الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الهمزة مع الزاي المعجمة
953 -
" إزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه (ن) عن أبي هريرة، وأبي سعيد وابن عمر، والضياء عن أنس (صح) ".
(إزرة المؤمن) في النهاية (1): الإزرة بالكسر الحالة وهيئة الائتزار مثل الركبة والجلسة [1/ 267](إلى أنصاف ساقيه) وتمام الحديث عند الطبراني: "لا جناح عليه فيما بينه وبين الكعبين"(ن عن أبي هريرة وأبي سعيد وابن عمر) رمز المصنف لصحته (الضياء عن أنس)(2) كل ما كان من الضياء فهو كناية عن كتابه المختارة تارة يقيده به المصنف وتارة يطلقه للعلم به.
(حقيقة الزهد)
954 -
" ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما عند الناس يحبك الناس (5 طب ك هب) عن سهل بن سعد (صح) ".
(إزهد في الدنيا) واختلف الناس في حقيقة الزهد قيل: وأحسن ما قيل فيه هو أن لا تكون الدنيا بمنزلة من القلب واختلف أيضاً في حقيقة الدنيا وأحسن ما قيل فيها أنها كل لذة قبل الموت لا أثر لها بعده بمعنى أثر خير، وسئل الزهري (3) عن الزهد في الدنيا فقال: هو أن لا تغلب الحلال شكره ولا الحرام
(1) النهاية (1/ 44).
(2)
أخرجه الضياء في المختارة (6/ 38) رقم (2000)، والنسائي في السنن الكبرى (9712) من رواية أبي هريرة و (9715) من رواية أبي سعيد الخدري و (9718) من رواية ابن عمر. وقد صحح ابن عدي في الكامل (5/ 218) رواية أبي سعيد وكذلك في الميزان (5/ 126) وانظر العلل للدارقطني (11/ 277).
(3)
أخرجه أبو نعيم في الحلية (3/ 371) والبيهقي في الشعب (4553) والفسوي في المعرفة والتاريخ (1/ 304).
صبره قال في النهاية (1): أراد أن لا يعجز ولا يقصر شكره على ما رزقه الله من الحلال ولا صبره عن ترك الحرام وفي الفتح: الزهد بين كلمتين في القرآن {لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ} [الحديد: 23] فمن لم ييأس على الماضي ولم يفرح بالآتي فقد أخذ الزهد بطرفيه.
قلت: قد فسر الزهد حديث أبي ذر عند الترمذي وابن ماجه: "الزهادة في الدنيا ليست بتحريم الحلال ولا إضاعة المال ولكن الزهادة في الدنيا أن لا تكون بما في يديك أوثق منك بما في يد الله وأن يكون في ثواب المصيبة إذا أنت أصبت بها أرغب منك في ثوابها لو بقيت لك"(يحبك الله) وإنما كان الزهد في الدنيا سببا لمحبة الله لأن الدنيا عنده تعالى غير محبوبة ولا نظر إليها منذ خلقها فمن زهد فيها فقد زهد فيما لا يحبه الله فأحبه الله ولأنها هي التي تلهي العبد عن مولاه وتقطع عليه طريق سيره إلى الله ولأن الغالب أنه لا يزهد في الدنيا إلا من يرغب فيما عند الله (وازهد فيما في أيد الناس يحبك الناس) الزهادة عما في أيديهم يكون بترك التشوق إلى ما في أيديهم والتذلل لما عندهم وعدم الطمع في أموالهم وهذا من أعظم أسباب محبة العباد فإن طبع بني آدم محبة من لم يطمع فيما عندهم ولا يتشوق لأخذه منهم ولأنه بذلك يفارق أبناء جنسه فيعظم عندهم ويحبونه ومن رغب فيما عندهم أبغضوه وملوه ولذا قيل: وأخو الحوائج وجهه مملول .. (2).
ولمحبة المال قد تغير الصديق على صديقه إذا استرفده مما في يده، كما قيل:
وصاحب كان لي وكنت له
…
أشفق من والد على ولد
كنا كساق تسعى بها قدم
…
أو كذراع نيطت إلى عضد
(1) النهاية (2/ 321).
(2)
أورده البيهقي في الشعب (3/ 276).
