المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفصل: ‌ وهب بن منبه:

4-

‌ وهب بن منبه:

يعتبر وهب بن منبه من رجال الطبقة الأولى من كتاب المغازي والسير وهو من مواليد اليمن، فقد ولد في قرية تسمى زمار بجوار صنعاء حوالي سنة 34هـ. وهو من هذه الناحية -ناحية النشأة والميلاد - يختلف عن الرجال الثلاثة الذين سبق الحديث عنهم، فكلهم مدنيون، نشأوا في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم ومعنى هذا الاهتمام بالمغازي والسير لم يعد مقصورًا على أهل المدينة وحدهم، بل أصبح الاشتغال بها موضع اهتمام من العلماء في كل الأقطار الإسلامية. ويختلف مؤرخو وهب بن منبه حول نسبه؛ فمنهم من يرى أنه من أصل يهودي، ومنهم من يرى -وهو الأرجح- أنه من أصل فارسي؛ أي من الفرس الذين سكنوا اليمن في فترة السيطرة الفارسية وسموا بالأبناء، ولكن الأهم من هذا كله أنه قد نشأ في أسرة مسلمة، اشتهر معظم رجالها بالعلم، وكانوا أهل ثقة عند العلماء1، وقد تأثر وهب بالجو العلمي الذي كان يحيط به في أسرته، وروى عن طائفة من الصحابة؛ منهم أبو هريرة، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن عباس، وأبو سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله وغيرهم، وعنده من علم أهل الكتاب شيء كثير، وحديثه في الصحيحين عن أخيه همام بن منبه، وكان ثقة واسع العلم2. ويعتبر من العلماء الموسوعيين، الذين تناولوا موضوعات شتى، فقد كانت له عناية واهتمام بأحاديث أهل الكتاب الذين كثر عددهم في جنوب بلاد العرب، وهو من الثقات المعتمدين خاصة في

1 انظر طبقات ابن سعد ج5، ص543، وتذكرة الحفاظ للذهبي، ج1، ص100 وفيهما ترجمة لوهب.

2 تذكرة الحفاظ، ج1، ص100- 101.

ص: 26

قصص الأنبياء1. ويرجح أنه كتب كثيرًا في المغازي والسير، مما جعل العلماء يضعونه بين رجال الطبقة الأولى من علماء هذا الفن. ويوجد في مجموعة البرديات الموجودة في مدينة هيدلبرج في ألمانيا مجلد، يقول عنه بيكر: إنه يرجح أنه يحتوي على قطعة من كتاب المغازي لوهب بن منبه، وتاريخ نسخ هذه القطعة عام 228 هـ، وفيها معلومات عن بيعة العقبة الكبرى، وحديث قريش في دار الندوة -الذي قرروا فيه قتل النبي صلى الله عليه وسلم والاستعداد للهجرة نفسها، ووصول النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة2.

وهكذا أسهم وهب بن منبه إسهامًا طيبًا في إثراء حركة التأليف في المغازي والسير وعاش حياة علمية ثرية حتى توفاه الله سنة 110هـ.

1 المغازي الأولى ومؤلفوها. مرجع سبق ذكره ص30- 31.

2 انظر المرجع السابق ص34- 35.

ص: 27