الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
79 - باب الوقف
هو قطع الموقوف عليه، عن الاتصال؛ ويكون للاستراحة، أو تمام المقصود، وهو المتكلم عليه هنا؛ ويكون ترنماً، وسبق شيء من حكم الترنم، بباب نوني التوكيد؛ وسيأتي شيء منه هنا؛ ويكون استثباتاً، وإنكاراً، وتذكراً؛ وسبق الكلام في ذلك، بباب الحكاية.
(إن كان آخر الموقوف عليه ساكناً، ثبت بما له) - فيكون ساكناً في الوقف كالدرج، نحو: لم، والذي، ولم يقم، ولم يقوما.
(إلا أن يكون مهملاً في الخط) - فإن كان للموقوف عليه آخر ساكن، يلفظ به، ولم يثبت في الخط، لم يكن حال الوقف، كحال الدرج.
(فيحذف) - أي ذلك الساكن الذي أهمل خطا، كالتنوين رفعاً وجراً، نحو: قام زيد، ومررت بزيد.
(إلا تنوين مفتوح، غير مؤنث بالهاء، فيبدل ألفاً) - فتقول:
رأيت زيدا؛ ويدخل في كلامه المبني أيضاً، فتقول: ويها وإيها.
واحترز بمؤنث بالهاء، من نحو: قائمة، فتقف بالهاء، ولا تبدل من التنوين شيئاً؛ وعبر بالهاء نظراً إلى الوقف، وإخراجاً لما يكون بالتاء، كبنت وأخت، فتقول: رأيت بنتا، وأختا، بالإبدال؛ وكذا يبدل، على لغة من يقف على قائمة ونحوها بالتاء، فتقول: رأيت قائمتا.
(في لغة غير ربيعة) - وأما ربيعة، فلا يبدلون من التنوين في النصب ألفاً، بل يحذفونه، ويقفون بالسكون، كالمرفوع والمجرور؛ وهذه اللغة حكاها الأخفش، ولم يذكر كثيرون أصحابها؛ وقال الخضراوي: لم يذكر سيبويه هذا؛ وذكر الأخفش، أن من العرب من يقف بالسكون كالمرفوع، والجماعة يرون أن هذا مما جاء في الشعر، ولا يجوز في الكلام. انتهى. وحكاية الأخفش أنها لغة، ترد هذا العمل؛ ومما جاء من ذلك، قوله:
(83)
ألا حبذا غنم وحسن حديثها
…
لقد تركت قلبي بها هائماً دنف
والظاهر أن هذا غير لازم في لغة ربيعة، ففي أشعارهم، الوقف كثيراً جداً على المنصوب المنون بالألف، فكأن الذي اختصوا به، جواز الإبدال.
(ويحذف تنوين المضموم والمكسور، بلا بدل، في لغة غير الأزد) - فلا يبدلون من التنوين حرفاً، وأما الأزد فيبدلون منه حرفاً، يجانس الحركة في الرفع والجر، كما يفعل ذلك لزوماً، غير ربيعة، في النصب؛ فيقولون: جاء زيدو، ومررت بزيدي؛ ذكر ذلك أبو الخطاب، عن أزد السراة؛ وقال المازني: هي لغة قوم من اليمن، وليسوا فصحاء. والأزد أبو حي من اليمن، وهو بالسين أفصح؛ يقال: أزد شنوءة، وأزد عمان، وأزد السراة. قال:
(84)
وكنت كذي رجلين: رجل صحيحة
…
ورجل بها ريب من الحدثان
فأما التي صحت، فأزد شنوءة
…
وأما التي شلت، فأزد عمان
(وكالصحيح في ذلك، المقصور) - أي كالصحيح المنون، في حذف التنوين من المضموم والمكسور، وإبداله ألفاً من المفتوح
المقصور المنون، فإذا وقفت على فتى، من قولك: قام فتى، ورأيت فتى، ومررت بفتى، فالعرب مجمعون على الوقف بالألف؛ وقال سيبويه والجمهور: إن الألف في المضموم والمجرور، وهي لام الكلمة، عادت لما زال التنوين للوقف، وفي المفتوح، هي بدل من التنوين، فقاسوا المعتل على الصحيح.
(خلافاً للمازني، في إبدال الألف من تنوينه مطلقاً) - فالألف عنده بدل من التنوين، رفعاً وجراً ونصباً؛ واحتج بإجراء حالة الوقف، مجرى حالة الدرج، وبأن التنوين، في الأحوال الثلاثة، قبله فتحة، فأشبه التنوين في رأيت زيداً؛ قال: ولا يحمل على الصحيح، لأن الاختلاف في الصحيح، إنما كان للبيان، فلا يكون هنا؛ وإلى هذا كان يذهب الأخفش والفراء، وهو أحد قولي الفارسي، والآخر كالأول؛ ورد بإمالة الألف، رفعاً وجراً، في حالة الوقف؛ فلو كانت بدلاً من التنوين، لم يجز ذلك.
