المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الرابع في إمامة باقي الإثني عشر - المنتقى من منهاج الاعتدال

[شمس الدين الذهبي]

الفصل: ‌الفصل الرابع في إمامة باقي الإثني عشر

‌الْفَصْل الرَّابِع فِي إِمَامَة بَاقِي الإثني عشر

قَالَ لنا فِي ذَلِك طرق أَحدهَا النَّص وَقد توارثته الشِّيعَة فِي الْبِلَاد خلفا عَن سلف عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ للحسين هَذَا إِمَام ابْن إِمَام أَخُو إِمَام أَبُو أَئِمَّة تِسْعَة قائمهم اسْمه كإسمي وكنيته كنيتي يمْلَأ الأَرْض عدلا وقسطا كَمَا ملئت جورا وظلما

وَالْجَوَاب هَذَا أَولا كذب على الشِّيعَة فَإِن هَذَا لم تقله إِلَّا شرذمة من الشِّيعَة وَأَكْثَرهم يكذب بِهِ مثلنَا والزيدية بأسرها تكذب هَذَا وهم أَعقل الشِّيعَة وأعلمهم وخيارهم والإسماعيلية يكذبُون بِهِ

والشيعة نَحْو من سبعين فرقة

وَإِنَّمَا هَذَا من إختلاق الْمُتَأَخِّرين وضع لما مَاتَ الْحسن بن عَليّ العسكري وَتكلم بغيبة ابْنه مُحَمَّد بعد موت الرَّسُول صلى الله عليه وسلم بمائتين وَخمسين سنة

وعلماء السّنة ونقلة الْآثَار الَّذين هم أَضْعَاف أَضْعَاف الشِّيعَة يعلمُونَ أَن هَذَا كذب على الرَّسُول قطعا ويباهلون على ذَلِك

ثمَّ من شَرط التَّوَاتُر حُصُول من يَقع بِهِ الْعلم من الطَّرفَيْنِ وَالْوسط

وَقبل موت الْحسن العسكري لم يكن أحد يَقُول بإمامة المنتظر وَإِنَّمَا كَانَ المدعون يدعونَ النَّص على عَليّ أَو على نَاس بعده أما دَعْوَى النَّص على الإثني عشر وَهَذَا الْخلف فِي الْحجَّة الْمَعْدُوم آخِرهم فَهَذَا لَا نَعْرِف أحدا قَالَه مُتَقَدما وَلَا نَقله ناقل فَأَيْنَ دعواك التَّوَاتُر بل الْمُتَوَاتر مَا جَاءَ فِي فَضَائِل أبي بكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي

وَقيل إِن أول مَا ظَهرت الشِّيعَة الإمامية المدعية النَّص

ص: 532

فِي أَوَاخِر أَيَّام الْخُلَفَاء الرَّاشِدين إفترى ذَلِك عبد الله بن سبأ وطائفته

وَالَّذِي علمناه من حَال أهل الْبَيْت علما لَا ريب فِيهِ أَنهم لم يَكُونُوا يدعونَ أَنهم مَنْصُوص عَلَيْهِم كجعفر الصَّادِق وَأَبِيهِ وجده زين العابدين على بن الْحُسَيْن وَأَبِيهِ

وَأَخْرَجَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن جَابر ابْن سَمُرَة سمع النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُول لَا يزَال أَمر النَّاس مَاضِيا عَزِيزًا مَا وليهم إثنا عشر رجلا ثمَّ تكلم بِكَلِمَة خفيت عَليّ فَسَأَلت أبي عَنْهَا فَقَالَ كلهم من قُرَيْش فَلَا يجوز أَن يُرَاد إثنا عشر الرافضة فَإِن عِنْد الرافضة أَنه لم يقم أَمر الْأمة فِي مُدَّة أحد من هَؤُلَاءِ بل مَا زَالَ أَمر الْأمة فَاسِدا يتغلب عَلَيْهِ الظَّالِمُونَ بل الْكَافِرُونَ وَأهل الْحق أذلّ من الْيَهُود

