المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب ذكر ما أخبر الله تعالى أن مشيئة الخلق تبع لمشيئة الله سبحانه وتعالى فمن شاء الله له أن يهتدي اهتدى، ومن شاء أن يضل لم يهتد أبدا، قال الله تعالى في سورة البقرة: {كان الناس أمة واحدة، فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين، وأنزل معهم الكتاب بالحق - الشريعة للآجري - جـ ٢

[الآجري]

فهرس الكتاب

- ‌بَابُ عَلَى كَمْ بُنِيَ الْإِسْلَامُ

- ‌بَابُ ذِكْرِ سُؤَالِ جِبْرِيلَ لِلنَّبِيِّ عليهما السلام عَنِ الْإِسْلَامِ مَا هُوَ؟ وَعَنِ الْإِيمَانِ مَا هُوَ

- ‌بَابُ ذِكْرِ أَفْضَلِ الْإِيمَانِ مَا هُوَ؟ وَأَدْنَى الْإِيمَانِ مَا هُوَ

- ‌بَابُ ذِكْرِ مَا دَلَّ عَلَى زِيَادَةِ الْإِيمَانِ وَنُقْصَانِهِ

- ‌بَابُ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْإِيمَانَ تَصْدِيقٌ بِالْقَلْبِ، وَإِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ، وَعَمَلٌ بِالْجَوَارِحِ لَا يَكُونُ مُؤْمِنًا، إِلَّا أَنْ تَجْتَمِعَ فِيهِ هَذِهِ الْخِصَالُ الثَّلَاثُ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: اعْمَلُوا رَحِمَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ أَنَّ الَّذِيَ عَلَيْهِ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ الْإِيمَانَ وَاجِبٌ عَلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ، وَهُوَ تَصْدِيقٌ بِالْقَلْبِ، وَإِقْرَارٌ

- ‌بَابُ كُفْرِ مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْإِيمَانِ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ فِيهِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رحمه الله: مِنْ صِفَةِ أَهْلِ الْحَقِّ، مِمَّنْ ذَكَرْنَا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: الِاسْتِثْنَاءُ فِي الْإِيمَانِ، لَا عَلَى جِهَةِ الشَّكِّ، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّكِّ فِي الْإِيمَانِ، وَلَكِنَّ خَوْفَ التَّزْكِيَةِ لِأَنْفُسِهِمْ مِنَ الِاسْتِكْمَالِ لِلْإِيمَانِ، لَا يَدْرِي أَهُوَ مِمَّنْ

- ‌بَابٌ فِيمَنْ كَرِهَ مِنَ الْعُلَمَاءِ لِمَنْ يَسْأَلُ لِغَيْرِهِ، فَيَقُولُ لَهُ: أَنْتَ مُؤْمِنٌ؟ هَذَا عِنْدَهُمْ مُبْتَدِعٌ رَجُلُ سُوءٍ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رحمه الله: إِذَا قَالَ لَكَ رَجُلٌ: أَنْتَ مُؤْمِنٌ؟ فَقُلْ: آمَنْتُ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَوْتِ وَالْبَعْثِ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَإِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ لَا

- ‌بَابٌ فِي الْمُرْجِئَةِ، وَسُوءِ مَذْاهَبِهِمْ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ

- ‌بَابُ الرَّدِّ عَلَى الْقَدَرِيَّةِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رحمه الله: حَسْبِي اللَّهُ وَكَفَى وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ أَهْلِ الْحَمْدِ وَالثَّنَاءِ، وَالْعِزَّةِ وَالْبَقَاءِ، وَالْعَظَمَةِ وَالْكِبْرِيَاءِ، أَحْمَدُهُ عَلَى تَوَاتُرِ نِعَمِهِ، وَقَدِيمِ إِحْسَانِهِ وَقَسْمِهِ، حَمْدَ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّ مَوْلَاهُ الْكَرِيمَ يُحِبُّ الْحَمْدَ، فَلَهُ الْحَمْدُ عَلَى كُلِّ حَالٍ