وكان لي مؤنسا وكنت له
…
ليست بنا حاجة إلى أحد
حتى إذا استرفدت يدي يده
…
كنت كمسترفد يد الأسد
وأزورّ عني وكان ينظر من
…
عيني ويرمي بساعدي ويدي (1)
واعلم أن في هذا الكلام النبوي ترغيباً بليغاً في الزهد وحثًّا عليه إلى الغاية فإن أعظم المطالب السنية للعبد أن يكون محبوبا لخالقه ومولاه فإن محبته تعالى لعبده هي غاية كل مطلوب ومحط رحال كل محبوب والرتبة التي يطلبها كل من سمت به همته في المطالب العلية [1/ 268] فهذه الفائدة بالنسبة إلى ما يناله من مولاه وفاطره والفائدة الثانية ما يناله من العباد من محبتهم له فإن أحب شيء إلى الإنسان أن يكون عند الناس محبوبا خفيف الروح مقبول غير مستثقل ولا مملول وأكثر الناس ينفق الأموال في طلب ذلك ويتكلف شريف الخصال في تحصيل ما هنالك وهي نعمة عظيمة امتن الله بها على موسى كليمه بقوله تعالى: {وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي} [طه: 39] ومن لازم محبة الله لعبده محبة الناس له كما أسلفناه وكما قيل:
وإذا أحب الله يوما عبده
…
ألقى عليه محبة من الناس
واقتصر صلى الله عليه وسلم على هاتين الفائدتين مع أن للزهد فوائد أخر لأنهما أعظم فوائده، ومن فوائده ما في حديث طاووس عند أحمد (2) وغيره:"الزهد في الدنيا يريح القلب والبدن والرغبة في الدنيا تطيل الهم والحزن"، (هـ طب ك هب عن
= (1) أورده ابن أبي الدنيا في الإشراف في منازل الأشراف (ص 268) رقم (345) قال: أنشدني سليمان بن أبي الشيخ الرجل من خزامة.
(2)
أخرجه البيهقي في الشعب (10536) وقال: هذا مرسل. وقد ورد مرفوعًا عن أبي هريرة أخرجه الطبراني في الأوسط (6120) وقال ابن الجوزي في العلل المتناهية (2/ 803): لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
سهل (1) ابن سعد" صححه الحاكم، قيل: ورمز المصنف لصحته ولم أره فيما قوبل على خطه إلا أنه تعقبه البيهقي بقوله فيه خالد بن عمرو ضعيف وكذلك تعقب الذهبي الحاكم في تصحيحه له بأن فيه خالد بن عمرو وضاع وأعله بغيره.
955 -
"أزهد الناس في العالم أهله وجيرانه (حل) عن أبي الدرداء (عد) عن جابر (ض) ".
(أزهد الناس في العالم) اسم فاعل من العلم أقلهم رغبة فيه وفي متابعة أقواله والإقتداء بأفعاله (أهله وجيرانه) وكل من بعد عنه كان فيه أرغب وله أحب وهو من أعلام النبوة (حل عن أبي الدرداء عد عن جابر)(2) رمز المصنف لضعفه.
956 -
"أزهد الناس في الأنبياء وأشدهم عليهم الأقربون، ابن عساكر عن أبي الدرداء (ض) ".
(1) أخرجه ابن ماجه (4102) قال البوصيري (4/ 210): هذا إسناد ضعيفٌ والطبراني في الكبير (6/ 193) رقم (5972) والحاكم في المستدرك (4/ 313) والبيهقي في الشعب (10522) وفي إسناده خالد بن عمرو وضّاع وقال المنذري في الترغيب والترهيب (4/ 75): وقد حسن بعض مشايخنا إسناده، وفيه بعد لأنه من رواية خالد بن عمرو القرشي الأموي السعيدي عن سفيان الثوري عن أبي حازم عن سهل وخالد هذا قد ترك واتهم ولم أر من وثقه أهـ. وصححه الألباني في صحيح الجامع (919)!
(2)
أخرجه أبو نعيم في الحلية كما في كنز العمال (44093) وأخرجه كذلك ابن عساكر (37/ 291) عن أبي الدراء، وأخرجه ابن عدي في الكامل (6/ 367) عن جابر بن عبد الله، وأورده ابن الجوزي في الموضوعات (469) وتعقبه السيوطي في اللآلئ (1/ 212)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (796) والسلسلة الضعيفة (2750) موضوع.
