المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

ولا ريب أن إشاعة الثقة بين أفراد المجتمع ونشر بنود - أطيب النشر في تفسير الوصايا العشر - ٧١ - ٧٢

[مرزوق بن هياس الزهراني]

الفصل: ولا ريب أن إشاعة الثقة بين أفراد المجتمع ونشر بنود

ولا ريب أن إشاعة الثقة بين أفراد المجتمع ونشر بنود العدل على ربوعه لا تتجلى في أسمى معانيها إلا إذا نبعت من عقيدة صحيحة وتجسدت في تعامل نظيف بين أفراده، لذلك جاءت هذه الوصية تؤكد هذا الجانب الهام من جوانب بناء المجتمع السليم، ولقوة الصلة بين العقيدة والمعاملات، اعتنت هذه الوصايا بقضية العقيدة والعبادة وربط المعاملات بها، نقضاً لما كان عليه المجتمع الجاهلي من الفصل بين العقيدة والعبادات، وبين الشرائع والمعاملات، وهذا المبدأ الذي رفضه الإسلام وأماته، يسعى اليوم دعاة الشر والجاهلية إلى إعادته وإحيائه، وهو ما يسمونه بفصل الدين عن الدولة، وذلك مبدأ هدام، وفكرة خطيرة، ونجاحها في المجتمع الإسلامي كفيل بتقويضه وإحياء الجاهلية الأولى على أنقاضه، وليس عندي أدنى شك في أن محاربة تلك الأفكار وبيان فسادها من الجهاد في سبيل الله.

ص: 17

البحث اللغوي:

المفردات:

(أوفوا) : أي أتموا ولا تنقصوه. والوافي الذي بلغ التمام ولم يعتريه نقص1.

(الكيل) : المراد: المكيل أي الشيء الذي يكال، وهذا من إطلاق الصفة على الموصوف، والمكيال: أداة الكيل، كالمد والصاع2.

(الميزان) : المراد: الموزون من إطلاق اسم المحل على الحال. فالميزان آلة الوزن مثل (الكيلو) و (الجرام) وبهذه المناسبة يحسن أن نذكر حديثاً أخرجه أبو داود رحمه الله قال: "حدثنا عثمان بن أبي شيبة3، حدثنا ابن دكين4، حدثنا سفيان5، عن حنظلة6، عن طاووس7، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الوزن وزن أهل مكة، والمكيال مكيال أهل المدينة" ثم8 هذا الحديث تنوعت أقوال العلماء فيه فذهب بعض العلماء في فكره مذهباً بعيدا إذ فسر هذا الحديث بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد بهذا القول أن يضع قاعدة عامة

1 لمزيد الفائدة انظر: المفردات 528 واللسان 15/399.

2 للفائدة انظر اللسان 11/604.

3 عثمان بن محمد نسب إلى جده الأبعد، ثقة حافظ له أوهام.

4 الفضل بن دكين عمرو بن حماد، ثقة ثبت.

5 ابن سعيد الثوري، ثقة، إمام، حجة، ربما دلس.

6 ابن أبي سفيان، الجمحي، ثقة، حجة.

7 ابن كيسان، اليماني، ثقة، فقيه، فاضل.

8 السنن لأبي داود 3/633.

