الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ ذِكْرِ مَا تَأَدَّى إِلَيْنَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما مِنْ رَدِّهِمَا عَلَى الْقَدَرِيَّةِ ، وَإِنْكَارِهِمَا عَلَيْهِمْ
415 -
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ قَالَ: نَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَمَّنْ أَخْبَرَهُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه: " إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الْخَلْقَ، فَجَعَلَهُمْ نِصْفَيْنِ ، فَقَالَ لِهَؤُلَاءِ: ادْخُلُوا الْجَنَّةَ، وَقَالَ لِهَؤُلَاءِ: ادْخُلُوا النَّارَ
⦗ص: 838⦘
وَلَا أُبَالِي " حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ قَالَ: نَا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ قَالَ: نَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، وَعَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ
417 -
وَأَخْبَرَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ: نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ السَّامِيُّ قَالَ: نَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ قَالَ: نَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ قَالَ: خَطَبَنَا عُمَرُ رضي الله عنه بِالْجَابِيَةِ، وَالْجَاثَلِيقُ ماثلٌ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَالتُّرْجُمَانُ يُتَرْجِمُ فَقَالَ عُمَرُ: مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، فَقَالَ الْجَاثَلِيقُ: إِنَّ اللَّهَ لَا
⦗ص: 840⦘
يُضِلُّ أَحَدًا، فَقَالَ عُمَرُ: مَا يَقُولُ؟ فَقَالَ التُّرْجُمَانُ: لَا شَيْءَ، ثُمَّ عَادَ فِي خُطْبَتِهِ، فَلَمَّا بَلَغَ: مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، فَقَالَ الْجَاثَلِيقُ: إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِلُّ أَحَدًا، فَقَالَ عُمَرُ: مَا يَقُولُ؟ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ، وَلَوْلَا عَهْدُكَ لَضَرَبْتُ عُنُقَكَ، بَلِ اللَّهُ خَلَقَكَ، وَاللَّهُ أَضَلَّكَ، ثُمَّ اللَّهُ يُمِيتُكَ، ثُمَّ يُدْخِلُكَ النَّارَ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ قَالَ:" إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا خَلَقَ آدَمَ نَثَرَ ذُرِّيَّتَهُ، فَكَتَبَ أَهْلَ الْجَنَّةِ وَمَا هُمْ عَامِلُونَ، وَأَهْلَ النَّارِ وَمَا هُمْ عَامِلُونَ، ثُمَّ قَالَ: هَؤُلَاءِ لِهَذِهِ، وَهَؤُلَاءِ لِهَذِهِ "
⦗ص: 841⦘
وَقَدْ كَانَ النَّاسُ تَذَاكَرُوا الْقَدَرَ، فَافْتَرَقَ النَّاسُ، وَمَا يَذْكُرُهُ أَحَدٌ
418 -
وَأَخْبَرَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ: نَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ الْوَاسِطِيُّ قَالَ: أنا خَالِدٌ وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ خَالِدٍ وَهُوَ ابْنُ مِهْرَانَ الْحَذَّاءُ أَبُو الْمَنَازِلِ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ قَالَ: خَطَبَنَا عُمَرُ رضي الله عنه بِالْجَابِيَةِ، وَالْجَاثَلِيقُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَالتُّرْجُمَانُ يُتَرْجِمُ، فَقَالَ عُمَرُ:«مِنْ يَهْدِهِ اللَّهُ، فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ» وَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى آخِرِهِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: وَقَدْ ذَكَرْنَا عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ رضي الله عنهما حَدِيثَهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْقَدَرِ، وَهُوَ أَصْلُ كَبِيرٌ مِمَّا يُرَدُّ بِهِ عَلَى الْقَدَرِيَّةِ الْأَشْقِيَاءِ
⦗ص: 842⦘
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ أَنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُ النَّاسَ إِثْبَاتَ الْقَدَرِ، وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الْخَلْقَ شَقِيًّا وَسَعِيدًا
420 -
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: نَا مُحَمَّدُ بْنُ وَزِيرٍ الْوَاسِطِيُّ قَالَ: نَا نُوحُ بْنُ قَيْسٍ الطَّاحِيُّ، عَنْ سَلَامَةَ الْكِنْدِيِّ قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ رضي الله عنه يُعَلِّمُ النَّاسَ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَيَقُولُ: " قُولُوا: اللَّهُمَّ دَاحِي الْمَدْحُوَّاتِ، وَبَارِئَ الْمَسْمُوكَاتِ، وَجَبَّارَ الْقُلُوبِ عَلَى فَطْرَتِهَا، شَقِيِّهَا وَسَعِيدِهَا، اجْعَلْ شَرَائِفَ صَلَوَاتِكَ، وَنَوَامِي بَرَكَاتِكَ، وَرَأْفَةَ تَحَنُّنِكَ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ " وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ زَاطْيَا قَالَ: نَا مُحَمَّدُ بْنُ وَزِيرٍ الْوَاسِطِيُّ قَالَ: نَا نُوحُ بْنُ قَيْسٍ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ
421 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الْحُلْوَانِيُّ قَالَ: أنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: نَا عَبْدُ الْعَزِيزِ وَهُوَ ابْنُ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ فِي حَدِيثٍ رَفَعَهُ إِلَى عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: " ذُكِرَ عِنْدَهُ الْقَدَرُ يَوْمًا، قَالَ: فَأَدْخَلَ إِصْبَعَيْهِ فِي فِيهِ: السَّبَّابَةَ وَالْوُسْطَى قَالَ: فَأَخَذَ بِهِمَا مِنْ رِيقِهِ، فَرَقَمَ بِهِمَا ذِرَاعَهُ ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ هَاتَيْنِ الرَّقْمَتَيْنِ كَانَتَا فِي أُمِّ الْكِتَابِ "
