الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{القول في تفسير السورة التي يذكر فيها
النساء}
بسم الله الرحمن الرحيم
رَبِّ يسِّرْ
* * *
القول في تأويل قوله عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ}
قال أبو جعفر: يعني بقوله تعالى ذكره:"يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة"، احذروا، أيها الناس، ربكم في أن تخالفوه فيما أمركم وفيما نهاكم، فيحلّ بكم من عقوبته ما لا قِبَل لكم به.
ثم وصف تعالى ذكره نفسه بأنه المتوحِّد بخلق جميع الأنام من شخص واحد، مُعَرِّفًا عباده كيف كان مُبتدأ إنشائه ذلك من النفس الواحدة،
(1)
ومنبِّهَهم بذلك على أن جميعهم بنو رجل واحد وأم واحدة= وأن بعضهم من بعض، وأن حق بعضهم على بعض واجبٌ وجوبَ حق الأخ على أخيه، لاجتماعهم في النسب إلى أب واحد وأم واحدة= وأن الذي يلزمهم من رعاية بعضهم حق بعض، وإن بَعُدَ التلاقي في النسب إلى الأب الجامع بينهم، مثل الذي يلزمهم من ذلك في النسب
(1) في المطبوعة والمخطوطة وعرف عباده
…
"، واستظهرت من نهج أبي جعفر في بيانه، ومن قوله بعد: "ومنبههم" ثم قوله: "وعاطفًا"، على أن الصواب"ومعرفًا"، وهو مقتضى سياق الكلام بعد ذلك كله.
الأدنى= (1) وعاطفًا بذلك بعضهم على بعض، ليتناصفوا ولا يتظالموا، وليبذُل القوي من نفسه للضعيف حقه بالمعروف على ما ألزمه الله له، فقال:"الذي خلقكم من نفس واحدة"، يعني: من آدم، كما:-
8400 -
حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: أمّا"خلقكم من نفس واحدة"، فمن آدم عليه السلام. (2)
8401 -
حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة"، يعني آدم صلى الله عليه. (3)
8402 -
حدثنا سفيان بن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن رجل، عن مجاهد:"خلقكم من نفس واحدة"، قال: آدم.
* * *
ونظير قوله:"من نفس واحدة"، والمعنيُّ به رجل، قول الشاعر.
أَبُوكَ خَلِيفَةٌ وَلدَتْهُ أُخْرَى
…
وَأَنْتَ خَلِيفَةٌ، ذَاكَ الكَمَالُ (4)
فقال،"ولدته أخرى"، وهو يريد"الرجل"، فأنّث للفظ"الخليفة". وقال تعالى ذكره:"من نفس واحدة" لتأنيث"النفس"، والمعنى: من رجل واحد. ولو قيل:"من نفس واحد"، وأخرج اللفظ على التذكير للمعنى، كان صوابًا. (5)
* * *
(1) قوله: "وعاطفًا"، عطف على قوله: "معرفًا عباده
…
ومنبههم
…
".
(2)
في المطبوعة: "صلى الله عليه وسلم"، وأثبت ما فيه المخطوطة.
(3)
في المطبوعة: "صلى الله عليه وسلم"، وأثبت ما في المخطوطة.
(4)
سلف البيت وتخريجه في 6: 362.
(5)
هذه مقالة الفراء في معاني القرآن 1: 252.
القول في تأويل قوله جل ثناؤه: {وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً}
قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه:"وخلق منها زوجها"، وخلق من النفس الواحدة زوجها= يعني بـ"الزوج"، الثاني لها. (1) وهو فيما قال أهل التأويل، امرأتها حواء.
* ذكر من قال ذلك:
8403 -
حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله:"وخلق منها زوجها"، قال: حواء، من قُصَيري آدم وهو نائم، (2) فاستيقظ فقال:"أثا"= بالنبطية، امرأة.
8404 -
حدثنا المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.
