المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ لا بديل عن التدبر: - الجيل الموعود بالنصر والتمكين

[مجدي الهلالي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌الفصل الأوللماذا الجيل الموعود

- ‌ أملنا في الله وحده:

- ‌ متى نصر الله

- ‌ بث الروح:

- ‌ توجيه العاطفة:

- ‌ قيادة الأمة في الضراء:

- ‌ مع الجيل الأول:

- ‌ لماذا الضراء

- ‌ قيادة الأمة في السراء:

- ‌ الاستفادة من الدروس السابقة:

- ‌الفصل الثانيمع صفات الجيل الموعود

- ‌ ليس كلامًا نظريًا:

- ‌ ضياع المجد:

- ‌ سنة الله في بني إسرائيل:

- ‌ الكرامة على قدر الاستقامة:

- ‌ مع صفات جيل التغيير:

- ‌أولًا: الإخلاص لله عز وجل

- ‌ثانيًا: تمكن حب الله من القلب

- ‌ثالثًا: الخوف الشديد من الله عز وجل

- ‌ نماذج من خوف الصحابة:

- ‌رابعًا: جيل عابد

- ‌ رهبان الليل:

- ‌خامسًا: التواضع

- ‌مع الناس

- ‌ مع الله:

- ‌ مع النفس:

- ‌ تواضع الصحابة:

- ‌سادسًا: الزهد في الدنيا

- ‌سابعًا: جيل مجاهد

- ‌ مع الصحابة وجهادهم في سبيل الله:

- ‌ وضوح الهدف:

- ‌ثامنًا: الصبر والثبات

- ‌ طريق أصحاب الدعوات:

- ‌ الصبر والثبات عند الجيل الأول:

- ‌تاسعًا: الاعتدال والتوازن

- ‌ عالم بزمانه:

- ‌ منشغل ببناء الحق:

- ‌ مع الجيل الأول:

- ‌عاشرًا: جيل مترابط متآخ ٍ

- ‌ نماذج مشرفة:

- ‌ الإيثار مع الحاجة:

- ‌الفصل الثالثكيف تحقق صفات الجيل الموعود

- ‌ المعاملة بقدر المعرفة:

- ‌ الجهل بالله:

- ‌ مع موسى عليه السلام:

- ‌ المعرفة المطلوبة:

- ‌ المعرفة والإيمان:

- ‌ الفكر والعاطفة:

- ‌ معرفة النفس:

- ‌ معرفة الدنيا:

- ‌ الإيمان بالآخرة:

- ‌ المعارف الأربعة:

- ‌ الحكمة ثمرة الفهم:

- ‌ الأخوة:

- ‌ وسائل تكوين المحاور:

- ‌كيف نتعرف على الله عز وجل

- ‌ العلم الحقيقي:

- ‌ كيف نعرف الله

- ‌ فكيف لنا أن نعرفه

- ‌ آيات الله:

- ‌ أحداث الحياة:

- ‌ دليل المعرفة:

- ‌كيف نعرف أنفسنا

- ‌ طبيعة النفس

- ‌ أهمية معرفة النفس:

- ‌ دور القرآن:

- ‌كيف نوقن بالآخرة

- ‌ الوظيفة الأساسية:

- ‌ استراحة المسافر:

- ‌كيف نزهد في الدنيا

- ‌ دار الكدر والأحزان:

- ‌ وسائل المعرفة:

- ‌كيف يتحقق الفهم الصحيح للدين

- ‌ وسائل تحقيق الفهم:

- ‌ الأخوة .. كيف تتحقق

- ‌ الوسائل الإساسية:

- ‌ المربي:

- ‌الفصل الرابعالجيل الأول وأدوات التغيير

- ‌ منهج التغيير

- ‌ صفاء النبع:

- ‌ من ذاق عرف:

- ‌ المعجزة القرآنية:

- ‌ المدينة فتحت بالقرآن:

- ‌ مفهوم الانشغال بالقرآن:

- ‌ لا بديل عن التدبر:

- ‌ منبع الإيمان:

- ‌ ليست دعوة لإهمال الحفظ:

- ‌ مع عبَّاد بن بشر:

- ‌ السيطرة على المشاعر:

- ‌ المربي والبيئة:

- ‌ الترغيب في الآخرة:

- ‌ التزهيد في الدنيا:

- ‌ تزكية النفس:

- ‌ ضبط الفهم وتعليم الحكمة:

- ‌ المحاضن التربوية:

- ‌ التربية في المدينة:

- ‌ الخلاصة:

- ‌الفصل الخامسأين نحن من الجيل الموعود

- ‌ فلنبدأ من الآن:

- ‌ انتبه:

