المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الهمزة مع القاف - التنوير شرح الجامع الصغير - جـ ٢

[الصنعاني]

الفصل: ‌الهمزة مع القاف

‌الهمزة مع القاف

1310 -

" إِقَامَةُ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ الله تعالى خَيْرٌ مِنْ مَطَرِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً في بِلَادِ الله (ابن ماجه عن ابن عمر) ".

(إقامة حد من حدود الله) هو من قام بالأمر إذا شمر لأدائه ولم يكن فيه فتور ولا توان وهو أحد الوجهين في إقامة الصلاة، في النهاية (1) الحدود محارم الله وعقوباته التي قرنها بالذنوب وأصل الحد المنع والفصل بين الشيئين فكل حدود الشرع فصلت بين الحلال والحرام فمنه ما لا يقرب كالحدود المحرمة، ومنه {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا} [البقرة: 187]، ومنه ما لا يتعدى كالمواريث المعينة وتزويج الأربع، ومنه {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا} [البقرة: 229] وفي القاموس (2): الحد تأديب المذنب وغيره من الذنب (خير من مطر أربعين ليلة في بلاد الله) إنما خيره على المطر لأن المطر لإصلاح أهل الأرض بإخصابها وإرغادهم في معاشهم وإقامة الحد لإصلاحهم في الدنيا والدين لأنه إذا أقيم الحد كالقصاص وحد الزنا والسرقة زجر عن القتل والزنا والسرقة والقذف ونحوها وهذه كلها شرور فتركها وعدم وجودها من العباد فيها كمال صلاحهم في الدين لموافقة الله ورسوله وفي الدنيا سلامة دمائهم عن الإراقة وأنسابهم عن الاختلاط وأعراضهم عن التمزيق ولأن عدم هذه المعاصي من جوانب الأرزاق فلا جزم كان خيرًا من يحظر هذه اللذة المعينة وأما تعيين عدد الأربعين ولم يخبره على أقل منه ولا أكثر فلحكمة مجهولة أو لأن أقل الحدود حد الشرب وأقله أربعون على الأصح فلوحظ في التخيير أقل الحدود عددًا (5

(1) النهاية (1/ 352).

(2)

القاموس المحيط (ص 352).

ص: 595

عن ابن عمر) (1) في سنده سعد بن سنان (2) ضعيف منكر الحديث لكن رواه النسائي عن جرير مرفوعًا بلفظ: الثلاثين ورواه ابن حبان بلفظ الأربعين.

1311 -

"اقبلوا الكرامة وأفضل الكرامة الطيب أخفه محملاً وأطيبه ريحًا (قط في الإفراد طس عن زينب بنت جحش) أم المؤمنين".

(اقبلوا الكرامة) هي ما يفعل للإنسان لإكرامه من إخوانه وسلطانه (وأفضل الكرامة الطيب) فهو الذي ينبغي أن يكون به الإكرام (أخفه محملاً وأطيبه رائحة) ففيه حث على قبول الإكرام وإرشاد إلى أن خيره الطيب (قط في الإفراد طس عن زينب بنت جحش) أم المؤمنين (3).

1312 -

"اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ (حم ت 5 عن حُذَيْفَةَ) "(صح).

(اقتدوا) الاقتداء الاتباع يقال: اقتدى به إذا لازم طريقه (باللذين من بعدي أبو بكر وعمر) بدل من اللذين وبالأمر بالاقتداء بهما ذهب البعض إلى أنهما حجة في كل ما يصدر منهما وأنه يجب اتباعهما فيما صدر عنهما وأنهما كالإجماع وغيره من الأدلة وذهب الجمهور إلى خلاف ذلك وقالوا: إنما هو أمر لذوي التقليد باتباعهما كغيرهما من المجتهدين، وإنما نص عليهما تخصيصًا

(1) أخرجه ابن ماجه (2537). قال البوصيري (3/ 102): هذا إسناد ضعيف، وابن حبان في صحيحه (4398) ولفظه: حد يقام في الأرض خير من مطر أربعين صباحًا، ومثله أبو يعلى (6111)، وأخرجه أحمد (2/ 362) ولفظه: حد يقام في الأرض خير للناس في أن يمطروا ثلاثين أو أربعين صباحًا. ومثله عند الطبراني في الكبير (11/ 337 رقم 1193). وحسنه الألباني في صحيح الجامع (1139) والسلسلة الصحيحة (231).

(2)

قال الحافظ في التقريب (2238): صدوق له أفراد.

(3)

أخرجه الدارقطني في الأفراد كما في أطراف ابن طاهر (5/ 374) رقم (5788) والطبراني في "الأوسط"(6289) وقال الهيثمي في المجمع (5/ 158): فيه من لم أعرفهم. وفي إسناده أيضًا بشر بن عبيس بن مرحوم قال الحافظ في التقريب (695) صدوق يخطئ. وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (1059) والسلسلة الضعيفة (2862).

ص: 596

وإلا فقد قال: "أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم" على ضعفه وأحسن منه أنه أمر باتباعهما في الأوامر والنواهي عند إمارتهما وولاية أمر الأمة وهذا أيضًا تخصيص لهما وإلا فقد أمر صلى الله عليه وسلم بطاعة الأمراء في غير معصية وخصصهما بها لما أجراه الله على أيديهما من الفتح والحرب لأهل الردة ونحوه (حم ت 5 عن حذيفة)(1) رمز المصنف لصحته.

