المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب في نفائس مأثورة - بستان العارفين للنووي

[النووي]

الفصل: ‌باب في نفائس مأثورة

‌باب في نفائس مأثورة

روينا في صحيح البخاري رحمه الله قال قال عمار رضي الله عنه في هذه الكلمات ثلاث من جمعهن فقد جمع الإيمان الانصاف من نفسك وبذل السلام للعالم والانفاق في الاقتار.

قلت قد جمع رضي الله عنه في هذه الكلمات خيرات الآخرة والدنيا وعلى هذه مدار الاسلام لأن من أنصف من نفسه فيما الله تعالى وللخلق عليه ولنفسه من نصيحتها أو صيانتها فقد بلغ الغاية في الطاعة وقوله بذل السلام للعالم هو بفتح اللام يعني الناس والتكبر عليهم الارتفاع فوقهم يعني للناس كلهم لقول النبي صلى الله عليه وسلم وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف (وهذه من أعظم مكارم الأخلاق. وهو متضمن للسلامة من العداوات والأحقاد واحتقار الناس والتكبر عليهم والارتفاع فوقهم وأما الانفاق من الاقتار فهو الغاية في الكرم وقد مدح الله سبحانه وتعالى على ذلك فقال تعالى ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة. وهذا عام في نفقة الرجل على عياله وضيفه

ص: 39

والسائل منه وكل نفقة في طاعة الله عز وجل. وهو متضمن للتوكل على الله تعالى والاعتماد على سعة فضله والثقة بضمان الرزق. ويتضمن أيضا الزهد في الدنيا وعدم إدخار متاعها وترك الاهتمام بشأنها والتفاخر والتكاثر بها ويتضمن غير ما ذكرته من الخيرات لكني أؤثر في هذا الكتاب الاختصار البليغ خوفا من الملل. وقد روينا هذه الكلمات في شرح السنة للبغوي عن عمار عن النبي صلى الله عليه وسلم والله أعلم.

روينا في صحيح مسلم رحمه الله قال حدثنا يحيى بن يحيى قال أخبرنا عبد الله بن أبي يحيى بن أبي كثير قال سمعت أبي يقول لا يستطاع العلم براحة الجسم.

وروينا في صحيح البخاري رضي الله تعالى عنه قال قال ربيعة يعني شيخ مالك بن أنس الإمام رضي الله تعالى عنهما لا ينبغي لمن عنده شيء من العلم أن يضيع نفسه قلت في معنى كلام ربيعة قولان أوضحتهما في شرح صحيح البخاري واختصرتهما هنا أحدهما معناه من كانت فيه نجابة في العلم وحصل طرفا منه وظهرت فيه أمارات التبريز فيه فينبغي له أن أن يجتهد في تتمته ولا يضيع طلبه فيضع نفسه والثاني معناه من حصل له العلم ينبغي له أن يسعى في نشره مبتغيا به رضا الله تعالى ويشيعه في الناس لينتقل عنه وينتفع به الناس وينتفع هو وينبغي أن يرفق في نشره بمن يأخذه منه ويسهل طرق أخذ ليكون أبلغ في نصيحة العلم فإن الدين النصيحة.

وقد اختلف أصحاب الشافعي رحمه الله وإياهم فيمن كان بالصفة المذكورة في الأول هل يتعين عليه تتميم الطلب ويحرم الترك أم يبقى في حقه فرض كما كان فلا يحرم عليه الترك إذا قام به غيره وهذا الثاني هو قول أكثرهم وهو الصحيح المختار والله أعلم.

وروينا عن عمر بن الخطاب وابنه عبد الله رضي الله تعالى عنهما قال من رق وجهه رق علمه. ومعناه من استحيا في طلب العلم كان علمه رقيقا أي قليلا.

ص: 40

وروينا في صحيح البخاري رضي الله تعالى عنه قال قال مجاهد رحمه الله لا يتعلم العلم مستحي ولا متكبر.

وروينا في صحيح مسلم وغيره عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت نعم النساء نساء الأنصار لم يكن يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين.

وروينا في صحيح البخاري قال قال عمر رضي الله تعالى عنه تفقهوا قبل أن تسودوا ومعناه أحرصوا على إتقان العلم والتمكن في تحصيله وأنتم شبان لا أشغال لكم ولا رئاسة ولا سن فإنكم إذا كبرتم وصرتم سادة متبوعين امتنعتم من التفقه والتحصيل وهذا نحو ما قال الشافعي رضي الله تعالى عنه تفقه قبل أن ترأس فإذا رأست فلا سبيل إلى التفقه. أخبرنا شيخنا أبو البقاء أخبرنا أبو محمد أخبرنا أبو بكر أخبرنا الخطيب أخبرنا أبو محمد الأصبهاني حدثنا جعفر الخالدي قال سمعت الجنيد رحمه الله يقول ما أحب أن أموت حيث أعرف أخاف أن لا تقبلني الأرض وافتضح بهذا الاسناد قال الجنيد سمعت سريا يقول إني لأنتظر إلى أنفي كل يوم مرتين مخافة أن يكون قد اسود وجهي.

