المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: "إنما أنكر عليها - أهمية دراسة السيرة النبوية للمعلمين

[حصة بنت عبد الكريم]

الفصل: قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: "إنما أنكر عليها

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: "إنما أنكر عليها ما ذُكر من الإطراء حيث أُطلق علم الغيب له، وهو صفة تختص بالله تعالى كما قال:{قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} [النمل:65] .

فعلى المعلمين والأولياء الحرص على تعليم الصغار الكلمات الصحيحة التي لا تتنافى مع التوحيد ولا تتعارض مع احترام الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن يمنعوهم إذا سمعوا منهم كلمات تخالف الشرع، مِنْ حلفٍ بغير الله، أو سب أو شتم أو غيبة أو نميمة أو تنابز بالألقاب (1) .

(1) انظر: الاحتساب على الأطفال، ص45.

ص: 17

‌المسألة الثانية: موضوعات التعليم في سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم

‌أولا: العقيدة

المسألة الثانية: موضوعات التعليم في سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم

بينت في المسألة السابقة اهتمام الرسول صلى الله عليه وسلم بالتعليم. وهنا أتحدث عن الموضوعات التى كان يوليها الرسول صلى الله عليه وسلم اهتماماً بارزاً في تعليمه للناس والتي يمكن الحديث عنها في الفقرات التالية:

أولاً: العقيدة:

إن الإيمان بالله سبحانه وتعالى وطاعته وابتغاء مرضاته هو الهدف من خلق الإنسان. وفي حديث جبريل الطويل عندما أرسله الله سبحانه وتعالى ليعلم نبيه صلى الله عليه وسلم الأولويات في التعليم بدأ بالعقيدة ثم العبادات ثم المعاملات، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال:" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً بارزاً للناس فأتاه رجل فقال: يا رسول الله ما الإيمان؟ قال: "أن تؤمن بالله وملائكته، وكتابه، ولقائه، ورسله، وتؤمن بالبعث الآخر.." قال: يا رسول الله، ما الإسلام؟ قال: "الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به شيئاً، وتقيم

ص: 17

الصلاة المكتوبة، وتؤدِّي الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان". قال: يا رسول الله! ما الإحسان؟ قال: "أن تعبد الله كأنك تراه، فإنك إن لا تراه، فإنه يراك". قال: يا رسول الله متى الساعة؟ قال: "ما المسؤول عنها بأعلم من السائل، لكن سأحدثك عن أشراطها: إذا ولدت الأَمَةُ ربها، فذاك من أشراطها، وإذا كانت العراة الحفاة رؤوس الناس فذاك من أشراطها، وإذا تطاول رعاء البهم في البنيان فذاك من أشراطها، في خمس لا يعلمهن إلا الله"، ثم تلا صلى الله عليه وسلم {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [لقمان: 34] .

قال: ثم أدبر الرجل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ردوا عليّ الرجل" فأخذوا ليردوه، فلم يروا شيئاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هذا جبريل جاء ليعلم الناس دينهم"(1) .

فالإيمان فَسَّره النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بالاعتقادات الباطنة، فقال أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، والبعث بعد الموت، وتؤمن بالقدر خيره وشره" (2) .

ورسول الله صلى الله عليه وسلم سلك هذا المنهج في تعليمه للبشرية فبدأ بالعقيدة وقَدَّمها على سائر الموضوعات الأخرى، فتناول أصول الإيمان بالله تعالى وملائكته

(1) صحيح البخاري، كتاب الإيمان، باب سؤال جبريل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان رقمه (50) جـ1 ص22. انظر صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان، رقمه (9) جـ1 ص 39 واللفظ له.

(2)

إيقاظ الهمم المنتقى من جامع العلوم والحكم ص 57.

ص: 18

وكتبه ورسله واليوم الآخر، وما فيه من بعث وحساب وجزاء وجنة ونار، ويقيم على ذلك الحجج والبراهين، حتى يستأصل من نفوس المشركين العقائد الوثنية ويغرس فيها عقيدة الإسلام (1) .

ومن أمثلة ذلك:

ما ورد في صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن: "إنك ستأتي قوماً أهل كتاب، فإذا جئتهم فادْعُهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله"(2) .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "المراد بعبادة الله توحيده، وبتوحيده الشهادة له بذلك ولنبيه بالرسالة، ووقعت البداءة بها؛ لأنها أصل الدين الذي لا يصح شيء غيرهما إلا بهما فمن كان منهم غير موحد فالمطالبة متوجهة إليه بكل واحدة من الشهادتين على التعيين، ومن كان مُوَحِّداً فالمطالبة له بالجمع بين الإقرار بالوحدانية والإقرار بالرسالة"(3) .

كما أن من أقر بالشهادتين، واعتقد ذلك جزماً كفاه ذلك في صحة إيمانه، وكونه من أهل القبلة والجنة (4) ومن ذلك ما وَرَدَ في حديث معاوية بن الحكم السلمي، قال: وكانت لي جارية ترعى غنماً لي قبل أحد والجوانيَّة (5) ،

(1) تاريخ التشريع الإسلامي، ص52.

(2)

صحيح البخاري - كتاب الزكاة باب أخذ الصدقة من الأغنياء وترد في الفقراء حيث كانوا رقمه (1496) جـ2 /165.

(3)

فتح الباري جـ3/ 358.

(4)

صحيح مسلم بشرح النووي جـ 5/35.

(5)

الجوانية: الجوانية بقرب أحد. موضع في شمال المدينة.

ص: 19