المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

عليه عادته وإذا عرض أهم منه في الشرع ولا يمكن - بستان العارفين للنووي

[النووي]

الفصل: عليه عادته وإذا عرض أهم منه في الشرع ولا يمكن

عليه عادته وإذا عرض أهم منه في الشرع ولا يمكن الجمع بينهما انتقل إلى الأفضل ولا يزال هكذا وربما كان في اليوم الواحد على مائة حال أو ألف وأكثر على حسب تمكنه في المعارف وظهور الدقائق له واللطائف وأما المرائي فيلزم حالة

واحدةدة بحيث لو عرض له مهم يرجحه الشرع عليه في بعض الأحوال لم يأت بهذا المهم بل يحافظ على حالته لأنه يرائي بعبادته وحاله المخلوقين فيخاف من التغير ذهاب محبتهم إياه فيحافظ على بقائها والصادق يريد بعبادته وجه الله تعالى فحيث رجح الشرع حالا صار إليه ولا يعرج على المخلوقين. وقد بسطت القول في هذه الحكاية في أول شرح المهذب وذكرت دلائلها وأوضحتها بالأمثلة ومقصودها ما ذكرته هنا فاقتصرت عليه والله أعلم. بحيث لو عرض له مهم يرجحه الشرع عليه في بعض الأحوال لم يأت بهذا المهم بل يحافظ على حالته لأنه يرائي بعبادته وحاله المخلوقين فيخاف من التغير ذهاب محبتهم إياه فيحافظ على بقائها والصادق يريد بعبادته وجه الله تعالى فحيث رجح الشرع حالا صار إليه ولا يعرج على المخلوقين. وقد بسطت القول في هذه الحكاية في أول شرح المهذب وذكرت دلائلها وأوضحتها بالأمثلة ومقصودها ما ذكرته هنا فاقتصرت عليه والله أعلم.

‌‌

‌فصل

اعلم أنه ينبغي لمن أراد شيئا من الطاعات وإن قل أن يحضر النية وهو أن يقصد بعمله رضا الله عز وجل وتكون نيته حال العمل ويدخل في هذا جميع العبادات من الصلاة والصوم والوضوء والتيمم والاعتكاف والحج والزكاة والصدقة وقضاء الحوائج وعيادة المريض واتباع الجنائز وابتداء السلام ورده وتشميت العاطس وإنكار المنكر والأمر بالمعروف وإجابة الدعوة وحضور مجالس العلم والأذكار وزيارة الأخيار والنفقة على الأهل والضيف وإكرام أهل الودوذوي الأرحام ومذاكرة العلم والمناظرة فيه وتكراره وتدريسه وتعليمه ومطالعته وكتابته وتصنيفه والفتاوي وكذلك ما أشبه هذه الأعمال حتى لا ينبغي له إذا أكل أو شرب أو نام يقصد بذلك التقوى على طاعة الله أو راحة البدن للتنشيط للطاعة وكذلك إذا أراد جماع زوجته يقصد إيصالها حقها وتحصيل ولد صالح يعبد الله تعالى واعفاف نفسه وصيانتها من التطلع إلى حرام والفكر فيه فمن حرم النية في هذه الأعمال فقد حرم خيرا عظيما كثيرا ومن وفق لها فقد أعطى فضلا جسيما فنسأل الله الكريم التوفيق لذلك وسائر وجوه الخير ودلائل هذه القاعدة ما قدمناه من قوله رسول صلى الله عليه وسلم إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى (قال العلماء من أهل اللغة والأصول والفقه إنما للحصر تفيد تحصيل