(ولأبي عمرو والكسائي، في عدم الإبدال مطلقاً) - فعندهما أن الألف لام الكلمة، رفعاً ونصباً وجراً، واستدل على ذلك، بإمالتها حالة النصب كالجر والرفع؛ وبالإمالة أخذ معظم أهل الأداء والمقرئين ممن أمال، فأمالوا في الوقف:"أو كانوا غزى"،
"واتخذوا من مقام إبراهيم مصلًّى"، و"قالوا سمعنا فتى"؛ ولما اختار الفارسي مذهب المازني، اعتذر عما رد به عليه من الإمالة، بأن الألف المبدلة من التنوين، لما عاقبت المنقلبة عن اللام، أجرى عليها ما كان يجري على المنقلبة؛ قال الخضراوي: وما رأيت هذا لأحد غيره، ولا دليل يشهد لصحته؛ والإمالة قاعدة صحت أصولها، وليس هذا منها. انتهى. وعزى هذا المذهب إلى الكوفيين، وهو أقوى الثلاثة؛ ونسبه بعضهم لسيبويه والخليل؛ والذي نسبه أكثر الناس لسيبويه ومعظم النحويين، هو الأول.
(وتبدل ألفاً نون إذن) - وهو قول الجمهور، وبالألف كتبت في المصحف؛ وقيل: يوقف عليها بالنون، لأنها حرف كإن وأن.
(وربما قلبت الألف الموقوف عليها ياء) - وهي لغة لفزارة وناس من قيس، وهي قليلة؛ يقولون: هذه عصى، ورأيت عصى، ومررت بعصى.
(أو واواً) - وهي لغة لبعض طيئ: يقولون: هذه أفعو، ورأيت أفعو، ومررت بأفعو.
(أو همزة) - وهي لغة لبعض طيئ أيضاً، يقولون: هذا فتأ، ورأيت فتأ، ومررت بفتأ؛ والذي يقلب همزة، هو ممن ليس من لغته التخفيف؛ والمقلوب في هذه اللغات في المنون، الألف الأصلية، أو ألف التنوين، على الخلاف السابق؛ وقد أبدل بعضهم من ألف التنوين همزة، فقال: رأيت زيدأ؛ قال سيبويه: وزعم الخليل، أن بعضهم يقول: رأيت رجلأ، فيهمز، لأنها ألف في آخر الاسم؛ قال سيبويه: وسمعناهم يقولون: هو يضربهأ بالهمز، فيهمزون كل ألف في الوقف.
(وربما وصلت بهاء السكت، ألفا هنا وألا) - فتقول: هناه وألاه؛ ولا اختصاص لهما بذلك، بل كل مبنى آخره ألف، يجوز فيه ذلك في الوقف، نحو: هذاه، ولاه، ويجب ذلك في المندوب، فتقول: وازيداه؛ ولا يجوز ترك الهاء. وخرج بالمبني، المعرب، فلا تقول في الوقف: هذه عصاه، ولا هذا موساه؛ وقد أبدلوا الألف في غير المتمكن هاء في الوقف شذوذاً، قال:
(85)
الله نجاك بكفَّى مسلمه
…
من بعد ما، وبعد ما، وبعد مه
(وقد تحذف ألف المقصور اضطراراً) - ولا خلاف في اختصاص ذلك بالضرورة؛ قال:
(86)
وقبيل من لكيز حاضر
…
رهط ابن مرجوم، ورهط ابن المعل
يريد المعلى.
(وألف ضمير الغائبة، منقولاً فتحه اختياراً) - روى عن بعض طيئ أنه قال: بالفضل ذو فضلكم الله به، وبالكرامة ذات أكرمكم الله به؛ يريد بها فحذف الألف، ونقل حركة الهاء إلى الباء. وقضية مجيء هذا في النثر، أن لا يمتنع أن يقال في منها وعنها: منه وعنه، وفي فيها: فيه، والوجه التوقف في هذا، حتى يسمع.
(والمنقوص غير المنصوب، إن كان منوناً، فاستصحاب حذف يائه أجود) - فتقول: هذا قاض، ومررت بقاض، فتقف بحذف الياء، استصحاباً لما كان في الوصل، والوقف عارض، فلا يعتد به، وإقرار الياء جيد، إلا أن الحذف أكثر؛ زعم أبو الخطاب ويونس، أن بعض من يوثق بعربيته، يثبت الياء، فيقول: قاضي وعمي؛ وجاء الوقف بالياء عن ابن كثير وورش، في أحرف من القرآن.
(إلا أن تحذف فاؤه أو عينه، فيتعين الإثبات) - فالأول نحو: يفي، مضارع وفى، مسمى به، فيصير بالعلمية كشج، فإذا وقفت عليه، رددت الياء المحذوفة في الوصل، لمعاقبها، وهو التنوين، وإنما رددتها، لئلا يبقى الإسم على أصل واحد، بلا معاقب؛ وخرج بلا معاقب، حالة الوصل.
