المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الخامس تخرصات الشيعة في إمامة الصديق والفاروق وذي النورين - المنتقى من منهاج الاعتدال

[شمس الدين الذهبي]

الفصل: ‌الفصل الخامس تخرصات الشيعة في إمامة الصديق والفاروق وذي النورين

‌الْفَصْل الْخَامِس تخرصات الشِّيعَة فِي إِمَامَة الصّديق والفاروق وَذي النورين

قَالَ إِن من تقدمه لم يكن إِمَامًا لوجوه

قُلْنَا بل كَانُوا أَئِمَّة صالحين للْإِمَامَة فتح الله بهم الْبِلَاد والأقاليم وَكَانُوا خلفاء راشدين وَمَا خَالف فِي هَذَا مُسلم سواكم معشر الرافضة وَكَانُوا أَحَق بهَا وَأَهْلهَا نقطع بذلك وَلَا يُمكن أَن يُعَارض لَا بِدَلِيل ظَنِّي وَلَا قَطْعِيّ

أما القطعيات فَلَا يتناقض مُوجبهَا ومقتضاها وَأما الظنيات فَلَا تعَارض قَطْعِيا

وَجُمْلَة ذَلِك أَن كل مَا يُورِدهُ القادح فَلَا يَخْلُو عَن أَمريْن إِمَّا نقل لَا نعلم صِحَّته أَو لَا نعلم دلَالَته على بطلَان إمامتهم

وَأي المقدمتين لم يكن مَعْلُوما لم يصلح لمعارضة مَا علم قطعا

وَإِذا نَفينَا الإعتراض على إمامتهم بِالْقطعِ لم يلْزمنَا الْجَواب على الشُّبْهَة المفصلة فَإِن بَينا وَجه فَسَاد الشُّبْهَة كَانَ زِيَادَة علم وتأييدا للحق فِي النّظر والمناظرة

قَالَ فَمِنْهَا قَول أبي بكر إِن لي شَيْطَانا يَعْتَرِينِي فَإِن اسْتَقَمْت فَأَعِينُونِي وَإِن زِغْت فقوموني

وَمن شَأْن الإِمَام تَكْمِيل الرّعية فَكيف يطْلب مِنْهُم الْكَمَال قُلْنَا الْمَأْثُور أَنه قَالَ إِن لي شَيْطَانا يَعْتَرِينِي يَعْنِي الْغَضَب فَإِذا إعتراني فاجتنبوني لَا أوثر فِي أبشاركم

وَقَالَ أَطِيعُونِي مَا أَطَعْت الله فَإِذا عصيت فَلَا طَاعَة لي عَلَيْكُم

وَهَذَا القَوْل من أفضل مَا مدح بِهِ يخَاف عِنْد الْغَضَب أَن يعتدي على أحد

وَفِي الصَّحِيح أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ لَا يقْضِي القَاضِي بَين اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَان فَأمر الْحَاكِم باجتناب الحكم حَال الْغَضَب وَالْغَضَب يعتري بني آدم كلهم حَتَّى قَالَ سيد ولد آدم إِنَّمَا أَنا بشر أغضب كَمَا يغْضب الْبشر مُتَّفق عَلَيْهِ

وَلمُسلم أَن رجلَيْنِ دخلا على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فأغضباه فلعنهما وسبهما وَذكر الحَدِيث فَمن عصى أَبَا بكر وأحرجه جَازَ لَهُ تأديبه

ص: 535

كَمَا أَن من عصى عليا فأغضبه جَازَ لَهُ تأديبه

وَفِي الصَّحِيح عَن ابْن مَسْعُود عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ مَا مِنْكُم من أحد إِلَّا وَقد وكل بِهِ قرينه من الْجِنّ

قَالُوا وَأَنت يَا رَسُول الله قَالَ وَأَنا إِلَّا أَلا أَن الله أعانني عَلَيْهِ فَأسلم فَلَا يَأْمُرنِي إِلَّا بِخَير

وَفِي الصَّحِيح عَن عَائِشَة رضي الله عنها عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِنَحْوِهِ

وَقَوله فَإِن زِغْت فقوموني من كَمَال عدله وتقواه وإنصافه

وقولك وَمن شَأْن الإِمَام تَكْمِيل الرّعية

فَكيف يطْلب مِنْهُم التَّكْمِيل قُلْنَا لَا نسلم لَا يكملهم وَلَا يكملونه بل يتعاونون على الْبر وَالتَّقوى وَإِنَّمَا التَّكْمِيل من الله الْغَنِيّ بِنَفسِهِ الَّذِي لَا يحْتَاج إِلَى أحد

وَقد كَانَ الرَّسُول يشاور أَصْحَابه وَيعْمل برأيهم

وَقَالَ وَمِنْهَا قَول عمر كَانَت بيعَة أبي بكر فلتة وقِي الله شَرها فَمن عَاد إِلَى مثلهَا فَاقْتُلُوهُ وَهَذَا يُوجب الطعْن

قُلْنَا إِنَّمَا لفظ عمر الَّذِي فِي الصَّحِيحَيْنِ بَلغنِي أَن قَائِلا مِنْكُم يَقُول لَو قد مَاتَ عمر بَايَعت فلَانا فَلَا يغترن امْرُؤ أَن يَقُول إِنَّمَا كَانَت بيعَة أبي بكر فلتة فتمت أَلا وَإِنَّهَا كَانَت كَذَلِك وَلَكِن وقى الله شَرها وَلَيْسَ مِنْكُم من تقطع إِلَيْهِ الْأَعْنَاق مثل أبي بكر

فصل

قَالَ وَقَوله تَعَالَى (لَا ينَال عهدي الظَّالِمين) أخبر تَعَالَى أَن عهد الْإِمَامَة لَا يصل إِلَى الظَّالِم والظالم كَافِر لقَوْله تَعَالَى (والكافرون هم الظَّالِمُونَ) وَلَا شكّ أَن الثَّلَاثَة كَانُوا كفَّارًا يعْبدُونَ الْأَصْنَام إِلَى أَن ظهر النَّبِي صلى الله عليه وسلم

وَالْجَوَاب أَيهَا الرويفضي المغتر من وُجُوه أَحدهَا أَن الْكفْر الَّذِي يعقبه الْإِيمَان لم يبْق على صَاحبه مِنْهُ ذمّ فَإِن الْإِسْلَام يجب مَا قبله وَهَذَا مَعْلُوم

ص: 536

بالإضطرار من الدّين وَلَيْسَ كل من ولد على الْإِسْلَام بِأَفْضَل مِمَّن أسلم بِنَفسِهِ وَإِلَّا لزم أَن يكون أفضل من الصَّحَابَة وَقد ثَبت أَن خير النَّاس الْقرن الأول الَّذين بعث فيهم الرَّسُول وسائرهم أَسْلمُوا بعد الْكفْر وهم أفضل بِلَا شكّ مِمَّن ولد على الْإِسْلَام وَلِهَذَا قَالَ الْأَكْثَرُونَ يجوز على الله أَن يبْعَث نَبيا مِمَّن آمن بالأنبياء قَالَ تَعَالَى (فَآمن لَهُ لوط) وَقد قَالَ شُعَيْب (قد افترينا على الله كذبا إِن عدنا فِي ملتكم بعد إِذْ نجانا الله مِنْهَا) ثمَّ إِنَّه إِذْ نبيء رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن أحد من قُرَيْش مُؤمنا لَا كثير وَلَا صَغِير وَإِذا قيل عَن رِجَالهمْ إِنَّهُم يعْبدُونَ الْأَصْنَام فصبيانهم كَذَلِك عَليّ وَغَيره

فَإِن قيل كفر الصَّبِي لَا يضرّهُ قيل وَلَا إِيمَان الصَّبِي مثل إِيمَان الرجل فالرجل يثبت لَهُ حكم الْإِيمَان بعد الْكفْر وَهُوَ بَالغ وَالصَّبِيّ يثبت لَهُ حكم الْكفْر وَالْإِيمَان وَهُوَ دون الْبلُوغ والطفل بَين أَبَوَيْهِ الْكَافرين يجْرِي عَلَيْهِ حكم الْكفْر فِي الدُّنْيَا بِالْإِجْمَاع فَإِذا أسلم قبل الْبلُوغ فَهَل يجْرِي عَلَيْهِ حكم الْإِسْلَام قبل الْبلُوغ على قَوْلَيْنِ للْعُلَمَاء