- ‌بَابُ ذِكْرِ مَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ يَخْتِمُ عَلَى قُلُوبِ مَنْ أَرَادَ مِنْ عِبَادِهِ فَلَا يَهْتَدُونَ إِلَى الْحَقِّ، وَلَا يَسْمَعُونَهُ، وَلَا يُبْصِرُونَهُ، لِأَنَّهُ مَقَتَهُمْ فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ

- ‌بَابُ ذِكْرِ مَا أَخْبَرَ اللَّهُ عز وجل أَنَّهُ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ، وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَا يَهْدُونَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَنَّهُ يَهْدِيهِ قَالَ اللَّهُ عز وجل فِي سُورَةِ النِّسَاءِ {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ

- ‌بَابُ ذِكْرِ مَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ أَرْسَلَ الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ يُضِلُّونَهُمْ وَلَا يُضِلُّونَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ فِي عِلْمِهِ أَنَّهُ لَا يُؤْمِنُ وَلَا يَضُرُّونَ أَحَدًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَكَذَلِكَ السَّحَرَةُ لَا يَضُرُّونَ أَحَدًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ

- ‌بَابُ ذِكْرِ مَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ مَشِيئَةَ الْخَلْقِ تَبَعٌ لِمَشِيئَةِ اللَّهِ سبحانه وتعالى فَمَنْ شَاءَ اللَّهُ لَهُ أَنْ يَهْتَدِيَ اهْتَدَى، وَمَنْ شَاءَ أَنْ يُضِلَّ لَمْ يَهْتَدِ أَبَدًا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً، فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ، وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ

- ‌بَابُ ذِكْرِ السُّنَنِ وَالْآثَارِ الْمُبَيِّنَةِ بِأَنَّ اللَّهَ عز وجل خَلَقَ خَلْقَهُ، مَنْ شَاءَ خَلَقَهُ لِلْجَنَّةِ، وَمَنْ شَاءَ خَلَقَهُ لِلنَّارِ، فِي عِلْمٍ قَدْ سَبَقَ

- ‌بَابُ الْإِيمَانِ بِأَنَّ اللَّهُ تَعَالَى قَدَّرَ الْمَقَادِيرَ عَلَى الْعِبَادِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ

- ‌بَابُ الْإِيمَانِ بِمَا جَرَى بِهِ الْقَلَمُ مِمَّا يَكُونُ أَبَدًا

- ‌بَابُ الْإِيمَانِ بِأَنَّ اللَّهَ عز وجل قَدَّرَ عَلَى آدَمَ عليه السلام الْمَعْصِيَةَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهُ

- ‌بَابُ الْإِيمَانِ بِأَنَّ السَّعِيدَ وَالشَّقِيَّ مَنْ كُتِبَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ

- ‌بَابُ الْإِيمَانِ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ لِعَبْدٍ الْإِيمَانُ، حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ لَا يَصِحُّ لَهُ الْإِيمَانُ إِلَّا بِهِ

- ‌بَابُ مَا ذُكِرَ فِي الْمُكَذِّبِينَ بِالْقَدَرِ

- ‌بَابُ الْإِيمَانِ أَنَّ كُلَّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ مَا تَأَدَّى إِلَيْنَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما مِنْ رَدِّهِمَا عَلَى الْقَدَرِيَّةِ ، وَإِنْكَارِهِمَا عَلَيْهِمْ

- ‌بَابُ مَا ذُكِرَ عَنِ التَّابِعِينَ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الرَّدِّ عَلَيْهِمْ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رحمه الله: اعْلَمُوا رَحِمَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ أَنَّ مِنَ الْقَدَرِيَّةِ صِنْفًا إِذَا قِيلَ لِبَعْضِهِمْ: مَنْ إِمَامُكُمْ فِي مَذْهَبِكُمْ هَذَا؟ فَيَقُولُونَ: الْحَسَنُ، وَكَذَبُوا عَلَى الْحَسَنِ، قَدْ أَجْلَّ اللَّهُ الْكَرِيمُ الْحَسَنَ عَنْ مَذْهَبِ الْقَدَرِيَّةِ وَنَحْنُ نَذْكُرُ عَنِ

