المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

أصبغ في العتبية: وإذا ضرب النساء الدف فلا يعجبني التصفيق - التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب - جـ ٤

[خليل بن إسحاق الجندي]

الفصل: أصبغ في العتبية: وإذا ضرب النساء الدف فلا يعجبني التصفيق

أصبغ في العتبية: وإذا ضرب النساء الدف فلا يعجبني التصفيق بالأيدي وهو أخف من غيره.

‌الْقَسْمُ والنُّشُوزُ:

ويَجِبُ الْقَسْمُ لِلزَّوْجَاتِ دُونَ الْمُسْتَوْلَدَاتِ، والْعَبْدُ والْمَجْنُونُ والْمَرِيضُ كَغَيْرِهِمْ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرِ الْمَرِيضُ أَقَامَ عِنْدَ مَنْ شَاءَ

يعني: ويجب على كل من له زوجات أن يعدل بينهن لقوله تعالى: (فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ)[النساء: 129] وقوله تعالى: (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَاّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ)[النساء: 3] المعنى إن خفتم ألا تقدروا على العدل فانكحوا واحدة أو ما ملكت أيمانكم وذلك يدل على أن العدل واجب، وروى الترمذي حديث أبي هريرة أنه عليه الصلاة والسلام قال:"إذا كان عند الرجل امرأتان فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة وشقه ساقط".

ابن بشير: وأجمعت الأمة على وجوب القسم من حيث الجملة.

وقوله: (دُونَ الْمُسْتَوْلَدَاتِ) لا أعلم فيه خلافاً، قال في المدونة: وليس لأم الولد مع الحرة قسم، وجائز أن يقيم عند أم ولده ما شاء ما لم يضار. ووقع في نسخة ابن عبد السلام هنا: والأولى العدل وكف الأذى، ومعناه القسم وإن لم يكن واجباً بين الزوجة والمستولدة، إلا أن الأولى ما ذكره، قال: وظاهر المدونة أن كف الأذى ليس من باب الأولى وإنما هو واجب، وذكر ما ذكرناه عنها، ولم يقع ما زاد ابن عبد السلام عن المصنف عندنا.

قوله: (والْعَبْدُ والْمَجْنُونُ) هكذا وقع في أكثر النسخ بنونين وفي بعضها بياءين، والحكم في الجميع سواء.

وقوله: (فَإِنْ لَمْ يَقْدِرِ الْمَرِيضُ أَقَامَ عِنْدَ مَنْ شَاءَ) لما خرجه أبو داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى نسائه- يعني: في مرضه- فاجتمعن، فقال:"إني لا أقدر أن أدور بينكن، فإن رأيتن أن تأذن لي فأكون عند عائشة فعلتن"، فأذن له.

ص: 258

وهذا منه صلى الله عليه وسلم إنما هو تشريع لأمته، وتطييب لقلوبهن، وإلا فالقسم عليه ليس واجباً على ما نص عليه العلماء.

وَالصَّغِيرَةُ الْمَوْطُوءَةُ، وَالْمَرِيضَةُ، والْجَذْمَاءُ، وَالرَّتْقَاءُ وَالْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ، والْمُحْرِمَةُ والْمُولَى مِنْهَا، وَالْمُظَاهَرُ مِنْهَا، وشِبْهُهُنَّ كَغَيْرِهِنَّ ..

يعني: أن من قام بها مانع لا يسقط حقها وسواء كان المانع شرعياً كالظاهر أو عقلياً كالرتقاء وكلامه ظاهر.

وَعَلَى وَلِيِّ الْمَجْنُونِ أَنْ يَطُوفَ بِهِ عَلَيْهِنَّ

لما قدم أن المجنون كالصحيح، بين أن ذلك على الولي لأنه كالناظر في مصالحه.

أَمَّا الْوَاحِدَةُ فَلا يَجِبُ الْمَبِيتُ عِنْدَهُا

هكذا في الجواهر، زاد: ولكن يستحب ذلك ليحصنها، وهذا مقسيد بعدم الضرر.

فرع: ولو خاصمها الرجل في الجماع، ففي الضرر عن المشاور: أنه يقضي له عليها بأربع مرات في الليل وأربع مرات في اليوم، ونقله صاحب المعيد عن عبد الله بن الزبير، ونقل عن المغيرة: أنه يفرض له أربع مرات بين اليوم والليلة، وعن أنس بن مالك: أنه يفرض له عليها عشر مرات في اليوم والليلة.