بِخِلَاف الْبَالِغ فَإِنَّهُ يصير مُسلما إِذا أسلم بِالْإِجْمَاع

ثمَّ لَا يُمكن الْجَزْم بِأَن عليا مَا سجد لصنم وَكَذَا الزبير فَإِنَّهُ أسلم وَهُوَ مراهق

فَمن أسلم بعد كفره واتقي وآمن لم يجز أَن يُسمى ظَالِما

فَقَوله تَعَالَى (لَا ينَال عهدي الظَّالِمين) أَي ينَال الْعَادِل دون الظَّالِم فَإِذا قدر أَن شخصا كَانَ ظَالِما ثمَّ تَابَ وَصَارَ عادلا تنَاوله الْعَهْد وَصَارَ ممدوحا بآيَات الْمَدْح لقَوْله (إِن الْأَبْرَار لفي نعيم)(إِن الْمُتَّقِينَ فِي مقَام أَمِين)

فَمن قَالَ الْمُسلم بعد إيمَانه كَافِر فَهُوَ كَافِر بِإِجْمَاع الْأمة

قَالَ وَمن ذَلِك قَول أبي بكر أقيلوني فلست بِخَيْرِكُمْ وَلَو كَانَ إِمَامًا لم يجز لَهُ طلب الْإِقَالَة

قُلْنَا أَيْن صِحَة هَذَا وَإِلَّا فَمَا كل مَنْقُول صَحِيح

فَإِن صَحَّ

هَذَا عَنهُ لم يجز معارضته بِقَوْلِك لَا يجوز لَهُ طلب الْإِقَالَة إِذْ ذَلِك مُجَرّد دَعْوَى

ص: 537

قَالَ وَقَالَ عِنْد مَوته لَيْتَني كنت سَأَلت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم هَل للْأَنْصَار فِي هَذَا الْأَمر حق وَهَذَا يدل على شكه فِي صِحَة بيعَة نَفسه مَعَ أَنه الَّذِي دفع الْأَنْصَار يَوْم السَّقِيفَة قُلْنَا أما قَول النَّبِي صلى الله عليه وسلم الْأَئِمَّة من قُرَيْش فَهُوَ حق

وَمن الَّذِي يَقُول إِن الصّديق شكّ فِي هَذَا وَفِي صِحَة إِمَامَته وَلَكِن مَا نقلته كذب عَلَيْهِ فَإِن الْمَسْأَلَة عِنْده وَعند الصَّحَابَة وَاضِحَة ظَاهِرَة

وَإِن قدر أَنه قَالَه فَفِيهِ فَضِيلَة لَهُ لِأَنَّهُ لم يكن يعرف أَن الْأَئِمَّة من قُرَيْش فاجتهد فَوَافَقَ إجتهاده النَّص

وَفِيه أَنه لَيْسَ عِنْده نَص من الرَّسُول صلى الله عليه وسلم بعلي

قَالَ وَقَالَ عِنْد مَوته لَيْتَني كنت تركت بَيت فَاطِمَة لم أكشفه وليتني فِي سَقِيفَة بني سَاعِدَة كنت ضربت على يَد أحد الرجلَيْن فَكَانَ هُوَ الْأَمِير وَكنت الْوَزير

وَهَذَا يدل على إقدامه على بَيت فَاطِمَة عِنْد إجتماع عَليّ وَالزُّبَيْر وَغَيرهمَا وَيدل على أَنه كَانَ يرى الْفضل لغيره

قُلْنَا لَا يقبل الْقدح إِلَّا إِذا ثَبت النَّقْل

وَنحن نعلم يَقِينا أَن أَبَا بكر لم يقدم على عَليّ وَالزُّبَيْر بِشَيْء من الْأَذَى بلَى وَلَا على سعد بن عبَادَة الَّذِي مَاتَ وَلم يبايعه

وَغَايَة مَا يُقَال إِنَّه كبس الْبَيْت لينْظر هَل فِيهِ شَيْء من مَال الله الَّذِي أَمر بقسمته ثمَّ رأى أَنه لَو تَركه لَهُم جَازَ

والجهلة يَقُولُونَ إِن الصَّحَابَة هدموا بَيت فَاطِمَة وضربوا بَطنهَا حَتَّى طرحت أفيسوغ فِي عقل عَاقل أَن صفوة الْأمة يَفْعَلُونَ هَذَا بإبنة نَبِيّهم لَا لأمر فلعن الله من وضع هَذَا وَمن إفتعل الرَّفْض