وبهذا الإسناد إلى الخطيب قال حدثنا علي بن القاسم قال سمعت الحسين بن أرجك يقول من خير المواهب العقل ومن شر المصائب الجهل. وبالإسناد إلى الخطيب قال أخبرنا عبد العزيز حدثنا محمد قال سمعت أبا عبد الله محمد بن عبد الله تلميذ بشر بن الحارث قال سمعت ابن الحارث رضي الله عنه يقول كانوا لا يأكلون تلذذا ولا يلبسون تنعما قال وهذا طريق الآخرة والأنبياء والصالحين ومن بعدهم فمن زعم أن الأمر في غير هذا فهو مفتون. وبالإسناد إلى الخطيب قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد النيسابوري حدثنا محمد بن عبد الله بن بهلول الفقيه حدثنا أحمد بن علي بن

ص: 41

أبي حمير قال سمعت سهل بن عبد الله رحمه الله يقول حرام على قلب أن يشم رائحة اليقين وفيه سكون إلى غير الله تعالى وحرام على قلب أن يدخله النور وفيه شيء مما يكرهه الله تعالى. وبالإسناد إلى الخطيب قال أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد الأهوازي حدثنا أبو عبد الله محمد بن مخلد العطار حدثنا موسى بن هارون حدثنا محمد يعني ابن نعيم بن هصيم قال سمعت بشر هو ابن الحارث رحمه الله يقول: أوحى الله تعالى إلى داود صلى الله عليه وسلم يا داود لا تجعل بيني وبينك عالما مفتونا فيصدك بسكره عن طريق محبتي أولئك قطاع طريق عبادي نسأل الله العافية أخبرنا شيوخنا الثلاثة الأئمة القاضي الإمام بقية المشايخ أبو الفضل عبد الكريم بن القاضي أبي القاسم عبد الصمد بن محمد الأنصاري والإمام الحافظ أبو البقاء خالد بن يوسف والشيخ الإمام أبي عبد الله محمد بن عبد المحسن بن محمد بن منصور الأنصاري الدمشقيون قال أخبرنا الشيخ الإمام أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري أخبرنا أبو إسحاق بن عمر بن أحمد البرمكي أخبرنا أبو محمد عبد الله بن إبراهيم بن ناشي أخبرنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله الكحي حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري حدثنا سليمان التيمي عن أبي عثمان النهدي عن سلمان رضي الله تعالى عنه قال لا يعلم الناس عون الله بالضعيف ما عالوا بالظهر. وقال الشافعي رضي الله تعالى عنه. عليك بالزهد فالزهد على الزاهد أحسن من الحلى على الناهد. وقال الربيع رحمه الله تعالى قال لي الشافعي رضي الله عنه يا ربيع فيما لا يعنيك فإنك إذا تكلمت بالكلمة ملكتك ولم تملكها.

وقال المزني رحمه الله سمعت الشافعي رضي الله تعالى عنه يقول ليس لأحد إلا له محب ومبغض فإذا لا بد من ذلك فليكن المرء مع أهل طاعة الله عز وجل. وروينا عن الحسن بن عمران بن عيينة أن سفيان بن عيينة رضي الله تعالى عنه قال له بالمزدلفة في آخر حجة حجها قد وافيت هذا الموضع سبعين

ص: 42

مرة أقول في كل مرة اللهم لا تجعله آخر العهد من هذا المكان وقد استحييت من الله عز وجل من كثرة ما أسأله فرجع فتوفي في السنة الداخلة. أخبرنا الشيخ الأمين السيد أبو الفضل محمد بن محمد بن محمد بن التيمي البكري بقراءتي عليه بكلاسة جامع دمشق. قال أخبرنا الشيخ أبو حفص عمر بن محمد بن معمر بن طبرزد قال أخبرنا الحافظ أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي قال سمعت عبد الدائم بن الحسن الهلالي يقول سمعت عبد الوهاب بن الحسن الكلابي يقول سمعت محمد بن خريم العقيلي يقول سمعت أحمد بن أبي الحواري يقول تمنيت أن أرى أبا سليمان الداراني رحمه الله في المنام فرأيته بعد سنة فقلت يا معلم ما فعل الله بك فقال يا محمد جئت من باب الصغير فلقيت وسق شيخ فأخذت منه عودا ما أدري تخللت به أو رميت به فأنا في حسابه منذ سنة إلى هذه الليلة قلت ما أبلغ هذه الحكاية في الحث على الورع والتحذير من التساهل في محقرات المظالم، والوسق بفتح الواو وبكسرها لغتان وهو الحمل، ومعمر المذكور بضم الميم الأول وفتح الثانية وتشديدها، وخريم بضم الخاء وبالراء، والعقيلي بضم العين. أخبرنا شيخنا الإمام الصالح الحافظ المتقن أبو إسحاق إبراهيم بن عيسى بن يوسف المرادي بقراءتي عليه قال أخبرنا الشيخ الإمام أبو الحسن بن هبة الله الحميري أخبرنا الحافظ أبو طاهر السلفي، أخبرنا الإمام أبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن زنجويه أخبرنا أبو طالب يحيى بن علي الدسكري قال سمعت أبا أحمد الغطريفي يقول سمعت أبا العباس محمد بن إسحاق السراج يقول سمعت عبد الله بن محمد الوراق يقول مروا بمعروف أيام الفتنة يتقاتلون وهو يقول لهم مروا أصحبكم الله مروا بارك الله فيكم فقيل له إنهم يخرجون عن القتال فقال إن أصحبهم الله لم يقاتلوا.