- ‌ابْنُ سِيرِينَ

- ‌مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ

- ‌إِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ

- ‌زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ

- ‌مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ

- ‌إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ

- ‌الْقَاسِمُ وَسَالِمٌ وَغَيْرُهُمَا

- ‌مُجَاهِدٌ

- ‌جَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ ، وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ

- ‌بَابُ سِيرَةِ عُمَرِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رحمه الله فِي أَهْلِ الْقَدَرِ

- ‌بَابُ تَرْكِ الْبَحْثِ وَالتَّنْقِيرِ عَنِ النَّظَرِ فِي أَمْرِ الْمُقَدَّرِ كَيْفَ؟ وَلِمَ؟ بَلِ الْإِيمَانُ بِهِ وَالتَّسْلِيمُ

- ‌كِتَابُ التَّصْدِيقِ بِالنَّظَرِ إِلَى اللَّهِ عز وجل قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رحمه الله: الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى جَمِيلِ إِحْسَانِهِ ، وَدَوَامِ نِعَمِهِ حَمْدَ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّ مَوْلَاهُ الْكَرِيمَ يُحِبُّ الْحَمْدَ ، فَلَهُ الْحَمْدُ عَلَى كُلِّ حَالٍ ، وَصَلِّ اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وَأَصْحَابِهِ ، وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ، أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى

- ‌فَمِمَّا رَوَى جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ

- ‌وَمِمَّا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه

- ‌مِمَّا رَوَاهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ رضي الله عنه

- ‌وَمِمَّا رَوَاهُ صُهَيْبٌ رضي الله عنه

- ‌وَمِمَّا رَوَى أَبُو رَزِينٍ الْعُقَيْلِيُّ رضي الله عنه

- ‌وَمِمَّا رَوَى أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ رضي الله عنه

- ‌وَمِمَّا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه

- ‌وَمِمَّا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه

- ‌وَمِمَّا رُوِيَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه

- ‌وَمِمَّا رَوَى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه

- ‌وَمِمَّا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما

- ‌وَمِمَّا رَوَى عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ الطَّائِيُّ رضي الله عنه

- ‌بَابُ الْإِيمَانِ بِأَنَّ اللَّهَ عز وجل يَضْحَكُ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: رحمه الله: اعْلَمُوا وَفَّقَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ لِلرَّشَادِ مِنَ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ أَنَّ أَهْلَ الْحَقِّ يَصِفُونَ اللَّهَ عز وجل بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ عز وجل ، وَبِمَا وَصَفَهُ بِهِ رَسُولُهُ صلى الله عليه وسلم ، وَبِمَا وَصَفَهُ بِهِ الصَّحَابَةُ رضي الله عنهم ، وَهَذَا

الفصل: ‌باب ذكر ما أخبر الله تعالى أن مشيئة الخلق تبع لمشيئة الله سبحانه وتعالى فمن شاء الله له أن يهتدي اهتدى، ومن شاء أن يضل لم يهتد أبدا، قال الله تعالى في سورة البقرة: {كان الناس أمة واحدة، فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين، وأنزل معهم الكتاب بالحق

‌بَابُ ذِكْرِ مَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ مَشِيئَةَ الْخَلْقِ تَبَعٌ لِمَشِيئَةِ اللَّهِ سبحانه وتعالى فَمَنْ شَاءَ اللَّهُ لَهُ أَنْ يَهْتَدِيَ اهْتَدَى، وَمَنْ شَاءَ أَنْ يُضِلَّ لَمْ يَهْتَدِ أَبَدًا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً، فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ، وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ

، لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ، وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ، بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ، وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [البقرة: 213] وَقَالَ تَعَالَى فِيهَا: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا، وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ} [البقرة: 253] وَقَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ: {وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ} [الأنعام: 35] وَقَالَ تَعَالَى فِي هَذِهِ السُّورَةِ: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي

ص: 718

الظُّلُمَاتِ مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} وَقَالَ تَعَالَى: {اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ، لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ} [الأنعام: 107] وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ، وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا، مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ} [الأنعام: 111] وَقَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ هُودٍ: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [هود: 118]

ص: 719

313 -

أَخْبَرَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ: نا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: قُلْتُ لِلْحَسَنِ: قَوْلُهُ