وَلا يَدْخُلُ عَلَى ضَرَّتِهَا [338/ ب] فِي زَمَانِهَا إِلا لِحَاجَةٍ، وقِيلَ: إِلا لِضَرُورَةٍ

يعني: أنه ليس له أن يأتي في يوم واحدة ليقيم عند غيرها، واختلف هل يدخل لقضاء حاجة؟ فأجاز مالك في الموازية: أن يأتي عابراً أو لحاجة أو ليضع ثيابه عندها، وليس عند الأخرى شيء من ثيابه إذا كان منه ذلك على غير ميل ولا ضرر، وقال أيضاً: لا يقيم عند إحداهن إلا عن عذر لابد منه من اقتضاء دين أو تجارة أو علاج.

ص: 259

ابن الماجشون: ولا بأس أن يقيم بباب إحداهما يسلم من غير أن يدخل، وأن يأكل ما تبعث به إليه. واختلف إذا أغلقت إحداهما بابها دونه، فقال مالك في الموازية: إن قدر أن يبيت في حجرتها وإلا ذهب إلى الأخرى، وقال أبو القاسم: لا يذهب إلى الأخرى وإن كانت هي الظالمة.

أصبغ: إلا أن يكثر ذلك منها ولا مأوى له سواهما.

وَيَبْدَأُ بِاللَّيْلِ اخْتِيَاراً، ولا يَزِيدُ عَلَى يَوْمٍ ولَيْلَةٍ إِلا بِرِضَاهُنَّ إِلا أَنْ يَتَبَاعَدَ بَلَدَاهُمَا فَيَقْسِمُ عَلَى مَا يُمْكِنُهُ ..

قال مالك في الموازية: له أن يبدأ بالليل قبل النهار وبالنهار قبل الليل.

الباجي: لأن الذي عليه أن يكمل لكل واحدة يوماً وليلة، قال: والأظهر من قول أصحابنا يبدأ بالليل. محمد عن مالك: ولا يجوز أن يقسم لكل واحدة يومين، ولو جاز لجاز ثلاثة وأربعة.

قوله: (إِلا بِرِضَاهُنَّ إِلا أَنْ يَتَبَاعَدَ .. إلخ)، ظاهر التصور ونحوه في الباجي والجواهر.

وَلا يَجْمَعُ بَيْنَ ضَرَّتَيْنِ فِي مَكَانٍ

أما الجمع بينهما في دار واحدة ويكون لكل واحدة منزل فذلك من حقهن، فيجوز إذا رضيا.

اللخمي والمتيطي: ولا يطأ واحدة وفي البيت أخرى، ولا يجوز أن يصيب الرجل زوجته أو أمته ومعه في البيت أحد يقظان أو نائم، واختلف في جمع المرأتين في فراش واحد من غير وطء برضاهن، فمنعه مالك في كتاب محمد وكرهه ابن الماجشون، واخلتف أيضاً في الإماء، فمنعه مالك في الموازية، وكرهه مرة، وقال ابن الماجشون: لا بأس به بخلاف الحرتين، ومنع محمد بن سحنون أن يدخل الحمام بزوجتيه جميعاً، وأجازه بالواحدة.

ص: 260

وَلا يَسْتَدْعِيهُنَّ إِلَى بَيْتِهِ عَلَى التَّنَاوُبِ إِلا بِرِضَاهُنَّ

لأن من حقهن أن يأتي غليهن فإن أسقطنه جاز، وقد كان صلى الله عليه وسلم مع جلالة قدره يدور على نسائه.

وَلَيْسَت التَّسْوِيَةُ فِي الْوَطْءِ بِوَاجِبٍ مَا لَمْ يُقْصَدِ الضَّرَرُ، وكَذَلِكَ لَوْ كَفَّ لِتَتَوَفَّرَ لَذَّتُهُ فِي الأُخْرَى ..

بل يبقى على سجيته فمن دعته نفسه إليها أتاها، ولأن الوطء ينشأ عن المحبة، والمحبة لا تدخل تحت الاختيار، ومن الضرر الممنوع إذا دعته نفسه فكف لتتوفر لذته في الأخرى، وهل يتطوع لواحدة بأكثر مما يجب لها من النفقة والكسوة؟ فاختاره ابن حبيب، وقال مالك في الموازية: لا بأس أن يكسو إحداهما الخز والحلي، ما لم يكن على وجه الميل، وقال أيضاً: لا بأس بالشيء اليسير ما لم يكن على وجه الميل.

اللخمي: وهو أحسن، ولا تجب المساواة بينهما في النفقة والكسوة لأن إحداهما قد تكون ذات قدر ومنصب.

وَإِذَا تَجَدَّدَ نِكَاحُ بِكْرٍ بَاتَ عِنْدَهَا سَبْعاً، والثَّيِّبُ ثَلاثاً، سَوَاءُ الْحُرَّةُ والأَمَةُ، وَالْمُسْلِمَةُ والْكِتَابِيَّةُ، وَلا يُقْضَى ..