422 -
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: نَا أَيُّوبُ شَيْخٌ لَنَا قَالَ: نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَمْرٍو الْبَجَلِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ
⦗ص: 845⦘
هَارُونَ بْنِ عَنْتَرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: أَتَى رَجُلٌ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه فَقَالَ: أَخْبِرْنِي عَنُ الْقَدَرِ،؟ قَالَ:«طَرِيقٌ مُظْلِمٌ، فَلَا تَسْلُكْهُ» قَالَ: أَخْبِرْنِي عَنُ الْقَدَرِ؟ قَالَ: بَحْرٌ عَمِيقٌ فَلَا تَلِجْهُ " قَالَ: أَخْبِرْنِي عَنُ الْقَدَرِ؟ قَالَ: «سِرُّ اللَّهِ فَلَا تُكَلَّفْهُ» قَالَ: ثُمَّ وَلَّى الرَّجُلُ غَيْرَ بَعِيدٍ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لِعَلِيٍّ: فِي الْمَشِيئَةِ الْأُولَى أَقُومُ وَأَقْعُدُ، وَأَقْبِضُ وَأَبْسِطُ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ رضي الله عنه: إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ ثَلَاثِ خِصَالٍ، وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَكَ وَلَا لِمَنْ ذَكَرَ الْمَشِيئَةَ مَخْرَجًا، أَخْبِرْنِي: أَخْلَقَكَ اللَّهُ تَعَالَى لَمَّا شَاءَ، أَمْ لَمَّا شِئْتَ؟ " قَالَ: لَا، بَلْ لَمَّا شَاءَ قَالَ: أَخْبِرْنِي، أَفَتَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا شَاءَ أَوْ كَمَا شِئْتَ؟ قَالَ: لَا، بَلْ كَمَا شَاءَ، قَالَ: فَأَخْبِرْنِي، أَجْعَلَكَ كَمَا شَاءَ، أَوْ كَمَا شِئْتَ؟ قَالَ: لَا، بَلْ كَمَا
⦗ص: 846⦘
شَاءَ قَالَ: فَلَيْسَ لَكَ فِي الْمَشِيئَةِ شَيْءٌ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: مَنْ خَالَفَ هَؤُلَاءِ خُولِفَ بِهِ عَنْ طَرِيقِ الْحَقِّ
423 -
وَأَخْبَرَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ: نا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ قَالَ
⦗ص: 847⦘
: أنا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ قَالَ: نا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيِّ قَالَ: قَدِمْتُ الْبَصْرَةَ، وَبِهَا عِمْرَانُ بْنُ الْحُصَيْنِ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَلَسْتُ فِي مَجْلِسٍ، فَذَكَرُوا الْقَدَرَ فَأَمْرَضُوا قَلْبِي فَأَتَيْتُ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ فَقُلْتُ: يَا أَبَا نُجَيْدٍ إِنِّي جَلَسْتُ مَجْلِسًا فَذَكَرُوا الْقَدَرَ فَأَمْرَضُوا قَلْبِي فَهَلْ أَنْتَ مُحَدِّثِي عَنْهُ؟ فَقَالَ: " نَعَمْ: تَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عز وجل لَوْ عَذَّبَ أَهْلَ السَّمَاوَاتِ وَأَهْلَ الْأَرْضِ لَعَذَّبَهُمْ حَيْثُ يُعَذِّبَهُمْ وَهُوَ غَيْرُ ظَالِمٍ لَهُمْ، وَلَوْ رَحِمَهُمْ كَانَتْ رَحْمَتُهُ أَوْسَعُ لَهُمْ، وَلَوْ كَانَ لَكَ مِثْلُ أُحُدٍ ذَهَبًا فَأَنْفَقْتَهُ مَا تُقُبِّلَ مِنْكَ حَتَّى تُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ كُلِّهِ، خَيْرِهِ وَشَرِّهِ، وَسَتَقْدُمُ الْمَدِينَةَ فَتَلْقَى بِهَا
⦗ص: 848⦘
أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ قَالَ: فَقَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَجَلَسْتُ فِي مَجْلِسٍ فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ فَقُلْتُ لِأَبِي: أَصْلَحَكَ اللَّهُ، إِنِّي قَدِمْتُ الْبَصْرَةَ، فَجَلَسْتُ فِي مَجْلِسٍ فَذَكَرُوا الْقَدَرَ فَأَمْرَضُوا قَلْبِي، فَهَلْ أَنْتَ مُحَدِّثِي عَنْهُ؟ فَقَالَ:«نَعَمْ، تَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَوْ عَذَّبَ أَهْلَ السَّمَاوَاتِ وَأَهْلَ الْأَرْضِ لَعَذَّبَهُمْ حِينَ يُعَذِّبُهُمْ وَهُوَ غَيْرُ ظَالِمٍ لَهُمْ، وَلَوْ رَحِمَهُمْ كَانَتْ رَحْمَتُهُ أَوْسَعُ لَهُمْ، وَلَوْ كَانَ لَكَ مِثْلُ أُحُدٍ ذَهَبًا فَأَنْفَقْتَهُ مَا تُقُبِّلَ مِنْكَ حَتَّى تُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ» ثُمَّ قَالَ: «يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدِّثْ أَخَاكَ» قَالَ: فَحَدَّثَنِي بِمِثْلِ مَا حَدَّثَنِي بِهِ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ
424 -
وَأَخْبَرَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي مَيْمُونُ بْنُ الْأَصْبَغِ النَّصِيبِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو صَالِحٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ أَنَّ أَبَا الزَّاهِرِيَّةِ، حَدَّثَهُ عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ، عَنِ ابْنِ الدَّيْلَمِيِّ يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الدَّيْلَمِيِّ، أَنَّهُ لَقِيَ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ فَقَالَ لَهُ: إِنِّي شَكَكْتُ فِي بَعْضِ أَمْرِ الْقَدَرِ، فَحَدِّثْنِي لَعَلَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَجْعَلَ لِي عِنْدَكَ فَرَجًا قَالَ: نَعَمْ، يَا ابْنَ أَخِي، «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَوْ عَذَّبَ أَهْلَ السَّمَاءِ وَأَهْلَ الْأَرْضِ عَذَّبَهُمْ وَهُوَ غَيْرُ ظَالِمٍ لَهُمْ، وَلَوْ رَحِمَهُمْ كَانَتْ رَحْمَتُهُ إِيَّاهُمْ خَيْرًا لَهُمْ مِنْ أَعْمَالِهِمْ، وَلَوْ أَنَّ لِامْرِئٍ مِثْلَ أُحُدٍ
⦗ص: 849⦘