1313 -

"اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي من أصحابي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ واهتدوا بهدي عمار وتمسكوا بعهد ابن مسعود (ت عن ابن مسعود، الروياني عن حذيفة، عد عن أنس) ".

(اقتدوا باللذين) بصيغة التثنية أيضًا (من بعدي) هو متعلق باقتدوا فإن في حياته القدوة به (من أصحابي أبي بكر وعمر) هو كما سلف (واهتدوا) من الاهتداء (بهدي عمار) الهدي السيرة والطريقة والهيئة كما في النهاية (2) وعمار هو ابن ياسر الصحابي الجليل (وتمسكوا بعهد ابن مسعود)(3) قال في النهاية (4): أي ما يأمركم به ويوصيكم، وابن مسعود هو عبد الله من نبلاء الصحابة وسابقيهم (ت عن ابن مسعود) وحسنه الترمذي (الروياني عن حذيفة) بن اليمان (عد عن أنس)(5).

(1) أخرجه أحمد (5/ 382)، والترمذي (3662)، وابن ماجه (97). وأخرجه أيضًا: البزار (7/ 248، رقم 2827)، والطبراني في الأوسط (3816)، والحاكم (3/ 79)، والبيهقي (5/ 212). وابن عساكر (5/ 14). وصححه الألباني في صحيح الجامع (1142) والسلسلة الصحيحة (1233).

(2)

النهاية (5/ 252).

(3)

الإصابة (4/ 233).

(4)

النهاية (3/ 326).

(5)

أخرجه الترمذي (3805) وقال: حسن غريب. والطبراني (9/ 72، رقم 8426)، والحاكم (3/ 80) قال الذهبي في التلخيص: سنده واهٍ. حديث حذيفة: أخرجه الحاكم (3/ 79)، والبيهقي (8/ 153). وأخرجه أيضًا: الحميدي (449)، والطبراني في الأوسط (5503)، وابن عساكر (30/ 227). حديث أنس: أخرجه ابن عدي (2/ 249، ترجمة 424 حماد بن دليل)، وابن عساكر =

ص: 597

1314 -

"اقتربت الساعة ولا تزداد منهم إلا قربًا (طس عن ابن مسعود) (ح) ".

(اقتربت الساعة) أي قربت، والساعة جزء من أجزاء الجديدَين والوقت الحاضر والقيامة أي الوقت الذي تقوم فيه القيامة قاله في القاموس (1)، والمراد هنا بالقيامة وقتها (ولا تزداد منهم) من الناس وإن لم يتقدم لهم ذكر للعلم بأنهم المرادون (إلا قربًا) إخبار بأنه لا تأخير لها وأنها كائنة في كل حين تزداد قربًا إلا أنه قال الشارح: لفظ رواية الطبراني والحلية: ولا تزداد منهم إلا بعدًا، قال: ولكل منهما وجه صحيح والمعنى على الأول: كل ما مرَّ بهم زمان وهم في غفلتهم ازدادت قربًا منهم، وعلى الثاني: كلما اقتربت ودنت تناسوا قربها وعملوا عمل من أخذت الساعة في البعد عنه (طس عن ابن مسعود)(2) ورجاله رجال الصحيح والمصنف رمز لحسنه.

1315 -

"اقتربت الساعة ولا يزداد الناس على الدنيا إلا حرصًا (ك) عن ابن مسعود".

(اقتربت الساعة ولا يزداد الناس على الدنيا إلا حرصًا) على الدنيا وإمساكها بها وشحابها ولا يزدادون من الله إلا بعدًا، لأن من أثر الحرص على دنياه بعد عن الله (ك) عن ابن مسعود) (3).

= (33/ 119). وصححه الألباني في صحيح الجامع (1144) والسلسلة الصحيحة (1233).

(1)

القاموس المحيط (944).

(2)

أخرجه الطبراني (10/ 13، رقم 9787) وقال الهيثمي (10/ 255): رجاله رجال الصحيح. وقال في موضع آخر (10/ 311): رجاله رجال الصحيح، غير شيخ الطبراني، وهو ثقة ثبت. وأخرجه أبو نعيم في الحلية (7/ 242) وقال: غريب تفرد به مخلد مرفوعًا موصولاً. وحسنه الألباني في صحيح الجامع (1145) والسلسلة الصحيحة (1510).

(3)

أخرجه الحاكم في المستدرك (4/ 359) انظر علل الدارقطني (5/ 115)، وحسّنه الألباني في =

ص: 598

1316 -

"اقتلوا الحية والعقرب وإن كنتم في الصلاة (طب عن ابن عباس) ". (اقتلوا الحية والعقرب وإن كنتم في الصلاة) وظاهره ولو بفعل كثير فإنها لا تبطل الصلاة ويحتمل أن المراد: أخرجوا منها لقتلها وسواء خيف ضرهما أم لا وسواء خشي خروج وقت الصلاة أم لا وهل الأمر للوجوب أم للندب حملوه على الثاني لحديث أبي يعلى (1): "كان لا يرى بقتلها في الصلاة بأسًا"، (طب عن ابن عباس)(2) بإسناد ضعيف.

1317 -

"اقْتُلُوا الأسْوَدَيْنِ في الصلاة الْحَيَّةَ وَالْعَقْرَبَ (د، ت، حب، ك عن أبي هريرة) "(صح).

