المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسألة الثالثة في اثبات السنة القبلية للجمعة - المسائل التسع

[حامد مرزا الفرغاني]

الفصل: ‌المسألة الثالثة في اثبات السنة القبلية للجمعة

بسم الله الرحمن الرحيم

الْحَمد لله رب الْعَالمين وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على أشرف الْمُرْسلين سيد الاولين والآخرين سيدنَا مُحَمَّد وعَلى آله وَصَحبه أَجْمَعِينَ

‌الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة فِي اثبات السّنة الْقبلية للْجُمُعَة

قَالَ الْحَافِظ ابْن قيم الجوزية رَحمَه الله تَعَالَى فِي زَاد الْمعَاد ص 170 فِي ادِّعَاء عدم السّنة الْقبلية للْجُمُعَة بِرَأْيهِ ورأي من قَالَه بَعْدَمَا تكلم وُجُوهًا فِي عدمهَا عقلية وللمثبت أَكثر مِمَّا قَالَه واثباتها قَول جُمْهُور الْفُقَهَاء

قَالَ ابْن الْمُنْذر روينَا عَن ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أَنه كَانَ يصلى قبل الْجُمُعَة اثْنَتَيْ عشرَة رَكْعَة وَعَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أَنه كَانَ يصلى ثَمَان رَكْعَات وَهَذَا دَلِيل على أَن ذَلِك كَانَ مِنْهُم من بَاب التَّطَوُّع الْمُطلق وَلذَلِك اخْتلف فِي الْعدَد الْمَرْوِيّ عَنْهُم اه

يُقَال الا يجوز أَن يريَا النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه وَسلم أَو أخبرا بذلك

ص: 25

وَلم لَا يجوز صلَاته قبل الْجُمُعَة مرّة كَذَا وَمرَّة كَذَا مَا لم يَأْتِ رِوَايَة أَنه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه وَسلم يصلى بِعَدَد خَاص من أول الامر فدعوى التَّطَوُّع الْمُطلق فِي فعلهمَا لَا يتَّجه وتشدد عبد الله بن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا فِي الِاتِّبَاع الْمَحْض مَشْهُور واجتنابه عَمَّا لم يفعل رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه وَسلم مسطور فِي الاحاديث فاختلاف الْعدَد الْمَرْوِيّ لَا يدل على عدم صُدُور الصَّلَاة قبل الْجُمُعَة عَن سيد الْعَالمين صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه وَسلم وَقد ثَبت أَربع رَكْعَات قبل الْجُمُعَة بِرِوَايَة على رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَمَا يَأْتِي

قَالَ الْحَافِظ ابْن الْقيم وَقَالَ التِّرْمِذِيّ فِي الْجَامِع وَرُوِيَ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَنه كَانَ يُصَلِّي قبل الْجُمُعَة أَرْبعا وَبعدهَا أَرْبعا واليه ذهب ابْن الْمُبَارك وَالثَّوْري رحمهمَا الله وَلم يجب الْحَافِظ عَن هَذِه الرِّوَايَة الصَّحِيحَة كَمَا فِي فقه السّنَن والْآثَار وصدور الاربع قبل الْجُمُعَة من مثل عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَذَهَاب مثل ابْن الْمُبَارك وسُفْيَان الثَّوْريّ رحمهمَا الله تَعَالَى وهما أعلم بِالسنةِ أولى بِالْأَخْذِ من أَمْثَال الْحَافِظ فَلَهُمَا الاسوة الْحَسَنَة

ثمَّ قَالَ الْحَافِظ وَقَالَ اسحق بن ابراهيم بن هَانِئ النَّيْسَابُورِي رَأَيْت أَبَا عبد الله رَحمَه الله تَعَالَى اذا كَانَ يَوْم الْجُمُعَة يصلى الى أَن يعلم ان الشَّمْس قد قاربت ان تَزُول ثمَّ امسك عَن الصَّلَاة حَتَّى يُؤذن الْمُؤَذّن فاذا أَخذ فِي الاذان قَامَ فصلى رَكْعَتَيْنِ أَو أَرْبعا يفصل بَينهمَا بِالسَّلَامِ فاذا صلى الْفَرِيضَة انْتظر فِي الْمَسْجِد ثمَّ يخرج مِنْهُ فَيَأْتِي بعض الْمَسَاجِد الَّتِي بِحَضْرَة الْجَامِع فَيصَلي فِيهِ رَكْعَتَيْنِ فَرُبمَا صلى أَرْبعا ثمَّ يجلس ثمَّ

