الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجزء الثالث
من انتخاب
الشيخ الفقيه الإمام العالم الحافظ
شيخ الإسلام أوحد الأنام فخر الأئمة سيف السنة بقية السلف
أبي طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي الأصبهاني
رضي الله عنه
من أصول كتب الشيخ أبي الحسين المبارك بن عبد الله (1) الصَّيْرَفي
(1) كذا في المخطوط، وعبد الله اسم أحد أجداده.
في الأصل ما مثاله:
سمع جميع هذا الجزء على القاضي الفقيه، الأشرف الأمين، جمال الدين أبي طالب أحمد بن القاضي المكين أبي الفضل عبد الله بن الحسين بن حديد ـ أدام الله توفيقه ـ بقراءة الشيخ الأجل الفقيه زكي الدين أبي محمد عبد العظيم بن عبد القوي المنذري الفقهاء السادة؛ القاضي الفقيه، الإمام العالم، الصدر الأمين عماد الدين أبو البركات عبد الله بن القاضي الفقيه الإمام العالم أبي محمد عبد الوهاب بن الشيخ الإمام العالم الزاهد أبي الطاهر إسماعيل بن عوف الزهري ـ وفقه الله ـ، والقاضي الفقيه عز الدين أبو البركات عبد الحميد بن الشيخ الإمام العالم جمال الدين أبي علي الحسين بن عتيق الرَّبَعي، وعَلَم الدين أبو محمد عبد الحق بن القاضي الأجل أبي الحرم مكي بن صالح القرشي، ويحيى بن علي بن عبد الله القرشي، والسماع بخطه وصح وثبت في ليلةٍ صبيحتُها الخامس والعشرون من صفر سنة عشر وستمائة بثغر الإسكندرية حماه الله تعالى بمنزل القاضي عماد الدين بن عوف - عمره الله -، الحمد لله حق حمده وصلواته على محمد نبيه وآله وأصحابه وسلامه كثيراً. [ل/38بِ]
بسم الله الرحمن الرحيم
ربِّ يَسِّر برحمتِك
أخبرنا القاضي الفقيه المكين، الأشرف الأمين، جمال الدين أبو طالب أحمد بن القاضي المكين أبي الفضل عبد الله بن القاضي المكين أبي علي الحسين بن حديد ـ قراءة عليه وأنا أسمع بثغر الإسكندرية حماه الله تعالى في ليلةٍ صبيحتُها الخامس والعشرون من صفر سنة عشر وستمائة ـ قال: أخبرنا الشيخ الإمام العالم الحافظ، شيخ الإسلام أوحد الأنام، فخر الأئمة سيف السنة، جمال الحفاظ بقية السلف، أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السِّلَفي الأصبهاني رضي الله عنه قراءة عليه وأنا أسمع في الثالث عشر من شوال سنة سَبْع وستين وخمسمائة ـ، أخبرنا الشيخ أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار بن أحمد بانتخابي عليه من أصول كتبه،
175-
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ أحمد بن محمد بن أحمد العَتِيقيّ، حدثنا أبو بكر أحمد
ابن إبراهيم بن الحسن بن محمد بن شاذان، حدثنا الحسن بن علي بن زكريا البصري (1) ،
حدثنا عبد الواحد بن غِياث، حدثنا
(1) أبو سعيد العدوي، أصله بصري، وسكن بغداد، كذّبه أبو محمد الصيمري واتهمه ابن عدي بالوضع وسرقة الحديث. وقال الدارقطني:"متروك الحديث".
مات سنة ثماني عشرة وثلاثمائة، وكان مولده سنة عشر ومائتين.
الكامل لابن عدي (338-342) ، والمجروحين (1/241) ، وتاريخ بغداد (7/381-383) ، وسؤالات حمزة
ابن يوسف الدارقطني (ص211) ، واللسان (2/228-231) ، والكشف الحثيث (ص92) .
حفص بن غياث قال: قال لي سليمان
الأعمش: ((إذا كان غدا فبكر عَلَيَّ حتى أحدِّثَك بعشرةِ (1) أحاديثَ نُخْبٍ وأُطْعِمَك
عَصيدةً (2) واحذَرْ تَجِيْئُنِيْ معك بثقيلٍ، قال: فلما كانَ مِنْ غدٍ ثم أصبحتُ غَدَوْتُ إليه
فتَلَقَّاني [ل/39أ] ابنُ إدريس (3) فقال (4) : حفصُ؟ قلتُ: نَعَمْ، قال: أينَ تُريدُ؟
قلت: الأعمشَ، قال: مكانَك حتى أجيءَ معك، قال: فلَمَّا بَصُرَ بِنَا من بعيدٍ قامَ ودخلَ
وقامَ وراءَ البابِ، فلما دققْتُ البابَ قال: من هذا؟ قلت: حفصٌ، قال: يا حفصُ، لا تأكلِ العصيدةَ، إلا بجوزٍ، أَلَمْ أَقُلْ لك لا تَجِئْنِي معك بثقيلٍ؟ قال: ولم يخرُجْ، فلَمّا كان
العَشِيُّ جِئْتُ فدَقَقْتُ البابَ قلتُ: يا جاريةُ، أبو محمد في الدار؟ قال: فدخل البيتَ
وقال: قُوْلِيْ له: لا، فلما كان من غَدٍ جِئْتُ فدقَقْتُ البابَ فقُلتُ: يا جاريةُ، أبو محمد
في البيتِ؟ قال: فخرج إلى الدار وقال: قُوْلِيْ له: لا، قال: فلما كان بعدَ شهرٍ لَقِيْتُه
في الطّريقِ فقلتُ: يا أبا محمد، إِنَّ إِتْيانَك
(1) في المخطوط "بعشر"، والصواب ما أثبتّه.
(2)
العصيدة: دقيق يُلَتّ بالسمن ويطبخ. المعجم الوسيط (2/604) .
(3)
هو عبد الله بن إدريس.
(4)
في المخطوط "فقالت"، والصحيح ما أثبتّه.
لَذُلٌّ وإن تركَك لحَسْرَةٌ، قال: كذا وحقك
أحب انصرِفْ)) (1) .
176 -
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بن مِقسَم المقرئ، حدثنا أبو محمد عبد الله بن صالح (2) البخاري، حدثنا الحسن بن علي الحُلْوَانيّ قال: سمعت شُعَيب بن حرب يقول: ((إذا رأيتَ الرجل يجيءُ إلى المجلس فيتَخَطَّى حتى يصيرَ إلى صدرِ المجلس، فإِنَّمَا يفعلُ ذلك مِنْ مَهَانَةِ نفسِهِ)) (3) .
177 -
أخبرنا أحمد، حدثني أبو سعيد أحمد بن محمد بن الفضل المروزي (4) ـ قدم علينا من خراسان (5) ـ، حدثنا أحمد بن عبد الله بن داود،
(1) في إسناده أبو سعيد العدوي، وهو متّهَم، وبقية رجاله ثقات.
أخرجه ابن الجوزي في "أخبار الظراف والمتماجنين"(ص35-36) .
(2)
ابن عبد الله بن الضحاك، أبو محمد البخاري، وثقه أبو علي الحافظ وأبو بكر الإسماعيلي جدًّا، ووثقه أيضاً أبو الحسين ابن المنادي، وأرّخ وفاته في يوم الإثنين لخمس خلون من رجب سنة خمس وثلاثمائة".
تاريخ بغداد (9/481) .
(3)
رجال إسناده ثقات، غير ابن مِقسَم المقرئ، فإنه ضعيف، ولم أجد هذا الاثر عن شعيب بن حرب عند غير المصنف.
ولكن أخرج الخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي"(1/174-177) ، وأبو سعد السمعاني في "أدب الإملاء والاستملاء"(2/493-498) آثارًا نحوه في كراهية الجلوس في صدر المجلس عن غير واحد من السلف.
(4)
الكرابيسي الفقيه.
قال العتيقي: "حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ محمد بن الفضل المروزي الفقيه الكرابيسي، قدم علينا حجًّا سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة، تاريخ بغداد (5/82) .
(5)
خراسان: بلاد واسعة، أول حدوده مما يلي العراق أزاذوار، قصبة جوين، وبيهق، وآخر حدودها مما يلي الهند طخارستان، وغزنة، وسجستان، وكرمان، وليس ذلك منها، إنما هو أطراف حدودها، وتشتمل على أمهات من البلاد منها: نيسابور، وهراة، ومرو، وهي كانت قصبتها، وبلخ، وطالقان، ونسا، وأبيورد، وسرخس، وما يتخلّل ذلك من المدن التي دون نهر جيحون. معجم البلدان (2/350) .
حدثنا محمد بن صالح (1) ، حدثنا عثمان (2) ، حدثنا جرير (3)، عن عمرو (4) قال:((لما غسّلُوْا عليَّ بنَ الحُسَينِ (5) جعلوا يُقَلِّبونَه [ل/39ب] فَيَرَوْا أثارا في ظهرِه سُوْداً، فقالوا: ما هذا؟ فقيل: كان ينقُل جُرْبَ (6) الدَّقِيقِ على ظهره باللَّيلِ إلى فقراءِ أهل المدينةِ)) (7)
(1) ابن ذريح بن حكيم بن هرمز، أبو جعفر العكبري، وثقه الخطيب.
مات سنة ست وثلاثمائة، وقيل: سنة سبع، وقيل: سنة ثمان.
تاريخ بغداد (5/361) .
(2)
هو ابن أبي شيبة.
(3)
هو ابن عبد الحميد.
(4)
هو عمرو بن ثابت، ابن أبي المقدام الكوفي، مولى بكر بن وائل، ضعيف رمي بالرفض، مات سنة اثنتين وسبعين ومائة. التقريب (419/ت4995) .
(5)
ابن علي بن أبي طالب، زين العابدين.
(6)
الجُرْب: جمع جراب، وهو وعاء من إهاب الشاء، لا يوعى فيه إلا اليابس. تهذيب اللغة (11/52-مادة جرب-) .
(7)
إسناده ضعيف من أجل عمرو بن ثابت، ولكنه متابع كما سيأتي.
وفي إسناده أيضاً أحمد بن عبد الله بن داود، لم أجد ترجمته.
أخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(3/136) من طريق مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ، عن عثمان بن أبي شيبة به.
وأخرجه من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبي معمر، عن جرير، عن شيبة بن نعامة بنحوه، وفيه: "كان علي ابن الحسين لا يبخل
…
فذكر نحوه".
وأخرجه أبو نعيم أيضاً فيه عن عدد من الأئمة نحو هذه القصة مفادها أن علي بن الحسين كان يُسِرّ صدقاته.
178 -
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مِقْسَم العَطّار، حدثنا محمد بن محمد (1) الباغَنْديّ، حدثنا أبو نعيم ـ يعني الحَلَبيّ (2)
ـ، حدثنا ابن المبارك، عن ابن عيينة، عن إسرائيل (3) قال: سمعت الحسن (4) يقول: ((إن العبدَ ليُذنِبُ الذنبَ فما يزالُ به كَئِيباً (5) حتّى
(1) ابن سليمان بن الحارث، أبو بكر، الإمام الحافظ الكبير، محدّث العراق، ابن المحدث أبي بكر، الأزدي الواسطي، أحد أئمة هذا الشأن، ولد سنة بضع عشرة ومائتين، وكان أول سماعه بواسط في سنة سبع وعشرين ومائتين.
تكلم فيه الدارقطني، وأبو بكر الإسماعيلي، وأبو بكر بن عبدان بسبب التدليس والتصحيف، وزاد الدارقطني بسرقة الحديث، ولكن قال الخطيب:"لم يثبت من أمر الباغندي ما يعاب به سوى التدليس، ورأيت كافة شيوخنا يحتجّون به، ويخرّجونه في الصحيح"، مات سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة.
انظر تاريخ بغداد (3/209-213) ، وتذكرة الحفاظ (2/736-737) ، وسير أعلام النبلاء (14/383-388) ، والميزان
(4/26-27) ، واللسان (5/360-362) .
(2)
هو عبيد بن هشام القلانِسيّ، جرجاني الأصل، وثقه أبو داود وقال:"تغير في آخر عمره، لقّن أحاديث ليس لها أصل، يقال له ابن القلانسي، لقّن عن ابن المبارك، عن معمر، عن الزهري، عن أنس حديثًا منكرًا".
وقال أبو حاتم وصالح جزرة: "صدوق"، وزاد صالح:"ولكنه ربما غلِط".
وقال النسائي: "ليس بالقوي".
وقال أبو أحمد الحاكم: "حدث عن عبد الله بن المبارك عن مالك بن أنس بأحاديث لا يتابع عليها".
وقال أبو الطاهر أحمد بن محمد بن عثمان: "ضعيف"
قلت: وأعدل القول فيه ما قال الحافظ: "صدوق تغيّر في آخر عمره فتلقّن"، وعليه يحمل قول من ضعّفه، والله أعلم.
سؤالات الآجري (2/267-268) ، والجرح والتعديل (6/5) ، والثقات لابن حبان (8/433) ، وتهذيب الكمال
(19/242-244) ، والتهذيب (7/76-77) ، والتقريب (378/ت4398) .
(3)
هو ابن موسى، أبو موسى البصري.
(4)
ابن أبي الحسن البصري.
(5)
أي منكسراً حزيناً. انظر معجم مقاييس اللغة (ص915-دار الفكر-) .
يَدخلَ الجنّةَ)) (1) .
179 -
أخبرنا أحمد، حدثنا أبو عمر محمد بن العباس بن حيُّويَه، حدثنا محمد
ابن خَلَف بن المَرْزُبان، حدثني أحمد بن يوسف الثَّقَفيّ، حدثنا أبو عمر الباهلي قال:
قال ابنُ المُقَفَّع: ((لا تُجالِسْ عدوَّك؛ فإنه يَتَحَفَّظ عليك الخطأَ ويُمارِيك في
الصَّوابِ)) (2) .
180 -
أنشدنا أحمد، قال: أنشدنا أبو محمد سهل بن أحمد بن سهل الدِّيْباجيّ، أنشدني منصور بن إسماعيل (3) الفقيه بمصر:
(1) إسناده ضعيف من أجل ابن مقسم، تكلموا فيه، وفيه أبو نعيم الحلبي، وقد تكلم في روايته عن ابن المبارك.
أخرجه ابن المبارك في "الزهد"(ص53) ، وعبد الله بن أحمد في "زوائد الزهد"(ص269) عن محمد بن عباد،
وأبو نعيم في "حلية الأولياء"(2/158، و7/288) من طريق الحميدي، ثلاثتهم عن سفيان بن عيينة به.
وأخرجه هناد في "الزهد"(2/318) عن أبي موسى، عن الحسن به.
وأخرجه أحمد في "الزهد"(ص277) عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، عَنْ هشام بن حسان، عن الحسن به.
وقد رواه الحسن عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مرسلاً.
أخرجه ابن المبارك في "الزهد"(ص52) ، وأحمد في "الزهد"(ص396-397) عن حسين بن محمد، كلاهما عن المبارك
ابن فضالة، عن الحسن قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ الْعَبْدَ ليذنب الذنب فيدخله الله به الجنة، قالوا: يا رسول الله، وكيف يدخله الجنة؟ قال: يكون نصبَ عينَيْه فارًّا تائبًا حتى يدخله ذنبه الجنة)) .
قلت: هذا مرسل ضعيف، ومبارك بن فضالة مدلس وقد عنعن.
وفي الباب أحاديث مرفوعة كلها ضعيفة، ذكرها الهيثمي في "مجمع الزوائد"(10/199) .
(2)
تقدم في الرواية رقم (97) بالإسناد نفسه، ولكن سمى أحمد بن يوسف الثقفي هناك أحمد بن موسى الثقفي.
(3)
أبو الحسن التميمي، الشافعي الضرير الشاعر، فقيه مصر، وكان يتشيع، توفي سنة ست وثلاثمائة.
انظر معجم الشعراء (ص280) ، وطبقات العبادي (ص64) ، وطبقات الشيرازي (ص107-108) ، وسير أعلام النبلاء (14/238) ، ونكت الهميان (ص297-298) ، وطبقات الإسنوي (1/299-301) .
لَوْ قِيلَ لي خُذْ أمانا مِنْ حَادثِ الأزمانِ
لما أخذتُ أمَاناً إلا منَ الإخوانِ
هَبْنِيْ تَحَرَّزْتُ مِمَّنْ ينُمُّ بالكتمانِ
فَكَيْف لي باحتِرازٍ مِنْ قَائِلِ البُهْتانِ (1)
181 -
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عُثمان بْنُ محمد (2) الأَدَميّ، حدثنا ابن دُرَيد،
حدثنا عبد الأول بن مزيَد (3)، عن ابن عائشة قال:((أَفْضَى الأمرُ إلى عبدِ المَلِك والمصحَفُ في يدِهِ يقرَأُ فأَطْبَقَه وقال: هذا آخرُ العهدِ بِكَ)) (4) .