(اقتلوا الأسودين) هما اسمان لما ذكر على أي صفة كانا (في الصلاة) وبالأولى في غيرها (الحية والعقرب) وكذلك تقتلان في حل وحرم (د ت حب ك عن أبي هريرة)(3) رمز المصنف لصحته.

1318 -

"اقْتُلُوا الْحَيَّاتِ كُلَّهُنَّ فمن خاف ثَأْرَهُنَّ فَلَيْسَ مِنِّي (د ن عن ابن مسعود، (طب) عن جرير وعثمان بن أبي العاص) (صح) ".

(اقتلوا الحيات كلهن) تعميم دفعًا لتوهم إرادة من يخاف ضرها (فمن خاف ثأرهن) الثأر طلب الدم أي من خاف طلبهن بدمه مدافعة عن أنفسهنَّ (فليس مني) ليس من الذين يتصلون بي ويتصفون بصفتي (د ن عن ابن مسعود طب عن جرير وعثمان بن أبي العاص)(4) رمز المصنف لصحته.

= صحيح الجامع (1146)، والصحيحة (1510).

(1)

أخرجه أبو يعلى (4739).

(2)

أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (10/ 170) رقم (10355). وصححه الألباني في صحيح الجامع (1151).

(3)

أخرجه أبو داود (921)، والترمذي (390) وقال: حسن صحيح. وابن حبان (2352)، والحاكم (1/ 386) وقال: صحيح. والبيهقي (2/ 266). وصححه الألباني في صحيح الجامع (1147).

(4)

أخرجه أبو داود (5249) والنسائي (6/ 51). وأخرجه أيضًا: الطبراني (10/ 170، رقم =

ص: 599

1319 -

"اقْتُلُوا الْحَيَّاتِ اقتلوا ذا الطُّفْيَتَيْنِ وَالأَبْتَرَ فإنهما يطمسان البصر وَيسْتَسْقِطَانِ الْحَبَلَ (حم ق د ت 5 عن ابن عمر) "(صح).

(اقتلوا الحيات) خص نوعًا منها زيادة في الحث على (قتله اقتلوا ذا الطُّفْيتين) بضم الطاء تثنية طفية في النهاية (1) هي خوصة المُقْل في الأصل شَبَّه الخطين الذين على ظهر الحية بخوصتين من خُوص المُقْل (والأبتر) بالموحدة فمثناة فوقية فراء في القاموس (2): الحية الخبيثة، وفي المرقاة للمصنف: قال النضر بن شميل: الأبتر صنف من الحيات أزرق مقطوع الذنب لا تنظر إليها حامل إلا ألقت ما في بطنها (فإنهما يطسان البصر) يخطفانه أو يطمسانه بخاصية في طباعهما إذا وقع بصرهما على بصر الإنسان، وقيل: إنهما يفسدان البصر بالنهش واللسع (ويستقطان الحُبَل) هكذا في نسخة قوبلت على خط المصنف، وقال الشارح: إنه لفظ الصحيحين مشيرًا إلى أن نسخة الجامع: يسقطان كما هو الذي شرح عليه أي يطلبان إسقاط (الحبل) بالموحدة مصدر سمي به الجنين فهذا أمر بقتلهما لما فيهما من الضر، والحديث يحتمل أن كلا من النوعين يؤثر هذين التأثيرين أو أن كل واحد يؤثر كل واحد منهما وهذه قوة أودعها الله هذين النوعين كما أودع الإحراق في النار (حم ق د ت 5 عن ابن عمر)(3).

= 10355). قال المنذري (3/ 381) رواه أبو داود والنسائي والطبراني بأسانيد رواتها ثقات إلا أن عبد الرحمن بن مسعود لم يسمع من أبيه. وقال الهيثمي (4/ 46): رواه الطبراني في الكبير، ورجاله ثقات. وصححه الألباني في صحيح الجامع (1149).

(1)

النهاية (3/ 130).

(2)

القاموس (ص 547).

(3)

أخرجه أحمد (2/ 9) واللفظ له، والبخاري (3297)، ومسلم (233)، وأبو داود (5252)، والترمذي (1483) وقال: حسن صحيح. وابن ماجه (535). وأخرجه أيضًا: الحميدي (620)، وابن حبان (5638)، والطبراني (5/ 30، رقم 4498).

ص: 600

1325 -

"اقتلوا الوَزَغ ولو في جوف الكعبة (الطبراني عن ابن عباس) "(ح).

(اقتلوا الوزغ) بالزاي مفتوحة كالواو والغين المعجمة جمع وزغة بالتحريك وهي التي يقال لها: سام أبرص [1/ 378] وتجمع على أوزاغ ووزغات قاله في النهاية (1)، وإنما أمر بقتلها لما ورد أنها كانت تنفخ النار على الخليل عليه السلام، وفي النهاية (2) عن عائشة: أنه لما أحرق بيت المقدس كانت تنفخه وهذه زيادة على الخمس الفواسق حكمها حكمها فمفهوم العدد منها غير معمول به، وقيل: قتل الحيات أفضل من قتل الوزغ لما سيأتي أن لقاتلها سبع حسنات ولقاتل الوزغ حسنة واحدة، ويأتي أن من قتل وزغًا كفر الله عنه سبع خطيئات (ولو في جوف الكعبة) فإنه لا حرمة لها (طب عن ابن عباس)(3) رمز المصنف لحسنه وفيه راوٍ ضعيفٌ.

