المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: وفاته صلى الله عليه وسلم - تاريخ الإسلام - ط التوفيقية - جـ ١

[شمس الدين الذهبي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الأول

- ‌مقدمات

- ‌تقديم

- ‌بين يدي الكتاب:

- ‌ترجمة الإمام الذهبي

- ‌السيرة النبوية قبل الهجرة:

- ‌ذِكْرُ نَسَبِ سَيِّدِ الْبَشَرِ:

- ‌مَوْلِدُهُ الْمُبَارَكُ صلى الله عليه وسلم:

- ‌أَسْمَاءُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَكُنْيَتُهُ:

- ‌ذِكْرُ مَا وَرَدَ فِي قِصَّةِ سَطِيحٍ وَخُمُودِ النِّيرَانِ لَيْلَةَ الْمَوْلِدِ وَانْشِقَاقِ الْإِيوَانِ:

- ‌ذكر وفاة والده صلى الله عليه وسلم عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عبد المطلب

- ‌حَرْبُ الْفِجَارِ:

- ‌شَأْنُ خَدِيجَةَ:

- ‌حَدِيثُ بُنْيَانِ الْكَعْبَةِ، وَحُكْمُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ قُرَيْشٍ فِي وَضْعِ الحجر الأسود:

- ‌وَمِمَّا عَصَمَ اللَّهُ بِهِ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ:

- ‌ذِكْرُ مَبْعَثِهِ صلى الله عليه وسلم:

- ‌فَأَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِهِ خَدِيجَةُ "رضي الله عنها:

- ‌وَمِنْ مُعْجِزَاتِهِ صلى الله عليه وسلم:

- ‌إِسْلامُ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ:

- ‌فَصْلٌ فِي دَعْوَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَشِيرَتَهُ إِلَى اللَّهِ وَمَا لَقِيَ مِنْ قومه

- ‌شِعْرُ أَبِي طَالِبٍ فِي مُعَادَاةِ خُصُومِهِ

- ‌إِسْلَامُ حَمْزَةَ:

- ‌إِسْلَامُ عُمَرَ-رضي الله عنه

- ‌الْهِجْرَةُ الْأُولَى إِلَى الْحَبَشَةِ ثُمَّ الثَّانِيَةُ

- ‌إِسْلَامُ ضِمَادٍ

- ‌إِسْلَامُ الْجِنِّ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا وَرَدَ مِنْ هَوَاتِفِ الْجَانِّ وَأَقْوَالِ الكهّان:

- ‌بَابُ: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ

- ‌ذكر أذية المشتركين للنبي صلى الله عليه وسلم وللمسلمين

- ‌ذِكْرُ شِعْبِ أَبِي طَالِبٍ وَالصَّحِيفَةِ:

- ‌بَابُ: {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ}

- ‌دُعَاءُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى قُرَيْشٍ بِالسَّنَةِ

- ‌ذِكْرُ الرُّومِ:

- ‌ثُمَّ تُوُفِّيَ عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ وَزَوْجَتُهُ خَدِيجَةُ:

- ‌ذِكْرُ الْإِسْرَاءِ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى:

- ‌ذِكْرُ مِعْرَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إلى السماء

- ‌زَوَاجُهُ صلى الله عليه وسلم بِعَائِشَةَ وَسَوْدَةَ أمي المؤمنين:

- ‌عَرْضُ نَفْسِهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْقَبَائِلِ:

- ‌حَدِيثُ سُوَيْدِ بْنِ الصَّامِت:

- ‌حَدِيثُ يَوْمِ بُعَاثٍ:

- ‌الْعَقَبَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌تسمية من شهداء العقبة

- ‌ذِكْرُ أَوَّلِ مَنْ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ:

- ‌سِيَاقُ خُرُوجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إلى المدينة مهاجرا

- ‌فَصْلٌ فِي مُعْجِزَاتِهِ صلى الله عليه وسلم سِوَى مَا مَضَى فِي غُضُونِ الْمَغَازِي

- ‌فَصْلٌ فِي تَسْبِيحِ الْحَصَى فِي يَدِهِ صلى الله عليه وسلم:

- ‌بَابٌ: مِنْ أَخْبَارِهِ صلى الله عليه وسلم بالكوائن بعده فوقعت كما أخبر

- ‌بَابٌ: جَامِعٌ مِنْ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ

- ‌بَابُ: آخِرِ سُورَةٍ نُزِّلَتْ

- ‌باب: في النسخ والمحور من الصدور

- ‌ذكر صفة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌خاتم النّبوّة:

- ‌بَابٌ: جَامِعٌ مِنْ صِفَاتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌حَدِيثُ أُمِّ مَعْبَدٍ فِي صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

- ‌بَابُ: قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}

- ‌بَابُ: هَيْبَتِهِ صلى الله عليه وسلم وَجَلَالِهِ وحبّه وشجاعته وقوّته وفصاحته

- ‌بَابُ: زُهْدِهِ صلى الله عليه وسلم وَبِذَلِكَ يُوزن الزُّهْدُ وَبِهِ يُحدّ

- ‌فَصْلٌ مِنْ شَمَائِلِهِ وَأَفْعَالِهِ صلى الله عليه وسلم:

- ‌بَابٌ: مِنَ اجْتِهَادِهِ وَعِبَادَتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌باب: في ملابسه صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ: خَوَاتِيمُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ: نَعْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وخفه

- ‌بَابُ: مُشْطِهِ وَمِكْحَلَتِهِ صلى الله عليه وسلم وَمِرْآتِهِ وَقَدَحِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ

- ‌بَابُ: سِلَاحِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَدَوَابِّهِ وَعُدَّتِهِ

- ‌وَقَدْ سُحِرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم في شواء

- ‌بَابُ: مَا وُجِدَ مِنْ صُورَةِ نَبِيِّنَا وَصُوَرِ الْأَنْبِيَاءِ -عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- عِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ بِالشَّامِ

- ‌بَابٌ: فِي خَصَائِصِهِ صلى الله عليه وسلم وَتَحْدِيثِهِ أُمَّتَهُ بِهَا امْتِثَالًا لِأَمْرِ اللَّهِ لِقَوْلِهِ تعالى {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ}

- ‌بَابُ: مَرَضِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ: وَفَاتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌محتوى الجزء الأول سيرة النبي صلى الله عليه وسلم من تاريخ الإسلام:

الفصل: ‌باب: وفاته صلى الله عليه وسلم

‌بَابُ: وَفَاتِهِ صلى الله عليه وسلم

قَالَ أَيُّوبُ: عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِي وَيَوْمِي وَبَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي، وَكَانَ جِبْرِيلُ يُعَوِّذُهُ بِدُعَاءٍ إِذَا مَرِضَ، فَذَهَبْتُ أَدْعُو بِهِ، فَرَفَعَ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَ:"فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى، فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى" وَدَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَبِيَدِهِ جَرِيدَةٌ رِطْبَةٌ، فَنَظَرَ إِلَيْهَا، فَظَنَنْتُ أَنَّ لَهُ بِهَا حَاجَةً، فَأَخَذْتُهَا فَنَفَضْتُهَا وَدَفَعْتُهَا إِلَيْهِ، فَاسْتَنَّ بِهَا أَحْسَنَ مَا كَانَ مُسْتَنًّا، ثُمَّ ذَهَبَ يُنَاوِلُنِيهَا، فَسَقَطَتْ مِنْ يَدِهِ، فَجَمَعَ اللَّهُ بَيْنَ رِيقِي وَرِيقِهِ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنَ الدُّنْيَا1. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ هَكَذَا.

لَمْ يَسْمَعْهُ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، مِنْ عَائِشَةَ؛ لِأَنَّ عِيسَى بْنَ يُونُسَ قَالَ: عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّ ذَكْوَانَ مَوْلَى عَائِشَةَ أَخْبَرَهُ، أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَقُولُ: إِنَّ مِنْ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيَّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تُوُفِّيَ فِي بَيْتِي، وَفِي يَوْمِي وَبَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي، وَأَنَّ اللَّهَ جَمَعَ بَيْنَ رِيقِي وَرِيقِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ، دَخَلَ عَلَيَّ أَخِي بِسِوَاكٍ وَأَنَا مُسْنِدَةٌ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى صَدْرِي، فَرَأَيْتُهُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، وَقَدْ عَرَفْتُ أَنَّهُ السِّوَاكُ وَيَأْلَفُهُ، فَقُلْتُ: آخُذُهُ لَكَ؟ فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ أَنْ نَعَمْ، فَلَيَّنْتُهُ لَهُ، فَأَمَرَّهُ عَلَى فِيهِ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ -أو علبة- فيها مَاءٌ، فَجَعَلَ يُدْخِلُ يَدَهُ فِي الْمَاءِ فَيَمْسَحُ وَجْهَهُ، ثُمَّ يَقُولُ:"لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، إِنَّ لِلْمَوْتِ سَكَرَاتٍ"، ثُمَّ نَصَبَ إِصْبَعَهُ الْيُمْنَى فَجَعَلَ يَقُولُ:"فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى، فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى" حَتَّى قُبِضَ، وَمَالَتْ يَدُهُ2. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ.