ص: 29

المذكور ونفي ما سواه وقد قدمنا هذا في أول الباب وقد قالوا أنه قيل لأبي يحيى حبيب بن أبي ثابت التابعي مفتي أهل الكوفة والمعول عليه عندهم رحمه الله حدثنا عن أشق شيء قال مجيء النية. وعن سفيان الثوري رحمه الله قال ما عالجت أشد علي من نيتي. وعن يزيد بن هارون رحمه الله ما عزت النية في الحديث إلا لشرفها وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال إنما يحفظ الرجل على قدر نيته. وعن غيره إنما يعطي الناس قدر نياتهم. وعن لإمام أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي بالاسناد الصحيح أنه قال وددت أن الخلق تعلموا هذا على أن لا ينسب إلى حرف منه وقال الشافعي أيضا ما ناظرت أحدا قط على الغلبة ووددت إذا ناظرت أحدا أن يظهر الحق على يديه. وقال أيضا ما كلمت أحدا قط إلا أحببت أن يوفق ويسدد ويعاون ويكون عليه رعاية من الله تعالى وحفظ. وقال الإمام أبو يوسف صاحب أبي حنيفة رحمهما الله تعالى أريدوا بعلمكم الله تعالى فإني لم أجلس في مجلس قط أنوي فيه أن أتواضع إلا لم أقم حتى أعلوهم ولم أجلس مجلسا قط أنوي فيه أن أعلوهم إلا لم أقم حتى أفتضح.

فصل

وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:) إن اللهَ تعالى كتَبَ الحَسَناتِ والسَّيِّئات، فمَن همَّ بِحَسنةٍ فلم يعمَلها كتَبها اللهُ عندَه حسَنةً وإن همَّ بها فعَملَها كتَبها اللهُ عشرَ حسَناتٍ إلى سَبعِمائةٍ ضعفٍ إلى أضعافٍ كثيرةٍ (.

وثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الجيش الذين يقصدون

ص: 30

الكعبة:) يُخسَفُ بأوَّلهم وآخرِهم، فقالت عائشة رضي الله تعالى عنها يا رسولَ اللهِ كيفَ يخسفُ بأوَّلهم وآخرِهم وفيهم أشرافٌ، ومَن ليسَ منهم فقال يُخسفُ بأوَّلهم وآخرِهم ثم يُبعثُونَ على نيَّاتهم (.

وثبت في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:) لا هِجرة بعدَ الفَتح ولكن جِهادٌ ونيَّةٌ (.

قلت اختلف أصحابنا وغيرهم من العلماء في معنى لا هجرة بعد الفتح فقيل معناه لا هجرة من مكة إذ صارت دار إسلام. وقيل لا هجرة بعد الفتح كاملة الفضل. وأما الهجرة من دار الكفار اليوم فواجبة وجوبا متأكدا على من قدر عليها إذا لم يقدر على إظهار دين الاسلام هناك فإن قدر استحب ولا يجب والله تعالى اعلم وروينا عن السيد الجليل أبي ميسرة عمر بن شرحبيل التابعي الكوفي الهمذاني باسكان الميم وبالدال المهملة رضي الله تعالى عنه أنه كان إذا أخذ عطاءه تصدق منه فإذا جاء إلى أهله فعده وجدوه سواء فقال لابن أخيه ألا تفعلون مثل هذا فقالوا لو علمنا أنه لا ينقص لفعلنا قال أبو ميسرة إني لست أشرط هذا على ربي عز وجل. وقال أمامنا أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله خير الدنيا والآخرة في خمس خصال غنى النفس وكف الأذى وكسب الحلال ولباس التقوى والثقة بالله عز وجل على كل حال وروينا عن السيد الجليل حماد بن سلمة رحمه الله وكان يعد من الابدال قال من طلب الحديث لغير الله تعالى مكر به وقال أحمد بن أبي الحواري السيد الجليل في كتاب الزهد الذي صنفه وسترى ما أنقل من النفائس إن شاء الله تعالى ولم يحصل إلى الآن إسناده ولكن عندي منه نسخة جيدة محققة

ص: 31

متقنة ذكر لي بعض أهل العلم والخبرة أنها بخط الدارقطني رحمه الله. قال أحمد حدثنا إسحاق بن خلف قال حدثنا حفص بن غياث قال كان عبد الرحمن بن الأسود رضي الله تعالى عنه لا يأكل الخبز إلا بنية قلت لاسحاق وأي شيء النية في أكل الخبز قال كان يأكل فإذا ثقل عن الصلاة خفف ليخف بها فإذا خفف ضعف فأكل ليقوى فكان أكله لها وتركه لها قلت معنى يخف أي ينشط وتسهل عليه ويلتذ بها. وأحمد بن الحواري يقال بفتح الراء وبكسرها والكسر أشهر والفتح سمعته مرات من شيخنا الحافظ أبي البقاء يحكيه عن أهل الإتقان وعن بعضهم والله تعالى أعلم.