لما في الصحيحين عن أنس قال: "إذا تزوج البكر على الثيب أقام عندها سبعاً، وإذا تزوج الثيب أقام عندها ثلاثاً. قال خالد الحذاء: ولو قلت: رفعه لصدقت، ولكنه قال: السنة كذا.

وفي الموطأ أنه عليه الصلاة والسلام قال لأم سلمة حين تزوجها وأصبحت عنده: "ليس بك على أهلك هوان، إن شئت سبعت عندك وسبعت عندهن، وإن شئت ثلثت عندك ودرت. فقالت: ثلث".

ص: 261

ابن عبد البر: وهو حديث متصل صحيح. قال صاحب الإكمال وغيره: والمراد بالأهل في قوله عليه الصلاة والسلام: "ليس بك على أهلك" هو صلى الله عليه وسلم.

المتيطي: والمشهور أن هذا إنما يكون إذا كانت عنده امرأة غيرها، وقد يفهم ذلك من قول المصنف (تَجَدَّدَ) وحكى أبو الفرج عن مالك أن ذلك لها وإن لم يكن عنده غيرها، وقاله ابن عبد الحكم.

وقوله: (سَوَاءُ الْحُرَّةُ والأَمَةُ، وَالْمُسْلِمَةُ والْكِتَابِيَّةُ)، ظاهر قوله:(وَلا يُقْضَى) أي: لبقية نسائه مثل ما مكث عند الجديدة.

وَفِي الْقَضَاءِ لَهَا بِهِ قَوْلانِ

حكى ابن الجلاب وعبد الوهاب في كون الإقامة المذكورة حقاً للزوج للاستمتاع بالجديدة، أو حقاً لها لتزيل ما عندها من الوحش بمفارقة أهلها روايتين.

عبد الوهاب: وفائدة ذلك أنها إن كانت له جاز له فعله وتركه، وإن كانت حقاً لها لم يجز له تركه إلا بإذنها، وحكى ابن القصار: أنها لهما جميعاً، قال الباجي: وإذا قلنا أنها حق للزوجة هل يقضي بها؟ قال محمد بن أصبغ: هو حق عليه ولا يقضى بها عليه كالمتعة، وفي النوادر عن محمد بن عبد الحكم، يقضى بها عليه، والذي ذهب إليه ابن القاسم في المدونة واختاره اللخمي وغيره، أنها حق لازم على الرجل للمرأة.

وَفِي إِجَابَةِ الثَّيِّبِ إِلَى سَبْعٍ قَوْلانِ، وعَلَى الإِجَابَةِ يَقْضِي سَبْعاً سَبْعاً

القول بعدم الإجابة رواه ابن المواز عن مالك، والإجابة حكاها القاضي أبو الحسن، قال: وإذا اختارت السبع قضى لسائر نسائه سبعاً سبعاً، لقوله عليه الصلاة والسلام:"إن شئت سبعت عندك وسبعت عندهن".

اللخمي: وبهذا قال أنس بن مالك والشافعي والنخعي وابن حنبل وإسحاق.

ص: 262

ونقل ابن عبد السلام عن جماعة [339/ أ] من محقق أهل العلم أنهم فهموا الحديث على أنه إن شئت سبعاً عندك بعد الثلاث، لأنه لو حسب الثلاث في السبع ثم قضى لهن سبعاً سبعاً لم يكن للجديدة شيء اخصت به، ويدل عليه أن في بعض طرق الحديث أم سلمة، أن النبي صلى الله عليه وسلم لما تزوجها أقام عندها ثلاثاً ثم أراد أن يدور فأخذت بثوبه، فقال:"ما شئت، إن شئت أزيدك ثم قاصصتك به بعد اليوم".

وله بعد التسبيع والتثليث أن يبدأ بأيهما أحب. ابن المواز: أحب إلى أن يبدأ بالقديمة.

ابن يونس: وقاله مالك في القادم بإحداهن من سفر. ولا يتخلف العروس في هذه المدة عن الجماعة والجمعة.

ابن يونس: ويتصرف في حوائجه. وقال بعض الناس: لا يخرج وذلك حق لها عليه، وتأوله في تهذيب الطالب، فقال: يريد أنه لا يخرج لصلاة الجماعة، أما الجمعة فلا يدعها لأنها فرض عين.

وَالْمَشْهُورِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْحُرَّةِ والأَمَةِ، وقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: رَجَعَ مَالِكُ إِلَى لَيْلَتَيْنِ لِلْحُرَةِ ..

المشهور هو اختيار ابن القاسم في المدونة.

وَإِذَا ظَلَمَ فِي الْقَسْمِ فَاتَ، فَإِنْ كَانَ بِإِقَامَةٍ عِنْدَ غَيْرِهَا كَفَوَاتِ خِدْمَةِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ بِأبَقٍ، واسْتَقْرَأَ اللَّخْمِيّ فِي مَنْ لَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ فَأَقَامَ عِنْدَ إِحْدَاهُنَّ شَهْرَيْنِ ثُمَّ حَلَفَ لا يَطِأَهَا سِتَّةَ أَشْهُرٍ حَتَّى يُوَفِّيَهُنَّ أَنَّهُ لَيْسَ بِمول إِذَا قَصَدَ الْعَدْلَ أَنَّهُ لا يَفُوتُ.