ص: 17

يضبط الناس بها معاملاتهم وزناً وكيلا، فجعل ميزان أهل مكة ومكيال أهل المدينة أساساً لمقادير الأوزان العالمية المتنوعة في البلدان بحسب تنوع الأعراف فيها، ولاريب أن تنوع الأعراف غالباً ما يكون سبباً في الاختلاف لاسيما في المعاملات، ففهم صاحب هذا الرأي أن الحديث الشريف جاء حاسماً لأي اختلاف قد يطرأ مرشداً إلى ما يحدد المقدار مما يكال ويوزن وذلك بالرجوع إلى ميزان أهل مكة، ومكيال أهل المدينة فتخضع جميع مقادير الموازين العالمية عند الاختلاف لمقدار ميزان أهل مكة، فتخضع جميع مقادير المكاييل العالمية لمقدار مكيال المدينة. والحق أن من ذهب إلى هذا الفهم وأول الحديث الشريف عليه قد أبعد النجعة ولم يحالفه الصواب. إذ أن ما عليه أكثر الفقهاء وعلماء الأمصار خلاف هذا الفهم، ولأن الشريعة الإسلامية لم تغفل العرف وجعلت له دوراً في حل كثير من القضايا وبيان ذلك لو أن رجلاً أقَر لرجل بموزون أو مكيل لكن وقع بينهما خلاف في المقدار، فإن الشرع في هذه الحال يعطي العرف دوره في حل هذا الاختلاف وذلك بأن يحكم في تحديد المقدار بما تعارف عليه أهل البلد الذي تم فيه التعامل وهو حكم لا غبار عليه. والأمر الهام الذي جاء الحديث الشريف ليعطي فيه قاعدة شرعية هو نوع واحد من الموزون ذلك النوع هو الذهب والفضة لأن هذا النوع يتعلق به حكم شرعي، هو وجوب الزكاة، أو عدمه. بخلاف غيره مما يتعلق بمعاش الناس، وما يتعاملون به في البيع والشراء، ولما كان المضروب من الذهب والفضة. يختلف باختلاف الأمصار1 ويتعلق به الحكم الشرعي تدخلت السنة المطهرة لتضع قاعدة تحدد مقداراً ترجع إليه الأمة في تحديد ما يجب شرعا، فجعلت ميزان أهل مكة مرجعاً يحسم اختلاف الناس في الذهب والفضة خاصة، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم:"والمكيال مكيال أهل المدينة" أراد به نوعاً خاصاً وهو الصاع الذي يتعلق به حكم شرعي فبه تقدر زكاة الحبوب، وصدقة الفطر، وتقدر النفقات، وحكم الأمة في هذه الأمور واحد وإن تعددت البلدان ونأت بهم الديار، وتنوع المكاييل بحسب تنوع الأعراف، فلكل بلد

1 منها: البغلي. وهو ثمانية دوانيق.

ومنها: الطبري: وهو أربعة دوانيق.

ومنها: الخوارزمي نسبة إلى خوارزم.

ومنها: الدرهم الوزان، وهو من دراهم الإسلام الجائز بين الناس في عامة البلدان. وهو ستة دوانيق، وهو نقد أهل مكة، ووزنهم الجائز بينهم.

ومما تجدر الإشارة إليه أن أهل المدينة كانوا يتعاملون بالدراهم عداً وقت مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ويؤيد هذا أن عائشة رضي الله عنها قالت لبريرة في شأن ثمنها: "إن شاء أهلك أن أعدها لهم عدة واحدة فعلت". فأرشد النبي صلى الله عليه وسلم الناس إلى الوزن في الدراهم والدنانير، وجعل العيار وزن أهل مكة، دون ما يتفاوت وزنه منها في سائر البلدان. لمزيد العلم انظر: معالم السنن مع سنن أبي داود 3/633-636.

ص: 18

‌البحث اللغوي:

المفردات:

(أوفوا) : أي أتموا ولا تنقصوه. والوافي الذي بلغ التمام ولم يعتريه نقص1.

(الكيل) : المراد: المكيل أي الشيء الذي يكال، وهذا من إطلاق الصفة على الموصوف، والمكيال: أداة الكيل، كالمد والصاع2.

(الميزان) : المراد: الموزون من إطلاق اسم المحل على الحال. فالميزان آلة الوزن مثل (الكيلو) و (الجرام) وبهذه المناسبة يحسن أن نذكر حديثاً أخرجه أبو داود رحمه الله قال: "حدثنا عثمان بن أبي شيبة3، حدثنا ابن دكين4، حدثنا سفيان5، عن حنظلة6، عن طاووس7، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الوزن وزن أهل مكة، والمكيال مكيال أهل المدينة" ثم8 هذا الحديث تنوعت أقوال العلماء فيه فذهب بعض العلماء في فكره مذهباً بعيدا إذ فسر هذا الحديث بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد بهذا القول أن يضع قاعدة عامة

1 لمزيد الفائدة انظر: المفردات 528 واللسان 15/399.

2 للفائدة انظر اللسان 11/604.

3 عثمان بن محمد نسب إلى جده الأبعد، ثقة حافظ له أوهام.

4 الفضل بن دكين عمرو بن حماد، ثقة ثبت.

5 ابن سعيد الثوري، ثقة، إمام، حجة، ربما دلس.

6 ابن أبي سفيان، الجمحي، ثقة، حجة.

7 ابن كيسان، اليماني، ثقة، فقيه، فاضل.

8 السنن لأبي داود 3/633.

ص: 17