الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[نص كلام الإمام أبي شامة المقدسي الدمشقي]:
قال في كتابه "الباعث على إنكار البدع والحوادث":
"قلت: ولقد أعجبني ما صنعه الشيخ أبو إسحاق الجبنياني،
أحد الصالحين ببلاد إفريقية في المائة الرابعة.
حكى عنه صاحبه الصالح أبو عبد الله، محمد بن أبي عباس المؤدب، أنه كان إلى جانبه عين تسمى:(عين العافية)؛ كان العامة قد افتتنوا بها، يأنونها من الآفاق، من تعذر عليها نكاح، أو ولد، قالت: امضوا بي إلى العافية، فتعرف بها الفتنة.
قال أبو عبد الله: فأنا في السحر ذات ليلة؛ إذا سمعت أذان أبي إسحاق نحوها، فخرجت، فوجدته قد هدمها، وأذن للصبح عليها.
ثم قال: اللهم إني قد هدمتها لك، فلا ترفع لها رأساً.
قال: فما رفع لها رأس إلى الآن.
قلت: وأدهى من ذلك وأمر: إقدامهم على قطع الطريق السابلة/ بجيرون في أحد الأبواب الثلاثة القديمة العادية، التي هي من بناء الجن في زمن نبي الله سليمان بن داود عليهما السلام، أو من بناء ذي القرنين.
وقيل فيها غير ذلك؛ مما يؤذن بالتقدم على ما نقلناه في كتاب "تاريخ مدينة دمشق"- حرسها الله تعالى-، وهو الباب الشمالي.
ذكر لهم بعض من لا يوثق به في شهور سنة ست وثلاثين وستمائة، أنه رأى مناماً يقتضي أن ذلك المكان دفن فيه بعض أهل البيت، وقد أخبرني عنه ثقة أنه اعترف له أنه افتعل ذلك. فقطعوا طريق المارة فيه، وجعلوا الباب بكماله مسجداً مغصوباً.
وقد كان الطريق يضيق بسالكيه، فتضاعف الضيق والحرج على من دخل وخرج. ضاعف الله نكال من تسبب في بنائه، وأجزل ثواب من أعان على هدمه، وإزالة اعتدائه، اتباعاً لسنة النبي صلى الله عليه وسلم في هدم مسجد الضرار، المرصد لأعدائه من الكفار.
فلم ينظر الشرع إلى كونه مسجداً، وهدمه، لما قصد به من السوء والردى، وقال الله سبحانه لنبيه:{لا تقم فيه أبداً} [التوبة: 108].