القول بالفوات مذهب المدونة، وهو المنصوص لأن من حجة المقيم عندها أن تقول ليس الظلم من قبلي وحقي في القسم ثابت.

ص: 263

وقوله: (فَإِنْ كَانَ بِإِقَامَةٍ عِنْدَ غَيْرِهَا) مبالغة لأن ظلمه على وجهين، أحدهما: أن يذهب بيوم إحداهما ولا يمضي إلى الأخرى، والثاني: أن يمضي إلى الأخرى.

وتخريج اللخمي إنما في الثاني، فأشار المصنف إلى أنه لا فرق بينهما على المنصوص، والمسألة التي استقرأ منها اللخمي في السليمانية، وهي إذا كان عنده أربع نسوة فأقام عند إحداهما شهرين وأراد أن يدور على البواقي، فقالت التي أقام عندها شهرين لا تزيد على ليلة فحلف لا يطأها ستة أشهر حتى يوفي البواقي، فقال مالك: ليس بمول لأنه لم يرد الضرر وإنما أراد العدل.

اللخمي: فلو لم يلزم القضاء لكان مولياً، ورد بأنه لم يقصد الضرر بذلك بل أراد العدل، فيكون كمن حلف ألا يطأ زوجته حتى تفطم ولدها، وأجيب بأن المرضع يعود النفع إلى ولدها بخلاف هذه.

وقوله: (أَنَّهُ لا يَفُوتُ) مفعول باستقراء.

وَإِذَا وَهَبَتْ وَاحِدَةُ يَوْمَهَا لِضَرَّتَهَا فَلِلزَّوْجِ الامْتِنَاعُ لا لِلْمَوْهُوبَةِ

له الامتناع لأنه قد يكون له غرض في هذه والحق له، وفي الصحيح أن سودة لما كبرت جعلت يومها من رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم لعائشة يومين يومها ويوم سودة.

فَإِنْ وَهَبَتِ الزَّوْجَ قُدِّرَتْ كَالْعَدَمِ ولا يُخَصِّصُ هُوَ

يعني: إذا وهبت لضرتها بقسية أيام القسم على حالها ويكون للموهوبة يومان، وأما إذا وهبت للزوج فإنها تكون كالعدم فلا يخصص هو بذلك اليوم غيرها، فإن كانت النسوة أربعاً، كان أيام القسم في المسألة الأولى أربعة على حالها، وفي الثانية ثلاثة، وينبغي إذا وهبت للزوج أن تسئل هل أرادت الإسقاط أو تمليك الزوج؟ فإن أرادت الثاني فله أن يخصص بيومها من يشاء.

ص: 264

وَلَهَا الرُّجُوعُ مَتَى شَاءَتْ

يعني: في الصورتين. اللخمي: وسواء كانت الهبة مقيدة بوقت أو للأبد لأن ذلك مما تدركها فيه الغيرة، ولا تقدر على الوفاء بما وهبت إلا أن يكون اليوم أو اليومين، واختلف في بيعها اليوم وشبهه، فقال مالك في الموازية: لا أحب أن تشتري من صاحبتها يوماً ولا شهراً، وأرجو أن يكون في ليلة خفيفاً.

قيل له: فإن أرضى إحدى امرأتيه بشيء أعطاها ليومها ليكون فيه عند الأخرى، فقال: إن الناس لا يفعلون ذلك وغيره أحب إلي، وإن أذنت له أن يطأ الأخرى في يومها فلا بأس.

ابن عبد السلام: والأقرب جواز البيع ولو طلب إذنها في إجبار غيرها فلم تأذن له فيخيرها بين الطلاق وألا بيات عليها فأذنت له بسبب ذلك، ففي ذلك قولان.

خليل: وانظر هل يقيد رجوعها في هذه المسالة بما إذا لم تدخل ضرتها الأخرى في شيء كما قالوا في اعتصار الأب ما وهب لولده.

وَإِذَا أَرَادَ سَفَراً بِإِحْدَاهُنَّ فَثَالِثُهَا: إِنْ كَانَ غَزْواً أَوْ حَجّاً أَقْرَعَ وإِلا اخْتَارَ

يعني: وإذا أراد أن يسافر فهل لابد من القرعة وهي رواية ابن عبد الحكم، لما روي أنه عليه الصلاة والسلام كان إذا هم بسفر يقرع بين نسائه، أو له أن يختار وهو أيضاً مروي عن مالك، لأن المصلحة قد تكون في إقامة إحداهن إما لثقل جسم، أو لكثرة عيالها، أو لحفظها لماله، إلى غير ذلك.

