المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الأول: توثيق نسبة الكتاب: - الرد على السبكي في مسألة تعليق الطلاق - المقدمة

[ابن تيمية]

الفصل: ‌المبحث الأول: توثيق نسبة الكتاب:

‌الفصل الثالث

دراسة المخطوط

ويشتمل على مباحث:

‌المبحث الأول: توثيق نسبة الكتاب:

هذا الكتاب ثابت النسبة لابن تيمية، ويدلُّ على ذلك ما يلي:

1 ــ أنَّ تلاميذ ابن تيمية ومن ترجم له ذكروا أنَّ له ردًّا مطولاً على من اعترض عليه في مسألة تعليق الطلاق، ومادة هذا المخطوط كذلك؛ فقد نَصَرَ قول ابن تيمية، وردَّ على من اعترض عليه.

وممن أشار إلى ردِّ ابن تيمية على السبكي:

أـ ابن عبد الهادي (ت 744) في العقود الدرية (ص 393) حيث قال: وله في ذلك ــ أي: الحلف بالطلاق ــ جوابُ اعتراضٍ وردَ عليه من الديار المصرية، وهو جوابٌ طويلٌ في ثلاث مجلدات، بقطع نصف البلدي.

ب ــ ابن القيم (ت 751) في إعلام الموقعين (3/ 363) حيث قال عن شيخه: (فنقَضَ حُجَجَهم وأقام نحوًا من ثلاثين دليلًا على صحة هذا القول، وصنف في المسألة قريبًا من ألف ورقة، ثم مضى لسبيله راجيًا من الله أجرًا أو أجرين، وهو ومنازعوه يوم القيامة عند ربهم يختصمون).

وكأنَّ المقصود هنا هو كتابنا هذا، وفي (5/ 540): (

فبيَّنَ فساد جميع حججهم، ونقضها أبلغ نقض، وصنَّفَ في المسألة ما بينَ مُطوَّل

ص: 52

ومتوسط ومختصر ما يقارب ألفي ورقة

) إلخ= بيانُ جميع ما كتبه في هذه المسألة.

ج ــ تاج الدين السبكي (ت 771) حيث قال في طبقات الشافعية الكبرى (10/ 195): (

وهذا الرد الذي لابن تيمية على الوالد لم يقف عليه، ولكن سمع به؛ وأنا وقفتُ منه على مجلدٍ).

وهذا يشير إلى أنه أكثر من مجلد، كما يشير إلى أنَّ المجلد الأول مفقودٌ قديمًا، حيث شنَّ بعض الناس حربًا على ابن تيمية وكتبه ورسائله وفتاويه وتلاميذه مما أدَّى إلى فقدان بعضها.

د ــ ابن رجب (ت 795) في ذيل الطبقات (4/ 523) عَدَّ جملةً من مؤلفات ابن تيمية، وذكر منها: الرد الكبير على من اعترض عليه في مسألة الحلف بالطلاق ثلاث مجلدات

(1)

.

2 ــ أنَّ نَفَسَ مؤلفِ هذا الرد هو نَفَسُ ابن تيمية في الاستدلال والاعتراض والمناقشة، وهذا ظاهر لكلِّ مَنْ له اطلاعٌ على مؤلفاته وفتاويه وردوده، حيث يستخدم عبارات ونقولًا تتكرر في كثيرٍ من كتبه بلفظها لا سيما ما كتبه في ذات المسألة، وبعضها مروي بالمعنى لأنه يسوقها من حفظه.

3 ــ أنَّ هذا الرد متضمن لكثيرٍ من الاختيارات العلمية في مسائل فقهية وأصولية وغيرها مطابقةٍ لاختيارات شيخ الإسلام، مما يؤكد أنَّه هو مصنِّف هذا الرد.

(1)

وانظر: المنهج الأحمد للعليمي (ص 611 الجامع)، والدر المنضد له (ص 619 الجامع).