ذَهَبًا يُنْفِقُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى يُنْفِذَهُ، لَمْ يُؤْمِنْ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ، مَا تُقُبِّلَ مِنْهُ، وَلَا عَلَيْكَ أَنْ تَأْتِيَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ» فَذَهَبَ ابْنُ الدَّيْلَمِيِّ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَقَالَتِهِ لِسَعْدٍ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لَهُ سَعْدٌ، وَقَالَ لَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ: وَلَا عَلَيْكَ أَنْ تَلْقَى أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ " فَذَهَبَ ابْنُ الدَّيْلَمِيِّ إِلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، فَقَالَ لَهُ: مِثْلَ مَقَالَتِهِ لِابْنِ مَسْعُودٍ، فَقَالَ لَهُ أُبَيُّ مِثْلَ مَقَالَةِ صَاحِبَيْهِ، وَقَالَ لَهُ أُبَيُّ: وَلَا عَلَيْكَ أَنْ تَلْقَى زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، فَذَهَبَ ابْنُ الدَّيْلَمِيِّ إِلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، فَقَالَ لَهُ: إِنِّي شَكَكْتُ فِي بَعْضِ الْقَدَرِ فَحَدِّثْنِي لَعَلَّ اللَّهَ، أَنْ يَجْعَلَ لِي عِنْدَكَ مِنْهُ فَرَجًا قَالَ زَيْدٌ: نَعَمْ يَا ابْنَ أَخِي، إِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَوْ عَذَّبَ أَهْلَ السَّمَاءِ وَأَهْلَ الْأَرْضِ عَذَّبَهُمْ وَهُوَ غَيْرُ ظَالِمٍ لَهُمْ، وَلَوْ رَحِمَهُمْ كَانَتْ رَحْمَتُهُ خَيْرًا لَهُمْ مِنْ أَعْمَالِهِمْ، وَلَوْ أَنَّ لِامْرِئٍ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا يُنْفِقُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى يُنْفِذَهُ، لَا يُؤْمِنُ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ دَخَلَ النَّارَ»
425 -
وَأَخْبَرَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ: نَا مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ قَالَ
⦗ص: 850⦘
: أنا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: " لَا يَذُوقُ عَبْدٌ طَعْمَ الْإِيمَانِ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ كُلِّهِ، وَبِأَنَّهُ مَبْعُوثٌ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ
426 -
وَأَخْبَرَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ: نَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: نَا وَكِيعٌ، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنْ مَعْنٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ: «مَا كَانَ كُفْرٌ بَعْدَ نُبُوَّةٍ إِلَّا كَانَ مَعَهَا التَّكْذِيبُ بِالْقَدَرِ»
427 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ الْبُخَارِيُّ قَالَ: نَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ لُوَيْنٌ قَالَ: نَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ مَطَرٍ الْوَرَّاقُ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ قَالَ: لَمَّا تَكَلَّمَ مَعْبَدُ الْجُهَنِيُّ بِمَا تَكَلَّمَ فِيهِ فِي شَأْنِ الْقَدَرِ، فَأَنْكَرْنَا مَا جَاءَ بِهِ، فَحَجَجْتُ أَنَا وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيُّ حَجَّةً، فَلَمَّا قَضَيْنَا نُسُكَنَا قَالَ: أَحَدُنَا لِصَاحِبِهِ: مِلْ بِنَا إِلَى طَرِيقِ الْمَدِينَةِ، أَوْ لَوْ مِلْتَ بِنَا إِلَى الْمَدِينَةِ؟ فَلَقِينَا بِهَا مَنْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلْنَاهُمْ عَمَّا جَاءَ بِهِ مَعْبَدٌ، فَمِلْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ، فَدَخَلْنَا الْمَسْجِدَ وَنَحْنُ نَؤُمُّ أَبَا سَعِيدٍ أَوِ ابْنَ عُمَرَ، فَإِذَا ابْنُ عُمَرَ قَاعِدٌ، فَاكْتَنَفْنَاهُ
⦗ص: 852⦘
، فَقَدَّمَنِي حُمَيْدٌ لِلْمَسْأَلَةِ، وَكُنْتُ أَجْرَأُ عَلَى الْمِنْطَقِ مِنْهُ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنَّ قَوْمًا قَدْ نَشَأُوا بِالْعِرَاقِ، وَقَرَءُوا الْقُرْآنَ وَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ يَقُولُونَ: لَا قَدَرَ قَالَ: " فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَقُولُوا لَهُمْ: إِنَّ ابْنَ عُمَرَ مِنْهُمْ بَرِيءٌ وَهُمْ مِنِّي بُرَآءُ، لَوْ أَنْفَقُوا مَا فِي الْأَرْضِ ذَهَبًا مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ، حَتَّى يُؤْمِنُوا بِالْقَدَرِ " وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ
428 -
وَأَخْبَرَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ: نَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حَسَّابٍ قَالَ: نَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ مِثْلَهُ وَحَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ: نَا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ قَالَ: أنا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ قَالَ: نا كَهْمَسُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرٍ قَالَ الْفِرْيَابِيُّ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: نا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ كَهْمَسًا، يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ قَالَا جَمِيعًا: كَانَ أَوَّلَ مَنْ قَالَ فِي هَذَا الْقَدَرِ بِالْبَصْرَةِ مَعْبَدُ الْجُهَنِيُّ، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَاجَّيْنِ أَوْ مُعْتَمِرِينَ، وَذَكَرَ
⦗ص: 853⦘
الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ
430 -
وَأَخْبَرَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ: نَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ: نا أَبِي قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي نَعَامَةَ السَّعْدِيِّ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، فَحَمِدْنَا اللَّهَ عز وجل وَذَكَرْنَاهُ، فَقُلْتُ: لَأَنَا بِأَوَّلِ هَذَا الْأَمْرِ أَشَدُّ فَرَحًا مِنِّي بِآخِرِهِ، فَقَالَ ثَبَّتَكَ اللَّهُ، كُنَّا عِنْدَ سَلْمَانَ فَحَمِدْنَا اللَّهَ عز وجل وَذَكَرْنَاهُ فَقُلْتُ لَأَنَا بِأَوَّلِ هَذَا الْأَمْرِ أَشَدُّ فَرَحًا مِنِّي بِآخِرِهِ فَقَالَ سَلْمَانُ: ثَبَّتَكَ اللَّهُ عز وجل «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا خَلَقَ آدَمَ مَسَحَ عَلَى ظَهْرِهِ، فَأَخْرَجْ مِنْهُ مَا هُوَ ذَارِيءٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَخَلَقَ الذِّكْرَ وَالْأُنْثَى، وَالشَّقَاوَةَ وَالسَّعَادَةَ، وَالْأَرْزَاقَ وَالْآجَالَ وَالْأَلْوَانَ، فَمَنْ عِلْمَ السَّعَادَةَ فَعَلَ الْخَيْرَ، وَمَجَالِسَ الْخَيْرِ، وَمَنْ عِلْمَ الشَّقَاوَةَ فَعَلَ الشَّرَّ، وَمَجَالِسَ الشَّرِّ»
431 -
وَأَخْبَرَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ: نا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ: نا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: نا أَبُو عُثْمَانَ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ، أَوْ سَلْمَانَ وَلَا أَرَاهُ إِلَّا سَلْمَانَ قَالَ:" إِنَّ اللَّهَ خَمَرَ طِينَةَ آدَمَ عليه السلام أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، أَوْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ فِيهِ، فَخَرَجَ كُلُّ طَيِّبٍ فِي يَمِينِهِ، وَكُلُّ خَبِيثٍ فِي يَدِهِ الْأُخْرَى، ثُمَّ خَلَطَ بَيْنَهُمَا قَالَ: فَمِنْ ثَمَّ يَخْرُجُ الْحَيُّ مِنَ الْمَيِّتِ، وَالْمَيِّتُ مِنَ الْحَيِّ " أَوْ كَمَا قَالَ
432 -
وَأَخْبَرَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ: نَا أَبُو مَرْوَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ الْمِصِّيصِيُّ قَالَ: نَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ سَلْمَانَ قَالَ: " إِنَّ اللَّهَ خَمَرَ طِينَةَ آدَمَ عليه السلام أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَوْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، فَقَالَ فِيهِ: عَنْ سَلْمَانَ وَحْدَهُ
433 -
وَأَخْبَرَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ: نَا أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ قَالَ: نَا عَبْدُ الْوَاحِدِ قَالَ: نَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي الْحَجَّاجِ الْأَزْدِيِّ قَالَ: قُلْتُ لِسَلْمَانَ: مَا قَوْلُ النَّاسِ حَتَّى تُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ؟ قَالَ: " حِينَ تُؤْمِنُ بِالْقَدَرِ، تَعْلَمُ أَنَّ مَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ، وَمَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ وَلَا تَقُولُ: لَوْ فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا لَكَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَوْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا وَكَذَا، لَمْ يَكُنْ كَذَا وَكَذَا "
434 -
وَأَخْبَرَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ: نَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: نَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَّامٍ أَنَّهُ قَالَ: خَلَقَ اللَّهُ الْأَرْضَ يومَ الْأَحَدِ وَالْإِثْنَيْنِ، وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا، وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ وَالْأَرْبِعَاءِ، ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَخَلَقَهَا يَوْمَ الْخَمِيسِ وَيَوْم الْجُمُعَةِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَخَلَقَ آدَمَ عليه السلام فِي آخِرِ سَاعَةٍ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ عَلَى عَجَلٍ، ثُمَّ تَرَكَهُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، يَنْظُرُ إِلَيْهِ وَيَقُولُ: تبارك وتعالى: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون: 14] ثُمَّ نَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ، فَلَمَّا دَخَلَ فِي بَعْضِهِ الرُّوحُ ذَهَبَ لِيَجْلِسَ قَالَ
⦗ص: 857⦘
اللَّهُ تَعَالَى: {خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ} [الأنبياء: 37] فَلَمَّا تَتَابَعَ فِيهِ الرُّوحُ عَطَسَ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ فَقَالَ: اللَّهُ تَعَالَى: رَحِمَكَ رَبُّكَ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: اذْهَبْ إِلَى أَهْلِ ذَلِكَ الْمَجْلِسِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَسَلِّمْ عَلَيْهِمْ، فَفَعَلَ فَقَالَ: هَذِهِ تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ، ثُمَّ مَسَحَ ظَهْرَهُ بِيَدِهِ فَأَخْرَجَ فِيهِمَا مَنْ هُوَ خَالِقٌ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ ثُمَّ قَبَضَ يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ: اخْتَرْ يَا آدَمُ، فَقَالَ: اخْتَرْتُ يَمِينَكَ يَا رَبِّ، وَكِلْتَا يَدَيْكَ يَمِينُ، فَبَسَطَهَا فَإِذَا فِيهَا ذُرِّيَّتُهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَقَالَ: مَنْ هَؤُلَاءِ يَا رَبِّ؟ قَالَ: هُمْ مَنْ قَضَيْتُ أَنْ أَخْلُقَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ، فَإِذَا فِيهِمْ مَنْ لَهُ وَبِيصٌ فَقَالَ: مَنْ هَؤُلَاءِ يَا رَبِّ؟ قَالَ: هُمُ الْأَنْبِيَاءُ قَالَ: فَمَنْ هَذَا الَّذِي كَانَ لَهُ وَبِيصٌ؟ قَالَ: هُوَ ابْنُكَ دَاوُدُ