(1) أورد ابن عبد البر في "بهجة المجالس"(1/404) البيت الثالث والرابع دون الأول والثاني، وفيه "باحتراس" بدل "باحتراز" وكلاهما بمعنى.
وأورد الثعالبي في "تحسين القبيح وتقبيح الحسن"(ص105) البيت الأول والثاني، وزاد قبلهما بيتين آخرين ونسبهما لإبراهيم بن العباس الكاتب، وهي في ديوانه (ص166) كما قال محققه، والأبيات عنده كما يأتي:
نعم الزمان زماني الشان في الإخوانِ
فيمن رماني لما رأى الزمان رماني
لو قيل لي خذ أمانا من أعظم الحدثان
لما أخذت أمانا إلا من الإخوان
(2)
ابن القاسم بن يحيى بن زكريا، أبو عمرو، وثّقه الخطيب، وقال السمعاني:"كان ثقة، وفاته قبل سنة تسعين وثلاثمائة"، والأدمي: بفتح الألف والدال المهملة، وفي آخرها الميم، هذه النسبة إلى بيع الأَدَم.
الأنساب (1/71-72 ـ طبعة إحياء التراث العربي ـ) ، وتاريخ بغداد (1/310) .
(3)
وقيل: ابن مرثد، من بني أنف الناقة، من شيوخ ابن دريد، ولم أجد ترجمته.
(4)
أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد"(10/390) عن العتيقي به.
وأخرجه عن الحسين بن محمد بن جعفر الخالع، عن أبي عمر محمد بن عبد الواحد، عن ثعلب عن ابن الأعرابي قال:
…
فذكر نحوه، وذكره الذهبي في "سير أعلام النبلاء"(4/248) عن ابن عائشة به.
182 -
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عُثمان بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ المُسْتَمْلِيّ، حَدَّثَنَا رضوان بن أحمد ابن غَزْوَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ القَرْقَسَانيّ (1) ، عَنْ أَبِي عَاصِمٍ النَّبِيلِ، عَنْ أبيه (2)
قال: [ل/40أ] قلت لأشعب (3) الطامع، أَدْرَكْتَ التَّابِعِينَ فَلَمْ تَسْمَعْ مِنْهُمْ؟ قَالَ: بَلَى، قَدْ سَمِعْتُ حَدِيثَا؛ عِكْرِمَةَ عنِ ابنِ عباسٍ أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((للهِ عَلَى عبدِهِ نِعمتانِ لا يُؤَدِّيْهِمَا، ثُمَّ سكتَ، فقلتُ: مَا هُما؟ قَالَ: الواحدةُ نَسِيَها عكرمةُ والأُخرَى نسيْتُهَا أَنَا)) (4) .
(1) القرقساني نسبة إلى قرقسيا، وهي بلدة بالجزيرة، على ستة فراسخ من رحبة مالك بن طوق، قريبة من الرَّقّة.
(2)
هو مخلد بن الضحاك بن مسلم الشيباني، أبو الضحاك البصري، ذكره ابن حبان في "الثقات". وقال العقيلي والساجي:"لا يتابع على حديثه". وذكره البخاري وابن أبي حاتم وسكتا عنه، وقال الحافظ ابن حجر:"مقبول".
انظر التاريخ الكبير (7/437) ، والضعفاء للعقيلي (4/231) ، والجرح والتعديل (8/348) ، والثقات لابن حبان
(9/185) ، وتهذيب الكمال (27/339) ، والتهذيب (10/68) ، واللسان (7/381) ، والتقريب (524/ت6537) .
(3)
ابن جبير المدني، يعرف بابن حميدة، أبو العلاء، يضرب بطمعه المثل، قال الذهبي:"كان صاحب مزاح وتطفيل، ومع ذلك كُذِب عليه". انظر تاريخ بغداد (7/37-44) ، وسير أعلام النبلاء (7/66-68) .
(4)
في إسناده:
-
…
عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ المستملي.
-
…
ورضوان بن أحمد بن غزوان.
-
…
ومحمد بن عبد الله القرقساني، لم أقف على تراجمهم.
والأثر أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد"(7/39) من طريق ابن حيويه، عن ابن مخلد، عن محمد بن أبي يعقوب، عن روح بن محمد السكوني، عن محمد بن راشد الرحبي نحوه.
وأخرجه في المصدر نفسه عن محمد بن الحسن بن سماعة، عن عبد الله بن سوادة، عن أحمد بن شجاع الخزاعي، عن أبي العباس مقسم الكاتب قال: "قيل لأشعب: طلبت العلم وجالست الناس ثم تركت وأفضيت إلى المسألة، فلو جلست لنا، وجلسنا إليك فسمعنا منك، فقال لهم: نعم، فوعدهم فجلس لهم فقالوا: حدِّثنا، فقال: سمعت عكرمة يقول: سمعت ابن عباس يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: ((خلتان لا تجتمعان في مؤمن، ثم سكت، فقالوا: ما الخلتان؟ فقال: نسي عكرمة واحدة، ونسيت أنا الأخرى)) .
وذكره الذهبي في "سير أعلام النبلاء"(7/66) عن أبي عاصم النبيل، ولم يقل عن أبيه.
183 -
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عُمر بْنُ أحمد بن شاهين، حدثنا أحمد بن العباس العَسْكَريّ، حدثنا أحمد بن يحيى (1) ثعلب، حدثنا أحمد بن حاتم (2) قال: قال الأَصْمَعيّ: ((وقَفَ أعرابي علَى قومٍ يأكُلونَ خَبيصاً (3) فقال: ما هذا؟ فقيل له: وُلِدَ لهذا الرَّجلِ غُلامٌ فصنَعَ لنا ما تَرَى، فأكَلَ معهُمْ حتى فَنِيَ ونَفِدَ ثمَّ قال: ليسَ غَيْرُ هذا؟ قالوا:
(1) ابن يزيد، أبو العباس الشيباني مولاهم، البغدادي، العلاّمة المحدّث، إمام النحو، صاحب "الفصيح" والتصانيف، ولد سنة مائتين ومات سنة إحدى وتسعين ومائتين، قال الخطيب:"ثقة حجة، ديّن صالح، مشهور بالحفظ".
طبقات النحويين واللغويين (141-150) ، ونزهة الألباء (ص228-232) ، وسير أعلام النبلاء (14/5-7) .
(2)
أبو نصر الباهلي، صاحب الأصمعي وراويته، وقيل: إنه كان ابن أخته، أقام ببغداد ثم أصبهان، ثم عاد إلى بغداد، مات سنة إحدى وثلاثين ومائتين.
انظر طبقات اللغويين والنحويين (ص180) ، وفهرست ابن النديم (2/83) ، وبغية الوعاة (1/301) .
(3)
الخبيص: الحلواء المخلوطة من التمر والسمن، وجمعه أخبصة. المعجم الوسيط (1/216) .
لا، فأنشأ يقُولُ:
مَنْ لم يُدَسِّمْ بالثَّريْدِ (1) فُؤادَنَا
بعدَ الخَبِيصِ فَلَا هَنَّأَهُ الفارِسُ
وأتاه عشْرٌ مِنْ بَنَاتٍ كُلُّها
سُودُ الوُجوهِ كأَنَّهُنَّ خَنَافِسُ
قال: فأُطْعِمَ شَبْعَه مِنْ ثريدٍ فأنشأ يقُولُ:
باركَ اللهُ في الغُلامِ الجَديدِ
وأَقَرَّ العُيُونَ بِالمولودِ
ثم لا زَال في سرورٍ عتيدِ
…
جعلَ اللهُ عُمرَه ألفَ عامٍ
ذلك مِنَّا جزاؤُه إذ أكلْنا
لُقمَاتِ الخبيصِ قبلَ الثَّريدِ (2)
184 -
أنشدنا أحمد، أنشدنا محمد بن محمد بن عمر بن خُشَيش (3) ، أنشدني
أبو علي الحسن بن مهدي (4) الرَّقِّيّ، أنشدنا هلال بن العلاء (5) لنفسه:[ل/40ب]
لما عَفَوْتُ ولَمْ أَحْقِدْ عَلَى أحدٍ
أَرَحْتُ نَفْسِيْ مِنْ هَمِّ العَدَاوَاتِ
لأدفَعَ الشرَّ عَنّي بالتَّحِيّاتِ
…
إنِّيْ أُحَيِّيْ عَدُوِّيْ عندَ رُؤْيَتِهِ
كأَنَّمَا قد مَلَا قَلِْبْي تحيّاتِ
…
وأُظْهِرُ البِشْرَ للإنسانِ أُبْغِضُهُ 000 كأنما قد ملا قلبي تحيات
(1) الثريد: ما يُفَتّ من الخبز، ويُبَلّ بمرق. المعجم الوسيط (1/95) .
(2)
في إسناده أحمد بن العباس العسكري، لم أقف له على ترجمة، والأثرلم أقف عليه.
(3)
أبو أحمد، قال العتيقي:"كان هذا شيخًا مجهّزًا كثير الأسفار، ثقة ثقة". تاريخ بغداد (3/228) .
(4)
ابن عبدة الكيساني المروزي، قدم بغداد حاجًّا سنة ثماني عشرة وثلاثمائة، قال الدارقطني:"مجهول".
تاريخ بغداد (7/434) ، واللسان (2/258) .
(5)
أبو عمر الباهلي.
ولَسْتُ أَسْلَمُ ممن ليس يَعْرِفُنِيْ
وكيفَ أَسْلَمُ من أهلِ العَدَاواتِ (1)
185 -
أنشدنا أحمد، أنشدنا أبو عمر بن حيويه، أنشدنا محمد بن خلف (2)، أنشدنا عبد الله بن شَبِيب لبعضهم:
وما زالَ يَشْكُو الحُبَّ حتى سمِعْتُهُ
تَنَفَّسَ في أحشائِهِ وتكلَّمَا
ويَبكِيْ فَأَبكِيْ رحمة لِبُكَائِهِ
إذا مَا بَكَى دَمْعاً بَكَيْتُ له دَماً (3)
186 -
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ محمد بن القاسم الأَدَميّ، حدثنا عبد الله
ابن إسحاق المَدَائِنيّ، حدثنا العباس بن محمد (4) قال: سألت أحمد بن حنبل رحمه الله عن الشافعي فقال: ((قَدْ سألْنَاه واختَلَفْنَا إليه فَمَا رأَيْنا إلَاّ خيراً)) (5) .
(1) أخرجه ابن حبان في "روضة العقلاء"(ص169) عن محمد بن عثمان العقبي قال: سمعت هلال بن العلاء الباهلي
يقول: "جعلت على نفسي منذ أكثر من عشرين سنة أن لا أكافئ أحدًا بسوء، وذهبت إلى هذه الأبيات فذكر الأبيات الثلاثة دون الرابعة.
وفيه: "غم" بدل "هم"، و"حشى" بدل "ملأ"، و"محبّات" بدل "تحيات".
والأبيات في "ديوان الشافعي"(ص82) ، وجاء "كما إن قد حشا قلبي محباتي"، بدل "كأنما قد ملا قلبي تحيات".
(2)
ابن المرزبان.
(3)
البيتان لم أقف عليهما.
(4)
هو الدوري.
(5)
إسناده صحيح.
أخرجه البيهقي في "مناقب الشافعي"(2/259) من طريق أبي غالب علي بن أحمد بن النشر الأزدي عن الإمام أحمد أنه سئل عن محمد بن إدريس الشافعي، قال أحمد:"لقد من الله علينا به، لقد كنا تعلمنا كلام القوم، وكتبنا كتبهم حتى قدم علينا الشافعي، فلما سمعنا كلامه علمنا أنه أعلم من غيره، وقد جالسناه الأيام والليالي فما رأينا منه إلا كلّ خير رحمه الله قال أبو غالب: فقال له رجل: يا أبا عبد الله، فإن يحيى بن معين وأبا عبيد لا يرضيانه، يعني في نسبتهما إياه إلى التشيع، فقال أحمد: "ما أرى ما يقولان، والله، ما رأينا منه إلا خيرًا، ولا سمعنا إلا خيرًا، ثم قال أحمد لمن حوله:"اعلموا ـ رحمكم الله تعالى ـ أن الرجل من أهل العلم، إذا منحه الله شيئًا من العلم، وحُرِمَه قرناؤُه وأشكاله حسدوه فرموه بما ليس فيه، وبئست الخصلة في أهل العلم".
187 -
أخبرنا أحمد، حدثنا معروف بن محمد بن معروف (1) الواعظ، حدثنا
أبو المُستَضِيء (2)
بدِمَشق قال: ((رأيْتُ هشامَ بنَ عَمَّارٍ وهو شيخٌ خَضِيْبٌ إذا مشى أطرقَ إلى الأرضِ لا يَرْفَعُ رأسَه إلى السّماءِ حياء مِنَ اللهِ عز وجل)(3) .
188 -
سمعت أبا الحسن يقول: سمعت عمر بن أحمد بن شاهين يقول: سمعت عبد الله ابن محمد بن عبد العزيز (4) يقول: ((صلَّيْتُ
(1) أبو المشهور، من أهل زنجان سكن الريّ، وقدم بغداد وحدث بها، قيل: إنه من ولد مالك بن الحارث الأشتر النخعي، ولكنه لم يثبت، بل طعنوا فيه.
قال السمعاني: "طعن الناس في نسب معروف هذا، وذكروا أنه ادعى النسب إلى مالك الأشتر".
وقال الذهبي: "عن أبي سعيد الأعرابي، مطعون فيه".
انظر وتاريخ بغداد (13/209) ، واللسان (6/62) .
(2)
هو معاوية بن أوس بن الأصبغ بن محمد بن لهيعة السكسكي القوفاني.
حكى عن هشام بن عمار، وروى عنه معروف بن محمد بن معروف والحسن بن غريب، وأبو الحسين الرازي، وعبيد الله ابن محمد بن عبد الوارث القوفاني.
انظر معجم البلدان (4/413-414) ، وتهذيب الكمال (30/252) .
(3)
ذكره المزي في "تهذيب الكمال"(30/252-253) ، والحافظ ابن حجر في "التهذيب"(11/48) عن أبي المستضيء به.
(4)
هو البغوي.
خلفَ أحمدَ بنِ حنبلٍ على جنازةٍ وكبرَّ أربعا
وقرأ بفاتحةِ الكتابِ وسلَّمَ [ل/41أ] تَسليمةً واحدة، فلما بلغ المقبرةَ نزعَ نعلَيْه
ومَشَى حافيا)) (1) .
189 -
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بن مِقْسَم العَطَّار قال: سمعت أبا الحسن
ابن مُبَشِّر (2) يقول: سمعت عيسى بن شاذان يقول: سمعت أبا سعيد الحداد (3) يقول: ((مَثَلُ المحدِّثِ إذا دخلَ بلدا مَثَلُ البُسرِ الأحمرِ، يأخُذُه ذا فيَضَعُه على عَيْنِه ثم يأخُذُه ذا فيَضَعُه على عينِهِ ثم لا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ)) (4) .
190 -
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ محمد بن مِقسَم، حدثنا أحمد بن عمرو السَّلَفيّ (5) ، حدثنا أبو عثمان بن
(1) إسناده صحيح، ولم أجده عند غير المصنف.
(2)
هو علي بن عبد الله بن مبشّر الواسطي، الإمام الثقة المحدّث، مات سنة أربع وعشرين وثلاثمائة.
سير أعلام النبلاء (15/25-26) ، والعبر (2/203) ، وشذرات الذهب (2/305) .
(3)
هو أحمد بن داود، أبو سعيد الحدّاد الواسطي.
وثقه ابن سعد وابن معين، وقال ابن حبان:"كان حافظًا متقنًا".
مات سنة إحدى وعشرين ومائتين، وقيل سنة اثنتين.
انظر التاريخ الكبير (2/4) ، والجرح والتعديل (2/50) ، والثقات لابن حبان (8/10) ، وتاريخ بغداد
(4/139) ، والتعديل والتجريح (1/318) .
(4)
في إسناده ابن مقسم العطار، وهو ضعيف، ولم أجد الأثر عند غير المصنف.