ص: 26

يقوم فيصلى رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ وَذَلِكَ سِتّ رَكْعَات وَرُبمَا صلى بعد السِّت سِتا آخر أَو أقل أَو أَكثر

وَقد أَخذ من هَذَا بعض أَصْحَابه رِوَايَة أَن للْجُمُعَة سنة رَكْعَتَيْنِ أَو أَرْبعا وَلَيْسَ بِصَرِيح وَلَا بِظَاهِر فان أَحْمد يمسك عَن الصَّلَاة فِي وَقت النَّهْي فاذا زَالَ وَقت النَّهْي قَامَ فَأَتمَّ تطوعه اه

قَوْله فاذا أَخذ الْمُؤَذّن فِي الاذان قَامَ فصلى هَل يجوز الْعقل ان الامام أَحْمد يتْرك سنة اسْتِمَاع الاذان الثَّابِت بِالْحَدِيثِ وَهُوَ قَوْله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه وَسلم اذا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذّن فَقولُوا مثل مَا يَقُول أَو كَمَا قَالَ

والاذان الاول سنة الْخَلِيفَة الراشد اللَّازِم أَخذه ويشتغل بالتطوع الْمُطلق باتمامه الا أَنَّهَا أهم من اجابة الْمُؤَذّن ثمَّ الْعجب هَل للتطوع اتمام فِي كل جُمُعَة

قَوْله وَقد أَخذ من هَذَا بعض اصحابه الخ واصحابه أعلم بِمَا فعل الامام أَحْمد من الَّذِي جَاءَ من بعده نَحْو أَربع مائَة سنة فَفعل الامام ظَاهر أَن للْجُمُعَة سنة

وانتظار الامام أَحْمد رَحمَه الله تَعَالَى الى الزَّوَال احْتِرَازًا عَن الصَّلَاة فِي الْوَقْت الْمَكْرُوه هُوَ عين مايفعل فِي جَمِيع اقطار الْبِلَاد الاسلامية من انتظارهم بعد تَحِيَّة الْمَسْجِد مَعَ زِيَادَة اَوْ لَا الى الاذان الاول فهم متبعون بِأحد أَعْلَام سلف الامة رَحِمهم الله تَعَالَى فَلَا ملامة عَلَيْهِم والامام أَحْمد رأى ان اقامة السّنة أولى من اسْتِمَاع الاذان فِي الْمَسْجِد فَلَو لم تكن للْجُمُعَة سنة قبلية لم يتْرك الِاسْتِمَاع

ص: 27

وَفِي فقه السّنَن والْآثَار فِي ص 101 قَالَ ولعَبْد الرَّزَّاق بِسَنَد صَحِيح (1) عَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ قَالَ كَانَ عبد الله رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ يَأْمُرنَا أَن نصلى قبل الْجُمُعَة أَرْبعا وَبعدهَا أَرْبعا (1) كَذَا فِي آثَار السّنَن ج 296 وَفِي الدِّرَايَة ص 133 رِجَاله ثِقَات اه

وللطحاوي عَن ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا بِسَنَد صَحِيح (2) أَنه كَانَ يُصَلِّي قبل الْجُمُعَة اربعا لَا يفصل بَينهُنَّ بِسَلام ثمَّ بعد الْجُمُعَة رَكْعَتَيْنِ ثمَّ أَرْبعا اه ج 1198 آثَار السّنَن 94 ج 2

وَقد أقرّ الْحَافِظ بِثُبُوت الصَّلَاة قبل الْجُمُعَة عَن ابْن مَسْعُود وَابْن عمر وَابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم فَكفى بهم قدوة فِي اثبات السّنة قبل الْجُمُعَة وبالامام أَحْمد الَّذِي اجتنابه عَن الزِّيَادَة فِي الدّين مَعْلُوم لَا يحْتَاج الى التَّعْرِيف

فاذا ثَبت الصَّلَاة قبل الْجُمُعَة عَن هَؤُلَاءِ الاجلة فَكيف لَا تكون للْجُمُعَة سنة قبلية مَعَ اجازة النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه وَسلم للصَّلَاة الى خُرُوج الامام