وقال حمّاد بن يزيد، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَتْ فَاطِمَةُ: لَمَّا مَاتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وهي تبكي:

1 صحيح: أخرجه البخاري "4450" في المصدر السابق، والبيهقي في "الدلائل""7/ 206".

2 صحيح: أخرجه البخاري "4449"، في المصدر السابق، والبيهقي في "الدلائل""7/ 206، 207".

ص: 378

يَا أَبَتَاهُ مِنْ رَبِّهِ مَا أَدْنَاهُ

يَا أَبَتَاهُ جَنَّةُ الْفِرْدَوْسِ مَأْوَاهُ

يَا أَبَتَاهُ إِلَى جِبْرِيلَ نَنْعَاهُ

يَا أَبَتَاهُ أَجَابَ رَبًّا دَعَاهُ

قَالَ: وَقَالَتْ: يَا أَنَسُ، كَيْفَ طَابَتْ أَنْفُسُكُمْ أَنْ تَحْثُوا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم التراب؟ 1 "خ".

وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بين سحري ونحري، وفي بَيْتِي وَفِي يَوْمِي، لَمْ أَظْلِمْ فِيهِ أَحَدًا، فَمِنْ سَفَاهَةِ رَأْيِي وَحَدَاثَةِ سِنِّي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَاتَ فِي حِجْرِي، فَأَخَذْتُ وِسَادَةً فَوَسَّدْتُهَا رَأْسَهُ وَوَضَعْتُهُ مِنْ حِجْرِي، ثُمَّ قُمْتُ مَعَ النِّسَاءِ أَبْكِي وَأَلْتَدِمُ2. الِالْتِدَامُ: اللَّطْمُ.

وَقَالَ مَرْحُومُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ العطّار: حدثنا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ بَابَنُوسَ أَنَّهُ أَتَى عَائِشَةَ، فَقَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا مَرَّ بِحُجْرَتِي أَلْقَى إِلَيَّ الْكَلِمَةَ يُقِرُّ بِهَا عَيْنِي، فَمَرَّ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ، فَعَصَبْتُ رَأْسِي وَنِمْتُ عَلَى فِرَاشِي، فَمَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:"ما لك"؟ قُلْتُ: رَأْسِي، فَقَالَ:"بَلْ أَنَا وَارَأْسَاهُ، أَنَا الَّذِي أَشْتَكِي رَأْسِي"، وَذَلِكَ حِينَ أَخْبَرَهُ جِبْرِيلُ أَنَّهُ مَقْبُوضٌ، فَلَبِثْتُ أَيَّامًا، ثُمَّ جِيءَ بِهِ يُحْمَلُ فِي كِسَاءٍ بَيْنَ أَرْبَعَةٍ، فَأُدْخِلَ عَلَيَّ، فَقَالَ:"يَا عَائِشَةُ أَرْسِلِي إِلَى النِّسْوَةِ"، فَلَمَّا جِئْنَ قَالَ:"إِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَخْتَلِفَ بَيْنَكُنَّ، فأذنَّ لِي فَأَكُونُ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ"، قُلْنَ: نَعَمْ، فَرَأَيْتُهُ يَحْمَرُّ وَجْهُهُ وَيَعْرَقُ، وَلَمْ أَكُنْ رَأَيْتُ مَيِّتًا قَطُّ، فَقَالَ:"أَقْعِدِينِي"، فَأَسْنَدْتُهُ إِلَيَّ، وَوَضَعْتُ يَدِي عَلَيْهِ، فَقَلَّبَ رَأْسَهُ، فَرَفَعْتُ يَدِي، وَظَنَنْتُ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُصِيبَ مِنْ رَأْسِي، فَوَقَعَتْ مِنْ فِيهِ نُقْطَةٌ بَارِدَةٌ عَلَى تُرْقُوَتِي أَوْ صَدْرِي، ثُمَّ مَالَ فَسَقَطَ عَلَى الْفِرَاشِ، فَسَجَّيْتُهُ بِثَوْبٍ، وَلَمْ أَكُنْ رَأَيْتُ مَيِّتًا قَطُّ، فَأَعْرِفُ الْمَوْتَ بِغَيْرِهِ، فَجَاءَ عُمَرُ يَسْتَأْذِنُ، وَمَعَهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، فَأَذِنْتُ لَهُمَا، وَمَدَدْتُ الْحِجَابَ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا عَائِشَةَ مَا لِنَبِيِّ اللَّهِ؟ قُلْتُ: غُشِيَ عَلَيْهِ مُنْذُ سَاعَةٍ، فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ فَقَالَ: وَاغَمَّاهُ، إِنَّ هَذَا لَهُوَ الغمّ، ثمّ غطّاه، ولم يتكلّم

1 صحيح: أخرجه البخاري "4462" في المصدر السابق.

2 إسناده حسن: أخرجه ابن إسحاق في "السيرة""2/ 482"، وعنه أحمد "6/ 274"، والبيهقي في "الدلائل""7/ 213".

ص: 379

الْمُغِيرَةُ، فَلَمَّا بَلَغَ عَتَبَةَ الْبَابِ، قَالَ الْمُغِيرَةُ: مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَا عُمَرُ، فَقَالَ: كَذَبْتَ، مَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَا يَمُوتُ حَتَّى يَأْمُرَ بِقِتَالِ الْمُنَافِقِينَ، بَلْ أَنْتَ تَحُوشُكَ فِتْنَةٌ.

فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: مَا لِرَسُولِ اللَّهِ؟ قُلْتُ: غُشي عَلَيْهِ، فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ، فَوَضَعَ فَمَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى صِدْغَيْهِ ثُمَّ قَالَ: وَانَبِيَّاهُ وَاصَفِيَّاهُ وَاخَلِيلَاهُ، صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} 1. {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} 2، {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} 3، ثُمَّ غَطَّاهُ وَخَرَجَ إِلَى النَّاسِ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، هَلْ مَعَ أَحَدٍ مِنْكُمْ عَهْدٌ مِنْ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: لَا، قَالَ: مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَقَالَ: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} الآيات.

فَقَالَ عُمَرُ: أَفِي كِتَابِ اللَّهِ هَذَا يَا أَبَا بَكْرٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ عُمَرُ: هَذَا أبو بَكْرٍ صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْغَارِ، وَثَانِيَ اثْنَيْنِ فَبَايِعُوهُ، فَحِينَئِذٍ بَايَعُوهُ4.

رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدِّمِيُّ عَنْهُ. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ" بِطُولِهِ عَنْ بَهْزِ بْنِ أَسَدٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، أنا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ، فَذَكَرَهُ بِمَعْنَاهُ.

وَقَالَ عُقَيْلٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، أَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ أنّ أبا بكر أقبل على فرس من مسكنه بِالسُّنْحِ5 حَتَّى نَزَلَ، فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ فَلَمْ يُكَلِّمِ النَّاسَ حَتَّى دَخَلَ عَلَيَّ، فَتَيَمَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُغَشًّى بِبُرْدٍ حِبْرَةٍ، فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ، ثُمَّ أَكَبَّ عَلَيْهِ يُقَبِّلُهُ، ثُمَّ بَكَى، ثُمَّ قَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهُ لَا يَجْمَعُ اللَّهُ عَلَيْكَ مَوْتَتَيْنِ أَبَدًا، أَمَّا الْمَوْتَةُ الَّتِي كُتِبَتْ عَلَيْكَ فَقَدْ مُتَّهَا. وَحَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ خَرَجَ وَعُمَرُ يُكَلِّمُ النَّاسَ فَقَالَ: اجْلِسْ يَا عُمَرُ، فَأَبَى، فَقَالَ: اجْلِسْ، فَأَبَى، فَتَشَهَّدَ أَبُو بَكْرٍ، فَأَقْبَلَ النَّاسُ إِلَيْهِ، وَتَرَكُوا عُمَرَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَّا بَعْدُ، فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا فَإِنَّهُ قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ

1 سورة الزمر: 30.

2 سورة الأنبياء: 34.

3 سورة آل عمران: 185.

4 أخرجه أحمد "6/ 219، 220"، والبيهقي في "الدلائل""7/ 213-215".

5 السنح: من محال المدينة، وبه مسكن زوجة أبي بكر.