(5)
هو أحمد بن أبي الأخيل السلفي من أهل حمص، واسم أبي الأخيل خالد بن عمرو بن خالد، ويكنى أحمد أبا عمرو، ورد بغداد وحدث بها عن أبيه أحاديث غرائب، كتبها عنه الحفاظ.
قال الدارقطني: "عثمان وأحمد ابنا خالد بن عمرو السلفي من أهل حمص ثقتان، وأبوهما ضعيف".
تاريخ بغداد (4/128) ، واللسان (2/382 ـ في ترجمة أبيه ـ) .
عبد الرحمن (1)، حدثنا أبو عبيدة (2) عن سعيد بن مِيْنا قال:
((مكتوبٌ في التوراة: لا يَشْكرُ يتيمٌ لولي ولا غريقٌ لمنجٍّ)) (3) .
191 -
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جعفر العِجْلي، حدثنا محمد بن عبيد الله ابن العلاء الكاتب، حدثنا علي بن حرب، حدثنا وكيع عن الأعمش قال: قال لي
أبو وائل (4) : ((يا سليمانُ، نِعْمَ الرَّبُّ ربُّنَا، لو أطعْنَاه ما عَصَانَا)) (5) .
192 -
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَهْلٍ الدِّيْبَاجيّ، حَدَّثَنَا
(1) لعله سعيد بن عبد الرحمن بن عبد الملك، أبو عثمان البغدادي، ذكره الخطيب في تاريخ بغداد (9/93) .
(2)
هو معمر بن المثنى التيمي مولاهم، البصري النحوي، صاحب التصانيف، الإمام العلامة البحر، ولد سنة عشر ومائة.
قال ابن معين: "ليس به بأس"، وصحح روايته ابن المديني وقال:"كان لا يحكي".
وقال الحافظ: "صدوق أخباري، وقد رمي برأي الخوارج".
ومات سنة تسع ومائتين، وقيل سنة عشر.
سير أعلام النبلاء (9/445-447) ، والتقريب (541/ت6812) .
(3)
في إسناده ابن مقسم العطار، وهو ضعيف، ولم أجد الخبر عند غير المصنف.
(4)
هو شقيق بن سلمة.
(5)
في إسناده عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ المستملي، ومحمد بن عبيد الله بن العلاء الكاتب، لم أقف لهما على ترجمة.
والأثر أخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(4/105) من طريق سفيان بن عيينة، والبيهقي في "الزهد"
(ص281) ، والخطيب في "تاريخ بغداد"(9/270) من طريق عمرو بن عبد الغفار كلاهما عن الأعمش به.
وأورده المزي في "تهذيب الكمال"(12/553) ، والذهبي في "سير أعلام النبلاء"(4/164) عن عمرو بن عبد الرحمن،
عن الأعمش به.
أبو خليفة الفضل ابن الحُبَاب الجُمَحيّ بالبصرة، حدثنا رفيع بن سلَمة (1)، عن أبي عُبيدة (2) قال:
((كان المَهْديُّ (3) يُصلِّي بنا الصَّلواتِ في المسجد الجامع بالبصرةِ لمَاَّ قَدِمَها، فأُقِيمتِ الصلاةُ يوما فقال أعرابيٌّ: يا أميرَ المؤمنينَ، لستُ على طُهرٍ وقد رغب الله تبارك وتعالى في الصلاة [ل/41ب] خلفَكَ فَاأْمُرْ هؤلاءِ ينتظِرُونِيْ، فقال: انتظِرُوه رحِمَكُمُ اللهُ، ودخل إلى المحرابِ، فوَقَفَ إلى أن قِيْلَ له: قد جاءَ الرَّجُلُ، فكَبَّرَ، فعَجِبَ النّاسُ مِنْ سماحةِ أخلاقِهِ)) (4) .
193 -
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَهْلٍ الدِّيْبَاجيّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ أَبُو الْعَبَّاسِ التَّمَّارُ بِالْبَصْرَةِ، حَدَّثَنَا الرِّياشيّ، حَدَّثَنِي
(1) ابن مسلم بن رفيع العبدي، أبو غسّان، لقبه دماد، روى عن أبي عبيدة، وكان يورّق كتبه، وأخذ عنه الأنساب والأخبار والمآثر.
روى عنه أبو زرعة الجرجاني، ويموت بن المزرِّع، والمبرّد.
انظر أخبار مكة (3/27) ، وتصحيفات المحدّثين للعسكري (2/421) ، وتاريخ بغداد (14/359) ، وفهرست
ابن النديم (ص81) .
(2)
هو معمر بن المثنى.
(3)
هوالخليفة، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ المنصور أبي جعفر عبد الله بن محمد بن علي الهاشمي العباسي، كان مولده بإيذج من أرض فارس، في سنة سبع وعشرين، وقيل سنة ست، وأمه أم موسى الحميرية.
كان جوادًا ممداحًا معطاءً، محبَّبًا إلى الرعية، قصّابًا في الزنادقة، باحثًا عنهم، تملك عشر سنين وشهرًا ونصفًا، وعاش ثلاثا وأربعين سنة، مات في المحرم سنة تسع وستين ومائة. سير أعلام النبلاء (7/400-403) .
(4)
في إسناده سَهْلُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَهْلٍ الديباجي، وقد تقدم أنه متّهم، والأثر أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد"(5/400) عن القاضي أبي العلاء الواسطي عن الديباجي به.
ميمون بن عبد الله بْنِ عِمْرَانَ الشَّامِيُّ قَالَ: ((خَرَجَ عَلَى المَهديّ أميرِ المؤمنينَ خارِجيٌّ، قَالَ: فرأَيْتُه علَى فَرَسٍ وقَدْ شَهَّرَ السّيفَ واستَنْفرَ النّاسَ وَهُوَ يقولُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ، عَنْ زِياد بْنِ عِلَاقةَ، عَنْ عَرْفَجَةَ قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ خَرَجَ علَى أُمَّتِيْ وَهُمْ جَمِيْعٌ لِيُفَرِّقَ بينَهُمْ فاضرِبُوْا رَأْسَهُ بالسّيفِ كائِناً مَنْ كاَنَ")) (1) .
194 -
سمعت أحمد يقول: سمعت ابن شاهين يقول: سمعت عبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري يقول: سمعت المَيْمونيّ يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ((ستّةٌ أَدعُو لَهُمْ بِسَحَرٍ؛ أَحدُهم الشافعي رضي الله عنه)(2) .
(1) في إسناده سَهْلُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَهْلٍ الديباجي، وقد تقدم الكلام فيه.
وميمون بن عبد الله بن عمران الشامي، وأبو العباس التمار لم أقف لهما على ترجمة.
ولكن الحديث صحيح من طريق شعبة أخرجه مسلم (3/1479) كتاب الإمارة، باب حكم من فرق أمر المسلمين وهو مجتمع، عن أبي بكر بن نافع ومحمد بن بشار، عن محمد بن جعفر، عن شعبة به، ولفظه عنده:
((إنه ستكون هنات وهنات، فمن أراد أن يفرّق أمر هذه الأمة وهي جميع فاضربوه بالسيف، كائنا من كان)) .
وأخرجه أيضًا من طريق أبي عوانة، وشيبان، وإسرائيل، وعبد الله بن المختار عن رجل سماه (بين الحافظ في "النكت الظراف"
(7/292) أن الرجل هو الليث بن أبي سليم) ، كلهم عن زياد بن علاقة به، غير أن في حديثهم جميعًا "فاقتلوه".
وأخرجه أيضًا في (3/1480) عن عثمان بن أبي شيبة، عن يونس بن أبي يعفور، عن أبيه، عن عرفجة نحوه.
(2)
أخرجه البيهقي في "مناقب الشافعي"(2/254) ، والخطيب في "تاريخ بغداد"(2/66) ، ومن طريقه المزي في "تهذيب الكمال"(24/372) من طريق عبيد الله بن محمد بن زياد به، غير أن البيهقي جعل بين الميموني وأحمد محمد بن محمد ابن إدريس الشافعي.
وأورده الذهبي في "سير أعلام النبلاء"(10/45) ، والحافظ ابن حجر في "التهذيب"(9/25) عن الميموني به.
195 -
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العباس بن حيويه، حدثنا الحسن بن علي (1) البصري، حدثنا عثمان بن طالوت (2)، حدثنا الأصمَعيّ قال:((دخلتُ البادِيةَ فإذا أنا بأعرابيَّةٍ أحسنَ النَّاسِ وجها تحتَ أقبحِ النَّاسِ وجها، فقلتُ: يا هذه، أترضَيْنَ أن تكُونِي تَحتَ هذَا؟ فقالتْ: يا هَذا، بِئْسَ ما قلتَ، لعلَّه أحسنَ فيما بينَه وبينَ ربِّه فجعَلَني [ل/42أ] ثَوابَه، وأنا أسأتُ فيما بينِي وبينَ ربِّي فجعلَه عُقُوبَتِي، أفلا أرضَى بما رَضِيَ الله لي؟ قال الأَصْمَعيّ: فأسكتَتْنِيْ)) (3) .
196 -
أخبرنا أحمد، حَدَّثَنَا أَبُو عُمر بْنِ حَيّويه، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بن المَرْزُبان (4) قال: أخبرني أبو بكر القرشي (5)، حدثني سليمان بن صُبَيح قال:((قيل لسُورةَ الواسِطي: قد غَلَا الدَّقِيق، فقال: لا أُبالِي، أشترِي خبزاً (6)) ) (7) .
(1) لعله ابن عمرو المعروف بابن غلام الزهري، الإمام الحافظ الناقد، أبو محمد، عاش إلى سنة ثمانين وثلاثمائة، سأله الحافظ حمزة السهمي عن الرجال وثقتهم ولينهم.
انظر سير أعلام النبلاء (16/436-437) ، وتذكرة الحفاظ (3/1021-1022) ، والوافي بالوفيات (12/16) .
(2)
هو عثمان بن طالوت بن عباد الجحدري البصري.
ذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: "كان أحفظ من أبيه، مات وهو شاب ولم يتمتع بعلمه، مات في سنة أربع وثلاثين ومائتين". الثقات (8/454) .
(3)
إسناده صحيح.
أورده الذهبي في "الكبائر"(ص174) .
(4)
هو محمد بن خلف بن المرزبان، تقدم مرارًا.
(5)
هو المعروف بابن أبي الدنيا.
(6)
في المخطوط "خبز".
(7)
في إسناده سليمان بن صُبيح لم أقف له على ترجمة، والخبر لم أجده عند غير المصنف.
197 -
سمعت أبا عمر بن حيويه يقول: سمعت أبا مزاحم الخاقاني يقول: قيل
لأبي الأحوص سلام بن سُلَيم: حدِّثْنا، فقال: ليستْ لي نِيّةٌ، فقالوا له: إنَّك تُؤْجَر، فقال:
يَمُنُّونِيْ الخَيْرَ الكثيرَ ولَيْتَنِيْ نجَوْتُ كَفَافاً لا عَلَيَّ وَلَا لِيَا (1) .
198 -
سمعت أبا الحسن يقول: سمعت عبيد الله بن محمد بن محمد العُكْبَري
يقول: سمعت أبا عبد الله محمد بن يعقوب المَتُّوْثيّ (2) يقول: سمعت أبا داود السجستاني يقول:
((كانَ في أصحابِ الحديث رَجُلٌ خَلِيْع، لما أَنْ سمِعَ بحديث النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم "أَنّ الملائكةَ تَضَعُ أَجْنِحَتَها لطالبِ العلمِ رضا بما يصنَعُ"، فجعل في نَعلَيه حديدَ مساميرَ وقال: أُرِيدُ أن أَطَأَ أجنِحةَ الملائكةِ فأصابَتْه الأكِلَةُ في رِجْلِهِ)) (3) .
199 -
أخبرنا أحمد، حدثنا أبو عمر بن حيّويَه، حدثنا محمد بن يحيى (4)
(1) تقدم في الرواية رقم (98) بالإسناد نفسه.
(2)
هو محمد بن أحمد بن يعقوب المتّوثي - نسبة إلى مَتُّوث بلدة بين قرقوب وكور الأهواز - راوي كتاب "الرد على أهل القدر" عن أبي داود. انظر اللباب (3/162) ، وتهذيب الكمال (4/150) .
(3)
إسناده صحيح.
وانظر مشيخة الرازي (ص210) ، وملء العيبة (2/335) .
(4)
ابن عبد الله بن العباس بن محمد بن صول الصولي البغدادي، العلاّمة الأديب، ذو الفنون، صاحب التصانيف، مات بالبصرة مستترًا سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة.
انظر معجم الشعراء (ص431) ، ومعجم الأدباء (19/109-111) ، وسير أعلام النبلاء (15/301-303) .
أبو بكر، حدثنا أحمد بن إسماعيل نُطّاحة (1)
، حدثني مولى لبكار أبي الزبير بن بكار قال:((باع مَدِيْنيٌّ دابة فظهرَتْ به عُيوب فطالَبُوه بالرَّدّ فأبى، وبالحَطِيْطة (2)[ل/42ب] فأَبَى، قالوا: فاليَمِين؟ قال: ما حلفتُ على حقٍّ ولا باطلٍ قَطُّ، فصاروا به إلى بكارـ وهو أمير المؤمنين ـ فطالبُوه فأنكر، فأرادوه على اليَمِين فقال: ليس في هذا حِيلة، وطَمِعوا في الرد فقال له بكار: إما رددتَ وإما حلفتَ! فقال: أخاف إنْ أحلِفْ فيُعاوِدُوني، فقال: أَضَعُهم في الحبس، فحلف بالغَمُوس ثم قال: هذه رُجْحان بلغتِ السماء مع الشيطان، وأفنيتُ كَواكِبَ الرحمن، ولعِبتُ بالكِعَاب في الكعبة وأَعَنْتُ عاقرَ الناقة على صالح، ولقيتُ الله بذنْبِ فرعونَ يومَ قال: أنا ربكم الأعلى، وحاسَبَني اللهُ على مثل مالِ قارونَ، لا أعلم فيه مِثْقالَ ذَرّة من خير إلا أَنْفَقَه في هدْمِ المساجد، وخَرابِ الثُّغور، وشُرب الخُمور، والجمع على الفُجور، وضربِ العُود والطَّنْبور، والقِمار بالطُّيور، والكُفر ببعثِ مَنْ في القبور، إن لم أَكُنْ قَدَّمْتُ بعشر دوابَّ كانت كلُّها تَخْلَع أرسَانَها فكان هذا الدابّةُ يجيء حتى يُصْلِح أرسانَها بفمه قليلا
(1) هو أبو علي أحمد بن إسماعيل بن الخصيب الأنباري، كاتب عبيد الله بن عبد الله بن طاهر، كان بليغاً مترسّلاً، أديباً متقدماً في صناعة البلاغة، وكان بينه وبين أبي العباس بن المعتزّ مراسلات وجوابات، قتله محمد بن طاهر.
انظر فهرست ابن النديم (ص180) .
(2)
الحطيطة: ما يحط من الثمن. انظر القاموس المحيط مادة "حطط".
قليلا فكان السائِس يزيدُه في شَعِيره لهذا السبب، فَضحِك بكَّار حتَّى أمسك بطنَه بيده وقال: لو عرفْتُم صاحبَكم لما تَعِِبْتُم، انصرِفُوا راشِدِين)) (1) .
200 -
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العباس بن معاذ الخزاز (2) ، حدثنا أحمد بن عبد الله
ابن [ل/43أ] سابور (3)
الدَّقَّاق، حدثنا سليمان بن عبد الجبار، حدثنا أبو عاصم (4) قال: قال سفيان (5) : ((كانَ الرَّجُل لا يطلُبُ الحديثَ حتى يَتَعَبَّد عشرين سنة)) (6) .
201 -
أخبرنا أحمد، حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن الفتح المصيصي الشيخ الصالح (7) ، حدثني أبو الحسين عبد الواحد بن أحمد
(1) في إسناده مولى لبكار بن أبي الزبير بن بكار لم يعرف من هو، ولم أجد الخبر عند غير المصنف.
(2)
هو ابن حيويه.
(3)
ابن منصور، أبو العباس البغدادي، الشيخ الإمام الثقة المحدّث.
قال ابن حيويه: "مات يوم السبت بالعشي، ودفن يوم الأحد ضحوة، لعشر بقين من المحرّم سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة".
سؤالات السهمي (رقم137) ، وتاريخ بغداد (4/225) ، وسير أعلام النبلاء (14/462-463) .
(4)
هو النبيل.
(5)
هو الثوري.
(6)
إسناده صحيح.
