المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسألة الرابعة في تحقيق رفع اليدين في الركوع وتركه - المسائل التسع

[حامد مرزا الفرغاني]

الفصل: ‌المسألة الرابعة في تحقيق رفع اليدين في الركوع وتركه

بسم الله الرحمن الرحيم

الْحَمد لله رب الْعَالمين وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على اشرف الْمُرْسلين سيد الْأَوَّلين والآخرين سيدنَا مُحَمَّد وعَلى آله وَصَحبه أَجْمَعِينَ

‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة فِي تَحْقِيق رفع الْيَدَيْنِ فِي الرُّكُوع وَتَركه

قَالَ الامام البُخَارِيّ فِي جُزْء رفع الْيَدَيْنِ فِي ص 24 وَكَانَ الثَّوْريّ ووكيع وَبَعض الْكُوفِيّين لَا يرفعون أَيْديهم وَقد رووا أَحَادِيث كَثِيرَة وَلم يعتبوا على من رفع يَدَيْهِ وَلَوْلَا أَنَّهَا حق مَا رووا تِلْكَ الاحاديث لانه لَيْسَ لأحد أَن يَقُول على رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه وَسلم مَا لم يقل أَو يفعل لقَوْل النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه وَسلم من تَقول على مَا لم أقل فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار وَلم يثبت عَن أحد من اصحاب النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه وَسلم أَنه لَا يرفع يَدَيْهِ وَلَيْسَ اسانيده اصح من رفع الايدي

وَقد أقرّ الامام البُخَارِيّ رَحمَه الله تَعَالَى بقوله وَقد رووا فِي ذَلِك احاديث كَثِيرَة ان لتاركي الرّفْع فِي سوى التَّحْرِيمَة أَحَادِيث كَثِيرَة

ص: 31

وَبِقَوْلِهِ وَلَوْلَا أَنَّهَا حق الخ اقر بحقية رِوَايَات تاركي الرّفْع واقر بقوله وَلَيْسَ أسانيده أصح من رفع الايدي بتسوية أَحَادِيث الطَّرفَيْنِ فِي اصل الصِّحَّة

وَقَوله وَلم يثبت عَن اُحْدُ الخ اي فِي اول الامر وَلَو لم يؤول بِهِ لتناقض قولاه ان لتاركي الرّفْع احاديث كَثِيرَة وَلم يثبت عَن اُحْدُ من الخ

وَنقل الامام البُخَارِيّ عَن الاوزاعي فِي هَذِه الرسَالَة ص 32 حِين سُئِلَ مَا تَقول فِي رفع الايدي مَعَ كل تَكْبِيرَة الخ قَالَ ذَلِك الامر الاول

والْحَدِيث اخرجه الامام الطَّحَاوِيّ رَحمَه الله تَعَالَى بِلَفْظ كَانَ يرفع يَدَيْهِ فِي كل خفض وَرفع وركوع وَسُجُود وَقيام وقعود وَبَين السَّجْدَتَيْنِ كَمَا فِي فقه السّنَن والْآثَار فِي ص 55 فَأجَاب الامام الاوزاعي بقوله ذَلِك الامر الاول

ومثبتوا التّرْك يَقُولُونَ كل الرفعات فِي سوى التَّحْرِيمَة هِيَ الامرالاول لصِحَّة أَحَادِيث التّرْك

قَالَ الامام البُخَارِيّ فِي ص 96 من صَحِيحه فِي بَاب انما جعل الامام ليؤتم بِهِ انما يُؤْخَذ بِالْآخرِ فالآخر من فعله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه وَكَذَا فِي بَاب الْخُرُوج فِي رَمَضَان ص 415 وَمن الْمَعْلُوم الْمُحَقق ان ترك الرّفْع فِي سوى التَّحْرِيمَة مُؤخر عَن الرّفْع فِيمَا سواهَا فَيقدم التّرْك على الرّفْع فِي سوى التَّحْرِيمَة على هَذِه الْقَاعِدَة

وايضا الامام البُخَارِيّ رَحمَه الله تَعَالَى حِين عدد الرافعين من الصَّحَابَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم مَا عدد الْخُلَفَاء الاربعة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم مِنْهُم فِيمَا سوى التَّحْرِيمَة لعدم