ص: 380

اللَّهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} 1 الآية، فَكَأَنَّ النَّاسَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ هَذِهِ الْآيَةَ حَتَّى تَلَاهَا أَبُو بَكْرٍ، فَتَلَقَّاهَا مِنْهُ النَّاسُ كُلُّهُمْ، فَمَا أَسْمَعُ بَشَرًا مِنَ النّاس إلا يتلوها. وأخبرني سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عُمَرَ قَالَ: وَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ تَلَاهَا فَفَرِقْتُ، أَوْ قَالَ فَعَقَرْتُ حَتَّى مَا تُقِلُّنِي رِجْلايَ، وَحَتَّى إِنِّي أَهْوَيْتُ إِلَى الْأَرْضِ، وَعَرَفْتُ حِينَ تَلَاهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ مَاتَ2. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ.

وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ الْهَادِ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ حَاقِنَتِي3 وَذَاقِنَتِي، فَلَا أَكْرَهُ شِدَّةَ الْمَوْتِ لأحد أبدًا، بعد ما رأيت من رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ4. حَدِيثٌ صَحِيحٌ.

وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: كَانَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ قَدْ تَجَهَّزَ لِلْغَزْوِ وَخَرَجَ ثَقَلُهُ إِلَى الْجُرْفِ5 فَأَقَامَ تِلْكَ الْأَيَّامَ لِوَجَعِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ قَدْ أَمَّرَهُ عَلَى جَيْشٍ عَامَّتُهُمُ الْمُهَاجِرُونَ، وَفِيهِمْ عُمَرُ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُغير عَلَى أَهْلِ مُؤْتَةَ، وَعَلَى جَانِبِ فِلِسْطِينَ، حَيْثُ أُصِيبَ أَبُوهُ زَيْدٌ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى جِذْعٍ فِي الْمَسْجِدِ، يَعْنِي صَبِيحَةَ الْإِثْنَيْنِ، وَاجْتَمَعَ الْمُسْلِمُونَ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ وَيَدْعُونَ لَهُ بِالْعَافِيَةِ، فَدَعَا أُسَامَةَ فَقَالَ:"اغْدُ عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ وَالنَّصْرِ وَالْعَافِيَةِ"، قَالَ: بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ أَصْبَحْتَ مُفِيقًا، وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ اللَّهُ قَدْ شَفَاكَ، فَأْذَنْ لِي أَنْ أَمْكُثَ حَتَّى يَشْفِيَكَ اللَّهُ فَإِنْ أَنَا خَرَجْتُ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ خَرَجْتُ وَفِي قَلْبِي قُرْحَةٌ مِنْ شَأْنِكَ، وَأَكْرَهُ أَنْ أسأل عنك النّاس، فسكت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فلم يُرَاجِعْهُ، وَقَامَ فَدَخَلَ بَيْتَ عَائِشَةَ، وَهُوَ يَوْمُهَا، فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى ابْنَتِهِ عَائِشَةَ، فَقَالَ: قد أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم مُفِيقًا، وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ اللَّهُ قَدْ شَفَاهُ، ثم ركب أبو بكر فلحق بِأَهْلِهِ بِالسُّنْحِ، وَهُنَالِكَ امْرَأَتُهُ حَبِيبَةُ بِنْتُ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ، وَانْقَلَبَتْ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى بيتها، وذلك يوم الاثنين.

1 سورة آل عمران: 144.

2 صحيح: أخرجه البخاري "4453، 4454" في كتاب المغازي، باب: مرضه صلى الله عليه وسلم ووفاته، والبيهقي في "الدلائل""7/ 215، 216".

3 الحاقنة: قيل هو المطمئن من الترقوة والحلق، وقيل: ما دون الترقوة.

4 صحيح: أخرجه البخاري "4446" في المصدر السابق.

5 الجرف: موضع على ثلاثة أميال من المدينة جهة الشام.

ص: 381

وَلَمَّا اسْتَقَرَّ صلى الله عليه وسلم بِبَيْتِ عَائِشَةَ وُعِكَ أَشَدَّ الْوَعْكِ، وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ نِسَاؤُهُ، واشتد وجعه، فلم يزل حَتَّى زَاغَتِ الشَّمْسُ، وَزَعَمُوا أَنَّهُ كَانَ يُغْشَى عَلَيّهِ، ثُمَّ شَخَصَ بَصَرُهُ إِلَى السَّمَاءِ فَيَقُولُ:"نَعَمْ فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى"، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، إِلَى أَنْ قَالَ: فَأَرْسَلَتْ عَائِشَةُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، وَأَرْسَلَتْ حَفْصَةُ إِلَى عُمَرَ، وَأَرْسَلَتْ فَاطِمَةُ إِلَى عَلِيٍّ، فَلَمْ يَجْتَمِعُوا حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى صَدْرِ عَائِشَةَ، وَفِي يَوْمِهَا يَوْمِ الْإِثْنَيْنِ، وَجَزِعَ النَّاسُ، وَظَنَّ عَامَّتُهُمُ أَنَّهُ غَيْرُ مَيِّتٍ، مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: كيف يكون علينا شهيدًا وَنَحْنُ شُهَدَاءُ عَلَى النَّاسِ، فَيَمُوتُ، وَلَمْ يَظْهَرْ عَلَى النَّاسِ، وَلَكِنَّهُ رُفِعَ كَمَا فُعِلَ بِعِيسَى بن مَرْيَمَ، فَأَوْعَدُوا مَنْ سَمِعُوا يَقُولُ: إِنَّهُ قَدْ مَاتَ، وَنَادَوْا عَلَى الْبَابِ "لَا تَدْفِنُوهُ فَإِنَّهُ حَيٌّ"، وَقَامَ عُمَرُ يَخْطُبُ النَّاسَ وَيُوعِدُ بِالْقَتْلِ وَالْقَطْعِ، وَيَقُولُ: إِنَّهُ لَمْ يَمُتْ وَتَوَعَّدَ الْمُنَافِقِينَ، وَالنَّاسُ قَدْ مَلَئُوا الْمَسْجِدَ يَبْكُونَ وَيَمُوجُونَ، حَتَّى أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ مِنَ السُّنْحِ1.

وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ أَبِي مَعْشَرَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: وَضَعْتُ يَدِي عَلَى صَدْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ مَاتَ، فَمَرَّ بِي جُمَعٌ آكُلُ وَأَتَوَضَّأُ، مَا يَذْهَبُ رِيحُ الْمِسْكِ مِنْ يَدِي2.

وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ هُوَ التَّيْمِيُّ عَنِ الْأَسْوَدِ قَالَ: قِيلَ لِعَائِشَةَ: إِنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَوْصَى إِلَى عَلِيٍّ، وَقَدْ رَأَيْتُهُ دَعَا بِطَسْتٍ لِيَبُولَ فِيهَا، وَأَنَا مُسْنِدَتُهُ إِلَى صَدْرِي، فَانْحَنَثَ فَمَاتَ، وَلَمْ أَشْعُرْ فِيمَ يَقُولُ هَؤُلَاءِ إِنَّهُ أَوْصَى إِلَى عَلِيٍّ3. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

تَارِيخُ وَفَاتِهِ صلى الله عليه وسلم:

قَالَ الثَّوْرِيُّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ لِي أَبُو بَكْرٍ: أَيُّ يَوْمٍ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قُلْتُ: يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ، قَالَ: إِنِّي أرجو أن أموت فيه، فمات فيه4.

1 مرسل: أخرجه البيهقي في "الدلائل""7/ 217-219"، وأوله أخرجه البيهقي في "الدلائل""7/ 200" عن موسى بن عقبة، وقد تقدم.

2 أخرجه البيهقي في "الدلائل""7/ 219".

3 صحيح: أخرجه البخاري "4459" في كتاب المغازي، باب: مرضه صلى الله عليه وسلم ووفاته، ومسلم "1636" في كتاب الوصية، باب: ترك الوصية.

4 أخرجه البخاري "1387"، في كتاب الجنائز، باب: موت الاثنين، من طريق آخر عن هشام.

ص: 382

وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ، عَنْ حَنَشٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وُلِدَ نَبِيُّكُمْ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الإثنين، ونبئ يوم الإثنين، وخرج من مكة يوم الإثنين، وفتح مكة يوم الإثنين، ونزلت سُورَةُ الْمَائِدَةِ يَوْمَ الاثْنَيْنِ {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} 1. وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ2.

قَدْ خُولِفَ فِي بَعْضِهِ، فَإِنَّ عُمَرَ قَالَ: نَزَلَتْ {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} يَوْمَ عَرَفَةَ، يَوْمَ جُمُعَةٍ3.

وَكَذَلِكَ قَالَ عَمَّارُ بْنُ أَبِي عَمَّارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: تُوُفِّيَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ لِهِلَالِ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ4.

وَقَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْيَوْمَ الْعَاشِرَ مِنْ مَرَضِهِ، وَذَلِكَ يوم الاثنين لليلتين خلتا من ربيع الأول5. رواه معتمر، عن أبيه.

وقال الواقديّ: حدثنا أَبُو مَعْشَرَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: اشْتَكَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ لِلَيْلَتَيْنِ خَلَتَا من ربيع الأول سنة إحدى عشرة6.

