المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسألة الثامنة في عدم لزوم الدم بمجرد التجاوز عن الميقات - المسائل التسع

[حامد مرزا الفرغاني]

الفصل: ‌المسألة الثامنة في عدم لزوم الدم بمجرد التجاوز عن الميقات

بسم الله الرحمن الرحيم

الْحَمد لله رب الْعَالمين وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على أشرف الْمُرْسلين سيد الاولين والآخرين سيدنَا مُحَمَّد وعَلى آله وَصَحبه أَجْمَعِينَ

‌الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة فِي عدم لُزُوم الدَّم بِمُجَرَّد التجاوز عَن الْمِيقَات

وَلَو عَاد بعد مَا ابْتَدَأَ الطّواف واستلم الْحجر لَا يسْقط عَنهُ الدَّم بالِاتِّفَاقِ وَلَو عَاد اليه قبل الاحرام يسْقط عَنهُ بالِاتِّفَاقِ الْقَدُورِيّ هِدَايَة ص 286 ج 2 فتح الْقَدِير من بَاب مجاورة الْوَقْت بِغَيْر احرام

ثمَّ تَحْقِيق مَا تقع عَلَيْهِ اسْم الْجِنَايَة امران الْبَيْت والاحرام لَا الْمِيقَات فانه لم يجب الاحرام مِنْهُ الا لتعظيم غَيره فَالْحَاصِل انه اوجب تَعْظِيم الْبَيْت بالاحرام من الْمَكَان الَّذِي عينه فاذا لم يحرم مِنْهُ كَانَ مخلا بتعظيمه على الْوَجْه الَّذِي أوجبه فَيكون جِنَايَة على الْبَيْت ونقصا فِي الاحرام لانه لما وَجب عَلَيْهِ أَن ينشئة من الْمَكَان الاقصى فَلم يفعل فقد أوجده نَاقِصا اه فتح الْقَدِير ص 285 ج 2

آفاقي مُسلم بَالغ يُرِيد الْحَج وَلَو نفلا أَو الْعمرَة فَلَو لم يرد وَاحِدًا مِنْهُمَا لَا يجب عَلَيْهِ دم بمجاوزة الْمِيقَات وان وَجب عَلَيْهِ حج اَوْ عمْرَة ان أَرَادَ دُخُول مَكَّة أَو الْحرم الدّرّ الْمُخْتَار ص 231 ج 2

ص: 49

قَوْله يُرِيد الْحَج اَوْ الْعمرَة كَذَا قَالَه صدر الشَّرِيعَة وَتَبعهُ صَاحب الدّرّ وَابْن كَمَال باشا وَلَيْسَ بِصَحِيح لما نذكرهُ ومنشأه قَول الْهِدَايَة وَهَذَا الَّذِي ذكرنَا أَي من لُزُوم الدَّم بالمجاوزة ان كَانَ يُرِيد الْحَج أَو الْعمرَة الخ رد الْمُحْتَار

قَوْله لَيْسَ بِصَحِيح لَيْسَ بِصَحِيح لَان الْفَاضِل الْمحشِي السَّيِّد ابْن عابدين رَحمَه الله تَعَالَى لم يمعن النّظر فِي مطالعة الْهِدَايَة بل منشؤه وَالله تَعَالَى أعلم قَول الْقَدُورِيّ وَلَو عَاد اليه قبل الاحرام يسْقط الدَّم عَنهُ بالِاتِّفَاقِ

وَبِقَوْلِهِ يسْقط بالِاتِّفَاقِ ينْدَفع قَول المنلاعلي الْقَارِي أَن الْقَيْد اتفاقي ويندفع أَيْضا قَول الْمحشِي وَغَيره يجب الدَّم بِمُجَرَّد التجاوز عَن الْمِيقَات بِحَيْثُ لَا يسْقط الدَّم عَن المجاوز وان حج اَوْ اعْتَمر بنية الْقَضَاء فِي وَقت آخر بعد دُخُوله الْحرم وَخُرُوجه بِلَا احرام وسقوطه فِي هَذِه الصُّورَة مُتَّفق عَلَيْهِ عِنْد أَئِمَّتنَا الثَّلَاثَة

فَمن ادّعى وجوب الدَّم مُطلقًا فَعَلَيهِ النَّقْل من ائمتنا الثَّلَاثَة لَان المدعين بِالْوُجُوب مُطلقًا مقلدون لَا يجب تقليدهم وَلَا يجوز لَهُم قَول مُخَالف للائمة رَحِمهم الله تَعَالَى

قَالَ فِي رسم الْمُفْتِي ص 24 اذا اتّفق أَئِمَّتنَا الثَّلَاثَة على جَوَاب لم يجز الْعُدُول عَنهُ الا لضَرُورَة

وَعَن الْحَافِظ الْعَيْنِيّ فِي شرح الْهِدَايَة وَقد كَانَ دَلِيل الْمُقَلّد قَول من قَلّدهُ لَا غيراه البريقة ص 137 ج 2

الحكم والفتيا بالْقَوْل الْمَرْجُوح جهل وخرق للاجماع الدّرّ الْمُخْتَار ص 77 ج 1

ص: 50

قَوْله بالْقَوْل الْمَرْجُوح كَقَوْل مُحَمَّد مَعَ وجود قَول ابي يُوسُف رحمهمَا الله تَعَالَى اذا لم يصحح اَوْ يقوى وَجهه

واولى من هَذَا بِالْبُطْلَانِ الافتاء بِخِلَاف ظَاهر الرِّوَايَة اذا لم يصحح والافتاء بالْقَوْل الْمَرْجُوح عَنهُ اه رد الْمُحْتَار