⦗ص: 720⦘

تَعَالَى: {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} [هود: 119] قَالَ: وَمَنْ رَحِمَ رَبُّكَ غَيْرُ مُخْتَلِفِينَ وَقُلْتُ: وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ؟ قَالَ: نَعَمْ، خَلَقَ هَؤُلَاءِ لِلْجَنَّةِ، وَخَلَقَ هَؤُلَاءِ لِلنَّارِ، وَخَلَقَ هَؤُلَاءِ لِلرَّحْمَةِ، وَخَلَقَ هَؤُلَاءِ لِلْعَذَابِ

ص: 719

314 -

وَأَخْبَرَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَكَانَ مُجَانِبًا لِلْحَسَنِ، لِمَا كَانَ يَبْلُغُهُ عَنْهُ فِي الْقَدَرِ، حَتَّى لَقِيَهُ، فَسَأَلَهُ الرَّجُلُ أَوْ سُئِلَ، عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} [هود: 119] قَالَ: لَا يَخْتَلِفُ أَهْلُ رَحْمَةِ اللَّهِ ، قَالَ:{وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} [هود: 119] ؟ قَالَ: خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى أَهْلَ الْجَنَّةِ لِلْجَنَّةِ، وَأَهْلَ النَّارِ لِلنَّارِ قَالَ: فَكَانَ الرَّجُلُ بَعْدَ ذَلِكَ يَكْذِبُ عَنِ

⦗ص: 721⦘

الْحَسَنِ

⦗ص: 722⦘

وَقَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ، وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ، وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [إبراهيم: 4] وَقَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ النُّورِ: {لَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [النور: 46] وَقَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْقَصَصِ لِنَبِيِّهِ عليه الصلاة والسلام: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} وَقَالَ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سُورَةِ الْمَلَائِكَةِ: {إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ، وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ، إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ} [فاطر: 22] وَقَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ حم عسق: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ} [الشورى: 8] وَقَالَ فِي سُورَةِ الْمُدَّثِّرِ: {كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ

⦗ص: 723⦘

، وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ، هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ} [المدثر: 54] وَقَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا} [الإنسان: 1] بَعْدَ أَنْ حَذَّرَ مِنَ النَّارِ، وَشَوَّقَ إِلَى الْجَنَّاتِ مِمَّا أَعَدَّ فِيهَا لِأَوْلِيَائِهِ، فَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ:{إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا} [المزمل: 19] ثُمَّ قَالَ: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ، إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} وَقَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ، وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}

ص: 720

315 -

أَخْبَرَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَنَسٍ مَالِكُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: نا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: " لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ} [التكوير: 28]

⦗ص: 724⦘

قَالُوا: الْأَمْرُ إِلَيْنَا، إِنْ شِئْنَا اسْتَقَمْنَا، وَإِنْ شِئْنَا لَمْ نَسْتَقِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل:{وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: اعْتَبِرُوا يَا مُسْلِمُونَ، هَلْ لِقَدَرِيٍّ فِي جَمِيعِ مَا تَلَوْتُهُ حُجَّةٌ؟ إِلَّا خُذَلَانًا وَشِقْوَةً

ص: 723

316 -

أَخْبَرَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأُوَيْسِيُّ قَالَ: قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: " مَا أَضَلَّ مَنْ كَذَّبَ بِالْقَدَرِ لَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ فِيهِ حُجَّةٌ إِلَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ} [التغابن: 2] لَكَفَى بِهَا حُجَّةً

ص: 724

317 -

وَأَخْبَرَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ: نَا أَبُو أَنَسٍ مَالِكُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، يَعْنِي ابْنَ الْوَلِيدِ ، عَنْ مُبَشِّرِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: وَفِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ، فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ} [الأعراف: 30]«وَكَذَلِكَ خَلَقَهُمْ حِينَ خَلَقَهُمْ، فَجَعَلَهُمْ مُؤْمِنًا وَكَافِرًا، وَسَعِيدًا وَشَقِيًّا، وَكَذَلِكَ يَعُودُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُهْتَدِينَ وَضُلَّالًا»

