الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[ص 13]
الفصل الأول
فيما ثبت في كيفية القبر المشروعة
الذي يهمنا من كيفية القبر الكيفية الظاهرة؛ لأنها موضع النزاع، ولا نتعرض لغيرها إلا تبعًا.
قال الله تبارك وتعالى: {فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ} [المائدة: 31].
* حديث فَضَالة.
"صحيح مسلم"
(1)
: أبو الطاهر أحمد بن عَمْرو بن سَرْح، نا ابن وهب، أخبرني عَمْرو بن الحارث، ح وحدثني هارون بن سعيد الأيلي، نا ابن وهب، حدثني عَمْرو بن الحارث ــ في رواية أبي الطاهر: ــ أنَّ أبا عليّ الهَمْداني حدَّثه، ــ وفي رواية هارون: أن ثمامة بن شُفَيّ حدّثه ــ قال: كنا مع فَضَالة بن عُبيد بأرض الروم، فتوفي صاحبٌ لنا، فأمر فضالة بقبره فسوِّي، ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأمر بتسويتها. اهـ.
* بيانُ طرقه:
حدث أبو علي ثُمامة بن شُفَي الهَمْداني قال: كنا مع فَضَالة بن عُبيد بأرض الروم، فتوفي صاحب لنا، فأمر فضالة بقبره فسُوِّي، ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأمر بتسويتها.
(1)
رقم (968).
رواه عن ثمامة عَمْرو بن الحارث بن يعقوب الأنصاري، ومحمد بن إسحاق.
أما عَمْرو؛ فعنه ابن وهب.
وعن ابن وهبٍ أبو الطاهر أحمد بن عَمْرو بن السَّرْح، وهارون بن سعيد الأيلي، وسليمان بن داود
(1)
.
فعن ابنِ السرح مسلمٌ في "صحيحه"
(2)
، وأبو داود في "سننه"
(3)
، ومن طريق أبي داود رواه البيهقي في "سننه"
(4)
.
[ص 14] وعن هارونَ مسلمٌ في "صحيحه"
(5)
أيضًا، ومحمد بن إسماعيل الإسماعيلي عند البيهقي
(6)
.
وعن سليمانَ النسائيُّ في "سننه"
(7)
.
والروايات كلها مسلسلة بمعنى التحديث، والألفاظ متقاربة، وجميعها مشتركة في قوله: "فأمر فَضالة بقبره فسُوِّي
…
" إلخ.
(1)
ويضاف: يونس بن عبد الأعلى عند الطحاوي في "مشكل الآثار"(3267)، وعبدالعزيز بن مقلاص المصري عند الطبراني في "الكبير":(18/ رقم 811).
(2)
تقدم.
(3)
رقم (3219).
(4)
(4/ 2).
(5)
الموضع السالف.
(6)
الموضع السالف أيضًا.
(7)
رقم (2030).
وأما ابن إسحاق؛ فعنه إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، ومحمد بن عُبيد بن أبي أمية الطنافسي، وأحمد بن خالد الوهبي
(1)
.
فعن الأوَّلَيْنِ: الإمام أحمد في "مسنده"
(2)
(جزء 6/ص 18)؛ إلا أن في النسخة في رواية محمد بن عبيد: ثنا محمد (بن يحيى)
(3)
بن إسحاق عن ثمامة.
وأما في رواية إبراهيم فقال الإمام
(4)
: ثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن إسحاق قال: حدثني ثُمامة
…
إلخ.
وعن الثالث: أبو زُرْعة الدمشقي، وهو عبد الرحمن بن عَمْرو بن صفوان النصري، وعنه أبو العباس الأصم، وعن الأصم الحاكم وغيره، كما في "سنن البيهقي"
(5)
.
وفي هذه الرواية عنعن ابن إسحاق.
ولفظ رواية محمد بن عبيد: "
…
فأصيب ابنُ عمٍّ لنا، فصلى عليه فَضَالة، وقام على حفرته حتى واراه، فلما سوَّينا على حفرته، قال: أخِفّوا عنه، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يأمرنا بتسوية القبور".
(1)
ويضاف: عبد الأعلى عند ابن أبي شيبة (3/ 222)، والطحاوي في "مشكل الآثار"(3268).
(2)
رقم (23934).
(3)
يعني أن "ابن يحيى" مقحمة وإنما هو محمد بن إسحاق، وهكذا جزم في النسخة الأخرى (42)، ومحققو المسند.
(4)
رقم (23936).
(5)
(3/ 411).
وفي رواية إبراهيم: "فقال فضالة: خَفِّفوا فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأمر بتسوية القبور".
وفي رواية أحمد بن خالد عند البيهقي: "
…
فتوفي ابنُ عمٍّ لنا يقال له: نافع بن عبد، قال: فقام فَضالة في حفرته، فلما دفناه قال: خَفِّفوا عليه التراب، [ص 19] فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يأمرنا بتسوية القبور".
هذا الحديث صحيحٌ، نظيفٌ لا غبار عليه، ووجود ابن إسحاق في إحدى الطريقين لا يقدح، مع أنه إنما يُخْشى منه التدليس، وقد صرح بالتحديث.