وذكر الطّبريّ، عن ابن الكلبيّ، وأبي محنف وَفَاتَهُ فِي ثَانِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: تُوُفِّيَ لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً مَضَتْ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، فِي الْيَوْمِ الَّذِي قَدِمَ الْمَدِينَةَ مُهَاجِرًا، فَاسْتَكْمَلَ فِي هِجْرَتِهِ عَشْرَ سِنِينَ كَوَامِلَ7.

وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عن جدّه

1 سورة المائدة: 3.

2 إسناده ضعيف: أخرجه أحمد "1/ 277"، والبيهقي في "الدلائل""7/ 233"، واللفظ له، وابن لهيعة ضعيف الحفظ.

3 صحيح: أخرجه البخاري "4606" في كتاب التفسير، باب: قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} .

4 مرسل: أخرجه البيهقي في "الدلائل""7/ 234" عن موسى بن عقبة عن ابن شهاب به.

5 مرسل: أخرجه البيهقي في "الدلائل""7/ 234".

6 مرسل إسناده ضعيف جدا: أخرجه البيهقي في "الدلائل""7/ 234، 235"، والواقدي متروك.

7 معضل: أخرجه البيهقي في "الدلائل""7/ 235".

ص: 383

قَالَ: اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ لِلَيْلَةٍ بَقِيَتْ مِنْ صَفَرٍ، وتوفّي يوم الاثنين لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ مَضَتْ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ1. وَيُرْوَى نَحْوُ هَذَا فِي وَفَاتِهِ، عَنْ عَائِشَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ إِنْ صَحَّ، وَعَلَيْهِ اعْتَمَدَ سَعِيدُ بْنُ عفير، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ الْكَاتِبُ، وَغَيْرُهُمَا.

أَخْبَرَنَا الْخَضِرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَزْدِيُّ، أنا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ الْبُنِّ، أنا جَدِّي، أنا عَلِيُّ بْنُ محمد الفقيه، حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي نَصْرٍ، أنا عَلِيُّ بن أبي العقب، أنا أحمد بن إبراهيم، ثنا محمد بن عائذ، ثنا الْهَيْثَمُ بْنُ حُمَيْدٍ، أَخْبَرَنِي النُّعْمَانُ، عَنْ مَكْحُولٍ قَالَ: وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الاثْنَيْنِ، وَأُوحِيَ إِلَيْهِ يَوْمَ الاثْنَيْنِ، وَهَاجَرَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ، وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ لِاثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ سَنَةً وَأَشْهُرٍ، وَكَانَ لَهُ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ اثْنَتَانِ وَأَرْبَعُونَ سَنَةً، وَاسْتَخْفَى عَشْرَ سِنِينَ وَهُوَ يُوحَى إِلَيْهِ، ثُمَّ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَمَكَثَ يُقَاتِلُ عَشْرَ سِنِينَ وَنِصْفًا، وَكَانَ الْوَحْيُ إِلَيْهِ عِشْرِينَ سَنَةً وَنِصْفًا، وَتُوُفِّيَ، فَمَكَثَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَا يُدْفَنُ، يَدْخُلُ النَّاسُ عَلَيْهِ رَسَلًا رَسَلًا يُصَلُّونَ عَلَيْهِ، وَالنِّسَاءُ مِثْلَ ذَلِكَ.

وَطَهَّرَهُ الْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَكَانَ يُنَاوِلُهُمُ الْعَبَّاسُ الْمَاءَ، وَكُفِّنَ في ثلاثة رياط2 بِيضٍ يَمَانِيَّةٍ، فَلَمَّا طُهِّرَ وَكُفِّنَ دَخَلَ عَلَيْهِ النَّاسُ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ عُصَبًا عُصَبًا، تَدْخُلُ الْعُصْبَةُ فَتُصَلِّي عَلَيْهِ وَيُسَلِّمُونَ، لا يُصَفُّونَ وَلَا يُصَلِّي بَيْنَ أَيْدِيهِمْ مُصَلٍّ، حَتَّى فَرَغَ مَنْ يُرِيدُ ذَلِكَ، ثُمَّ دُفِنَ، فَأَنْزَلَهُ فِي الْقَبْرِ الْعَبَّاسُ وَعَلِيٌّ وَالْفَضْلُ، وَقَالَ عِنْدَ ذَلِكَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: أَشْرِكُونَا فِي مَوْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّهُ قَدْ أَشْرَكَنَا فِي حَيَاتِهِ، فَنَزَلَ مَعَهُمْ فِي الْقَبْرِ وَوَلِيَ ذَلِكَ مَعَهُمْ3.

وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورَ، عَنِ النُّعْمَانِ. وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَخْنَسِيِّ قَالَ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ حِينَ زاغت الشمس، ودفن يوم الأربعاء4.

1 إسناده ضعيف جدا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات""1/ 385".

2 الرياط: مع ريطة، وهي الملاءة تكون قطعة واحدة.

3 مرسل.

4 معضل: أخرجه ابن سعد في "الطبقات""1/ 386" وفي إسناده ابن سعد الواقدي، وهو متروك.

ص: 384

وَعَنْ عُرْوَةَ أَنَّهُ تُوُفِّيَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ، وَدُفِنَ مِنْ آخِرِ لَيْلَةِ الْأَرْبِعَاءِ1.

وَعَنِ الْحَسَنِ قَالَ: كَانَ مَوْتُهُ فِي شَهْرِ أَيْلُولَ2.

قُلْتُ: إِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ كُلَّ دَوْرٍ فِي ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً كَانَ فِي سِتُّمِائَةٍ وَسِتِّينَ عَامًا عِشْرُونَ دَوْرًا، فَإِلَى سَنَةِ ثَلَاثٍ وَسُبْعُمِائَةٍ مِنْ وَقْتِ مَوْتِهِ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ دَوْرًا فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْهَا كَانَ وُقُوعُ تِشْرِينَ الْأَوَّلِ وَبَعْضِ أَيْلُولَ فِي صَفَرٍ، وَكَانَ آبُ فِي الْمُحَرَّمِ، وَكَانَ أَكْثَرُ تَمُّوزَ فِي ذِي الْحِجَّةِ فَحَجَّةُ الْوَدَاعِ كَانَتْ فِي تَمُّوزَ.

وَقَالَ أَبُو الْيَمَنِ بْنُ عَسَاكِرَ وَغَيْرُهُ: لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَوْتُهُ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ إِلَّا يَوْمَ ثَانِي الشَّهْرِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، فَلَا يَتَهَيَّأُ أَنْ يَكُونَ ثَانِي عَشَرَ الشَّهْرِ لِلْإِجْمَاعِ أَنَّ عَرَفَةَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ كَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَالْمُحَرَّمُ بِيَقِينٍ أَوَّلُهُ الْجُمُعَةُ أَوِ السَّبْتُ، وَصَفَرُ أَوَّلُهُ عَلَى هَذَا السَّبْتُ أَوِ الْأَحَدُ أَوِ الْاثْنَيْنِ، فَدَخَلَ رَبِيعٌ الْأَوَّلُ الْأَحَدَ، وَهُوَ بَعِيدٌ؛ إِذْ يَنْدُرُ وُقُوعُ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ نَواقِصَ، فَتَرَجَّحَ أَنْ يَكُونَ أَوَّلُهُ الْإِثْنَيْنِ، وَجَازَ أَنْ يَكُونَ الثُّلَاثَاءَ، فَإِنْ كَانَ اسْتَهَلَّ الْإِثْنَيْنِ فَهُوَ مَا قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ مِنْ وَفَاتِهِ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ لِهِلَالِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْإِثْنَيْنِ الثَّانِي مِنْهُ ثَامِنَهُ، وَإِنْ جَوَّزْنَا أَنَّ أَوَّلَهُ الثُّلَاثَاءُ فَيَوْمُ الْإِثْنَيْنِ سَابِعُهُ أَوْ رَابِعَ عَشْرَهُ، وَلَكِنْ بَقِيَ بَحْثٌ آخَرُ: كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ الْجُمُعَةَ بِمَكَّةَ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ بِالْمَدِينَةِ يَوْمَ الْخَمِيسِ مَثَلًا أَوْ يَوْمَ السَّبْتِ، فَيُبْنَى عَلَى حِسَابِ ذَلِكَ.

وَعَنْ مَالِكٍ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّهُ تُوُفِّيَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ، وَدُفِنَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ3.

بَابُ: عُمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالْخُلْفِ فِيهِ

قَالَ رَبِيعَةُ، عَنْ أَنَسٍ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَهُ اللَّهُ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، فَأَقَامَ بِمَكَّةَ عَشْرًا وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرًا، وَتُوُفِّيَ على رأس ستّين سنة4. "خ. م".

وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ زَائِدَةَ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عدّي، عن أنس قال: قبض النّبيّ

1 مرسل.

2 مرسل.