وقال أحمد بن أبي الحواري سمعت أبا سليمان يعني الداراني رحمه الله يقول عاملوا الله بقلوبكم معناه طهروا قلوبكم وصفوها وهذبوها ولا تخلوا شيئا من الأعمال الظاهرة. والداراني يقال بالقنون بعد الألف الثانية ويقال بهمزة بدل النون وهو ابلنون أشهر وأكثر استعمالا والهمز أقرب إلى الأصل وهو منسوب إلى دارنا القرية الكبيرة النفيسة بجانب دمشق وكان أبو سليمان من كبار العارفين وأصحاب الكرامات الظاهرة والأحوال الباهرة والحكم المتظاهرة واسمه عبد الرحمن بن أحمد بن عطية وسيمر بك إن شاء الله تعالى جمل ما أنقله عنه من النفائس وهو أحد متأخري بلادنا دمشق وما حولها رضي الله تعالى عنه قال ما أدرك ما عندك من أدرك بكثرة صلاة ولا صوم ولكن بسخاء

ص: 32

النفس وسلامة الصدر والنصح للأمة وقال أمامنا الشافعي رضي الله تعالى عنه من أراد أن يقضي الله تعالى له بالخير فليحسن الظن بالناس. أخبرنا شيخنا الإمام الحافظ أبو البقاء بقراءتي عليه قال أخبرنا الحافظ عبد الغني إجازة أخبرنا أبو طاهر السلفي أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أحمد الدوني قال سمعت أبا الحسن علي بن محمد الأسد أبادي أخبرنا علي بن الحسين بن علي أخبرنا أبو منصور يحيى بن أحمد المروزي قال سمعت أبا العباس أحمد بن منصور قال سمعت أبا طاهر محمد بن الحسين بن ميمون يقول سمعت أبا موسى هارون بن موسى يقول قال أبو حاتم محمد بن إدريس سمعت أبا قبيصة يقول رأيت سفيان الثوري في المنام فقال ما فعل الله تعالى بك فقال:

نظرت إلى ربي كفاحا فقال لي

هنيئا رضائي عنك يا ابن سعيد

لقد كنت قواما إذا أظلم الدجا

بعبرة مشتاق وقلب عميد

فدونك فاختر أي قصر أردته

وزرني فإني منك غير بعيد

قلت السلفي بكسر السين المهملة وفتح اللام منسوب إلى جده يقال له سلفة كان هذا الجد مشقوق الشفة فقلب بالفارسية سيه لفة بكسر السين وفتح اللام أي ذو ثلاث شفاه ثم عربت فقيل سلفة وكان أبو طاهر السلفي أحد حفاظ عصره. وأما الدوني بضم الدال وإسكان الواو فمنسوب إلى الدون قرية بخراسان من أعمال الدينورو اما الأسدابادي فمنسوب إلى بني ثور بن عبد مناف بن أد بن طابخة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. وأما قوله نظرت إلى ربي كفاحا فهو بكسر الكاف ومعناه معاينة من غير حجاب ولا رسول وقوله إذا أظلم الدجا هو الظلام وقوله عميد أي محب صادف الحب لله. قال أهل اللغة العميد القلب الذي هزه العشق.