والثاني كمر، اسم فاعل من أرى، أصله: مرئى، فجرى في لامه ما جرى في لام قاض ونحوه، وعينه هي الهمزة، مستمرة الحذف، فيبقى في الوقف على أصل واحد، بلا معاقب، فوجب رد الياء فيهما وقفاً، تفادياً من كثرة الإخلال.
(وإن لم يكن منوناً، فالإثبات أجود) - وهذا اللفظ يتناول أربع صور: الأولى: المنادى المبني، نحو: يا قاضي، نكرة
مقصودة، أو علماً؛ فيجوز الوقف عليه بياء وبدونها؛ والخليل يختار الإثبات، ويونس يختار الحذف، ورجح سيبويه قول يونس، ورجح غيره قول الخليل؛ ويجب إثبات الياء في يا يفي، ويا مُرِي ونحوهما لما سبق.
الثانية: المحلى بال، نحو: القاضي؛ فإن كان مرفوعاً أو مجروراً، ففيه لغتان: إقرار الياء، والحذف؛ قال سيبويه: والإثبات أقيس وأكثر؛ وقال في الحذف: إنه عربي كثير، ومنه:"الكبير المتعال"، و"يوم التناد"؛ وإن كان منصوباً نحو: رأيت القاضي، فالإثبات عند من يحرك الياء بالفتح؛ وأما من يسكنها من العرب، فينبغي أن يقف بالوجهين، ويقول: اليفي والمري، بالإثبات، قولاً واحداً.
الثالثة: ما سقط تنوينه لمنع الصرف؛ وهذا يوقف عليه بالإثبات، نحو: جواري.
الرابعة: ما حذف تنوينه للإضافة، نحو: قاضي مكة، وقاضي المدينة؛ فإذا وقفت على المضاف من هذين ونحوهما، جاء فيه الوجهان المذكوران في المنون؛ ولا يخفى بعد هذا، ما يرد على ما ذكره المصنف.
(إلا أن حكم ياء المتكلم الساكنة وصلاً، وحكم الواو والياء المتحركتين، حكم الصحيح) - هذا استثناء منقطع، من حيث اللفظ؛ ولما ذكر حكم ياء المنقوص، ولها سكون وحركة، أردف ذلك بالكلام في ياء المتكلم، ساكنة ومتحركة، واستطرد، فذكر الواو والياء، إتباعاً للشيء بما يشاكله؛ فإذا قلت: قام غلامي وزيد، فأسكنت الياء وصلاً، وقفت على غلامي بالسكون، كما يفعل في الحرف الصحيح، إذا كان ساكناً، فتبقى الياء على سكونها، كما تقول: كم وعن، بالسكون.
وفهم من كلامه، أن الياء المذكورة، إذا كانت متحركة، لا تجري مجرى الحرف الصحيح؛ والمعنى أنه لا يلزمها السكون، بل يجوز تسكينها، ويجوز أيضاً لحاق الهاء مع التحريك، فتقول في قام غلامي وزيد، إذا وقفت على غلامي: قام غلامي بالتسكين، وقام غلامَيْه.
وفهم أيضاً أن المحذوفة لا تكون كالصحيح، وهو كذلك، بل تبقى محذوفة، ويسكن للوقف ما قبلها؛ فإذا وقفت على يا قوم، من: يا قوم اذهبوا، وقفت بسكون الميم.
وإذا كانت الواو والياء متحركتين، وقفت بحذف الحركة، نحو: لن يغزو، ولن يرمي؛ وسيأتي ما يفعل في الوقف على ما آخره حرف صحيح.
(ولا حذف في نحو: يقضي وافعلي ويدعو وافعلوا) - فيوقف في هذه ونحوها على الياء والواو، ويثبتان كالوصل.
(غالباً) - استظهر به على حذفهما في الوقف، على قلة، ويوقف حينئذ على ما قبلهما، قالوا: ما أدر، ولا أدر، ووقفوا على الراء، كالصحيح الذي ليس محذوفاً منه؛ وذلك لكثرة الاستعمال؛ ويحتاج الحذف في نحو: افعلي ويدعو وافعلوا، إلى سماع.
(إلا في قافية أو فاصلة) - فالحذف فيهما غالب، فالقافية كقول زهير:
(87)
وأراك تفري ما خلقت، وبعض القوم يخلق، ثم لا يفر
والفاصلة: "والليل إذا يسر"، "ذلك ما كنا نبغ"، فإذا وقفت على ما حذف في قافية أو فاصلة، فحكم ما قبل المحذوف، في الوقف عليه، حكم الصحيح. وقد حذف بعض القراء في غير الفواصل والقوافي، نحو:"الداع إذا دعان"، اتباعاً لخط المصحف؛ ومذهب سيبويه، أن الحذف في غير ما ذكر، لا يجوز إلا في الشعر؛ وأجاز الفراء حذف الياء، من الاسم والفعل، لدلالة الكسرة؛ والذي صح سماعاً قول سيبويه.