فِي الْجَامِع الصَّغِير للسيوطي رَحمَه الله تَعَالَى فِي ج 5 ص 514 كَانَ يرْكَع قبل الْجُمُعَة اربعا وَبعدهَا اربعا لَا يفصل فِي شيءمنهن بِتَسْلِيم وَفِيه ان الْجُمُعَة كالظهر فِي الرَّاتِبَة الْقبلية وَهُوَ الاصح عِنْد الشَّافِعِيَّة (5) عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ شَارِحه الْعَلامَة الْمَنَاوِيّ فِيهِ أُمُور الى أَن قَالَ أَنه أَي جلال الدّين السُّيُوطِيّ مؤلف الْجَامِع قد أَسَاءَ التَّصَرُّف حَيْثُ عدل لهَذَا الطَّرِيق الْمَعْلُول وَاقْتصر عَلَيْهِ

ص: 28

مَعَ وُرُوده من طَرِيق مَقْبُول فقد رَوَاهُ الخلقي فِي فَوَائده من حَدِيث على كرم الله وَجهه قَالَ الزين الْعِرَاقِيّ واسناده جيد اه

وَبِهَذَا الحَدِيث انْدفع كل مَا قَالَه الْحَافِظ فِي ادِّعَاء عدم الرَّاتِبَة قبل الْجُمُعَة

وَرُوِيَ عَن ثَوْبَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه وَسلم كَانَ يسْتَحبّ أَن يصلى بعد نصف النَّهَار فَقَالَت عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا يَا رَسُول الله اني أَرَاك تسْتَحب الصَّلَاة هَذِه السَّاعَة قَالَ تفتح فِيهَا أَبْوَاب السَّمَاء وَينظر الله تبارك وتعالى بِالرَّحْمَةِ الى خلقه وَهِي صَلَاة كَانَ يحافظ عَلَيْهَا آدم ونوح وابراهيم ومُوسَى وَعِيسَى على نَبينَا وَعَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام رَوَاهُ الْبَزَّار التَّرْغِيب والترهيب ج 1 ص 400

ثمَّ انْتِظَار الامام أَحْمد رَحمَه الله تَعَالَى الى الاذان الاول لزوَال الشَّمْس دَلِيل على ان الاذان الاول يكون بعد الزَّوَال والا فَكيف يسكت الامام لَو كَانَ الاذان الاول شرع قبل الزَّوَال فِي زمَان عُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ

وايضا علم مِمَّا رُوِيَ الْحَافِظ عَن عبد الله بن عمر انه كَانَ يصلى قبل الْجُمُعَة اثْنَتَيْ عشرَة رَكْعَة وَعَما رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أَنه كَانَ يصلى قبل الْجُمُعَة ثَمَان رَكْعَات عدم صَوَاب ادِّعَاء الْحَافِظ أَن رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه وَسلم كَانَ يخرج الى الْخطْبَة كَمَا زَالَت الشَّمْس بِلَا تَأْخِير والا فَكيف تسع صلاتهما ان كَانَ رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه وَسلم يخْطب عِنْد زَوَال الشَّمْس بِلَا تَأْخِير وَالله أعلم بِالصَّوَابِ

ص: 29

حَدِيث آخر اخرجه ابْن حبَان فِي صَحِيحه فِي النَّوْع الثَّانِي وَالتسْعين من الْقسم الاول عَن سليم بن عَامر عَن عبد الله بن الزبير رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه وَسلم مَا من صَلَاة مَكْتُوبَة الا وَبَين يَديهَا رَكْعَتَانِ انْتهى نصب الرَّايَة ج 2142

قَوْله فِي صَحِيحه قلت الحَدِيث أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ ص 99 عَن سليم بن عَامر عَن أبي عَامر الخبايري عَن عبد الله بن الزبير وَقَالَ محشيه فِي نُسْخَة صَحِيحَة سليم بن ابي عَامر الخبايري قلت رجال الدَّارَقُطْنِيّ ثِقَات وَأخرجه ابْن نصر الْمروزِي فِي قيام اللَّيْل ص 26 وَفِيه سليم بن أبي عَامر اه حَاشِيَة نصب الرَّايَة

فعلى الخطباء أَن يمهلوا بعد الزَّوَال سَاعَة يُمكن فِيهَا ارْبَعْ رَكْعَات عملا بِمَا ثَبت عَن رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه وَسلم وَأَن يقطعوا سلسلتهم الافواهية بَين الزَّوَال وَالْخُرُوج فِي قَوْلهم الزَّوَال فالخروج فالاذان فالخطبة فَالصَّلَاة

ص: 30