نعم، قال الذهبي في "الميزان"
(1)
في آخر ترجمة ابن إسحاق: "ما انفرد به ففيه نكارة، فإن في حفظه شيئًا".
وقد انفرد بزيادة "أخِفّوا عنه" كما في رواية، أو "خَفِّفوا" كما في أخرى، أو "خَفِّفوا عليه التراب" كما في ثالثة، لكنها في الحقيقة ليست بزيادة، وإنما هي في مقابل ما في رواية عَمْرو:"فأمر فضالة بقبره فسُوِّي"، فهي تفسير لها، مع أن ههنا قرينة تدلّ على أن ثمامة أوضح القصة لابن إسحاق أتمّ من عَمْرو، وهي وجود اسم المتوفى في رواية ابن إسحاق، وذِكْر ابن إسحاق لاسم المتوفى واسم أبيه (نافع بن عبد) يدل على جودة حفظه للقصة.
على أن الذهبي لم يقل: إن ما انفرد به فهو منكر، بل قال:"ففيه نكارة"، أي نكارة خفيفة، بدليل قوله عقبه:"فإن في حفظه شيئًا"، والنكارة اليسيرة،
(1)
(4/ 395).
وإن كانت تقتضي التوقف، فذلك إذا لم تقم قرينة على الحفظ، كما هنا.
* في "كنز العمال"
(1)
: "سووا القبور على وجه الأرض إذا دفنتم". طب عن فَضَالة بن عبيد.
* [ص 20] ابن حبان في "صحيحه"
(2)
: أخبرنا السجستاني ثنا أبو كامل الجحدري ثنا الفضل بن سليمان عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أُلْحِد له، ونُصِب عليه اللبن نصبًا، ورُفع قبره من الأرض نحوًا من شبر".
* القاسم بن محمد في "سنن أبي داود"
(3)
: عن القاسم بن محمد قال: "دخلت على عائشة فقلت: يا أُمَّاه! اكشفي لي عن قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصاحبيه رضي الله عنهما، فكشفت لي عن ثلاثة قبور، لا مشرفة ولا لاطئة، مبطوحة ببطحاء العَرْصة الحمراء".
وأخرجه الحاكم في "المستدرك"
(4)
: وزاد: "فرأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مقدّمًا، وأبا بكر رأسه بين كتفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وعمر رأسه عند رجلي النبي صلى الله عليه وآله وسلم".
قال الحاكم: صحيح. وأقره الذهبي.
* [ص 21] أبو جعفر بن شاهين في "كتاب الجنائز" له: بسنده عن جابر
(1)
رقم (42387). وهو عند الطبراني في "الكبير": (18/رقم 812). وانظر "السلسلة الضعيفة"(5897).
(2)
رقم (6635).
(3)
رقم (3220).
(4)
(1/ 369).
قال: "سألتُ ثلاثةً كلهم له في قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبٌ: أبا جعفر محمد بن علي، وسألت القاسم بن محمد بن أبي بكر، وسألت سالم بن عبد الله: أَخْبِروني عن قبور آبائكم في بيت عائشة؟ فكلهم قالوا: إنها مُسَنَّمة".
نقلته من "مِرْقاة المفاتيح"
(1)
، ولا أدري ما صحته!
وقد مرَّ عن جابر صفةُ دفن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ويبعد أن لا يحضر دفن الشيخين، فكيف يحتاج إلى السؤال، مع أن الصحابة كانوا يدخلون بيت عائشة، فيسلمون على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصاحبيه.
* "فتح الباري"
(2)
: روى أبو بكر الآجُرِّي في "كتاب صفة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم" من طريق إسحاق بن عيسى ابن بنت داود بن أبي هند عن غُنَيم بن بسطام المديني قال: "رأيت قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم في إمارة عمر بن عبد العزيز، فرأيته مرتفعًا نحو أربع أصابع
…
" إلخ.
لا أدري ما صحته.
* ابن الهمام في "شرح الهداية"
(3)
: روى ابن الحسن
(4)
أخبرنا أبو حنيفة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم قال: أخبرني من رأى قبر النبي
(1)
(2/ 371).
(2)
(3/ 302).
(3)
(2/ 140). وكان المؤلف قد ضرب على هذه الجملة، ثم كتب فوقها (صح) مطولة على كامل الجملة.
(4)
في كتاب "الآثار": (2/ 182).
صلى الله عليه وآله وسلم، وقبر أبي بكر وعمر ناشِزةً من الأرض، وعليها فِلْق من مَدَرٍ أبيض".
نقلته من "المرقاة"
(1)
، ونحوه في "جامع المسانيد"
(2)
، وفيه: أن حمادًا لم يسمّ شيخَه.
* [ص 22] ابن أبي شيبة
(3)
: حدثنا عيسى بن يونس عن سفيان التمَّار: "دخلتُ البيتَ الذي فيه قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم فرأيتُ قبره وقبر أبي بكر وعمر مُسَنَّمة".
