الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجزء الأول
مقدمة
…
المقتنى في سرد الكنى
للحافظ شمس الدين محمد بن أحمد الذهبي المتوفى سنة748هـ
المقدمة
وتشمل على:
- تمهيد.
- كلمة موجزة عن الإمام أبي أحمد الحاكم.
- كلمة موجزة عن الإمام الذهبي.
بسم الله الرحمن الرحيم
تمهيد
الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى آله وأصحابه أجمعين
…
أما بعد:
فإنه من فضل الله وكرمه أن منّ علَيّ بمتابعة الدراسات العليا، فبعد أن حصلت على شهادة الليسانس من كلية أصول الدين بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، تقدمت إلى جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض والتحقت بالدراسات العليا، قسم الكتاب والسنة بكلية أصول الدين، وبعد أن اجتزت السنة التمهيدية دفعتني الرغبة إلى مواصلة البحث في مجال السنة المطهرة، فإن العمل فيها من أجلِّ الأعمال وخدمتها من أعظم القربات.
وقد يسر الله تعالى لي نسخة خطية من كتاب الإمام الذهبي: (المقتنى في سرد الكنى) ، فرأيت فيه من السعة والشمول وغزارة الفائدة ما جعلني أقرر تحقيقه وإحياءه، ليأخذ مكانه في المكتبة الحديثية، وتعم فائدته إن شاء الله تعالى.
فهذا العلم -أي معرفة الكنى- من العلوم الهامة التي يحتاجها طالب العلم في حياته العلمية، فكثيراً ما يشتبه على الباحث راوٍ من الرواة، لأنه قد يذكر في أسانيد الحديث بكنيته حيناً، وقد يذكر باسمه حيناً آخر مما يجعل إيضاح صاحب الكنية من الضرورة بمكان، وبالرغم من ضخامة الكتاب وضيق الوقت المخصص لإنجاز البحث، فقد استخرت الله تعالى في العمل فيه، وسألته المعونة على إنجازه، ثم شرعت في جمع نُسَخ هذا الكتاب المتوفرة في المكتبات، فاجتمع لي منه أربع نُسَخ متنوعة، من أقطار مختلفة.
وحينئذ أخذت في العمل المتواصل خلال سنتين ونيف، وبذلت جهداً كبيراًَ في تتبع التراجم وتدقيقها للتأكد من سلامتها والتوصل إلى الوجه الصحيح.
وما زلت أسير في ذلك الطريق الوعر الشاق، حتى يسر الله تعالى إتمامه، وأرجو أن أكون قد وفقت لخدمة هذا الكتاب الثمين الهام، فإن أصبت فمن لله، وإن أخطأت فمن نفسي، وأستغفر الله منه، وأرجو من كل أخ من أهل العلم وطلابه أن يوجه نظري إليه
…
وقد قسمت هذا الموضوع إلى: مقدمة وبابين.
أما المقدمة: فقد بحثت فيها النقاط التالية:
أ- ترجمة موجزة للإمام أبي أحمد الحاكم صاحب الكتاب الذي اختصره الإمام الذهبي في (المقتنى) .
ب- ترجمة موجزة للإمام الذهبي.
وأما الباب الأول: فقد بحثت فيه عناية المحدثين بالكنى وأشهر المصنفات فيه، وهو يتألف من فصلين:
الفصل الأول: في عناية المحدثين بالكُنى.
الفصل الثاني: في بيان أشهر المصنفات في الكُنى.
وأما الباب الثاني: فقد خصصته لتحقيق كتاب المقتنى، وهو يتألف من النقاط التالية:
أ- وصف النسخ الخطية للكتاب.
ب- عملي في التحقيق.
ترجمة موجزة للإمام أبي أحمد الحاكم:
هو الإمام الحافظ العلامة الثبت محدث خراسان محمد بن محمد بن أحمد بن إسحاق النيسابوري الكرابيسي الحاكم الكبير، صاحب التصانيف، ومؤلف كتاب الكُنى في عدة مجلدات، ولد بحدود سنة تسعين ومائتين أو قبلها بنيسابور، وطلب هذا الشأن وهو كبير، له نيف وعشرون سنة، ثم رحل وسمع بنيسابور1 وبغداد والكوفة وطبرية ودمشق ومكة والبصرة وحلب والثغور2.