قَالَ وَقَالَ صلى الله عليه وسلم جهزوا جَيش أُسَامَة وَكرر ذَلِك وَكَانَ فيهم أَبُو بكر وَعمر وَلم ينقذ عليا لِأَنَّهُ أَرَادَ مَنعهم من التوثب على الْخلَافَة بعده فَلم يقبلُوا مِنْهُ

قُلْنَا أَيْن صِحَة هَذَا فَمن احْتج بالمنقول لَا يسوغ لَهُ إِلَّا بعد الْعلم بِصِحَّتِهِ كَيفَ

ص: 538

وَهَذَا كذب لم يكن أَبُو بكر فِي جَيش أُسَامَة أصلا بل قيل إِنَّه كَانَ فيهم عمر رضي الله عنه

وَقد تَوَاتر عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه اسْتخْلف أَبَا بكر على الصَّلَاة حَتَّى مَاتَ وَصلى أَبُو بكر بهم الصُّبْح يَوْم توفّي وَقد كشف صلى الله عليه وسلم سجف الْحُجْرَة فَرَآهُمْ خلف أبي بكر فسر بذلك فَكيف يُمكن مَعَ هَذَا أَن يكون من جَيش أُسَامَة الَّذين شرعوا فِي الرحيل وَلَو أَرَادَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم تَوْلِيَة عَليّ لَكَانَ هَؤُلَاءِ أعجز من أَن يدفعوا أمره ولكان جَمَاهِير الْأمة أطوع لله وَلِرَسُولِهِ من أَن يدعوا أحدا يتوثب على من نَص الرَّسُول لَهُم عَلَيْهِ

ثمَّ لَو كَانَ أَرَادَ تَوليته لَكَانَ أمره بِالصَّلَاةِ بِالْمُسْلِمين أَيَّام مَرضه وَلما كَانَ يدع أَبَا بكر يُصَلِّي بِهِ

قَالَ وَلم يول أَبَا بكر عملا وَولي عَلَيْهِ

قُلْنَا وَأي ولَايَة فَوق ولَايَة الصَّلَاة وَالْحج وَالزَّكَاة وَقد ولي جمَاعَة دون أبي بكر بِكَثِير مثل عَمْرو بن الْعَاصِ والوليد ابْن عقبَة وَأبي سُفْيَان بن حَرْب

وَعدم ولَايَته لَا يدل على نَقصه

وَلِأَنَّهُ كَانَ وزيره وَكَانَ لَا يَسْتَغْنِي عَنهُ فِي مهمات الْأُمُور ويليه عمر

قَالَ وأنفذه رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لأَدَاء سُورَة بَرَاءَة ثمَّ أنفذ عليا وَأمره برده وَأَن يتَوَلَّى هُوَ ذَلِك

وَمن لَا يصلح لأَدَاء سُورَة كَيفَ يصلح للخلافة

الْجَواب إِن هَذَا إفتراء مَحْض ورد للتواتر فَإِن الرَّسُول اسْتعْمل أَبَا بكر على الْحَج سنة تسع فَمَا ردة وَلَا رَجَعَ بل هُوَ الَّذِي حج بِالنَّاسِ فَكَانَ على من جملَة رَعيته إِذْ ذَاك يُصَلِّي خَلفه ويسير بسيره فالعلم بِهَذَا لم يخْتَلف فِيهِ إثنان فَكيف تَقول إِنَّه أَمر برده وَلَكِن أردفه بعلي لينبذ إِلَى الْمُشْركين عَهدهم لِأَن عَادَتهم كَانَت جَارِيَة أَن لَا يعْقد العهود وَلَا يحلهَا إِلَّا المطاع أَو رجل من أهل بَيته فَبعث عليا

ص: 539

بِبَرَاءَة

فيالله إِذا كنت تجْهَل مثل هَذَا من أَحْوَال الرَّسُول وأيامه وَسيرَته فإيش عنْدك من الْعلم وَكَانَ السّكُون أولى بك وبأشباهك أفأملك أَن أعمى الله قَلْبك إِذْ خبثت سريرتك فَلَا تبرز بفائدة وَلَا تَأتي بِخَير وَلَكِنَّك معرق فِي الرَّفْض فَللَّه الْحَمد على الْعَافِيَة