ص: 53

4 ــ أن المؤلف كان يفتي بما عليه جمهور أصحاب المذاهب ومنهم المعترض حتى تبيَّن له الحق، وقد أشار إلى هذا في (ص 451) حيث قال: (فإنَّ المجيب لم يكن هذا القول مما تربَّى عليه، ولا له فيه غرضٌ يميل لأجله إليه، بل كان يعتقد خلافه ويفتي دائمًا بخلافه، لكن لمَّا نظر ورأى الحق لم يجز له أن يقول خلاف ما تبيَّن له

) إلخ، وهذا ــ والله أعلم ــ هو ما حصل لابن تيمية في مراجعته واجتهاده في بعض المسائل التي احتاج لها الناس عندما كثر التحايل والتحليل في عصره.

5 ــ أنَّ التاج السبكي في ترجمته لوالده في الطبقات (10/ 195) أشار إلى أنَّ ابن تيمية قال عن والده في ردِّه عليه: (لقد برَّزَ هذا على أقرانه)، وهذه العبارة موجودة في هذه القطعة التي بين يدينا حيث قال (ص 789):( .. كما ادعى هذا المعترض الذي بَرَّزَ على أقرانه، وظهر فضله عليهم في فعله ما يعجزون عن فعله)، وقال في (ص 933):(وما سلكه من (التحقيق في التعليق) ــ كما سمَّى بذلك مصنفه ــ ودقق فيه من المعاني، وذكر فيه من الآثار، وأتى فيه من النقل والبحث بما برَّز به على غيره).

6 ــ أنَّ التاج السبكي ذكر أنه لم يطلع إلا على مجلَّدٍ منه، ولعل ما وقف عليه هو الجزء الذي بين يديك؛ بدليل ما ذُكِرَ في الفقرة السابقة.

7 ــ أنَّ ناسخ المخطوط التزم ذِكْرَ صاحب الكتاب المردود عليه بِـ (المعترض) وقد اتضح أنَّ الكتاب المردود عليه هو كتاب للسبكي؛ كما التزم ذكر صاحب الرد وصاحب الفتوى التي ردَّ عليها السبكي بِـ (المجيب)، والفتوى المردود عليها لابن تيمية؛ فهذا دليلٌ على أنَّ المجيب هو ابن تيمية.

ص: 54

8 ــ أنَّ المجيب هنا تحدث عن أشياء تتعلق بصاحب الفتوى المعترَض عليها مما لا يمكن أن يقوله إلا صاحب الفتوى؛ فمن ذلك:

أـ ما ذكره في (ص 170): (وابن تيمية يجزم بذلك، ويباهل عليه من يباهله، بل يباهل على هذا وعلى أن هذا القول هو القول الذي بعث الله ــ عز وجل ــ به رسوله؛ فليقم هذا وأمثاله فليباهلون على أن هذا لم يقله أحد من السلف والخلف، وأنه خطأ مخالف لشرع الله ورسوله صلى الله عليه وسلم).

ب ــ ما ذكره في (ص 428): (

وقد تقدم أنَّ هذا سوء فهمٍ منه (أي المعترض)، لم يخطر ببال المجيب أنَّ أحدًا يفهم من كلامه هذا، فإنه لم يقل ما يدلُّ عليه، ولو خطر له أنَّ أحدًا يفهم هذا لبسط الكلام في ذلك الجواب المختصر الذي اعترض عليه المعترض

) إلخ.

9 ــ أنَّ المؤلف أشار إلى كتابٍ له في (نقد مراتب الإجماع)

(1)

، ولم أجد من انتقد إجماعات ابن حزم في مصنف مستقل إلا ما ذكر عن ابن تيمية وابن شيخ السلامية (ت 769)؛ ولا يصح نسبة هذا الرد للثاني لأمورٍ منها:

أـ أنَّ ما أشار إليه المصنف هنا موجود في نقده مراتب الإجماع

(2)

.

ب ــ أنَّ ابن شيخ السلامية ولد سنة (716 أو 712)، وناسخ المخطوط انتهى من نسخها في عام (744)؛ بمعنى أنَّ ابن شيخ السلامية أَلَّفَهَا في أوائل الثلاثينات من عمره أو قبل ذلك، وهذا الرد يعجز عنه من هو في هذا العمر؛ حيث حرر كثيرًا من المسائل المشتبهة، وفنَّد الإجماعات المدَّعاة،

(1)

انظر صفحة رقم (623، 624).

(2)

انظر: جامع المسائل (3/ 333، 334).

