الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذِكْرُ غَلَاءِ السِّعْرِ بِمَكَّةَ فِي حِصَارِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا وَذِكْرُ مَقْتَلِهِ
1673 -
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَسْلَمَ، عَنِ الْوَاقِدِيِّ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ قَالَ: رَأَيْتُ فَرَسًا لِابْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما مُعَدًّا، فَأَمَرَ بِهِ ابْنُ الزُّبَيْرِ فَذُبِحَ ثُمَّ قُسِمَ بَيْنَ أَصْحَابِهِ
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ: فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ فَقَالَ: حَدَّثَتْنِي فَاطِمَةُ بِنْتُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما قَالَتْ: " أَكَلْنَا لَحْمَ فَرَسٍ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم "
قَالَ الْوَاقِدِيُّ، وَحَدَّثَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ:" رَأَيْتُ الْعُبَّادَ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما يَأْكُلُونَ الْبَرَاذِينَ فِي حَصْرِ ابْنِ الزُّبَيْرِ "
قَالَ الْوَاقِدِيُّ، وَحَدَّثَنَا رَبَاحُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:" " رَأَيْتُ الدَّجَاجَةَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، وَاشْتَرَيْتُ مُدًّا مِنْ ذُرَةٍ بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَإِنَّ بُيُوتَ ابْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما تَقْصِفُ تَمْرًا وَشَعِيرًا وَذُرَةً وَقَمْحًا، وَلَكِنَّهُ كَانَ مَعْذُورًا " "
قَالَ الْوَاقِدِيُّ، وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ قَالَ:" رَأَيْتُ تَاجِرًا قَدِمَ مِنْ جُدَّةَ فَدَخَلَ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ بِأَحْمِرَةٍ تَحْمِلُ قَمْحًا، فَرَأَيْتُهُ يَبِيعُ الصَّاعَ مِنَ الطَّعَامِ بِمَا احْتَكَمَ، وَرَأَيْتُ صَيَّادًا قَدِمَ بِحِيتَانٍ قَشِيرٍ، فَبَاعَ كُلَّ حُوتٍ بِدِرْهَمٍ "
قَالَ الْوَاقِدِيُّ، وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ:" كُنَّا مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما، فَبَلَغَ مِنَّا الْجَهْدُ، فَأَرْسَلْنَا إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ نُخْبِرُهُ بِحَالِنَا، وَأَنَّ مَعَنَا نَفَقَةً لَا نَجِدُ مَا نَبْتَاعُ، فَإِمَّا أَنْ يُرْسِلَ إِلَيْنَا بِمَا نَتَقَوَّى بِهِ، وَإِمَّا أَنْ يَأْذَنَ لَنَا فِي الْخُرُوجِ إِلَى بِلَادِنَا فَنَحْمِلَ مَا نَتَقَوَّى بِهِ فَقَالَ: اللَّيْلَةَ أَبْعَثُ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا أَمْسَيْنَا انْتَظَرْنَا وَنَحْنُ فِي الْبُيُوتِ عِشْرُونَ رَجُلًا، فَإِذَا رَسُولُهُ قَدْ أَرْسَلَهُ بِغِرَارَةٍ فِيهَا نَحْوٌ مِنْ صَاعَيْنِ، وَيَقُولُ الرَّسُولُ: يَقُولُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ: تَبَلَّغُوا بِهَذَا إِلَى أَنْ يَأْتِيَكُمُ اللهُ بِخَيْرٍ قَالَ: فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ ارْتَحَلْنَا، فَوَاللهِ إِنْ أَصْبَحَ مَعَهُ مِنَّا مُخْبِرٌ، وَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ صَفْوَانَ فَلَامَهُ لَوْمًا شَدِيدًا "