ص: 32

ثُبُوت رفعهم عِنْد الامام بعد النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه وَسلم فِي سوى التَّحْرِيمَة والا فَأَي وَجه لترك ذكرهم فِي تعداد الرافعين وَلَو ذكرهم فِي الْعَمَل بِالرَّفْع بعده صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه وَسلم لَكَانَ من أقوى الدَّلِيل على مدعى الامام البُخَارِيّ بل لَو ذكر الشَّيْخَيْنِ أبي بكر وَعمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا فِي الْعَمَل بعد رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه وَسلم لَكَانَ كَافِيا من ذكر سَائِر الصَّحَابَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم

وَذكر الامام البُخَارِيّ فِي رِوَايَات الرّفْع فِي الاحاديث الْخُلَفَاء الاربعة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم لاثبات اصل الرّفْع لَا يدل على الدَّوَام وَلم يُنكره اُحْدُ من الْعلمَاء رَحِمهم الله تَعَالَى فِي اول الامر وَذَلِكَ الامر الاول

وَقَالَ ابْن بطال كَمَا فِي الْكرْمَانِي وَقَالَ مَالك رَحمَه الله تَعَالَى اذا جَاءَ عَن النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه وَسلم حديثان مُخْتَلِفَانِ وبلغنا ان الشَّيْخَيْنِ عملا بِأحد الْحَدِيثين وتركا الآخر كَانَ فِيهِ دلَالَة على أَن الْحق فِيمَا عملا بِهِ

وَقَالَ الاوزاعي كَانَ مَكْحُول يتوضأمما مست النَّار فلقي عَطاء فَأخْبرهُ أَن الصّديق رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أكل كَتفًا ثمَّ صلى وَلم يتؤضا فَترك مَكْحُول الْوضُوء مِمَّا مست النَّار فَقيل لَهُ لم تركت الْوضُوء فَقَالَ لِأَن يَقع أَبُو بكر من السَّمَاء الى الارض أحب اليه من أَن يُخَالف النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه وَسلم انْتهى أماني الاحبار شرح مَعَاني الْآثَار ص 322 ج 1 وَقد صَحَّ أَن النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه وَسلم قَالَ ان يطع النَّاس أَبَا بكر وَعمر يرشدوا وَالله تَعَالَى أعلم فتح الْبَارِي ص 247 ج 1

ص: 33

وَمَا روى الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا ان رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه وَسلم كَانَ اذا افْتتح الصَّلَاة رفع يَدَيْهِ واذا ركع واذا رفع رَأسه من الرُّكُوع وَكَانَ لَا يفعل ذَلِك فِي السُّجُود وَمَا زَالَت تِلْكَ صلَاته حَتَّى لَقِي الله تَعَالَى فَهُوَ ضَعِيف بل مَوْضُوع وَقد أخرج الْبَيْهَقِيّ والطَّحَاوِي وَابْن أبي شيبَة بِسَنَد صَحِيح عَن مُجَاهِد قَالَ صليت خلف ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا فَلم يكن يرفع يَدَيْهِ الا فِي التَّكْبِيرَة الاولى من الصَّلَاة اه فقه السّنَن والْآثَار ص 56

قَوْله قد أخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أَي فِي الْمعرفَة اه

قَوْله بل مَوْضُوع كَذَا فِي كشف الَّذين للشَّيْخ هَاشم السندي قلت فِي سَنَده عصمَة بن مُحَمَّد الانصاري قَالَ يحيى كَذَّاب يضع الحَدِيث وَقَالَ العقيلى يحدث بالأباطيل عَن الثِّقَات كَذَا فِي الْمِيزَان ص 196 ج 3 وتاريخ الْخَطِيب 286 ج 12 وَكَذَا فِي الطَّرِيق الآخر لَهُ عبد الرَّحْمَن بن خُزَيْمَة الْهَرَوِيّ اتهمه سليماني بِوَضْع الاحاديث كَذَا فِي الْمِيزَان ص 114 ج 3

اتّفق الْعلمَاء على جلالته أَي وَكِيع بن الْجراح وَكَثْرَة علمه وَحفظه للْحَدِيث واتقانه لَهُ وصلاحه وفضله كَانَ احْمَد بن حَنْبَل اذا حدث عَنهُ قَالَ حَدثنِي من لم تَرَ عَيْنَاك مثله وَكِيع بن الْجراح وَقَالَ فِيهِ مَا رَأَيْت رجلا قطّ مثل وَكِيع فِي الْعلم وَالْحِفْظ والاسناد والابواب ويحفظ الحَدِيث جيدا ويذاكر بالفقه مَعَ ورع واجتهاد وَلَا يتَكَلَّم فِي أحد وَقَالَ ابْن معِين مَا رَأَيْت أحدا مُحدث لله غير وَكِيع بن الْجراح وَهُوَ احب الي من سُفْيَان وَابْن مهْدي وابي نعيم وَمَا رَأَيْت رجلا قطّ احفط من وَكِيع ووكيع فِي زَمَانه كالاوزاعي فِي زَمَانه وَقَالَ ابْن عمار مَا كَانَ بِالْكُوفَةِ فِي