(فصل): (إذا كان الموقوف عليه متحركاً، غير هاء تأنيث، سكِّن) - فخرج بمتحرك، الساكن، وقد سبق حكمه؛ وبغير هاء، الهاء المذكورة، وسيأتي حكمها؛ وإنما قال: هاء، ليخرج بنتاً وأختاً، لأن التاء فيهما للإلحاق، فهي كالتي من نفس الكلمة، كعفريت، فإذا وقفت على زيد، من جاء زيد، أو مررت بزيد، قلت: زيد، بالتسكين، وكذا بنت وأخت، تقف عليهما بسكون التاء.
(وهو الأصل) - أي التسكين، هو الأصل في الوقف؛ وذلك لأن الوقف موضع استراحة، وأخف الأحوال السكون.
(أو ريمت حركته) - والروم إخفاء الصوت بالحركة، قاله المصنف؛ وقريب منه قول غيره: تضعيف الصوت بالحركة، فتكون حال الحرف متوسطة بين الحركة والسكون؛ ويدرك الروم الأعمى والبصير، وعلامته في الكتابة خط بين يدي الحرف، وصورته هكذا "-" ولم يكن فوق الحرف، لئلا يلتبس بالفتحة.
(مطلقاً) - فيكون في الحركات كلها، ويحتاج في المفتوح والمنصوب، إلى زيادة، لخفة الفتحة، وتناول اللسان لها بسرعة؛ ولذا منعه القراء في الفتحة؛ وأما النحويون، فجمهورهم على جوازه فيها، وقال أبو الحسن بن الباذش: زعم أبو حاتم أن الروم لا يكون في المنصوب لخفته، والناس على خلافه.
والمقصود بالروم، الدلالة على حركة الحرف في الوصل؛ ولا فرق بين المنصوب وغيره؛ ومن يقف على المنصوب المنون، من العرب، دون تعويض، يقف عليه بالإسكان والروم.
(أو أشير إليها، دون صوت، إن كانت ضمة؛ وهو الإشمام) - ولا يدركه الأعمى، لأنه ليس للسمع فيه حظ، وإنما
يعرفه بالتعليم، فيقال: أن تضم شفتيك إذا وقفت؛ وذكر النحويون أن الإشمام مختص بالضمة، إعراباً كانت أو بناءً؛ قالوا: ولا يكون في الفتحة والكسرة، لأن الإشمام فيهما، لا آلة له، وما روى عن بعض القراء، من الإشارة إلى حركة الجر، وتسميته إشماماً، محمول على الروم، فهو الذي يستقيم، ألا أنه حصل تجوّز في الإطلاق؛ وعلامة الإشمام في الخط، نقطة بين يدي الحرف، ولم تكن فوقه، لئلا يلتبس بالسكون.
(أو ضُعِّفَ الحرف) - فيجاء بحرف ساكن، من جنس الحرف الأخير، فيجتمع ساكنان، فيحرك الثاني، ويدغم فيه الأول؛ وعلامة التضعيف في الخط "شين" فوق الحرف، وهذه صورتها "شـ".
(إن لم يكن همزة) - نحو: "نبإ"، فلا يوقف على هذا ونحوه بالتضعيف، لأن العرب تنكبت إدغام الهمزة في الهمزة، إلا إذا كانت عينا نحو: سَأَّل.
(ولا حرف لين) - نحو: سرو ويفي، فلا يوقف على هذين ونحوهما بالتضعيف.
(ولا تالي ساكن) - نحو: عمرو وبكر ويوم وبين: ؛ فتقول: قام الرجل، ومررت بالرجل، ورأيت الرجل، ولا يفعل ذلك بالمنصوب المنون؛ وإذا وقفت بالتضعيف سكّنت؛ وسمع إلحاق هاء السكت مع التضعيف، قال بعضهم: أعطني أبيضه، أي أعطني أبيض؛ ولم يؤثر عن أحد من القراء الوقف بالتضعيف، إلا ما روي عن عاصم، أنه وقف على "مستطر" في سورة القمر، بتشديد الراء؛ وأما الروم والإشمام، فمرويان عنهم كالإسكان.
(أو نقلت الحركة إلى الساكن قبله) - فتقول في الوقف: هذا عمرو، ومررت ببكر، بنقل الضمة إلى الميم، والكسرة إلى الكاف، وتقول في ضرَبَهُ: ضرَبُهْ، بنقل ضمة الهاء إلى الباء، وكذا منه وعنه، وهو مطرد؛ ومنه:
(88)
فمن كان ناسينا، وطول بلائنا
…
فليس بنا سينا على حالة بكر
وقول زياد الأعجم:
(90)
عجبت والدهر كثير عجبه
…
من عنزي سبني لم أضربه
وكون هذه الحركة حركة الموقوف عليه، نقلت كما ذكر المصنف، هو قول جماعة من النحويين، ولعلهم الأكثرون، ومنهم المبرد والسيرافي؛ وقال الفارسي مرة: هذه الحركة، لالتقاء الساكنين، ومرة قال: ليس بتحريك لالتقاء الساكنين محضاً، لأنه يدل على الحركة المحذوفة من الثاني؛ والأقرب أنهما قول واحد. وخرج بقوله: الساكن، المتحرك، نحو: الرجل، فلا تنقل إليه، وسيأتي ذكر لغة فيه؛ ولم يؤثر عن أحد أنه قرأ بالوقف بالنقل، إلا ما روي عن أبي عمرو، أنه قرأ:"وتواصوا بالصبر" بكسر الباء، وقرئ شاذاً:"والعصر، إن الإنسان" بكسر الصاد؛ قال أبو علي: يمكن كون ذلك عند انقطاع النفس، وكونه من إجراء الوصل مجرى الوقف.