ص: 725

318 -

وَأَخْبَرَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ يَعْنِي الثَّوْرِيَّ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ: فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49] قَالَ: نَزَلَتْ تَعْيِيرًا لِأَهْلِ الْقَدَرِ

ص: 726

319 -

وَأَخْبَرَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ

⦗ص: 727⦘

بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} [الشمس: 8] قَالَ: فَالتَّقِيُّ أَلْهَمَهُ التَّقْوَى، وَالْفَاجِرُ أَلْهَمَهُ الْفُجُورَ

ص: 726

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: وَقَدْ قَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: " وَاللَّهِ مَا قَالَتِ الْقَدَرِيَّةُ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى، وَلَا كَمَا قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ، وَلَا كَمَا قَالَ النَّبِيُّونَ، وَلَا كَمَا قَالَ أَهْلُ الْجَنَّةِ، وَلَا كَمَا قَالَ أَهْلُ النَّارِ، وَلَا كَمَا قَالَ أَخُوهُمْ إِبْلِيسُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} وَقَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: {سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا} [البقرة: 32] وَقَالَ النَّبِيُّونَ مِنْهُمْ شُعَيْبٌ عليه السلام: {وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا} [الأعراف: 89]

⦗ص: 728⦘

وَقَالَ أَهْلُ الْجَنَّةِ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} [الأعراف: 43] وَقَالَ أَهْلُ النَّارِ: {رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا} [المؤمنون: 106] وَقَالَ أَخُوهُمْ إِبْلِيسُ {رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي} [الحجر: 39] .

320 -

أَخْبَرَنَا الْفِرْيَابِيُّ بِذَلِكَ قَالَ: حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَاسِطِيُّ الْمَعْرُوفُ بِكُرْدُوسٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ خُبَيْبٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّهُ قَالَ هَذَا

⦗ص: 729⦘

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: وَصَدَّقَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَنَحْنُ نَزِيدُ عَلَى مَا قَالَهُ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، مِمَّا قَالَتْهُ الْأَنْبِيَاءُ، مِمَّا هُوَ حُجَّةٌ عَلَى أَهْلِ الْقَدَرِ، وَمِمَّا قَالَهُ أَهْلُ النَّارِ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، مِمَّا فِيهِ حُجَّةٌ عَلَى أَهْلِ الْقَدَرِيَّةِ فَأَوَّلُ مَا أَبْدَأُ بِذِكْرِهِ هَاهُنَا بَعْدَ ذِكْرِنَا لِمَا مَضَى زِيَادَةً عَلَى مَا قَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ ذَكَرْنَا عَنِ اللَّهِ تَعَالَى مَا قَالَهُ، مِمَّا يَفْتَضِحُ بِهِ أَهْلُ الْقَدَرِ، وَنَذْكُرُ مَا قَالَتْهُ الْأَنْبِيَاءُ مِمَّا هُوَ رَدٌ عَلَى أَهْلِ الْقَدَرِ، الَّذِينَ زِيغَ بِهِمْ عَنْ طَرِيقِ الْحَقِّ، وَالَّذِي قَدْ لَعِبَ بِهِمُ الشَّيْطَانُ وَاسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمْ، وَخَالَفُوا سَبِيلَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي قَوْمٍ أَشْقَاهُمْ وَأَضَلَّهُمْ عَنْ طَرِيقِ الْحَقِّ، فَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ:{وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ} [الأنعام: 111]