قَالَ الْوَاقِدِيُّ، وَحَدَّثَنِي شُرَحْبِيلُ بْنُ أَبِي عَوْنٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:" كَانَ الْجُوعُ يَبْلُغُ مِنَّا حَتَّى مَا يَحْمِلُ الرَّجُلُ سِلَاحَهُ، فَأَغْدُو إِلَى زَمْزَمَ وَيَغْدُو مَعِي أَصْحَابِي فَنَشْرَبُ فَنَجِدُهَا عِصْمَةً "
قَالَ الْوَاقِدِيُّ، وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي هَارُونَ قَالَ:" رَأَيْتُ الرَّجُلَ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهم يُقَاتِلُ وَمَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَحْمِلَ السِّلَاحَ كَمَا يُرِيدُ، وَمَا كَانُوا يَسْتَغِيثُونَ إِلَّا بِزَمْزَمَ "
قَالَ الْوَاقِدِيُّ، وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ:" رَأَيْتُ حِجَارَةَ الْمَنْجَنِيقِ تُرْمَى بِهَا الْكَعْبَةُ تَجِيءُ كَأَنَّهَا جُيُوبُ النِّسَاءِ، وَرَأَيْتُ كَلْبًا رُمِينَا بِهِ فَكَفَأَ قِدْرًا لَنَا فِيهَا جَشِيشٌ، فَأَخَذْنَا الْكَلْبَ فَذَبَحْنَاهُ فَوَجَدْنَاهُ كَثِيرَ الشَّحْمِ، فَكَانَ خَيْرًا لَنَا مِنَ الْجَشِيشِ وَأَشْبَعَ "
قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ عَمِّهِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: " كُنْتُ إِلَى جَنْبِ ابْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما وَهُوَ يُصَلِّي خَلْفَ الْمَقَامِ وَحِجَارَةُ الْمَنْجَنِيقِ تَهْوِي مُلَمْلَمَةٌ مَلْسَاءُ كَأَنَّهَا خُرِطَتْ، وَمَا يُصِيبُهُ مِنْهَا شَيْءٌ، فَوَقَفَ عَلَيْهِ مَوْلًى لَهُ يُقَالُ لَهُ يَسَارٌ، فَقَالَ: قَدِمَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ وَرَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ وَسَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ رضي الله عنهم آنِفًا، فَكَلَّمُوا الْحَجَّاجَ فِي أَنْ يَدَعَهُ، فَإِنَّهُ قَدْ مُنِعَ النَّاسُ مِنَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، فَأَرْسَلَ إِلَى أَصْحَابِ الْمَنْجَنِيقِ وَعَلَيْهِمْ طَارِقُ بْنُ عَمْرٍو أَنْ يَكُفُّوا، فَكَفُّوا حَتَّى صَدَرَ النَّاسُ مِنَ الطَّوَافِ، فَأَرْسَلَ إِلَى أَصْحَابِ الْمَنْجَنِيقِ وَعَلَيْهِمْ طَارِقُ بْنُ عَمْرٍو، فَكَانَ مِنْ قَوْلِ الْحَجَّاجِ: إِنِّي لَكَارِهٌ لِمَا تَرَوْنَ، وَلَكِنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ لَجَأَ إِلَى الْبَيْتِ، وَالْبَيْتُ لَا يَمْنَعُ خَالِعَ طَاعَةٍ وَلَا عَاصِيًا، وَلَوْ أَنَّهُ اتَّقَى اللهَ تَعَالَى
⦗ص: 373⦘
وَخَرَجَ إِلَيْنَا فَأَصْحَرَ لَنَا، فَإِمَّا أَنْ يَظْفَرَ وَإِمَّا أَنْ نَظْفَرَ بِهِ، فَيَسْتَرِيحُ النَّاسُ مِنْ هَذَا الْحَصْرِ قَالَ: فَدَخَلَ الْقَوْمُ الْمَسْجِدَ وَقَدْ كُفُوا رَمْيَ الْمَنْجَنِيقِ، فَمَرُّوا بِابْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي خَلْفَ الْمَقَامِ، فَتَرَكُوهُ حَتَّى طَافُوا بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ عَادُوا إِلَيْهِ فَذَكَرُوا لَهُ مَا قَالَ لَهُمُ الْحَجَّاجُ، فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما: لَوْ كَانَ لِهَذَا كَارِهًا لَمْ يَرْمِ الْكَعْبَةَ نَفْسَهَا، وَاللهِ مَا تَقَعُ حِجَارَتُهُ إِلَّا فِيهَا قَالَ: فَنَظَرَ الْقَوْمُ إِلَى الْكَعْبَةِ مُتَوَهِّنَةً مِنَ الْحِجَارَةَ "