أخرجه الرامهرمزي في "المحدث الفاصل"(ص187) من طريق العباس العنبري، والخطيب في "الكفاية"
(ص55) من طريق يحيى بن محمد بن أعين، كلاهما عن أبي عاصم عن الثوري به.
وأخرجا أيضًا نحوه عن أبي الأحوص، وأبي عبد الله الزبيري.
(7)
يعرف بالجِلّيّ ـ بكسر الجيم واللام المشدّدة ـ، سكن بغداد، وأصله من المصيصة، وثقه العتيقي، والتنوخي، والأزهري، وغيرهم، توفي في الثالث عشر من ذي الحجة سنة خمس وثمانين وثلاثمائة، ودفن في مقبرة الشونيزية.
تاريخ بغداد (6/171) ، وتكملة الإكمال لابن نقطة (2/141) .
الأَذَني الصوفي بالثغر (1) قال: سمعت
أبا جعفر الترمذي (2)
يقول: ((رأيتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم في النوم فقلتُ: يا رسولَ الله، إني تَفَقَّهتُ على مذاهبِ أهلِ العِراق ثلاثين سنة، ثم عَزُب عن ذلك رأيِيْ فتفقَّهتُ على مذهبِ أهلِ المدينة ثلاثين سنة، فما تأمُرُني؟ قال: عليكَ بمذهب محمد بن إدريسَ الشَّافِعيِِّ؛ فإنَّه نَفَى الشُّبَه عنِّي)) (3) .
(1) الثغر: بالفتح ثم السكون وراء، كل موضع قريب من أرض العدو، كأنه مأخوذ من الثغرة، وهي الفرجة في الحائط، وهو في مواضع كثيرة، والمراد به هنا ثغر الشام.
انظر معجم البلدان (2/79) .
(2)
هو محمد بن أحمد بن نصر، الفقيه الشافعي، الإمام العلاّمة، شيخ الشافعية بالعراق في وقته، ثقة مأمون.
مات سنة خمس وتسعين ومائتين وقيل: إنه اختلط بأخرة، وكان مولده سنة إحدى ومائتين.
تاريخ بغداد (1/365-366) ، وطبقات الشيرازي (ص105) ، وسير أعلام النبلاء (13/545-547) .
(3)
في إسناده أبو الحسين الأذني الصوفي، لم أقف له على ترجمة، ولكنه متابع كما أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد"
(1/365) من طريق أبي جعفر محمد بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي جعفر الترمذي أنه قال:"كتبت الحديث تسعا وعشرين سنة، وسمعت مسائل مالك وقوله، ولم يكن لي حسن رأي في الشافعي، فبينا أنا قاعد في مسجد النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بالمدينة إذ غفوت غفوة، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ في المنام، فقلت: يا رسول الله، أكتب رأي أبي حنيفة؟ قال: لا، قلت له: أكتب رأي مالك؟ قال: ما وافق حديثي، قلت له، أكتب رأي الشافعي؟ فطأطأ رأسه شبه الغضبان لقولي، وقال: ليس هذا بالرأي، هذا رد على من خالف سنتي، فخرجت على إثر هذه الرؤيا إلى مصر، فكتبت كتب الشافعي".
202 -
أنشدنا أحمد، أنشدنا أبو عمر محمد بن العباس بن حيويه، أنشدنا
أبو عبد الله بن عَرَفة:
مررْتُ بقبرٍ زاهِرٍ وَسْطَ رَوْضَةٍ
…
عليهِ منَ الأنوارِ مِثْلِ النمارقِ
فقُلْتُ لِمَنْ هذا فكلَّمَنِي الثَّرَى
…
ترَحَّمْ عليهِ إِنّهُ قَبْرُ عاشقِ (1)
203 -
أنشدنا أحمد، أنشدنا محمد بن العباس، أنشدنا أبو عبد الله بن عرفة لبعضهم:
يُنظَرُ في عُمْري فإنْ كانَ فِي
…
عُمْرِك نقصٌ زِيْدَ من عمريْ
حَتّى نُوافيَ البعثَ في ساعةٍ
…
لا أنتَ تدرِيْ بِيْ ولا أدرِيْ [ل/43ب]
أخافُ أن أُطفَأَ فيدعوك مَن
…
يَهْواك مِن بعدي إلى غَدْرِي (2)
204 -
سمعت أحمد يقول: سمعت أبا عبد الله أحمد بن عبد الله بن الحُسين الواسطي الجَوَالِيقيّ (3) يقول: سمعت أبا شعيب صالح بن العباس (4) الصوفي يقول -الذي عمر من الدنيا مائة وعشرين سنة-:
(1) لم أجد البيتين عند غير المصنف.
(2)
تقدم في الرواية رقم (111) .
(3)
ذكره الخطيب في تاريخ بغداد، وأنه روى عنه العتيقي. تاريخ بغداد (4/236) .
والجواليقي ـ بفتح الجيم والواو، وكسر اللام بعد الألف، وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها، وفي آخرها القاف، نسبة إلى الجواليق، وهي جمع جُوَالِق، ولعل بعض أجداد المنتسب إليها كان يبيعها أو يعملها.
الأنساب (3/368-369) .
(4)
ابن حمزة الخزاعي، الإستاني. معجم البلدان (1/173) .
((كنتُ مع ذي النون المصري (1) في بعض سِياحَتِه إذْ رُفِعَتْ لنا مِظَلَّةٌ فقصدْناها، فإذا فيها رجلٌ أَعْمَى قد قَطَعَ الجُذامُ يدَيْه ورِجلَيْه، فسمِعْناه يقول: اللهُمَّ لك الحمدُ على
ذَا الحالِ وعلى كلِّ حالٍ، فالتفتَ إليَّ ذُو (2) النُّون رحمه الله فقال لي: يا صالحُ، لو كان هذا راضيا (3) لأسكَتَه الرِّضا)) (4) .
205 -
أخبرنا أحمد، حدثنا أبو عمر محمد بن العباس بن حيويه، حدثنا ابن مِهيار (5) ، حدثني أبو عبد الله أحمد بن محمد بن أبي أيوب، أخبرني نصر بن أبي الشَّمَقْمَق، قال: كان أبي (6) ساكنا للعباس بن
(1) هو ذو النون بن إبراهيم الإخميمي، أبو الفيض المصري الزاهد، طاف البلاد في السياحة، قيل: اسمه ثوبان، وقيل: الفيض، وقيل: ذو النون لقبه، واشتهر بذلك. قال الدارقطني:"روى عن مالك أحاديث في أسانيدها نظر، وكان واعظًا". وقال مرةً: "إذا صح السند إليه فأحاديثه مستقيمة، وهو ثقة".
مات سنة ست وأربعين ومائتين، وقيل سنة ثمان وأربعين، ودفن بالقرافة الصغرى.
حلية الأولياء (9/331-391) ، وطبقات الصوفية (ص15-26) ، و (10/3-4) ، وطبقات الأولياء (218-223) .
(2)
في المخطوط "ذا" بالنصب، والصواب ما أثبته.
(3)
في المخطوط "راضي"، والصواب ما أثبته لما يقتضيه السياق.
(4)
في إسناده الجواليقي، وصالح بن العباس الصوفي، لم أجد من وثقهما، ولم أجد الحكاية عند غير المصنّف.
(5)
هو أبو أحمد الصيرفي المعروف بابن مهيار، تقدمت ترجمته في الرواية رقم (169) .
(6)
هو مروان بن محمد، أبو محمد الشاعر المعروف بأبي الشمقمق، مولى مروان بن محمد بن محمد بن مروان بن الحكم، هو بصري. قال أبو العباس المبرّد:"كان ربما لحن ويهزل كثيرًا ويجدّ، فيكثر صوابه".
تاريخ بغداد (13/146) .
عبد الأعلى بفارس وهو فارسيٌّ، عباس هذا قال -وكان معه بيت بأربعة دراهم- فقال:
إني لصبٌّ دائمُ الوَسْوَاسِ
…
مُوَكَّل بالهَمِّ والإفلاسِ
أَفْرَق رأسَ الشَّهرِ من عبَّاسِ
…
له وَكِيلٌ نَبَطِيٌّ قَاسِي
لَه عليَّ كلَّ شهرٍ أربَعَة
…
منْ أجلِ بيتٍ لي قليلِ المَنْفَعَة
ومَا لِضَيْفِي إِنْ أتانِي مِنْ سَعَة
…
وهامَتِيْ مِنْ سَقْفِه مُقْلَعَة [ل/44أ]
قَدْ صارَ في رَأْسِي مِثْلَ القُنْزُعة
وإِنْ قَعَدْتُ نَالَ رأسِي الرَّفَّا
…
مِمَّا إذَا قُمتُ نَطَحْتُ السَّقْفَا
يَحْضُر فيه الفَأْرُ والجِرْدانُ
…
فَنِصْفُ بَيْتِي لَهُمْ مَيْدَانُ
وَفِي الهَوَى البَعُوضُ والذِّبَّانُ
…
فَهُنَّ مِنْ جُنُوبِنا سِمَانُ
يُردِيْنَنَا بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار
…
فَمَا لَنَا فِي الْبَيْتِ مِنْ قَرَارِ
فَلَعْنَةُ الله وسُوءُ الدَّارِ
…
عَلَى الْبَرَاغِيْثِ نَعَمْ والفارِ
أَخْرَجَهُنَّ اللهُ مِنْ جِوَارِي
…
إِلَى الْجَحِيمِ عاجلا والنَّارِ
إذَا هَدَا اللَّيْلُ وصاحَ الصَّرْصَرُ
…
وَاصْطَحَبَ الفأْرُ وعِنْدِي كِسَرُ
فَغَنَّتِ الأُنْثَى وصَاحَ الذَّكَرُ
…
كَالصَّنْجِ والعُوْدُ عليه الوَتَرُ
وجُنْدُ وِرْدَانَ مَعَ الخَنَافِسِ
…
يَجُلْنَ فِي البيتِ بِغَيْرِ سَائِسِ
يَطْلُبْنَ مِنْ فُتَاتِ خُبْزٍ يَابِسِ
…
وَلَيْسَ فِي حِرْمَانِها بآيِسِ
لمَاَّرَاَيْتُ القَرْضَ في جِرَابِي
…
وَأَثَرَ الِجْرذَانِ في ثِيَابِي
عَدَوْتُ بِالسِّنَّوْر ذِي الأَنْيابِ
…
وَذِيْ مَخاليْبَ له صِلَابِ
خوّفتُ فأرَ البيتِ بالعَذَابِ
…
تخوّفَ الصِّبْيانِ بالكُتَّابِ
وقلتُ لِلسِّنَّوْرِ يَا مُؤَدِّبُ
…
دُوْنَكَ صِبْيَانِيْ فَقِدْماً نَقَّبُوا
ماكَتَبُوا شيئا وَمَا إِنْ حَسَبُوا
…
لَمَّا رَأَوْهُ غَضِبُوا وجَلَبُوْا
فَقَالَ: قُوْمُوا كَبِّرُوا وَانْقَلِبُوا
فَهَرَبُوا أجمعُهم مِنَ الفَرَق
…
وليَسَ فيهمْ مَنْ قَرَأ وَلَا حَذَق [ل/44ب]
فَلَسْتُ أدرِي غَابَ يوما فَسَرَق
…
أَبَاعَه بائِعُه بَيْعَ الخَلَق
خِصَالُ بيتِي كلُّها حرامُ
…
في الصَّيْف ما يَعْدِلُه الحِمامُ
وفي الشِّتاءِ بَرْدُه صِرامُ
…
ورعدةٌ يَتْبَعُها بِرْسامُ
تَقَلَّص الخِصْيانُ منهُ والذَّكَرْ
…
كأنَّه الغْرِبْانُ في يومِ المَطَرْ
كَأنَّه مِنْ بعضِ أكواخِ النَّبَطْ
…
بَنَّاؤُه بَنَاهُ يوما فاشْتَرَطْ
أنْ يَجْعَلَ البيتَ على قَدْرِ السَّفَطْ
206 -
أنشدنا أحمد، أنشدنا أبو حفص بن شاهين، أنشدنا محمد بن نوح الجُنْدِيْسابُوريّ (1) قال: سمعت هلال بن العَلاء الرَّقّيّ (2) بالرَّقَّة ينشد هذه الأبيات:
أَجِدِ الثِّيابَ إذا اكْتَسيْتَ فإنها
زَيْنُ الرِّجالِ بها تُجَلُّ وتُكْرمُ
ودَعِ التَّواضعَ في الثيابِ تخشُّعًا 000فالله يعلَمُ ما تُسِرُّ وتَكتُمُ
(1) أبو الحسن الفارسي، نزيل بغداد، الإمام الحافظ الثبت، وثقه ابن يونس والدارقطني جدًّا.
مات في ذي القعدة سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة.
انظر سؤالات السهمي (ص76) ، وتاريخ بغداد (3/324) ، وسير أعلام النبلاء (15/34-35) ، وتذكرة الحفاظ (3/826-827) ، وطبقات الحفاظ (ص344) .
(2)
هو أبو عمر الباهلي.
عندَ الإلهِ وأنتَ عبدٌ مُجرِمُ
…
فرَثَاثُ ثوبِكَ لا يزيدُك قُربةً
وبَهَاءُ ثوبِك لا يَضُرّك بعدَ أَنْ
تخشى الإلهَ وتتَّقِي ما يَحرُمُ (1)
207 -
أنشدنا أحمد، أنشدنا أبو عمر محمد بن العباس بن حيويه، أنشدنا عمر
ابن سعد (2) :
إن لم يكُنْ لك جَدْيٌ
أَجْزَاكَ خَلٌّ وزَيْتُ
فكِسْرةٌ وَبُيَيْتُ
…
فإن تَعَذَّرْ هذا
تكونُ فيه وديعا
حتى يأتيَك مُوَيْتُ (3)
[ل/45أ]
208 -
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ محمد بن عبد الله العسكري (4) ـ قدم علينا ـ، حدثنا عبد الله بن جعفر (5) النحوي،
(1) لم أجد هذه الأبيات عند غير المصنف.
(2)
لعله ابن أحمد بن سعد بن سنان الطائي المنبجي، أبو بكر، الإمام المحدّث، القدوة العابد.
قال ابن حبان: "كان قد صام النهار وقام الليل ثمانين سنة، غازيًا مرابطًا، رحمة الله عليه".
انظر اللباب (3/259) ، ومعجم البلدان (5/207) ، وسير أعلام النبلاء (14/290) .
(3)
نسبها ابن حبان في "روضة العقلاء"(ص153) ، وفي "الثقات"(8/229) للخليل بن أحمد.
أخرجه من طريق محمد بن يحيى الصائغ قال: قال الخليل بن أحمد:
إن لم يكن لك لحم
…
كفاك خلّ وزيتُ
وإن لم يكن ذا
…
وهذا فكسرة وبيتُ
تظلّ فيه وتأوي
…
حتى يجيئك مُوَيتُ
هذا لعمري كفاف
…
فلن يغرَّك ليتُ
(4)
أبو الحسن، ذكره الخطيب في تاريخ بغداد (12/94) .
(5)
ابن درستويه بن المرزبان، الفارسي، أبو محمد، الإمام العلاّمة، شيخ النحو، تلميذ المبرّد.
وثقه ابن منده والذهبي، مات سنة سبع وأربعين وثلاثمائة، وكان مولده سنة ثمانٍ وخمسين ومائتين.
سير أعلام النبلاء (15/531) .
حدثنا المبرد (1) قال: قال بعض الحكماء: ((من أدَّب ولده صغيرا سُرَّ به كبيرا، قال: وكان يقال: من أدَّب ولده أرغم حاسدَه)) (2) .
209 -
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العباس بن حيويه، حدثنا محمد بن خلف بن المرزُبان، حدثني أحمد بن الفضل البصري، حدثني العلاء بن ناصح (3)
قال: سمعت ابن راهويه يقول: ((سمعت رجلا من الصوفية يقول في سجوده: سجد وجهِيَ الخاشعُ الذّليلُ الماصُّ بَظْرَ أُمّه)) (4) .
(1) هو إمام النحو، أبو العباس، محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الأزدي البصري، الأخباري صاحب "الكامل".
مات سنة ست وثمانين ومائتين.
طبقات النحويين (ص101-110) ، وإنباه الرواة (3/241-253) ، وسير أعلام النبلاء (13/576-577) .
(2)
أورده المبرّد في الكامل (1/45) ، وانظر عين الأدب والسياسة لابن هُذيل (ص62) ، وسيورده المصنف برقم (505) .
