الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التَّكْبِير أشبه بِالْمذهبِ قَالَ لِأَنَّهَا صَلَاة مَكْتُوبَة أَو مَفْرُوضَة فسن التَّكْبِير عقيبها كَصَلَاة الْوَقْت وَهَذَا يُوَافق مَا تقدم
فصل
اخْتلف قَول الإِمَام أَحْمد رَحمَه الله تَعَالَى فِي الحَدِيث الصَّحِيح الْمَشْهُور وَهُوَ قَول النَّبِي صلى الله عليه وسلم شهرا عيد لَا ينقصان رَمَضَان وَذُو الْحجَّة فروى عبد الله والأثرم وَغَيرهمَا أَنه قَالَ لَا يجْتَمع نقصانهما إِن نقص رَمَضَان ثمَّ الْحجَّة وَإِن نقص ذُو الْحجَّة ثمَّ رَمَضَان لَا يجْتَمع نقصانهما فِي سنة وَاحِدَة وَأنكر تَأْوِيل من تَأَوَّلَه على السّنة الَّتِي قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم ذَلِك فِيهَا وَنقل أَبُو دَاوُد أَنه ذكر لِأَحْمَد هَذَا الحَدِيث فَقَالَ لَا أَدْرِي مَا هَذَا قد رأيناهما ينقصان وَظَاهر هَذَا من أَحْمد التَّوَقُّف عَمَّا قَالَه من أَنه لَا يجْتَمع نقصانهما وَقَالَ إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ مَعْنَاهُ أَن ثَوَاب الْعَامِل فيهمَا على عهد أبي بكر الصّديق وَالْيَوْم وَاحِد قَالَ الْحَرْبِيّ وَقد رأيتهما نقصا فِي عَام وَاحِد غير مرّة وَذكر التِّرْمِذِيّ عَن إِسْحَاق أَن مَعْنَاهُ لَا ينقص ثوابهما إِن نقص الْعدَد
قَالَ القَاضِي أَبُو الْحُسَيْن قَالَ الْوَالِد السعيد وَالْأَشْبَه مَا قَالَه أَحْمد فِي الرِّوَايَة الأولة لِأَن فِيهِ دلَالَة على معْجزَة النُّبُوَّة لِأَنَّهُ أخبر بِمَا يكون فِي الثَّانِي وَمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ فَإِنَّمَا هُوَ إِثْبَات حكم
قَوْله وَيسن مُطلق التَّكْبِير فِي عشر ذِي الْحجَّة
وَكَذَلِكَ الْإِكْثَار فِيهِ من الطَّاعَات وَإِنَّمَا خص التَّكْبِير لِأَنَّهُ فِي بَيَان الْمُقَيد مِنْهُ وَالْمُطلق وَهَذَا الْعشْر أفضل من غَيره إِلَّا الْعشْر الْأَخير من رَمَضَان فَإِن فِيهِ ترددا
قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين يُقَال أَيَّام عشر ذِي الْحجَّة أفضل من أَيَّام
الْعشْر الْأَخير من رَمَضَان وليالي ذَاك أفضل من ليَالِي هَذَا وَقد يُقَال مَجْمُوع عشر ذِي الْحجَّة أفضل من مَجْمُوع الْعشْر الْأَخير من رَمَضَان قَالَ وَهُوَ الْأَظْهر
وَيَوْم النَّحْر من جملَة عشر ذِي الْحجَّة صرح بِهِ جمَاعَة مِنْهُم الشَّيْخ وجيه الدّين بن المنجا وَالْمُصَنّف فِي شرح الْهِدَايَة وَقَالَ وَهُوَ الْأَفْضَل وَكَذَا ذكر حفيده الشَّيْخ تَقِيّ الدّين فِي أَقسَام الْقُرْآن أَن أفضل الْأَيَّام يَوْم النَّحْر وَقد روى الإِمَام أَحْمد وَأَبُو دَاوُد من حَدِيث عبد الله بن قرط مَرْفُوعا أعظم الْأَيَّام عِنْد الله يَوْم النَّحْر ثمَّ يَوْم القر وَهُوَ الَّذِي يَلِي يَوْم النَّحْر رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَلَفظه أفضل الْأَيَّام عِنْد الله يَوْم النَّحْر وَيَوْم القر