ابن بشير متمماً لهذا القول: إلا أن يكون في السفر عليها معرة ومضرة فلا يجبرها عليها، أو يقرع في الحج والغزو دون غيرها وهو أيضاً لمالك، وظاهر المدونة أنه لا يقرع إلا في الغزو فقط لقوله فيها: وإن سافر لحاجة أو حج أو غزو سافر بأيتهن شاء بغير قرعة إذا كان على

ص: 265

غير ضرر ولا ميل، وإن كانت القرعة في الغزو وحده، لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم فعله فيه، فيتحصل في المسألة أربعة أقوال، لكن فهم صاحب البيان وغيره المدونة [339/ ب] على أنه يختار مطلقاً، فلا يكون في المسألة إلا ثلاثة أقولا، وطريق عبد الوهاب تخالف هذه، فإنه قال: إن كانت إحداهن تصلح دون الأخرى كان له الاختيار وإن كن كلهن يصلحن فإن كان سفر حج أو غزو أقرع، وفي سفر التجارة روايتان، ولا يحاسب من سافر بها بعد رجوعه بل يبتدئ القسم.

وَإِذَا نَشَزَتْ وَعَظَهَا ثُمَّ هَجَرَهَا ثُمَّ ضَرَبَهَا ضَرْباً غَيْرَ مَخُوفٍ، فَإِنْ ظَنَّ أَنَّهُ لا يُفِيدُ لَمْ يَجُزْ ضَرْبُهَا أَصْلاً ....

لقوله تعالى: (وَاللَاّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ)[النساء: 34] الآية، ولما كان في الآية حذف مضاف، والتقدير: تخافون ضرر نشوزهن، قال المصنف:(وَإِذَا نَشَزَتْ) ولا يقال عطفه بـ (ثُمَّ) مخالف للآية للعطف فيها بالواو والمقتضية لجواز الجمع لأن العطف في الآية باعتبار جماعة النسوة، فمنهن من يصلحهن الوعظ، ومنهن من يصلحهن الهجران، ومنهن من لا يصلحهن إلا الضرب.

وتقييد المصنف الضرب بأن يكون (غَيْرَ مَخُوفٍ) صحيح، وإذا غلب على ظنه أن الضرب لا يفيد لم يجز له ضربها، لأن المقصود صلاح الحال، والوسيلة عند ظن عدم مقصدها لا تشرع.

عياض: والنشوز: الامتناع من الزوج والاستعصاء عليه، والنشوز أصله الارتفاع، والنشز ما ارتفع من الأرض، والنشوز يطلق على الرجل والمرأة، قال الله تعالى:(وَإِنْ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً)[النساء: 128].

ص: 266

فَإِنْ كَانَ الْعُدْوَانُ مِنْهُ زُجِرَ عَنْهُ

أي: زجره الحاكم، وأما إن كان العدوان منها فإن رجا الحاكم إصلاحاً زجر الزوج كما تقدم وإلا زجرها هو، وإن كان العدوان منهما فإن الإمام يزجرهما.

فَإِنْ أَشْكَلَ ولا بَيِّنَةَ ولَمْ يَقْدِرْ عَلَى الإِصْلاحِ أَقَامَ الْحَاكِمُ أَوِ الزَّوْجَانِ أَوْ مَنْ يَلِي عَلَيْهِمَا حُكْمَيْنِ ..

قوله: (ولا بَيِّنَةَ): لأنه لو قامت لها بينة أنه يضر بها كان لها أن تفارق.

ابن الهندي في وثائقه الكبرى: ولها تطليق نفسها وإن لم تشهد البينة بتكرر الضرر، وقيل: ليس لها ذلك حتى تشهد بتكرره، فإن لم تقم بينة وادعى كل واحد إضرار صاحبه زجراً معاً، فإن تكرر تردادهما أمره القاضي أن يسكنها بين قوم صالحين وكلفهم تفقد خبرها، وإن كان ساكناً بها بين قوم هذه صفتهم لم يكلفهم نقلها عنهم، وليس عليه أن يرحلها من البادية إلى الحاضرة، ولا من طرف المدينة إلى وسطها، إلا أن لا يجد فيمن حولهما من يضمها إليه، وإن شكت الوحدة ضمت إلى الجماعة والأمن إلا أن يتزوجها على ذلك، ثم إن خفي عن الإمام الخبر وطال التكرر ولم يتبين الظالم فظاهر المذهب وهو الظاهر في النظر أنه يعمل بأمينة بل بالحكمين، والأصل في ذلك قوله تعالى:(وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقْ اللَّهُ بَيْنَهُمَا)[النساء: 35] قيل: ولا يكون الحكمان معهما ملازمين وإنما يدخلان عليهما المرة بعد المرة، قال جماعة: والآية محكمة.