قَالَ الْوَاقِدِيُّ، وَحَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ مَوْلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما قَالَتْ: لَمَّا كَانَ قَبْلَ قَتْلِ ابْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما بِيَوْمٍ قَالَتْ أُمُّهُ: خَذَلُوهُ وَأَحَبُّوا الْحَيَاةَ وَلَمْ يَنْظُرُوا لِدِينِهِمْ وَلَا لِأَحْسَابِهِمْ ثُمَّ قَامَتْ تُصَلِّي وَتَدْعُو وَتَقُولُ: " اللهُمَّ إِنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ كَانَ مُعَظِّمًا لِحُرْمَتِكَ، كَرِيهٌ إِلَيْهِ أَنْ تُعْصَى، وَقَدْ جَاهَدَ فِيكَ أَعْدَاءَكَ، وَبَذَلَ مُهْجَةَ نَفْسِهِ لِرَجَاءِ ثَوَابِكَ، اللهُمَّ فَلَا تُخَيِّبْهُ، اللهُمَّ ارْحَمْ طُولَ ذَلِكَ السُّجُودِ وَالنَّحِيبِ، وَطُولَ ذَلِكَ الظَّمَأِ فِي الْهَوَاجِرِ، اللهُمَّ لَا أَقُولُ ذَلِكَ تَزْكِيَةً لَهُ، وَلَكِنَّهُ الَّذِي أَعْلَمُ، وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ، اللهُمَّ وَكَانَ بَرًّا بِالْوَالِدَيْنِ " قَالَ: فَلَمَّا أَصْبَحْنَا يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ جَاءَ أُمَّهُ فَوَدَّعَهَا، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ عِنْدَهَا، فَأَصَابَتْهُ رَمْيَةٌ فَوَقَعَ، فَتَغَاوَرُوا عَلَيْهِ فَقَتَلُوهُ
قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَحَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ عَمِّهِ أَبِي الْحَارِثِ قَالَ: إِنَّ أَسْمَاءَ رضي الله عنها قَالَتْ لَهُ: " تَصَبَّرْ لِلَّهِ فَانْصَرَفَ مِنْ عِنْدِهَا وَهُوَ يَقُولُ:
⦗ص: 374⦘
[البحر الرجز]
إِنِّي إِذَا أَعْرِفُ يَوْمِي أَصْبِرُ
…
وَبَعْضُهُمْ يَعْرِفُ ثُمَّ يُنْكِرُ
فَفَهِمَتْ قَوْلَهُ، قَالَتْ لَهُ: تَصَبَّرْ وَاللهِ إِنْ شَاءَ اللهُ، أَلَيْسَ أَبُوكَ الزُّبَيْرَ "
1674 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الْمُحَيَّاةِ، عَنْ أُمِّهِ، قَالَتْ:" لَمَّا قَتَلَ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما، دَخَلَ الْحَجَّاجُ عَلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما، فَقَالَ: يَا أُمَّهْ، إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَوْصَانِي بِكِ، فَهَلْ لَكِ مِنْ حَاجَةٍ؟ فَقَالَتْ: مَا لِي مِنْ حَاجَةٍ، وَلَسْتُ بِأُمٍّ لَكَ، وَلَكِنِّي أُمُّ الْمَصْلُوبِ عَلَى رَأْسِ الثَّنِيَّةِ، فَانْظُرْ حَتَّى أُحَدِّثَكَ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " يَخْرُجُ فِي ثَقِيفٍ كَذَّابٌ وَمُبِيرٌ " فَأَمَّا الْكَذَّابُ فَقَدْ رَأَيْنَاهُ، وَأَمَّا الْمُبِيرُ فَأَنْتَ فَقَالَ الْحَجَّاجُ: مُبِيرُ الْمُنَافِقِينَ
1675 -
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي بَزَّةَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ
⦗ص: 375⦘
قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما بَعْدَمَا قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما وَصُلِبَ عَلَى ثَنِيَّةِ الْمَدَنِيِّينَ، فَقَالَ لِي:" يَا نَافِعُ، إِذَا بَلَغْنَا الثَّنِيَّةَ فَأَتَيْنَا ابْنَ الزُّبَيْرِ فَأَخْبِرْنِي حَتَّى أُسَلِّمَ عَلَيْهِ " قَالَ نَافِعٌ: فَنَعِسْنَا بِأَصْلِ الثَّنِيَّةِ، فَمَا فَزِعْنَا إِلَّا وَبِالْحِمَارِ مِنْ تَحْتِهِ، فَفَتَحْتُ عَيْنَيَّ فَإِذَا بِهِ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، هَذَا ابْنُ الزُّبَيْرِ فَقَالَ:" سَلَامٌ عَلَيْكَ يَا أَبَا خُبَيْبٍ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، أَمَا وَاللهِ لَمَنْ كَبَّرَ عَلَيْكَ يَوْمَ وُلِدْتَ خَيْرٌ مِمَّنْ كَبَّرَ عَلَيْكَ يَوْمَ قُتِلْتَ، وَلَقَدْ كُنْتَ صَوَّامًا قَوَّامًا، وَلَكِنَّكَ أَنْزَلْتَ الدُّنْيَا حَيْثُ لَمْ يُنْزِلْهَا اللهُ تَعَالَى، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا خُبَيْبٍ، سِرْ بِنَا يَا نَافِعُ "
1676 -
حَدَّثَنِي أَبُو الْفَضْلِ عَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: " رَأَيْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما مَصْلُوبًا، وَرَأَيْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما أَقْبَلَ عَلَى بَغْلَةٍ صَفْرَاءَ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ، وَطَلَبَ إِلَى الْحَجَّاجِ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي دَفْنِهِ، فَأَمَرَهُ فَذَهَبَ فَدَفَنَهُ "
1677 -
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ، قَالَ: أنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ
⦗ص: 376⦘
أُمِّهِ، قَالَتْ:" لَمَّا صُلِبَ ابْنُ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما دَخَلَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما الْمَسْجِدَ وَذَلِكَ حِينَ قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَهُوَ مَصْلُوبٌ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ فَمَالَ إِلَيْهَا فَعَزَّاهَا، وَقَالَ: " إِنَّ هَذِهِ الْجُثَثَ لَيْسَتْ بِشَيْءٍ، وَإِنَّمَا الْأَرْوَاحُ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى، فَاتَّقِي اللهَ وَعَلَيْكِ بِالصَّبْرِ " فَقَالَتْ: وَمَا يَمْنَعُنِي أَنْ أَصْبِرَ وَقَدْ أُهْدِيَ رَأْسُ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا إِلَى بَغِيٍّ مِنْ بَغَايَا بَنِي إِسْرَائِيلَ "
1678 -
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ فُلَانِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ:" لَمَّا قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما دَخَلَ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ مَنْزِلَهُ، فَوَجَدَ فِيمَا وَجَدَ فِيهِ صُنْدُوقًا صَغِيرًا عَلَيْهِ سَبْعَةُ أَقْفَالٍ، فَكَتَبَ فِيهِ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ: إِنِّي وَجَدْتُ فِي مَنْزِلِ ابْنِ الزُّبَيْرِ صُنْدُوقًا عَلَيْهِ سَبْعَةُ أَقْفَالٍ، وَقَدْ ظَنَنْتُ أَنَّهُ جَوْهَرٌ أَوْ شَيْءٌ اسْتَأْثَرَ بِهِ لَهُ قِيمَةٌ، وَقَدْ كَفَفْتُ عَنْ فَتْحِهِ، فَيَكْتُبُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِيهِ بِرَأْيِهِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ: أَحْضِرْ إِلَيْهِ جَمَاعَةً مِنْ قُرَيْشٍ ثُمَّ افْتَحْهُ بِحَضْرَتِهِمْ حَتَّى تَفْضَحَهُ بِمَا فِيهِ قَالَ: فَأَحْضَرَ الْحَجَّاجُ جَمَاعَةً مِنْ قُرَيْشٍ، ثُمَّ أَمَرَ بِالصُّنْدُوقِ فَفُتِحَ، فَإِذَا فِيهِ وَرَقٌ أَصْفَرُ مَلْفُوفٌ فِي خِرْقَةٍ، فَقَرَأَ فَإِذَا فِيهِ: إِذَا كَانَ الشِّتَاءُ قَيْظًا، وَفَاضَ اللِّئَامُ فَيْضًا، وَغَاضَ الْكِرَامُ غَيْضًا، وَصَارَ الْبَغِيضُ إِلْفًا، وَالْحَدِيثُ خُلْفًا، فَعَشْرُ شُوَيْهَاتٍ عُفْرٍ، فِي جَبَلٍ وَعُسْرٍ، خَيْرٌ مِنْ مُلْكِ بَنِي النَّضْرِ حَدَّثَنِي ذَاكُمْ كَعْبٌ الْحَبْرُ "
