابن أخي لا أغير شيئا من مكانه. (1)
تحزيب القرآن وفق ترتيبه: كان للرسول صلى الله عليه وسلم ورد يومي من كتاب الله عز وجل يحرص على قراءته حتى يختم القرآن بين الحين والحين، وكان للصحابة الكرام رضي الله عنهم أورادهم اليومية وبعضهم كان يسترشد برسول الله صلى الله عليه وسلم في تحديد ورده.
*روى الإمام ابن خزيمة في صحيحه بسنده عن أنس رضي الله عنه قال وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة شيئا فلما أصبح قيل يا رسول الله إن أثر الوجع عليك لبيّن قال أما إني على ما ترون بحمد الله قد قرأت البارحة السبع الطوال " (2)
(1) 3 - صحيح البخاري 68 - كتاب التفسير. 43 - باب: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف والله بما تعملون خبير} البقرة /234 - الحديث رقم:4256 -
(2)
4 - صحيح ابن خزيمة 2/ 177 ح 1136..
*وروى ابن ماجة في سننه بسنده من حديث أوس بن حذيفة وفيه 000 فقلت يا رسول الله لقد أبطأت علينا الليلة قال إنه طرأ على حزبي من القرآن فكرهت أن أخرج حتى أتمه قال أوس فسألت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف تحزبون القرآن قالوا ثلاث وخمس وسبع وتسع وإحدى عشرة وثلاث عشرة وحزب المفصل. (1)
وروى البخاري في صحيحه بسنده من حديث عبد الله بن عمرو وفيه فقال صلى الله عليه وسلم له كيف تصوم قلت كل يوم قال وكيف تختم قلت كل ليلة قال صلى الله عليه وسلم صم في كل شهر ثلاثة واقرأ القرآن في كل شهر قال قلت أطيق أكثر من ذلك قال صم ثلاثة أيام في الجمعة قلت أطيق أكثر من ذلك قال أفطر يومين وصم يوما قال قلت أطيق أكثر من ذلك قال صم أفضل الصوم صوم داود صيام يوم وإفطار يوم واقرأ في كل سبع ليال مرة فليتني قبلت رخصة رسول الله صلى الله عليه وسلم وذاك أني كبرت وضعفت فكان يقرأ على بعض أهله السبع من القرآن بالنهار والذي يقرؤه يعرضه من النهار ليكون أخف عليه بالليل وإذا أراد أن يتقوى أفطر أياما وأحصى وصام أياما مثلهن كراهية أن يترك شيئا فارق النبي صلى الله عليه وسلم عليه ". (2)
(1) 4 - سنن ابن ماجه 1 /427 - باب في كم يستحب يختم القرآن ح 1345
(2)
5- صحيح البخاري 4 / 1926 - ك فضائل القرآن -باب: في كم يقرأ القرآن 4765..
وأخرج الإمام أحمد في مسنده عن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ""أعطيت مكان التوراة السبع الطوال، وأعطيت مكان الزبور المئين، وأعطيت مكان الإنجيل المثاني، وفضلت بالمفصل ". (1) فهذه أربع أقسام للقرآن الكريم تدل على ترتيبه التوقيفي.
ومما سبق يتبين لنا: * أن القرآن الكريم نزل جملة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة ومن بيت العزة إلى قلب المصطفى صلى الله عليه وسلم منجما.
* أن ترتيب القرآن كما هو في المصحف توقيفي لا مجال للرأي فيه، وليس للصحابة أي تدخل في شأنه، وإنما كان بأمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث تعلمه من أمين الوحي جبريل عليه السلام، وترتيب المصحف وفق ما هو مسجل في اللوح المحفوظ، هذا الترتيب الذي ينطوي على حكم عديدة لا يحيط بها إلا منزل هذا الكتاب جل جلاله.
أن جبريل عليه السلام كان يدارس رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن في شهر رمضان من كل عام، حتى كان العام الذي توفي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عارضه فيه مرتين، وذلك بمراعاة ترتيبه الموجود في اللوح المحفوظ والذي عليه المصحف العثماني.
كان للرسول صلى الله عليه وسلم ورد يومي من كتاب الله عز وجل يحرص على قراءته حتى يختم القرآن بين الحين والحين، وكان للصحابة الكرام رضي الله عنهم أورادهم اليومية، ومنهم من حفظ القرآن كله في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم ومنهم من أتم حفظه بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، كل ذلك حسب ترتيبه
(1) 6 - رواه الإمام أحمد في مسنده 4 / 107 - وأبو داود الطيالسي في مسنده ح1012 وأبو عبيد في فضائل القرآن ص119 والبيهقي في الشعب ح2415 والطبراني في الكبير 22/76 وإسناده حسن ". والمئين، كل سورة بلغت مائة فصاعدا. والمثاني كل سورة دون المئين وفوق المفصل
…