المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الوليد بن مسلم قال، حدثنا عتبة بن ضمرة قال: سمعت - تفسير الطبري جامع البيان - ط دار التربية والتراث - جـ ٧

[ابن جرير الطبري]

الفصل: الوليد بن مسلم قال، حدثنا عتبة بن ضمرة قال: سمعت

الوليد بن مسلم قال، حدثنا عتبة بن ضمرة قال: سمعت أبا عون الأنصاري في قوله:"قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا"، قال: رابطوا. (1)

* * *

وأما قوله:"والله أعلم بما يكتمون"، فإنه يعني به: والله أعلم من هؤلاء المنافقين الذين يقولون للمؤمنين:"لو نعلم قتالا لاتبعناكم"، بما يضمرون في أنفسهم للمؤمنين ويكتمونه فيسترونه من العداوة والشنآن، وأنهم لو علموا قتالا ما تبعوهم ولا دافعوا عنهم، وهو تعالى ذكره محيط بما هم مخفوه من ذلك، (2) مطلع عليه، ومحصيه عليهم، حتى يهتك أستارهم في عاجل الدنيا فيفضحهم به، ويُصليهم به الدرك الأسفل من النار في الآخرة.

* * *

القول في تأويل قوله جل ثناؤه {الَّذِينَ قَالُوا لإخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ‌

(168) }

قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك:"وليعلم الله الذين نافقوا" ="الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا".

* * *

فموضع"الذين" نصب على الإبدال من"الذين نافقوا". وقد يجوز أن

(1) الأثر: 8198م-"إسماعيل بن حفص الأيلي"، سلفت ترجمته برقم: 7581، وكان في المطبوعة هنا أيضًا"الآملي" مكان"الأيلي"، وهو خطأ، وفي المخطوطة"الأيلي" غير منقوطة، وصواب قراءتها ما أثبت. و"الوليد بن مسلم القرشي"، سلفت ترجمته برقم:6410. و"عتبة بن ضمرة بن حبيب بن صهيب الزبيدي الحمصي"، روى عن أبيه، وعمه المهاجر، ومحمد بن زياد الألهاني، وأبي عون الشامي. ذكره ابن حبان في الثقات. مترجم في التهذيب، و"أبو عون الأنصاري الشامي الأعور" روى عن أبي إدريس الخولاني، ثقة. مترجم في التهذيب.

(2)

في المطبوعة: "بما يخفونه من ذلك"، غير ما في المخطوطة لغير شيء!! ، إلا أن يريدوا أن يدرجوا به على ما ألفوا من الكلام!!

ص: 381

يكون رفعًا على الترجمة عما في قوله:"يكتمون" من ذكر"الذين نافقوا".

* * *

فمعنى الآية: وليعلم الله الذين قالوا لإخوانهم الذين أصيبوا مع المسلمين في حربهم المشركين بأحد يوم أحد فقتلوا هنالك من عشائرهم وقومهم ="وقعدوا"، يعني: وقعد هؤلاء المنافقون القائلون ما قالوا - مما أخبر الله عز وجل عنهم من قيلهم - عن الجهاد مع إخوانهم وعشائرهم في سبيل الله ="لو أطاعونا"، يعني: لو أطاعنا من قتل بأحد من إخواننا وعشائرنا ="ما قتلوا" يعني: ما قتلوا هنالك = قال الله عز وجل لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم:"قل"، يا محمد، لهؤلاء القائلين هذه المقالة من المنافقين ="فادرأوا"، يعني: فادفعوا.

* * *

من قول القائل:"درأت عن فلان القتل"، بمعنى دفعت عنه،"أدرؤه دَرْءًا"، (1) ومنه قول الشاعر:(2)

تَقُولُ وَقَدْ دَرَأْتُ لَهَا وَضِينِي

أهذَا دِينُهُ أَبَدًا وَدِيني (3)

* * *

يقول تعالى ذكره: قل لهم: فادفعوا = إن كنتم، أيها المنافقون، صادقين في قيلكم: لو أطاعنا إخواننا في ترك الجهاد في سبيل الله مع محمد صلى الله عليه وسلم وقتالهم أبا سفيان ومن معه من قريشْ، ما قُتلوا هنالك بالسيف، ولكانوا أحياء بقعودهم معكم، وتخلّفهم عن محمد صلى الله عليه وسلم وشهود جهاد أعداء الله معه = [عن أنفسكم] الموت، (4) فإنكم قد قعدتم عن حربهم وقد تخلفتم عن جهادهم، وأنتم لا محالة ميتون. كما:-

(1) انظر تفسير"الدرء" فيما سلف 2: 222 - 228.

(2)

هو المثقب العبدي.

(3)

مضى تخريجه وشرحه فيما سلف 2:547، 548، والاستشهاد بهذا البيت لمعنى الدفع، غريب من مثل أبي جعفر، فراجع شرح البيت هناك.

(4)

السياق: "قل لهم: فادفعوا. . . عن أنفسكم الموت"، والزيادة التي بين القوسين زيادة لا بد منها يقتضيها السياق، وعن نص الآية، فلذلك أثبتها.

ص: 382

8199-

حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق:"الذين قالوا لإخوانهم"، الذين أصيبوا معكم من عشائرهم وقومهم ="لو أطاعونا ما قتلوا" الآية، أي: أنه لا بد من الموت، فإن استطعتم أن تدفعوه عن أنفسكم فافعلوا. وذلك أنهم إنما نافقوا وتركوا الجهاد في سبيل الله، حرصًا على البقاء في الدنيا، وفرارًا من الموت. (1)

* * *

*ذكر من قال: الذين قالوا لإخوانهم هذا القول، هم الذين قال الله فيهم:"وليعلم الذين نافقوا".

8200-

حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله:"الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا" الآية، ذكر لنا أنها نزلت في عدوّ الله عبد الله بن أبيّ.

8201-

حدثنا محمد قال، حدثنا أحمد قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال: هم عبد الله بن أبيّ وأصحابه.

8202-

حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال: هو عبد الله بن أبيّ الذي قعد وقال لإخوانه الذين خرجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد:"لو أطاعونا ما قتلوا"، الآية = قال ابن جريج، عن مجاهد قال، قال جابر بن عبد الله: هو عبد الله بن أبيّ ابن سلول.

8203-

حدثت عن عمار، عن ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قوله:"الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا" الآية، قال: نزلت في عدوّ الله عبد الله بن أبيّ. (2)

* * *

(1) الأثر: 8199- سيرة ابن هشام 3: 125، وهو تتمة الآثار التي آخرها:8194.

(2)

عند هذا الموضع، انتهى جزء من التقسيم القديم الذي نقلت عنه نسختنا، وفي المخطوطة ما نصه:"يتلوهُ إِن شاء الله: القول في تأويل قوله جل ثناؤه ولا تحسبَنَّ الذينَ قتلوا في سبيلِ الله أمواتًا بل أحياءٌ عند ربهم يرزقون. والحمد لله على إحسانه ونعمته، وصلى الله على محمد وعلى آله الطاهرين، وسلَّمَ كثيرًا".

ثم يتلوه أول الجزء، وفيها ما نصه:

" بسم الله الرحمن الرحيم ربّ يسّر يا كريم

أخبرنا أبو بكر محمد بن داود قال، أخبرنا أبو جعفر محمد بن جرير".

وانظر التعليق على هذا الإسناد فيما سلف 6: 496، 497 / 7: 23، 154، 280، 281.

ص: 383