المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌زعموا أنها خالفت أمر الله في قوله تعالى: {وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى} - أمنا عائشة

[شحاتة صقر]

فهرس الكتاب

- ‌مَن هيأمُّنا عائشة رضي الله عنها

- ‌فضائل عائشة رضي الله عنها

- ‌أشعارفي الدفاععن أمنا عائشة رضي الله عنها

- ‌قال القحطاني رحمه الله في نونيته:

- ‌أُمّاهُ عُذْرًاقصيدة في الدفاععن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها

- ‌كشفافتراءات الشيعةحول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها

- ‌افتراؤهم أن أم المؤمنين سَقَت النبي صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌زعموا أن خروجها على علي رضي الله عنه تسبب في قتل ثلاثين ألفًا من المسلمين:

- ‌زعموا أنها خالفت أمر الله في قوله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى}

- ‌افتراؤهم أنها وضعت حديثًا فيه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سَحَره لبيد بن الأعصم اليهودي:

- ‌زعمهم أن عائشة اتهمت مارية القبطية رضي الله عنهما بالزنا:

- ‌أذاعت سرّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌روايتها حديث إرضاع الكبير:

- ‌أَلَسْتَ تَزْعُمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ:

- ‌هل توضأت عائشة رضي الله عنها أمام سَالِمٌ سَبَلَانُ

- ‌أَشَارَ صلى الله عليه وآله وسلم نَحْوَ مَسْكَنِ عَائِشَةَ فَقَالَ: «هُنَا الْفِتْنَةُ ــ ثَلَاثًا ــ مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ»:

- ‌قائمة المراجع

الفصل: ‌زعموا أنها خالفت أمر الله في قوله تعالى: {وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى}

اختيارهم، فإنه لما تراسل عليّ وطلحة والزبير، وقصدوا الاتفاق على المصلحة، وأنهم إذا تمكنوا طلبوا قتلة عثمان أهل الفتنة، فخشي القَتَلة، فحملوا على عسكر طلحة والزبير، فظن طلحة والزبير أن عليًّا حمل عليهم، فحملوا دفعًا عن أنفسهم، فظن عليّ أنهم حملوا عليه، فحمل دفعًا عن نفسه، فوقعت الفتنة بغير اختيارهم.

وعائشة رضي الله عنها راكبة: لا قاتلت، ولا أمرت بالقتال

‌زعموا أنها خالفت أمر الله في قوله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى}

(الأحزاب: 33): الجواب:

عائشة رضي الله عنها لم تتبرج تبرج الجاهلية الأولى.

والأمر بالاستقرار في البيوت لا ينافي الخروج لمصلحة مأمور بها، كما لو خرجت للحج والعمرة، أو خرجت مع زوجها في سفرة، فإن هذه الآية قد نزلت في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقد سافر بهن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد ذلك، كما سافر في

ص: 56

حجة الوداع بعائشة رضي الله عنها وغيرها، وأرسلها مع عبد الرحمن أخيها فأردفها خلفه، وأعمرها من التنعيم.

وحجة الوداع كانت قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بأقل من ثلاثة أشهر بعد نزول هذه الآية، ولهذا كان أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم يحججن كما كُنَّ يحججن معه في خلافة عمر رضي الله عنه وغيره.

وإذا كان سفرهن لمصلحة جائزًا فعائشة اعتقدت أن ذلك السفر مصلحة للمسلمين فتأولت في ذلك.

أما زعمهم أنها خرجت في ملأٍ من الناس تقاتل عليًا على غير ذنب فهذا كذب عليها. فإنها لم تخرج لقصد القتال، ولا كان أيضًا طلحة والزبير قصدهما قتال عليّ.

فخروج عائشة يوم الجمل كان بقصد الإصلاح بين المسلمين وليس القتال فعَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: «لَمَّا أَقْبَلَتْ عَائِشَةُ بَلَغَتْ مِيَاهَ بَنِي عَامِرٍ لَيْلًا نَبَحَتِ الْكِلَابُ، قَالَتْ: «أَيُّ مَاءٍ هَذَا؟» ، قَالُوا:«مَاءُ الْحَوْأَبِ» ، قَالَتْ:«مَا أَظُنُّنِي إِلَّا أَنِّي رَاجِعَةٌ» ، فَقَالَ بَعْضُ مَنْ كَانَ مَعَهَا: «بَلْ

ص: 57

تَقْدَمِينَ فَيَرَاكِ الْمُسْلِمُونَ، فَيُصْلِحُ اللهُ عز وجل ذَاتَ بَيْنِهِمْ»، قَالَتْ:«إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ لَنَا ذَاتَ يَوْمٍ: «كَيْفَ بِإِحْدَاكُنَّ تَنْبَحُ عَلَيْهَا كِلَابُ الْحَوْأَبِ؟» .

وفي رواية: عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها لَمَّا أَتَتْ عَلَى الْحَوْأَبِ سَمِعَتْ نُبَاحَ الْكِلَابِ، فَقَالَتْ: مَا أَظُنُّنِي إِلَّا رَاجِعَةٌ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ لَنَا:«أَيَّتُكُنَّ تَنْبَحُ عَلَيْهَا كِلَابُ الْحَوْأَبِ؟» ، فَقَالَ لَهَا الزُّبَيْرُ:«تَرْجِعِينَ؟ عَسَى الله عز وجل أَنْ يُصْلِحَ بِكِ بَيْنَ النَّاسِ» (1).