3 أخرجه ابن سعد في "الطبقات""1/ 386".

4 صحيح: أخرجه البخاري "3547" في كتاب المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام، ومسلم "2347" في كتاب الفضائل، باب: فِي صِفَةِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم.

ص: 385

-صلى الله عليه وسلم وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً، وَقُبِضَ أَبُو بَكْرٍ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ، وَقُبِضَ عُمَرُ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ1. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

قَوْلُهُ فِي الْأَوَّلِ عَلَى رَأْسِ سِتِّينَ سَنَةً، عَلَى سَبِيلِ حَذْفِ الْكُسُورِ الْقَلِيلَةِ، لَا عَلَى سَبِيلِ التَّحْرِيرِ، وَمِثْلُهُ مَوْجُودٌ فِي كَثِيرٍ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ.

وَقَالَ عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً2.

وَقَالَ زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً3. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِمُسْلِمٍ مِثْلُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي حمزة عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

وَلِلْبُخَارِيِّ مِثْلُهُ مِنْ حَدِيثِ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

وَأَمَّا مَا رَوَاهُ هشيم قال: حدثنا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَهْرَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قُبِضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَسِتِّينَ سَنَةً4.

فَعَلِيٌّ ضَعِيفٌ الْحَدِيثِ وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ خالفه غيره.

وقد قال شبابة: أبنأنا شُعْبَةُ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ عَمَّارٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَسِتِّينَ5.

وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَكِنْ تُقَوِّيهِ رِوَايَةُ هِشَامٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عن الحسن، عن دعفل بْنِ حَنْظَلَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قبض وهو ابن خمس وستّين6.

1 صحيح: أخرجه مسلم "2348" في كتاب الفضائل، باب: كم سن النبي صلى الله عليه وسلم يوم قبض.

2 صحيح: أخرجه البخاري "3536" في كتاب المناقب، باب: وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، ومسلم "2349" في المصدر السابق.

3 صحيح: أخرجه البخاري "3903" في كتاب مناقب الأنصار، باب: هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، ومسلم "2351" في كتاب الفضائل، باب: كم أقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة والمدينة، وأحمد "1/ 371".

4 أخرجه مسلم "2353/ 122" في المصدر السابق، وأحمد "1/ 359".

5 أخرجه البيهقي في "الدلائل""7/ 240".

6 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في "الدلائل""7/ 241"، والحسن مدلس، وقد عنعنه.

ص: 386

وَهُوَ إِسْنَادٌ صَحِيحٌ مَعَ أَنَّ الْحَسَنَ لَمْ يَعْتَمِدْ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ دَغْفَلٍ بَلْ قَالَ: تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ. قَالَهُ أَشْعَثُ عَنْهُ.

وَقَالَ هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ عَنْهُ: تُوُفِّيَ ابْنُ سِتِّينَ سَنَةً.

وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ قَالَ: قُبِضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ، وَكَذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ1. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.

وَكَذَلِكَ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَالشَّعْبِيُّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ، وَغَيْرُهُمْ، وَهُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْمُحَقِّقُونَ. وَقَالَ قَتَادَةُ: تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ سَنَةً.

بَابُ: غُسْلِهِ وَكَفَنِهِ وَدَفْنِهِ صلى الله عليه وسلم

قَالَ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، سَمِعَ عَائِشَةَ تَقُولُ: لَمَّا أَرَادُوا غُسْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالُوا: وَاللَّهِ مَا نَدْرِي أَنُجَرِّدُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمْ نَغْسِلُهُ وَعَلَيْهِ ثِيَابُهُ، فَلَمَّا اخْتَلَفُوا أَلْقَى اللَّهُ عَلَيْهِمُ النَّوْمَ حَتَّى مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلَّا وَذَقْنُهُ فِي صَدْرِهِ، ثُمَّ كَلَّمَهُمْ مُكَلِّمٌ مِنْ نَاحِيَةِ الْبَيْتِ لَا يَدْرُونَ مَنْ هُوَ: أَنِ اغْسِلُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهِ ثِيَابُهُ، فَقَامُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَغَسَّلُوهُ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ، يَصُبُّونَ الْمَاءَ فَوْقَ الْقَمِيصِ وَيَدْلُكُونَهُ بِالْقَمِيصِ دُونَ أَيْدِيهِمْ، فَكَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ: لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا غَسَّلَهُ إِلَّا نِسَاؤُهُ2. صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ أَبُو داود.

وقال أبو معاوية: حدثنا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو بُرْدَةَ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا أَخَذُوا فِي غُسْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَادَاهُمْ مُنَادٍ مِنَ الدَّاخِلِ "لَا تُخرجوا عَنْ رَسُولِ الله قميصه"3.

1 صحيح: أخرجه مسلم "2352" في كتاب الفضائل، باب: كم أقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة والمدينة، والبيهقي في "الدلائل""7/ 239".

2 صحيح: أخرجه أبو داود "3141" في كتاب الجنائز، باب: في ستر الميت عند غسله، وقال ابن الملقن في "تحفة المحتاج" "764": إسناده حسن. وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود".

3 أخرجه البيهقي في "الدلائل""7/ 243".

ص: 387

وَقَالَ ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: غسْل رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلِيٌّ، وَعَلَيْهِ قَمِيصُهُ، وَعَلَى يَدِ عَلِيٍّ رضي الله عنه خِرْقَةٌ يُغَسِّلُهُ بِهَا، فَأَدْخَلَ يَدَهُ تَحْتَ الْقَمِيصِ وَغَسَّلَهُ وَالْقَمِيصُ عَلَيْهِ1. فِيهِ ضَعْفٌ.

وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم غَسَّلَهُ عَلِيٌّ، وَأُسَامَةُ، وَالْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ، وَأَدْخَلُوهُ قَبْرَهُ، وَكَانَ عَلِيٌّ يَقُولُ وَهُوَ يُغَسِّلُهُ: بِأَبِي وَأُمِّي، طِبْتَ حَيًّا وَمَيِّتًا2. مُرْسلٌ جَيِّدٌ.

وَقَالَ عَبْدُ الواحد بن زياد: حدثنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قال: قَالَ عَلِيٌّ: غَسَّلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَهَبْتُ أَنْظُرُ مَا يَكُونُ مِنَ الْمَيِّتِ فَلَمْ أَرَ شَيْئًا، وَكَانَ طَيِّبًا حَيًّا وميّتًا3.

وولي دفنه وإجنابه دُونَ النَّاسِ أَرْبَعَةٌ: عَلِيٌّ، وَالْعَبَّاسُ، وَالْفَضْلُ، وَصَالِحٌ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلُحِدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَحْدًا، وَنُصِبَ عَلَيْهِ اللَّبِنُ نَصْبًا4.

وَقَالَ عَبْدُ الصّمد بن النّعمان: حدثنا أَبُو عُمَرَ كَيْسَانُ، عَنْ مَوْلَاهُ يَزِيدَ بْنِ بِلَالٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا رضي الله عنه يَقُولُ: أَوْصَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ لَا يُغَسِّلَهُ أَحَدٌ غَيْرِي، فَإِنَّهُ "لَا يَرَى أَحَدٌ عَوْرَتِي إِلَّا طُمِسَتْ عَيْنَاهُ" قَالَ عَلِيٌّ: فَكَانَ الْعَبَّاسُ، وَأُسَامَةُ، يُنَاوِلَانِي الْمَاءَ، وَرَاءَ السِّتْرِ، وَمَا تَنَاوَلْتُ عُضْوًا إِلَّا كَأَنَّمَا يُقَلِّبُهُ مَعِي ثَلَاثُونَ رَجُلًا، حَتَّى فَرَغْتُ مِنْ غُسْلِهِ5.

كَيْسَانُ الْقَصَّارُ يَرْوِي عَنْهُ أَيْضًا الْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ، وَأَسْبَاطٌ، وَمَوْلَاهُ كَأَنَّهُ مَجْهُولٌ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

وَقَالَ أَبُو مَعْشَرَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: كَانَ الَّذِي غَسَّلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلِيٌّ، وَالْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ يَصُبُّ عَلَيْهِ، قَالَ: فَمَا كُنَّا نُرِيدُ أَنْ نَرْفَعَ منه عضوًا

1 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في "الدلائل""7/ 243" ويزيد بن أبي زياد ضعيف الحفظ.

2 مرسل: أخرجه البيهقي في "الدلائل""7/ 243".

3 أخرجه البيهقي في "الدلائل""7/ 243-244".

4 انظر المصدر السابق.

5 أخرجه البيهقي في "الدلائل""7/ 244".

ص: 388

لِنُغَسِّلَهُ إِلَّا رُفِعَ لَنَا، حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى عَوْرَتِهِ فَسَمِعْنَا مِنْ جَانِبِ الْبَيْتِ صَوْتًا:"لَا تَكْشِفُوا عَنْ عَوْرَةِ نَبِيِّكُمْ"1. مُرْسَلٌ ضَعِيفٌ.

وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ يَقُولُ: غُسِّلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثًا بِالسِّدْرِ، وَغُسِّلَ مِنْ بِئْرٍ بِقُبَاءٍ كَانَ يَشْرَبُ مِنْهَا2.

وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ: كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ، لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ3. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَلِمُسْلِمٍ فِيهِ زِيَادَةٌ وَهِيَ: سَحُولِيَّةٌ مِنْ كُرْسُفٍ4.

فَأَمَّا الْحُلَّةُ فَإِنَّمَا شُبِّهَ عَلَى النَّاسِ فِيهَا أَنَّهَا اشْتُرِيَتْ لَهُ حُلَّةٌ لِيُكَفَّنَ فِيهَا، فَتُرِكَتِ الْحُلَّةُ، فَأَخَذَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: لَأَحْبِسَنَّهَا لِنَفْسِي حَتَّى أُكَفَّنَ فِيهَا، ثُمَّ قَالَ: لَوْ رَضِيَهَا اللَّهُ لِنَبِيِّهِ لَكَفَّنَهُ فِيهَا، فَبَاعَهَا وَتَصَدَّقَ بِثَمَنِهَا5. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَرَوَى عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: أُدْرِجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي حُلَّةٍ يَمَانِيَّةٍ، ثُمَّ نُزِعَتْ عَنْهُ، وَكُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ6.

وَرَوَى نَحْوَهُ الْقَاسِمُ عَنْ عَائِشَةَ.

وَأَمَّا مَا رَوَى شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ أَحَدُهَا بُرْدٌ حِبَرَةٌ7.

وَرُوِيَ نَحْوُ ذَا عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَلَعَلَّهُ قَدِ اشْتُبِهَ عَلَى مَنْ قَالَ ذَلِكَ، لِكَوْنِهِ صلى الله عليه وسلم أُدْرِجَ فِي حُلَّةٍ يَمَانِيَّةٍ، ثُمَّ نُزِعَتْ عنه8.

1 مرسل: أخرجه البيهقي في "الدلائل""7/ 244".

2 مرسل: أخرجه البيهقي في "الدلائل""7/ 245".

3 صحيح: أخرجه البخاري "1264" في كتاب الجنائز، باب: الثياب البيض للكفن، ومسلم "941" في كتاب الجنائز، باب: في كفن الميت.

4 صحيح: وهي زيادة للبخاري أيضًا، انظر التخريج السابق.

5 صحيح: أخرجه مسلم "941/ 45" في المصدر السابق.

6 صحيح: أخرجه مسلم "941/ 46" في المصدر السابق.

7 أخرجه البيهقي في "الدلائل""7/ 248".

8 أخرجه ابن سعد في "الطبقات""1/ 392" بنحوه.

ص: 389

وَقَالَ زَكَرِيَّا عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ سَحُولِيَّةٍ بُرُودٍ يَمَنِيَّةٍ غِلَاظٍ: إِزَارٌ وَرِدَاءٌ وَلِفَافَةٌ1.

وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ، عَنْ هَارُونَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: كَانَ عِنْدَ عَلِيٍّ رضي الله عنه مِسْكٌ فَأَوْصَى أَنْ يُحَنَّطَ بِهِ. وَقَالَ عَلِيٌّ: هُوَ فَضْلُ حَنُوطِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2.

ذِكْرُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم:

وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْن عَبَّاسٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُدْخِلَ الرِّجَالُ فَصَلُّوا عَلَيْهِ بِغَيْرِ إِمَامٍ أَرْسَالًا حَتَّى فَرَغُوا، ثُمَّ أُدْخِلَ النِّسَاءُ فَصَلَّيْنَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أُدْخِلَ الصِّبْيَانُ فَصَلُّوا عَلَيْهِ ثُمَّ أُدْخِلَ الْعَبِيدُ، لَمْ يَؤُمُّهُمْ أَحَدٌ3.

وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، قَالَ: وَجَدْتُ بِخَطِّ أَبِي قَالَ: لَمَّا كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَوُضِعَ عَلَى سَرِيرِهِ، دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَنَفَرٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ فَقَالَا: السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، وَسَلَّمَ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ كَذَلِكَ، ثُمَّ صَفُّوا صُفُوفًا لَا يَؤُمُّهُمْ أَحَدٌ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَهُمَا فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ: اللَّهُمَّ إِنَّا نَشْهَدُ أَنْ قَدْ بَلَّغَ مَا أُنزل إِلَيْهِ، وَنَصَحَ لِأُمَّتِهِ، وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، حَتَّى أَعَزَّ اللَّهُ دِينَهُ، وَتَمَّتْ كَلِمَتُهُ، وَأُومِنَ بِهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، فَاجْعَلْنَا إِلَهَنَا مِمَّنْ يَتَّبِعُ الْقَوْلَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ، وَاجْمَعْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ حَتَّى تُعَرِّفَهُ بِنَا وَتُعَرِّفَنَا بِهِ، فَإِنَّهُ كَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفًا رَحِيمًا، لَا نَبْغِي بِالْإِيمَانِ بَدَلًا، وَلَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا أَبَدًا، فَيَقُولُ النَّاسُ: آمِينَ آمِينَ، فَيَخْرُجُونَ وَيَدْخُلُ آخَرُونَ، حَتَّى صَلَّى عَلَيْهِ: الرِّجَالُ، ثُمَّ النِّسَاءُ، ثُمَّ الصِّبْيَانُ4. مُرْسَلٌ ضَعِيفٌ لَكِنَّهُ حَسَنُ المتن.

1 مرسل: أخرجه البيهقي في "الدلائل""7/ 249".

2 أخرجه البيهقي في "الدلائل""7/ 249".

3 ضعيف: أخرجه ابن ماجه "1628" في كتاب الجنائز، باب: ذكر وفاته صلى الله عليه وسلم وأحمد "1/ 292"، والبيهقي في "الدلائل""7/ 250" وضعفه الألباني في ضعيف سنن ابن ماجه".

4 مرسل إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات""1/ 394" والواقدي متروك.

ص: 390

وَقَالَ سَلَمَةُ بْنُ نُبَيْطِ بْنِ شَرِيطٍ، عَنْ أبيه، عن سالم بن عبيد وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الصُّفَّةِ قَالَ: قَالُوا: هَلْ نَدْفِنُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَيْنَ يُدْفَنُ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَيْثُ قَبَضَهُ اللَّهُ، فَإِنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ رُوحَهُ إِلَّا فِي مَكَانٍ طَيِّبٍ، فَعَلِمُوا أَنَّهُ كَمَا قَالَ1.

زَادَ بَعْضُهُمْ بَعْدَ سَلَمَةَ نُعَيْمَ بْنَ أَبِي هِنْدٍ.

وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا أَرَادُوا أَنْ يَحْفِرُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ يَضْرَحُ2 لِأَهْلِ مَكَّةَ، وَكَانَ أَبُو طَلْحَةَ يَلْحَدُ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ، فَأَرْسَلَ الْعَبَّاسُ خَلْفَهُمَا رَجُلَيْنِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ خِرْ لِرَسُولِكَ، أَيُّهُمَا جَاءَ حَفَرَ لَهُ، فَجَاءَ أَبُو طَلْحَةَ فَلَحَدَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم3.

وقال الواقديّ: حدثنا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَخْنَسِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ يَرْبُوعَ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم اخْتَلَفُوا فِي مَوْضِعِ قَبْرِهِ، فَقَالَ قَائِلٌ: فِي الْبَقِيعِ، فَقَدْ كَانَ يُكْثِرُ الِاسْتِغْفَارَ لَهُمْ. وَقَالَ قَائِلٌ: عِنْدَ مِنْبَرِهِ، وَقَالَ قَائِلٌ: فِي مُصَلَّاهُ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: إِنَّ عِنْدِي مِنْ هَذَا خَبَرًا وَعِلْمًا، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"مَا قُبِضَ نَبِيٌّ إِلَّا دُفِنَ حَيْثُ تُوُفِّيَ"4.

وَقَالَ ابن عيينة، عَنْ يحيى بْن سعيد، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: عَرَضَتْ عَائِشَةُ عَلَى أَبِيهَا رُؤْيَا وَكَانَ مِنْ أَعْبَرِ النَّاسِ قَالَتْ: رَأَيْتُ: ثَلَاثَةَ أَقْمَارٍ وَقَعْنَ فِي حُجْرَتِي، فَقَالَ: إِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاكِ دُفِنَ فِي بَيْتِكَ مِنْ خَيْرِ أَهْلِ الْأَرْضِ ثَلَاثَةٌ، فَلَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: يَا عَائِشَةُ هذا خير أقمارك5.

1 أخرجه البيهقي في "الدلائل""7/ 259".

2 أي يحفر القبر.

