المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌النوع الرابعالاعتناء بمؤلفات الدعاة الأوائل - التوريث الدعوي

[محمد بن موسى الشريف]

الفصل: ‌النوع الرابعالاعتناء بمؤلفات الدعاة الأوائل

‌النوع الرابع

الاعتناء بمؤلفات الدعاة الأوائل

الدعاة عندما يكتبون إنما يضعون عصارة تجاربهم في مؤلفاتهم، ويقصُّون على الأجيال قصة كفاحهم، وعملهم في دعوتهم، أو يبينون لهم كيف يخطون الخطى الواثقة لاستعادة المجد لأمتهم، والملاحظ أن كثيراً من شباب الدعاة قد انصرف كلياً أو جزئياً عن مؤلفات أولئك الأئمة، وأن عدداً كبيراً من هؤلاء يجهل حتى أسماء تلك الكتب، أو أنه قد اطلع عليها منذ سنوات طويلة خلت فلم يعد يتذكر ما سطَّروه فيها، صحيحٌ أن هنالك كتباً كتبت في ظروف معينه ولم تعد ملائمة لهذا العصر إلا من باب التأريخ للدعوة، كالكتب التي ردَّت على المذاهب الشيوعية والاشتراكية والوجودية والقومية العربية، وغيرها من الكتب التي كانت نافعة في زمنها لدعاة ذلك العصر الغابر الذي أنقذنا الله تعالى منه، لكن أكثر الكتب التي كتبت ما زالت تمثِّل ضياء

ص: 58

على طريق الدعاة، ورشاداً يسترشدون به في زمانهم هذا، وإنه لمن العجيب أن يقبل الدعاة على رسائل وكتب تعد فرعاً من تلك الدوحة السامقة، ولو رجعوا إلى الأصل لاستفادوا فائدة عظيمة.

إن تضييع تلك الكتب لهو إهمال لقضية التوريث الدعوي برمتها، ودليل على هوان أولئك الأعلام على دعاة هذا العصر، الذين لو عقلوا لوضعوا تلك المؤلفات في الموضع اللائق بها، ولأسَّسوا لها اللجان والمراكز التي تستخلص أهمَّ مافيها وتنشره ليطَّلع عليه أهل هذا الزمان وليورِّثوه لمن بعدهم التوريث اللائق المطلوب (1).

(1) من تلك الكتب: ((هذا الدين)) و ((المستقبل لهذا الدين)) للأستاذ سيد قطب رحمه الله تعالى، وكتاب ((معالم على الطريق))، وكتاب ((في ظلال القرآن)) وكلاهما للأستاذ سيد أيضاً، وبعض كتب أخيه الأستاذ محمد حفظه الله تعالى، وبعض كتب الأستاذ الندوي وبعض كتب الأستاذ المودودي خاصة كتاب ((تذكرة دعاة الإسلام))، وغير ذلك من الكتب النافعة التي كادت تنسى اليوم.

ص: 59

- التوريث مع التقويم والتحسين والإضافة:

إن التوريث لا تتم فائدته، ولا يظهر أثره إلا بالإضافة عليه وتحسينه، والارتقاء به، وهذا فيه كلام تقدم قبل ذلك ذِكْرُ أهميته (1)، وقال الدكتور محمد أبو فارس موضحاً ومبيناً:

((إن مما لا شك فيه أن هذه الأمة خرّجت من الدعاة والعلماء والفقهاء والمحدِّثين والمصلحين والوعَّاظ الزاهدين وغيرهم مما لا يحصرهم كتاب، وهؤلاء عاشوا في ظروف مختلفة وأماكن متباعدة، ومع شعوب مختلفة وأجناس متعددة، فعلّموها ودعوها إلى الخير والإصلاح، وأمروها بالمعروف ونهوها عن المنكر، وواجهوا في سبيل ذلك مشاكل ومصاعب، وابتكروا من الأساليب ما عالجوا ما كان يَجِدّ من المشاكل، فأصبح عند كل قوم أو بلد أو جيل تجربة لعلمائه وفقهائه ومصلحيه ووعاظه، وكانت هذه التجارب ينقلها التلاميذ عن الشيوخ فيزيدون عليها ويحسنون فيها.

إن تجارب هؤلاء الدعاة على اختلاف ألوانهم وأجناسهم ولغاتهم وتخصصاتهم معين ثَرُّ لا ينضب، على الدعاة أن يبحثوا عن هذه الأساليب ويستفيدوا منها ويُحسِّنوها)) (2).

(1) انظر المقدمة والتمهيد.

(2)

((أسس في الدعوة)): 83 - 84.

ص: 60