1679 -
وَحَدَّثَنِي أَبُو زُرْعَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُ: " لَمَّا قَتَلَ الْحَجَّاجُ عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما أَخَذَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَمْوَالَ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَأَوْدَعَهَا قَوْمَهُ، ثُمَّ لَحِقَ بِعَبْدِ الْمَلِكِ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى الْبَابِ قَالَ لِلْبَوَّابِ: قُلْ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بِالْبَابِ قَالَ: مَنْ أَبُو عَبْدِ اللهِ؟ قَالَ: قُلْ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ فَدَخَلَ الْحَاجِبُ، فَقَالَ: إِنَّ رَجُلًا بِالْبَابِ عَلَيْهِ ثِيَابُ السَّفَرِ يَقُولُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ بِالْبَابِ قَالَ: قُلْتُ لَهُ: مَنْ أَبُو عَبْدِ اللهِ؟ قَالَ: قُلْ لَهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ بِالْبَابِ قَالَ: وَيْحَكَ ذَاكَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، ائْذَنْ لَهُ قَالَ: فَأَذِنَ لَهُ فَدَخَلَ، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِأَبِي عَبْدِ اللهِ حَتَّى أَقْعَدَهُ مَعَهُ عَلَى السَّرِيرِ، ثُمَّ قَالَ: مَا فَعَلَ أَبُو خُبَيْبٍ؟ قَالَ: قُتِلَ يَرْحَمُهُ اللهُ قَالَ: فَنَزَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَنِ السَّرِيرِ فَخَرَّ سَاجِدًا، ثُمَّ عَادَ إِلَى السَّرِيرِ قَالَ: وَجَاءَ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ الْحَجَّاجِ بِكِتَابٍ يُخْبِرُهُ فِيهِ بِقَتْلِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَأَنَّ عُرْوَةَ أَخَذَ الْأَمْوَالَ فَأَوْدَعَهَا قَوْمَهُ وَلَحِقَ بِكَ، فَأَقْرَأَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ الْكِتَابَ، فَغَضِبَ عُرْوَةُ وَقَالَ: " وَاللهِ مَا يَدَعُونَ الرَّجُلَ أَوْ يَأْخُذَ سَيْفَهُ فَيَمُوتَ كَرِيمًا "
1680 -
وَحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ قَالَ: " لَمَّا قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ
⦗ص: 378⦘
رضي الله عنهما نُقِلَتْ خَزَائِنُهُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ ثَلَاثَ سِنِينَ وَيُقَالُ: إِنَّ الْمُنْذِرَ بْنَ الزُّبَيْرِ كَانَ يُقَاتِلُ مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما وَيُقَالُ: لَا، بَلْ قَاتَلَ مَعَهُ حِينَ أَتَاهُ جَيْشُ الْحُصَيْنِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَهُوَ أَصَحُّهُمَا، فَجَعَلَ يُقَاتِلُ وَيَقُولُ:
[البحر الرجز]
لَمْ يَبْقَ إِلَّا حَسَبِي وَدِينِي
…
وَصَارِمٌ تَلْتَدُّهُ يَمِينِي
وَهُوَ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ مُخْتَبِئٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ وَيَقُولُ: هَذَا رَجُلٌ يُقَاتِلُ عَنْ حَسَبِهِ فَقُتِلَ الْمُنْذِرُ بْنُ الزُّبَيْرِ "
1681 -
فَحَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى الْفَرْوِيُّ قَالَ: قَالَ شَاعِرٌ مِنَ الْعَرَبِ أَسْمَاهُ فَذَهَبَ عَلَيَّ اسْمُهُ يَرْثِي الْمُنْذِرَ بْنَ الزُّبَيْرِ وَمُصْعَبَ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَيُذَكِّرُ بِحَرِيقِ أَهْلِ الشَّامِ الْبَيْتَ: إِنَّ الْإِمَامَ ابْنُ الزُّبَيْرِ فَإِنْ أَبَى فَذَرُوا الْخِلَافَةَ فِي بَنِي الْخَطَّابِ لَسْتُمْ لَهَا أَهْلًا وَلَسْتُمْ مِثْلَهُ فِي فَضْلِ سَابِقَةٍ وَفَضْلِ خِطَابٍ وَغَدَا النَّعِيُّ بِمُصْعَبٍ وَبِمُنْذِرٍ وَكُهُولِ صِدْقٍ سَادَةٍ وَشَبَابِ قُتِلُوا غَدَاةَ قُعَيْقِعَانَ وَحَبَّذَا قَتْلَاهُمُ قَتْلَى وَمِنْ أَسْلَابِ أَقْسَمْتُ لَوْ أَنِّي شَهِدْتُ فِرَاقَهُمْ لَاخْتَرْتُ صُحْبَتَهُمْ عَلَى الْأَصْحَابِ قَتَلُوا حَوَارِيَّ النَّبِيِّ وَحَرَّقُوا بَيْتًا بِمَكَّةَ طَاهِرَ الْأَثْوَابِ وَقَالَ: وَقُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ لِثَلَاثَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ، فَرَثَاهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعَرَبِ بِمَرَاثِيَ كَثِيرَةٍ اخْتَصَرْنَاهَا، فَقَالَ نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودٍ الشَّيْبَانِيُّ يَرْثِي عَبْدَ اللهِ وَمُصْعَبًا ابْنَيِ الزُّبَيْرِ كَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي بَكْرٍ:
⦗ص: 379⦘
أَلَا إِنَّ هَذَا الدِّينَ مِنْ بَعْدِ مُصْعَبٍ وَبَعْدَ أَخِيهِ قَدْ تَنَكَّرَ أَجْمَعُ وَأَنْ لَيْسَ لِلدُّنْيَا بَهَاءٌ وَرِيشُهَا لَقَدْ كَانَ وَحْفًا وَافِرُ الدِّينِ أَفْرَعُ فَلِلدِّينِ وَالدُّنْيَا بَكَيْنَا وَإِنَّمَا عَلَى الدِّينِ وَالدُّنْيَا لَكَ الْخَيْرُ يَجْزَعُ عَلَى ابْنِ حَوَارِيِّ النَّبِيِّ تَحِيَّةٌ مِنَ اللهِ إِنَّ اللهَ يُعْطِي وَيَمْنَعُ فَتًى كُلَّ عَامٍ مَرَّتَيْنِ عَطَاؤُهُ وَغَيْثٌ لَنَا فِيهِ مَصِيفٌ وَمَرْبَعُ فَصُمِّمَتِ الْآذَانُ مِنْ بَعْدِ مُصْعَبٍ وَمَنْ بَعْدِ عَبْدِ اللهِ وَالْأَنْفُ أَجْدَعُ وَحَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ: قَالَ سُوَيْدُ بْنُ مَنْجُوفٍ يَرْثِيهِمَا: أَلَا قُلْ لِهَذَا الْعَاذِلِ الْمُتَغَضِّبِ تَطَاوَلَ هَذَا اللَّيْلُ مِنْ بَعْدِ مُصْعَبِ وَبَعْدَ أَخِيهِ عَائِذِ الْبَيْتِ إِنَّمَا رُمِينَا بِجَدْعٍ لِلْعَرَانِينِ مُوعِبِ فَصِرْنَا كَشَاءٍ غَابَ عَنْهَا رِعَاؤُهَا مُعَطَّلَةٍ جُنْحَ الظَّلَامِ لِأَذْؤُبِ فَإِنْ يَكُ هَذَا الدَّهْرُ أَنْحَى بِنَابِهِ وَأَنْحَى عَلَيْنَا بَعْدَ نَابٍ بِمِخْلَبِ وَأَصْبَحَ أَهْلُ الشَّامِ يَرْمُونَ مِصْرَنَا بِنَبْلٍ بَرَوْهَا لِلْعَدَاوَةِ صُيَّبِ فَإِنِّي لَبَاكٍ مَا حَيِيتُ عَلَيْهِمَا وَمُثْنٍ ثَنَاءً لَيْسَ فِيهِ تَعَتُّبُ أَرَى الدِّينَ وَالدُّنْيَا جَمِيعًا كَأَنَّمَا هَوَتْ بِهِمَا بِالْأَمْسِ عَنْقَاءُ مُغْرِبِ هُمَا مَا هُمَا كَانَا لِذَا الدِّينِ عِصْمَةً فَهَلْ بَعْدَ هَذَا مِنْ بَقَاءٍ لِمَطْلَبِ فَزَادَهُمَا مِنِّي صَلَاةً وَرَحْمَةً وَحَرَّةَ ثُكْلٍ دَائِمٍ بِتَنَحُّبِ فَقَدْ دَخَلَ الْمِصْرَيْنِ خِزْيٌ وَذِلَّةٌ وَجَدْعٌ لِأَهْلِ الْمَكَّتَيْنِ وَيَثْرِبٍ وَبُدِّلْتُ مِمَّنْ كُنْتُ أَهْوَى لِقَاءَهُ مَعَاشِرَ حَيٍّ ذِي كَلَاعٍ وَيَحْصُبِ وَعَكًّا وَلَخْمًا وَالسُّكُونَ وَفِرْقَةً بَرَابِرَةَ الْأَخْلَاطِ أَخْلَاطِ سَقْلَب
⦗ص: 380⦘
ِ