(مالم يتعذر تحريكه) - نحو: دار؛ ولو كان قال: إلى الساكن الصحيح، لكان أولى، فإن غير الساكن لا ينقل إليه، كان
حرف مد ولين، كالألف، والواو والياء، المتحرك ما قبلهما بما يجانسهما؛ أو حرف لين، كالياء والواو، المفتوح ما قبلهما، نحو: عون وبين، وذلك لاستثقال الحركة، على حرف العلة أو تعذرها.
(أو يوجب عدم النظير) - فلا يجوز النقل إذا أدى إلى عدم النظير، في باب ذلك اللفظ؛ فلو قلت: انتفعت بالبسر، لم تقف بالنقل، لأنه يؤدي إلى وزن فعل، وهو مفقود في الأسماء؛ وإذا امتنع هذا، امتنع بالأولى أن تقول: هذا بشر، لأن فعلا مفقود في الكلام؛ ويوقف على ما امتنع النقل فيه لعدم النظير، من هذين ونحوهما، بتحريك الساكن بحركة الحرف الذي قبله في صورة عدم النظير، يفعل بها ذلك، في بقية الأحوال؛ فيقال: انتفعت بالبسر، ورأيت البسر، وهذا البسر، وهذا العدل، وكذا الباقي.
ويجوز أن يتناول قوله ما ذكر في شرط النقل، من أنه لا يكون الساكن مضعفاً، نحو: العد، وذلك لأن النقل يؤدي إلى الفك، وهو كالمفقود في بابه؛ وكذا ما ذكر، من أنه يشترط كون المنقول منه صحيحاً، فلا يقال في جاء الغَزْو: الغَزُو، لأنه يؤدي إلى كون الاسم المعرب، آخره واو قبلها ضمة، وهو مرفوض، إلا في الأسماء الستة، رفعاً، وأما الجر، فيؤدي النقل فيه إلى قلب الواو ياء، لأجل
الكسرة، فتقول في: بالغزو: بالغزي؛ وهذا لا يدخل فيما ذكر؛ فالوجه أن يزاد هذا الشرط.
(أو تكن الحركة فتحة، فلا تنقل إلا من همزة) - فلا يقال: سمعت العلم بالنقل، بل يتبع الثاني الأول، فتقول: العلم، كما سبق في بشر؛ وعلل عدم النقل في الفتحة، بأن المنصوب المنون، يبدل من تنوينه ألف، وفتح ما قبل الألف لازم، فلا نقل؛ وما فيه ال، في حكم المنون، لأن ال بدل من التنوين، فكأنه موجود، فلا نقل؛ قال الخضراوي: فما لا يدخله التنوين، لعدم الصمرف، لا مانع فيه من النقل في النصب، لارتفاع هذه العلة؛ فإن كان المفتوح همزة، جاز نقل الفتحة إلى الساكن قبلها في الوقف، فتقول: رأيت الردأ، والبطأ والخبأ.
(خلافاً للكوفيين) - في إجازتهم نقل الفتحة إلى الساكن قبلها وقفاً، وإن لم يكن المفتوح همزة، فيقولون: رأيت البكر؛ نقله ثعلب عن الفراء والكسائي، ونقل أيضاً عن الأخفش والجرمي؛ ولم يؤثر في القراءة النقل بالوقف، إلا ما روي عن الكسائي، أنه كان يقول: الوقف على قوله تعالى: "فلا تك في مرية منه" بالتخفيف وجزم النون كالوصل، قال: ويجوز: منه، برفع النون في الوقف، وكذا عنه، برفع النون في الوقف.
(وعدم النظير في النقل منها مغتفر) - فتقول: مررت بالبطيء، فتنقل من الهمزة إلى الساكن قبلها، وإن أدى إلى فعل؛ وكذا تقول: هذا الردؤ، بالنقل، وإن أدى إلى فِعُلْ؛ وإنما يغتفر ذلك في المهموز، لأن المصير إليه أخف من الهمزة الساكن ما قبلها.
(إلا عند بعض تميم) - فلا يغتفرون عدم النظير مع الهمزة، ويجعلون المهموز كغيره.
(فيفرون منه) - أي من النقل من الهمزة.
