الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة التحقيق
إنَّ الحمدَ للهِ نحمدُه، ونستعينُه ونستغفرُهُ، ونعوذُ باللهِ من شُرورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالنا، مَنْ يَهْدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له ومَنْ يُضْلِلْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ، وأشهدُ أنَّ محمَّدًا عبدُهُ ورسولُه.
أمّا بعد:
فإنَّ الإسنادَ خَصيصةٌ فاضلةٌ من خصائص هذه الأمَّة، وسُنَّةٌ بالغةٌ من السُّنن المؤكَّدة (1)، ولم يكن في أمَّةٍ من الأمم مُنْذُ خَلَقَ اللهُ آدمَ عليه السلام أمناءُ يحفظونَ آثارَ الرسُلِ إلا في هذه الأمَّة (2)، قال أبو علي الجَيَّاني: خَصَّ اللهُ هذه الأمةَ بثلاثةِ أشياءَ لم يُعْطِها مَنْ قَبْلَها: الإسنادِ والأنسابِ والإعرابِ (3).
وقد حَرَصَ العلماءُ على هذه الفضيلة، فتطلَّبوا الأسانيدَ وَقَطعوا المَفاوِزَ والقِفَار في سبيلِ تحصيلها، وأثنَوا على مُحصِّليها، وعَابوا على
(1) انظر: "علوم الحديث" لابن الصلاح (ص: 225).
(2)
رواه الخطيب في "شرف أصحاب الحديث"(ص: 43) عن أبي حاتم الرازي.
(3)
انظر: "تدريب الراوي" للسيوطي (ص: 165).
تاركيها، قال إسحاقُ بن إبراهيم الحَنْظَليُّ: كان عبدُ الله بن طاهرٍ إذا سألني عن حديث فذكرتُه له بلا إسناد، سألني عن إسنادِه ويقولُ: روايةُ الحديث بلا إسنادٍ مِنْ عَمَلِ الزَّمَنْى، فإنَّ إسنادَ الحديثِ كرامةٌ من الله عز وجل لأمَّةِ محمَّدٍ (1).
ولم تزلْ هذه السنةُ المحمودةُ في الأمة إلى يومنا هذا، وقد حَفِظَ لنا التاريخُ الإسلاميُّ في ذلك المصنفاتِ والدواوينَ الكثيرةَ لجم غفيرٍ من المصنِّفين المتقنين؛ كالذَّهبي وابن حجر وغيرهما.
وكان للإمام المُسْنِد يوسفَ بنِ عبد الهادي -المعروفِ بإيراد الأحاديث والآثار بأسانيدهِ المتصلةِ في جُلِّ كتبه- مؤلَّفٌ طريفٌ في هذا الباب سَمَّاه: "النهاية في اتصال الرواية" حَفَلَ بذكرِ أسانيده المتصلة إلى الأئمة الأعلام وأصحاب المصنَّفاتِ والكتبِ المشهورة، فقد أوردَ فيه جَمهرةً من أَسماء الأنبياءِ والصَّحابة والتابعين والقُراء والمفسِّرين والمحدّثين والفقهاء والأدباء والحُكماء والشعراء والقضاة والصالحين، مُوردًا عن كلِّ واحدٍ إسنادَه المتصلَ إليه مع سَوقِ روايةٍ حديثيةٍ من تلك الطريق، أو أثرٍ، أو قصَّة، أو أبياتٍ شعريةٍ ونحو ذلك.
وذكرَ فيه طائفةً من شيوخه بالسَّماع أو الإجازة، ويُعَدُّ هذا المؤلَّف بهذه الخَصيصة من أبرز مصادِر شيوخه الذين أخَذَ عنهم، كما أنه مُعرّق بأسانيد وطُرق المصنفاتِ المتداولة، كالبخاريِّ ومسلم وأبي داود والترمذيِّ وأحمد وغيرهم من أصحاب المعاجم والمسانيد والسُّنن والأجزاء.
(1) رواه السمعاني في "أدب الإملاء والإستملاء"(ص: 6).
هذا وقد تمَّ -بفضل الله تعالى- الوقوفُ على النسخة الخطيَّة الفريدةِ لهذا الكتاب، وهي النسخةُ المحفوظة بدار الكتب والوثائق القومية في القاهرة تحت رقم (222 - مصطلح - تيمور)، وهي بخطِّ المؤلِّف المعروف بغرابة الشَّكل، وصُعوبة القراءةِ، وقلَّةِ الإعجام، وتقع في (96) ورقة. وقد أثبت في آخرها سماعات الكتاب على المؤلِّف بخطّ يدهِ، وبخطّ تلميذه الشيخِ يوسفَ بنِ أحمد بن الصَّيداوي البَعْلي.
* * *
هذا وقد تمَّ تحقيقُ هذا الكتاب وفق الخِطة الآتية:
1 -
نسخُ الأصل المخطوط اعتمادًا على النسخة الخطيَّة المُشَار إليها، وذلك بحسب رسم وقواعد الإملاء الحديثة.
2 -
معارضةُ المنسوخِ بالمخطوط؛ للتأكُّد من صحة النص وسلامته.
3 -
عزو الآيات القرآنية بذكر اسمِ السُّورة ورقم الآية، وجَعْلها بين معكوفتين في صُلْب النص، وإدراجها برسم المصحف الشريف.
4 -
تخريج الأحاديث النبوية الشريفة بالاقتصار على الرواية أو الطريق المذكورة لدى المصنف، والزيادةِ عليها عند الحاجة، وذلك بذكر رقم الحديث أو الجزء والصفحة من مصدر التخريج.
5 -
توثيقُ الآثارِ والحكايات المرويَّة في ثنايا الكتاب.
6 -
ترقيمُ المرويات ترقيمًا تسلسليًا، وقد بلغت (472) رواية.
7 -
كتابة مقدمة للكتابِ مشتملة على ترجمةٍ مختصرة للمؤلف، وتقدمةٍ موجزَة عن الكتاب.
هذا وصلَّى الله على نبينا محمّد وعلى آله وصحبه وسلَّم.
حَرًّرُه
نور الدين طالب
17 / صفر/ 1432 هـ
22/ 1 / 2011 م