1321 -

"اقْتُلُوا شُيُوخَ الْمُشْرِكِينَ وَاسْتَبْقُوا شَرْخَهُمْ (حم د ت عن سمرة حم صح) ".

(اقتلوا شيوخ المشركين) في النهاية (4) أراد بهم الرجال المسان أهل الجد والقوة على القتال ولم يرد الهرمى الذين إذا سيقوا لم ينتفع بهم في الجدية (واستبقوا شرخهم) بالشين المعجمة والراء ساكنة والخاء المعجمة في

(1) النهاية 5/ 180.

(2)

المصدر السابق.

(3)

أخرجه الطبراني (11/ 202، رقم 11495). قال الهيثمي (3/ 229): فيه عمر بن قيس المكي، وهو ضعيف. وقال أحمد لا يساوي حديثه شيئًا وقال مرة متروك الحديث وكذلك قال النسائي والفلاس والأزدي والدارقطني وقال يحيى ليس بثقة وقال البخاري وأبو حاتم: منكر الحديث وقال ابن حبان يقلب الأسانيد يروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات، وقال الذهبي: هالك تركوا حديثه، وقال الحافظ: متروك. انظر الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (2/ 214) والميزان (2/ 263) والمغني (4526)، والتقريب (4959) وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (1062) وقال في السلسلة الضعيفة (2522) ضعيف جدًّا.

(4)

النهاية (2/ 456 - 457).

ص: 601

النهاية (1) شرح الشباب أوله، وقيل: نضارته وقوته، وهو مصدر يقع على الواحد والاثنين، وقيل: جمع شارخ مثل شارب وشرب انتهى. فهو أمر بقتل ذوي الجلد والقوة والنكاية لليسلمين واستبقاء من هم في أول الشباب والنضارة لينتفع بهم المسلمون إذا سبوهم (حم د ت عن سمرة)(2) رمز الصنف لصحته.

1322 -

"اقرأ القرآن على كل حال إلا وأنت جنب (أبو الحسن بن صخر في فوائده عن علي) ".

(اقرءوا القرآن على كل حال) من طهارة وحدث أصغر (إلا وأنت جنب) فلا تقرأه وهذا يفيد تحريم القراءة على الجنب وهل يلحق به الحائض وفيه الخلاف المعروف والأكثر على منعها من قراءته وللفقهاء تفاصيل في ذلك (أبو الحسن بن صخر) بالصاد المهملة والخاء المعجمة (في فوائده عن علي) قال الشارح: وهو غريب (3).

(1) النهاية (2/ 456).

(2)

أخرجه أحمد (5/ 20)، وأبو داود (2670) واللفظ لهما، والترمذي (1583) وقال: حسن صحيح غريب. والطبراني في الكبير (7/ 216 رقم 6900). وأخرجه أيضًا: الديلمي (1/ 109، رقم 365). وقال ابن الملقن في البدر المنير (9/ 85) وفيه نظر فإن في إسناده سعيد بن بشير، والأكثرون على تضعيفه

وفي إسناد أبي داود وأحمد حجاج بن أرطأة وقد ضعفوه، وقد ضعف عبد الحق في "أحكامه" الحديث بهما. فقال: بعد هذا علة أخرى وهي الخلاف في سماع الحسن من سمرة. وأورده ابن القطان في بيان الوهم والإيهام (4/ 167) وقال فيه: حجاج بن أرطاة وسعيد بن بشير لا يحتج بهما. وقال الزيلعي في نصب الراية (3/ 395) والحجاج بن أرطاة غير محتج به والحسن عن سمرة منقطع في غير حديث العقيقة على ما ذكره بعض أهل العلم بالحديث انتهى، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (1063).

(3)

أخرجه أبو الحسن بن صخر في فوائده كما في الكنز (2770)، وأخرجه أيضا ابن عدي في الكامل (3/ 56) في ترجمة خارجة بن مصعب. وخارجة هذا قال الحافظ في التقريب (1612) متروك وكان يدلس عن الكذابين ويقال إن ابن معين كذبه. وقال المناوي (2/ 60): وهو غريب ضعيف، وقال الألباني في ضعيف الجامع (1065) والسلسلة الضعيفة (2863) ضعيف جدا.

ص: 602

1323 -

"اقرأ القرآن في كل شهر، اقرأه في عشرين ليلة، اقرأه في عشر، اقرأه في سبع، ولا على ذلك"(ق د) عن ابن عمر (ح) ".

(اقرأ القرآن) جميعه (في كل شهر) بأن يجعل لكل يوم قسطا من قراءته. (اقرأه في عشرين ليلة) إن أطقت ذلك (اقرأه في عشر) من الليالي (اقرأه في سبع) وكأن هذا خطاب لمن قال: إني أطيق أقرب من شهر ومن عشرين ومن عشر فبان له إلى سبع، وكأنه قال: إني أطيق أقرب من ذلك فقال (ولا تزد على ذلك) لا تقرأه في أقل منهما وقد عارضه: "اقرأ القرآن في ثلاث إن استطعت"(1) والجمع أن النهي عن الزيادة لمن لم يستطع فلا يتكلف وأطلق لمن يطيق ذلك كما يرشد إليه قوله: "إن استطعت هذا" وقد ذهب إلى تحريم قراءته في أقل من ثلاث أبو محمد بن حزم كما في المحلى وشرحه (2)(ق د عن ابن عمرو)(3) وفي الحديث قصة.