(إلى تحريك الساكن بحركة الفاء إتباعاً) - فيقولون: هذا بالرِّدِئْ، ورأيت الرِّدِئْ، ومررت بالرِّدِئْ؛ وهذا البطؤ، والخبأ، وكذا النصب والجر فيهما؛ وإنما أتبعوا، استثقالاً للجمع بين ساكنين، أحدهما همزة.
(وإذا نقلت حركة الهمزة، حذفها الحجازيون، واقفين على حامل حركتها) - فيقولون: هذا الخب، ورأيت الخب، ومررت بالخب؛ وهذا البط، ورأيت البط، ومررت بالبط؛ وهذا الرد، ورأيت الرد، ومررت بالرد؛ ونظير حذف الهمزة هنا، وإلقاء حركتها على ما قبلها، قولهم في أرؤس: أرس.
(كما يوقف عليه مستبداًّ به) - فيعطي الحرف السابق على الهمزة، عند هذا العمل في الوقف، ما يكون له لو كان آخر الكلمة ووقف عليه، من السكون والروم والإشمام، حيث يكون، والتضعيف.
(وأثبتها غيرهم ساكنة) - فيقفون بعد النقل، على الهمزة ساكنة، نحو: هذا البطؤ، ورأيت البطأ، ومررت بالبطئ؛ وكذا الردء والخبء.
(أو مبدلة بمجانس حركة ما قبلها، ناقلاً أو متبعاً) - فتقول في النقل: هذا الخبو، ورأيت الخبا، ومررت بالخبي؛ وهذا البطو، ورأيت البطا، ومررت بالبطي؛ وهذا الردو، ورأيت الردا، ومررت بالردي؛ وفي الإتباع: هذا الخبا، ورأيت الخبا، ومررت بالخبا؛ وهذا البطو، ورأيت البطو، ومررت بالبطو؛ وهذا الردي، ورأيت الردي، ومررت بالردي.
(وربما أبدلت بمجانس حركتها، بعد سكون باق) - فتكون واواً في الرفع، وياءً في الخفض، نحو: هذا البطو، ومررت بالبطي؛ وهذا الردو، ومررت بالردي؛ وهذا الخبو، ومررت بالخبي؛ وتكون في النصب ألفاً، فيلزم لأجلها، تحريك الساكن بالفتح، فتقول: رأيت الردا، والبطا، والخبا.
(أو حركة غير منقولة) - فيقولون: هذا الكلو، ورأيت الكلا، ومررت بالكَلَيْ.
(ولا يبدلها الحجازيون، بعد حركة، إلا بمجانسها) - وذلك لأنها تسكن للوقف، والهمزة ساكنة عندهم، نقلت إلى حركة ما قبلها، نحو: راس وبير وبوس، فيقولون: هذا الكلا، واقرا، وهذه الأكمو، ويوضو واهنى.
(والوقف بالنقل إلى المتحرك لغة) - وفي نسخة الرقي، ونسخة عليها خطه:
(لغة لخمية) - ولذلك نسبها إلى لخم، في الكافية الشافية وشرحها، واستشهد بقوله:
(89)
م من يأتمر للحزم فيما قصده
…
تحمد مساعيه، ويحمد رشده
والأصل: قصده، بفتح الدال، فنقل حركة الهاء إلى الدال، فضمها.
(فصل): (إبدال الهاء، من تاء التأنيث، المتحرك ما قبلها، لفظاً أو تقديراً، في آخر الاسم، أعرف من سلامتها) - فخرج بالتأنيث، التاء لغير التأنيث، نحو تاء التابوت، فلا تبدل في الوقف هاء؛ ومن قال: التابوه بالهاء، فعل ذلك في الوصل والوقف، لا في الوقف خاصة؛ لكن شذ قولهم: قعدنا على الفراه، يريد الفرات.
وفي نسخة: (تاء التأنيث الاسمية) - واحترز من التي في الفعل، نحو: قامت، فلا تبدل هاء؛ والمتحرك لفظاً، نحو: قائمة وفاطمة وطلحة؛ وتقديراً نحو: الحياة والفتاة؛ واحترز من بنت وأخت، فلا يوقف عليهما إلا بالتاء؛ وخرج بآخر الاسم نحو: فاطمتين وطلحتين؛ كأنه اكتفى في أكثر النسخ بذكر الاسم هنا، عن ذكره أولاً، خلاف النسخة التي ذكرت؛ واستظهر بقوله: أعرف، على إقرارها ساكنة بلفظها، كقوله:
(85)
مكرر الله أنجاك بكفَّى مسلمت
…
من بعدما، وبعدما، وبعدِمَتْ
صارت نفوس القوم عند الغلصمت
…
وكادت الحرة أن تدعى أمت
وقال بعض العرب: يا أهل سورة البقرت؛ وعلى هذه اللغة
كتبت في المصحف: "إن شجرت الزقوم"، "أهم يقسمون رحمت ربك"؛ قال الخضراوي: وعلى هذه اللغة، تجري عند بعضهم مجرى سائر الحروف، فيجوز فيها الإشمام والروم والتضعيف وإبدال التنوين من المنصوب ألفاً، ولا يكون فيها النقل، قال: وأكثرهم يسكنها لا غير.