شيوخه:
وسمع أحمد بن المَاسَرْجِسِى3، ومحمد بن شادل4، وإمام الأئمة ابن خزيمة، وأبا العباس السَرّاج، وأبا بكر محمد بن محمد الباغَنْدي5، وعبد الله بن زيدان البَجَلي، وأبا جعفر محمد بن الحسين الخثعمي، وأبا القاسم البغوي، وابن أبي داود، ومحمد بن إبراهيم الغازي، ومحمد بن الفيض الغساني، ومحمد بن خريم، وأبا الطيب الحسين بن موسى الرقى، نزيل إنطاكية، وأبا عَرُوبة6 الحَرَّاني، وعبد الرحمن بن عبيد الله أخي الإمام الحلبي، وأبا الجهم أحمد بن الحسين بن طلاب، ومحمد بن أحمد بن سلم الرقي، وأبا الحسن أحمد بن جوصاء الحافظ، وسعيد بن عبد العزيز الحلبي، ثم الدمشقي، وصدقة بن منصور الكندي الحراني، ومحمد بن سفيان المصيصي الصقار، ويحيى بن محمد بن صاعك، ومحمد بن إبراهيم الديبلي،
1 نَيْسابور: بفتح النون وسكون الياء وفتح السين المهملة وسكون الألف، وضم الباء الموحدة وبعدها واو وراء –هذه النسبة إلى نيسابور وهي أحسن مدن خراسان وأجمعها للخيرات. اللباب.
2 الثغر: بالفتح ثم السكون، وراء كل موضع قرب من أرض العدو وسمي ثغراً من ثغرة الحائط؛ لأنه يحتاج أن يحفظ لئلا يأتي العدو منه، والثغور كثيرة، ومنها الثغور بالشام. مراصد الإطلاع 1/297.
3 الماسَرْجِسي: بفتح الميم والسين المهملة، وسكون الراء، وكسر الجيم والسين الثانية، هذه النسبة إلى ماسرجسي، وهو اسم لجد أبي علي الحسن بن عيس بن ماسرجسي النيسابوري الماسرجسي. اللباب 3/147.
4 شادِل: بكسر الدال، وهو محمد بن شادل بن علي النيسابوري، صاحب إسحاق بن راهويه، تبصير المنتبه 2/764.
5 البَاغَندي: بفتح الباب الموحدة والغين المعجمة، وسكون النون وفي آخرها الدال المهملة، نسبة إلى باغند، قرية من قرى واسعة، اللباب 1/111.
6 أبا عَرُوبة: بفتح وضم الراء، والحراني: بفتح الحاء وتشديد الراء، وفي آخرها نون، نسبة إلى حران، وهي مدينة بالجزيرة. اللباب 1/353، تبصير المنتبه 2/493
رحلاته:
لم يكتف الإمام الذهبي بما وجد منه في بلده فرحل وجدّ في الرحيل فوصل إلى حلب وحمص وحماه وطرابلس ونابلس والرملة والقاهرة والإسكندرية والحجاز والقدس وغيرها (1) .
وسمع ما لا يحصى كثرة من الكتب والأجزاء ولقي كثيراً من الشيوخ، وسمع منهم كما سمع منه الجمع الكثير، وما زال يخدم هذا الفن إلى أن رسخت فيه قدمه، وتعب الليل والنهار، وما تعب لسانه وقلمه، وضربت باسمه الأمثال، وسار اسمه مسير الشمس، إلا أنه لا يتقلص إذا نزل المطر، ولا يدبر إذا أقبلت الليال، وأقام بدمشق يرحل إليه من سائر البلاد، وتناديه السؤالات من كل ناد، وهو بين أكنافها كنف لأهليها، وشرف تفتخر به الدنيا وما فيها، طوراً نراها ضاحكة عن تبسم أزهارها، وقهقهة غدرانها، وتارة تلبس ثوب الوقار والفخار بما اشتملت عليه من أمامها المعدود في سكانها (2) .