وَأَيْضًا فعندهم أَن ولَايَة المنتظر دائمة إِلَى آخر الدَّهْر

قَالَ وَعَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ يخرج فِي آخر الزَّمَان رجل من وَلَدي اسْمه كإسمي كنيته كنيتي يمْلَأ الأَرْض عدلا كَمَا ملئت جوارا فَذَلِك هُوَ الْمهْدي

فَنَقُول

ص: 533

الْأَحَادِيث الَّتِي تحتج بهَا على خُرُوج الْمهْدي صَحِيحَة رَوَاهَا أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ مِنْهَا حَدِيث ابْن مَسْعُود مَرْفُوعا لَو لم يبْق من الدُّنْيَا إِلَّا يَوْم لطول الله ذَلِك الْيَوْم حَتَّى يخرج رجل من أهل بَيْتِي يواطيء اسْمه إسمي وَاسم أَبِيه اسْم أبي يمْلَأ الأَرْض قسطا وعدلا كَمَا ملئت جورا وظلما

وَأخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ من حَدِيث أم سَلمَة وَفِيه الْمهْدي من عِتْرَتِي من ولد فَاطِمَة

وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد من طَرِيق أبي سعيد وَفِيه يملك الأَرْض سبع سِنِين

وَعَن عَليّ أَنه نظر إِلَى الْحسن فَقَالَ سيخرج من صلبه رجل يُسمى بإسم نَبِيكُم يُشبههُ فِي الْخلق وَلَا يُشبههُ فِي الْخلق يمْلَأ الأَرْض قسطا

فاما حَدِيث لَا مهْدي إِلَّا عِيسَى ابْن مَرْيَم فضعيف فَلَا يُعَارض هَذِه الْأَحَادِيث وفيهَا كَمَا ترى أَن اسْمه مُحَمَّد ابْن عبد الله فَهُوَ ر على من يزْعم أَنه المنتظر مُحَمَّد بن الْحسن

ثمَّ هُوَ من ولد الْحسن لَا من ولد الْحُسَيْن

وَادعت الباطنية أَنه هُوَ الَّذِي بنى المهدية وَإِنَّمَا هُوَ دعِي وَهُوَ من ولد مَيْمُون القداح فَادعوا أَن ميمونا هَذَا هُوَ ابْن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر الَّذِي تنتمي إِلَيْهِ الإسماعيلية وهم كفار ركبُوا مَذْهَبهم من مَجُوسِيَّة وفلسفة وصابئة

صنف جمَاعَة فِي مخازيهم كإبن الباقلاني وَالْقَاضِي عبد الْجَبَّار وَالْغَزالِيّ

وَهَذَا مُحَمَّد بن عبد الله بن تومرت الْبَرْبَرِي عمل لَهُ نسبا إِلَى الْحسن بن عَليّ وتلقب بالمهدي وَادّعى الْعِصْمَة

وَابْن الْمَنْصُور مُحَمَّد بن عبد الله لقب بالمهدي للْحَدِيث

قَالَ قد بَينا أَنه يجب فِي كل زمَان إِمَام مَعْصُوم وَلَا مَعْصُوم غير هَؤُلَاءِ إِجْمَاعًا

الْجَواب منع الْمُقدمَة الأولى كَمَا مر

ثمَّ لَا إِجْمَاع فِي غَيرهم

ثمَّ نقُول بِالْمُوجبِ فَهَذَا الْمَعْصُوم الَّذِي تَدعُونَهُ فِي وقتنا هَذَا وَله من أَرْبَعمِائَة وَسِتِّينَ سنة وَمَا ظهر لَهُ أثر بل آحَاد الْوُلَاة وقضاة الْبر أَكثر تَأْثِيرا مِنْهُ فَأَي مَنْفَعَة للوجود بِمثل هَذَا لَو كَانَ مَوْجُودا كَيفَ وَهُوَ مَعْدُوم فَأَي لطف حصل لكم بِهِ وَأي مصلحَة نَالَتْ الْأُمَم قَدِيما وحديثا بِهِ فَمَا زَالَ مفقودا عنْدكُمْ ومعدوما عندنَا وَلَا حصل بِهِ نفع أصلا

ص: 534