(وتاء جمع السلامة) - كهندات.
(والمحمول عليه) - كألات وذوات.
(بالعكس) - فالأعرف الوقف بالسلامة، نحو: قام الهندات وألات وذوات، ووقف أيضاً عليها بالهاء، قال بعضهم: دفن البناه، من المكرماه؛ ومن كلامهم: كيف الإخوة والأخواه؟ وذكر بعضهم أن الوقف عليها بالهاء لغة طيئ؛ وقال الخضراوي: إنه شاذ، لا يقاس عليه.
(وفي "هيهات" وجهان) - إقرار التاء، وإبدالها ها وقد قرئ بالوجهين في السبعة؛ ويجوز في ربَّت وثمت ولعلت، القياس على ألات، فيوقف بالوجهين.
(وإن سمي بها) - أي بهيهات.
(فهي كطلحة على لغة من أبدل) - فتمنع الصرف،
للعلمية والتأنيث؛ ويدل على أن التاء فيها للتأنيث فقط، إبدالها في الوقف هاء.
(وكعرفات، في لغة من لا يبدل) - فيجري فيها حينئذ ما سبق في عرفات، من الأوجه السابقة، في باب باب إعراب الصحيح الآخر.
(فصل): (يوقف بهاء السكت، على الفعل المعتل الآخر، جزماً) - نحو: لا تغزه.
(أو وقفاً) - نحو: أغزه؛ والأكثر في هذا وذاك ونحوهما، مما آخره مضموم، لحاق الهاء، من غير تغيير للضمة؛ وحكى أبو الخطاب، أن بعض العرب يكسر المضموم، فيقول: لم يغزه، واغزه؛ قال سيبويه: وهي لغة رديئة، وكأن أهلها توهموا الجزم أو الوقف في الآخر، فكسروا للساكنين، ولذلك شبهها سيبويه، بقول زهير:
(91)
بدا لي أني لست مدرك ما مضى
…
ولا سابق شيئاً إذا كان جائيا
حيث عطف على توهم دخول الباء.
(وعلى ما الاستفهامية المجرورة) - نحو: لمه؟ وعمَّهْ؟ .
(وجوباً فيهما) - أي في الفعل المذكور، وما المذكورة.
(محذوف الفاء أو العين) - هو حال من الفعل، فإما من الظاهر، وإما من المضمر، في قوله: فيهما؛ والمعنى أنه يجب لحاق هاء السكت في الفعل المذكور، في الوقف، إذا كان محذوف الفاء نحو: لا تق زيداً، وق عمراً، فتقول في الوقف: لا تقه، وقه، بإلحاق هاء السكت وجوباً؛ وكذا المحذوف العين نحو: لا تر زيداً، ور عمراً، فتقول: لا تره، وره، وجوباً؛ ولو قال:(أو العين) كان أحسن، فإن الواو توهم اشتراط الجمع.
(ومجرورة باسم) - هو حال من ما الاستفهامية، على الوجهين السابقين؛ فإذا وقفت على ما الاستفهامية، مجرورة باسم، وجب إلحاق هاء السكت، فتقول في: مجيء م جئت؟ : مجيء مه؟
(وإلا فاختياراً) - أي وإلا يكن الفعل وما المذكورين، كذلك، نحو: لا تغز، واغز، ولم، وعم، لم تدخل هاء السكت وجوباً، بل اختياراً؛ ويجوز الوقف بالتسكين، بدون هاء السكت؛ والفرق في الفعل، أن ما بقي منه على حرف واحد، لم يتقدمه شيء يستحيل تسكينه، إذ لا يبتدأ إلا بمتحرك، وما تقدمه شيء، نحو:
لا تر، هو في الحقيقة على حرف واحد، فألحق بالأول؛ والفرق فيهما، هو أن المجرورة بالاسم، كالمنفصلة عن جارها، لاستثقال الاسم، فأشبهت قه ونحوه؛ والمجرورة بالحرف، متصلة بجارها، فأشبهت ارمه؛ وما ذكره من الاختيار، هو قول النحويين، فقالوا: هو الأكثر والأفصح في اللغة؛ وأكثر وقف القراء على ما الاستفهامية المجرورة بالحرف، بغير الهاء، وذلك لاتباع رسم المصحف.
(ويجوز اتصالها بكل متحرك حركة غير إعرابية) - نحو: هو وثم والزيدان والزيدون، فتقول: هوه وثمه والزيدانه والزيدونه؛ وعبارته في غير هذا الكتاب، كعبارة غيره من النحويين: بكل متحرك حركة بناء لازم؛ واعترض على عبارة الكتاب، بتناولها ما لا تدخله هذه الهاء، وهو حركة الإتباع، نحو: الحمد لله، بكسر الدال، فلا تقول: الحمده، وكذا حركة الحكاية، وحركة التقاء الساكنين العارضة، وحركة النقل، لا تدخل الهاء في شيء من المتحرك بشيء من هذه الحركات.