⦗ص: 730⦘

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: هَكَذَا الْقَدَرِيُّ يُقَالُ لَهُ: قَالَ اللَّهُ كَذَا، وَقَالَ: كَذَا وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: كَذَا وَقَالَ: كَذَا، وَقَالَتِ الْأَنْبِيَاءُ: كَذَا، وَقَالَتْ صَحَابَةُ نَبِيِّنَا: كَذَا، وَقَالَتْ أَئِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ: كَذَا، فَلَا يَسْمَعُ وَلَا يَعْقِلُ إِلَّا مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ مَذْهَبِهِ الْخَبِيثِ، أَعَاذَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْ سُوءِ مَذْهَبِهِمْ، وَرَزَقَنَا وَإِيَّاكُمُ التَّمَسُّكُ بِالْحَقِّ، وَثَبَّتَ قُلُوبَنَا عَلَى شَرِيعَةِ الْحَقِّ، إِنَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ، وَأَعَاذَنَا مِنْ زَيْغِ الْقُلُوبِ، فَإِنَّ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمُوا أَنَّ قُلُوبَهُمْ بِيَدِ اللَّهِ، يُزِيغُهَا إِذَا شَاءَ عَنِ الْحَقِّ، وَيَهْدِيهَا إِذَا شَاءَ إِلَى الْحَقِّ، مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِهَذَا كَفَرَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيمَا أَرْشَدَ أَنْبِيَاءَهُ إِلَيْهِ وَالْمُؤْمِنِينَ مِنَ الدُّعَاءِ، أَرْشَدَهُمْ فِي كِتَابِهِ أَنْ يَقُولُوا:{رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا، وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [آل عمران: 8]

ص: 727

321 -

أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْحِنَّائِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنُ حَسَّابٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ، وَهِشَامٌ، وَالْمُعَلَّى بْنُ زِيَادٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: دَعْوَةٌ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُكْثِرُ أَنْ يَدْعُوَ بِهَا: " يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ، ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى

⦗ص: 731⦘

دِينِكَ قَالَتْ: قُلْتُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا دَعْوَةٌ أَسْمَعُكَ تُكْثِرُ أَنْ تَدْعُوَ بِهَا؟ فَقَالَ:«إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَلْبُهُ بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ تَعَالَى إِنْ شَاءَ أَنْ يُقِيمَهُ أَقَامَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَنْ يُزِيغَهُ أَزَاغَهُ» قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رحمه الله: ثُمَّ نَذْكُرُ مَا قَالَتْهُ الْأَنْبِيَاءُ عليهم السلام خِلَافَ مَا قَالَتْهُ الْقَدَرِيَّةُ قَالَ نُوحٌ عليه السلام لِقَوْمِهِ لَمَّا قَالُوا: {يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ إِنْ شَاءَ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} وَقَالَ شُعَيْبٌ لِقَوْمِهِ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَ لَوْ كُنَّا كَارِهِينَ قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ

⦗ص: 732⦘

بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا} الْآيَةَ وَقَالَ شُعَيْبٌ أَيْضًا لِقَوْمِهِ: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ، وَمَا تَوْفِيقي إِلَّا بِاللَّهِ، عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود: 88] وَقَالَ تَعَالَى فِي قِصَّةِ يُوسُفَ عليه السلام: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ، وَهَمَّ بِهَا، لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ، كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ، إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} [يوسف: 24] وَقَالَ يُوسُفُ عليه السلام: {رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ، وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ، وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ} [يوسف: 33] قَالَ اللَّهُ عز وجل: {فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ، فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ، إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [يوسف: 34] وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام: {رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا، وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ} [إبراهيم: 35] وَقَالَ مُوسَى عليه السلام لَمَّا دَعَا عَلَى قَوْمِهِ فَقَالَ: {رَبَّنَا

⦗ص: 733⦘

إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ، وَاشْدُدُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا} [يونس: 89] وَقَالَ تَعَالَى فِيمَا أَخْبَرَ عَنْ أَهْلِ النَّارِ: {وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ} [إبراهيم: 21] قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: فَقَدْ أَقَرَّ أَهْلُ النَّارِ أَنَّ الْهِدَايَةَ مِنَ اللَّهِ لَا مِنْ أَنْفُسِهِمْ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: اعْتَبِرُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ قَوْلَ الْأَنْبِيَاءِ عليهم السلام وَقَوْلَ أَهْلِ النَّارِ، كُلُّ ذَلِكَ حُجَّةٌ عَلَى الْقَدَرِيَّةَ، وَاعْلَمُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ أَنَّ اللَّهَ عز وجل بَعَثَ رُسُلَهُ، وَأَمَرَهُمْ بِالْبَلَاغِ، حُجَّةً عَلَى مَنْ أُرْسِلُوا إِلَيْهِمْ، فَلَمْ يُجِبْهُمْ إِلَى الْإِيمَانِ إِلَّا مَنْ سَبَقَتْ لَهُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى الْهِدَايَةُ، وَمَنْ لَمْ يَسْبِقْ لَهُ مِنَ اللَّهِ الْهِدَايَةُ، وَفِي مَقْدُورِهِ أَنَّهُ شَقِيٌّ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ يُجِبْهُمْ، وَثَبَتَ عَلَى كُفْرِهِ، وَقَدْ أَخْبَرَكُمُ اللَّهُ تَعَالَى يَا مُسْلِمُونَ بِذَلِكَ

