المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تشديد الشارع في الكذب - آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني - جـ ٦

[عبد الرحمن المعلمي اليماني]

الفصل: ‌تشديد الشارع في الكذب

‌تشديد الشارع في الكذب

أمّا الكذب على الله عز وجل؛ بأن تُخبر عن الله بما لا علم لك به، ومنه الكذب على رسوله في أمور الدين، فقد نصَّ القرآن على أنَّه من أشد الكفر، وقد أوضحنا هذا في رسالة "العبادة"، بما لا مزيد عليه.

وأمّا الكذب في غير ذلك؛ ففي "الصحيحين"

(1)

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "آية المنافق ثلاثٌ: إذا حدَّث كَذَب، وإذا وَعَد أخلَفَ، وإذا اؤتُمِن خان".

زاد مسلم

(2)

ــ بعد قوله: "ثلاثٌ" ــ: "وإنْ صام وصلَّى وزَعَم أنَّه مسلم".

وفيهما

(3)

: عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "أربعٌ من كنّ فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خصلة منهنَّ كانت فيه خصلةٌ من النفاق حتى يَدَعَها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدَّث كَذَب، وإذا عاهد غَدَر، وإذا خاصم فَجَر".

ورُوِيَ من حديث أبي أمامة، وسعد بن أبي وقاص، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:"يُطْبَع المؤمن على الخِلال كلِّها، إلّا الخيانة والكذب"

(4)

.

(1)

البخاري (33)، ومسلم (59).

(2)

حديث (59).

(3)

البخاري (34) ومسلم (58)، وهذا لفظ البخاري.

(4)

أما حديث أبي أمامة فأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(13/ 152) وأحمد في "المسند"(5/ 252) من طريق الأعمش قال: حُدِّثتُ عن أبي أمامة رضي الله عنه بنحوه. ورجاله ثقات غير أنه منقطع.

وأمَّا حديث سعد فأخرجه أبو يعلى (711) والبزَّار (3/ 340) والبيهقي (10/ 197) والضياء في "المختارة"(3/ 258) وغيرهم، من طريق علي بن هاشم بن البريد عن الأعمش عن أبي إسحاق عن مصعب بن سعد عن أبيه رضي الله عنه به مرفوعًا. قال البزَّار:"رُوِيَ عن سعد من غير وجهٍ موقوفًا، ولا نعلم أسنده إلّا علي بن هاشم بهذا الإسناد". وأشار الدارقطني في "العلل"(4/ 330) إلى مخالفة ابن البريد بذكره أبا إسحاق في إسناده، ثم رجَّح وقفه على سعد، وكذا رجَّحه أبو زرعة الرازي كما في "العلل" لابن أبي حاتم (2/ 328).

ورُوِيَ من طريق أبي شيبة إبراهيم بن عثمان بن أبي شيبة العبسي ــ وهو متروك ــ عن سلمة بن كهيل عن مصعب بن سعد عن سعد بن مالك به.

ورُوِيَ أيضًا من حديث ابن عمر وابن أبي أوفى وأبي بكر وابن مسعود وغيرهم مرفوعًا وموقوفًا ولا يصحُّ في المرفوع شيءٌ.

وينظر في تخريج الحديث والكلام على طرقه: "السلسلة الضعيفة" للألباني (3215)، وتخريج الشيخ شعيب الأرناؤوط لـ"مسند أحمد"(36/ 504 ــ 505).

ص: 12

وإذا تدبَّرتَ وجدتَ الأمور المذكورة كلَّها تدور

(1)

على الكذب، فمن كان إذا وَعَدَ أخْلَفَ فإنَّه يكذب في وعده، فيقول: سأفعل، وهو يريد أن لا يفعل!

والخائن موطِّنٌ نفسه على الكذب، يقال له: عندك كذا، أو فعلت كذا؟ فيقول: لا.

ومن كان إذا عاهَدَ غَدَر فهو كالوعد، بل لو كانت نيَّتُه عند المعاهدة أن يَفِي ثم غدر لكان كاذبًا، لأنَّ قضية المعاهدة أنَّه سَيَفِي حتمًا، بخلاف الوعد،

(1)

في الأصل: "يدور".

ص: 13