أيضًا: ثنا يحيى بن سعيد عن سفيان عن أبي حصين عن الشعبي: "رأيت قبور شهداء أحد جثىً مُسنَّمة". اهـ.
نقلتهما من "الجوهر النقي"
(4)
.
والأثر الأول: في "صحيح البخاري"
(5)
، ولفظه:"أنه رأى قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم مُسنَّمًا".
والثاني: رجاله رجال الصحيح، ولا تضر عنعنة سفيان ههنا؛ لأن الراوي عنه القطان، وهو لا يروي عنه إلا ما ثبت سماعه. انظر "فتح
(1)
(2/ 371).
(2)
(1/ 454).
(3)
(3/ 215). وأخرجه أبو داود في "المراسيل"(423)، وعبدالرزاق:(3/ 505) من طريق الثوري أخبرني بعض أصحابنا عن الشعبي بمثله.
(4)
(4/ 4 ــ بهامش سنن البيهقي).
(5)
كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما. عقب حديث رقم (1390).
المغيث"
(1)
(ص 77).
* الشافعي
(2)
: أخبرنا إبراهيم بن محمد عن جعفر بن محمد عن أبيه: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رشّ على قبر إبراهيم ابنه، ووضع عليه حصباء.
والحصباء لا تثبت إلا على قبرٍ مسطَّح.
أقول: إبراهيم بن محمد أجمع الأئمة على تضعيفه، إلا ابن الأصبهاني والشافعي، قال الشافعي: كان لأن يخرّ من السماء ــ أو قال: من بُعْد ــ أحبّ إليه من أن يكذب.
وصرَّح جماعةٌ من الأئمة بأنه يكذب، وقال الإمام أحمد: يضع.
وقال ابن عدي: قد نظرت أنا الكثير من حديثه، فلم أجد له حديثًا منكرًا، إلا عن شيوخ [ص 19] يُحْتَمَلون، وقد حدَّث عنه الثوري وابن جريج والكبار.
وعلى كل حال، فالرجل ضعيف، ومع هذا فالحديث مرسل. وفي الاحتجاج بالمرسل خلافٌ، لا حاجة لذكره.
* المطلب، أبو داود
(3)
: روى بسنده إلى المطلب بن أبي وداعة قال:
(1)
(1/ 219 ــ ط الجامعة السلفية).
(2)
في "المسند" رقم (599 ــ مع تخريجه). وله شاهد عند أبي داود في "المراسيل": (424).
(3)
رقم (3206). وأخرجه من طريقه البيهقي: (3/ 412)، ولفظهما:"أتعلَّم". والمطلب ليس صحابيًّا. قال الحافظ في "التلخيص": (2/ 141): "وإسناده حسن ليس فيه إلا كثير بن زيد راويه عن المطلب، وهو صدوق. وقد بيّن المطلب أن مخبرًا أخبره ولم يسمّه، ولا يضر إبهام الصحابي
…
".
لما مات عثمان بن مظعون أُخرج بجنازته فدُفِن، فأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم رجلًا أن يأتيه بحجر، فلم يستطع حملها، فقام إليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحسر عن ذراعيه. قال المطلب: قال الذي يخبرني عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كأني أنظر إلى بياض ذراعي النبي صلى الله عليه وآله وسلم [ص 22] حين حسر عنهما، ثم حملها فوضعها عند رأسه، وقال:"أُعَلِّمُ بها قبرَ أخي، وأدفنُ إليه من مات من أهلي". اهـ.
* في "الصحيحين"
(1)
: عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مرضه الذي لم يقم منه: "لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد". قالت: ولولا ذلك لأُبْرِزَ قبره، غير أنه خشي أن يكون مسجدًا". اهـ.
(1)
البخاري رقم (1330)، ومسلم رقم (529).
* آثار
- الشافعي في "الأم"
(1)
: لم أرَ قبور المهاجرين والأنصار مجصَّصة.
- مالك: من مذهبه حُجّية عمل أهل المدينة، وقد قرر التسنيم، وترك التجصيص والبناء، وقضيته أن عمل أهل المدينة كان على التسنيم، وترك التجصيص والبناء
(2)
.
- "الجوهر النقي"
(3)
: عن الطبري: هيئة القبور سنة متبعة، ولم يزل المسلمون يُسَنِّمون قبورهم. ثم قال: ثنا ابن بشار ثنا عبد الرحمن ثنا خالد ابن أبي عثمان قال: رأيت قبر ابن عمر مسنَّمًا.
- محمد بن الحسن في "الآثار"
(4)
: عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم كان يقال: ارفعوا القبر حتى يُعْرَف أنه قبر فلان.
- "النهاية"
(5)
(جمهر): وفي حديث موسى بن طلحة أنه شهد دفن رجل، فقال: جمهروا قبره، أي اجمعوا عليه التراب جمعًا، ولا تطيّنوه، ولا تسوّوه.
(1)
(2/ 631).
(2)
انظر "تهذيب المدونة": (1/ 346)، و"الذخيرة":(2/ 478 - 479).
(3)
(4/ 4).
(4)
(2/ 190).
(5)
(1/ 180).