المتيطي وغيره: ولم يترك العمل بها غير يحيى بن يحيى.

ابن عبد البر في تاريخه: وكان ذلك مما ينكر عليه وتابعه عليه ولده عبيد الله، وأنكر بعث الحكمين على من استفتاه فيه من القضاة، وقال: لم يحكم بذلك أحد ممن كان قبلك من

ص: 267

أئمة العدل، وجهل فإن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حكم بذلك ذكره ابن حبيب، وبعث عثمان في ذلك علياً ومعاوية، رواه ابن وهب عن ربيعة في المدونة، وقال في الكافي: يحيى بن يحيى يفتي في الحال التي يحتاج فيها إلى إرسال الحكمين بدار أمين، وجرى العمل بذلك عندنا.

خليل: وفيه نظر، وكيف يعمل بغير مقتضى الآية ويترك مدلولها، ودعوى النسخ ضعيفة فإنه لم يثبت، وقال بعض من الأندلسيين من أصحابنا ممن وافق على الحكمين: بإنه يعمل بقول أمينة أو أمين قبلهما.

ونقل عن مطرف وأصبغ وابن دينار ويقضي بذلك عليهما، وقال غيره: لا يقضي بذلك، وإنما يكون إذا اتفق الزوجان ونفقتهما عند من يقول بهما على الزوجين.

قيل: وإن وجه الإمام أمينة فإنه يقبل قولها وحدها وهي ضرورة، ونقل في الطرر عن المشاور أن الزوج إذا ادعى أنها تضر به، ودعي إلى دار أمين كان ذلك له بأي وجه ادعاه.

قوله: (أَوْ مَنْ يَلِي عَلَيْهِمَا): أي الأبوان أو الوصيان وليس للعصبة في ذلك مدخل، ومذهبنا أن للحاكم وللزوجين ولمن يلي عليهما إقامة الحكمين، وفي المدونة: قال ربيعة: لا يبعثهما إلا السلطان.

ذَكَرَيْنِ حُرَّيْنِ عَدْلَيْنِ فَقِيهَيْنِ بِذَلِكِ حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا

لا شك إذا اجتمعت في الحكمين هذه الصفات أن يجوز تحكيمهما، وأما إذا اختل بعضها ففي المدونة: لا يجوز في ذلك تحكيم عبد ولا صبي ولا مشرك أو سفيه أو امرأة ولو بعثها الإمام؛ لأن ذلك خارج عما أراده الله تعالى من الإصلاح إلى الضرر وهو لا يجوز منهم اثنان فكيف بواحد؟ ثم قال: ولو حكم الزوجان من ذكرنا أنه لا يحكم ففرق، لم يمض ذلك ولا يكون طلاقاً، لأن ذلك لم يكن على وجه تمليك الطلاق، ويدل على

ص: 268

ذلك دخول الزوجة فيه بتحكيمهما ولا مدخل للزوجة في تمليك الطلاق، وروي عن عبد الملك وأشهب وأصبغ أن تحكيم المرأة والعبد العارفين المأمونين جائز، وحكمهما لازم ما لم يكن خطأً بيناً.

وقال ابن المواز: يمضي حكم المسخوط، وحكى في تحكيم المرأة والبد والصبي الذي يعقل ثلاثة أقوال، الجواز [340/ أ] والمنع في العبد خاصة، ولا خلاف في النصراني والصبي المسلم الذي لا يعقل لا يجوز تحكيمهما.

فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَمِنْ غَيْرِهِ

أي: فإن لم يوجد أحد الحكمين على هذه الصفة من أهلها أو لم يوجدا معاً.

(فَمِنْ غَيْرِهِ) أي: غير الأهل، وظاهر كلام المصنف وهو ظاهر الآية أن كونهما من الأهل شرط واجب، وقد نص المتيطي على ذلك، وتردد اللخمي في نقض الحكم إذا حكم القاضي أجنبيين مع وجود الأهل.

ابن عبد السلام: وقال بعض الشيوخ أن هذا الشرط وكونهما فقيهين من شروط الكمال.

وَيَجُوزُ أَنْ يُقِيمَ الزَّوْجَانِ أَوْ الْوَلِيَّانِ خَاصَّةً وَاحِداً عَلَى الصِّفَةِ لا عَلَى غَيْرِهَا

ما ذكره من أن للوليين إقامة الواحد مخالف للباجي فإنه نص أن إقامة الواحد خاص بالزوجين، قال: ولا يجوز ذلك للسلطان ولا لولي اليتيمين؛ لأن في ذلك إسقاطاً لحق الزوجين، وقال اللخمي: للسلطان أن يحكم رجلاً أجنبياً لأنه إنما جعل رجلان إذا كانا من الأهل، لأن كل واحد يستبطن علم من هو من قبلهِ، فإذا خرجا عن أن يكون من الأهل أجزأ واحد، وأجزأت امرأة على الأصل.