وَذكر المُصَنّف فِي شرح الْهِدَايَة أَن ابْن عقيل علل أَن لَيْلَة الْجُمُعَة أفضل اللَّيَالِي لِأَنَّهَا تَابِعَة لما هُوَ أفضل الْأَيَّام وَهُوَ يَوْم الْجُمُعَة وَظَاهر هَذَا أَن أَفضَلِيَّة يَوْم الْجُمُعَة مَحل وفَاق
وَعَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا خير يَوْم طلعت فِيهِ الشَّمْس يَوْم الْجُمُعَة رَوَاهُ مُسلم وَغَيره وَعَن أبي أُمَامَة البدري قَالَ إِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ سيد الْأَيَّام يَوْم الْجُمُعَة وَأَعْظَمهَا عِنْد الله وَأعظم عِنْد الله من يَوْم الْفطر وَيَوْم الْأَضْحَى إِسْنَاده جيد وَفِيه عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل وَحَدِيثه حسن رَوَاهُ أَحْمد وَابْن مَاجَه
وَيتَوَجَّهُ فِي الْمَسْأَلَة قَول ثَالِث أَن أفضل الْأَيَّام يَوْم عَرَفَة لِأَنَّهُ لم ير يَوْمًا أَكثر عُتَقَاء من النَّار من يَوْم عَرَفَة
روى ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَإِسْنَاده حسن عَن جَابر مَرْفُوعا مَا من أَيَّام أفضل عِنْد الله من أَيَّام عشر ذِي الْحجَّة وَمَا من يَوْم أفضل عِنْد الله من يَوْم عَرَفَة ينزل الله تبارك وتعالى إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا فيباهي بِأَهْل الأَرْض أهل السَّمَاء فَيَقُول انْظُرُوا إِلَى عبَادي شعثا غبرا ضاحين جَاءُوا من كل فج عميق
يرجون رَحْمَتي وَلم يرَوا عَذَابي فَلم ير يَوْمًا أَكثر عُتَقَاء من النَّار من يَوْم عَرَفَة وَعَن أَوْس بن أَوْس مَرْفُوعا أفضل أيامكم يَوْم الْجُمُعَة رَوَاهُ جمَاعَة مِنْهُم أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَصَححهُ ابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَظَاهره أَنه لَيْسَ هُوَ أفضل الْأَيَّام لإتيانه بِلَفْظَة من
وَقد ثَبت بِالْحَدِيثِ الْمُتَقَدّم أَنه أفضل من يَوْم النَّحْر فَلم يبْق أفضل مِنْهُ إِلَّا أَن يكون يَوْم عَرَفَة وَأفضل الشُّهُور شهر رَمَضَان على ظَاهر كَلَام الْأَصْحَاب وَغَيرهم لِأَن أفضل الصَّدَقَة عِنْدهم صَدَقَة رَمَضَان للْخَبَر فِيهِ وَلِأَن الْحَسَنَات فِيهِ تضَاعف وَهَذَا يدل على أفضليته على غَيره من الشُّهُور وَيَنْبَنِي على ذَلِك فَوَائِد من الطَّلَاق وَالْعِتْق وَالنّذر وَغير ذَلِك صلى الله عليه وسلم َ - صَلَاة الْكُسُوف
قَوْله وَلَا يصلى بعد تجلي الْكُسُوف وَلَا غروبه
وَظَاهره سَوَاء كَانَ الْغَائِب شمسا أَو قمرا لِأَنَّهُ قد ذهب الِانْتِفَاع بنورهما وكما نقُول لَا تشرع صَلَاة الاسْتِسْقَاء عَن الْجبَال والبراري الَّتِي لَا تسكن وَلَا تزرع فَكَذَا هُنَا وَحكى المُصَنّف هَذَا فِي شرح الْهِدَايَة فِي خُسُوف الْقَمَر احْتِمَالا وَحَكَاهُ غَيره وَجها وَالْمَشْهُور فِي الْقَمَر إِذا غَابَ خاسفا لَيْلًا صلى لَهُ وَقطع بِهِ جمَاعَة كَالْقَاضِي وَأبي الْمَعَالِي وَهُوَ ظَاهر كَلَام آخَرين لِأَن سُلْطَان