8405 -
حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"وخلق منها زوجها"، يعني حواء، خلقت من آدم، من ضِلَع من أضلاعه.
8406 -
حدثني موسى بن هارون قال، أخبرنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال: أسكن آدمَ الجنة، فكان يمشي فيها وَحْشًا ليس له زوج يسكن إليها. (3) فنام نومةً، فاستيقظ، فإذا عند رأسه امرأة قاعدة، خلقها
(1) انظر تفسير"الزوج" فيما سلف 1: 514 / 2: 446، وأراد بقوله في تفسير"الزوج""الثاني لها"، أن"الزوج" هو"الفرد الذي له قرين"، فكل واحد من القرينين، يقال له:"زوج"، ثم قيل لامرأة الرجل، وللرجل صاحب المرأة:"زوج".
(2)
القصرى (بضم القاف وسكون الصاد وفتح الراء) والقصيري (بضم القاف وفتح الصاد، على التصغير) : أسفل الأضلاع، أو هي الضلع التي تلي الشاكلة، بين الجنب والبطن.
(3)
قوله: "وحشا"، أي وحده ليس معه غيره.
الله من ضلعه، فسألها ما أنت؟ قالت: امرأة. قال: ولم خلقت؟ قالت: لتسكن إليّ. (1)
8407 -
حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال: ألقي على آدم صلى الله عليه وسلم السَّنة -فيما بلغنا عن أهل الكتاب من أهل التوراة وغيرهم من أهل العلم، عن عبد الله بن العباس وغيره- ثم أخذ ضِلَعًا من أضلاعه، من شِقٍّه الأيسر، ولأم مكانه، (2) وآدم نائمٌ لم يهبَّ من نومته، حتى خلق الله تبارك وتعالى من ضِلَعه تلك زوجته حواء، فسوَّاها امرأة ليسكن إليها، فلما كُشِفت عنه السِّنة وهبَّ من نومته، رآها إلى جنبه، فقال -فيما يزعمون، والله أعلم-: لحمي ودمي وزوجتي! فسكن إليها. (3)
8408 -
حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"وخلق منها زوجها". جعل من آدم حواء.
* * *
وأما قوله:"وبثَّ منهما رجالا كثيرًا ونساء"، فإنه يعني: ونشر منهما، يعني من آدم وحواء="رجالا كثيرًا ونساء"، قد رآهم، كما قال جل ثناؤه:(كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ)[سورة القارعة: 4] . (4)
* * *
يقال منه:"بثَّ الله الخلق، وأبثهم". (5)
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
(1) الأثر: 4806- مضى هذا الأثر مطولا برقم: 710، وكان في المطبوعة هنا:"لتسكن إلي" باللام في أولها، وأثبت نص المخطوطة، وما سلف في الأثر:710.
(2)
لأم الشيء لأمًا، ولاءمه، فالتأم: أصلحه حتى اجتمع وذهب ما كان فيه من الصدع. وفي روايته في الأثر رقم: 711: "ولأم مكانه لحما".
(3)
الأثر: 8407- مضى هذا الأثر برقم: 711، وتخريجه هناك.
(4)
انظر معاني القرآن للفراء 1: 252.
(5)
انظر تفسير"بث" فيما سلف 3: 275.
* ذكر من قال ذلك:
8409 -
حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل، قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"وبث منهما رجالا كثيرًا ونساء"، وبثَّ، خلق.
* * *
القول في تأويل قوله جل ثناؤه: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ}
قال أبو جعفر: اختلفت القرأة في قراءة ذلك.
فقرأه عامة قرأة أهل المدينة والبصرة:"تَسَّاءَلونَ" بالتشديد، بمعنى: تتساءلون، ثم أدغم إحدى"التاءين" في"السين"، فجعلهما"سينًا" مشددة.