3 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في "الدلائل""7/ 252"، والحسين بن عبد الله ضعيف كما في "التقريب" 1326".

4 مرسل إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه البيهقي في "الدلائل""7/ 261" والواقدي متروك.

5 إسناده منقطع: أخرجه البيهقي في "الدلائل""7/ 262" ورواية سعيد بن المسيب عن أبي بكر منقطعة كما في "التهذيب""2/ 43".

ص: 391

وقال الواقدي: حدثني ابن أبي سبرة، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَوْضُوعًا على سريره من حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ يُصَلِّي النَّاسُ عَلَيْهِ، وَسَرِيرُهُ عَلَى شَفِيرِ قَبْرِهِ، فَلَمَّا أَرَادُوا أَنْ يُقْبِرُوهُ، نَحَّوُا السَّرِيرَ قِبَلَ رِجْلَيْهِ، فَأُدْخِلَ مِنْ هُنَاكَ، وَنَزَلَ فِي حُفْرَتِهِ الْعَبَّاسُ وَعَلِيٌّ، وَقُثَمُ بْنُ الْعَبَّاسَ، وَالْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ، وَشُقْرَانُ1.

وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ الَّذِينَ نَزَلُوا الْقَبْرَ، فَذَكَرَهُمْ سِوَى الْعَبَّاسِ، وَقَدْ كَانَ شُقْرَانُ حِينَ وُضِعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي حُفْرَتِهِ أَخَذَ قَطِيفَةً قَدْ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَلْبَسُهَا وَيَفْتَرِشُهَا، فَدَفَنَهَا مَعَهُ فِي الْقَبْرِ، وَقَالَ: وَاللَّهِ لَا يَلْبَسُهَا أَحَدٌ بَعْدَكَ، فَدُفِنَتْ مَعَهُ2.

وَقَالَ أَبُو جَمْرَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا تُوُفِّيَ أُلْقِيَ فِي قَبْرِهِ قَطِيفَةٌ حَمْرَاءُ3. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.

وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، حدّثني أَبُو مَرْحَبٍ قَالَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِمْ فِي قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعَةٌ أَحَدُهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ4.

وَقَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ: لَمَّا فَرَغُوا مِنْ غُسْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَتَكْفِينِهِ، صَلَّى النَّاسُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ وَالثُّلَاثَاءِ، وَدُفنَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ5.

وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ: لَبِثَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ وَيَوْمَ الثُّلَاثَاءِ إِلَى آخِرِ النَّهَارِ6.

1 إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه البيهقي في "الدلائل""7/ 253-254"، وابن أبي سبرة والواقدي كلاهما متروك.

2 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في "الدلائل""7/ 254"، والحسين بن عبد الله ضعيف كما تقدم.

3 صحيح: أخرجه مسلم "967" في كتاب الجنائز، باب: جعل القطيفة في القبر، والترمذي "1050" في كتاب الجنائر، باب: في الثوب الواحد يلقى تحت الميت في القبر، والنسائي "4/ 81" في كتاب الجنائز، باب: وضع الثوب في اللحد، وابن سعد في "الطبقات""1/ 399"، وأبو نعيم في "الحلية""10344" والبيهقي في "الدلائل""7/ 254".

4 أخرجه ابن سعد في "الطبقات""1/ 399"، والبيهقي في "الدلائل""7/ 255".

5 مرسل: أخرجه البيهقي في "الدلائل""7/ 255-256".

6 مرسل: أخرجه البيهقي في "الدلائل""7/ 256".

ص: 392

وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: مَاتَ فِي الضُّحَى يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ. وَدُفِنَ مِنَ الْغَدِ فِي الضُّحَى1. هَذَا قول شاذّ. وإسناده صَحِيحٌ.

وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَتْنِي فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: مَا عَلِمْنَا بِدَفْنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى سَمِعْنَا صَوْتَ الْمَسَاحِي2 فِي جَوْفِ لَيْلَةِ الْأَرْبِعَاءِ3.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ يَدَّعِي "أَنَّهُ أَحْدَثُ النَّاسِ عَهْدًا بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم" قَالَ: أَخَذْتُ خَاتَمِي فَأَلْقَيْتُهُ فِي قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَقُلْتُ حِينَ خَرَجَ الْقَوْمُ: إِنَّ خَاتَمِي قَدْ سَقَطَ فِي الْقَبْرِ، وَإِنَّمَا طَرَحْتُهُ عَمْدًا لِأَمُسَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فأَكُونَ آخِرَ النَّاسِ عَهْدًا بِهِ4. هَذَا حَدِيثٌ مُنْقَطِعٌ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي "مُسْنَدِهِ" أنا الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ قَالَ: لَمَا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَاءَتِ التَّعْزِيَةُ، وَسَمِعُوا قَائِلًا يَقُولُ:"إِنَّ فِي اللَّهِ عَزَاءً مِنْ كُلِّ مُصِيبَةٍ وَخَلَفًا مِنْ كُلِّ هَالِكٍ، وَدَرَكًا مِنْ كُلِّ فَائِتٍ، فَثِقُوا، وَإِيَّاهُ فَارْجُوا، فَإِنَّ الْمُصَابَ مَنْ حُرِمَ الثَّوَابَ"5.

وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ فِي "مُسْتَدْرَكِهِ" لِأَبِي ضَمْرَةَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: لَمَا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَزَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَسْمَعُونَ الْحِسّ، وَلَا يَرَوْنَ الشَّخْصِ6، فَذَكَرَهُ نَحْوَهُ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ صَلَاتُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَؤُمَّهُمْ أَحَدٌ وَاللَّهُ تعالى أعلم.

1 معضل: أخرجه البيهقي في "الدلائل""7/ 256".

2 المساحي، جمع مسحاة، وهي المجرفة.

3 أخرجه البيهقي في "الدلائل""7/ 256".

4 إسناده منقطع: أخرجه البيهقي في "الدلائل""7/ 257" وهو منقطع بين ابن إسحاق والمغيرة بن شعبة رضي الله عنه.

5 إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه الشافعي في "مسنده""ص361"، وإسناده ضعيف جدًّا، القاسم متروك كما في "التقريب""5468".

6 إسناده ضعيف: أخرجه الحاكم في "مستدركه""4391"، والبيهقي في "الدلائل""7/ 269" وضعف إسناده.

ص: 393

صِفَةُ قَبْرِهِ صلى الله عليه وسلم:

قَالَ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ هَانِئٍ، عَنِ الْقَاسِمِ قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ: اكْشِفِي لِي عَنْ قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَصَاحِبَيْهِ، فَكَشَفَتْ لِي عَنْ ثَلَاثَةِ قُبُورٍ، لَا مُشْرِفَةَ1 وَلَا لَاطِئَةَ2، مَبْطُوحَةٍ بِبَطْحَاءِ الْعَرَصَةِ3 الْحَمْرَاءِ4. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ هَكَذَا.

وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ سُفْيَانَ التَّمَّارِ أَنَّهُ رَأَى قَبْرَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُسَنَّمًا5. أَخْرَجَهُ البخاريّ.

وقال الواقديّ: حدثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جُعِلَ قَبْرُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَسْطُوحًا. هَذَا ضَعِيفٌ.

وَقَالَ عُرْوَةُ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي لَمْ يَقُمْ مِنْهُ: "لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ".

قَالَتْ: وَلَوْلَا ذَلِكَ لَأُبْرِزَ قَبْرُهُ، غَيْرَ أَنَّهُ خَافَ أَوْ خيف أنّه يتّخذ مسجدًا6. أخرجه البخاريّ.

1 مشرفة: مرتفعة.

2 لاطئة: لاصقة بالأرض.

3 العرضة: الساحة.

4 ضعيف: أخرجه أبو داود "3220" في كتاب الجنائز، باب: في تسوية القبر، والبيهقي في "الدلائل""7/ 263" وضعفه الألباني في "ضعيف سنن أبي داود""705".

5 صحيح: أخرجه البخاري "1390" في كتاب الجنائز، باب: ما جاء فِي قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم والبيهقي في "الدلائل""7/ 264".

6 صحيح: أخرجه البخاري "1390" في المصدر السابق، والنسائي "4/ 95" في كتاب الجنائز، باب: اتخاذ القبور مساجد، والبيهقي في "الدلائل""7/ 264".

ص: 394

بَابُ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَسْتَخْلِفْ وَلَمْ يُوصِ إِلَى أَحَدٍ بِعَيْنِهِ بَلْ نَبَّهَ عَلَى الْخِلَافَةِ بِأَمْرِ الصَّلَاةِ

قَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: حَضَرْتُ أَبِي حِينَ أُصِيبَ فَأَثْنَوْا عَلَيْهِ وَقَالُوا: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا، فَقَالَ: رَاغِبٌ وَرَاهِبٌ. قَالُوا: اسْتَخْلِفْ، فَقَالَ: أَتَحَمَّلُ أَمْرَكُمْ حَيًّا وَمَيِّتًا، لَوَدِدْتُ أَنَّ حَظِّي مِنْكُمُ الْكَفَافُ لَا عَلَيَّ وَلَا لِي، فَإِنْ أَسْتَخْلِفْ فَقَدِ اسْتُخْلِفَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ وَإِنْ أَتْرُكْكُمْ فَقَدْ تَرَكَكُمْ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَعَرَفْتُ أَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَخْلِفٍ حِينَ ذَكَرَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَاتَّفَقَا عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ.