الْقَمَر اللَّيْل وَهُوَ بَاقٍ فَهُوَ كَمَا لَو حجب الشَّمْس غيم فعلى هَذَا إِن غَابَ خاسفا بعد طُلُوع الْفجْر وَقبل طُلُوع الشَّمْس فَهَل تصلي لِأَن سُلْطَان الْقَمَر بَاقٍ مَا بقيت الظلمَة وَلَا يَنْقَطِع حَتَّى تطلع الشَّمْس أَو لَا يُصَلِّي لِأَنَّهُ ابْتِدَاء نَهَار فِيهِ وَجْهَان ذكرهمَا أَبُو الْمَعَالِي بن المنجا
قَوْله فِي صَلَاة الْكُسُوف ثمَّ يرفع ثمَّ يسْجد سَجْدَتَيْنِ
ظَاهر كَلَامه أَنه لَا يُطِيل هَذَا الْقيام وَهُوَ الْقيام الَّذِي يَلِيهِ السُّجُود وَهُوَ صَحِيح لظَاهِر أَكثر الْأَحَادِيث وَيحمل مَا يُخَالف هَذَا من الْأَحَادِيث على الْجَوَاز أَو على مُدَّة قَليلَة قدر مَا يَقُول أهل الثَّنَاء وَالْحَمْد إِلَى آخر الدُّعَاء الْمَشْهُور وَنَحْوه وَلَو قَالَ ثمَّ يرفع فَيسْجد كَانَ أولى وَلم أجد فِي هَذَا خلافًا فِي الْمَذْهَب صَرِيحًا وَذكره فِي الرِّعَايَة قولا وَلم يذكر فِيهِ مَا يُخَالف
وَظَاهر كَلَامه أَيْضا أَنه لَا يُطِيل الْجُلُوس بَين السَّجْدَتَيْنِ لِأَنَّهُ لم يذكر الإطالة فِيهَا كَمَا ذكره فِي غَيرهَا وَهُوَ ظَاهر كَلَام أَكثر الْأَصْحَاب كظاهر أَكثر الْأَحَادِيث
وَلنَا فِي هَذِه الْمَسْأَلَة وَجْهَان أَحدهمَا يُطِيل وَهُوَ قَول الْآمِدِيّ وَقطع بِهِ فِي التَّلْخِيص وَزَاد كالركوع وَقد ورد عَنهُ عليه الصلاة والسلام إطالة الجلسة بَين السَّجْدَتَيْنِ فِي حَدِيث إِن صَحَّ فَهُوَ مَحْمُود على الْجَوَاز
وَظَاهر كَلَامه فِي قَوْله ثمَّ يُصَلِّي الثَّانِيَة كَذَلِك ويقصرها عَن الأولى فِي الْقِرَاءَة وَالتَّسْبِيح أَنه إِن شَاءَ جعل الْقيام الأول مِنْهَا كالقيام الثَّانِي من الرَّكْعَة الأولى أَو أطول أَو أقصر وَهُوَ ظَاهر مَا قدمه فِي الرِّعَايَة وَغَيرهَا
وَذكر القَاضِي وَابْن عقيل وَالْمُصَنّف فِي شرح الْهِدَايَة وَغَيرهم أَن تكون أقصر وَأَن الْقِرَاءَة فِي كل قيام أقصر من الَّتِي قبلهَا وَكَذَا التَّسْبِيح وَذكر أَبُو الْخطاب وَغَيره أَنه يقْرَأ فِي الْقيام الأول من الرَّكْعَة الأولى بالبقرة أَو نَحْوهَا وَفِي الْقيام الثَّانِي مِنْهَا بآل عمرَان أَو نَحْوهَا وَفِي الثَّالِث من الرَّكْعَة الثَّانِيَة بِالنسَاء أَو نَحْوهَا وَفِي الرَّابِع مِنْهَا بالمائدة أَو نَحْوهَا وَذكر القَاضِي إِن قَرَأَ هَكَذَا فَحسن قَالَ وَلَيْسَ هَذَا التَّقْدِير عَن الإِمَام أَحْمد لكنه أَوْمَأ إِلَى تَطْوِيل الأولى على الثَّانِيَة وَالثَّانيَِة على الثَّالِثَة وَالثَّالِثَة على الرَّابِعَة فَهَذِهِ ثَلَاثَة أَقْوَال وَدَعوى ظُهُور شَيْء من الْأَحَادِيث لهَذَا القَوْل أَو الَّذِي قبله فِيهِ نظر يبْقى القَوْل الأول بالتخيير