أما حديث أبي الدرداء ففي إسناده عمرو بن شمر قال يحيى ليس بشيء وقال الجوزجاني زائغ كذاب وقال ابن حبان رافضي يشتم الصحابة ويروي الموضوعات عن الثقات وقال البخاري منكر الحديث وقال يحيي لا يكتب حديثه. انظر الميزان (5/ 324) والمجروحين (2/ 75)
وأما حديث جابر ففي إسناده المنذر بن زياد قال الفلاس كان كذابا، وقال الدارقطني متروك، وذكر له الحافظ في اللسان بعض موضوعاته. انظر الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (3/ 139) والميزان (6/ 514) واللسان (6/ 89).
(أزهد الناس في الأنبياء وأشدهم عليهم) في الأذية (الأقربون) منهم وكفاء بما حكاه الله عن آزر أبي خليله عليه السلام: {يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا} [إبراهيم: 46] وعن امرأة نوح ولوط وناهيك بما لقيه خاتم الرسل عليه السلام من قرابته من عمه أبي لهب وكان أشد ما لقي من قريش وكفاك أنه فارقها من آذاهم وهي أحب أرض الله فرارًا من شرهم.
وسلوه وجزء جذع إليه
…
وقلوه ووده الغرباء (1)
حتى سعد السعداء بنصرته وشقي القريب بمحاربته والسر في ذلك التعاسة والحسد لمن اختصه الله بوحيه والجحد لنعمة الله على بعض عباده والحسد في القرابة أكثر فإنهم معدن حسد بعضهم لبعض ولما كان العلماء ورثة الأنبياء كان أحسد الناس في العالم أهله وجيرانه (ابن عساكر عن أبي الدرداء)(2) رمز المصنف لضعفه.
957 -
"أزهد الناس من لم ينس القبر والبلاء، وترك أفضل زينة الدنيا، وآثر ما يبقى على ما ينفني، ولم يعد غدًا من أيامه، وعد نفسه في الموتى (هب) عن الضحاك مرسلاً".
(أزهد الناس من لم ينس القبر والبلى) المراد تقدم نسيانه الاشتغال بالعمل الصالح لحلوله والتذكر لنزوله وتصويره للنفس كل حين لترغب فيما يؤنسها فيه وترغب عما يوحشها في نواحيه فإن ذكر القبر إذا لم يكن لذلك كان قليل الجدوى عدم الفائدة بل ربما جعله الخليع ذريعة إلى قضاء شهوته كما قيل:
زودينا من حسن وجهك ما دام
…
فحسن الوجوه حال يحول
(1) أورده البوصيري في البردة (رقم 65).
(2)
أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (37/ 291) وقال الألباني في ضعيف الجامع (795) والسلسلة الضعيفة (2750): موضوعٌ في إسناده عمرو بن شمر وقد تقدم الكلام عليه في الحديث السابق.
صلينا نصلك في هذه الدنيا
…
فإن المقام فيها قليل (1)
وكقوله:
خذوا من نصيب من نعيم ولذة
…
فكل وإن طال المدى ينصرم
(وترك أفضل زينة الدنيا) وهذا يتفرع على ذكر القبر والبلى لأن من جعل القبر نصب عينيه لم يطمح نفسه إلى غير ما يسد الجوعة ويواري العورة (وآثر ما يبقى) وهي الدار الآخرة (على ما يفني) وهي الدار الدنيا (ولم يعد غداً من أيامه) فيقل أمله ويحسن عمله [1/ 269] ويريح خاطره ويقر ناظره (وعد نفسه في الموتى) نزل ما لا بد من وقوعه كأنه قد وقع على نفسه في من لا حاجة له إلى الدنيا وهذه المعطوفات على الأول كالتفسير له (هب عن الضحاك مرسلاً)(2).
= (1) الأبيات للمتنبي.
(2)
أخرجه البيهقي في الشعب (10565)، عن الضحاك بن مزاحم مرسلاً قال الحافظ في التقريب (2978) صدوق كثير الإرسال. وسليمان بن فروخ أورده ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (4/ 135) وقال روى عنه أبو معاوية وقريش بن حبان العجلي، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (797) والسلسلة الضعيفة (1292).