(3)
كذا وقع هنا "العلاء بن ناصح"، ووقع في الرواية رقم (248)"العلاء بن صالح"، وهناك رجلان اسمهما العلاء
ابن صالح لم أتبين المراد منهما ههنا:
- أولهما: العلاء بن صالح التيمي، وثّقه ابن معين، وأبو داود.
وقال أبو حاتم وأبو زرعة: "لا بأس به"، وقال يعقوب بن شيبة:"مشهور"، وقال علي بن المديني:"روى مناكير".
انظر التاريخ الكبير (6/513) ، ومعرفة الثقات للعجلي (2/149) ، والجرح والتعديل (6/356) ، والثقات لابن حبان (7/267) و (8/502) ، والتهذيب (8/164) .
-
…
والثاني: العلاء بن صالح النيسابوري، أبو الحسين، روى عن عبد الله بن لهيعة، وخارجة بن مصعب، وأبي المَلِيح الرَّقّي، وأبي بكر بن عياش، ومعتمر بن سليمان، وإسماعيل بن عياش، وسمع منه أبو حاتم.
انظر الجرح والتعديل (6/356) .
(4)
في إسناده أحمد بن الفضل البصري، لم أجد ترجمته.
والعلاء بن ناصح ـ أو ابن صالح ـ لم أتبين من هو، والأثر لم أجده عند غير المصنف.
210 -
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ علي بن سهل السِّمْسار، حدثنا عبد الله
ابن سليمان الوراق (1) ، حدثنا أحمد بن سعد (2) الزُّهريّ، حدثنا يحيى بن بُكير قال: سمعت
مالك بن أنس يقول: ((لما حضرَتْ عمرَ بنَ حُسين ـ يعني ابنَ قُدامةَ بنِ مظعونٍ ـ الوفاةُ قال: {لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُوْنَ} (3)) ) (4) .
211 -
أنشدنا أحمد، أنشدنا أبو عمر محمد بن العباس بن حيويه، أنشدنا الصُّوليّ قال: أنشدت لأبي الشَّمَقْمَق:
لِحْيَةُ المُنْذِريِّ (5) لَوْ حَلَقُوهَا
ثُمَّ رَاحوا بها إلى النَّسّاجِ
جاءَ مِنْهَا قَِطِيفَةٌ وَكِسَاءٌ
مِنْ مُشَاقٍٍ وَلَيْسَ مِنْ دِيْبَاجِ (6)
(1) لعله عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ السجستاني.
(2)
ابن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري العوفي، البغدادي، أبو إبراهيم، الإمام الربّاني الثقة، ولد سنة ثمان وتسعين ومائة، وكان الإمام أحمد يحترمه ويكرمه، مات في المحرم سنة ثلاث وسبعين ومائتين.
انظر تاريخ بغداد (4/181-183) ، وطبقات الحنابلة (01/46-47) ، وسير أعلام النبلاء (13/117-118) .
(3)
الآية (61) من سورة الصافات.
(4)
إسناده صحيح، إن كان عبد الله بن سليمان الوراق هو ابن أبي داود السجستاني، وأما ابن بكير وإن تكلموا في سماعه من مالك فإنه قد صرّح هنا بالسماع منه، وهو ثقة.
والأثر أورده الحافظ ابن حجر في "التهذيب"(7/380) .
(5)
لم يتبين لي من هو.
(6)
لم أجد البيتين في ديوانه، ولا في غيره من المصادر.
212 -
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العباس بن حيويه، حدثنا محمد بن مَخْلَد، حدثنا محمد
ابن [ل/45ب] أبي يعقوب الدِّيْنَوَريّ (1) ، حدثنا أبي (2) عبد الرحمن، عن أبيه قال: قال أشعب الطامع:
((ما خرجْتُ في جنازةٍ قَطْ فرأيت اثنَينِ يتشاوَرانِِ إلا ظننتُ أن الميِّتَ قد أوصَى لي بشيءٍ)) (3) .
213 -
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العباس الخزاز، حدثنا أبو الطيِّب
الكَوْكَبِيّ، حدثنا عبد الله بن عمرو، حدثني عُبيد الله بن محمد بن عائشة، ومحمد
ابن سلام (4) قالا: حدثنا يونس بن حبيب (5) قال: ((كُنتُ على بابِ المسجِدِ الجامع حِِذاءَ
دارِ أبيْ عُمَيرٍ،
(1) أبو بكر، حدث ببغداد عن أحمد بن سعيد الهمداني، وعبد الله بن محمد البلوي وطائفة بمناكير وعجائب.
قال الخطيب: "في حديثه غرائب ومناكير".
تاريخ بغداد (3/390) ، والميزان (6/373) ، واللسان (5/434) .
(2)
هكذا وقع في المخطوط، وفي تاريخ بغداد "عن محمد بن أبي عبد الرحمن".
(3)
في إسناده محمد بن أبي يعقوب الدينوري روى عجائب ومناكير.
ومحمد بن أبي عبد الرحمن، وأبوه لم أقف لهما على ترجمة.
والأثر أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد"(7/43) من طريق محمد بن أبي يعقوب الدينوري، عن محمد
ابن أبي عبد الرحمن، عن أبيه به، وذكره التوحيدي في "الإمتاع"(3/83) ، والذهبي في "سيرأعلام النبلاء"(7/68) .
(4)
هو محمد بن سلام، أبو عبد الله الجُمَحي، كان عالمًا أخباريًّا، أديبًا بارعًا، صاحب كتاب "طبقات الشعراء".
توفي سنة إحدى وثلاثين ومائتين وله نيف وتسعون سنة.
سير أعلام النبلاء (10/651-652) .
(5)
أبو عبد الرحمن الضَّبّي مولاهم البصري، إمام النحو.
أخذ عن أبي عمرو بن العلاء، وحماد بن سلمة، وعنه الكسائي، وسيبويه، والفراّء وآخرون، وله تواليف في القرآن واللغة، عاش أكثر من مائة، ومات سنة ثلاث وثمانين ومائة.
سير أعلام النبلاء (8/191-192) .
فإذا امْرأةٌ قَدْ لَقِيَتِ امْرَأَةً فسلَّمَتْ علَيْها، وجَعَلَتَا تَتَحَدَّثانِ إلى أنْ
قالتْ إحداهُما للأُخْرَى: علِمْتِ أنَّ فُلانةً تزوَّجَ عليها زوجُها؟ فقالَتْ: الحمدُ لله على
ذلك، فعل اللهُ بها وفَعَلَ، قال: فقلتُ لها: وَيْحَك، إِنّ من شأن النِّساءِ أن تَتَبَغّضَ
بعضُهُنّ لبعضٍ، فما شأنُكِ؟ قال: فقالت لي: واللهِ، لو رأيتَ وجهَهَا لعلمْتَ أن الله قد
أحل لزوجِها الزِّنَا)) (1) .
214 -
أخبرنا أحمد، حدثنا أبو عمر بْنِ حَيُّوَيْهِ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ المكي (2) ، حدثنا
أبو العَيْناء (3) ، حدثنا الأصمَعيّ، عن أبي عمرو بن العَلَاء قال: ((خرجتُ إلى مكّةَ فنزلتُ منزلا فجاء أعرابيٌّ بأَمَةٍ له سوداءَ بِيَدِها صحيفةٌ فقال: أَفِيْكم من يكتُبُ؟ فقُلْتُ: أنا، فقال: اكْتُبْ؛ بسم الله الرحمنِ الرَّحيمِ، هذا ما أعتَقَ فلانُ بنُ فلانٍ لجاريتِهِ فُلانة السَّوداءِ
(1) إسناده صحيح، والأثرلم أجده عند غير المصنف.
(2)
هو أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بن خالد، أبو بكر المعروف بالمكّي.
قال الدارقطني: "لا بأس به".
مات في جمادى الآخرة سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة. تاريخ بغداد (5/64) .
(3)
هو العلاّمة الأخباري، محمد بن القاسم بن خلاد البصري الضرير النديم، ضعفه الدارقطني.
وقال الذهبي: "قلّما روى من المسندات، ولكنه كان ذا مُلَح ونوادر، وقوة ذكاء، مات سنة ثلاث وثمانين ومائتين".
طبقات الشعراء لابن المعتز (ص415-416) ، وسير أعلام النبلاء (13/308-309) .
لوجه
اللهِ عز وجل، ولِجَوازِ العَقَبةِ، المِنّةُ للهِ عز وجل عليهِ وعليها [ل/46أ] سواءٌ، قال
أبو العَيْناء: قال الأصمَعيُّ: فحدَّثْتُ به الرَّشيدَ فأمر أن يُشتَرَى جماعةٌ من العَبيدِ يُعْتَقُونَ، يُكتَبُ كتبُهم على هذه النُّسخةِ)) (1) .
215 -
أنشدنا أحمد، أنشدنا أبو عمر بن حيويه قال: أنشدنا أبو عبد الله بن عرفة (2) :
الحسنُ الظنُ مستريحُ يغتَمُّ مَن ظَنُّه قبيحُ
وليس مِنْ باطنٍ صحيحٍ إلا له ظاهرٌ مليحُ (3)
216 -
أخبرنا أحمد، حدثنا أبو عمر بْنِ حَيُّوَيْهِ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بن دُرَيد، حدثنا أبو حاتم (4) :
((كنتُ في مجلِسِ أبيْ عُبَيدةَ فقام لإِرَاقةِ الماء
(1) أخرجه الدينوري في "المجالسة"(2/137-138/رقم270) من طريق الرياشي، والبيهقي في "شعب الإيمان"
(4/69-70/رقم4344) ، وابن عربي في "محاضرة الأبرار"(1/422) ، وابن الجوزي في "مثير العزم الساكن"
(1/177-178) من طريق محمد بن يونس، والفخر ابن البخاري في "مشيخته"(ج10/ص378-379 ـ مصورة من أصل مخطوط، إعداد محمد بن ناصر العجمي ـ) من طريق عمر بن شبة، كلهم عن الأصمعي عن شَبيب نحوه ومع اختلاف في أشياء.
وأخرجه ابن الأعرابي في "معجمه"(2/786-787/رقم1608) عن أبي يعلى الساجي، عن الأصمعي، عن أبيه نحوه.
وجاء في رواية بعضهم أن الذي أمر بشراء ألف عبيد وأمر بإعتاقهم هو المهدي.
والخبر في "عيون الأخبار"(2/395) .
(2)
هو نفطويه، تقدم مرارًا.
(3)
لم أجد البيتين عند غير المصنف.
(4)
هو السجستاني.
وقال: الحاقِنُ (1) لا رأيَ له، فقال غُلامٌ حسَنُ الوجهِ كان حاضرا: ولا لمُنْعِظٍ (2) رأيٌ يا أستاذُ، فقال: صدَقَ الصَّبيّ، اكتُبُوها عنهُ)) (3) .
217 -
أخبرنا أحمد، حدثنا أبو عمر بن حيويه، حدثنا العباس بن العباس (4)
، حدثنا عبد الله بن عمرو (5) ، حدثني محمد بن علي بن ميمون العَطّار الرَّقِّيّ -كان يكتب معنا- أخبرنا سعيد بن منصور، حدثني صاحب لي قال:((رأيتُ كأَنَّ القِيامةَ قَدْ قامتْ وكأَنَّ مُنادِياً يُنادِي: {وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُوْنَ} (6) قال: فَانْحازَ نَخَّاسُو (7) الرَّقيقِ ونخّاسُو الدَوابِّ)) (8) .
(1) الحاقن: هو الذي احتبس بوله فتجمّع يقال: لا رأي لحاقن. المعجم الوسيط (1/188) .
(2)
المُنْعِظ: هو الذي تاقت نفسه النكاح.
انظر معجم مقاييس اللغة (ص1037 - دار الفكر-) ، والقاموس المحيط (ص903) ، والمصباح المنير (ص315) .
(3)
إسناده حسن، ومن كلام العرب: لا رأي لحاقن، ومن كلامهم إن النعظ أمر عارم فأعدوا له عدة، فليس لمنعظ رأي.
انظر معجم مقاييس اللغة (ص1037 - دار الفكر-) ، والقاموس المحيط (ص903) ، والمصباح المنير (ص315) ، والمعجم الوسيط (1/188) .
(4)
ابن محمد بن عبد الله بن المغيرة، أبو الحسين الجوهري، وثقه الدارقطني ويوسف بن القواس.
مات سنة ثمانٍ وعشرين وثلاثمائة في رجب.
تاريخ بغداد (12/157) ، وانظر معجم الشيوخ للصيداوي (ص352) .
(5)
هو ابن أبي سعد، تقدمت ترجمته في الرواية رقم (83) .
(6)
سورة يس الآية (59) .
(7)
النخّاس: هو الدلاّل. المصباح المنير (ص307) .
(8)
إسناده صحيح إلى سعيد بن منصور، والحكاية لم أجدها عند غير المصنف.
218 -
أنشدنا أحمد، أنشدنا أبو عمر بن حيويه قال: أنشدنا أبو أحمد الصَّيْرَفيّ، أنشدني أبو إسحاق القَزْوِيْني [ل/46ب] :
وإذا شكَوْتُ إلى الحبيبِ وجدْتُه
يَجِدُ الذي أشكُو إليه لدَيْهِ
قَدْ جَسّ قلبي مرة بِيَدَيْهِ
…
وإذا شَكا أيضا إليَّ ظَنَنْتُهُ
إن المُحبَّ إذا تَطَاوَلَ شوقُهُ
يَلْقَى المُحِبّ فيستريحَ إِلَيْه (1)
219 -
أخبرنا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ بْنُ حيويه، حدثنا أبو أحمد الصَّيْرَفيّ، أخبرني إسماعيل بن يونس الشيعي قال: ((كنتُ وإبراهيمَ الحربي نَمْضِي إلى يوسفَ بنِ موسى القطَّان نسمَع القراءات، فقال لي يوما: اسلُكْ بنا طريقَ العَبَّاسِيّة حتى نَتَخَلَّى، قال: فمرَرْنا ببُستانٍ فيه قومٌ يشرَبون ومعهم مغنِّيَةٌ، فإذا هي تُغَنِّي:
يا مقيمَ الصلاة أخِّر قليلا قد رعَيْنا حقَّ الصلاة طويلا
فقال: حسن والله، ثم قالت:
ليسَ في ساعةٍ تُؤخِّرُها وِزرٌ تُجازَى به وتُحْيِي قتيلا
فقال لي: آه، آه، مُرَّ بنا لا يَرَانا إنسانٌ)) (2) .
220 -
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زكريا الخزاز (3) ، حدثنا أبو بكر
(1) لم أجد الأبيات عند غير المصنف، وأبو إسحاق القزويني لم أقف له على ترجمة.
(2)
في إسناده إسماعيل بن يونس الشيعي، لم أجد ترجمته، ولم أجد الخبر عند غير المصنف.
(3)
هو محمد بن العباس بن حيويه، ونسب هنا إلى جده الأعلى.
بن المرزُبان، حدثنا عُمر بن الحكم قال:((كان الأسودُ بنُ سالم إذا رأى ثقيلا قال: استراح الأَضِرّاءُ)) (1) .
221 -
أخبرنا أحمد، حدثنا أبو عمر بن حيويه، حدثنا محمد بن خلف البِيمَارِسْتانيّ (2) ، حدثني أبو الفضل المَرُّوْرُوْذيّ، أخبرنا ابنُ عائشة قال:((كان بالمدينة امرأةٌ شريفةٌ، وكانت من أجمل الناس وأحسنِِهم وجها، وكانتْ لا يَكاد [ل/47أ] رجلٌ يتزوَّجُها فتَمْكُث معه إلا يسيرا حتى يموتَ، ثم لم تَلْبَثْ إلا يسيرا حتى يخطُبَها آخرُ لجمالها وشَرَفِها فتزوَّجَتْ خمسة، قال: فمرِضَ الخامسُ، فلمَّا حُضِر دَنَتْ منه فجعلَتْ تَبْكِي وقالت: إلى من تُوْصِي بِيْ؟ قال: إلى السّادسِ الشَّقيِّ)) (3) .
222 -
أنشدنا أحمد، أنشدنا أبو عمر محمد بن العباس بن حيويه، أنشدنا محمد
ابن خلف، أنشدني أبو سَعْد لبعضهم:
ولقد نظرتُ إلى الوُجوهِ فرَاعَنِي
وجهٌ عَلَيْهِ مَهابَةٌ وجمالُ
(1) تقدم في الرواية رقم (172) بالإسناد نفسه.
(2)
لعله ابن المرزبان.
(3)
في إسناده أبو الفضل المروروذي لم أقف له على ترجمة، والقصة ذكرها ابن الجوزي في "كتاب الأذكياء"(ص8) ، وصرح باسم الزوج الخامس، أنه المطلب بن محمد الحنظبي، وأنه كان على قضاء مكة.