⦗ص: 734⦘

، نَعَمْ، وَقَدْ حَرَصَ نَبِيُّنَا صلى الله عليه وسلم، وَالْأَنْبِيَاءُ مِنْ قَبْلِهِ، عَلَى هِدَايَةِ أُمَمِهِمْ، فَمَا يَقَعُ حِرْصُهُمْ، إِذَا كَانَ فِي مَقْدُورِ اللَّهِ أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: بَيِّنْ لَنَا هَذَا الْفَصْلَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّا نَحْتَاجُ إِلَى مَعْرِفَتِهِ، قِيلَ لَهُ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ النَّحْلِ: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ، فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} [النحل: 36] ثُمَّ قَالَ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم: {إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ، وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ} [النحل: 37] ثُمَّ قَالَ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ أَحَبَّ هِدَايَةَ بَعْضِ مَنْ يُحِبُّهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:{إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} وَقَالَ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم أَيْضًا: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا، إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ، وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ، إِنْ

⦗ص: 735⦘

أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [الأعراف: 188] وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ، لِيُبَيِّنَ لَهُمْ، فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ، وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ، وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [إبراهيم: 4] قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رحمه الله: كُلُّ هَذَا بَيَّنَ لَكُمُ الرَّبُّ تَعَالَى بِهِ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ إِنَّمَا بُعِثُوا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ، وَحُجَّةً عَلَى الْخَلْقِ، فَمَنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ الْإِيمَانَ آمَنَ، وَمَنْ لَمْ يَشَأْ لَهُ الْإِيمَانَ لَمْ يُؤْمِنْ، قَدْ فَرَغَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، قَدْ كَتَبَ الطَّاعَةَ لِقَوْمٍ، وَكَتَبَ الْمَعْصِيَةَ عَلَى قَوْمٍ، وَيَرْحَمُ أَقْوَامًا بَعْدَ مَعْصِيَتِهِمْ إِيَّاهُ، وَيَتُوبُ عَلَيْهِمْ، وَقَوْمٌ لَا يَرْحَمُهُمُ، وَلَا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ:{لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء: 23]

ص: 730

322 -

أَخْبَرَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ: نا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: نا

⦗ص: 736⦘

وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، عَمَّنْ سَمِعَ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ قَالَ: " قَالَ آدَمُ عليه السلام: يَا رَبِّ أَرَأَيْتَ مَا ابْتَدَعْتُهُ: مِنْ قِبَلِ نَفْسِي أَوْ شَيْءٌ قَدَّرْتُهُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ تَخْلُقَنِي؟ قَالَ: لَا، بَلْ شَيْءٌ قَدَّرْتُهُ عَلَيْكَ قَبْلَ أَنْ أَخْلُقَكَ قَالَ: فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة: 37]