ص: 43

أخبرنا شيخنا أبو إسحاق بهذا الاسناد إلى السراج قال سمعت ابن أبي الدنيا يقول جلس إلى معروف فاغتاب رجل منهم رجلا فقال يا هذا اذكر يوم يوضع القطن على عينيك، وبهذا الإسناد قال السراج سمعت يحيى بن أبي طالب يقول سمعت يعقوب بن أخي معروف يقول سمعت عمي يقول كلاما فيما لا يعنيه خذلان من الله تعالى. وبهذا الاسناد قال السراج سمعت علي بن الموفق يقول كان من دعاء معروف يا مالك يا قدير يا من ليس له نظير. وبهذا الإسناد إلى الغطريفي بن أدهم بالشام فقلت ما أقدمك ها هنا فقال أما إني لم أقدمها لجهاد ولا لرباط ولكن قدمتها لأشبع من خبز حلال. وروينا عن الحافظ أحمد بن عبد الله العجلي قال ربعي بن خراش تابعي ثقة لم يكذب قط كان له ابنان عاصيان زمن الحجاج فقيل للحجاج إن أباهما لم يكذب قط لو أرسلت إليه فسألته عنهما فأرسل إليه فقال أين ابناك فقال هما في البيت فقال قد عفونا عنهما بصدقك وقال الحارث الغزي آلى ربيع بن خراش أن لا يصير ضاحكا حتى يعلم أين مصيره فما ضحك إلا بعد موته وآلى أخوه ربعي بعده أن لا يضحك حتى يعلم أفي الجنة هو أو في النار. قال الحارث ولقد أخبرني غاسله أنه لم يزل متبسما على سريره ونحن نغسله حتى فرغنا من غسله.

وروينا عن أحمد بن عبد الله قال اجتمع قراء أهل الكوفة في منزل الحكم بن عتيبة فأجمعوا على أن أقرأ أهل الكوفة طلحة بن مصرف فبلغه ذلك فقعد إلى الأعمش يقرأ عليه ليذهب لذلك الاسم عنه. قلت عتيبة بتاء مثناة من فوق ثم ياء مثناة من تحت ثم باء موحدة ومصرف بضم الميم وفتح الصاد المهملة وكسر الراء المشددة على المشهور. وقيل بفتح الراء. وعن الإمام الشافعي رحمه الله قال قيل لأبي بن كعب رضي الله تعالى عنه يا أبا المنذر عظني قال وأخي الاخوان على قدر تقواهم ولا تجعل لسانك بدأت

ص: 44

لمن لا يرغب فيه ولا تغبط الحي إلا بما تغبط به الميت. وعن الشافعي رحمه الله قال قال فضيل بن عياض رضي الله تعالى عنه كم ممن يطوف بهذا البيت وآخر بعيد منه وأعظم أجرا منه. وعن الشافعي عن فضيل قال قال داود النبي صلى الله عليه وسلم إلهي كن لابني كما كنت لي فأوحى الله تعالى إليه يا داود قل لابنك يكن لي كما كنت لي أكون له كما كنت لك. وعن الشافعي رحمه الله قال قال هشام بن عبد الملك ارفع حاجتك إلي فقال قد رفعتها إلى الجواد الكريم. وروينا في رسالة القشيري رحمه الله في باب كرامات الأولياء قال كان لجعفر الخلدي فص فوقع يوما في دجلة وكان عنده دعاء مجرب للضالة ترد فدعا به فوجد الفص في وسط أوراق كان يتصفحها. قال القشيري سمعت أبا حاتم السجستاني يقول سمعت أبا نصر السراج يقول إن ذلك الدعاء يا جامع الناس ليوم لا ريب فيه اجمع على ضالتي. قلت وقد جربت هذا الدعاء فوجدته نافعا سببا لوجود الضالة على قرب غالبا وأنه لم ينخرم. وسمعت شيخنا أبا البقاء يقول نحو ذلك وهو علمنيه أولا قول فص هو بفتح الفاء وكسرها لغتان الفتح أجود. وأما جعفر الخلدي هو بضم الخاء المعجمة وإسكان اللام قال الحافظ الإمام أبو سعيد السمعاني في الأنساب الخلد محلة ببغداد ينسب إليها صبيح الراوي عن عثمان بن عفان وعائشة رضي الله تعالى عنهما. قال وأما جعفر بن محمد بن نصر الخلدي الخواص أبو محمد أحد مشايخ الصوفية له كرامات ظاهرة وإنما قيل له الخلدي لأنه كان يوما عند الجنيد فسأل يوما على مسألة فقال الجنيد أجبهم فأجابهم فقال له الجنيد من أين لك هذه الأجوبة فقال من خلدي فبقي عليه هذا الاسم حتى توفي سنة ثمان وأربعين وثلثمائة روى عنه الدارقطني وأبو حفص بن شاهين وغيرهما وكان ثقة روى عن الحارث بن أبي أسامة وغيره وقال أحمد بن أبي الحواري