وجهٌ على قَمَر السَّماء مثالُهُ
وعليه من قَمَر السَّماءِ مِثالُ (1)
223 -
أنشدنا أحمد، أنشدنا محمد بن العباس، أنشدنا جَحْظة:
يا أهلَ وُدّي أَمَا في الأرضِ ذُوْ كَرَمٍ يَرْثِي لذي كرم زَلَّتْ به قدمُ
أَفِي عُيُونِكُمْ عن حالَتِي رَمَدٌ أَمْ في المَسَامِعِ عن تَقْريعِكُمْ صَمَمُ (2)
224 -
أنشدنا أحمد، أنشدنا أبو عمر بن حيويه قال: وأنشدنا ابن أبي طاهر قال: أنشدني أبي (3) لعبيد الله بن عبد الله:
مرَّتْ وفي يدِها وَردٌ فقُلتُ لها
حَيِّي مُحبَّكِ قَالَتْ عَنه لي شغُلُ
وردا جنيا وذا بالكَفِّ يُبتَذَلُ
…
فقلتُ: بخلا فقالَتْ قد بَذَلْتُ له
إن كان لم تَجْنِه منهُ أناملُه
فقد جَنَتْه له الألحاظُ والمُقَلُ (4)
225 -
أنشدنا أحمد، أنشدنا أبو عمر بن حيويه، أنشدنا أبو بكر محمد بن القاسم
ابن بشار (5)، أنشدني أبي (6) قال: أنشدنا أحمد بن
(1) لم أجد البيتين، وأبو سعد لم أتبين من هو.
(2)
تقدم البيتان في الرواية رقم (89) ، وهناك ثلاثة أبيات أخرى بعد هذين البيتين.
(3)
وقع في المخطوط "أخي" بدل "أبي"، والصواب ما أثبت كما تقدم في الرواية رقم (105) .
(4)
تقدمت الأبيات في الرواية رقم (105) .
(5)
ابن محمد الأنباري، النحوي اللغوي، الإمام الحافظ، ذو الفنون، ولد سنة اثنتين وسبعين ومائتين.
مات سنة ثمانٍ وعشرين وثلاثمائة. سير أعلام النبلاء (15/274-279) .
(6)
هو القاسم بن بشار بن محمد الأنباري.
قال الذهبي في ترجمة ابنه: "قد كان أبوه القاسم بن محمد الأنباري محدّثًا أخباريًّا، علاّمة من أئمة الأدب".
ومات سنة أربع وثلاثمائة.
انظر طبقات النحويين واللغويين (ص228) ، وإنباه الرواة (3/28) ، والسير (15/277-278 ـ في ترجمة ابنه ـ) .
عُبَيْد (1)[ل/47ب] :
ضعُفْتُ عن التَّسْلِيْمِ يَومَ فِرَاقِِها
وودَّعْتُها بالطَّرْفِ والعينُ تدمَعُ
مُحِبًّا بِطَرفِ الْعَيْنِ قَبْلِي يُودَعُ
…
وأمسكتُ عن رد السّلامِ فَمَنْ رأَى
بِأَيْدِي جُنُودِ الشَّوقِ بالموتِِ تُدفَعُ
…
رأيتُ سُيوفَ العَيْنِ عند فِرَاقِها
عليكَ سلامُ اللهِ مني مُضَاعَفاً
إلى أن تغيبَ الشمسُ من حيثُ تطلُعُ (2)
226 -
قال لنا أبو الحسن (3) : قال لنا أبو عمر بن حيويه: قال لنا أبو بكر بن أبي داود:
((كانَ رجلٌ بسِجِسْتانَ يُقال له الحَسَن (4) بن سُهَيل، وقد كتبتُ عنه شيئا من الحديث إلا أنه كان مرجئا، فجعلت أَعِظُه وأقول له: ارجِعْ عن الإرجاءِ، فقال: أنا لم أَرْجِع بقول أحمدَ
ابنِ حَنبَل، أرجِعُ بقولك؟!، قلت: ورأيتَ أحمد؟ قال: رأيتُه في المنامِ،
(1) هو أحمد بن عبيد بن ناصح، أبو جعفر النحوي، مولى بني هاشم، يعرف بأبي عَصِيدة، ديلميُّ الأصل.
قال ابن عدي: "يحدث عن الأصمعي ومحمد بن مصعب بمناكير، وهو عندي من أهل الصدق"، وقال أبو أحمد النيسابوري:"لا يتابع في جلّ حديثه"، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال:"ربما خالف"، وقال الحاكم:"هو إمام في النحو، وقد سكت مشايخنا عن الرواية عنه".
وأورد الذهبي عنه ـ في ترجمة الأصمعي ـ حديثا منكرًا وقال: "أحمد بن عبيد ليس بعمدة".
انظر الثقات لابن حبان (8/43) ، وتاريخ بغداد (4/259) ، والتهذيب (1/52) ، والتقريب (82/ت78) .
(2)
لم أجد هذه الأبيات فيما رجعت إليه من المصادر، وسيورده المصنف في الرواية رقم (883) بالإسناد نفسه.
(3)
هو العتيقي.
(4)
في حلية الأولياء وتهذيب الكمال "علي بن سهيل".
قلتُ: وكيفَ رأيتَه؟ قال: رأيتُه كأَنَّ القيامةَ قد قامَتْ والنّاسُ محبُوسُونَ حتّى جاؤُوا إلى قَنْطرةٍ في الطّريقِ فوقَفُوا ورجُلٌ يختِم لهم خواتيمَ، فمن أعطاه خاتما جاز القَنْطَرة فقلتُ: من هذا؟ فقالوا: هذا أحمدُ بن حنبلٍ)) (1) .
227 -
سمعت أحمد يقول: سمعت محمد بن العباس بن حَيُّويَه يقول: سمعت القاضي
أبا عُبيد بن حَرْبُويَه يقول: سمعت السَريَّ السَّقَطيّ يقُول: ((مَنْ أحسَنَ ظَنَّهُ بالله استَرَاحَ قلبُه)) (2) .
228 -
سمعت أبا الحسن (3) يقول: [ل/48أ] سمعت أبا الحُسين إسماعيل بن عمر
ابن الحسن المصري ـ بمكة ـ يقول: سمعت نُعْمان بن موسى الجِيْزيّ ـ بالجيزة ـ يقول: سمعت ذا النون المصري يقول: ((رأيتُ أعرابيا يطُوف بالبيت قد نَحُلَ جِسمُه، واصفرَّ لونُه، ودقَّ عظمُهُ فقلتُ له: أمُحِبٌّ أنتَ؟ فقال: نعم، فقلتُ: مُحَبُّك منك قريبٌ أم بعيدٌ؟ فقال: قريبٌ، فقلت له: مُوافِق أم غيرُ موافِق؟ فقال: موافِق، فقلت: يا سبحانَ اللهِ، مُحَبُّك منك قريبٌ ولك
(1) أخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(9/188) ، والمزي في "تهذيب الكمال"(1/469) من طريق محمد بن علي
ابن حبيش، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي داود به، وقالا:"علي بن سهيل" بدل "الحسن بن سهيل".
(2)
لم أجد الأثر فيما رجعت إليه من المصادر.
(3)
هو العتيقي.
موافِق وأنت على هذه الحالة؟ فقال لي: يا بطَّال، ألم تعلَمْ أن عذابَ القُرب والموافَقة أشدُّ من عذاب البُعد والمخالَفة؟)) (1) .
229 -
سمعت أحمد يقول: سمعت إسماعيل بن عمر ـ بمكة ـ يقول: سمعت نُعمان
ابن موسى ـ بالجيزة ـ يقول: سمعت ذا النون المصري يقول: ((من وثِق بالمقادير لم يغتَمّ)) (2) .
230 -
أخبرنا أحمد، حدثنا إسماعيل بن عمر بمكة، حدثنا نُعمان بن موسى قال:
((كنت مع ذي النون المصري جالسا (3) إذ مر رجُلانِ كلُّ واحدٍ منهُما متعلِّقٌ بصاحِبِه، فقال الواحدُ للآخر: لا أفارِقُك إلى السلطان، وكان واحدٌ منهُما من الرعِيّة والآخر من أولياءِ السلطان، فَعَدَا الذي من الرعية على الذي من أولياء السلطان فلَكَمَه فقَلَعَ ثَنِيَّتَه فأخذها في [ل/48ب] كفِّه وجازوا بذي النون في مسجده فقال الناس: ادخُلوا إلى الشيخ ذي النون، فدخلا فقال أحدُهما لذي النون:
(1) لم أجد الخبر فيما رجعت إليه من المصادر، وإسماعيل بن عمر بن الحسن المصري، ونعمان بن موسى الجيزي، لم أقف لهما على ترجمة.
(2)
أخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(9/380) ، والبيهقي في "شعب الإيمان"(1/224) من طريق سعيد بن عثمان الخياط عن ذي النون المصري به، ولفظ أبي نعيم:"من وثق بالمقادير استراح، ومن صحح استراح، ومن تقرب قرب، ومن صفى صفّي له، ومن توكّل وفّق، ومن تكلّف مالا يعنيه ضيّع ما يعنيه".
(3)
في الأصل: "جالس"، وجاء في الهامش "لعله جالسًا"، وهو الذي يقتضيه السياق والله أعلم.
أيَّد اللهُ الشيخ، عَدَا علَيَّ فلَكَمَنِيْ وقَلَعَ ثَنِيَّتِيْ وهو ذا هِيَ، فقال ذو النون: هاتِها، فأخذها بِكَفِّه وبَلَّها بِرِيْقِهِ وردها إلى فِي الرَّجُل وتكلم عليها وقال لهما: قُوْما، ففتَّشَ الرجل فاهُ فإذا ثنيَّتَاه سواءٌ)) (1) .
231 -
سمعت أحمد يقول: سمعت الحسن بن جعفر الحُرْفيّ (2) يقول: سمعت
ابن سَماعة (3)
يقول: سمعت أبا نُعيم الفضل بن دكين يقول: ((رأيت أعرابيا وقد أُقْبِل بجنازة فقال: بخٍ بخٍ لك، قلت: يا أعرابيُّ، تَعرِفُه؟ قال لي: لا، ولكنِّي أعلَم أنه قد قدِم على أرحمِ الرّاحمينَ)) (4) .
232 -
سمعت أبا الحسن يقول: سمعت أبا الحسن بن مِقْسَم المقرئ أحمد بن محمد يقول: سمعت أبا الحسن أحمد بن الصلت الحِمَّانيّ
(1) لم أجد الخبر فيما رجعت إليه من المصادر، وفي إسناده إسماعيل بن عمر المصري، ونعمان بن موسى لم أجد ترجمتهما.
وعلى كل حال فهذه القصة لم تثبت، وهي من دعايات المتصوّفة لمشائخهم الكرامات، والأمور الخارقة للعادة.
(2)
وقع في المخطوط "الخرقي" ـ بالخاء المعجمة ـ، وهو تصحيف، ويأتي كذلك في الرواية رقم (442) ، والتصويب من مصادر الترجمة، انظر الرواية رقم (118) .
(3)
هو محمد بن الحسن بن سماعة الحضرمي، روى عن أبي نعيم الفضل بن دكين، وعنه الجعابي، والإسماعيلي، والحسن
ابن جعفر الحرفي، وجماعة، قال الدارقطني:"ليس بالقوي".
سؤالات السهمي (رقم45، 93) ، وتاريخ بغداد (2/188-189) ، وسير أعلام النبلاء (13/568) .
(4)
إسناده ضعيف من أجل ابن سماعة.
أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد"(7/292) ، عن الأزهري، عن الحسن بن جعفر الحرفي به.
يقول: سمعت بشر بن الحارث (1) يقول:
((يَنْبَغي لهؤلاءِ الذين يَعتَكِفونَ على هذا المُسكِر أن لا تُقبَلَ لهم شهادةٌ)) (2) .
233 -
سمعت أحمد يقول: سمعت أبا الحسن بن مِقْسَم يقول: سمعت أبا العباس الحِمّانيّ (3) يقول: سمعت بشر بن الحارث يقول: ((يَنْبغِي أن لا يَأمُر بالمعروفِ ولا يَنْهَى عن المُنكرِ إلا من يصبِرُ على الأَذَى)) (4) .
234 -
أخبرنا أحمد، حدثني أبو بكر محمد بن عبد الرحمن بن عمر الصوفيّ (5)
[ل/49أ] البغدادي قال: ((كنتُ في مجلِس أبي بكر
(1) المشهور بالحافي.
(2)
إسناده واهٍ، فيه أحمد بن الصلت الحماني، وابن مقسم المقرئ، ولكن الأثر ثبت من طريق آخر، أخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(8/337) عن أحمد بن جعفر بن سلم، عن أحمد بن علي الأبار، عن يحيى بن عثمان الحربي، عن بشر الحافي مثله.
قلت: هذا إسناد رجاله ثقات غير يحيى بن عثمان الحربي، قال عنه الحافظ ابن حجر:"صدوق".
(3)
هو أحمد بن الصلت السابق.
(4)
إسناده كالذي قبله.
أخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(8/337) عن أحمد بن جعفر بن سلم، عن أحمد بن علي الأبار، عن يحيى
ابن عثمان الحربي عن بشر الحافي مثله، وهذا إسناد حسن كما تقدم في الذي قبله.
(5)
هو محمد بن عبد الرحمن بن جعفر بن عمر، أبو بكر الصوفي، حكى عن أبي بكر الشبلي.
قال الخطيب: سألت العتيقي عن هذا الشيخ فقال: "هذا العذر هو للجميع، ما سمعت منه، وكان شيخًا صالحًا، صحبني قديمًا في طريق مكة، وكان يحجّ ماشيًا".
تاريخ بغداد (2/323) .
الشِّبْلِيّ (1) رحمه الله إذ وقَفَ عليه شيخٌ كبيرٌ أبيضُ الرَّأسِ واللِّحية فقال له: يا أبا بكرٍ، قد ابْيَضَّ رأسيْ ولِحْيتِي وفَنِيَ عمري، وقد عرفت ما أنا فيه من سُوءِ صَنِيْعِيْ، فهل لي من حِيلة؟ فبكى الشِّبْليُّ وبكى مَنْ حولَه، ثم قال: نعم، قال الله عز وجل:{قُلْ لِلَّذِيْنَ كَفَرُوْا إِنْ يَنْتَهُوْا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} (2)) ) (3) .
235 -
أنشدنا أحمد، أنشدنا محمد بن عبد الرحمن بن عمر الصوفي، أنشدنا أبو بكر الشِّبليّ:
هَبْ اني قد أسأتُ وما أسأتُ وبالهُجْرانِ قبلَكُم بَدَأْتُ
فأينَ الفضلُ مِنْك فَدَتْكَ نَفسِيْ عَلَيَّ إذا أسأتَ كما أسأتُ (4)
(1) هو أبو بكر الشبلي البغدادي، قيل اسمه: دُلَف بن جحدر، وقيل: جعفر بن يونس، وقيل: جعفر بن دُلَف، أصله من الشِّبْلِيَّة ـ وهي قرية من قرى أشروسنة ببلاد ما وراء النهر ـ ومولده بسامراء.
كان أبوه من كبار حجّاب الخلافة، وولي هو حجابة أبي أحمد الموفَّق، ثم لما عزل أبو أحمد من الولاية حضر الشبلي مجلس بعض الصالحين فتاب، ثم صحب الجنيد وغيره، وصار من شأنه ما صار.
قال الذهبي: "كان فقيهًا عارفًا بمذهب مالك، وكتب الحديث عن طائفة، وقال الشعر، وله ألفاظ، وحكم، وحال، وتمكن، لكنه كان يحصل له جفاف دماغ وسكر، فيقول أشياء يعتذر عنه فيها بأو لا تكون قدوة".
مات سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة.
طبقات الصوفية (ص337-348) ، والرسالة القشيرية (25-26) ، والأنساب (7/282-284) ، وسير أعلام النبلاء
(15/367-369) ، والديباج المذهب (116-117) ، وطبقات الأولياء (204-213) .
(2)
الآية (38) من سورة الأنفال.
(3)
إسناده صحيح، أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد"(2/323) عن العتيقي به.
(4)
إسناده كالذي قبله.
أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد"(2/323) عن العتيقي به.