ثمَّ تَقول والإمامة متضمنة لأَدَاء جَمِيع الْأَحْكَام إِلَى الْأمة

سبل الْأَحْكَام كلهَا تلقتها الْأمة عَن نبيها لَا تحْتَاج فِيهَا إِلَى الإِمَام وَإِنَّمَا الإِمَام منفذ لما شَرعه الرَّسُول

وَالصديق كَانَ عَالما بعامة ذَلِك وَإِذا خَفِي عَلَيْهِ الشَّيْء الْيَسِير سَأَلَ الصَّحَابَة عَنهُ كَمَا سَأَلَ عَن مِيرَاث الْجدّة فَأخْبر أَن نَبِي الله أَعْطَاهَا السُّدس

وَمَا عرف لَهُ قَول خَالف نصا وَقد عرف لعمر وَعُثْمَان من ذَلِك أَشْيَاء وَعرف لعَلي أَكثر مِمَّا عرف لَهما كَقَوْلِه إِن الْحَامِل الْمُتَوفَّى عَنْهَا تَعْتَد أبعد الْأَجَليْنِ وَحَدِيث سبيعة فِي الصَّحِيحَيْنِ بِأَنَّهَا تحل إِذا وضعت

ص: 540

وَقد جمع الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى كتابا فِي خلاف على وَابْن مَسْعُود وَجمع بعده مُحَمَّد بن نصر الْمروزِي أَكثر من ذَلِك فَإِنَّهُ كَانَ إِذا ناظره الْكُوفِيُّونَ يحْتَج بالنصوص فَيَقُولُونَ نَحن أَخذنَا بقول عَليّ وَابْن مَسْعُود فَجمع لَهُم أَشْيَاء كَثِيرَة من قَول عَليّ وَابْن مَسْعُود تَرَكُوهُ أَو تَركه النَّاس يَقُول إِذا جَازَ لكم خلافهما فِي تِلْكَ الْمسَائِل لقِيَام الْحجَّة على خلافهما فَكَذَلِك فِي سَائِر الْمسَائِل

وَلَا يعرف لأبي بكر مثل هَذَا

ثمَّ الْقُرْآن بلغه كل أحد عَن الرَّسُول صلى الله عليه وسلم فَيمْتَنع أَن يُقَال لم يصلح أَبُو بكر لتبليغه وَلَا يجوز أَن يُقَال إِن تَبْلِيغ الْقُرْآن يخْتَص بعلي فَإِن الْقُرْآن لَا يثبت بِخَبَر الْوَاحِد

قَالَ وَمن ذَلِك قَول عمر إِن مُحَمَّدًا لم يمت وَهُوَ يدل على قلَّة علمه

وَأمر برجم حَامِل فَنَهَاهُ عَليّ فَقَالَ لَوْلَا عَليّ لهلك عمر

قُلْنَا قد أوردنا لَك نصوصا عدَّة فِي مكانة عمر من الْعلم فَكَانَ أعلم النَّاس بعد الصّديق

وَأما كَونه ظن أَن الرَّسُول لم يمت فَهَذَا كَانَ سَاعَة ثمَّ تبين لَهُ مَوته

وَعلي قد ظن أَشْيَاء ثمَّ ظَهرت لَهُ بِخِلَاف ذَلِك وَلم يقْدَح بِمثل هَذَا فِي إمامتهما

وَأما الْحَامِل فَلم يدر أَنَّهَا حاملة فَنَبَّهَهُ عَليّ وَقد نزل الْكتاب بموافقة عمر فِي مَوَاضِع وَقَالَ صلى الله عليه وسلم لَو كَانَ بعدِي نَبِي لَكَانَ عمر وَلما وضع عَليّ سَرِيره أثنى عَلَيْهِ واحب أَن يلقى الله بِمثل صحيفَة عمر

وَقَالَ وابتدع التَّرَاوِيح مَعَ أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ يَا أَيهَا النَّاس إِن الصَّلَاة بِاللَّيْلِ فِي رَمَضَان جمَاعَة بِدعَة وَصَلَاة الضُّحَى بِدعَة فَلَا تجمعُوا فِي رَمَضَان لَيْلًا وَلَا تصلوا الضُّحَى وَخرج عمر لَيْلًا فَرَأى المصابيح فِي الْمَسَاجِد فَقَالَ مَا هَذَا فَقيل إِنَّهُم اجْتَمعُوا لصَلَاة التَّطَوُّع

