الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني: الفرق بين الوصف والصفة
.
كل واحد من لفظ "الوصف" و"الصفة" مصدر في الأصل كـ "الوعد –والعِدَة" و"الوزن- والزِنة"1.
فالصفة: مصدر وصفتُ الشييء أصفه صفة2.
والوصف والصفة:
1-
تارة يراد به: الكلام الذي يوصف به الموصوف، مثاله: قول الصحابي في {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} 3: أحبها لأنها صفة الرحمن4.
2-
وتارة يراد به: المعاني التي دل عليها الكلام كالعلم والقدرة، والجهمية والمعتزلة وغيرهم تنكر هذا ويقولون: إنما الصفات مجرد العبارة التي يعبر بها عن الموصوف، فقالوا: إن إضافة الصفات إلى الله من إضافة وصف من غير قيام معنى به5.
والكلابية ومن اتبعهم من الصفاتية قد يفرقون بين الوصف والصفة، فيجعلون الوصف: هو القول، والصفة: المعنى القائم بالموصوف6.
1 مجموع الفتاوى 3/335.
2 مجموع الفتاوى 6/340.
3 الآية 1 من سورة الإخلاص.
4 أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التوحيد، باب ما جاء في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى توحيد الله تبارك وتعالى، ح 7375 ولفظ البخاري " فقال: لأنها صفة الرحمن، وأنا أحب أن أقرأ بها".
5 مجموع الفتاوى 6/147-148.
6 مجموع الفتاوى 3/335. 6/341.التمهيد للباقلاني (ص 244-245) .
فأدخلوا في الوصف (الذي هو القول عندهم) صفات الأفعال حتى ينفوا قيامها بالذات.
وأدخلوا في الصفة (التي هي المعنى القائم بالذات) ما أثبتوه من الصفات كصفات المعاني السبعة (العلم، الحياة، القدرة، الإرادة، السمع، البصر، الكلام) ليتأتى لهم على هذا التقسيم اعتبار بعض الصفات قائماً بالذات، وبعضها غير قائم بها، فأرادوا بذلك نفي صفات الأفعال واعتبروها نسباً وإضافات لا تقوم بالذات.
قال ابن القيم في الرد على زعمهم هذا:
سيم هذا مقتضى البرهان
…
فالحق أن الوصف ليس بمورد التق
بالذات التي للواحد الرحمن
…
بل مورد التقسيم ما قد قام
فهذي قسمة التبيان
م الفعل بالموصوف بالبرهان
…
فهما إذا نوعان أوصاف وأفعال
فالوصف بالأفعال يستدعي قيا
أن بين دينك قط من فرقان
…
كالوصف بالمعنى سوى الأفعال ما
…
فالحق أن مورد القسمة هو نفس ما يقوم بالذات، فيقال إن ما يقوم بالذات ويكون وصفاً لها، إما أن يكون:
1-
صفة معنى لازماً للذات.
2ـ وإما أن يكون صفة فعل.
والوصف بالفعل يستدعي قيام الفعل بالموصوف، كالوصف بالمعنى سواء بسواء.
فإذا كان وصفه سبحانه بأنه عليم، قدير، حي،
…
الخ، يقتضي قيام العلم والقدرة والحياة به.
فكذلك وصفه بأنه خالق أو رازق أو مقدم أو مؤخر يقتضي قيام هذه الأفعال من الخلق والرزق والتقديم والتأخير ونحوها به1.
"ومن قال الصفات تنقسم إلى صفات ذاتية وفعلية، ولم يجعل الأفعال تقوم به، فكلامه فيه تلبيس، فإنه سبحانه لا يوصف بشييء لا يقوم به.
وإن سلم أنه يتصف بما لا يقوم به فهذا هو أصل الجهمية الذين يصفونه بمخلوقاته ويقولون: إنه متكلم مريد وراض وغضبان ومحب ومبغض وراحم للمخلوقات يخلقها منفصلة عنه لا بأمور تقوم بذاته"2.
1 انظر شرح القصيدة النونية للهراس 2/121
2 شرح العقيدة الأصفهانية ص63