ص: 735

323 -

وَحَدَّثَنِي أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بَكَّارٍ

⦗ص: 737⦘

الْقَافِلَائِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى الْجُرْجَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَنْبَأَ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: " قَالَ آدَمُ عليه السلام لِرَبِّهِ تَعَالَى وَذَكَرَ خَطِيئَتَهُ: يَا رَبِّ، أَرَأَيْتَ مَعْصِيَتِي الَّتِي عَصَيْتُكَ: أشَيْءٌ كَتَبْتَهُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ تَخْلُقَنِي أَوْ شَيْءٌ ابْتَدَعْتُهُ مِنْ نَفْسِي قَالَ: بَلْ شَيْءٌ كَتَبْتُهُ عَلَيْكَ قَبْلَ أَنْ أَخْلُقَكَ قَالَ: فَكَمَا كَتَبْتَهُ عَلَيَّ فَاغْفِرْ لِي قَالَ: فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ} [البقرة: 37] قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: قَدْ ذَكَرْنَا الْحُجَّةَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فِيمَا ابْتَدَأْنَا بِذِكْرِهِ مِنْ أَمْرِ الْقَدَرِ، ثُمَّ نَذْكُرُ الْحُجَّةَ مِنْ سُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ لِأَنَّ الْحُجَّةَ إِذَا كَانَتْ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمِنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَيْسَ لَمُخَالِفٍ حُجَّةٌ، وَنَحْنُ نَزِيدُ الْمَسْأَلَةَ فَنَقُولُ: وَمِنْ سُنَّةِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ

⦗ص: 738⦘

، وَقَوْلِ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ مِنَ التَّابِعِينَ وَغَيْرِهِمْ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: لَقَدْ شَقِيَ مَنْ خَالَفَ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ، وَهُمُ الْقَدَرِيَّةُ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: هُمْ عِنْدَكَ أَشْقِيَاءُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: بِمَ ذَا؟ قُلْتُ: كَذَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَسَمَّاهُمْ مَجُوسَ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَقَالَ:«إِنْ مَرِضُوا، فَلَا تَعُودُوهُمْ، وَإِنْ مَاتُوا فَلَا تَشْهَدُوهُمْ» وَسَنَذْكُرُ هَذَا فِي بَابِهِ إِنْ

⦗ص: 740⦘

شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رحمه الله: وَيُقَالُ لِمَنْ خَالَفَ هَذَا الْمَذْهَبَ الَّذِي بَيَّنَّاهُ فِي إِثْبَاتِ الْقَدَرِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى: اعْلَمْ يَا شَقِيُّ أَنَّا لَسْنَا أَصْحَابَ كَلَامٍ ، وَالْكَلَامُ عَلَى غَيْرِ أَصْلٍ لَا تَثْبُتُ بِهِ حُجَّةٌ، وَحُجَّتُنَا كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى وَسُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا حَضَرَنَا ذِكْرُهُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عز وجل لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم:{لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 44] فَقَدْ بَيَّنَ صلى الله عليه وسلم لِأُمَّتِهِ مَا فَرَضَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ، مِنْ أَدَاءِ فَرَائِضِهِ، وَاجْتِنَابِ مَحَارِمِهِ، وَلَمْ يَدَعْهُمْ سُدًى لَا يَعْلَمُونَ، بَلْ بَيَّنَ لَهُمْ شَرَائِعَ دِينِهِمْ، فَكَانَ مِمَّا بَيَّنَهُ لَهُمْ: إِثْبَاتُ الْقَدَرِ عَلَى نَحْوٍ مِمَّا تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ، وَهِيَ سُنَنٌ كَثِيرَةٌ سَنْذْكُرُهَا أَبْوَابًا، لَا تَخْفَى عِنْدَ الْعُلَمَاءِ قَدِيمًا وَلَا حَدِيثًا، وَلَا يُنْكِرُهَا عَالِمٌ، بَلْ إِذَا نَظَرَ فِيهَا الْعَالِمُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى زَادَتْهُ إِيمَانًا وَتَصْدِيقًا، وَإِذْ نَظَرَ فِيهَا جَاهِلٌ بِالْعِلْمِ، أَوْ بَعْضُ مَنْ قَدْ سَمِعَ مِنْ قَدَرِيٍّ جَاهِلٍ بِكِتَابِ اللَّهِ عز وجل، وَسُنَنِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، وَسُنَنِ أَصْحَابِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ وَسَائِرِ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ رضي الله عنهم، فَإِنْ أَرَادَ اللَّهُ عز وجل بِهِ خَيْرًا كَانَ سَمَاعُهُ لَهَا سَبَبًا لِرُجُوعِهِ عَنْ بَاطِلِهِ، وَإِنْ تَكُنِ الْأُخْرَى فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ وَأَسْحَقَهُ

ص: 736