ص: 55

وخاض غمار نقد المرويات، وذكر تراجعه عما تربَّى ونَشَأَ عليه في هذه المسألة، وأشار إلى بسط بعض المسائل في موضع آخر

وغير ذلك مما يشير أنَّ كاتب هذ الرد رجلٌ كبيرٌ في السِّنِّ له باعٌ طويل في العلم مع تفننٍ في كثيرٍ من العلوم.

ج ــ ما أشير إليه من دلائل تؤكد نسبته لابن تيمية لا غير.

10 ــ أنَّ هذا الكتاب ردٌّ على السبكي

(1)

، ولم أجد ــ بعد تتبعٍ ــ مَنْ ذُكِرَ أنه رَدَّ على المعترضين على ابن تيمية في مسألة الحلف بالطلاق إلا ثلاثة؛ هم:

1 ــ يوسف بن محمد السُّرَّمُرِّي الحنبلي (ت 776)، وقد سمَّى رَدَّهُ:(الحمية الإسلامية في الانتصار لمذهب ابن تيمية)، وهذا الرد عبارة عن قصيدة في مائة واثنين وخمسين بيتًا عَارَضَ بها قصيدة السبكي التي كتبها بعد اطلاعه على كتاب ابن تيمية (منهاج السنة النبوية)

(2)

، وأشار فيها إلى بعض المسائل التي خالف فيها شيخ الإسلام، ومنها: مسألة الحلف بالطلاق.

وقد ذَكَرَت كتب التراجم طرفًا من قصيدة السُّرَّمُرِّي، وطبعت فيما بعد كاملةً

(3)

؛ وهي لا تنطبق على كتابنا هذا.

(1)

وسيأتي بيان أدلة كون المعترض عليه هو السبكي في (ص 59).

(2)

ذكر هذه القصيدة التاج السبكي عند ترجمته لوالده في طبقات الشافعية (10/ 176).

(3)

بتحقيق صلاح الدين مقبول، نشر مركز (أبو الكلام) للتوعية الإسلامية، الطبعة الأولى عام 1412.

ص: 56

2 ــ محمد بن جمال الدين الشافعي اليمني (ت؟)، وهي قصيدة ردَّ فيها على قصيدة السبكي السابقة، في مائةٍ وعشرة أبيات، وقد ذكر هذه القصيدة الآلوسي في جلاء العينين (ص 32)، ثم طبعت مستقلةً مع قصيدة السُّرَّمُرِّي؛ وهي كسابقتها لا تنطبق على كتابنا هذا.

3 ــ يوسف بن أحمد بن إبراهيم (ابن أبي عمر) المقدسي الحنبلي (ت 798)، وقد سمَّى رَدَّهُ:(الرد على المعترضين على ابن تيمية في الطلاق)؛ ولا يصح نسبة هذا الكتاب له لما يلي:

أـ أنَّ المقدسي ولد عام (720 أو 721) وناسخ المخطوط انتهى من نسخها في عام (744)؛ بمعنى أنَّ المقدسي أَلَّفَهَا وعمره قرابة عشرين عامًا، وهذا الرد لا يَتَأَتَّى ممن هو في هذا العمر من حيث التحرير، والإشارة إلى بسط بعض المسائل في مواضع أُخَر

وغير ذلك مما يشير إلى أنَّ كاتب الرد رجلٌ كبير السِّنِّ والعلم كما تقدم.

ب ــ أنَّ صاحب الردِّ ذكر كتابًا له في نقد إجماعات ابن حزم، ولا يُعرف لابن أبي عمر مؤلفٌ في هذا الباب.

ج ــ أني لم أجد من وصف ردَّ ابن أبي عمر بما يوضح لنا المسألة التي ردَّ عليها؛ هل هي الطلاق الثلاث أو تعليق الطلاق أو غيرهما؟ وهل هو ردٌّ على السبكي أو غيره؟

خاصةً أنَّ ابن أبي عمر له مزيد عناية بمسألة (الطلاق الثلاث) فقد صنّف فيها عدَّة كتبٍ منها: (التحفة والفائدة في الأدلة المتزايدة على أنَّ طلاق الثلاث واحدة) و (الرد على من قال إنَّ الطلاق الثلاث بلفظٍ واحدٍ

ص: 57