(ولا شبيهة بها) - أي بالحركة الإعرابية، وقد بينها بما ذكره بعد.
(فلا تتصل باسم لا) - نحو: لا رجل.
(ولا بمنادى مضموم) - نحو: يا زيد، ويا رجل.
(ولا بمبني، لقطعه عن الإضافة) - نحو: "من قبل ومن بعد".
(ولا بفعل ماض) - نحو: ضرب.
وزاد في موضع آخر: العدد المركب، نحو: ثلاثة عشر؛ وإنما لم تلحق الهاء في هذه، لأن ما عدا الماضي، بناؤه عارض، فأشبهت حركاتها حركات الإعراب، والماضي شبيه بالمضارع، على أن في لحاق هاء السكت له، ثلاثة مذاهب:
أحدها: لا تلحقه، وهو قول سيبويه والجمهور، واختاره المصنف.
والثاني: الجواز مطلقاً.
والثالث: إن ألبس، لم يجز، نحو: ضربه، وإلا، جاز، نحو: قعده.
(وشذ اتصالها بعل) - قال:
(92)
يا رُبَّ يوم لي لا أظلله
…
أرمض من تحت، وأضحى من عله
ووجه شذوذه، أن حركته عرضت، لقطع عل عن الإضافة، فحركته كحركة قبل وبعد.
(وقد يوقف على حرف واحد، كحرف المضارعة، فيوصل بهمزة تليها ألف) - كقوله:
(93)
إن شئت أسرفنا كلانا، فدعا
…
الله خيراً، ربه، فأسمعا
بالخير خيرات، وإن شرًّا فآ
…
ولا أريد الشر إلا أن تآ
أي وإن شرا فشر؛ فوقف على فاء الجواب، ملحقة بهمزة، بعدها ألف؛ وفي قوله: إلا أن تآ، وقف كذلك، على حرف المضارعة، ويريد: إلا أن تشاء.
(وربما اقتصر على الألف) - أنشد قطرب:
(94 م) جارية قد وعدتني أن تآ
قال: يريد أن تأتي.
(ويجري الوصلُ مجرى الوقف، اضطراراً) - كقوله:
(95)
في عامنا ذا، بعدما أخصبا
ومنه أيضاً:
(96)
أتوا ناري، فقلت: منون أنتم؟
وإنما تثبت هذه الزيادة في من في الوقف.
(وربما أجرى مجراه اختياراً) - كقراءة من قرأ: "فبهداهم اقتده"، و"اقرءوا كتابيه"، وأصل الهاء أن تلحق في الوقف.
(ومنه إبدال بعض الطائيين، في الوصل، ألف المقصور واواً) - فقالوا: هذه حبلو، يا هذا؛ وكذلك قالوه بالياء أيضاً نحو: حبلى، يا هذا؛ وأصل إبدال هذه الألف واواً أو ياء، إنما هو في الوقف، لكن أجرى هؤلاء الوصل مجرى الوقف اختياراً.
(فصل): (وقف قوم بتسكين الروي الموصول بمدة) - وهم ناس من بني تميم وغيرهم، يقولون:
(97)
أقلي اللوم، عاذل، والعتاب
بسكون الباء، فيقفون كما يقفون في الكلام، كأنها ليست قوافي شعر؛ ومعنى قوله: الموصول بمدة، أثبتها غيرهم في الوقف؛ إلا أن هذا الكلام ليس على ظاهره، فلا تحذف ألف يخشى ونحوه؛ قال سيبويه: ألحقت بألف التنوين في النصب، لأنها تثبت في الكلام، كما تثبت ألف التنوين، وكذلك ألف المقصور، لا تحذف، لشبهها بألف التنوين.
(وأثبتها الحجازيون مطلقاً) - فيثبتون المدة، ترنموا، أو لم يترنموا، نحو:
(97)
م أقلي اللوم، عاذل، والعتابا
…
وقولي إن أصبت: لقد أصابا
(وإن ترنم التميميون، فكذلك) - أي يثبتون المدة، كلغة الحجازيين.
(وإلا، عوضوا منها التنوين مطلقاً) - أي وإن لا يترنموا؛ وليس هذا لغة تميم كلهم، بل هو لغة ناس كثير منهم، وناس منهم يسكنون، كما سبق أول الفصل، فيحذفون المدة، على حسب ما تقدم، ويقفون على ما قبلها بالسكون؛ ولكن كثير منهم، على ما ذكر المصنف، من جعل التنوين عوض المدة؛ وسواء عندهم الاسم وغيره، قال:
(98)
من طلل كالأتحمي أنهجن
وقال:
(99)
أفد الرحُّلُ، غير أن ركابنا
…
لما تزل برحالنا، وكأن قدن
وقال:
(100)
يا صاح ما هاج الدموع الذرفن؟