1324 -

"اقرأ القرآن في أربعين (ت عن ابن عمرو) "(ح).

(اقرأ القرآن في أربعين) يومًا وهذا أبعد ما ورد من التقادير فلا تقرأه فيما هو أكثر منها إذ غاية ما ورد فيه هذا (ت عن ابن عمرو) رمز المصنف لحسنه (4).

1325 -

"اقرأ القرآن في خمس هب عن ابن عمرو".

(اقرأ القرآن في خمس) هذا كله تخيير له (هب عن ابن عمرو) سكت عليه المصنف وقال الشارح: رمز لضعفه (5).

(1) انظر: المحلى لابن حزم (3/ 54).

(2)

أخرجه النسائي في الكبرى (5/ 25)، والطبراني في الكبير (6/ 51 رقم 5481).

(3)

أخرجه البخاري (5054)، ومسلم (1159)، وأبو داود (1388).

(4)

أخرجه الترمذي (2947) وقال: حسن. وحسنه الألباني في صحيح الجامع (1154) وفي السلسلة الصحيحة (1512).

(5)

أخرجه البيهقي في الشعب (2165) والطبراني في الكبير، وأحمد (2/ 195) والطيالسي (2256). وصححه الألباني في صحيح الجامع (1156) وفي السلسلة الصحيحة (1513).

ص: 603

1326 -

"اقرأ القرآن في ثلاث إن استطعت (حم عن سعيد بن المنذر) ". (اقرأ القرآن في ثلاث إن استطعت) قيده بالاستطاعة في هذا وكأنه أخر رتب تجزئته وليس المراد كل يوم ثلاث كما قيل: بل المراد إتمامه في الثلاث على أي أسلوب كان (حم عن سعيد بن المنذر)(1) صحابي من أهل الصفة (2).

1327 -

"اقرأ القرآن ما نهاك فإن لم ينهك فلست تقرؤه (فر عن ابن عمرو) ".

(اقرأ القرآن ما نهاك) مدة انتهائك بنواهيه وائتمارك بأوامره فإنها داخلة في العبارة فإنه بأمره لك بالواجب يلزم نهيك عن التفريط فيه (فإذا لم ينهك فلست تقرأه) وإن قرأت ألفاظه فإنه ليس المراد فيه إلا العمل به والتدبر لمعانيه والانقياد لزواجره ونواهيه (فر عن ابن عمرو)(3).

1328 -

"اقرءوا القرآن بالحزن فإنه نزل بالحزن (ع طس حل عن بريدة) ".

(1) أخرجه أحمد، والطبراني (6/ 51، رقم 5481). قال الهيثمي (2/ 268): رواه أحمد والطبرانى في الكبير، وفيه ابن لهيعة، وفيه كلام. وقال في (7/ 171): رواه أحمد وفيه ابن لهيعة، وحديثه حسن، وفيه ضعف. وأخرجه أيضًا: ابن المبارك (1/ 452، رقم 1274)، وأبو نعيم في المعرفة (3/ 1264 رقم 3183) من طريق الحسن بن سفيان.

وصححه الألباني في صحيح الجامع (1155) وفي السلسلة الصحيحة (1512).

(2)

انظر الإصابة (3/ 115).

(3)

أخرجه الديلمي من طريق الطبراني (1/ 1/ 54) كما في السلسلة الضعيفة للألباني (6/ 34 رقم 2524). وأخرجه أيضًا: الطبراني في مسند الشاميين (2/ 282)(1345) والقضاعي في مسند الشهاب (1/ 245)(392) بزيادة في أوله "رب حامل فقه غير فقيه ومن لم ينفعه فقهه علمه ضره جهله

" وقال أبو الفضل العراقي في المغني عن حمل الأسفار (1/ 223) سنده ضعيف. قال المنذري (1/ 74، رقم 216): رواه الطبراني في الكبير وفيه شهر بن حوشب أورده الذهبي في المغني (2803) وقال قال أبو حاتم ما هو بدون أبي الزبير وقال النسائي وغيره ليس بالقوي. وقال الحافظ في التقريب (2830) صدوق كثير الإرسال والأوهام. وفي سنده أيضًا عبد العزيز بن عبيد الله بن حمزة الحمصي قال الحافظ في التقريب (4111) ضعيف ولم يرو عنه غير إسماعيل بن عياش. وصعفه الألباني في ضعيف الجامع (1066) وفي السلسلة الضعيفة (2524).

ص: 604

(اقرءوا القرآن بالحزن) في القاموس (1): القراءة بالتحزين ترقيق الصوت (فإنه نزل بالحزن) أي نزل ليحزن القلوب لما فيه من الوعيد [1/ 379] وبما فيه من الوعد لأنه يحزن إذا كان ممن يحل به الأول ويفوته الثاني وبما فيه من أخبار القرون الأولى وما حل من عقوبات الذنوب (ع طس حل عن بريدة)(2) قال العراقي: إسناده ضعيف لضعف إسماعيل بن سيف.

1329 -

"اقرأ بِالْمُعَوِّذَاتِ في دُبُرِ كل صلاة (د ت طب عن عقبة بن عامر) (صح) ".