شيوخه ومن سمع منهم:
جالس الذهبي أكثر الشيوخ وتعلم في العديد من المدارس، فسمع بدمشق من عمر بن القواس، وأحمد بن هبة بن عساكر، ويوسف بن أحمد الغسولي وغيرهم، وببعلبك من عبد الخالق بن علوان، وزينب بنت عمر ابن كندي وغيرهما، وبمصر من أبي المعالي أحمد بن إسحاق بن محمد الأَبَرْقُوهي (3) ، وعيسى بن عبد المنعم بن شهاب، وجمال الدين أبا العباس أحمد بن محمد بن عبد الله المعروف بابن الظاهري (626-696) .
قال في تاريخ الإسلام: وبه افتتحت السماع بالديار المصرية، وبه اختتمت، وعنده نزلت وعلى أجزائه اتكلت، وقال في ترجمته من معجم شيوخه (ق257) : ودعته في ذي القعدة سنة خمس وتسعين، فقال لي: "
…
، وشيخ الإسلام ابن دقيق العيد وغيرهم".
1 الوافي بالوفيات للصفدي 2/164-165.
2 طبقات الشافعية للسبكي 9/103.
3 الأبَرْقُوهي: بفتح أوله وثانيه، وسكون الراء وضم القاف وهاء محضة، نسبة إلى أبرقوه، بلد قرب يزد، وقيل بليدة بنواحي أصبهان. معجم البلدان 1/58، اللباب 1/24.
وسمع بالإسكندرية من أبي الحسن علي بن أحمد الغرافي، وأبي الحسين يحيى بن أحمد بن الصواف وغيرهما.
وبمكة من التوزري وغيره، وبحلب من سنقر الزيني وغيره، وبنابلس من العماد بن بدران (1) .
تلاميذه:
واصل الذهبي خدمته للحديث الشريف، وانتشرت مؤلفاته وتحقيقاته، فأحبه الجميع وخاصة طلاب العلم، الذين رحلوا إليه من كل حدب وصوب لينهلوا من فيض علمه، وليسمعوا مؤلفاته، حتى وصفه الشوكاني بقوله: "وجميع مصنفاته مقبولة مرغوب فيها، رحل الناس لأجلها وأخذوها عنه، وتداولوها وقرأوها وكتبوها في حياته، وطارت في جميع بقاع الأرض، وله فيها تعبيرات رائعة وألفاظ شيقة
…
" (2) .
مؤلفات الإمام الذهبي:
ما تزال آثاره -من مصنفات ومختصرات ومستخرجات- والتي تقارب المائة (3) دلائل صادقة على حياته الحافلة بالتعلم والتعليم، وجهاده المتواصل في خدمة العلم، وعلى مدى ما بذل في خدمة السنة النبوية المشرفة، وقد امتازت مؤلفاته بتحقيقها العلمي الدقيق، وبأسلوبها الشيق الجميل، ومعظمها في التاريخ والتراجم والحديث، وقد قال الصفدي فيه:"ولم أجد عنده جمود المحدثين ولا كودنة (4) النقلة، بل هو فقيه النظر له دربة بأقوال الناس، ومذاهب الأئمة من السلف وأرباب المقالات، وأعجبني منه ما يعانيه في تصانيفه من أنه لا يتعدى حديثاً يورده حتى يبين ما فيه من ضعف متن أو ظلام إسناد، أو طعن في رواته، وهذا لم أر غيره يراعي هذه الفائدة فيم يورده"(5) .
1 طبقات الشافعية للسبكي 9/102.
2 البدر الطالع 2/111.
3 في ذيل تذكرة الحفاظ للحسيني: ومصنافته ومختصراته وتخريجاته تقارب المائة.
قلت أحصاها إحصاء دقيقاً الدكتور بشار عواد في كتابه الذهبي ص276 فبلغت 214 مصنف، ما عدا بعض التخريجات المتنوعة.
4 الكودن: البرذون يوكف، ويشبه به البليد. لسان العرب مادة (كدن) .
5 الوافي بالوفيات للصفدي 2/163.
ذكر فيه ما مضى في التاريخ من أول تاريخ الإسلام إلى عصره من وفيات كبار المحدثين وغيرهم.
- تاريخ النبلاء.
- الدول الإسلامية.
- طبقات القراء، وسماه "معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار".
- تذكرة الحفاظ.
- ميزان الاعتدال.
- كتاب المشتبه في الأسماء والأنساب.
- نبأ الدجال.