236 -
سمعت أحمد يقول: سمعت أبا عبد الله أحمد بن عبد الله بن الحُسين الجَوَالِيْقيّ الواسِطِيّ في جامع المدينة يقول: سمعت أبا شعيب صالح بن العباس الصوفي يقول: سمعت ذا النُّون المصري يقول: ((مِنْ دلائِلِ أهلِ المحبَّة لله أن لا يَأْنَسُوا بسِوَى الله، ولا يَسْتَوْحِشوا مع الله؛ لأَنَّ حُبَّ الله إذا سكن القلبَ أَنِسَ بالله؛ لأَنَّ الله أَجَلُّ في صدورِهم من أن يُحِبُّوه لِغَيْرِه)) (1) .
237 -
قال (2) : وسمعته (3) يقول: سألت ذا النون المصري فقلت: ((ما مِفْتاحُ العبادة؟ قال: الفِكْرة، قلت: ما علامةُ [ل/49ب] الإِصابةِ؟ قال: مُخالَفةُ الهَوَى، قُلْتُ: ما علامةُ مخالفة الهوى؟ قال: تركُ شهَوَاتِها، قُلْتُ: ما علامة التَّوكّل؟ قال: انقِطاعُ المَطامِعِ)) (4) .
238 -
وسمعته يقول: سألت ذا النون المصري رحمه الله: ((لِمَ سُمِّيَ الحرمُ حرما والمَشْعَر مَشعَراً؟ قال: لأَنَّ الحَرَمَ أمانُ الله والمشعَرَ حجابُه، فلَمَّا أن قَصَدَه الوافِدُونَ أَوْقَفَهُمْ بالباب يَتَضَرَّعُون حَتَّى إذا أَذِنَ لهم بالدّخولِ أوقَفَهم بالباب الثَّانِي وهو المُزْدَلِفة، فلمَّا نظر إلى
(1) أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد"(4/236) عن العتيقي به.
(2)
القائل هنا هو الجواليقي.
(3)
أي أبا شعيب صالح بن العباس الصوفي.
(4)
أخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(9/395) عن محمد بن الحسين، عن أحمد بن علي بن جعفر، عن الحسن
ابن سهل، عن علي بن عبد الله عن ذي النون بمثله.
طُول تضرُّعِهم أمرَهم بتقريبِ قُربانِهم، فلما قرّبُوا قُربانَهم وقَضَوْا تَفَثَهُم وتَطَهَّرُوا منَ الذُّنوب الَّتي كانَتْ عليهم أمرَهُم بالزِّيارة على طَهارة، قال: قلت: رَحِمَك اللهُ، لِمَ كُرِهَ الصِّيامُ أيّامَ التَّشريق؟ قال: لأَنَّ القوم زُوَّارُ الله عز وجل وهم أضيافُه، ولا يُحَبُّ للضَّيْف أن يصومَ عند من أضافَه، قلت: رَحِمَك الله، الرجل يتعَلَّق بأستار الكعبة، ما معنى ذلك؟ قال: معنى ذلك مثلُ رجلٍ له على آخرَ جِنايةٌ فيتعَلَّق بثوبه يسأَلُه أن يَهَبَ له جُرْمَه)) (1) .
239 -
أنشدنا أحمد، أنشدنا سهل بن أحمد الدِّيْباجيّ، أنشدنا أبو علي الرُّوْذباريّ الصُّوفيّ (2)
قال: ((كتب [ل/50أ] رجلٌ إلى سَمْنُونَ (3)
(1) أخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(9/370) من طريق أبي بكر بن أبي الدنيا قال: قال بعض المتعبدين: "كنت مع ذي النون المصري بمكة
…
فذكر نحوه".
وأورده ابن الملقن في "طبقات الأولياء"(ص221-222) عن ذي النون.
وسيأتي نحوه عن جعفر بن محمد الصادق في الرواية رقم (244) .
(2)
قيل: اسمه أحمد بن محمد بن القاسم بن منصور، وقيل: حسن بن هارون، شيخ الصوفية، سكن مصر وصحب الجنيد، وأبا الحسين النوري، وأبا حمزة البغدادي، وابن الجلاء، حكى الجعابي أن عبدان كان يحترمه.
وقال أحمد بن عطاء الروذباري: "كان خالي أبو علي يفتي بالحديث".
مات سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة، وقيل: سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة.
انظر طبقات الصوفية (ص354-360) ، وحلية الأولياء (10/356-357) ، وتاريخ بغداد (1/329-333) ، وصفة الصفوة (2/454-455) ، وسير أعلام النبلاء (14/535-536) ، وطبقات الأولياء (50-53) .
(3)
هو سمنون بن حمزة الصوفي، البصري سكن بغداد، ويقال: سمنون بن عبد الله أبو الحسن الخوّاص، ويقال: كنيته
أبو القاسم، سمى نفسه سمنون الكذّاب لكتمه عسر البول بلا تضرر، مات سنة ثمان وتسعين ومائتين.
انظر طبقات الصوفية (ص165-199) ، وحلية الأولياء (10/309-312) ، وتاريخ بغداد (9/234-237) ، والمنتظم (6/108) ، وسير أعلام النبلاء (13/559-560 ـ في ترجمة ابن علويه ـ) .
يسأَلُه عن حاله وكيفَ كان بعدَه، وكتب إليه سمنون:
أرسلتَ تسألُ عَنِّي كَيْفَ كُنْتُ وما
لَاقَيْتُ بعدَكَ مِنْ هَمٍّ ومن حَزَنِ
لا كُنْتُ إِنْ كُنْتُ أدري كيف كنتُ ولا
لا كنتُ إن كنتُ أدري كيفَ إِنْ لم أَكُنِ (1)
240 -
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عمر السُّكَّريّ، حدثنا عبد الله بن محمد البَغَويّ، حدثنا محمد بن خَلاّد (2) قال: سمعت سفيان بن عُيَيْنة يقول: قال لي أبو إسحاق الفَزَاريّ:
((دَخَلْتُ على هارونَ (3)، فلَمَّا رآنِيْ رفع رأسَه إِلَيَّ ثُمَّ قال: يا أبا إسحقَ، إِنَّك في موضِعٍ وفي شَرَفٍ، فقلتُ: يا أميرَ المؤمنينَ، إِنَّ ذلك لا يُغنِي عَنِّي في الآخرة شيئًا)) (4) .
(1) أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد"(9/236) عن العتيقي به.
(2)
هو الباهلي.
(3)
هو الرشيد الخليفة.
(4)
إسناده صحيح.
وأورده الذهبي في "سير أعلام النبلاء"(8/542) ، وفي "تذكرة الحفاظ"(1/273) عن سفيان به.
241 -
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عمر السُّكَّريّ، حدثنا عبد الله بن محمد (1) ، حدثنا محمد بن حسان (2)
السَّمْتِيّ قال: ((شهِدْتُ فُضيل بن عِياض في مجلِس سفيان بن عُيينة فتكلَّمَ الفضيل فقال: أنتم مَعشَر العلماء سُرُج البلاد يُستَضاءُ بكم فصِرْتُم ظَلَمَةً، كنتم نجوما يُهْتَدَى بكم فصِرْتُم حَيَرَة، لا يَسْتَحْيِي أحدُكم أن يأخذَ مال هؤلاء وقد علم من أين هو حتَّى يُسْنِدَ ظهرَه، فيقول: حدَّثَني فلانٌ عن فلانٍ، فرفع سفيان رأسه فقال: هاه هاتِ، والله، إن كُنَّا لَسْنا بصالحين، إنَّا لَنُحِبّ الصالحين، فسكت فُضَيل، وطلب إليه سفيانُ، فحدَّثَنا ثُلُثَ اللَّيلة ثلاثين حديثا)) (3) .
242 -
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بن عثمان [ل/50ب] بْنِ
(1) هو البغوي.
(2)
ابن خالد الضبّي، أبو جعفر البغدادي.
وثقه ابن معين، والدارقطني في الرواية عنه، وذكره ابن حبان في "الثقات".
وقال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل سئل عن محمد بن حسان السمتي، فقال:"ما لي به ذاك الخبر، وتكلم بكلام كأنه رأى الكتابة عنه".
وقال أبو حاتم: "ليس بالقوي"، ومثله قال الدارقطني ـ فيما حكى عنه السهمي، وأبو القاسم الأزهري ـ.
وقال الحافظ ابن حجر: "صدوق لين الحديث". مات سنة ثمان وعشرين ومائتين.
انظر سؤالات السهمي (رقم327) ، وتاريخ بغداد (2/275) ، وتهذيب الكمال (25/50-51) ، والتهذيب (9/97) ، واللسان (7/355) ، والتقريب (473/ت5808) .
(3)
إسناده حسن، ذكره ابن الجوزي في "صفة الصفوة" (2/241) قال: وعن محمد بن حسان السمتي
…
فذكره.
شِهَابٍ النَّفْرِيّ، حَدَّثَنَا الحُسَين بْنُ إسماعيل (1) ، حدثنا عبد الله بْنُ شَبِيب، حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ (2)
، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي عَلِيٍّ (3) ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولُ اللَّهِ
(1) ابن محمد بن إسماعيل بن سعيد بن أبان الضبّي، البغدادي المَحَامِلي، الإمام العلاّمة، المحدُّث الثقة، القاضي.
كان مولده في سنة خمس وثلاثين ومائتين، وأول سماعه سنة أربع وأربعين ومائتين، ومات سنة ثلاثين وثلاثمائة.
تاريخ بغداد (8/19-23) ، وسير أعلام النبلاء (15/258-263) .
(2)
ابن إسماعيل بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فروة الفَرَويّ، أبو يعقوب المدني، القرشي الأموي، مولى عثمان بن عفان.
قال أبو حاتم: "كان صدوقًا، ولكن ذهب بصره فربما لقن، وكتبه صحيحة"، وقال مرة:"مضطرب".
وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: "يغرب ويتفرد".
وقال العقيلي: "جاء عن مالك بأحاديث لا يتابع عليها".
وقال النسائي: "ليس بثقة"، وقال مرة:"متروك".
وقال الآجري: "سألت أبا داود عنه فوهّاه جدًّا".
وقال الدارقطني: "ضعيف، روى عنه البخاري ويوبّخونه في هذا".
وقال الساجي: "فيه لين، روى عن مالك أحاديث تفرد بها".
وقال الحافظ: "صدوق، كف فساء حفظه".
قلت: كأن الحافظ اعتمد قول أبي حاتم فيه، وأما قول من ضعفوه فمحمول على ما بعد كف بصره وتلقنه والله أعلم.
التاريخ الكبير (1/41) ، والضعفاء والمتروكين للنسائي (ص18) ، والضعفاء للعقيلي (1/106) ، والجرح والتعديل
(2/233) ، والثقات لابن حبان (8/114) ، والتعديل والتجريح (1/377) ، وتهذيب الكمال (2/472) ، ومن تكلم فيه وهو موثق (ص43) ، والكاشف (1/238) ، والتهذيب (1/217) ، والتقريب (102/ت381) .
(3)
منكر الحديث متروكه.
قال الحاكم: "روى عن محمد بن المنكدر أحاديث موضوعة يرويها عن الثقات".
انظر الضعفاء الصغير (ص81) ، والضعفاء للعقيلي (3/240-241) ، والضعفاء والمتروكين للنسائي (ص76) ، وسؤالات البرذعي (ص640) ، والمجروحين (2/108) ، والكامل (5/184-185) ، وكتاب الضعفاء لأبي نعيم (ص117) ، والمدخل إلى الصحيح (ص167) ، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (1/196) ، واللسان (4/24) .
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((إِذَا استهلَّ الصَّبِيُّ صَارِخًا سُمِّيَ وصُلِّيَ عَلَيْهِ وتَمَّتْ ديَّتُه ووُرِّث، وَإِنْ لَمْ يستهلَّ صَارِخًا وَوُلِدَ حَيًّا لَمْ يُسَمَّ، وَلَمْ تتمَّ ديّتُه، وَلَمْ يصلَّ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُوَرَّث)) (1)
(1) منكر بهذا الإسناد وبهذا اللفظ، فيه:
- عبد الله بن شبيب، وقد تقدم ما فيه.
- إسحاق الفروي، متكلم فيه من ناحية حفظه.
- وعلي بن أبي علي، منكر الحديث متروكه.
وقد روى عبد العزيز بن أبي سلمة عن الزهري به بلفظ: ((من السنة أن لا يَرِث المنفوس، ولا يُورَث حتى يستهلّ
صارخًا)) .
أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"(6/257) من طريق موسى بن داود، عن عبد العزيز بن أبي سلمة به.
ورجاله كلهم ثقات، غير موسى بن داود، وهو الضبي، قال عنه الحافظ:"صدوق فقيه زاهد له أوهام". التقريب
(550/ت6959) .
وقد أشار البيهقي إلى وهمه في وصل هذا الإسناد فقال: "كذا وجدته، ورواه يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يرث الصبي إذا لم يستهل، والاستهلال الصياح، أو العطاس، أو البكاء، ولا يكمل ديته)) ، وقال سعيد: "لا يصلَّى عليه".
وري الحديث من طريق أخرى عن أبي هريرة، أخرجه أبو داود (3/335/ح2920) ، كتاب الفرائض، باب في المولود يستهل ثم يموت، ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى"(6/257) عن حسين بن معاذ، ثنا عبد الأعلى، ثنا محمد ـ يعني ابن إسحاق ـ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن قسيط، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
((إذا استهل المولود ورّث)) .
في إسناده محمد بن إسحاق، وهو صدوق مدلس وقد عنعن، وبقية رجاله ثقات.
قال البيهقي: "ورواه ابن خزيمة عن الفضل بن يعقوب الجزري عن عبد الأعلى بهذا الإسناد مثله، وزاد موصولاً بالحديث: ((تلك طعنة الشيطان، كل بني آدم نائل منه تلك الطعنة، إلا ما كان من مريم وابنها، فإنها لما وضعتها أمها قالت:
{إِنِّيْ أُعِيْذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ} ، فضرب دونها بحجاب، فطعن فيه ـ يعني في الحجاب ـ)) .
وللحديث شواهد من حديث جابر بن عبد الله، والمسور بن مخرمة، وابن عباس.
- أما حديث جابر فله عنه طريقان:
الأولى: عن أبي الزبير عنه، أخرجه الترمذي (3/350/ح1032 ـ شاكر ـ) كتاب الجنائز، باب ما جاء في ترك الصلاة على الجنين حتى يستهل من طريق إسماعيل بن مسلم المكي، وابن ماجه (2/919/ح2750) كتاب الفرائض، باب إذا استهل المولود ورّث من طريق الربيع بن بدر، وابن حبان (13/392-393/ح6032) ، والحاكم
(4/349) ، والبيهقي (4/8-9) من طريق سفيان الثوري، والحاكم (4/348) من طريق المغيرة بن مسلم، كلهم عن أبي الزبير عنه مرفوعًا، ولفظه عندهم ـ غير الترمذي ـ:((إذا استهلّ الصبي صُلِّي عليه ووُرِّث)) .
وصحّحه الحاكم على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.
قلت: لا، بل على شرط مسلم؛ لأن أبا الزبير لم يخرج له البخاري إلا في المتابعات، وهو أيضًا مدلس وقد عنعن في هذا الإسناد.
وخالف هؤلاء الأشعث بن سوار الكندي، فأوقفه على جابر، ولكن الأشعث هذا ضعيف.
أخرج روايته ابن أبي شيبة (3/319، و11/382) ، والدارمي (2/392 ـ دار الكتب العلمية ـ) .
الطريق الثاني: عن سعيد بن المسيب عنه مرفوعًا بلفظ: ((لا يرث الصبي حتى يستهل صارخًا، واستهلاله أن يصيح أو يعطس، أو يبكي)) .
أخرجه ابن ماجه (2/919/ح2751) ، كتاب الفرائض، باب إذا استهل المولود ورّث، والطبراني في "المعجم الأوسط"(5/34-35/ح4599) من طريق العباس بن الوليد الدمشقي، نا مروان بن محمد، ثنا سليمان بن بلال، حدثني يحيى ابن سعيد، عن سعيد بن المسيب، عن جابر بن عبد الله والمسور بن مخرمة به.
قال الطبراني: "لم يروِ هذا الحديث عن يحيى بن سعيد إلا سليمان بن بلال، تفرد به مروان بن محمد".
قلت: مروان بن محمد هو الدمشقي الطاطري، ثقة، فلا يضر تفرده.
- وحديث المسور بن مخرمة تقدم مع حديث جابر.
- وحديث ابن عباس أخرجه ابن عدي في "الكامل"(4/1329) من طريق شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أبي إسحاق، عن عطاء عنه مرفوعًا:((إذا استهل الصبي صُلِّيَ عليه ووُرِّث)) .