ص: 45

في كتاب الزهد سمعت بعض أصحابنا أظنه أبا سليمان يعني الداراني رضي الله عنه قال لإبليس شيطان يقال له متقاض ابن آدم عشرين سنة ليخبر بعمله الذي يعمله سرا فيظهر له ليزيح عنه ما بين السر والعلانية وروينا عن إبراهيم بن سعيد قال قلت لأبي سعد بن إبراهيم بم فاقكم الزهري قال كان يأتي المجالس من صدورها ولا يأتيها من خلفها ولا يبقى في المجلس شاب إلا سائله ولا كهل إلا سائله ولا عجوز ولا فتى إلا سائله ثم يأتي الدار من دور الأنصار فلا يبقي فيها شاب إلى سائله ولا كهل إلا سائله ولا عجوز إلا سائلها ولا كهلة إلا سائلها حتى يحاور أرباب الحجول. ومن أحسن ما يتأدب به في ترك الاعتناء بحسن اللباس والمأكل والمشرب ونحوها ما روينا عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه بإسنادنا إلى أبي عوانة الاسرايني قال حدثنا أبو حبيب المصيصي حدثنا حجاج قال سمعت شعبة يحدث عن قتادة قال سمعت أبا عثمان النهدي رحمه الله قال أتانا كتاب عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ونحن بأذربيجان مع عتبة بن فرقد.

أما بعد فاتزروا وارتدوا وانتعلوا وارموا بالخفاف والقوا السراويلات وعليكم بلباس أبيكم إسماعيل صلى الله عليه وسلم وإياكم والتنعم وزي العجم وعليكم

ص: 46

بالشمس فإنها حمام العرب وتمعدوا وأخشوشنوا واخلولقوا واقطعوا الركب وارموا الأغراض. قوله اخلولقوا لم أقف على ضبطه ولعلها بالخاء المعجمة من قول العرب اخلولق السحاب إذا استوى واخلولق الرسم إذا استوى بالأرض. أما ضبط ألفاظه فالمصيصي بكسر الميم والصاد المشددة ويقال بفتح الميم وتخفيف الصاد والأول أشهر وأرجح نسبة إلى المصيصة البلدة المعروفة بناحية طرسوس ببلاد الأرمن وأبو عثمان النهدي بفتح النون وإسكان الهاء منسوب إلى جد له من أجداده والأول اسمه نهد بن زيد بن ليث. واسم أبي عثمان عبد الرحمن بم مل بفتح الميم وضمها وكسرها واللام مشددة فيها. ويقال ملء بكسر الميم وإسكان اللام وبعدها همزة وهو من كبار التابعين المخضرمين وأحدهم مخضرم بفتح الراء وهو من أدرك الجاهلية. والإسلام وحياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يره صلى الله عليه وسلم وقد بينت هذا القدر من حالة في الإرشاد في علوم الحديث الذي اختصرته من كتاب الشيخ أبي عمرو بن الصلاح رحمه الله تعالى. وكان أبو عثمان رحمه الله عظيم القدر كبير الشأن

ص: 47

قال بلغت نحوا من ثلاثين ومائة سنة وما من شيء إلا وقد أنكرته إلا أملي فإني أجده كما هو. ولما قتل الحسين رضي الله تعالى عنه تحول من الكوفة إلى البصرة وقال لا أسكن بلدا قتل فيه ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات سنة خمس وتسعين من الهجرة وقيل سنة مائة رحمه الله بأذربيجان. هو إقليم معروف. وفي ضبطه وجهان مشهوران أحدهما بإسكان الذال المعجمة من غير مد وفتح الراء وبعدها باء موحدة مكسورة ثم ياء مثناة من تحت ساكنة ثم جيم والثاني بمده في أوله وفتح الذال وإسكان الراء وقوله وزي العجم هو بكسر الزاي وقوله وتمعدوا أي تخلقوا بعادة أبيكم معد بن عدنان في خشونة العيش. واختلف النحويون في ميم معد هل هي أصلية أم زائدة فقال سيبويه أصلية وغيره يقول زائدة وقوله أرموا الأغراض أي ارموا بالقسي وقوله وتروا معناه إذا ركبتم الخيل فبتوا من الأرض ولا ترتفعوا على حدر ونحوه ولا تركبوا بالركب المعتادة للعجم في سروجهم.