وَظَاهر كَلَامه أَن صَلَاة الْكُسُوف تصلى فِي أَي وَقت حدث فِيهِ الْكُسُوف وَأَن ذَلِك لَا يتَقَيَّد بِوَقْت وَأَنه لَا يلْتَفت إِلَى قَول المنجمين فِي ذَلِك وَهُوَ صَحِيح قَالَ المُصَنّف فِي شرح الْهِدَايَة لَا يلْتَفت إِلَى قَول المنجمين أَن الْكُسُوف لَا يَقع فِي يَوْم الْعِيد وَأَنه لَا يكون إِلَّا فِي الثَّامِن وَالْعِشْرين أَو التَّاسِع وَالْعِشْرين من الشَّهْر ذكره القَاضِي وَغَيره
وَقد قدمنَا عَن الشَّافِعِي اخْتِلَاف قَوْله فِي تَقْدِيم الْعِيد على الْكُسُوف إِذْ قد ثَبت بِالنَّقْلِ الْمخْرج فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا أَن الشَّمْس انكسفت يَوْم توفّي إِبْرَاهِيم بن النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَقد اتّفق أهل السّير أَنه توفّي فِي الْيَوْم الْعَاشِر من الشَّهْر كَذَا حَكَاهُ القَاضِي وَقَالَ نقل الْوَاقِدِيّ أَنه مَاتَ يَوْم الْعَاشِر من ربيع الأول وَكَذَلِكَ نقل الزبير بن بكار انْتهى كَلَامه
وَقَالَ ابْن عقيل فَإِن انكسفت الشَّمْس قبل النّصْف من الشَّهْر صلينَا
صَلَاة الْكُسُوف ولانعول على قَول المنجمين أَن ذَلِك يخْتَص بِالنِّصْفِ الْأَخير من الشَّهْر وَلَا نقُول ذَلِك عَارض وَلَيْسَ بخسوف فَإِن الْفُقَهَاء فرعوا وَقَالُوا إِذا اتّفق عيد وكسوف وبنوا ذَلِك على مَا رُوِيَ أَن الشَّمْس كسفت عقب موت ابراهيم فِي الْيَوْم الْعشْر من الشَّهْر وَلَا يخْتَلف النَّقْل فِي ذَلِك وَأَنه مَاتَ يَوْم الْعَاشِر من ربيع نَقله الْوَاقِدِيّ والزبيري
وَقَالَ الشَّيْخ وجيه الدّين بن المنجا فِي شرح الْهِدَايَة فَإِن قيل مَا فرضتموه من اجْتِمَاع الصَّلَوَات لَا يتَصَوَّر لِأَن الْعِيد فِي أول شَوَّال أَو عشر ذِي الْحجَّة والخسوف فِي مطرد الْعَادة فِي الرَّابِع عشر عِنْد إبدار الْقَمَر وكسوف الشَّمْس عِنْد الِاجْتِمَاع بالقمر فِي التَّاسِع وَالْعِشْرين أَو الثَّامِن وَالْعِشْرين
قُلْنَا قد أجَاب الْعلمَاء عَن هَذَا من وُجُوه
أَحدهَا أَن الْغَرَض بَيَان معنى الْأَحْكَام وتصويرها كَمَا قَالُوا مائَة جدة فقد يقدر الْفَقِيه أمرا لَا يتَوَقَّع وُقُوع مثله لتشحيذ الخاطر وتنبيه القريحة والتدرب فِي مجَال الأقيسة والمعاني
الثَّانِي أَن النَّقْل صَحَّ فِي كسوف الشَّمْس يَوْم مَاتَ إِبْرَاهِيم بن النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي الْعَاشِر من شهر ربيع الأول وَقيل فِي الْعَاشِر من شهر رَمَضَان فَهَذَا رَوَاهُ عَلْقَمَة عَن ابْن مَسْعُود وَذكره الزبير فِي كتاب الْأَنْسَاب فِي الْكُسُوف وَأَن الشَّمْس كسفت فِي الْعَاشِر من شهر ربيع الأول وَقيل فِي الثَّالِث عشر وَرَوَاهُ الْوَاقِدِيّ أَيْضا وَقيل كسفت الشَّمْس فِي يَوْم عَاشُورَاء يَوْم مَاتَ الْحُسَيْن وَإِنَّمَا نقل الْعلمَاء ذَلِك وَرَوَوْهُ لأَنهم رَأَوْا شَيْئا يدعى على خلاف الْمُعْتَاد