⦗ص: 858⦘
قَالَ: فَكَمْ جَعَلْتَ عُمْرَهُ؟ قَالَ: سِتِّينَ سَنَةً قَالَ: فَكَمْ عُمْرِي؟ قَالَ: أَلْفُ سَنَةٍ قَالَ فَزِدْهُ يَا رَبِّ مِنْ عُمْرِي أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ: إِنْ شِئْتَ قَالَ: فَقَدْ شِئْتُ، إِذًا تَكْتُبُ وَتَخْتِمُ، وَلَا يُبَدَّلُ، ثُمَّ رَأَى فِي آخِرِ كَفِّ الرَّحْمَنِ تبارك وتعالى مِنْهُمْ آخِرُهُمْ لَهُ فَضْلُ وَبِيصٍ قَالَ: فَمَنْ هَذَا يَا رَبُّ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، هُوَ آخِرُهُمْ وَأَوَّلُهُمْ أُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ، فَلَمَّا أَتَى مَلَكُ الْمَوْتِ لِيَقْبِضَ نَفْسَهُ قَالَ: إِنَّهُ قَدْ بَقِيَ مِنْ عُمْرِي أَرْبَعُونَ سَنَةً قَالَ: أَوَ لَمْ تَكُنْ وَهَبْتُهَا لِابْنِكَ دَاوُدَ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَنَسِيَ آدَمُ، فَنَسِيتَ ذُرِّيَّتُهُ، وَعَصَى آدَمُ فَعَصَتْ ذُرِّيَّتُهُ، وَجَحَدَ آدَمُ فَجَحَدَتْ ذُرِّيَّتُهُ، وَذَلِكَ أَوَّلُ يَوْمٍ أُمِرَ بِالشُّهُودِ
435 -
وَأَخْبَرَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ: نَا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ قَالَ: أنا
⦗ص: 859⦘
حَكَّامُ بْنُ سَلْمٍ الرَّازِيُّ قَالَ: نَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ أَبِي بْنِ كَعْبٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:{وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ، وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ} [الأعراف: 172] إِلَى قَوْلِهِ عز وجل {أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ} [الأعراف: 173] قَالَ: جَمَعَهُمْ لَهُ يَوْمَئِذٍ جَمِيعًا مَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ جَعَلَهُمْ أَزْوَاجًا، ثُمَّ صَوَّرَهُمْ وَاسْتَنْطَقَهُمْ وَتَكَلَّمُوا، وَأَخَذَ عَلَيْهِمُ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ:{وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ، أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ، أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ} [الأعراف: 173] قَالَ: فَإِنِّي أُشْهِدُ عَلَيْكُمُ السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ وَالْأَرَضِينَ السَّبْعَ، وَأُشْهِدُ عَلَيْكُمْ أَبَاكُمْ آدَمَ، أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ: إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ، فَلَا تُشْرِكُوا بِي شَيْئًا، فَإِنِّي أُرْسِلُ إِلَيْكُمْ رُسُلِي يُذَكِّرُونَكُمْ عَهْدِي وَمِيثَاقِي ، وَأُنْزِلُ عَلَيْكُمْ كُتُبِي، فَقَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ رَبُّنَا
⦗ص: 860⦘
وَإِلَهُنَا، لَا رَبَّ لَنَا غَيْرُكَ، وَلَا إِلَهَ لَنَا غَيْرُكَ، وَرُفِعَ لَهُمْ أَبُوهُمْ، فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ فَرَأَى فِيهِمُ الْغَنِيَّ وَالْفَقِيرَ، وَحَسَنَ الصُّورَةِ وَدُونَ ذَلِكَ، فَقَالَ: يَا رَبِّ لَوْ شِئْتَ سَوَّيْتَ بَيْنَ عِبَادِكَ، فَقَالَ: إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَشْكُرَ، وَرَأَى فِيهِمُ الْأَنْبِيَاءَ مِثْلَ السُّرُجِ، وَخُصُّوا بِمِيثَاقٍ آخِرَ فِي الرِّسَالَةِ وَالنُّبُوَّةِ فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى:{وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ، وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ} [الأحزاب: 7] الْآيَةَ وَهُوَ قَوْلُهُ: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [الروم: 30] وَذَلِكَ قَوْلُهُ: {هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى} [النجم: 56] وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ} [الأعراف: 102] كُلُّ طَيِّبٍ فِي يَمِينِهِ، وَكُلُّ خَبِيثٍ فِي يَدِهِ الْأُخْرَى، ثُمَّ خَلَطَ بَيْنَهُمَا وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى:{ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ، فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ} فَكَانَ فِي عِلْمِهِ تَعَالَى يَوْمَ أَقَرُّوا بِهِ مَنْ يُكَذِّبُ بِهِ وَمَنْ يُصَدِّقُ بِهِ، فَكَانَ رُوحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عليه السلام فِي تِلْكَ الْأَرْوَاحِ الَّتِي أَخَذَ عَلَيْهَا الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ فِي زَمَنِ آدَمَ عليه السلام، فَأَرْسَلَ ذَلِكَ الرُّوحَ إِلَى مَرْيَمَ عليها السلام حِينَ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا:{فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا} [مريم: 17] إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَكَانَ أَمْرًا
⦗ص: 861⦘
مَقْضِيًّا فَحَمَلَتْهُ} [مريم: 21] قَالَ: فَحَمَلَتِ الَّتِي خَاطَبَهَا وَهُوَ رُوحُ عِيسَى عليه السلام قَالَ إِسْحَاقُ: قَالَ حَكَّامٌ: نَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: دَخَلَ مِنْ فِيهَا
436 -
أَخْبَرَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ مُصَفًّى أَبُو عَبْدِ اللَّهِ
⦗ص: 862⦘