أخبرنا الشيخ الفقيه المسند أبو محمد عبد الرحمن بن سالم بن يحيى الأنباري قال أخبرنا الحافظ عبد القادر الزهاوي قال حدثنا القاضي أبو سليمان داود بن محمد بن الحسين الخالدي قال أخبرنا عمر بن محمد بن أحمد النسفي أخبرنا الحسن بن عبد الملك أخبرنا الحسين بن محمد بن نعيم أخبرنا عبد الله بن محمد بن أحمد بن يعقوب أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا محمد بن مرزوق حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا عيسى بن حميد الراسي أبو همام حدثنا أبو حفص النضر عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنه أتى رجلا يسأله عن ستر المؤمن فقلت لست أنا ذاك ولكن ذاك رجل يقال له شهاب فسار جابر فأتى عاملها يعني عامل البلدة الوالي رجلا يقال له مسلمة فأتى الباب فقال للبواب قل للأمير ينزل إلي فدخل البواب وهو مبتسم فقال له الأمير ما شأنك قال رجل على بعير قال قل للأمير ينزل إلي فقال ألا سألته من هو فرجع فسأله فقال أنا جابر بن عبد الله الأنصاري فرجع إلى الأمير وأخبره فوثب عن مجلسه فأشرف عليه وقال اصعد فقال جابر ما أريد أن أصعد ولكن حدثني أين منزل شهاب قال اصعد فأرسل إليه فيقضي حاجتك فقال لا أريد أن يأتيه

ص: 48

رسولك فإن رسول الأمير إذا جاء رجلا راعه ذاك وأنا أكره أن يروع رجل من المسلمين بسببي فنزل الأمير يمشي معه حتى أتى شهابا فأشرف عليهم شهاب فقال إما أن تصعدوا وإما أن أنزل إليكم قال جابر ما أريد أن تنزل إلينا وما نريد أن نصعد إليك ولكن حدثنا بحديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من ستر على أخيه المؤمن فكأنما أحياه. ومما أنشدوا في اكرام من له نسبة إلى المحبوب قول بعضهم:

الا حي الديار بسعد اني

أحب لحب فاطمة الديارا

سعد بضم السين المهملة وإسكان العين اسم موضع بنخل قال أبو بكر الهمذاني في كتاب الاشتقاق أصله سعد يضم مخفف بإسكانها وهو جمع سعيد كرغيف ورغف وإنما لم يصرفه الشاعر وإن كان مذكورا لأنه جعله اسما لأرض بعينها ويشبه هذا قول الآخر:

أحب الأيامي إذ بثينة أيم

وأحببت لما ان عنيت الغواني

الأيامي النسوة التي لا أزواج لهن والغواني المزوجات وقوله عنيت هو بكسر التاء أي تزوجت وهذا الضرب من بديع الكلام أن يرجع من الغيبة إلى المخاطبة فقال بثينة ثم قال عنيت وله نظائر كثيرة في القرآن العزيز منها قوله تعالى (عبس وتولى أن جاءه الأعمى وما يدريك) وقوله (والحمد لله رب العالمين) إلى قوله (إياك نعبد) وهو جاء عكسه وهو الرجوع من الخطاب إلى الغيبة فمن ذلك قوله تعالى (حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم) . أخبرنا الأنباري عبد الحافظ أخبرنا عبد القادر الرهاوي أخبرنا عبد الرحيم بن علي الشاهد أخبرنا محمد بن طاهر المقدسي الحافظ أخبرنا أبو الفتح المفيد

ص: 49

أخبرنا أبو الحسن بن علي بن محمد بن طلحة حدثنا سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني قال سمعت أبا يحيى زكريا بن يحيى الساجي رحمه الله قال كنا نمشي في أزقة البصرة إلى باب بعض المحدثين فأسرعت المشي وكان مع رجل منهم ماجن في دينه فقال ارفعوا أرجلكم عن أجنحة الملائكة لا تكسروها كالمستهزئ فما زال في موضعه حتى جفت رجلاه وسقط. وقال الحافظ عبد الحافظ إسناد هذه الحكاية كالوجد أو كرأي العين لأن رواتها أعلام أئمة.