ففي الأحكام: إنها تجزئ بالواحد، وفي هذا أيضاً مخالفة لكلام المصنف لكونه جعل للسلطان إقامة واحد، والمصنف منع من ذلك لقوله:(خَاصَّةً) فإن قيل: لم جاز هنا

ص: 269

تحكيم واحد، ولم يجز في تحكيم جزاء الصيد إلا اثنان، وقد جاء النص بتحكيم اثنين في الموضعين؟ فالجواب أن جزاء الصيد حق لله تعالى فلم يجز إسقاطه، والتحكيم هنا حق للزوجين فكان لهما إسقاطه.

وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَا جَارَيْنِ

يعني: سواء كانا من الأهل أو من غيرهم، لأن الجيران لا يخفى عليهم في الغالب أمرهما.

وَغَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا كَذَلِكَ.

أي: في النشوز وإقامة الحكمين لأن الآية عامة في الزوجين لكن الغالب إنما يحصل ذلك في المدخول بها، ونص في المدونة والموازية على ما ذكره المصنف واحتج بعضهم على صحة قول ابن لبابة في التي شرط لها زوجها في عقد نكاحها ألا يضر بها، فإن فعل فأمرها بيدها فقامت عليه بذلك قبل الدخول بها، قال ابن لبابة: لها الأخذ بشرطها، وقال غيره من معاصريه ليس لها الأخذ بذلك.

وهُمَا حَكَمَانِ وَلَوْ كَانَا مِنْ جِهَةِ الزَّوْجَيْنِ لا وَكِيلانِ عَلَى الأَصَحِّ.

يدل على أنهما حكمان دخول الزوجة في التحكيم وهي ليس لها من الطلاق شيء حتى توكل عليه.

ابن راشد: ولم أقف على القول بأنهما وكيلان. انتهى. وحكاه في الجواهر ابن عبد السلام، ولعل محل الخلاف إن ثبت أن حكمهما الزوجان لا القاضي.

فَيَنْفُذُ طَلاقُهُمَا مِنْ غَيْرِ إِذْنِ الزَّوْجِ وحُكْمِ الْحَاكِمِ

لأن حكم الحاكم لا يتوقف على رضى المحكوم عليه.

ص: 270

وَعَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا فَإِنْ لَمْ يَقْدِرَا فَإِنْ كَانَ الْمُسِيءُ الزَّوْجَ فَرَّقَا بَيْنَهُمَا، وإِنْ كَانَتِ الزَّوْجَةَ ائْتَمَنَّاهُ عَلَيْهَا أو خَالَعَا لَهُ بِنَظَرِهِمَا، وإِنْ كَانَتْ مِنْهُمَا خَالَعَا لَهُ بِمَا يَخِفُّ بِنَظَرِهِمَا ..

يعني: أنهما ينظران أولاً بالإصلاح والألفة وحسن المعاشرة، وإن لم يمكنهما ذلك انتقلا إلى الفراق، قال جماعة: ولا يعذر الحكمان قبل حكمهما.

ابن رشد: لأنهما لم يحكما في ذلك بالشهادة القاطعة وإنما يحكمان بما خلص إليهما بعد النظر.

قوله: (فَإِنْ كَانَ الْمُسِيءُ الزَّوْجَ فَرَّقَا بَيْنَهُمَا) يريد من غير أن يسقطا شيئاً من الصداق، وقاله اللخمي وغيره. وفي الكافي: ليس لهما أن يأخذا من الزوج على أن يطلق، وقد قيل ذلك جائز.

قوله: (وإِنْ كَانَتِ الزَّوْجَةَ) أي: فإن كان المسيء الزوجة فقط ائتمناه عليها وتقر عنده.

اللخمي: إلا أن يحب هو الفراق فيفترقان ولا شيء لها من الصداق. وقال عبد الملك في المبسوط: لو حكما عليها بأكثر من الصداق جاز ذلك إذا كان سداداً.

قوله: (وإِنْ كَانَتْ مِنْهُمَا) أي: الإساءة خالعا له بما يخف بنظرهما، كقول ربيعة في المدونة أعط الزوج بعض الصداق. واختلف في قول ربيعة هل هو وفاق المذهب؟ فقال أبو عمران: معنى ظلمه لها في هذا الوجه أي: بدعواها ولم يثبت ذلك، ولو ثبت ظلمه لم يجز أن يأخذ منها شيئاً على الفراق، ولو حمل كلام ربيعة على ظاهره كان مخالفاً للمذهب، فقد قال بعض شيوخ إفريقية: لا يجوز أن يخالع الرجل زوجته على أن يأخذ منها إذا كان الضرر منهما جميعاً، وهو منصوص لعلمائنا وخالفه الأكثرون منهم، وحمل كلامه على ظاهره ورآه موافقاً للمذهب، وأشار اللخمي إلى أنه إن كان ضررهما متساوياً أخذ له نصف الصداق، وإن كان الإضرار منها أكثر أخذ منها أكثر من ذلك، وفرق بين ما أشار إليه أبو عمران هنا وبين الخلع بأن الحكم ها هنا بغير الزوجين يحكمان في ذلك بالاجتهاد بخلاف الخلع.