الْحِمْصِيُّ قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: نا الزُّبَيْدِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: أَنَّهُ غُشِيَ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فِي وَجَعِهِ غَشْيَةً ظَنُّوا أَنَّهُ قَدْ فاضَ مِنْهَا، حَتَّى قُمْنَا مِنْ عِنْدِهِ وَجَلَّلُوهُ ثَوْبًا، وَخَرَجَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ ابْنَةُ عُقْبَةَ امْرَأَةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِلَى الْمَسْجِدِ، تَسْتَعِينُ بِمَا أُمِرَتْ بِهِ مِنَ الصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ، فَلَبِثُوا سَاعَةً، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ فِي غَشْيَتِهِ، ثُمَّ أَفَاقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، فَكَانَ أَوَّلُ مَا تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ كَبَّرَ وَكَبَّرَ أَهْلُ الْبَيْتِ وَمَنْ يَلِيهِمْ، فَقَالَ لَهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: أَغُشِيَ عَلَيَّ آنِفًا؟ قَالُوا: نَعَمْ قَالَ: صَدَقْتُمْ، فَإِنَّهُ انْطَلَقَ بِي فِي غَشْيَتِي، رَجُلَانِ أَجِدُ مِنْهُمَا شِدَّةً وَغَلْظَةً: فَقَالَا: انْطَلِقْ بِنَا نُحَاكِمُكَ إِلَى الْعَزِيزِ الْأَمِينِ فَانْطَلَقَا بِي، حَتَّى لَقِينَا رَجُلًا، فَقَالَ: أَيْنَ تَذْهَبَانِ بِهَذَا؟ قَالَا: نُحَاكِمُهُ إِلَى الْعَزِيزِ الْأَمِينِ قَالَ: فَارْجِعَا فَإِنَّهُ مِمَّنْ كَتَبَ اللَّهُ لَهُمُ السَّعَادَةَ وَالْمَغْفَرَةَ، وَهُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ، وَإِنَّهُ يَسْتَمْتِعُ بِهِ بَنَوْهُ إِلَى مَا شَاءَ اللَّهُ
⦗ص: 863⦘
قَالَ: فَعَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ شَهْرًا ثُمَّ مَاتَ
437 -
وَأَخْبَرَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ عُزَيْزٍ قَالَ: حَدَّثَنِي سَلَامَةُ بْنُ رَوْحٍ، عَنْ عَقِيلِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ قَالَ: غُشِيَ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فِي وَجَعِهِ، وَذَكَرَ نَحْوًا مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ قَبْلَهُ
438 -
أَخْبَرَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ: نَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: نَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاتِكَةِ قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ حَبِيبٍ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ أَنَّ أَبَاهُ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ لَمَّا احْتُضِرَ سَأَلَهُ ابْنُهُ فَقَالَ: يَا أَبَتِ أَوْصِنِي قَالَ: أَجْلِسُونِي، فَلَمَّا أَجْلَسُوهُ قَالَ: " يَا بُنَيَّ، اتَّقِ اللَّهَ، وَلَنْ تَتَّقِيَ اللَّهَ حَتَّى تُؤْمِنَ بِاللَّهِ، وَلَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ حَتَّى تُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ، وَتَعْلَمُ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ، سَمِعْتُ النَّبَيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«الْقَدَرُ عَلَى هَذَا مَنْ مَاتَ عَلَى غَيْرِ هَذَا دَخَلَ النَّارَ»
439 -
وَأَخْبَرَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ: نَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصَفًّى قَالَ: نَا بَقِيَّةُ قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ السَّائِبِ
⦗ص: 865⦘
، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ: سَأَلْتُ الْوَلِيدَ بْنَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ: كَيْفَ كَانَتْ وَصِيَّةُ أَبِيكَ إِيَّاكَ، حِينَ حَضْرَهُ الْمَوْتُ؟ قَالَ: دَعَانِي فَقَالَ: " يَا بُنَيَّ، أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّكَ لَنْ تَتَّقِيَ اللَّهَ حَتَّى تُؤْمِنَ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّكَ لَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ، وَلَنْ تُطْعَمَ طَعْمَ حَقِيقَةِ الْإِيمَانِ، وَلَنْ تَبْلُغَ الْعِلْمَ، حَتَّى تُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا أَبَتِ، وَكَيْفَ لِي أَنْ أُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ كُلِّهِ: خَيْرِهِ وَشَرِّهِ؟ قَالَ: تَعْلَمُ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ ، أَيْ بُنَيَّ، إِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى الْقَلَمُ قَالَ: اكْتُبْ قَالَ: مَا أَكْتُبُ يَا رَبِّ؟ قَالَ: اكْتُبِ الْقَدَرَ قَالَ: فَجَرَى الْقَلَمُ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ بِمَا كَانَ وَمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى الْأَبَدِ "
440 -
أَخْبَرَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو أَنَسٍ مَالِكُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: نَا بَقِيَّةُ يَعْنِي ابْنَ الْوَلِيدِ عَنْ مُبَشِّرِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:{كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ} [الأعراف: 30] وَكَذَلِكَ خَلَقَهُمْ حِينَ خَلَقَهُمْ مُؤْمِنًا وَكَافِرًا، وَسَعِيدًا وَشَقِيًا وَكَذَلِكَ يَعُودُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُهْتَدِينَ وَضُلَّالًا
441 -
أَخْبَرَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ: نَا مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ قَالَ: أنا
⦗ص: 866⦘
عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:{وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الأعراف: 172] قَالَ: " لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ، أَخَذَ ذُرِّيَّتَهُ مِنْ ظَهْرِهِ كَهَيْئَةِ الذَّرِّ، ثُمَّ سَمَّاهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَقَالَ: هَذَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، يَعْمَلُ كَذَا وَكَذَا، وَهَذَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ يَعْمَلُ كَذَا وَكَذَا، ثُمَّ أَخَذَهُمْ بِيَدِهِ قَبْضَتَيْنِ فَقَالَ: هَؤُلَاءِ لِلْجَنَّةِ، وَهَؤُلَاءِ لِلنَّارِ "
442 -
وَأَخْبَرَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ: نَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: نَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ: نَا عَبْدُ اللَّهِ هُوَ ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ
⦗ص: 867⦘
: حَدَّثَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ مُوسَى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:" إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ضَرَبَ مَنْكِبَهُ الْأَيْمَنَ يَعْنِي آدَمَ عليه السلام فَخَرَجَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَخْلُوقَةٍ لِلْجَنَّةِ بَيْضَاءَ نَقِيَّةً، فَقَالَ: هَؤُلَاءِ أَهْلُ الْجَنَّةِ، ثُمَّ ضَرَبَ مَنْكِبَهُ الْأَيْسَرَ فَخَرَجَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَخْلُوقَةٍ لِلنَّارٍ سَوْدَاءَ، فَقَالَ: هَؤُلَاءِ أَهْلُ النَّارِ، ثُمَّ أَخَذَ عَهْدَهُمْ عَلَى الْإِيمَانِ بِهِ، وَالْمَعْرِفَةِ لَهُ وَلِأَمْرِهِ، وَالتَّصْدِيقِ بِأَمْرِهِ، بَنِي آدَمَ كُلِّهِمْ، وَأَشْهَدَهُمْ علىأَنْفُسِهِمْ، فَآمَنُوا وَصَدَّقُوا، وَعَرَفُوا وَأَقَرُّوا "
443 -
وَأَخْبَرَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ: نَا مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ قَالَ: نَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:" إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى الْقَلَمُ، فَقَالَ لَهُ: اكْتُبْ ، قَالَ: رَبِّ، وَمَا أَكْتُبُ؟ قَالَ: اكْتُبِ الْقَدَرَ فَجَرَى بِمَا هُوَ يَكُونُ فِي ذَلِكَ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ رَفَعَ بُخَارَ الْمَاءِ، فَفَتِقَتْ مِنْهُ السَّمَاوَاتُ، ثُمَّ خَلَقَ النُّونَ فَدُحِيَتِ الْأَرْضُ عَلَى ظَهْرِ النُّونِ فَتَحَرَّكَ النُّونُ فَمَادَتِ الْأَرْضُ، فَأُثْبِتَتْ بِالْجِبَالِ، فَإِنَّهَا لَتَفْخَرُ عَلَيْهَا "
444 -
وَأَخْبَرَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ: نَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ
⦗ص: 868⦘
: نَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: ذُكِرَ لَهُ قَوْمٌ يَتَكَلَّمُونَ فِي الْقَدَرِ، فَقَالَ:«إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى اسْتَوَى عَلَى عَرْشِهِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ شَيْئًا، فَكَانَ أَوَّلُ مَا خَلَقَ الْقَلَمَ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَكْتُبَ مَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»
445 -
وَأَخْبَرَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ: نا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: نَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: " كُلُّ شَيْءٍ بِقَدَرٍ، حَتَّى وَضْعُكَ يَدَكَ عَلَى خَدِّكَ
446 -
وأَخْبَرَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ: نَا أَبُو الْحَارِثِ سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ
⦗ص: 869⦘
قَالَ: نَا مَرْوَانُ بْنُ شُجَاعٍ، عَنْ سَالِمٍ الْأَفْطَسِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:«مَا غَلَا أَحَدٌ فِي الْقَدَرِ إِلَّا خَرَجَ مِنَ الْإِيمَانِ»
447 -
أَخْبَرَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ: نَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ طَاوُسٍ قَالَ:«الْعَجْزُ وَالْكَيْسُ مِنَ الْقَدَرِ»
448 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ نا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَأَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَا: نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أنا مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:«الْعَجْزُ وَالْكَيْسُ بِقَدَرٍ»
449 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيُّ أَيْضًا قَالَ: نا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، أَخْبَرَهُ عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَاوُسٍ الْيَمَانِيِّ أَنَّهُ قَالَ: أَدْرَكْتُ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُونَ: «كُلُّ شَيْءٍ بِقَدَرٍ»
وَسَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ شَيْءٍ بِقَدَرٍ، حَتَّى الْعَجْزُ وَالْكَيْسُ»
450 -
أَخْبَرَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ: نا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: نا وَكِيعٌ، عَنْ حَنْظَلَةَ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " الْحَذَرُ لَا يُغْنِي مِنَ الْقَدَرِ، وَلَكِنَّ الدُّعَاءَ يَدْفَعُ الْقَدَرَ
451 -
حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ: نا أَبُو مَسْعُودٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْعُودٍ الْجَحْدَرِيُّ قَالَ: نا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: نا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «مَا فِي الْأَرْضِ قَوْمٌ أَبْغَضُ