وبالاسناد إلى المقدسي قال أخبرنا أبو الحسين يحيى بن الحسين العلوي أخبرنا ابن الحسين الضبعي: قال سمعت عبد الله بن محمد بن محمد العكبري يقول سمعت أبا عبد الله محمد بن يعقوب المتوثي يقول سمعت أبا داود السجستاني يقول كان في أصحاب الحديث رجل خليع إلى أن سمع بحديث النبي صلى الله عليه وسلم أن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع فجعل في عقبيه مسامير حديد وقال أريد أن أطأ أجنحة الملائكة فأصابه أكلة في رجليه. قلت المتوثي بميم مفتوحة ثم تاء مثناة من فوق مشددة مضمومة وواو ساكنة ثم ثاء مثلثة ثم ياء النسب.

وذكر الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن محمد بن الفضل التيمي رحمه الله في كتابه شرح صحيح مسلم هذه الحكاية فيها وشلت رجلاه ويداه وسائر أعضائه. قال وقرأت في بعض الحكايات أن بعض المبتدعة حين سمع قول النبي صلى الله عليه وسلم إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإِناء حتى يغسلها فإنه لا يدري أين باتت يده (. قال ذلك المبتدع على سبيل التهكم أنا أدري أين باتت يدي في الفراش فأصبح وقد أدخل يده في دبره إلى ذراعه. قال التيمي فليتق المرء الاستحفاف بالسنن ومواضع التوقيف فانظر كيف وصل إليهما شؤم فعلهما. قلت ومعنى هذا الحديث ما قاله الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه وغيره من العلماء رضي الله تعالى عنهم أن النائم تطوف يده في نومه على

ص: 50

بدنه فلا يأمن أنها مرت على نجاسة من دم بثرة أو قملة أو برغوث أو على محل الاستنجاء وما أشبه ذلك والله أعلم.

قوله شلت يداه أي يبست وبطلت حركتها وهو بفتح الشين على اللغة الفصيحة وفيها لغة أخرى بضمها والله أعلم. قلت ومن هذا المعنى ما وجد في زمامنا هذا وتوارثت به الأخبار وثبتت عند القضاة أن رجلا بقرية ببلاد بصرى في أوائل سنة خمس وستين وستمائة كان شاب سيئ الاعتقاد في أهل الخير وله ابن يعتقد فيهم فجاء ابنه يوما من عند شيخ صالح ومعه مسواك فقال ما أعطاك شيخك؟ مستهزئا قال هذا المسواك فأخذه منه وأخله في دبره احتقارا له فبقي مدة ثم ولد ذلك الرجل الذي أدخل المسواك في دبره جروا قريب الشبه بالسمكة فقتله ثم مات الرجل في الحال أو بعد يومين عافانا الله الكريم من بلائه ووفقنا الله لتنزيه السنن وتعظيم شعائره.

أخبرنا الشيخ الفقيه المسدد أبو محمد عبد الرحمن بن سالم الأنباري رحمه الله أخبرنا القاضي الإمام أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الأنصاري أخبرنا الإمام أبو الفتح نصر الله بن محمد بن عبد القوي المصيصي أخبرنا الشيخ الفقيه الإمام أبو الفتح نصر بن إبراهيم بن نصر المقدسي الزاهد رضي الله تعالى عنه أخبرنا القاضي أبو الحسن محمد بن علي فيما كتب إلي قال أخبرنا أحمد بن يعقوب الهروي قال حدثنا أبو عبد الله الروزبادي حدثنا عمر بن مخلد الصوفي قال قال ابن أبي الورد قال معروف الكرخي رضي الله تعالى عنه علامة مقت الله تعالى للعبد أن تراه مشتعلا بما لا يعنيه.

أخبرنا شيخنا الحافظ أبو البقاء رحمه الله أخبرنا أبو محمد أخبرنا القاضي أبو بكر أخبرنا الخطيب أخبرنا أبو سعيد يعني محمد بن موسى بن

ص: 51

الفضل بن إبراهيم قال سمعت الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى يقول تسأله الجنة وتأتي ما يكره ما رأيت أحدا أقل نظرا منك لنفسك.

أخبرنا أبو البقاء حدثنا أبو محمد حدثنا أبو بكر الخطيب أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن السراج قال سمعت أبا بكر أحمد بن السائح قال سمعت القاسم بن محمد صاحب سهل يقول سمعت سهل بن عبد الله يقول ليس بين العبد وبين الله حجاب أغلظ من الدعوى ولا طريق إليه أقرب من الافتقار.

وروينا بأسانيد صحيحة عن أبي يحيى النكراوي قال ما رأيت أعبد لله من شعبة حتى جف جلده على عظمه ليس بينهما لحم وبلغنا عن الشافعي رحمه الله قال خير الدنيا والآخرة في خمس خصال غنى النفس وكف الأذى وكسب الحلال ولباس التقوى والثقة بالله عز وجل على كل حال.

وعن الشافعي رحمه الله تعالى قال من غلبت عليه شدة الشهوة لحب الدنيا لزمته العبودية لأهلها ومن رضي بالقنوع زال عنه الخضوع.

