المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بسم الله الرحمن الرحيم ‌ ‌مقدمة بسم الله الرحمن الرحيم (رَبِّ أَؤزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ - إعجاز القرآن والبلاغة النبوية للرافعي

[مصطفى صادق الرافعي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌القُرآن

- ‌فصل

- ‌تاريخ القُرآنجمعُه وتدوينه

- ‌القراءة وطرق الأداء

- ‌القُرَّاء

- ‌وُجوه القِرَاءة

- ‌قراءة التَلحِيْن

- ‌لغة القرآن

- ‌الأحرف السَّبعة

- ‌مفردات القرآن

- ‌تأثير القرآن في اللغة

- ‌الجنسيَّة العربية في القرآن

- ‌آدابُ القرآن

- ‌القرآن والعلوم

- ‌سرائر القرآن

- ‌تفسير آية

- ‌إعجاز القرآن

- ‌فصل

- ‌الأقوال في الإعجاز

- ‌مؤلفاتهم في الإعجاز:

- ‌حقيقة الإعجاز

- ‌التحدي والمعارضة:

- ‌أسلوبُ القرآن

- ‌نظمُ القرآن

- ‌الحروف وأصواتها

- ‌الكلمات وحُروفها

- ‌الجمل وكلماتها

- ‌(فصل)غرابة أوضاعه التركيبية

- ‌(فصل)البلاغة في القرآن

- ‌(فصل)الطريقة النفسية في الطريقة اللسانية

- ‌(فصل)إحكام السياسة المنطقية على طريقة البلاغة

- ‌الخاتمة

- ‌البلاغة النبوية

- ‌(فصل)

- ‌فصاحته صلى الله عليه وسلم

- ‌صفته صلى الله عليه وسلم

- ‌إحكام منطقه صلى الله عليه وسلم

- ‌اجتماع كلامه وقلته صلى الله عليه وسلم

- ‌نفي الشعر عنه صلى الله عليه وسلم

- ‌تأثيره في اللغة صلى الله عليه وسلم

- ‌نسق البلاغة النبويَّة

- ‌(فصل)الخلوص والقصد والاستيفاء

الفصل: بسم الله الرحمن الرحيم ‌ ‌مقدمة بسم الله الرحمن الرحيم (رَبِّ أَؤزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ

بسم الله الرحمن الرحيم

‌مقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

(رَبِّ أَؤزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ) .

الحمد لله بما حمد به نفسه في كتابه، والصلاة والسلام على نبيه وآله وأصحابه، أما بعد فإنا قد أفردنا هذا الجزء بالكلام في إعجاز القرآن الكريم وفي البلاغة النبوية، وقصرنا من ذلك على ما

كان مرجع أمره إلى اللغة في وضعها ونسقها والغاية منها، إلى ما يتصل بجهة من هذه الجهات، أو يكون مبدأ فيها أو سبباً عنها، أو واسطة إليها.

وهذا هو في الحقيقة وجه الإعجاز الغريب الذي

استبد بالروح اللغوية في أولئك العرب الفصحاء.

فاشتملت به أنفسهم على خلق من العزيمة الحذاء دائباً لا يسكن كأنه روح زلزلة.

فلم تزل من بعده ترجُف بهم الأرض حيث انتقلوا.

ولا يخفين عليك أن ذلك في مرده كأنه باب من فلسفة اللغة، فهو لاحق بما قدمناه من أمرها يستوفي ما تركناه ثمة، ويُبلغ القول في محاسنها وأسرارها، فيكون بعض ذلك تماماً على بعضه، إذ اللغة هناك مفردات واللغة ههنا تراكيب، وليس رجل ذو علم بالكلام العربي وصنعته

ينازع أو يرتاب في أن القرآن معجزة هذه في بلاغة نظمه واتساق أوضاعه وأسراره، فمن ثم كانت مادة الاتصال في نسق التأليف بين هذا الجزء والذي قبله.

على أن القوم من علماثنا رحمهم الله قد أكثروا من الكلام في إعجاز القرآن وجاءوا بقبائل من الرأي لونوا فيها مذاهبهم ألواناً مختلفات وغير مختلفات بيد أنهم يمرون في ذلك عُرضاً

على غير طريق ويشتقون في الكلام ههنا وههنا من كل ما تتمرس به الألسنة في اللدد والخصومة، وما يأخذ بعضه على بعض من مذاهبهم ونحلهم، وليس وراء ذلك كله إلا ما تحصره هذه المقاييس من " صناعة الحق " وإلا أشكال من هذه التراكيب الكلامية، ثم فتنة متماحلة لا تقف عند غاية في اللجاج والعسر.