ص: 34

زمن وَكِيع أفقه وَلَا أعلم بِالْحَدِيثِ من وَكِيع توفّي وَكِيع سنة سبع وَتِسْعين وَمِائَة هـ وَكَانَ مولده سنة 127 هـ

تَهْذِيب التَّهْذِيب ج 11 ص 123 تَهْذِيب الاسماء ج 2 ص 144 الحَدِيث والمحدثون ص 291

اتّفق الْعلمَاء على امامته اي سُفْيَان الثَّوْريّ وتقدمه فِي الحَدِيث وَالْفِقْه والورع والزهد وخشونة الْعَيْش وَالْقَوْل بِالْحَقِّ وَغَيرهَا من المحاسن قَالَ أَبُو عَاصِم الثَّوْريّ أَمِير الْمُؤمنِينَ فِي الحَدِيث وَقَالَ ابْن الْمُبَارك كتبت عَن ألف وَمِائَة شيخ مَا كتبت عَن أفضل من الثَّوْريّ وَقَالَ يحيى بن معِين كل من خَالف الثَّوْريّ فَالْقَوْل قَول الثَّوْريّ وَقَالَ ابْن مهْدي مَا رَأَيْت أحفظ للْحَدِيث من الثَّوْريّ وَقَالَ ابْن عُيَيْنَة كَانَ ابْن عَبَّاس فِي زَمَانه وَالشعْبِيّ فِي زَمَانه وَالثَّوْري فِي زَمَانه وَقَالَ أَيْضا أَنا من غلْمَان الثَّوْريّ وَمَا رَأَيْت أعلم بالحلال وَالْحرَام مِنْهُ وَقَالَ الاوزاعي وَقد ذكر ذهَاب الْعلمَاء لم يبْق مِنْهُم من يستمع عَلَيْهِ الْعَامَّة بالرضى وَالصِّحَّة الا الثَّوْريّ وَقَالَ عَبَّاس الدوري رَأَيْت ابْن معِين لَا يقدم على الثَّوْريّ فِي زَمَانه أحدا فِي كل شَيْء

وَبِالْجُمْلَةِ فالثناء عَلَيْهِ مَشْهُور وَهُوَ اُحْدُ اصحاب الْمذَاهب السِّتَّة المتبوعة مَالك وَأبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد والاوزاعي وَالثَّوْري رَحِمهم الله تَعَالَى رَحْمَة وَاسِعَة ولد الثَّوْريّ سنة 97 هـ وَتُوفِّي بِالْبَصْرَةِ سنة 161 هـ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ص 1 تَهْذِيب التَّهْذِيب ج 4 ص 111 تَهْذِيب الاسماء ج 1 ص 222 الحَدِيث والمحدثون ص 292

ص: 35

وَقد اخبر الامام البُخَارِيّ ان وكيعا وسُفْيَان الثَّوْريّ وَبَعض الْكُوفِيّين كَانُوا لَا يرفعون أَيْديهم فِي غير التَّحْرِيمَة وَهل يظنّ بهم أَنهم يعْملُونَ بِالظَّنِّ اَوْ بِمَا لم يثبت عَن النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه وَسلم عِنْدهم ثبوتا قَطْعِيا بِحَيْثُ يفوق ويرجح على مَا ثَبت من قَطْعِيّ وَهُوَ رفع الْيَدَيْنِ فِي غير التَّحْرِيمَة وحالما قيامهما فِي الْحق وثناء الْعلمَاء الاثبات عَلَيْهِمَا هَكَذَا كَمَا تقدم وَقَوله وَبَعض الْكُوفِيّين اشارة الى الامام أبي حنيفَة وَأَتْبَاعه رَحِمهم الله تَعَالَى

وَالْغَرَض الْأَصْلِيّ مِمَّا تقدم أَن لَا يتَعَرَّض أحد الْفَرِيقَيْنِ على الآخر فِي رفع الْيَدَيْنِ وَتَركه وَالله أعلم

ص: 36