- ‌ ضرورة التخفف من الأثقال:

- ‌ الجنة هي الثمن:

- ‌ ليست دعوة للرهبانية:

- ‌ محاور التكوين:

- ‌ العودة إلى القرآن:

- ‌ القرآن هو نقطة البداية:

- ‌ مفهوم العودة إلى القرآن:

- ‌ مشروع النهضة:

- ‌ من أين أبدأ

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌ لا بديل عن التدبر:

دخل النور قلوب أهل يثرب فامتلأت بالإيمان، وتغيرت التصورات والاهتمامات، وتوحد الفرقاء، واجتمعوا جميعًا على كلمة واحدة، وتمسكوا بحبل الله المتين وهو القرآن فكان منهم ما كان من المستوى العجيب في البذل والتضحية والإيثار .. كل ذلك حدث قبل مجيئه صلى الله عليه وسلم إليهم، والدليل على ذلك ما فعلوه مع إخوانهم المهاجرين من تكافل وإيثار في الدوُّر والأموال والثمار مع فقرهم وشدة حاجتهم، وما كان هذا ليحدث لولا المستوى الإيماني الراقي الذي وصلوا إليه من خلال القرآن:{وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (الحشر:9).

-‌

‌ مفهوم الانشغال بالقرآن:

إذن فالانشغال بالقرآن والانتفاع بمعجزته والدخول في دائرة تأثيره هو العامل الرئيس الذي غيَّر الصحابة وصنع منهم ذلك الجيل الفريد الذي تفخر به البشرية حتى الآن.

وعندما نتحدث عن انشغال الصحابة بالقرآن فإن هذا يعني أول ما يعني، انشغالهم بتلاوته حق التلاوة، فكما قال ابن عباس في معنى حق تلاوته:"أي يتبعونه حق اتباعه"(1).

فقيمة القرآن الحقيقية في قدرته على التغيير وهذا بلا شك يستدعي فهم معانيه والتأثر بها والعمل بمقتضاها .. يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: " لا يغرركم من قرأ القرآن إنما هو كلام نتكلم به، ولكن انظروا من يعمل به"(2).

وإن أردت مثالًا لطريقة الصحابة في قراءة القرآن فإليك هذا الأثر:

عن أبي ذئب رحمه الله عن صالح قال: "كنت جارًا لابن عباس رضي الله عنهما وكان يتهجد من الليل فيقرأ الآية ثم يسكت قدر ما حدثتك، وذلك طويل، ثم يقرأ، قلت: لأي شيء فعل ذلك؟ قال: من أجل التأويل، يفكر فيه "(3).

ويقول عباد بن حمزة: "دخلت على أسماء رضي الله عنها وهي تقرأ {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ} (الطور:27). فوقفت عندها تعيدها وتدعو، فطال علىَّ ذلك فذهبت إلى السوق، فقضيت حاجتي وهي تعيدها وتدعو بها"(4).

-‌

‌ لا بديل عن التدبر:

إذن فليس معنى الانشغال بالقرآن هو كثرة قراءته باللسان دون تدبر معانيه بالعقل، أو تحريك القلب به، فهذا إن حدث فلن يحقق مقصود القرآن، وما نزل من أجل تحقيقه.

قيل للسيدة عائشة رضي الله عنها إن أناسًا يقرأ أحدهم القرآن في ليلة مرتين أو ثلاثًا فقالت: (قرءوا ولم يقرءوا، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم ليلة التمام فيقرأ البقرة وسورة آل عمران وسورة النساء، لا يمر بآية فيها استبشار إلا دعا الله تعالى ورغب، ولا يمر بآية فيها خوف إلا دعا واستعاذ" (5).

وعندما قال رجل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: إني لأقرأ المفصَّل في ركعة، فقال عبد الله:" هذًّا كهذّ الشعر؟ إن أقوامًا يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم ولكن إذا وقع في القلب فرسخ فيه، نفع".

ويعلق النووي في شرحه لصحيح مسلم على قول ابن مسعود فيقول:

" معناه أن قومًا ليس حظهم من القرآن إلا مروره على اللسان، فلا يجاوز تراقيهم ليصل إلى قلوبهم، وليس ذلك هو المطلوب، بل المطلوب تعقله وتدبره بوقوعه في القلب"(6).

(1) فضائل القرآن لأبي عبيد ص 130.

(2)

اقتضاء العلم العمل للخطيب البغدادي ص 71.

(3)

مختصر قيام الليل لمحمد بن نصر ص 149.

(4)

المصدر السابق.

(5)

أخرجه ابن المبارك في الزهد رقم (1196) ص / 421.

(6)

صحيح مسلم بشرح النووي 6/ 345.

ص: 53