وإسناده ضعيف من أجل شريك بن عبد الله، فإنه سيئ الحفظ، وقد خالفه يعلى بن عبيد عند الدارمي (2/393)، ويزيد بن هارون عند البيهقي (4/8) فقالا: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عطاء، عن جابر به موقوفًا.
وأخرج الدارمي (2/393) عن يحيى بن حسان، عن يحيى بن حمزة، عن زيد بن واقد، عن مكحول قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((لا يرث المولود حتى يستهل صارخًا، وإن وقع حيًّا)) .
هذا مرسل صحيح.
والخلاصة أن الحديث صحيح من رواية جابر بن عبد الله، ويشهد له حديث المسور بن مخرمة، والله أعلم.
وقد صححه ابن حبان، والحاكم، والذهبي، وابن الملقن، والشيخ الألباني رحمهم الله.
انظر تحفة المحتاج (1/604) ، ونصب الراية (2/277-278) ، والتلخيص (4/147) ، وإرواء الغليل (6/147-150) ، والسلسلة الصحيحة (1/284-286) .
243 -
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بن حيويه، حدثنا عبد الله
بْنُ سليمان
ابن الأشعث، حدثنا المُسيِّب بن واضح (1) ، حدثنا ابن المبارك، عن مالك بن أنس، عن حميد الأعرج، عن مجاهد قال:((كان طعامُ يحيى بن زكريا (2) العُشْب، وإن كانَ لَيَبْكِي من خَشيَة الله جلَّ وعزَّ ما لَوْ أن النار على عينَيْه لَخَرَقَه (3) ، ولقد كانتِ الدُّموعُ اتَّخذَتْ في وجهه مَجْرَى)) (4)
(1) ابن سرحان، أبو محمد السلمي، التَّلُّمَنَّسيّ، نسبة إلى قرية من قرى حمص.
قال أبو حاتم: صدوق، كان يخطئ كثيرًا، فإذا قيل له لم يقبل"، وكان النسائي حسن الرأي فيه، ويقول: "الناس يؤذوننا فيه"، وقال أبو عروبة: "كان المسيب بن واضح لا يحدث إلا بشيء يعرفه ويقف عليه". وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: "وكان يخطئ". وقد أورد ابن عدي مناكيره، ثم قال: "والمسيب بن واضح له حديث كثير عن شيوخه، وعامة ما خالف فيه الناس هو ما ذكرته، لا يتعمده، بل كان يشتبه عليه، وهو لا بأس به"، وقال السلمي: "سألت الدارقطني عن المسيب بن واضح، فقال:"ضعيف"، وقال أبو داود:"كان يضع الحديث"، وقال النباتي، والدارقطني، والعقيلي:"متروك"، وقال الجوزجاني:"كان كثير الخطأ والوهم".
مات سنة ست وأربعين ومائتين في آخرها بحمص.
التاريخ الصغير (2/385) ، والجرح والتعديل (8/294) ، والكامل (6/387-389) ، والثقات لابن حبان (9/204) ، والعبر (1/448) ، وسير أعلام النبلاء (11/403-405) ، والميزان (4/116) ، واللسان (6/40-41) .
(2)
نبي الله عليه السلام.
(3)
كذا في المخطوط وغيره من مصادر التخريج سوى حلية الأولياء، ففيه:"لحرقه" بالحاء المهملة.
(4)
في إسناده المسيب بن واضح، اختلف فيه اختلافًا شديدًا.
أخرجه ابن المبارك في "الزهد"(ص165) عن مالك به.
وأخرجه ابن أبي عاصم في "الزهد"(ص90) من طريق رَبَاح بن زيد الصَّنْعاني، عن ابن المبارك به.
وأخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(3/290) من طريق ابن وهب، عن مالك به.
والأثر ذكره القرطبي في "تفسيره"(11/87) عن مجاهد.
وأخرج ابن المبارك في "الزهد"(ص165) ، ومن طريقه ابن أبي عاصم في "الزهد"(ص80) ، وأبو نعيم في "حلية الأولياء"(5/237) عن إسماعيل بن عياش، عن أبي سلمة الحمصي ـ وهو سليمان بن سليم ـ، عن يحيى بن جابر، عن يزيد بن ميسرة قال:"كان طعام يحيى بن زكريا الجراد وقلوب الشجر، وكان يقول: من أنعم منك يا يحيى، وطعامك الجراد وقلوب الشجر؟! ".
وأخرجه أبو نعيم في الموضع السابق من طريق ابن وهب، عن إسماعيل بن عياش به مثله.
244 -
أخبرنا أحمد، حدثنا عبد الكريم بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي جِدار بمصر، حدثنا الحسن
ابن القاسم بن عبد الرحمن دُحَيم (1) ، حدثنا هارون بن أبي الهيذام (2) ، حدثنا سُويد بن سعيد، حدثنا الخليل بن أحمد صاحب العَرُوض قال: سمعت سفيان بن سعيد الثوري يقول: ((قدِمتُ إلى مكة فإذا أنا بأبي عبد الله جعفر بن محمد (3) قد أناخ بالأَبْطَح (4)، فقلت: يا ابْنَ رسول الله،
(1) أبو علي القاضي الدمشقي، حفيد الحافظ عبد الرحمن بن إبراهيم دحيم، كان أخبارياً وافر العلم، مات سنة سبع وعشرين وثلاثمائة في المحرم وهو في عشر التسعين.
انظر الوافي بالوفيات (12/203) ، وسير أعلام النبلاء (15/309-310) ، وتهذيب تاريخ دمشق (4/239) .
(2)
هو هارون بن أبي الهَيْذَام محمد بن هارون، قيّم مسجد جامع الرملة، روى عن قتيبة بن سعيد، وهدبة بن خالد، وهشام بن عمار، ونصر بن علي، كذا ذكره ابن أبي حاتم، وذكره المزي فيمن روى عن سويد بن سعيد وأفاد أن نسبته العسقلاني.
الجرح والتعديل (9/97) ، وتهذيب الكمال (12/250) .
(3)
المعروف بالصادق، تقدم في الرواية رقم (121) .
(4)
الأَبْطَح: بالفتح ثم السكون وفتح الطاء، والحاء المهملة، وكل مسيل فيه دقاق الحصى فهو أبطح.
وهو يضاف إلى مكة ومنى؛ لأن المسافة بينه وبينها واحدة، وربما كان إلى منى أقرب، وهو المحصّب، وهو خيف
بني كنانة. معجم البلدان (1/74) ، ومعجم ما استعجم (1/97) ، وهدي الساري (ص74) .
لِمَ جُعِل الموقِفُ من وراء الحَرَم ولَمْ [ل/51أ] يُصَيَّرْ في المشعَر الحرام؟ قال: الكعبة
بيت الله عز وجل والحرام حِجابُه، والموقِف بابُه، فإذا قصدَه الوافِدونَ أوقفهم
بالباب يتضرَّعون، فلما أذن لهم بالدخول أدناهم من الباب الثاني وهو المُزدلِفة، فلما
نظر إلى كثرة تضرُّعِهم وطُول اجتهادِهم رَحِمَهم، فلما رحمهم أمرهم بتقريب قُربانِهم،
فلما قرَّبُوا قُربانَهم وقَضَوْا تَفَثَهم وتطَهَّرُوا من الذنوب التي كانت حجابا بينهم وبينه
أمرهم بزيارة بيتِه على طهارة منه لهم، قال: فقال له: لِمَ كُره الصوم أيامَ التَّشريق؟
فقال: القوم في ضِِيافةِ الله عز وجل ولا يَجِبُ على الضَّيْف أن يصومَ عند من أضافَه،
قال: قلت: جُعِلْتُ فِداك، فما بال الناس يتعلَّقُون بأستار الكعبة وهي حَجَر لا يَنفَع
شيئا؟ قال: وَيْحَك، مِثْلُ رجلٍ بينَه وبينَ رجل جُرْمٌ فهو يتعلَّق به ويطُوفُ حولَه رجاءَ
أن يَهَبَ له ذلك الجُرْمَ)) (1) .
245 -
أخبرنا أحمد، حدثنا عمر بن أحمد بن شاهين، حدثنا نصر بن القاسم الفَرَائِضيّ، حدثنا عُبيدالله بن عمر القَوَارِيريّ، حدثنا المِنهال
(1) أخرجه المزي في "تهذيب الكمال"(5/93-95) ، والذهبي في "سير أعلام النبلاء"(6/264-266) من طريق محمد ابن أبي نصر الحميدي، عن الحسين بن محمد المالكي القيسي، عن عبد الكريم بن أبي جدار به.
بن عيسى (1)، حدثنا يونس بن عُبيد قال:((إذا قال العبد: "اللهم أنت عُدَّتي عند كُرْبتي، وأنت صاحبي عند شِدّتي، وأنت ولِيُّ نِعمَتي"، فقالها عند النُّفَساء إذا عَسِرَ عليها [ل/51ب] ولدُها أو بهيمةٍ إلا أذِنَ الله عز وجل في إخراجِه إن شاءَ الله)) (2) .
246 -
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي جِدار بِمِصْرَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ
ابن عبد الوارث العسَّال، حدثنا خُشَيش بن أصرَم، حدثنا حَبّان بن هِلال، حدثنا سَوَادة بن أبي الأسود قال: حدثني أبي (3) قال: سمعت عبد الله بن عمر (4) يقول: ((عليكم بهذا البيت فحُجُّوه، وبهذا الحجر فامسَحُوه، فوَالَّذِي نفسي بيده ليُعرَجنَّ به إلى السماء وليصيبَنَّه أمرٌ، فإن أنا مِتُّ ولم يَكُنْ كما أَقُولُ فَمَنْ مَرَّ على قبري فَلْيَقُلْ: هذا قَبرُ عبد الله الكاذِِبِ)) (5) .
(1) ذكره البخاري وابن أبي حاتم وسكتا عنه. التاريخ الكبير (8/12) ، والجرح والتعديل (8/358) .
(2)
لم أجد الأثر فيما رجعت إليه من المصادر، وفي إسناد المصنف المنهال بن عيسى، ولم أجد من وثّقه.
وهذا الدعاء لم يكن من الأدعية التي علمها الرسول صلى الله عليه وسلم، فَلا يعمل بها على أنها سنة مأثورة، ولا يعتقد فيها فضيلة، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(3)
هو مسلم بن مخراق العبدي القُرِّيّ ـ بضم القاف وتشديد الراء ـ، البصري، يكنى أبا الأسود، ويقال: أبو الأسود آخر غيره، صدوق من الرابعة. التقريب (530/ت6643) .
(4)
عند ابن أبي شيبة والطبراني "عبد الله بن عمرو".
(5)
إسناده حسن، أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(3/275) عن أبي أسامة، عن وكيع عن سوادة به.
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(3/242) : وعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: "طوفوا بهذا البيت، واستلموا هذا الحجر؛ فإنهما كانا حجرين أهبطا من الجنة، فرفع أحدهما وسيرفع الآخر، فإن لم يكن كما قلت فمن مرّ بقبري فليقل: "هذا قبر عبد الله بن عمرو الكذَّاب"، وفي رواية عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أيضًا قال: "نزل جبريل عليه السلام بهذا الحجر من الجنة فتمتعوا به، فإنكم لا تزالون بخير ما دام بين أظهركم؛ فإنه يوشك أن يأتي فيرجع به من حيث جاء به".
قال: رواه كله الطبراني في "الكبير"، ورجاله رجال الصحيح.
247 -
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ حَيَّوَيْهِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بن محمد
ابن صاعد، حدثنا الحسين بن الحسن المَرْوَزيّ من حفظه قال: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: ((كنّا في جنازةٍ فيها عُبيدُالله بن الحسن (1)
وهو على القَضاء، فلمَّا وُضِعَ السَّرِير جلس، وجلس الناس حولَه، قال: فسألتُه عن مسألةٍ، فغَلِطَ فيها فقلت: أصلحك الله، القولُ في هذه المسألة كذا وكذا إلا أَنِّيْ لم أُرِدْ هذه، إنما أردتُ أن أدفعَك إلى ما هو أكبرُ منها، فأطرقَ ساعة ثمَّ رفع رأسَه فقال: إذا أرجِع وأنا صاغِرٌ، إذا أرجِع وأنا صاغرٌ، لأَنْ أكونَ ذَنَباً في الحق أحبُّ إِلَيَّ من أن أكونَ رأسا في الباطل)) (2) . [ل/52أ]
(1) هو عبيد الله بن الحسن بن الحصين العنبري، البصري قاضيها، ثقة فقيه، عابوا عليه مسألة تكافؤ الأدلة، من السابعة، مات سنة ثمان وستين، ليس له عند مسلم سوى موضع واحد في الجنائز.
التقريب (433/ت4283) ، وانظر أخبار القضاة لوكيع (2/88-123) .
(2)
إسناده صحيح.
أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد"(10/308) عن العتيقي به.
وأخرجه وكيع في "أخبار القضاة"(2/90) من طريق أبي بكر بن الأسود، وأبو نعيم في "حلية الأولياء"(9/5-6) من طريق محمد بن أحمد بن عمرو، كلاهما عن عبد الرحمن بن مهدي نحوه.
آخره والحمد لله وحده وصلواته على سيدنا محمد نبيه وآله وصحبه وسلامه.
بلغتُ عرضا بأصل مقابل بأصل سماعِنا ولله الحمد والمنة.
في الأصل ما مثاله:
بلغ السماع بجميعه على الشيخ الأجل، الأمام العالم، الفقيه الحافظ، شيخ الإسلام أوحد الأنام،
أبي طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي الأصبهاني رضي الله عنه بقراءة الفقيه تاج الدين أبي عبد الله محمد
ابن عبد الرحمن بن محمد المسعودي، صاحبه القاضي الفقيه المكين الأشرف الأمين جمال الدين خاصة
أمير المؤمنين أبو طالب أحمد بن القاضي المكين أبي الفضل عبد الله بن القاضي المكين أبي علي الحسين
ابن حديد وصفي الدولة جوهر الأستاد فتاه، وأحمد بن طارق بن سنان القرشي البغدادي، وأبو عمرو عثمان بن محمد ابن أبي بكر الإسفراييني، وأبو عبد الله محمد بن محمد بن محمد البلخي الصوفيان، والشريف أبو محمد عبد القاهر بن هبة الله بن عبد القاهر بن المؤيَّد بالله الهاشمي، وأبو محمد عبد العزيز بن عيسى
ابن عبد الواحد بن سليمان الأندلسي الشافعي وولده أبو القاسم عيسى، وكتب إسماعيل بن عبد الرحمن
ابن أحمد الأنصاري والتاريخ الثالث عشر من شوال سنة سبع وستين وخمسمائة بالإسكندرية حماه الله تعالى.
هذا المكتوب فوق خطي هذا صحيح، وكتب أحمد بن محمد الأصبهاني. [ل/52ب]
في الأصل ما مثاله:
سمع الجزء أجمع على الشيخ الأجل، العالم الفقيه الحافظ، شيخ الإسلام أوحد الأنام، فخر الأئمة، مفتي الأمة سيف السنة، أبي طاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم السِّلَفي الأصبهاني رضي الله عنه بقراءة الفقيه تاج الدين أبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد المسعودي صاحبه القاضي الفقيه المكين أبو طالب أحمد بن القاضي المكين أبي الفضل عبد الله بن القاضي المكين أبي علي الحسين بن حديد، وصفي الدولة جوهر الأستاد فتاه وأبو الرضى أحمد بن طارق بن سنان القرشي البغدادي، والخطيب
أبو القاسم أحمد بن جعفر بن إدريس الغافقي، وأبو الفضائل الحسن بن عبد الغني بن يوسف المنادي،
وأبو عبد الله محمد بن محمد بن محمد البلخي الصوفي، وأبو عمرو عثمان بن أبي بكر الإسفراييني،
وأبو الحسن يسار بن علي بن مفرح المقدسي، وأبو بكر محمد بن الحسن بن نصر الخلاطي، وأبو الفضل جعفر بن عبد المجيد بن علي العثماني الديباجي، وأبو محمد عبد العزيز بن عيسى بن عبد الواحد بن سليمان الأندلسي الشافعي وولده أبو القاسم عيسى، وإسماعيل بن عبد الرحمن بن أحمد الأنصاري مثبت هذه الأسماء وهذا خطه، وذلك في يوم الخميس الرابع عشر من شوال سنة سبع وستين وخمسمائة بالإسكندرية.
هذا تسميع صحيح كما قد كتب.
وكتب أحمد بن محمد الأصبهاني. [ل/55أ]