الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخطأ أحدٌ منَ البشَر.
والله المسؤول أن يوفقنا وإياه وجميع المسلمين لما يُحب ويرضى من الأقوال والأعمال، وأن يسلك بالجميع سبيل السلَف الصالح من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، إن ربِّي لسميع الدعاء، قريبٌ مجيب.
التنبيه الرابع
الرابع قال المؤلف في صفحة 82 ما نصه: "صلاة الجنازة السنة أن يُقرأ فيها بفاتحة الكتاب وسورة". اهـ، ثم ذكره في الحاشية: أنه رواه البخاري، وأبو داود والنسائي.
وهذا فيه إيهام؛ فإن رواية البخاري وأبي داود ليس فيها ذكر السورة، وإنما ذلك في إحدى روايتي النسائي، وهو ما رواه عن الهيثم بن أيوب، قال: حدَّثنا إبراهيم وهو ابن سعد، قال: حدثنا أبي، عن طلحة بن عبدالله بن عوف،
قال: صليت خلف ابن عباس رضي الله عنهما على جنازة، فقرأ بفاتحة الكتاب وسورة، وجهر حتى أسمعنا، فلما فرغ أخذت بيده، فسألته، فقال:"سنة وحق".
وقد رواه الإمام الشافعي في مسنده بدون ذكر السورة، فقال: أخبرنا إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن طلحة بن عبدالله بن عوف، قال: صلَّيْتُ خلف ابن عباس رضي الله عنهما على جنازة، فقرأ فاتحة الكتاب، فلمَّا سلَّم سألته عن ذلك، فقال:"سنة وحق"، إسناده صحيحٌ على شرط البخاري.
فهذا هو المحفوظ عن ابن عباس رضي الله عنهما ليس فيه ذِكْر السورة، وكذا رواه شعبة وسفيان، عن سعد بن إبراهيم بدون ذكر السورة، فأما رواية شعبة فأخرجها البخاري والنسائي، وأما رواية سفيان فأخرجها البخاري وأبو داود والترمذي، وقال: هذا حديث حسن صحيح.
قال البيهقي: ذكر السورة غير مَحْفوظ، قلتُ: ويدل على ذلك ما ذكرته ها هنا، ويدلُّ عليه أيضًا ما رواه الشافعي في مسنده: أخبرنا ابن عيينة، عن محمد بن عجلان، عن سعيد بن أبي سعيد، قال: سمعتُ ابن عباس رضي الله عنهما يجهر بفاتحة الكتاب على الجنازة، ويقول: إنما فعلت لتعلموا أنها سنَّة.
وقد رواه الحاكم في مستدركه من طريق: ابن أبي عمر، عن سفيان بن عيينة، وقال: هذا حديثٌ صحيح على شرْط مسلم، ووافَقه الذهبي في تلخيصه، قال الحاكِمُ: وقد أجمعوا على أن قول الصحابي سنَّة، حديث مسند.
وقال الشافعي أيضًا: أخبرنا بعض أصحابنا، عن ليث بن سعد، عن الزهري، عن أبي أمامة - وهو ابن سهل بن حنيف - قال: السنة أن يقرأ على الجنازة بفاتحة الكتاب، وقد رواه النسائي
في سُننه، فقال: أخبرنا قُتيبة، قال: حدَّثنا الليث، عن ابن شهاب، عن أبي أمامة، أنه قال: السُّنة في الصلاة على الجنازة أن يقرأ في التكبيرة الأولى بأُمِّ القرآن مخافتة، ثم يكبِّر ثلاثًا، والتسليم عن الآخرة، إسناده صحيح على شرط الشيخَيْن.
ثم قال النسائي: أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا الليث، عن ابن شهاب، عن محمد بن سويد الدمشقي الفهري، عن الضحَّاك بن قيس الدمشقي، بنحو ذلك، وهذا إسنادٌ جَيِّد.
وقد رواه الشافعي في مسنده من طريق معمر، عن الزُّهري، حدثني محمد الفهري، عن الضحاك بن قيس، أنه قال مثل قول أبي أمامة.
وقد جاء في هذا الباب أحاديثُ مرْفوعة؛ منها ما رواه التِّرْمذي وابن ماجَهْ من حديث الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ على الجنازة بفاتحة الكتاب، قال الترمذي: ليس إسناده بذاك القوي والصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما قوله من السنة القراءة على الجنازة بفاتحة الكتاب.
قال: وفي الباب عن أم شريك، قلتُ: وهو ما رواه ابن ماجه في سُنَنه بإسناد حسن عنها رضي الله عنها قالتْ: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نقرأ على الجنازة بفاتحة الكتاب.
وقال الشافعي في مسنده: أخبرنا إبراهيم بن محمد، عن عبدالله بن محمد بن عقيل، عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم كبَّر على الميت أربعًا، وقرأ بأُمِّ القرآن يمد التكبيرة الأولى.
إبراهيم بن محمد هو ابن أبي يحيى المدني، وثَّقَه الشافعي، وضعفه غير واحد من الأئمة، وتركه بعضهم، وقال ابن عقدة: ليس بمنكر الحديث، وقال ابن عدي: هو كما قال ابن عقدة.
وقد روى هذا الحديث الحاكم في مستدركه مستشهدًا به، ولم يتكلَّم فيه بشيء، وأقره الذهبي، فإن قيل: إن الهيثم بن أيوب ثقة عند النسائي، وقد زاد ذِكْر السورة مع الفاتحة، والزيادة من الثقة مقبولة.
فالجواب: أن يقال: إنها زيادة شاذة؛ لمُخالفتها لرواية شعبة وسفيان والشافعي، وكل منهم أوثق وأثبت وأجل من الهيثم بن أيوب، فالعمدة في حديث ابن عباس رضي الله عنهما على روايتهم، لا على ما خالفها، والله أعلم.