الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْبَابُ الْخَامِسُ
26 -
وَبِالسَّنَدِ الْمَاضِي أَوَّلِ الْجُزْءِ إِلَى أَبِي سَعِيدِ بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ لِي اللَّيْثُ، قَالَ لِي أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ، حِينَ أَرَدْتُ أَنْ أُوَدِّعَهُ: قَدْ رَأَيْتُ مَا سَرَّنِي مِنْ سَدَادِ عَقْلِكَ، فَاتَّقِ اللَّهَ فِي الرَّعِيَّةِ أَمْثَالِكَ
27 -
وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: قَالَ اللَّيْثُ: قَالَ لِي أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ: قُلْ لِي: إِنِّي أَضْعُفُ عَنْ ذَلِكَ، إِنِّي رَجُلٌ مِنَ الرَّأْيِ، قَالَ: مَا لَكَ ضَعْفٌ، يَعْنِي: إِلا ضَعْفُ بَدَنِكَ، أَتُرِيدُ قُوَّةً أَقْوَى مِنِّي؟ فَأَمَّا إِذَا ثَبُتَّ فَدُلَّنِي عَلَى رَجُلٍ، قَالُوا: وَكَانَ الأُمَرَاءُ بِمِصْرَ لا يَقْطَعُونَ أَمْرًا دُونَ اللَّيْثِ
29 -
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبُوشَنْجِيُّ، سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ بُكَيْرٍ، يُحَدِّثُ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ دَاوُدَ الْوَزِيرِ، قَالَ: قَالَ لِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ لَمَّا قَدِمَ اللَّيْثُ الْعِرَاقَ: الْزَمْ هَذَا الشَّيْخَ، فَقَدْ ثَبُتَ عِنْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهُ مَا بَقِيَ أَحَدٌ أَعْلَمُ بِمَا كَانَ مِنْهُ
30 -
وَقَالَ أَشْهَبُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: كَانَ لِلَيْثٍ أَرْبَعُ مَجَالِسَ كُلَّ يَوْمٍ، مَجْلِسٌ لِحَوَائِجِ النَّاسِ لا يَسْأَلُهُ أَحَدٌ شَيْئًا فَيَرُدَّهُ، صَغُرَتْ حَاجَتُهُ أَوْ كَبُرَتْ
31 -
وَقَالَ مَنْصُورُ بْنُ عَمَّارٍ: كَانَ اللَّيْثُ إِذَا تَكَلَّمَ رَجُلٌ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ أَخْرَجَهُ، قَالَ: قَالَ: فَلَمَّا دَخَلْتُ مِصْرَ تَكَلَّمْتُ فِي الْجَامِعِ، فَإِذَا رَجُلانِ قَدْ دَخَلا فَأَخَذَانِي، فَقَالا: أَجِيبْ أَبَا الْحَارِثِ.
قَالَ: فَذَهَبْتُ وَأَنَا أَقُولُ: وَاسَرَفَاهُ، أَخْرُجُ مِنَ الْبَلَدِ لِكَذَا، قَالَ: فَلَمَّا دَخَلْتُ عَلَى اللَّيْثِ سَلَّمْتُ، فَقَالَ: أَنْتَ الْمُتَكَلِّمُ فِي الْمَسْجِدِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ.
قَالَ: أَعِدْ عَلَيَّ مَا قُلْتَ، قَالَ: فَأَعَدْتُهُ، فَرَقَّ الشَّيْخُ وَبَكَى، فَقَالَ: مَا اسْمُكَ؟ قُلْتُ: مَنْصُورُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: ابْنُ السَّرِيِّ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَدَفَعَ إِلَيَّ كِيسًا، وَقَالَ لِي: أَقِلَّ مِنْ هَذَا الْكَلامِ عَنْ أَبْوَابِ السَّلاطِينِ، وَلا تَمْدَحَنَّ أَحَدًا مِنَ الْمَخْلُوقِينَ بَعْد مَدْحِكَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ، وَلَكَ عَلَيَّ فِي كُلِّ سَنَةٍ مِثْلَهَا
32 -
وَبِالسَّنَدِ الْمَاضِي إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْجُرْجَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الطَّلائِعِيُّ، حَدَّثَنَا لُؤْلُؤٌ خَادِمُ الرَّشِيدِ، قَالَ: جَرَى بَيْنَ الرَّشِيدِ وَبِنْتِ عَمِّهِ زُبَيْدَةَ بِنْتِ جَعْفَرٍ كَلامٌ، فَقَالَ هَارُونُ الرَّشِيدُ: أَنْتِ طَالِقٌ، إِنْ لَمْ أَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ.