- تذهيب تهذيب الكمال.
- المقتنى في سرد الكنى، وهو هذا الكتاب الذي بأيدينا.
- من تكلم فيه وهو موثق (1) .
- اختصار كتاب الأطراف للمزي.
- الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة. (اختصار التذهيب) .
- اختصار السنن الكبرى للبيهقي.
- تنقيح أحاديث التعليق لابن الجوزي.
- المستحلى، اختصار المحلى لابن حزم.
- المغني في الضعفاء.
- ديوان الضعفاء والمتروكين وخلق من المجهولين وثقات فيهم لين.
- العبر في خبر من غبر.
- اختصار المستدرك للحاكم.
- اختصار تاريخ ابن عساكر.
- اختصار تاريخ الخطيب.
1 حققه الأخ الدكتور الشيخ: عبد الله ضيف الله الرحيلي لنيل درجة الماجستير.
والعباس بن الفضل بن شاذان الرازي المقرئ، ومحمد بن مروان ابن عبد الملك البزاز الدمشقي، كذا يسميه، وهو محمد بن خريم العقلي، وعبد الله بن عتاب الزفتي، ومحمد بن أحمد بن المستنير المصيصي، وعلي بن عبد الحميد الغضايري، ويوسف بن يعقوب مقرئ واسط، ومحمد بن المسيب الأرغياني، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وخلقاً كثيراً بالشام والعراق والجزيرة والحجاز وخراسان والجبال، وكان من بحور العلم.
تلاميذه:
حدث عنه أبو عبد الله الحاكم، وأبو عبد الرحمن السُّلمي (1) ، ومحمد ابن علي الأصبهاني الجصاص، ومحمد بن أحمد الجارودي، وأبو بكر بن علي بن مَنجُوية (2) ، وأبو حفص بن مسروق، وصاعد بن محمد القاضي، وأبو سعد محمد بن عبد الرحمن الكنجروذي، وأبو عثمان سعيد بن محمد البحيري وآخرون.
ذكره الحاكم بن البيع فقال: "هو إمام عصره في هذه الصنعة، كثير التصنيف، مقدم في معرفة شروط الصحيح، والأسامي والكنى، طلب الحديث وهو ابن نيف وعشرين سنة" إلى أن قال: "ولم يدخل مصر، وكان مقدماً في العدالة أولاً، وَلِيَ القضاء في سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة إلى أن قلد قضاء الشاش، فذهب وحكم بها أربع سنين وأشهراً، ثم قلد قضاء طوس، وكنت أدخل إليه والمصنفات بين يديه فيحكم، ثم يقبل على الكتب، ثم أتى نيسابور سنة خمس وأربعين ولزم مسجده ومنزله، مفيداً مقبلاً على العبادة والتصنيف، وأريد غير مرة على القضاء، فيستعفى، قال: وكُفّ بصره سنة ست وسبعين، ثم توفى وأنا غائب".
وقال الحاكم أيضاًَ: "كان أبو أحمد من الصالحين الثابتين على سنن السلف، ومن المنصفين فيما نعتقده في أهل البيت والصحابة، قلد القضاء في أماكن، وصنف على كتابي الشيخين، وعلى جامع أبي عيسى، قال لي:
1 السُلمي: بضم السين وفتح اللام، ثم ميم، نسبة إلى سُليم بن منصور بن عكرمة، وهي قبيلة مشهورة. اللباب 2/128.
2 منجويه: بفتح الميم. تبصير المنتبه 3/1085.
سمعت عمر بن علك يقول: مات محمد بن إسماعيل ولم يخلف بخراسان مثل أبي عيسى الترمذي في العلم والزهد والورع، بكى حتى عمي".
ثم قال الحاكم أبو عبد الله: "وصنف الشيوخ والأبواب إلى أن قال: وهو حافظ بهذه الديار، وقال أبو عبد الرحمن السلمي: سمعت أبا أحمد الحافظ يقول: حضرت مع الشيوخ عند أمير خراسان نوح بن نصر، فقال: من يحفظ منكم حديث أبي بكر في الصدقات، فلم يكن فيهم من يحفظه، وكان علي خلقان وأنا في آخر الناس، فقلت لوزيره أنا أحفظه، فقال: ها هنا فتى من نيسابور يحفظه، فقدمت فوقهم ورويت الحديث، فقال الأمير مثل هذا لا يضيع، فولاني قضاء الشاش".