(اقرأ المعوذات) بكسر الواو جمع معوذه اسم فاعل من عوذه، جعلها معوذه مجازا لأنه يعوذ بها والمعوذ فاعل العوذة والمراد بهما سورة الفلق وسورة الناس والجمع يطلق على الاثنين مجازًا أو بناء على أنه أقل الجمع ويحتمل أنه أطلق عليه حقيقة لأن كل آية معوذة (في دبر كل صلاة) في القاموس (3): الدبر بالضم وبضمتين نقيض القبل ومن كل شيء عقبه والمراد هنا عقب الصلاة وظاهره عموم الفرض والنفل وإن كانت الإضافة عهدية والفرائض هي المعهودة (د ت طب عن عقبة بن عامر) رمز المصنف لصحته وقد صححه

(1) القاموس المحيط (ص 1535).

(2)

أخرجه الطبراني في الأوسط (3/ 193، رقم 2902)، قال الهيثمي (7/ 170): فيه إسماعيل بن سيف، وهو ضعيف. وقال الذهبي في الميزان (1/ 391): بصري يروي عنه عبدان الأهوازي، وقال: كانوا يضعفونه. وقال ابن عدي: كان يسرق الحديث، روى عن الثقات أحاديث غير محفوظة. قال الألباني: وهذا إعلال قاصر، فمن فوقه أسوأ حالاً منه، يعني (عون بن عمرو).

وقال المناوي في الفيض (2/ 62) فيه أيضًا عون بن عمرو أورده الذهبي في "الضعفاء"(4778) وقال قال ابن معين: لا شيء، وقال البخاري: منكر الحديث مجهول. انظر الميزان (5/ 369) وأبو يعلى كما في المطالب العالية (14/ 369، رقم 3487)، وإتحاف الخيرة المهرة (8/ 257، رقم 8023). وأخرجه أيضًا: الديلمي (313)، وأبو نعيم في الحلية (6/ 196).

وقال الألباني في ضعيف الجامع (1064) والسلسلة الضعيفة (2523): ضعيف جدًا.

(3)

القاموس المحيط (ص 498).

ص: 605

الحاكم وحسنه الترمذي ورواه النسائي (1).

1330 -

"اقرءوا القرآن ما ائْتَلَفَتْ عليه قُلُوبُكُمْ فإذا اختلفتم فيه فقوموا (حم، ق، ن عن جندب) "(صح).

(اقرأوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم) ما دامت قلوبكم ألفة لقراءته محبة لها آنسة بها (فإذا اختلفتم فيه) بأن صارت قلوبكم في فكر شيء يخرجكم عن تدبر معانيه (فقوموا عنه) فللقلوب إدبار وإقبال ويحتمل أن المراد اقرأوه مجتمعين ما دمتم غير متفرقين في معانيه أو حروف قراءته متجادلين فإذا اختلفتم وتجادلتم فقوموا عنه (حم ق ن عن جندب)(2).

1331 -

"اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه اقرءوا الزَّهْرَاوينِ البقرة وآل عمران فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غَمَامَتَانِ أو غَيَايتان أو كأنهما فِرْقَان من طير صوافِّ يحاجَّان عن أصحابهما اقرءوا سورة البقرة فإن أخذها بركة وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ ولا يسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ (حم م عن أبي أمامة) "(صح).

(اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شافعًا لأصحابه) هم الذين يقرأونه متدبرين له عاملين بما فيه ثم حث على قراءة سور معينة زيادة خصوصية في الشفاعة.

(اقرءوا الزهراوين) تثنية زهراء بمعنى منيرة والإنارة الإضاءة الكاملة جعلتا منيرتين أما لأنهما نور لأصحابهما في الآخرة أو لما فيهما من تنوير قلب قارئهما أو من المعاني المنيرة (البقرة وآل عمران) عطف بيان لما قبلهما (فإنهما يأتيان

(1) أخرجه أبو داود (1523)، والطبراني (17/ 294)، رقم (811)، وابن حبان (رقم 2004). وأخرجه أيضًا: النسائي (3/ 68)، وابن خزيمة (755)، والحاكم (1/ 383) وقال: صحيح على شرط مسلم. والبيهقي في شعب الإيمان (2565). وصححه الألباني في صحيح الجامع (1159) وفي السلسلة الصحيحة (1514).

(2)

أخرجه أحمد (4/ 313)، والبخاري (5060)، ومسلم (2667)، والنسائي في الكبرى (8098)، والدارمي (3360)، وأبو عوانة (3900)، وابن حبان (732).