ثُمَّ نَدِمَ، فَخَرَجَ الْفُقَهَاءُ فَاخْتَلَفُوا، ثُمَّ كَتَبَ إِلَى الْبُلْدَانِ فَاسْتَحْضَرَ عُلَمَاءَهَا إِلَيْهِ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا جَلَسَ إِلَيْهِمْ فَسَأَلَهُمْ فَاخْتَلَفُوا، وَبَقِيَ شَيْخٌ لَمْ يَتَكَلَّمْ، وَكَانَ فِي آخِرِ الْمَجْلِسِ، قَالَ: فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: إِذَا أَخْلَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مَجْلِسَهُ كَلَّمْتُهُ، فَصَرَفَهُمْ، فَقَالَ: يُدْنِينِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَدْنَاهُ، فَقَالَ: أَتَكَلَّمُ عَلَى الأَمَانِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأَمَرَ بِإِحْضَارِ مُصْحَفٍ، فَأُحْضِرَ، فَقَالَ: تَصَحَّفْهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حَتَّى سُورَةَ الرَّحْمَنِ، فَاقْرَأْهَا، فَفَعَلَ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى قَوْلِهِ {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} قَالَ: أَمْسِكْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدَرَ اللَّهِ، قَالَ: فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى هَارُونَ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ الشَّرْطُ أُمْلِكَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ حَتَّى فَرَغَ الْيَمِينُ، قَالَ: قُلْ: إِنِّي أَخَافُ مَقَامَ رَبِّي، فَقَالَ ذَلِكَ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَهِيَ جَنَّتَانِ، وَلَيْسَتْ بِجَنَّةٍ وَاحِدَةٍ.
قَالَ: فَسَمِعْنَا التَّصْفِيقَ وَالْفَرَحَ مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ، فَقَالَ الرَّشِيدُ: أَحْسَنْتَ وَاللَّهِ، وَأَمَرَ بِالْجَوَائِزِ وَالْخِلَعِ، وَأَمَرَ لَهُ بِإِقْطَاعٍ، وَلا يَتَصَرَّفُ أَحَدٌ بِمِصْرَ إِلا بِأَمْرِهِ، وَصَرَفَهُ مُتَكَرِّمًا
33 -
وَقَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: كَتَبَ الْوَلِيدُ بْنُ رِفَاعَةَ، وَهُوَ أَمِيرُ مِصْرَ فِي وَصِيَّتِهِ: قَدْ أَسْنَدْتُ وَصِيَّتِي لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَالِدِ بْنِ مُسَافِرٍ، وَإِلَى اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَلَيْسَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ أَيُّ تُقَاتٍ عَلَى اللَّيْثِ، فَإِنَّ لَهُ نُصْحًا وَرَأْيًا، وَكَانَ اللَّيْثُ يَوْمَئِذٍ ابْنَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً
34 -
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ: كَانَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ السَّبُعِ الْكِنْدِيُّ مِنْ خَيْرِ قُضَاتِنَا، غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ يَذْهَبُ مَذْهَبَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي إِبْطَالِ الْجَنِينِ، فَأَبْغَضُوهُ، فَكَتَبَ اللَّيْثُ فِي أَمْرِهِ فَعُزِلَ.
وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ: جَاءَ اللَّيْثُ إِلَى إِسْمَاعِيلَ، فَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَرَفَعَ إِسْمَاعِيلُ مَجْلِسَهُ، فَقَالَ: إِنَّمَا جِئْتُ إِلَيْكَ مُخَاصِمًا، قَالَ: فَبِمَاذَا؟ قَالَ: فِي إِحْبَاسِ الْمُسْلِمِينَ، قَدْ حُبِسَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، فَمَنْ بَقِيَ بَعْدَ هَؤُلاءِ؟ وَقَامَ فَكَتَبَ إِلَى الْمَهْدِيِّ، فَوَرَدَ الْكِتَابُ بِعَزْلِهِ، فَآتَاهُ اللَّيْثُ، فَجَلَسَ إِلَى جَنْبِهِ، وَقَالَ لِلْقَارِئِ: اقْرَأْ كِتَابِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ لَهُ إِسْمَاعِيلُ: يَا أَبَا الْحَارِثِ وَمَا كُنْتَ تَصْنَعُ بِهَذَا؟ وَاللَّهِ لَوْ أَمَرْتَنِي بِالْخُرُوجِ لَخَرَجْتُ، فَقَالَ لِه اللَّيْثُ: وَاللَّهِ، إِنَّكَ لَعَفِيفٌ عَنْ أَمْوَالِ النَّاسِ.
قَالَ يُونُسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَعْلَى: كَانَ فِي كِتَابِ اللَّيْثِ إِلَى الْخَلِيفَةِ: إِنَّا لَمْ نُنْكِرْ عَلَيْهِ شَيْئًا، غَيْرَ أَنَّهُ أَحْدَثَ أَحْكَامًا لا نَعْرِفُهَا.
وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَتَبَ فِيهِ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّكَ وَلَّيْتَ عَلَيْنَا رَجُلا مَا نَقِمْنَا عَنْهُ فِي الدُّنْيَا وَالدِّرْهَمِ إِلا خَيْرًا، إِلا أَنَّهُ يَكِيدُ السُّنَّةَ.
قَالَ: فَعَزَلَهُ
35 -
وَبِالسَّنَدِ الْمَاضِي إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا مُطَّلِبُ بْنُ شُعَيْبٍ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ صَالِحٍ، يَقُولُ: لَمَّا قَدِمْتُ عَلَى هَارُونَ الرَّشِيدِ، قَالَ لِي: يَا لَيْثُ مَا صَلاحُ بَلَدِكُمْ؟ قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ صَلاحُ بَلَدِنَا بِإِجْرَاءِ النِّيلِ، وَصَلاحُ أَمْرِهَا مِنْ رَأْسِ الْعَيْنِ يَأْتِي الْكَدَرُ، فَإِذَا صَفَا رَأْسُ الْعَيْنِ صَفَتِ الْعَيْنُ، قَالَ: صَدَقْتَ يَا أَبَا الْحَارِثِ