الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة: 127-128] ، وأن قريشاً كانت تفتخر بدين أبيها إبراهيم، وإنما كانت الكعبة مقدسة عند العرب خلال فترة الوثنية لعلمهم بقداستها من عند الله سبحانه وتعالى، ولم ينكروا وجوده وإنما أتوا بالأصنام في الكعبة وحولها؛ جهلاً منهم وتلبيساً للشيطان عليهم تقرباً لله بها وتشفعاً عنده {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر:3] .
ولكن يظهر أن الموسوعة ومن ورائها وات، وهو من درس تاريخ العرب قبل الإسلام، لم يلفت نظر القارئ إلى هذه الحقيقة التاريخية الكبيرة ليجزِّئ تاريخ مكة ويبدأه من عصر الجاهلية ومن ثم يبين أن هذه هي الركيزة والأرضية الثقافية التي قام عليها الإسلام، وهذه مبالغة في بتر أطراف التاريخ لينساق عاجزاً في الطريق التي أرادوا، إنما دعوة محمد صلى الله عليه وسلم أتت لتطهير هذا البيت من الأوثان والشرك للطائفين والعاكفين والركع السجود من جديد (1) .
(1) سأنبه على لفظ (الدعاية = Propaganda) الوارد في نهاية هذه الشبهة في ص 63.
الشيهة الخامسة: دعوى خصوصية الإسلام للعرب
…
الشبهة الخامسة: دعوى خصوصية الإسلام للعرب
يذكر وات ما يفيد أن الدعوة المحمدية كانت خاصة بقريش والعرب: "اعتبر محمد نفسه أول الأمر مرسلاً إلى قومه من القرشيين، ثم أخذ شيئا فشيئاً وبدرجات لا تبدو بوضوح في القرآن يتراءى له هدف أوسع لرسالته"(2)، ويزيد: "نحن نعتقد بأن محمداً بعد عودته من الطائف أخذ يدعو أفراد القبائل
(1) سأنبه على لفظ (الدعاية = Propaganda) الوارد في نهاية هذه الشبهة في ص 63.
(2)
مونتقمري وات، Muhammad at Mecca، ص 138.
البدوية للدخول في الإسلام، وأن وراء هذا النشاط فكرة غامضة عن توحيد العرب جميعاً" (1) .
جانب وات الصواب لأنه تجاهل الروايات الإسلامية، التي أوضحت مراحل تطور الدعوة وهي:"النبوة، ثم إنذار عشيرته الأقربين، ثم إنذار قومه، وهم القرشيون، ثم إنذار قوم ما أتاهم من نذير وهم العرب قاطبة، والمرتبة الخامسة إنذار جميع من بلغته الدعوة من الجن والإنس إلى يوم القيامة"(2)، وهي مراتب ذكرت بوضوح تام في القرآن خلافاً لما يزعم وات {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشورى: 7] ؛ وعالمية الدعوة تظهر جليا في الآي {لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا} [سبأ: 28]{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [الأنبياء:107] ؛ وغيرها من السور المكية الدالة على عالمية الرسالة المحمدية (3) ، فعالمية الدعوة إذا كانت موجودة منذ البداية وأمر بَدَهِيّ ألا تتضح حقيقة معاشة على الواقع إلا بعد أن مكّن الله لدينه في الأرض، فلا يعقل أن يدعو محمد صلى الله عليه وسلم كسرى للإسلام قبل أن يدعو أعمامه.
وتعكس الموسوعة هذه الآراء الفاسدة في مواضع:
(1) مونتقمري وات، المرجع السابق، ص 141.
(2)
ابن القيم، زاد المعاد، 1/20.
(3)
انظر الآيات: الأنعام: 90، يوسف: 104؛ الفرقان: 1، القلم: 52، التكوير:27.