المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الثالث: فضلهم ومنزلتهم في الكتاب والسنة: - الدراية في بيان ضوابط نقد الرواية عند الصحابة

[عبد القادر المحمدي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌المبحث الأول: مفهوم الصحبة، ودور الصحابة في كتابة السنة النبوية وحفظها

- ‌المطلب الأول: من هو الصّحابيّ

- ‌أولاً: الصّحابيّ لغة:

- ‌ثانياً: الصّحابيّ في اصطلاح المحدثين:

- ‌المطلب الثاني: طرق ثبوت الصحبة

- ‌أولاً: التّواتر

- ‌ثانياً: الشّهرة أو الاستفاضة

- ‌ثالثاً: أن يروى عن آحاد الصّحابة أنّه صحابي

- ‌رابعاً: أنْ يخبر أحد التّابعين بأنّه صحابي

- ‌خامساً: أن يخبر هو عن نفسه بأنّه صحابيٌّ

- ‌المطلب الثالث: فضلهم ومنزلتهم في الكتاب والسنة:

- ‌المطلب الرابع: مراتب الصحابة، وعقيدة أهل السّنّة في تفضيل الصّحابة

- ‌المبحث الثاني: جهود الصحابة في تدوين السنة:

- ‌1 - حفظ الروايات، وأعني به حفظ الصدر وحفظ الكتاب

- ‌2 - تدوينهم الحديث في صحف:

- ‌3 - دقتهم وتحريهم وأمانتهم:

- ‌4 - احتياط الصحابة والتابعين في رواية الحديث:

- ‌المبحث الثالث: ضوابط نقد الرواية عند الصحابة الكرام:

- ‌الضابط الأول: عرض الرواية على النبي صلى الله عليه وسلم حال حياته:

- ‌الضابط الثاني: عرض الرواية على القرآن الكريم

- ‌الضابط الثالث: عرض الرواية على المحفوظ من السنة النبوية (بعد وفاته صلى الله عليه وسلم

- ‌الضابط الرابع: عرض الرواية على كبار الصحابة

- ‌الضابط الخامس: عرض الرواية على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الضابط السادس: التحري من صاحب القصة التي جاء في الرواية

الفصل: ‌المطلب الثالث: فضلهم ومنزلتهم في الكتاب والسنة:

يريد بهذا انخرام ذلك القرن، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في سنة وفاته، ومن هذا المأخذ لم يقبل الأئمّة قول من ادّعى الصّحبة بعد الغاية المذكورة. وقد ذكر الحافظ ابن حجر ضابطا يستفاد منه معرفة جمع كثير من الصّحابة يكتفى فيهم بوصف يتضمّن أنهم صحابة، وهو مأخوذ من ثلاثة آثار (1):

أحدها: أنهم كانوا لا يؤمّرون في المغازي إلا الصّحابة، فمن تتبّع الأخبار الواردة من الرّدة والفتوح وجد من ذلك الكثير.

ثانيها: أن عبد الرّحمن بن عوف قال: كان لا يولد لأحد مولود إلا أتى به النبي صلى الله عليه وسلم فدعا له، وهذا أيضا يوجد منه الكثير.

ثالثها: أنه لم يبق بالمدينة ولا بمكّة ولا الطّائف ولا من بينها من الأعراف إلا من أسلم وشهد حجّة الوداع، فمن كان في ذلك الوقت موجوداً اندرج فيهم، لحصول رؤيتهم للنبيّ صلى الله عليه وسلم وإن لم يرهم هو.

‌المطلب الثالث: فضلهم ومنزلتهم في الكتاب والسنة:

نصَّ القرآن الكريم على فضلهم وتزكيتهم في آيات كثيرة منها:

قال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ، وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ، وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً، ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (2). وغيرها من الآيات.

وفي نصوص السّنّة النبويّة المشرّفة أمثلة كثيرة منها:

عن أبي سعيد عن النّبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تسبّوا أصحابي، فو الّذي نفسي بيده لو أنّ أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مدّ أحدهم ولا نصيفه"(3).

وعن عبد اللَّه بن مغفّل المزنيّ قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "اللَّه اللَّه في أصحابي، اللَّه اللَّه في أصحابي لا تتّخذوهم غرضا بعدي، فمن أحبّهم فبحبّي أحبّهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى اللَّه، ومن آذى اللَّه فيوشك أن يأخذه"(4).

(1) ابن حجر، الإصابة 1/ 161.

(2)

سورة التوبة/ 100.

(3)

أخرجه البخاري، الجامع الصحيح (3673) ومسلم، المسند الصحيح 4/ 1967 - 1968 (2541).

(4)

أخرجه أحمد، المسند 4/ 87، التّرمذي، الجامع 5/ 653،وغيرهما.

ص: 6

وعن عمران بن حصين قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:" خير أمّتي القرن الّذي بعثت فيهم، ثمّ الَّذين يلونهم، ثمّ الّذين يلونهم"(1).قال ابن عبّاس:" أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم اصطفاهم اللَّه لنبيه عليه السلام"(2).

فالصحابة كلهم عدول، وهم أمناء الله في أرضه، أخرج مسلم في صحيحه من حديث أبي بردة، عن أبيه، قال: صلينا المغرب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قلنا: لو جلسنا حتى نصلي معه العشاء قال فجلسنا، فخرج علينا، فقال:"ما زلتم هاهنا؟ " قلنا: يا رسول الله صلينا معك المغرب، ثم قلنا: نجلس حتى نصلي معك العشاء، قال:" أحسنتم أو أصبتم " قال فرفع رأسه إلى السماء، وكان كثيراً ما يرفع رأسه إلى السماء، فقال: «النجوم أمنة للسماء، فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد، وأنا أمنة لأصحابي، فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون (3).

قال الإمام النّوويّ: "الصّحابة كلهم عدول، من لابس الفتن وغيرهم بإجماع من يعتدّ به"(4).

وقال أبو زرعة الرّازيّ:" إذا رأيت الرّجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق، وذلك أنّ الرسول حق، والقرآن حق، وما جاء به حق، وإنما أدى ذلك كله إلينا الصحابة، وهؤلاء الزّنادقة يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسّنّة فالجرح بهم أولى"(5).

قال ابن الصّلاح: "ثم إنّ الأمة مجمعة على تعديل جميع الصّحابة، ومن لابس الفتن منهم فكذلك بإجماع العلماء الذين يعتدّ بهم في الإجماع؛ إحسانا للظّنّ بهم ونظراً إلى ما تمهد لهم من المآثر، وكأن اللَّه سبحانه وتعالى أتاح الإجماع على ذلك لكونهم نقلة الشّريعة"(6).

قال الخطيب البغداديّ في الكفاية مبوباً على عدالتهم:"ما جاء في تعديل اللَّه ورسوله للصّحابة، وأنه لا يحتاج إلى سؤال عنهم، وإنما يجب فيمن دونهم كل حديث اتّصل إسناده بين من رواه وبين النّبيّ صلى الله عليه وسلم لم يلزم

(1) أخرجه مسلم، المسند الصحيح 4/ 1964 (2535)، وغيره.

(2)

البغوي، شرح السنة 14/ 68.

(3)

المصدر نفسه 4/ 1961 (2531).

(4)

النووي، التقريب والتيسير لمعرفة سنن البشير النذير في أصول الحديث ص92.

(5)

ابن عساكر، تاريخ دمشق 38/ 32.

(6)

ابن الصلاح، مقدمة علوم الحديث ص295.

ص: 7