ص: 271

فرع: قال في الموازية: وإذا تنازع أحد الزوجين أو نزعا جميعاً قبل حكم الحكمين بذلك لمن نزع إلا أن يكون السلطان هو الباعث، أو يكون النزوع بعد أن استوعبا الكشف عن أمرهما وعزما على الحكم، فلا يعتبر نزوع من نزع ويلزمه الحكم.

ابن يونس: لعله يريد إذا نزع أحدهما وأما لو نزعا جميعاً ورضيا بالإصلاح والبقاء، فينبغي ألا يفرق بينهما. وذكر بعضهم قولين في نزوع الزوجين قبل الحكم بخلاف نزوعهما بعده.

وَإِذَا حَكَمَا بِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ لَمْ يَلْزَمِ الزَّائِدُ

وفي بعض النسخ (وقيل: يلزم).

وقوله: (يَلْزَمِ الزَّائِدُ) أي: وإنما تلزم واحدة. قال في [340/ ب] المدونة: لأن ما زاد على الواحدة خارج عن معنى الصلاح.

المتيطي وابن راشد: وقال ابن القاسم في الموازوية: يلزمه ما أوقعا عليه وإن كان ثلاثاً إذا اجتمعا على ذلك وقاله أصبغ، وروى مطرف عن مالك في ثمانية أبي زيد: إذا اجتمعا على أكثر من واحدة لم يلزم الزوج شيء، يريد لأنهما قضيا بغير المشرع، وبنى الباجي القولين على الخلاف في العبد يتزوج بغير إذن السيد فيفرق بينهما بثلاث، والأمة تعتق تحت العبد فتختار نفسها بثلاث، هل يلزم البتات أو واحدة؟

وَإِذَا طَلَّقَهَا واخْتَلَفَا فِي الْخُلْعِ فَلِلْغَارِمِ الْمَنْعُ

الغارم هو المرأة. اللخمي: ولا يلزم الزوج طلاق.

عبد الملك: إلا أن تعطي له الزوجة المال فيلزم الزوجة الطلاق وتبين بذلك، ويجري فيها قول آخر: لا يلزمه الطلاق ولو أمضت له المال، قياساً على اختلاف الحكمين في العبد، فقال ابن القاسم: لا يجزئه وإن أخرج ما حكما به، وكأنه أخرج بغير حكم لأن الحكم لم يصح.

ص: 272

وفِي الْعَدَدِ: مَشْهُورُهَا وَاحِدَةُ، وثَالِثُهَا: إِنْ كَانَ الْمُخَالِفُ حَكَمَ بِاثْنَيْنِ أَوْ ثَلاثٍ فَوَاحِدَةُ وَإِنْ حَكَمَ بِالْبَتَّةِ وشِبْهِهَا لَمْ يَلْزَمْ شَيْءُ ..

يعني: فإن اختلف الحكمان في عدد الطلاق فحكم أحدهما بواحدة والآخر باثنين أو ثلاث أو البتة، ففي ذلك ثلاثة أقوال:

المشهور: لزوم الواحدة لأنهما قد اجتمعا عليها، وبناء على أن البتة تتبعض.

والثاني: عدم اللزوم لأنهما لم يتفقا. والقول الثالث: إن حكم المخالف باثنتين أو ثلاث فكالمشهور واحدة، وإن حكم بالبتة لم يلزم شيء بناءً على أنها لا تتبعض.

تنبيه:

ذكر المتيطي أن الحاكم إذا وجه الحكمين وحكما بالطلاق أنهما يأتيان الحاكم ويخبرانه بما حكما به فينفذ حمكهما، قال: وكذلك ينبغي لمن استحلفه على شيء أن يخبره.

بعض الموثقين: ورأيت لابن العطار وغيره من الموثقين أنهما يشهدان بذلك عند القاضي، ولست أرى ذلك لأن طريقهما الحكم ليس الشهادة.

وحكى ابن عبد السلام عن بعضهم أنه يثبت عند القاضي بشهادتهما أنهما رأيا اتفاقاً وأنهما حكما بكذا، وعن غيره: إنما يثبت ذلك بشهادة شاهدين عدلين يحضران إصلاحهما للقاضي بذلك.

ص: 273