ص: 52

وقال الشافعي رضي الله تعالى عنه من أحب أن يفتح الله قلبه ويرزقه العلم فعليه بالخلوة وقلة الأكل وترك مخالطة السفهاء وبعض أهل العلم الذين ليس معهم إنصاف ولا أدب. وقال الشافعي رضي الله تعالى أنفع الذخائر التقوى وأضرها العدوان. وقال الشافعي رضي الله تعالى عنه ورحمه أفضل الأعمال ثلاثة ذكر الله تعالى ومواساة الأخوان وإنصاف الناس من نفسك: يعني هذه الثلاثة من أفضل الأعمال. وقال الشافعي رحمه الله لا يعرف الرياء إلا مخلص. يعني لا يتمكن في معرفة حقيقته والاطلاع على غوامض خفياته إلا من أراد الإخلاص فإنه يجتهد أزمانا في مطاولة البحث والفكر والتنقيب عنده حتى يعرفه أو يعرف بعضه ولا يحصل هذا لكل أحد وإنما يحصل هذا للخواص. وأما من يزعم من آحاد الناس أنه يعرف الرياء فهو جهل منه بحقيقته.

وسأذكر في هذا الكتاب بابا إن شاء الله تعالى ترى فيه من العجائب ما تقر به عينك إن شاء الله تعالى، ويكفي في شدة خفائه ما رويناه عن الأستاذ الإمام أبي القاسم القشيري رحمه الله في رسالته بإسنادنا المتقدم عنه قال سمعت محمد بن الحسين يقول سمعت أحمد بن علي بن جعفر يقول سمعت الحسن بن علوية يقول قال أبو يزيد رضي الله تعالى عنه كنت ثنتي عشرة سنة حداد نفسي وخمس سنين كنت مرآة قلبي وسنة أنظر فيما بينهما فإذا في وسطي زنار ظاهر فعملت في قطعه ثنتي عشرة سنة ثم نظرت فإذا في باطني زنار فعملت في قطعه خمس سنين أنظر كيف أقطع فكشف لي فنظرت إلى الخلق فرأيتهم موتى فكبرت عليهم أربع تكبيرات.

قلت يكفي في شدة خفاء الرياء اشتباهه هذا الاشتباه على هذا السيد الذي عز نظيره في هذا الطريق وأما قوله فرأيتهم موتى فهو في غاية من النفاسة

ص: 53

والحسن قل إن يوجد في غير كلام النبي صلى الله عليه وسلم كلام يحصل معناه وأنا أشير إلى معناه بعبارة وجيزة فمعناه أنه لما جاهد هذه المجاهدة وتهذيب نفسه واستنار قلبه واستولى على نفسه وقهرها وملكها ملكا تاما وانقادت له انقيادا خالصا نظر إلى جميع المخلوقين فوجدهم موتى لا حكم لهم فلا يضرون وله ينفعون، ولا يعطون ولا يمنعون ولا يحيون ولا يميتون ولا يصلون ولا يقطعون ولا يقربون ولا يبعدون ولا يسعدون ولا يشقون ولا يرزقون ولا يحرمون ولا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا، وهذه صفة الأموات أن يعاملوا معاملة الموتى في هذه الأمور المذكورة وأن لا يخافوا ولا يرجوا ولا يطمع فيما عندهم ولا يراؤوا ولا يداهنوا ولا يشتغل بهم ولا يحتقروا ولا ينتقصوا ولا تذكر عيوبهم ولا تتبع عثراتهم ولا ينقب عن زلاتهم ولا يحسدوا ولا يستكثر فيهم ما أعطاهم الله تعالى من نعمة ويرحموا ويعذروا فيما يأتونه من النقائص مع أنا نقيم الحدود عليهم ما جاء الشرع به من الحدود ولا يمنعنا إقامة الحد ما قدمناه ولا يمنعنا أيضا ما قدمناه من إقامة الحد أنا نحرص على ستر عوراتهم من غير تنقص لهم بها يفعل ذلك بالميت وإذا ذكرهم ذاكر بشين نهيناه عن الخوض في ذلك كما ننهاه عن ذلك في الميت ولا نفعل شيئا لهم ولا نتركه ولا نمتنع من القيام بشيء من طاعات الله بسببهم ولا نمتنع من ذلك بسبب الميت ولا نتكثر بمدحهم.

ولا نحبه ولا نكره سبهم إيانا ولا نقابله فالحاصل أنهم كالعدم في جميع ما ذكرناه فهم مدبرون تجري فيهم أحكام الله تعالى فمن عاملهم هذه المعاملة جمع خير الآخرة والدنيا نسأل الله الكريم التوفيق لذلك. فهذه الأحرف كافية في الاشارة إلى شرح كلامه رضي الله عنه والله أعلم.