ص: 606

يوم القيامة كأنهما غمامتان) هو محمول على الحقيقة وأنه تعالى يجعل المعاني في النشأة الأخرى أعيانا وأجساما كما قدمنا الإشارة إلى ذلك ومن يأبى ذلك يحمله على التمثيل والغمامة: السحابة البيضاء (أو غيايتان) بالغين المعجمة فمثناة تحتية ثم ألف ثم مثناة تحتية ثم فوقية وهي كل ما أظل الإنسان فوق رأسه من سحابة وغيرها ويحتمل أنه شك من الراوي هل قال هذا اللفظ أو هذا (أو كأنهما فرقان) بكسر الفاء وسكون الراء ثم قاف والفرق القطعة من الغنم أي كأنهما قطعتان (من طير) جمع طائر وقد يقع على الواحد وهو هنا جمع لوصفه بالجمع وهو (صواف) جمع صافة وهو الطائر الباسط جناحيه وإذا لم تكن الواو شك من الراوي في الثاني فالمراد أنهما يأتيان مشابهان لهذا وهذا وهذا (تحاجان عن أصحابهما) تجادلان عنهم بالشفاعة بدليل صدر الحديث أو تجادلان عنه عند السؤال إذا خرس لسانه وتقلصت شفتاه وضاعت معاذيره (اقرءوا سورة البقرة) تخصيص بعد تخصيص فإنه عم أولاً بقراءة القرآن ثم خصص الزهراوين ثم خص البقرة دلالة على عظم شأنها (فإن أخذها بركة) لقارئها (وتركها حسرة) يعرف العبد ذلك في الآخرة (ولا تستطيعها) أي قراءتها (البطلة) قيل: السحرة وذلك لما فيها من ذكر حديث السحر وتعليمه وقيل كل ذي باطل وعدم الاستطاعة عبارة [1/ 380] عن الخذلان وانتفاء النشاط عن تلاوتها وعدم التوفيق لذلك (حم م عن أبي أمامة)(1) رمز المصنف لصحته.

1332 -

"اقرءوا القرآن واعملوا به ولا تجفوا عنه ولا تغلوا فيه ولا تأكلوا به ولا تستكثروا به (حم ع طب هب عن عبد الرحمن بن شبل) ".

(اقرءوا القرآن واعملوا به) فإنه لذلك أنزله الله تعالى (ولا تجفوا عنه) بالمثناة الفوقية فجيم ساكنة من الجفاء وهو البعد عن الشيء أي تعاهدوه ولا تبعدوا

(1) أخرجه أحمد (5/ 249). ومسلم (804).

ص: 607

عن تلاوته وتقدم أن أطول مدة أذن بالبعد في إتمامه أربعون يومًا (ولا تغلوا فيه) من الغلو وهو التشدد في الشيء ومجاوزة الحد وفي معناه: "حامل القرآن غير الغالي فيه ولا الجافي عنه"، قال في النهاية (1): إنما قال ذلك لأن من أخلاقه وآدابه التي أمر بها التوسط في الأمور وخير الأمور أوساطها كلا طرفي قصد الأمور ذميم انتهى. ولعل المراد بالغلو المبالغة في تلاوته والمسارعة في ختمه كما يرشد إليه الجفاء وهو البعد عنه (ولا تأكلوا به) لا تجعلونه مكسبا تأكلون به أموال الناس كما يفعله المرتزقة بتلاوته.

إن قلت: حديث البخاري: "إن أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب الله"(2) يعارضه.

قلت: قيل ذلك أي حديث النهي عن الأكل به فيما إذا تعين عليه تعليمه فإنه لا تحل له الأجرة لأنها على واجب وعليه يحمل حديث أبي داود عن عبادة بن الصامت: أنه علَّم رجلاً من أهل الصفة فأهدى له قوسًا فقال له صلى الله عليه وسلم: "إن سرك أن يطوق بها طوقًا من نار فاقبلها (3).

وأجاب من أجاز أخذ الأجرة مطلقًا بضعف الحديث، وقيل: التعليم على ثلاثة وجوه:

أحدها: للحسبة فلا يأخذ به عوضًا. الثاني: أن يعلم بالأجرة. الثالث: أن يعلم بغير شرط وإذا أهدي إليه قبل.

فالأول مأجور وعليه عمل الأنبياء والرسل، والثاني مختلف فيه والأرجح الجواز. والثالث يجوز مطلقًا لأنه صلى الله عليه وسلم كان معلمًا للخلق وكان يقبل الهدية، قال

(1) النهاية (1/ 281).

(2)

أخرجه البخاري (5405).

(3)

أخرجه أبو داود (3416).

ص: 608

المصنف في الإتقان (1): فائدة ما اعتاده كثير من المشايخ القراء من امتناعهم من الإجازة إلا بأخذ مال في مقابلها لا يجوز إجماعًا بل إن علم أهليته وجب عليه الإجازة أو عدمها حرم عليه وليس الإجازة فيما يقابل المال ولا يجوز أخذه عليها والأجرة عليها (ولا تستكثروا به) الأخذ (حم ع طب هب عن عبد الرحمن بن شبل)(2) بكسر الشين المعجمة فموحدة ساكنة ورجاله ثقات.

1333 -

"اقرءوا القرآن بلحون العرب وأصواتها وإياكم ولحون أهل الفسق وأهل الكتابين وسيجيء قوم من بعدي يرجعون القرآن ترجيع الغناء والرهبانية والنوح لا يجاوز حناجرهم مفتونة قلوبهم وقلوب الذين يعجبهم شأنهم (طس هب عن حذيفة) ".

(اقرءوا القرآن بلحون العرب وأصواتها) في النهاية (3): اللحون والألحان جمع لحن وهو التطريب وترجيع الصوت وتحسين القراءة والشعر والغناء ويشبه أن يكون أراد هذا الذي يفعله قراء الزمان من اللحون التي يقرءون بها النظائر في المحافل فإن اليهود والنصارى يقرءون كتبهم نحوًا من ذلك انتهى.

(وإياكم ولحون أهل الكتابين وأهل الفسق) فلحون العرب وأصواتها التي لا تكلف فيها بإخراجها عن الطبع وأما حديث: "زينوا القرآن بأصواتكم"(4) وفي

(1) انظر: الإتقان (1/ 273).