قال أبو عبد الله بن البيع: "تغير حفظ أبي أحمد لما كُفّ، ولم يختلط قط".
وفاته:
توفي أبو أحمد في شهر ربيع الأول سنة ثمان وسبعين وثلاث مائة وله ثلاث وتسعون سنة (1) .
1 انظر مصادر ترجمته في: سير أعلام النبلاء 10/240 مخطوط، عيون التواريخ 12/209، طبقات الشافعية للأسنوي 11/420، المنتظم 7/146، الكامل 9/20، النجوم الزاهرة 4/154، المختصر في أخبار البشر 2/132، مرآة الجنان 2/408، الوافي بالوفيات 1/115، تذكرة الحفاظ 3/976، نكت الهميان: 270، الرسالة المستطرفة: 91، وشذرات الذهب 3/93، طبقات الحفاظ:388.
ترجمة موجزة عن الإمام الذهبي (1) :
اسمه ونسبه:
هو محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز بن عبد الله التركماني الأصل، الفارقي (2) ثم الدمشقي الحافظ أبو عبد الله شمس الذين الذهبي (3) الشافعي (4) .
أصل نسبة الذهبي:
يرجع أصل هذه النسبة إلى الذهب وتخليصه وإخراج الغش منه (5) ، وقد كان بحق ذهبي عصره، كما وصفه بذلك تلميذه تاج الدين السبكي بقوله: "
…
إمام الوجود حفظاً وذهب العصر معنى ولفظاً
…
" (6) .
ولادته:
ولد الإمام الذهبي سنة (673هـ) ثلاث وسبعين وستمائة في دمشق (7) .
بدء عنايته بطلب العلم:
بدأ الذهبي يعتني بطلب العلم حينما بلغ الثامنة عشر من عمره سنة (690هـ) .
وقد كان مهتماً بعلم الحديث الذي عنى به عناية خاصة، ومال إلى سماعه حتى طغى على كل تفكيره واستغرق كل حياته بعد ذلك، إضافة إلى اهتمامه بعلم القراءات والتاريخ.
1 انظر ترجمته في: طبقات الشافعية للسبكي 9/100، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي 10/182، ونكت الهميان في نكت العميان للصفدي: 241، والبدر الطالع للشوكاني 2/110، والدارس في تاريخ المدارس للنعيمي 1/78، والوافي بالوفيات للصفدي 2/163، والبداية والنهاية لابن كثير 14/225، ومفتاح السعادة لطاش كبرى زاده 1/261، وغير ذلك من كتب التاريخ والتراجم.
2 نسبة إلى ميافارقين، اسم لمدينة من أشهر مدن ديار بكر. معجم البلدان لياقوت الحموي 4/703.
3 ويجوز فيه (ابن الذهبي) كما ورد في المغني للذهبي 1/3 في الهامش، والكاشف للذهبي 1/49.
4 الدرر الكامنة لابن حجر 3/426.
5 اللباب 1/535.
6 طبقات الشافعية للسبكي 9/100.
7 الدارس في تاريخ المدارس للنعيمي 1/78.
- اختصار تاريخ نيسابور.
- الكبائر.
- تحريم الأدبار.
- أحاديث مختصر الحاجب.
- توقيف أهل التوفيق على مناقب الصديق.
- نعم السمر في سيرة عمر.
- التبيان في مناقب عثمان.
- فتح المطالب في أخبار علي بن أبي طالب.
- معجم أشياخه.
- اختصار كتاب "الجهاد" لبهاء الدين ابن عساكر.
- ما بعد الموت.
- اختصار كتاب القدر للبيهقي.
- هالة البدر في عدد أهل بدر.
- اختصار تقويم البلدان لصاحب حماة (1) .
- نفض الجعبة في أخبار شعبة.
- قضّ نهارك بأخبار ابن المبارك.
- أخبار أبي مسلم الخراساني.
هذا وقد ذكر مؤلفاته الدكتور بشار عواد في كتابه (الذهبي ومنهجه في كتابه تاريخ الإسلام) وتكلم على كل واحد منها مطبوعاً أو مخطوطاً بشكل مفصل.