فَقَالَ بِدعَة ونعمت الْبِدْعَة هِيَ

فَيُقَال مَا رؤى فِي الطوائف أجرأ من هَذِه الطَّائِفَة على الْكَذِب حَتَّى على نبيها بوقاحة مفرطة مَعَ فرط الْجَهْل

فَأَيْنَ إِسْنَاد هَذَا وَأَيْنَ صِحَّته وأنى لَهُ صِحَة وَهُوَ للكذب إِلَّا كسير الَّذِي يعْمل مِنْهُ الْكَذِب

لم يروه عَالم

وَأدنى الْعلمَاء يعلمُونَ أَنه مَوْضُوع وَلَا لَهُ إِسْنَاد

فقد ثَبت أَن النَّاس كَانُوا

ص: 541

يصلونَ جمَاعَة بِاللَّيْلِ فِي رَمَضَان على عهد نَبِيّهم وَثَبت أَنه صلى بِالْمُسْلِمين لَيْلَتَيْنِ اَوْ ثَلَاثًا فَلَمَّا كَانَت اللَّيْلَة الرَّابِعَة عجز الْمَسْجِد عَن أَهله فَلم يخرج إِلَيْهِم خشيَة أَن تفرض عَلَيْهِم فيعجزوا

مُتَّفق عَلَيْهِ من حَدِيث عَائِشَة

وَخرج البُخَارِيّ من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن عبد القاريء قَالَ خرجت مَعَ عمر لَيْلَة رَمَضَان إِلَى الْمَسْجِد فَإِذا النَّاس أوزاع متفرقون يُصَلِّي الرجل لنَفسِهِ وَيُصلي الرجل فَيصَلي بِصَلَاتِهِ رَهْط

فَقَالَ عمر إِنِّي لأرى لَو جمعت هَؤُلَاءِ على قاريء وَاحِد لَكَانَ أمثل

ثمَّ عزم فَجَمعهُمْ على أبي بن كَعْب

ثمَّ خرجت مَعَه لَيْلَة أُخْرَى وَالنَّاس يصلونَ بِصَلَاة قارئهم فَقَالَ نعمت الْبِدْعَة هَذِه وَالَّتِي تنامون عَنْهَا أفضل من الَّتِي تقومون

يُرِيد بذلك آخر اللَّيْل

وَهَذَا الإجتماع لم يكن فَسَماهُ بِدعَة وَمَا هُوَ بالبدعة الشَّرْعِيَّة الَّتِي هِيَ ضَلَالَة إِذْ هِيَ مَا فعل بِلَا دَلِيل شَرْعِي

وَلَو كَانَ قيام رَمَضَان جمَاعَة قبيحا لأبطله أَمِير الْمُؤمنِينَ على وَهُوَ بِالْكُوفَةِ بل روى عَنهُ أَنه قَالَ نور الله على عمر قَبره كَمَا نور علينا مَسَاجِدنَا

وَعَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ أَن عليا دَعَا الْقُرَّاء فِي رَمَضَان فَأمر مِنْهُم رجلا يُصَلِّي بِالنَّاسِ عشْرين رَكْعَة

قَالَ وَكَانَ عَليّ يُوتر بهم

وَعَن عرْفجَة الثَّقَفِيّ قَالَ كَانَ عَليّ بن أبي طَالب يَأْمر بِقِيَام رَمَضَان وَيجْعَل للرِّجَال إِمَامًا وللنساء إِمَامًا فَكنت أَنا إِمَام النِّسَاء

رَوَاهُمَا الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه

وَأما الضُّحَى فَرغب فِيهَا الرَّسُول صلى الله عليه وسلم كَمَا صَحَّ عَنهُ فِي أَحَادِيث

قَالَ وَفعل عُثْمَان أمورا لَا تجوز حَتَّى أنكر عَلَيْهِ الْمُسلمُونَ كَافَّة واجتمعوا على قَتله

قُلْنَا وَهَذَا من جهلك وإفترائك فَإِن النَّاس بَايعُوا عُثْمَان وَمَا اخْتلف فِي

ص: 542