أخبرنا شيخنا الإمام الحافظ أبو البقاء رحمه الله أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن معالي أخبرنا القاضي أبو بكر الخطيب أخبرنا أبو الفتح محمد بن أحمد بن أبي الفوارس أخبرنا محمد بن أحمد الوراق قال سمعت عبد الله بن سهل الرازي يقول سمعت يحيى بن معاذ الرازي رضي الله تعالى عنه يقول كم

ص: 33

من مستغفر ممقوت وساكت مرحوم هذا استغفر الله وقلبه فاجر وهذا ساكت وقلبه ذاكر. وبالاسناد إلى الخطيب قال حدثنا أبو الحسن الواعظ قال سمعت أبا عبد الله أحمد بن عطاء الروزبادي رحمه الله يقول من خرج إلى العلم يريد العلم به نفعه قليل العلم. وبهذا الاسناد قال أبو عبد الله بن عطاء العلم موقوف على العمل به قلت يعني العلم النافع المطلوب كما قال أمامنا الشافعي رضي الله تعالى عنه ليس العلم ما حفظ. العلم ما نفع. وأخبرنا شيخنا أبو البقاء أخبرنا أبو محمد أخبرنا أبو بكر أخبرنا الخطيب أخبرنا علي بن محمود الصوفي أخبرنا عبد الوهاب بن الحسن الكلابي حدثنا سعيد بن عبد العزيز الحلبي قال سمعت قاسما الجوعي رضي الله تعالى عنه يقول الدين الورع فأفضل العبادة مكابدة الليل وأفضل طريق الجنة سلامة الصدر قلت الجوعي بضم الجيم وإسكان الواو. وقال الإمام الحافظ أبو سعيد السمعاني في كتاب الانساب قاسم الجوعي هذا له كرامات منسوب إلى الجوع. قال ولعله كان يبقى جائعا كثيرا وأخبرنا شيخنا أبو البقاء أخبرنا أبو محمد أخبرنا أبو بكر أخبرنا الخطيب أخبرنا أحمد بن الحسن بن السماك قال سمعت أبا بكر الدقي قال سمعت أبا بكر الزقاق رضي الله تعالى عنه يقول بني أمرنا هذا على أربع لا نأكل إلا على فاقة ولا ننام إلا عن غلبة ولا نسكت إلا عن خيفة ولا نتكلم إلا عن وجد قلت الدقي بضم الدال وإسكان القاف المشددة وهو من كبار الصوفية وأهل المعارف والكرامات توفي سنة ستين وثلاثمائة وأما الزقاق فبفتح الزاي وتشديد القاف قال السمعاني هو نسبة إلى الزق وعمله وبيعه كان أبو بكر الزقاق هذا من كبار الصوفية أصحاب الكرامات

ص: 34

الظاهرات والمعارف والمتظاهرات وبهذا الاسناد إلى الزقاق قال كل أحد ينسب إلى نسب إلا الفقراء فإنهم ينسبون إلى الله عز وجل وكل حسب ونسب ينقطع إلا حسبهم فإن نسبهم الصدق وحسبهم الفقر. وبلغنا عن الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه فيما رواه البيهقي رحمه الله بإسناده عن يونس بن عبد الله وقيل بن عبد الأعلى قال قال الشافعي رضي الله تعالى عنه يا أبا موسى لو اجتهدت كل الجهد على أن ترضى الناس كلهم فلا سبيل إليه فإن كان كذلك فأخلص عملك ونيتك لله عز وجل.

وأخبرنا شيخنا أبو البقاء أخبرنا أبو محمد أخبرنا أبو بكر أخبرنا الخطيب أخبرنا أحمد بن الحسين الواعظ قال سمعت أبا بكر الطرسوسي يقول سمعت أبا بكر بن شيبان يقول سمعت أبا عبد الله المغربي يقول صوفي بلا صدق الروزجار أحسن منه قلت هو براء مضمومة ثم واو ساكنة ثم زاي ثم جيم ثم ألف ثم راء وهو الذي يعمل في الطين بالمجرفة ونحوها.

