الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الضرب الأول:
هو تلك النصوص التي تبين عجز المسيح، وقعوده عن مقام الألوهية والربوبية، وعليه فهو ليس بإنسان تام وإله تام كما يقول النصارى، إنما كان فقط إنساناً تاماً. وفي ذلك نصوص كثيرة:
منها جهل المسيح عليه السلام بأشياء كثيرة، أهمها جهله بيوم القيامة، فقد قال:"أما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما أحد، ولا الملائكة الذين في السماء، ولا الابن، إلا الآب"(مرقس 13/ 32)، فكيف تدعي النصارى بعد ذلك ألوهيته، فالجهل بالغيب مبطل لها.
وليس ما يجهله المسيح هو موعد القيامة فحسب، بل كل ما غاب عنه فهو غيب يجهله إلا ما أطلعه الله عليه، ولذلك نجده عندما أراد إحياء لعازر يسأله " فانزعج بالروح واضطرب وقال: أين وضعتموه؟ " (يوحنا 11/ 33 - 34).
ولما جاءه رجل يريد منه شفاء ابنه من الجنون " فسأل أباه: كم من الزمان منذ أصابه هذا؟ فقال: منذ صباه"(مرقس 9/ 21).
والمسيح أيضاً وهو يظهر معجزاته الباهرة كان يشير إلى افتقاره لله وعجزه عن هذه المعجزات لولا معية الله ونصرته فيقول: " أنا لا أقدر أن أفعل من نفسي شيئاً، كما أسمع أدين، ودينونتي عادلة، لأني لا أطلب مشيئتي، بل مشيئة الآب الذي أرسلني"(يوحنا 5/ 30).
ويؤكد هذا المعنى فيقول: " قال لهم يسوع: متى رفعتم ابن الإنسان فحينئذ تفهمون أني أنا هو، ولست أفعل شيئاً من نفسي، بل أتكلم بهذا كما علّمني أبي، والذي أرسلني هو معي، ولم يتركني الآب وحدي، لأني في كل حين أفعل ما يرضيه "(يوحنا 8/ 28).
وفي نص آخر يقول لليهود: " الحق الحق أقول لكم: لا يقدر الابن أن يعمل من نفسه شيئاً إلا ما ينظر الآب يعمل، لأن مهما عمل ذاك فهذا يعمله الابن كذلك"(يوحنا 5/ 19).
والمسيح أيضاً لا يملك لنفسه - فضلاً عن غيره - نفعاً ولا ضراً إلا أن يتغمده الله برحمته، وقد كان، إذ لما جاءته أم ابني زبدي وكانا من تلاميذه " فسألها ما تريدين؟ قالت: أن يجلس ابناي هذان، واحد عن يمينك، والآخر عن اليسار في ملكوتك. فأجاب يسوع
…
وأما الجلوس عن يميني وعن يساري فليس لي أن أعطيه إلا للذين أعدّ لهم من أبي " (متى 20/ 20 - 22).
كما وقد وصف الكتاب المسيح بصفة العبودية في مواضع عدة، ومن ذلك ما جاء في متى في وصف المسيح "هو ذا عبدي"(متى 12/ 18)، وفي سفر أعمال الرسل "قد مجد عبده يسوع .. القدوس البار"(أعمال 3/ 13 - 14)، "فإليكم أولاً أرسل الله عبده"(أعمال 3/ 26)، وفي موضع آخر:"عبدك القديس يسوع "(أعمال 4/ 30).
وقد استبدلت لفظة (عبد) في بعض التراجم العربية الحديثة بكلمة "فتى" الموهمة للعبودية أو البنوة، وذلك في ترجمة الفانديك المشهورة، بينما استخدم الآباء اليسوعيون كلمة "عبد"، وهو كذلك في اللغات العالمية، فالتراجم الإنجليزية تستخدم كلمة ( servant) .
وكتوضيح لهذا الصنيع الموهم ننقل قول متى: "لكي يتم ما قيل بإشعياء النبي القائل: هوذا فتاي الذي اخترته، حبيبي الذي سرّت به نفسي، أضع روحي عليه فيخبر الأمم بالحق"(متى 12/ 17 - 18)، فاستخدم كلمة (فتى)، فيما استخدم سفر إشعيا الذي نقل منه متى كلمة (عبد)، فيقول:"هوذا عبدي الذي أعضده، مختاري الذي سرّت به نفسي، وضعت روحي عليه فيخرج الحق للأمم"(إشعيا 42/ 1).