وروينا بإسنادنا إلى القشيري رحمه الله قال سمعت الشيخ أبا عبد الرحمن يعني السلمي إما الصوفية في زمانه وبعده قال سمعت العباس البغدادي يقول سمعت جعفرا يقول سمعت الجنيد يقول سمعت السري رحمه الله يقول يا معشر الشباب جدوا قبل أن تبلغوا مبلغي فتضعفوا وتقصروا كما قصرت قال وكان في ذلك الوقت لا تلحقه الشباب إلى العبادة. وقال

ص: 54

أحمد بن أبي الحواري في كتاب الزهد حدثنا سويد قال رأيت إبن أبي مرئد في السوق وفي يده عرق ورغيف وهو يأكل وكان طلب للقضاء ففعل ذلك حتى تخلص قلت العرق بفتح العين وإسكان الراء هو العظم عليه قليل لحم ومما يشبه هذا ما رواه الإمام البيهقي بإسناد عن الإمام الشافعي رحمه الله قال دخل سفيان الثوري رضي الله تعالى عنه على أمير المؤمنين فجعل يتجانن عليهم ويمسح البساط ويقول ما أحسنه بكم أخذتم هذا قال البول البول حتى أخرج يعني حتى أخرج يريد أنه احتال ليتباعد عنهم. ويسم من أمرهم قال الشافعي رضي الله تعالى عنه مات ابن للحسين بن علي رضي الله تعالى عنهما فلم ير عليه كآبة فعوتب في ذلك فقال أنا أهل بيت نسأل الله تعالى فيعطينا فإذا أراد ما نكره فيما يجب رضينا. وقال أحمد بن أبي الحواري سمعت أبا سليمان يقول ما نحب من نحب إلا بطاعتهم لمؤدبهم وأنت تعصيني قد أمرتك أن تفتح أصابعك. وفي الترمذي ضمها. وعن سعيد بن جبير رضي الله تعالى عنه أنه نظر إلى ابنه فاقل إني لأعلم خلة فيك قال وما هي قال تموت فاحتسبه. وعن أبي الحسن المدائني قال قيل لأعرابية ما أحسن عزاك على ابنك فقالت أن فقد أبيه أنسى المصائب بعده. وقال موسى بن المهتدي

ص: 55

لإبراهيم بن سلم وعزاه بابنه فقال أسرك وهو بلية وفتنة وحزنك وهو صلوات ورحمة. قال وكتب رجل إلى بعض إخوانه يعزيه بإبنه أما بعد فإن الولد على والده ما عاش حزن وفتنة وإذا قدمه فصلاة ورحمة فلا تجزع على ما فاتك من حزنه وفتنته ولا تضيع ما عوضك الله تعالى من صلاته ورحمته. وقال أحمد بن أبي الحواري سمعت أبا سليمان يقول أقمت عشرين سنة لم أحتلم فأحدثت بمكة حدثا فما أصبحت حتى احتلمت فقلت وأي شيء كان الحدث قال تركت صلاة العشاء الآخرة في المسجد الحرام في جماعة.

وروينا عن الإمام مالك رضي الله عنه تلقى الرجل وما يلحن حرفا وعمله لحن كله.

وروينا عن الإمام أبي بكر محمد بن يحيى بن عبد الله بن العباس بن محمد بن صول المصولي بضم الصاد المهملة وإسكان الواو قال بعض الزهاد أعربنا في كلامنا فما نلحن ولحنا في أعمالنا فما نعرب قال الشاعر:

لم نؤت من جهل ولكننا

نستر وجه العلم بالجهل

نكره أن نلحن في قولنا

وما نبالي اللحن في الفعل

وأخبرنا الشيخ أبو محمد اسماعيل بن أبي إسحاق إبراهيم بن أبي البشر شاكر أخبرنا أبو طاهر بركات بن إبراهيم بن طاهر الخشوعي أخبرنا أبو محمد هبة الله بن أحمد بن محمد الاكفاني حدثنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت البغدادي الحافظ أخبرنا عبيد الله بن عمر الواعظ حدثني عبد الله بن محمد بن نصر بن علي الجهضمي حدثني محمد بن خالد حدثنا علي بن نصر قال رأيت الخليل بن أحمد رحمة الله في النوم فقلت في منامي لا أرى أحدا أعقل من الخليل فقلت ما صنع الله بك قال رأيت ما كنا فيه فإنه لم يكن شيء أفضل من سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر. وفي رواية قال علي بن نصر رأيت الخليل بن أحمد في المنام فقلت له ما فعل ربك بك قال غفر لي قلت بم نجوت قال بلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. قلت كيف وجدت علمك أعني العروض والأدب والشعر قال وجدته هباء منثورا.

ص: 56

وبهذا الاسناد إلى أحمد بن علي بن ثابت قال أنشدنا أبو الحسن محمد بن المظفر أنشدنا أبو بكر أحمد بن سليمان النجار أنشدنا هلال بن العلاء لنفسه:

سيبلى لسان كان يعرف لفظه

فيا ليته في وقفة العرض يسلم

وما ينفع الاعراب إن لم يكن تقي

وما ضر ذا التقوى لسان معجم

ص: 57