وروينا بأسانيد متعددة عن مقاتل بن صالح الخراساني قال دخلت على حماد بن سلمة رضي الله تعالى عنه فإذا ليس في البيت بيته إلا حصير وهو جالس عليه ومصحف يقرأ فيه وجراب فيه علمه ومطهرة يتوضأ فيها فبينا أنا عنده إذ دق داق الباب فقال يا صبية أخرجي أنظري من هذا قالت هذا رسول محمد بن سليمان قال قولي له يدخل وحده فدخل وسلم وناوله كتابا فقال اقرأه فإذا فيه بسم الله الرحمن الرحيم من محمد بن سليمان إلى حماد بن سلمة أما بعد فصبحك الله بما صبح به أولياءه وأهل طاعته وقعت مسألة فانا نسألك فيها فقال يا صبية هلمي بالدواة ثم قال اكتب في ظهر الكتاب.

ص: 35

اما بعد: فأنت صبحك بما صبح به أولياءه وأهل طاعته أدركنا العلماء وهم لا يأتون أحدا فإن وقعت مسألة فائتنا فتسألنا عما بدا لك وأن أتيتني فلا تأتني إلا وحدك ولا تأتني بخيلك ورجلك فلا أنصحك ولا أنصح نفسي والسلام. فبينا أنا عنده جالس إذ دق داق الباب فقال يا صبية أخرجي انظري من هذا فقال محمد بن سليمان قال قولي له يدخل وحده فسلم ثم جلس بين يديه فقال مالي إذا نظرت إليك امتلأت رعبا فقال حماد سمعت ثابتا يعني البناني يقول سمعت أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول العالم إذا أراد بعلمه وجه الله تعالى هابه كل شيء وإذا أراد يكثر به الكنوز هاب من كل شيء فقال ما تقول يرحمك الله في رجل له ابنان وهو عن أحدهما أرضى فأراد أن يجعل له في حياته ثلثي ماله فقال لا ويرحمك الله فإني سمعت ثابتا البناني يقول أنس بن مالك يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله عز وجل إذا أراد أن يعذب عبدا بماله وفقه عند موته لوصية جائرة. قال فحاجة قال هات ما لم تكن رزية في دين الله قال أربعين ألف درهم تستعين بها على ما أنت عليه قال أرددها على من ظلمته بها قال والله ما أعطيتك إلا ما ورثته قال لا حاجة لي فيها قال اروها عني روى الله عنك أوزارك قال فغير هذا قال هات ما لم يكن رزية في دين الله قال تأخذها فتقسمها قال فلعلي إن عدلت في قسمتها أن يقول بعض من لم يرزق منها أنه لم يعدل في قسمتها فيأثم اروها عني روى الله عنك أوزارك قلت ما أحسن

ص: 36

هذه الحكاية وما أحسن فوائدها وما جمعت من النفائس والتنبيه على قواعد مهمة وهي بارزة لا تحتاج إلى التنصيص عليها ولكن فيها أحرف من اللغة نضبطها وإن كانت معروفة صيانة لها. فقوله ومصحف يقرأ فيه يقال مصحف بضم الميم وكسرها وفتحها ثلاث لغات الضم أفصح وقد أوضحتها وبينت أصولها واشتقاقها في كتاب تهذيب الأسماء واللغات. وقوله جراب هو بكسر الجيم وفتحها لغتان والكسر أجود. وقوله مطهرة هي بكسر الميم وفتحها لغتان وهي كالإبريق والركوة وغيرهما مما يتطهر به. وقوله هلمي بمعنى اعطيني وهذه إحدى اللغتين والأخرى هلم للرجل والمرأة والمثنى والمجموع وهي أفصح وبها جاء القرآن قال الله عز وجل (هلم شهداءكم) و (هلم الينا) وقوله هات هو بكسر التاء بلا خلاف. أخبرنا شيخنا الحافظ أبو البقاء بقراءتي عليه أخبرنا الحافظ عبد الغني اجازة أخبرنا محمد بن عبد الباقي أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الخطيب أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن بشران أخبرنا الحسين بن صفوان حدثنا عبد الله بن محمد حدثني أبو عبد الله التميمي عن أبيه قال رأيت حماد بن سلمة في النوم فقلت ما فعل بك ربك قال خيرا قلت ماذا قال قال لي طالما كدت نفسك فاليوم أطيل راحتك وراحة المتعوبين من أجلي بخ بخ ماذا أعددت لهم.

ص: 37