⦗ص: 872⦘
إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَجِيئُونِي فَيُخَاصِمُونِي مِنَ الْقَدَرِيَّةِ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ قَدْرَ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنَّ اللَّهَ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ، وَهُمْ يُسْأَلُونَ»
452 -
وَأَخْبَرَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ: نا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: نا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ أَنَّهُ كَانَ مَعَ طَاوُسٍ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَمَرَّ مَعْبَدٌ الْجُهَنِيُّ فَقَالَ قَائِلٌ لِطَاوُسٍ: هَذَا مَعْبَدٌ الْجُهَنِيُّ، فَعَدَلَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: أَنْتَ الْمُفْتَرِي عَلَى اللَّهِ؟ الْقَائِلُ مَا لَا يَعْلَمُ؟ قَالَ: إِنَّهُ يَكْذِبُ عَلَيَّ قَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ فَعَدَلَ مَعَ طَاوُسٍ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ طَاوُسٌ يَا أَبَا عَبَّاسٍ الَّذِينَ يَقُولُونَ فِي الْقَدَرِ؟ قَالَ: " أَرُونِي بَعْضَهَمْ، قُلْنَا: صَانِعٌ مَاذَا؟ قَالَ: إِذًا أَضَعُ يَدِي فِي رَأْسِهِ فَأَدُقُّ عُنُقَهُ "
453 -
أَخْبَرَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ: نا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ طَاوُسٍ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي حَلْقَةٍ، فَذَكَرُوا أَهْلَ الْقَدَرِ فَقَالَ: " مِنْهُمْ هَا هُنَا أَحَدٌ؟ فَآخُذُ بِرَأْسِهِ فَأَقْرَأُ عَلَيْهِ: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا} [الإسراء: 4] ثُمَّ أَقْرَأُ عَلَيْهِ آيَةَ كَذَا وَآيَةَ كَذَا ، آيَاتٌ فِي الْقُرْآنِ
454 -
وَأَخْبَرَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ: نا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: نا
⦗ص: 874⦘
بَهْزُ بْنُ أَسَدٍ قَالَ: نا شُعْبَةُ قَالَ: نا أَبُو هَاشِمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:" لَوْ رَأَيْتُ أَحَدَهُمُ لَأَخَذْتُ بِشَعَرِهِ يَعْنِي الْقَدَرِيَّةَ قَالَ شُعْبَةُ: فَحَدَّثْتُ بِهِ أَبَا بِشْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يَقُولُ وَاحْتَفَزَ: ذَكَرُوا عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ فَتَحَفَّزَ وَقَالَ: لَوْ رَأَيْتُ أَحَدَهُمْ لَعَضَضْتُ أَنْفَهُ "
455 -
وَأَخْبَرَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ: نا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ
⦗ص: 875⦘
: نا شَرِيكٌ، عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: إِنِّي أَرَدْتُ أَنْ آتِيَكَ بِرَجُلٍ يَتَكَلَّمُ فِي الْقَدَرِ قَالَ: " لَوْ أَتَيْتَنِي بِهِ لَأَسْتَتِبُّ لَهُ وَجْهَهُ أَوْ لَأَوْجَعْتُ رَأْسَهُ، لَا تُجَالِسُهُمْ وَلَا تُكَلِّمْهُمْ
456 -
وَأَخْبَرَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ: نا الْوَلِيدُ يَعْنِي ابْنَ مُسْلِمٍ قَالَ: نا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ
⦗ص: 876⦘
هَزَّانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " الْقَدَرُ: نِظَامُ التَّوْحِيدِ، فَمَنْ وَحَّدَ اللَّهَ تَعَالَى وَآمَنَ بِالْقَدَرِ، فَهِيَ الْعُرْوَةُ الْوُثْقَى الَّتِي لَا انْفِصَامَ لَهَا، وَمَنْ وَحَّدَ اللَّهَ تَعَالَى وَكَذَّبَ بِالْقَدَرِ، فَإِنَّ تَكْذِيبَهُ بِالْقَدَرِ نَقْضٌ لِلتَّوْحِيدِ
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الصُّوفِيُّ قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ رَافِعٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو، يَرْفَعُونَهُ إِلَى
⦗ص: 877⦘
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: " الْقَدَرُ نِظَامُ التَّوْحِيدِ، فَمَنْ وَحَّدَ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَكَذَّبَ بِالْقَدَرِ، كَانَ تَكْذِيبُهُ لِلْقَدَرِ نَقْضًا لِلتَّوْحِيدِ، وَمَنْ وَحَّدَ اللَّهَ وَآمَنَ بِالْقَدَرِ، كَانَتِ الْعُرْوَةُ الْوُثْقَى
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: " بَابُ شِرْكٍ فُتِحَ عَلَى أَهْلِ الْقِبْلَةِ: التَّكْذِيبُ بِالْقَدَرِ، فَلَا تُجَادِلُوهُمْ، فَيَجْرِي شِرْكُهُمْ عَلَى أَيْدِيكُمْ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ
⦗ص: 878⦘
: وَقَدْ ذَكَرْنَا عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مَا حَضَرْنَا ذِكْرُهُ مِنَ الرَّدِّ عَلَى الْقَدَرِيَّةِ، عَلَى مَا يُوَافِقُ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ، اسْتَغْنَيْنَا بِمَا ذَكَرْنَاهُ عَنِ الْكَلَامِ وَسَنَذْكُرُ عَنِ التَّابِعِينَ وَالْعُلَمَاءِ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ مِمَّا تَأَدَّى إِلَيْنَا مِنْ رَدِّهِمْ عَلَى الْقَدَرِيَّةِ عَلَى مَا يُوَافِقُ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ، وَقَوْلَ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم، مِمَّا إِذَا سَمِعَهُ الْقَدَرِيُّ، فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ أُرِيدَ بِهِ الْخَيْرُ رَاجَعَ دِينَهُ، وَتَابَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَأَنَابَ، وَإِنْ يَكُ غَيْرَ ذَلِكَ: فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ وَأَقْصَاهُ