(2)

أخرجه أحمد (3/ 428)، وأبو يعلى (1518)، والطبرانى كما في مجمع الزوائد (4/ 73)، قال الهيثمي (4/ 73): رواه أحمد، ورواه الطبراني في الكبير، ورجال الجميع ثقات. وقال في موضع آخر (7/ 168): رواه أحمد، والبزار بنحوه، ورجال أحمد ثقات. وقال في موضع ثالث (8/ 36): رواه الطبراني وأحمد ورجالهما رجال الصحيح. وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان (2624). وقال المناوي (2/ 65): قال ابن حجر في الفتح (9/ 101): سنده قوي.

وصححه الألباني في صحيح الجامع (1168) والسلسلة الصحيحة (260).

(3)

النهاية (4/ 242).

(4)

أخرجه أبو داود (1468)، والنسائي (1/ 348)، وابن ماجه (1342).

ص: 609

لفظ: "حسنوا القرآن بأصواتكم فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسنًا"(1) والمراد تحسين الصوت السليقي الخلقي من غير تكلف لألحان تخرجه عن طبعه (فإنه سيجيء بعدي قوم يرجعون القرآن ترجيع الغناء) قال في حال القراء: قد ابتدع الناس في قراءة القرآن أصوات الغناء، ويقال: إن أول ما غنى به من القرآن قوله تعالى: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا} [الكهف: 79] بعلو ذلك من تغنيهم بقول الشاعر:

أما القطاة فإني سوف أنعتها

نعتا يوافق عندي بعض ما فيها [1/ 381]

(والرهبانية) هو من الرهب الخوف كانوا يترهبون بالتخلي عن أشغال الدنيا وترك ملاذها والزهد فيها والعزلة عن أهلها ويعمد مشاقها حتى أن منهم من يخصي نفسه ويضع السلسلة في عنقه وغير ذلك من التعذيب (والنوح) ينوح به (لا يجاوز حناجرهم) جمع حنجرة العلقمة حيث تراه نائيًا من خارج الحلق وهو كناية عن كون التلاوة صادرة عن اللسان لا عن القلب فلا خشوع فيها ولا طلب وجه الله بها (مفتونة قلوبهم) إذ يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم (وقلوب من يعجبهم شأنهم) لغفلتهم عن المراد من التلاوة (طس هب عن حذيفة)(2).

قال ابن الجوزي في العلل: حديث لا يصح ومثله قال غيره.

(1) أخرجه الدارمي (3501)، وقال محققه: إسناده صحيح. والحاكم (1/ 768)، والبيهقي في الشعب (2141)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3145).

(2)

أخرجه الطبراني في الأوسط (7223)، قال الهيثمي (7/ 169): فيه راو لم يسم، وبقية [يعنى بن الوليد أحد الضعفاء المدلسين] أيضًا. وأخرجه ابن عدي (2/ 78 ترجمة 302 بقية بن الوليد)، والبيهقي في شعب الإيمان (2649). وقال ابن الجوزي في العلل المتناهية (1/ 118): لا يصح وأبو محمد مجهول وبقية يروي عن حديث الضعفاء ويدلسهم. وقال الذهبي في الميزان (2/ 313) والحافظ في اللسان (2/ 319): تفرد به بقية ليس بمعتمد، والخبر منكر.

وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (1067).

ص: 610

1334 -

"اقرءوا القرآن فإن الله لا يعذب قلبًا وعى القرآن (تمام عن أبي أمامة) ".

(اقرءوا القرآن فإن الله لا يعذب قلبًا) صاحب قلب (وعى القرآن) حفظه عاملاً به (تمام عن أبي أمامة)(1).

1335 -

"اقرءوا القرآن وابتغوا به الله من قبل أن يأتي قوم يُقِيمُونَهُ إقامة الْقِدْحِ يَتَعَجَّلُونَهُ وَلَا يَتَأَجَّلُونَهُ (حم د عن جابر) "(صح).

(اقرءوا القرآن وابتغوا به وجه الله) فإن المراد من تلاوته المأمور بها بأن يقرأه لتدبر معانيه ولما أعد الله من الأجر لتاليه (من قبل أن يأتي قوم يقيمونه إقامة القدح) بكسر القاف وسكون الدال المهملة وحاء مهملة هو السهم الذي كان يستقيمون به وهو أحد الأزلام أو الذي يرمى به عن القوس يقال له أول ما تقطع قطع ثم نحت ثم يبري وينتهي بريًا ثم يقوم فيسمى قدحًا ثم يراش ثم يركب نصله فيسمى سهمًا. أي يقيمون ألفاظه طلبًا للعاجل من الجاه والمال (يتعجلونه ولا يتأجلونه) يأخذون به خط العاجلة دون الاجلة (حم د عن جابر)(2) رمز المصنف لصحته.

(1) أخرجه تمام (1690)، وابن عساكر (62/ 7). وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (1068) وقال في السلسلة الضعيفة (2865) ضعيف جدًّا. في إسناده مسلمة بن علي الخشني متروك كما قال الحافظ في التقريب (6662).

(2)

أخرجه أحمد (3/ 357)، وأبو داود (830)، والبيهقي في شعب الإيمان (2643). وأخرجه أيضًا: أبو يعلى (2197). وحسنه الألباني في صحيح الجامع (1067) والسلسلة الصحيحة (259).

ص: 611