الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد كنتُ أَعْجَبُ من إغفالِ كِتَابَتِهَا وإخراجِها للناسِ مقروءةً كي يَعُمَّ الانتفاعُ بها؛ ذلك أن تلكَ الأشرطةَ يَصْعُبُ الانتفاعُ بها بسببِ عدمِ وضوحِها في الغالبِ، سواءً من جهةِ ضَعْفِ التسجيلِ آنذَاك، أو من جهةِ سرعةِ الشيخِ رحمه الله في الإلقاءِ. فصحَّ العزمُ على إخراجِ ذلك خدمةً لكتابِ اللَّهِ (تعالى)، ووفاءً للشيخِ الْمُفَسِّرِ (رحمه الله تعالى).
ولا يَخْفَى أن مثلَ هذا الأمرِ يتطلبُ جُهْدًا كبيرًا من نَاحِيَتَيْنِ:
الناحيةُ الأُولَى: صعوبةُ كتابةِ محتوياتِ الأشرطةِ لِمَا سَبَقَ.
الناحيةُ الثانيةُ: صعوبةُ توثيقِ المادةِ العلميةِ التي يُورِدُهَا الشيخُ رحمه الله؛ ذلك أن دَرْسَهُ حافلٌ بالمعلوماتِ المختلفةِ من شَتَّى الفنونِ، من تفسيرٍ، ولغةٍ، وإعرابٍ، وسيرةٍ، وتاريخٍ، وأصولٍ، وقراءاتٍ، وغيرِ ذلك.
ومما يزيدُ التوثيقَ صعوبةً أن الشيخَ رحمه الله لا يُعْنَى بالعَزْوِ إلى كتبِ التفسيرِ أو أعلامِه، الأمرُ الذي قَدْ لا يتميزُ معه بعضُ ما أخذَه من غيرِه مما فَتَحَ اللَّهُ به عليه.
لَمْحَةٌ عن دروسِ الشيخِ رحمه الله فِي التَّفْسِيرِ
(1)
:
دَرَّسَ الشيخُ (رحمه الله تعالى) التفسيرَ في أماكنَ متعددةٍ، منها:
(1)
انظر: ترجمة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي، للسديس ص 69، ترجمة الشيخ رحمه الله الملحقة في آخر الأضواء ص 39 - 48.
(2)
تجد ذلك صريحا عند تفسير الآية رقم (99) من سورة الأعراف.
1 -
المسجدُ النبويُّ، وقد أَتَمَّ فيه تفسيرَ القرآنِ كاملاً، وَتُوُفِّيَ ولم يُتِمَّ الثانيةَ، وهي هذه
.
وقد كان هذا الدرسُ يُعْقَدُ في كُلِّ يومٍ على مدارِ العَامِ. كما ذَكَرَ ذلك بعضُ تلامذتِه الذين لَازَمُوا دَرْسَهُ في التفسيرِ منذ عامِ (1369 هـ).
ثم صَارَ الدرسُ مُقْتَصِرًا على الإجازةِ الصيفيةِ منذ سنةِ (1371 هـ) حينَ انتقلَ الشيخُ رحمه الله إلى الرياضِ في ذلك العامِ. فكان الشيخُ رحمه الله يعودُ إلى المدينةِ المنورةِ - في الإجازةِ - ويواصلُ هذا الدرسَ في مسجدِ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
وقد استمرَّ الأمرُ على ذلك إلى أن انتقلَ الشيخُ رحمه الله إلى المدينةِ النبويةِ مرةً ثانيةً عامَ (1381 هـ) لِيُدَرِّسَ في الجامعةِ الإسلاميةِ.
وفي سنةِ (1385 هـ) صارَ وقتُ الدرسِ مُقْتَصِرًا على شهرِ رمضانَ فقط؛ فكان يتوقفُ سائرَ العامِ، فإذا جاءَ رمضانُ أَكْمَلَ التفسيرَ من حيثُ وَقَفَ في العامِ قَبْلَهُ وهكذا.
وقد استمرَّ الأمرُ على هذا الحالِ إلى وفاةِ الشيخِ رحمه الله عامَ (1393 هـ).
وكان دَرْسُهُ في رمضانَ يَبْدَأُ بَعْدَ صلاةِ العصرِ مباشرةً ويستمرُّ إلى قُرْبِ أذانِ المغربِ، وربما كان وقتُ الدرسِ قصيرًا لِعَارِضٍ، كما وقعَ للشيخِ رحمه الله عندَ تفسيرِه لسورةِ الأعرافِ، فبعدَ أن فرغَ من الكلامِ على الآيةِ رَقْمِ (97) منها تَوَقَّفَ مُعْتَذِرًا بقولِه: «وقد نقتصرُ
(1)
الآنَ على هذه الكلماتِ القليلةِ؛ لأن البارحةَ أَخَذْنَا دواءً أَثَّرَ علينا، فَمَعِيَ الآنَ بعضُ الأثرِ» اهـ.
2 -
دارُ العلومِ بالمدينةِ النبويةِ، وذلك في عَامَيْ (1369 و1370 هـ) إلى أن انتقلَ الشيخُ رحمه الله إلى الرياضِ.
3 -
المعهدُ العلميُّ، وَكُلِّيَّتَا الشَّرِيعَةِ واللغةِ العربيةِ بالرياضِ. وذلك لَمَّا انتقلَ إليها عامَ (1371 هـ)، وَبَقِيَ على ذلك إلى عامِ (1381 هـ) حينَ انتقلَ إلى المدينةِ النبويةِ.
4 -
الجامعةُ الإسلاميةُ. حيث دَرَّسَ فيها التفسيرَ والأصولَ إلى أن تُوُفِّيَ، إضافةً إلى آدابِ البحثِ والمناظرةِ كما سيأتي في ترجمتِه.
5 -
في بيتِه في مدينةِ الرياضِ، أو بعدَ انتقالِه إلى المدينةِ النبويةِ (وهي دروسٌ خاصةٌ لبعضِ تلامذتِه).
يقول تلميذُه الشيخُ عطيةُ رحمه الله: «ولم يكن لِي مَعَهُ رحمه الله مِنْ وَقْتٍ مُعَيَّنٍ، مع كثرةِ الإخوانِ الدارسينَ عليه الْمُقِيمِينَ معه في بيتِه إلا وقتٌ واحدٌ، هو ما بينَ المغربِ والعشاءِ، لمدةِ سَنَتَيْنِ دراسيتين ونحنُ بالرياضِ، قرأتُ خِلَالَهُمَا تفسيرَ سورةِ البقرةِ»
(1)
اهـ.
(1)
ترجمة الشيخ عطية سالم رحمه الله لشيخه الشيخ محمد الأمين رحمه الله في آخر الأضواء (9/ 14).
(2)
انظر: ترجمة الشيخ عطية سالم رحمه الله لشيخه الشيخ محمد الأمين رحمه الله. في آخر الأضواء (9/ 40)، علماء ومفكرون عرفتهم (1/ 181)، ترجمة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي، للسديس ص222.
(3)
معارج الصعود إلى تفسير سورة هود ص14.