* * *
وقرأه بعض قرأة الكوفة:"تَسَاءَلُونَ"، بالتخفيف، على مثال"تفاعلون"،
* * *
وهما قراءتان معروفتان، ولغتان فصيحتان= أعني التخفيف والتشديد في قوله:"تساءلون به"= وبأيِّ ذلك قرأ القارئ أصابَ الصواب فيه. لأن معنى ذلك، بأيّ وجهيه قرئ، غير مختلف.
* * *
وأما تأويله: واتقوا الله، أيها الناس، الذي إذا سأل بعضكم بعضًا سأل به، فقال السائل للمسئول:"أسألك بالله، وأنشدك بالله، وأعزِم عليك بالله"، وما أشبه ذلك. يقول تعالى ذكره: فكما تعظّمون، أيها الناس، رّبكم بألسنتكم حتى تروا أنّ من أعطاكم عهده فأخفركموه، (1) فقد أتى عظيمًا. فكذلك فعظّموه بطاعتكم إياه فيما أمركم،
(1) أخفر الذمة والعهد: نقضه وغدره وخاس به، ولم يف بعهده.
واجتنابكم ما نهاكم عنه، واحذروا عقابه من مخالفتكم إياه فيما أمركم به أو نهاكم عنه، كما:-
8410 -
حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا أبو زهير، عن جويبر، عن الضحاك في قوله:"واتقوا الله الذي تساءلون به"، قال يقول: اتقوا الله الذي تعاقدون وتعاهدون به.
8411 -
حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع:"واتقوا الله الذي تساءلون به"، يقول: اتقوا الله الذي به تعاقدون وتعاهدون.
8412 -
حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بن أنس مثله.
8413 -
حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، أخبرنا حجاج، عن ابن جريج قال، قال ابن عباس:"تساءلون به"، قال: تعاطفون به.
* * *
وأما قوله:"والأرحام"، فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله. فقال بعضهم: معناه: واتقوا الله الذي إذا سألتم بينكم قال السائل للمسئول:"أسألك به وبالرّحِم"
ذكر من قال ذلك:
8414 -
حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عمرو، عن منصور، عن إبراهيم:"اتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام"، يقول: اتقوا الله الذي تعاطفون به والأرحام. يقول: الرجل يسأل بالله وبالرَّحم.
8415 -
حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم، عن مغيرة، عن إبراهيم قال: هو كقول الرجل:"أسألك بالله، أسألك بالرحم"، يعني قوله:"واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام".
8416 -
حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم:"اتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام"، قال يقول:"أسألك بالله وبالرحم".
8417 -
حدثنا أبو كريب قال، حدثنا هشيم، عن مغيرة، عن إبراهيم: هو كقول الرجل:"أسألك بالرحم".
8418 -
حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:" اتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام"، قال يقول:"أسألك بالله وبالرحم".
8419 -
حدثني المثنى قال، حدثنا الحماني قال، حدثنا شريك، عن منصور -أو مغيرة- عن إبراهيم في قوله:"واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام"، قال: هو قول الرجل:"أسألك بالله والرحم".
8420 -
حدثني المثنى قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك، عن معمر، عن الحسن قال: هو قول الرجل:"أنشدك بالله والرحم".
* * *
قال محمد: (1) وعلى هذا التأويل قول بعض من قرأ قوله:"وَالأرْحَامِ" بالخفض عطفًا بـ"الأرحام"، على"الهاء" التي في قوله:"به"، كأنه أراد: واتقوا الله الذي تساءلون به وبالأرحام= فعطف بظاهر على مكنيّ مخفوض. وذلك غير فصيح من الكلام عند العرب، لأنها لا تَنسُق بظاهر على مكني في الخفض، (2)
(1) قوله: "قال محمد"، يعني محمد بن جرير الطبري، أبا جعفر صاحب التفسير. وهذه أول مرة يكتب فيها الطبري، أو أحد تلامذته، أو بعض ناسخي تفسيره"قال محمد"، دون كنيته قال"أبو جعفر". وانظر ما سيأتي ص: 569، تعليق:2.