وقد كان هذا كله من أمرهم وعلمهم، وكان له زمن وموضع، وكانت تبعثهم عليه طبيعة ورغبة، والمرء بروح زمانه أشبه، وبحالة موضعه أشد مناسبة ولا بد من طبقة في الموافقة بين

ص: 21

الأشياء وأسبابها.

فإن تكن هذه الحوادث هي تاريخ الناس، فإن الناس أنفسهم تاريخ الحوادث.

ولا نطيل عليك باستقصاء القول في آرائهم وكتبهم في الإعجاز، فإن شيئاً من ذلك تفصيل يقع في موضعه مما تستقبل من هذا الكتاب؛ ولكنا نُنبهك إلى ما قسمناه لك من الرأي في هذا

الموضع، وما تكلفناه من الخُطة في هذا التأليف، فإنا لم نسقط عنك كل المؤنة، ولم نعطك إلى حد الكفاية التي تورِث الاستغناء، بل نهجنا لك سبيلاً إلى الفكر تتقدم أنت فيه، وأعنَّاك على جهة

في النظر تبلغ ما وراءها، وتركنا لك متنفساً من الأمر تعرف أنت فيه نفسك، وجمعنا لك بالحرص والكد ما إن تدبرتهُ وأحسنتَ في اعتباره وأجريته على حقه من التثبت والتعرف، كان لك منْبهَة إلى

سائره، ومادة فيما يَجيشُ إليك من الخواطر التي لن تبرح يُنمي بعضها بعضاً.

ولسنا نزعم - حفظك الله - أن كتابنا هذا على ضعفه وقلة الحشد فيه قد أحاط بوجوه الإعجاز من كتاب الله، لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، وأنا لم ندع من ذلك لغيرنا ما يرفعه أو يضعهُ وما ينقصه أو يَتمّه، فإن من ادعى ذلك زعم باطلاً، وأكبر القولَ فيما زعم وبلغ

بنفسه لعَمري مبلغاً من السرَفِ لا قصدَ معه في التهمة له وسوءِ الظن به، ودعا إليه من النكير ما لا قِبلَ له برده أو بَسطِ العذر فيه، وكان خليقاً أن يكون قد جاء ببهتان يفتريه بين يديه، وأن يكون

ممن لا يَتحاشَؤن الكذب الصرف، ولا يضنون بكرامتهم على الألسنة.

فإن مكارهَ هذا البحث مما

لا يسعة طوق إنسان وإن أسرف على نفسه من القهرِ، ولا يَصلب عليه قلمُ كاتب وإن كان هذا القلم في يد الدهر، ولا بدَّ للباحث في أوله من فلتات الضجر، وإن اعتد، وفي أثنائه من سقطات العزم وإن اشتد، وفي آخره من العجز والانقطاع دون الحد.

على أنا مع ذلك استفرغنا الهمَّ، والتمسنا كل ملتمس، وبَرئنا إلى النفس من تبعة التقصير فيما يبلغ إليه الذرع أو تناله الحيلة، فنهضنا لذلك الأمر نَهضاً وسَبكنا فيه سبكاً مَحضاً، فإن قصرنا فضعف ساقه العجز إلينا، وإن قاربنا فذلك من فضل الله علينا.

وبعد فإنا نقول: إنه لا بد لمن ينظر في كتابنا من إطالة الفكر والتأمل.

فإن ذلك يحدث له روية، وتنشئ له الروية أسباباً إلى الخواطر، وتفتح عليه الخواطر أبواباً من النظر، ويهديه النظر

إلى الاستنباط والاستخراج، فإن وقع دون هذه الغاية فحظه من القراء حيث يقع، وإن بلغها فهناك مَداخل الحجج ومخارجها، وتصاريف الأدلة ومدارجها، ثم الإفضاءُ إلى مذاهب الحكمة على ما اشتهى، ثم الانتهاءُ حيث ترى كل حكيم انتهى.

ص: 22