وَلَو دَخلهَا مرَارًا أَي بِغَيْر احرام فَعَلَيهِ لكل دُخُول نسك حج أَو عمْرَة بَيَان نسك وَكَذَا لكل دُخُول دم مُجَاوزَة وَمن وهم عدم وجوب الدَّم اذا لم يرد أحد النُّسُكَيْنِ كصاحب الأيضاح شرح الاصلاح فانه مُخَالف لَا طَلَاق الاصحاب بِأَن من جاوزه فَأحْرم يجب عَلَيْهِ دم الْمُجَاوزَة ان لم يعد الى الْمِيقَات 8 اه عَليّ الْقَارِي ص 61

قَوْله وَمن وهم نِسْبَة الْوَهم حَقِيقَة ترجع الى ائمتنا الثَّلَاثَة وهم لم يوجبوه بِمُجَرَّد التجاوز على مَا تقدم وعَلى مَا يَأْتِي

وَهَذَا الفقية يَقُول قَوْله لَا طَلَاق الاصحاب الخ فِيهِ أَنهم لم يطلقوا بل قيدوا وجوب الدَّم بأَرْبعَة أَشْيَاء الاول التجاوز عَن الْمِيقَات بِغَيْر احرام الثَّانِي الاحرام من دَاخل الْمِيقَات الثَّالِث عدم الْعود الى الْمِيقَات وَالرَّابِع كَمَا فِي الْهِدَايَة الشُّرُوع فِي الطّواف باستلام الْحجر فَأَيْنَ اطلاق الاصحاب

وَالْعجب من مثل ملاعلي الْقَارِي كَيفَ لم يتَنَبَّه بِهَذِهِ الْقُيُود والشروط

فَقَوله للاطلاق الاصحاب بِأَن من جاوزه فَأحْرم الخ ينْقض مدعاه وَهُوَ وجوب الدَّم بِمُجَرَّد التجاوز بل وجود الدَّم مَشْرُوط بالشرائط الْمُتَقَدّمَة فاذا فقد الشُّرُوط وَلَو وَاحِد مِنْهَا فَأَيْنَ الْمَشْرُوط

ص: 51

لقَوْل الْقَدُورِيّ وَلَو عَاد اليه قبل الاحرام يسْقط بالِاتِّفَاقِ أَي عِنْد أَئِمَّتنَا الثَّلَاثَة وَزفر رَحِمهم الله تَعَالَى قَالَ فِي ارشاد الساري ص 190 وَلَا وجود للمشروط قبل وجود الشَّرْط

وتنبه صَاحب شرح الْوِقَايَة بِهَذِهِ الْقُيُود فَقَالَ والقيد اتفاقي فبدل الْمَسْأَلَة وَقَوله هَذَا منقوض بقول الْقَدُورِيّ وَلَو عَاد اليه قبل الاحرام يسْقط بالِاتِّفَاقِ فالقيد احترازي جزما

وَفِي فتح الْقَدِير ص 133 ج 2 عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا مَرْفُوعا وموقوفا لَا يجوز الْوَقْت الا باحرام وَمَا فِي مَعْنَاهُ بِرِوَايَة ابْن ابي شيبَة وَالطَّبَرَانِيّ وَالشَّافِعِيّ واسحق بن رَاهَوَيْه رَحِمهم الله تَعَالَى وَلَيْسَ فِيهَا وَمن جاوزه بِغَيْر احرام فَعَلَيهِ دم

الا فِي رِوَايَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أَنه قَالَ اذا جَاوز الْوَقْت فَلم يحرم حَتَّى دخل مَكَّة رَجَعَ الى الْوَقْت وان خشِي أَن رَجَعَ الى الْوَقْت فانه يحرم ويهريق دَمًا فَفِيهِ وجوب الدَّم مُقَيّد بالاحرام من دَاخل الْمِيقَات فَهَذَا الْعَاجِز أمسك عَن القَوْل بِوُجُوب الدَّم بِمُطلق التجاوز خوفًا عَن الزِّيَادَة فِي الدّين بِغَيْر دَلِيل على الْوُجُوب وَهل القَوْل بِهِ سهل وَالْوَاجِب من أَحْكَام الاسلام مَا ثَبت بِالدَّلِيلِ الْمَشْهُور

والائمة متفقون بِعَدَمِ وجوب الدَّم على المجاوز الَّذِي خرج الى الْمِيقَات بِغَيْر احرام من دَاخل الْمِيقَات وهم متفقون على عصيانه وارتكابه الْحَرَام وعَلى وجوب اُحْدُ النُّسُكَيْنِ عَلَيْهِ حج أَو عمْرَة

ص: 52

فَمن قَالَ بِوُجُوب الدَّم بِمُطلق التجاوز عَن الْمِيقَات فقد خَالف الرِّوَايَة

فَهَؤُلَاءِ الْعلمَاء الْقَائِلُونَ بِوُجُوب الدَّم بِمُطلق التجاوز وَلَا يسْقط بِحَال لم ينقلوا كلمة عَن صَاحب الْمَذْهَب مُوَافقَة لمدعاهم

وَلَيْسَ كل خلاف جَاءَ مُعْتَبرا الا خلاف لَهُ حَظّ من النّظر

قَالَ ابْن رشد رَحمَه الله تَعَالَى فِي الْبِدَايَة من بَاب شُرُوط الاحرام مَا حَاصله الْمِيقَات لَيْسَ من النّسك الَّذِي يجب الدَّم بالتجاوز عَنهُ بِغَيْر احرام عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى عَنهُ وَالله تَعَالَى أعلم

ص: 53