(2)
قوله: "تنسق"، أي تعطف. و"النسق" العطف، انظر فهارس المصطلحات في هذه الأجزاء من التفسير، و"المكني" الضمير، انظر فهارس المصطلحات.
إلا في ضرورة شعر، وذلك لضيق الشعر. (1) وأما الكلام، فلا شيء يضطر المتكلم إلى اختيار المكروه من المنطق، والرديء في الإعراب منه. ومما جاء في الشعر من ردّ ظاهر على مكنيّ في حال الخفض، قول الشاعر:(2)
نُعَلِّقُ فِي مِثْلِ السَّوَارِي سُيُوفَنَا
…
وَمَا بَيْنَهَا والكَعْبِ غُوطٌ نَفَانِفُ (3)
فعطف بـ"الكعب" وهو ظاهر، على"الهاء والألف" في قوله:"بينها" وهي مكنية.
* * *
وقال آخرون: تأويل ذلك:"واتقوا الله الذي تساءلون به، واتقوا الأرحام أن تقطعوها.
(1) هذه مقالة الفراء في معاني القرآن 1: 252، 253، وقد ذكر هذه القراءة بإسنادها إلى إبراهيم بن يزيد النخعي، وهي قراءة حمزة وغيره.
(2)
هو مسكين الدارمي.
(3)
معاني القرآن للفراء 1: 253، الحيوان 6: 493، 494، الإنصاف: 193، الخزانة، 2: 338، العيني (بهامش الخزانة) 4: 164، وهو من أبيات ذكرها الجاحظ، وأتمها العيني، يمجد نفسه وقومه، قال: لَقَدْ عَلِمَتْ قَيْسٌ وَخِنْدِفُ أنَّني
…
بِثَغْرِهِمُ مِنْ عَارِمِ النَّاسِ وَاقِفُ
وَقَدْ عَلِمُوا أَنْ لَنْ يُبقَّى عَدُوُّهُمْ
…
إِذَا قَذَفَتْه في يَدَيّ القَوَاذِفُ
وأنَّ أبَانَا بِكرُ آدَمَ، فَاعْلَمُوا،
…
وَحَوَّاءَ، قَرْمٌ ذُو عَثَانينَ شَارِفُ
كَأَنَّ عَلَى خُرْطُومِهِ مُتَهافِتًا
…
مِنَ القُطْنِ هَاجَتْهُ الأكُفُ النَّوَادِفُ
وَللَصَّدَأُ المُسْوَدُّ أَطْيبُ عِنْدَنَا
…
مِنَ المِسْكِ، دَافَتْهُ الأَكُفُّ الدَّوَائِفُ
تُعَلَّقُ في مِثْلِ السَّوَارِي سُيُوفُنَا
…
وما بَيْنَها والكَعْبِ غُوطٌ نفانِفُ
وَتَضْحَكُ عِرْفَانَ الدرُوع جُلُودُنَا
…
إِذَا جَاء يَوْمٌ مُظْلِمُ اللَّوْن كاسِفُ
في أبيات أخر، ورواية الحيوان:"والكعب منا تنائف"، وفي الطبري ومعاني القرآن والخزانة"نعلق" بالنون، وكلتاهما صواب. و"السواري" جمع سارية، وهي الأسطوانة. و"الغوط" جمع غائط، وهو المطمئن من الأرض. و"النفانف" جمع نفنف: وهو الهواء بين شيئين، وكل شيء بينه وبين الأرض مهوي بعيد فهو نفنف.
* ذكر من قال ذلك:
8421 -
حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي في قوله:"واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام"، يقول: اتقوا الله، واتقوا الأرحام لا تقطعوها.
8422 -
حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد عن قتادة:"واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إنّ الله كان عليكم رقيبًا"، ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: اتقوا الله، وصلُوا الأرحام، فإنه أبقى لكم في الدنيا، وخير لكم في الآخرة.
8423 -
حدثني علي بن داود قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قول الله:"واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام"، يقول: اتقوا الله الذي تساءلون به، واتقوا الله في الأرحام فصِلُوها.