وهناك كتابات متخصصة صدرت عن الذهبي مثل:
- الذهبي ومنهجه في كتابه تاريخ الإسلام. بشار عواد.
- تقدمة الدكتور صلاح الدين المنجد لكتاب سير أعلام النبلاء.
- ما كتبه حسام الدّين القدسي في مقدمة الجزء الأول من تاريخ الإسلام.
ما كتبه الدكتور مصطفى جواد في مقدمة المختصر المحتاج إليه.
شعره:
وقد عنى الذهبي في مطلع حياته العلمية برواية الشعر، وأورد طائفة من الأشعار
1 هو أبو الفداء عماد الدين إسماعيل بن علي بن محمد المتوفى (732هـ) .
عن شيوخه، وذكرت لنا مصادر ترجمته بعضاً من نظمه في المدح (1) .
وكان كثير الاعتناء بالشعراء، تدل على ذلك تراجمهم الواسعة في كتابه "تاريخ الإسلام" والنماذج الشعرية الكثيرة التي أوردها، ومن شعره قوله:
إذا قرأ الحديث على شخص
…
وأخلى موضعاً لوفاة مثلي
فما جازى بإحسان لأني
…
أريد حياته ويريد قتلي
مشيخته:
قال النعيمي: "وولي مشيخة الظاهرية قديماً، ومشيخة النفيسية والفاضلية والسكرية وأم الصالح، وغير ذلك"(2) .
وفاة الإمام الذهبي:
شاخ الذهبي وقارب السبعين إلا أنه لم يفقد نشاطه ولم يتحول عن آرائه، وكانت تآليفه قد كثرت وشاعت، وصيته قد ذاع وطار حتى صار مؤرخ الإسلام ومحدث العصر، وهو لا يتعب ولا يتوقف والنور يخبو من عينيه شيئاً فشيئاً حتى أضرّ في أواخر حياته، قبل موته بأربع سنين أو أكثر بماء نزل في عينيه، فكان يتأذى ويغضب إذا قيل له: لو قدحت هذا لرجع إليك بصرك، ويقول: ليس هذا بماء، وأنا أعرف بنفسي لأني ما زال بصري ينقص قليلاً قليلاً إلى أن تكامل عدمه.
قال ابن كثير: "وفي ليلة الاثنين ثالث شهر ذي القعدة، توفي الشيخ الحافظ مؤرخ الإسلام وشيخ المحدثين شمس الدين أبو عبد الله محمد بن عثمان الذهبي بتربة أم صالح، وصلي عليه يوم الاثنين صلاة الظهر في جامع دمشق، ودفن بباب الصغير، وقد ختم به شيوخ الحديث وحفاظه رحمه الله"(3) .
ثناء العلماء عليه:
لا بد وأن أشير إلى ثناء العلماء عليه وشهادتهم له بالفضل والعلم، وخاصة في علم الحديث، فقد وصفه تلميذه صلاح الدين الصفدي المتوفى سنة (764هـ)
1 طبقات الشافعية للسبكي 9/106.
2 الدارس في تاريخ المدارس 1/79.
3 البداية والنهاية 14/225.
بقوله: "الشيخ الإمام العلامة الحافظ شمس الدين أبو عبد الله الذهبي، حافظ لا يجارى، ولافظ لا يبارى، أتقن الحديث ورجاله، ونظر علله وأحواله، وعرّف تراجم، وأزال الإيهام في تواريخهم والإلباس، ذهن يتوقد ذكاؤه، ويصح إلى الذهب نسبته وانتماؤه، جمع الكثير ونفع الجم الغفير، وأكثر من التصنيف، ووفر بالاختصار مؤونة التطويل في التأليف، اجتمعت به وأخذت عنه وقرأت عليه كثيراً من تصانيفه، ولم أجد عنده جمود المحدثين، ولا كودنة النقلة (1) .
ووصفه تلمذه شمس الدين أبو المحاسن محمد بن علي الحسيني المتوفى (765هـ) بأنه: "الشيخ الإمام العلامة شيخ المحدثين، قدوة الحفاظ والقراء، محدث الشام ومؤرخه ومفيده"(2) .
1 الوافي 2/163.
2 ذيل تذكرة الحفاظ 34.