الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب من الكتب المنزلة من السماء وإنما يعتمدون على أرصادهم وآرائهم وتخرصاتهم التي ما أنزل الله بها من سلطان. وما أكثر الذين يميلون إلى أقوالهم الباطلة في زماننا ويتلقونها بالقبول والتسليم ويرون أنها هي العلم الصحيح وما خالفها فهو عندهم مردود ولو كان من نصوص الكتاب والسنة وكأنهم يرون أن القرآن إنما أنزل لمجرد التلاوة لا للعمل به واعتقاد ما جاء فيه. ولو أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه رأى أمثال هؤلاء لما كان يكتفي في عقوبتهم بالضرب فقط بل كان يقتلهم كما قتل الذي لم يرض بالتحاكم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن أين لنا الآن مثل عمر رضي الله عنه الذي كان لا تأخذه في الله لومة لائم.
وخلاصة القول أنه يجب على المسلم أن يتمسك بكتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ويعض عليهما بالنواجذ ويقدمهما على ما سواهما ولا يقدم عليهما شيئاً البتة. وأن يكتفي بهما وبما عند المسلمين من العلوم النافعة المستفادة منهما، ومن لم يكتف بكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما عند المسلمين من العلوم المستفادة منهما بل ذهب يطلب غير ذلك من أقوال الكفار والمنافقين وآرائهم وتخرصاتهم التي ما أنزل الله بها من سلطان فأبعده الله وأسحقه.
فصل
في
ذكر الإجماع على وقوف الأرض وسكونها
ذكر الشيخ عبد القاهر بن طاهر بن محمد البغدادي الإسفراييني التميمي - وكان في آخر القرن الرابع من الهجرة وأول القرن الخامس - في آخر كتابه «الفرق بين الفِرق» جملة مما أجمع عليه أهل السنة قال فيها:
وأجمعوا على وقوف الأرض وسكونها وأن حركتها إنما تكون بعارض يعرض لها من زلزلة ونحوها خلاف قول من زعم من الدهرية أن الأرض تهوي أبداً لأن الخفيف لا يلحق ما هو أثقل منه في انحداره.
وأجمعوا على أن الأرض متناهية الأطراف من الجهات كلها وكذلك السماء متناهية الأقطار من الجهات الست خلاف قول من زعم من الدهرية أنه لا نهاية للأرض من أسفل ولا من اليمين واليسار ولا من خلف ولا من أمام وإنما نهايتها من الجهة التي تلاقي الهواء من فوقها.
وزعموا أن السماء أيضاً متناهية من تحتها ولا نهاية لها من خمس جهات سوى جهة السفل. وبطلان قولهم ظاهر من جهة عود الشمس إلى مشرقها كل يوم وقطعها جرم السماء وما فوق الأرض في يوم وليلة. ولا يصح قطع ما لا نهاية لها من المسافة في الأمكنة في زمان متناه انتهى.
وقال القرطبي في تفسيره عند قول الله تعالى في سورة الرعد (وهو الذي مد الأرض وجعل فيها رواسي وأنهاراً) الآية ما نصه:
والذي عليه المسلمون وأهل الكتاب القول بوقوف الأرض وسكونها ومدها وأن حركتها إنما تكون في العادة بزلزلة تصيبها انتهى.
وهذا صريح في حكاية الإجماع من المسلمين وأهل الكتاب على ثبات الأرض واستقرارها.
وقد قرر ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه «مفتاح دار السعادة» أن الأرض واقفة ساكنة. وقرر ذلك غيره من أكابر العلماء. ولا أعلم عن أحد من سلف الأمة وأئمتها خلافاً في ذلك. وإنما خالف في ذلك أهل الهيئة الجديدة من فلاسفة الإفرنج مثل كوبرنيك البولوني وهرشل الإنكليزي وأتباعهم ومن نحا نحوهم من العصريين. فهؤلاء هم المخالفون في ثبوت الأرض واستقرارها من المتأخرين.
وأما المخالفون في ذلك من المتقدمين فهم الدهرية وفيثاغورس وأتباعه من اليونان. ولا عبرة بخلاف هؤلاء الذين أشرنا إليهم من المتقدمين والمتأخرين. ولا ينبغي للمسلم أن يغتر بأقوال أعداء الله ولا يصغي إلى تخرصاتهم وظنونهم الكاذبة ولا يعتد بأقوالهم الفاسدة وتوهماتهم الخاطئة.
ولا ينبغي أيضاً أن يصغي إلى أقوال الذين يقلدونهم ويحذون حذوهم من المسلمين.