8424 -
حدثنا أبو كريب قال، حدثنا هشيم، عن منصور، عن الحسن في قوله:"واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام"، قال: اتقوا الذي تساءلون به، واتقوه في الأرحام.
8425 -
حدثنا سفيان قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن خصيف، عن عكرمة في قول الله:"الذي تساءلون به والأرحام"، قال: اتقوا الأرحام أن تقطعوها.
8426 -
حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن الحسن في قوله:"واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام"، قال: هو قول الرجل:"أنشدك بالله والرَّحم".
8427 -
حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: اتقوا الله، وصلوا الأرحام.
8428 -
حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"الذي تساءلون به والأرحام"، قال: اتقوا الأرحام أن تقطعوها.
8429 -
حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثني أبو زهير، عن جويبر، عن الضحاك في قوله:"الذي تساءلون به والأرحام"، قال يقول: اتقوا الله في الأرحام فصلوها.
8430 -
حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع:"واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام"، قال يقول: واتقوا الله في الأرحام فصلوها.
8431 -
حدثنا المثنى قال، حدثنا إسحاق، عن عبد الرحمن بن أبي حماد، وأخبرنا أبو جعفر الخزاز، عن جويبر، عن الضحاك: أن ابن عباس كان يقرأ:"والأرحام"، يقول: اتقوا الله لا تقطعوها.
8432 -
حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، قال ابن عباس: اتقوا الأرحام.
8433 -
حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قال،"واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام"، أن تقطعوها.
8434 -
حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"واتقوا الله الذي تساءلون به"، واتقوا الأرحام أن تقطعوها= وقرأ:(وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ)[سورة الرعد: 21] .
* * *
قال أبو جعفر: وعلى هذا التأويل قرأ ذلك من قرأه نصبًا بمعنى: واتقوا الله الذي تساءلون به، واتقوا الأرحام أن تقطعوها= عطفًا بـ"الأرحام"، في إعرابها بالنصب
على اسم الله تعالى ذكره.
قال: والقراءة التي لا نستجيز لقارئٍ أن يقرأ غيرها في ذلك، (1) النصب:(وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ)، بمعنى: واتقوا الأرحام أن تقطعوها، لما قد بينا أن العرب لا تعطف بظاهرٍ من الأسماء على مكنيّ في حال الخفض، إلا في ضرورة شعر، على ما قد وصفت قبل. (2)
* * *
القول في تأويل قوله: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1) }
قال أبو جعفر: يعني بذلك تعالى ذكره: إنّ الله لم يزل عليكم رقيبًا.
* * *
ويعني بقوله:"عليكم"، على الناس الذين قال لهم جل ثناؤه:"يا أيها الناس اتقوا ربكم"، والمخاطب والغائب إذا اجتمعا في الخبر، فإن العرب تخرج الكلام على الخطاب، فتقول: إذا خاطبتْ رجلا واحدًا أو جماعة فعلتْ هي وآخرون غُيَّبٌ معهم فعلا"فعلتم كذا، وصنعتم كذا".
ويعني بقوله:"رقيبًا"، حفيظًا، مُحصيًا عليكم أعمالكم، متفقدًا رعايتكم حرمةَ أرحامكم وصلتكم إياها، وقطعكموها وتضييعكم حرمتها، كما:-
8435 -
حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"إن الله كان عليكم رقيبًا"، حفيظًا.
8435م - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، سمعت ابن زيد في قوله:"إن الله كان عليكم رقيبًا"، على أعمالكم، يعلمها ويعرفها.
ومنه قول أبي دُؤاد الإيادِيّ:
(1) في المخطوطة والمطبوعة: "لا نستجيز القارئ أن يقرأ" بتعريف"القارئ"، وهو خطأ صوابه ما أثبت.
(2)
انظر ما سلف قريبا ص: 519، 520.