فعائشة رضي الله عنها لما تذكرت هذا الحديث وهمت بالرجوع، أشار عليها الزبير بالمضي في مسيرها، للإصلاح بين الناس، فترجحت لديها هذه المصلحة اجتهادًا منها، وهي غير معصومة من الخطأ في الاجتهاد (2).

(1) رواه الإمام أحمد، وصححه الألباني والأرنؤوط، والحوأب: ماء قريب من البصرة على طريق مكة.

(2)

باختصار من (الاختلاط بين الرجال والنساء، أحكام وفتاوى، ثمار مرة وقصص مخزية، كشف 136 شبهة لدعاة الاختلاط) للمؤلف، تحت الطبع.

ص: 58

وعائشة رضي الله عنها لم يكن طلحة والزبير ولا غيرهما من الأجانب يحملونها، بل كان في العسكر من محارمها، مثل عبد الله بن الزبير ابن أختها، وخلوة ابن الزبير بها ومسُّه لها جائز بالكتاب والسُّنّة والإجماع ـ وكذلك سفر المرأة مع ذي محرمها جائز بالكتاب والسنة والإجماع.

وهي لم تسافر إلا مع ذي محرم منها.

تنبيه:

نبه الشيخ الألباني على كذب رواية «فشهد طلحة والزبير أنه ليس هذا ماء الحوأب .. فكانت أول شهادة زور في الإسلام» (1).

تنبيه:

وأيضًا لم يصح ما رواه الحاكم في (المستدرك) عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: ذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم خروج بعض أمهات المؤمنين فضحكت عائشة فقال: «انظري يا حميراء أن لا

(1) سلسلة الأحاديث الصحيحة (1/ 227)، عند حديث رقم475).

ص: 59

تكوني أنت»، ثم التفت إلى علي فقال:«إن وليت من أمرها شيئًا فارفق بها» .

فالحديث ضعيف كما أشار إليه محقق المستدرك الشيخ سعد الحميد (3/ 1345).

زعمهم أنها كانت تأمر بقتل عثمان، وتقول:«اقتلوا نعثلًا (1)، قتل الله نعثلًا» ، ولما بلغها قتله فرحت بذلك:

الجواب:

أولًا: أين النقل الثابت عن عائشة بذلك؟

ثانيًا: المنقول الثابت عنها يُكذِّب ذلك، ويُبيّن أنها أنكرت قتله، وذمَّت من قتله.

ثالثًا: هَبْ أن أحدًا من الصحابة ـ عائشة أو غيرها ـ قال ذلك على وجه الغضب، لإنكاره بعض ما يُنكر، فليس قوله حجة، ولا يقدح ذلك في إيمان القائل ولا المقول له،

(1) النَّعْثَل: الشيخ الأحْمَقُ، وقيل: كان أعداءُ عثمانَ رضي الله عنه يقولون له نَعْثَل شَبَّهُوه بِرَجُلٍ من مصرَ طويلُ اللحيةِ.

ص: 60

بل قد يكون كلاهما وليًا لله تعالى من أهل الجنة، ويظن أحدهما جواز قتل الآخر، بل يظن كفره، وهو مخطئ في هذا الظن.

رابعًا: إن هذا المنقول عن عائشة من القدح في عثمان: إن كان صحيحًا فإما أن يكون صوابًا أو خطأ، فإن كان صوابًا لم يذكر في مساوئ عائشة، وإن كان خطأ لم يُذكر في مساوئ عثمان، والجمع بين نقص عائشة وعثمان باطل قطعًا.

وأيضًا فعائشة ظهر منها من التألم لقتل عثمان، والذم لقتلته، وطلب الانتقام منهم ما يقتضي الندم على ما ينافي ذلك، كما ظهر منها الندم على مسيرها إلى الجمل، فإن كان ندمها على ذلك يدل على فضيلة عليّ واعترافها له بالحق، فكذلك هذا يدل على فضيلة عثمان واعترافها له بالحق، وإلا فلا.

ص: 61

زعمهم أنها سألت: من تولى الخلافة؟ فقالوا: عليّ. فخرجت لقتاله على دم عثمان:

الجواب:

أولًا: قول القائل: إن عائشة وطلحة والزبير اتهموا عليًّا بأنه قتل عثمان وقاتَلوه على ذلك ـ كذب بيِّن، بل إنما طلبوا القَتَلة الذين كانوا تحيّزوا إلى عليّ، وهم يعلمون أن براءة عليّ من دم عثمان كبراءتهم وأعظم، لكن القَتَلة كانوا قد أووا إليه، فطلبوا قتل القتلة، ولكن كانوا عاجزين عن ذلك هم وعليّ، لأن القوم كانت لهم قبائل يذبُّون عنهم.

والفتنة إذا وقعت عجز العقلاء فيها عن دفع السفهاء، فصار الأكابر رضي الله عنها عاجزين عن إطفاء الفتنة وكف أهلها. وهذا شأن الفتن كما قال تعالى:{وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} (الأنفال: 25) وإذا وقعت الفتنة لم يسلم من التلوث بها إلا من عصمه الله.

ص: 62