وَقَالَ الثَّوْرِيُّ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُفْيَانَ قَالَ: لَمَّا ظَهَرَ عَلِيٌّ يَوْمَ الْجَمَلِ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَعْهَدْ إِلَيْنَا فِي هَذِهِ الْإِمَارَةِ شَيْئًا حَتَّى رَأَيْنَا مِنَ الرَّأْيِ أَنْ نَسْتَخْلِفَ أَبَا بَكْرٍ، فَأَقَامَ وَاسْتَقَامَ حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِهِ، ثُمَّ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَأَى مِنَ الرَّأْيِ أَنْ يَسْتَخْلِفَ عُمَرَ، فَأَقَامَ وَاسْتَقَامَ حَتَّى ضَرَبَ الدِّينُ بِجِرَانِهِ، ثُمَّ إِنَّ أَقْوَامًا طَلَبُوا الدُّنْيَا فَكَانَتْ أُمُورٌ يَقْضِي اللَّهُ فِيهَا2. إِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

وَقَالَ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ": حدثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بكر القرشي، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ: ائْتِنِي بِكَتِفٍ أَوْ لَوْحٍ حَتَّى أَكْتُبَ لِأَبِي بَكْرٍ كِتَابًا لَا يُخْتَلَفُ عَلَيْهِ. فَلَمَّا ذَهَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ لِيَقُومَ قَالَ: أَبَى اللَّهُ وَالْمُؤْمِنُونَ أن يختلف عليك يا أبا بكر3.

1 صحيح: أخرجه البخاري "7218" في كتاب الأحكام، باب: الاستخلاف، ومسلم "1823" في كتاب الإمارة، باب: الاستخلاف وتركه، وأبو نعيم في "الحلية""104"، والبيهقي في "الدلائل""7/ 221-222".

2 أخرجه أحمد "1/ 114"، والبيهقي في "الدلائل""7/ 223" واللفظ له.

3 أخرجه أحمد "6/ 47".

ص: 395

وَيُرْوَى عَنْ أَنَسٍ نَحْوُهُ.

وَقَالَ شُعَيْبُ بْنُ مَيْمُونَ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: قِيلَ لِعَلِيٍّ أَلَا تَسْتَخْلِفُ1 عَلَيْنَا؟ قَالَ: مَا اسْتَخْلَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَسْتَخْلِفَ. تَفَرَّدَ بِهِ شُعَيْبٌ، وَلَهُ مَنَاكِيرُ.

وَقَالَ شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ، أَنَّ عَلِيًّا خَرَجَ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي وَجَعِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ، فَقَالَ النَّاسُ: يَا أَبَا حَسَنٍ كَيْفَ أَصْبَحَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: أَصْبَحَ بِحَمْدِ اللَّهِ بَارِئًا، فَأَخَذَ بِيَدِهِ الْعَبَّاسُ فَقَالَ: أَنْتَ وَاللَّهِ بَعْدَ ثَلَاثٍ عَبْدُ الْعَصَا، وَإِنِّي وَاللَّهِ لَأَرَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَوْفَ يَتَوَفَّاهُ اللَّهُ مِنْ وَجَعِهِ هَذَا، إِنِّي أَعْرِفُ وُجُوهَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عِنْدَ الْمَوْتِ، فَاذْهَبْ بِنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلْنَسْأَلْهُ فِيمَنْ هَذَا الْأَمْرُ، فَإِنْ كَانَ فِينَا عَلِمْنَا ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِنَا كَلَّمْنَاهُ فَأَوْصَى بِنَا، قَالَ عَلِيٌّ: إِنَّا وَاللَّهِ لَئِنْ سَأَلْنَاهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَمَنَعَنَاهَا لَا يُعْطِينَاهَا النَّاسُ بَعْدَهُ أَبَدًا، وَإِنِّي وَاللَّهِ لا أسألها رسول الله2 صلى الله عليه وسلم. أخرجه الْبُخَارِيُّ. وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ وَغَيْرُهُ.

وَقَالَ أَبُو حَمْزَةَ السُّكَّرِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: قَالَ الْعَبَّاسُ لِعَلِيٍّ رضي الله عنهما: إِنِّي أَكَادُ أَعْرِفُ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَوْتَ، فَانْطَلِقْ بِنَا نَسْأَلْهُ، فَإِنْ يَسْتَخْلِفْ مِنَّا فَذَاكَ، وَإِلَّا أَوْصَى بِنَا، فَقَالَ عَلِيٌّ لِلْعَبَّاسِ كَلِمَةً فِيهَا جَفَاءٌ، فَلَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ سلم قَالَ الْعَبَّاسُ لِعَلِيٍّ: ابْسُطْ يَدَكَ فَلْنُبَايِعْكَ، قَالَ: فقبض يده، قال الشّعبيّ: لو أنّ عليًّا أَطَاعَ الْعَبَّاسَ فِي أَحَدِ الرَّأْيَيْنِ كَانَ خَيْرًا مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ، وَقَالَ: لَوْ أَنَّ الْعَبَّاسَ شَهِدَ بَدْرًا مَا فَضَلَهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ رأيًا ولا عقلًا3.

وقال أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ أَرْقَمَ بْنِ شُرَحْبِيلَ، سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ولم يوص4.

1 إسناده ضعيف: أخرجه البيهقي في "الدلائل""7/ 223" وشعيب بن ميمون كما في "الميزان""3728".

2 صحيح: أخرجه البخاري "6266" في كتاب الاستئذان، باب: المعانقة، والبيهقي في "الدلائل""7/ 234-234".

3 مرسل: أخرجه البيهقي في "الدلائل""7/ 225".

4 أخرجه البيهقي في "الدلائل""7/ 226-227" مطولًا.

ص: 396

وَقَالَ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى هَلْ أَوْصَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: لَا، قُلْتُ: فَلِمَ أَمَرَ بِالْوَصِيَّةِ؟ قَالَ: أَوْصَى بِكِتَابِ اللَّهِ. قَالَ طَلْحَةُ: قَالَ هُزَيْلُ بْنُ شُرَحْبِيلَ: أَبُو بَكْرٍ يَتَأَمَّرُ عَلَى وَصِيِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَدَّ أَبُو بَكْرٍ أَنَّهُ وَجَدَ عَهْدًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَخَزَمَ أَنْفَهُ بِخِزَامٍ1. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَقَالَ هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي حَسَّانَ إِنَّ عَلِيًّا قَالَ: مَا عَهِدَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا خَاصَّةً دُونَ النَّاسِ إِلَّا مَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ. الْحَدِيثُ2.

وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي فِيهِ وَصِيَّةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِعَلِيٍّ: يَا عَلِيُّ إِنَّ لِلْمُؤْمِنِ ثَلَاثَ عَلَامَاتٍ: الصَّلَاةُ، وَالصِّيَامُ، وَالزَّكَاةُ، فَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا3، فَهُوَ مَوْضُوعٌ، تَفَرَّدَ بِهِ حَمَّادُ بْنُ عَمْرٍو وَكَانَ يَكْذِبُ عَنِ السَّرِيِّ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ، عَنْ آبَائِهِ، وَعِنْدَ الرَّافِضَةِ أَبَاطِيلُ فِي أَنَّ عَلِيًّا عُهِدَ إِلَيْهِ4.

وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَمْ يُوصِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ مَوْتِهِ إِلَّا بِثَلَاثٍ: أَوْصَى لِلرَّهَاوِيِّينَ بِجَادِّ مِائَةِ وَسْقٍ، وَلِلدَّارِيِّينَ بِجَادِّ مائة وسق، وللشيبيين بجادّ مائة وسق، وللأشعريّين بِجَادِّ مِائَةِ وَسْقٍ مِنْ خَيْبَرَ، وَأَوْصَى بِتَنْفِيذِ بَعْثِ أُسَامَةَ، وَأَوْصَى أَنْ لَا يُتْرَكَ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ دِينَانِ5. مُرْسَلٌ.

وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُنْتُ بِالْيَمَنِ فَلَقِيتُ رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ ذَا كَلَاعٍ وَذَا عَمْرٍو، فَجَعَلْتُ أُحَدِّثُهُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَا لِي: إِنْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقًّا مَضَى صَاحِبُكَ عَلَى أَجَلِهِ مُنْذُ ثَلَاثٍ، قَالَ: فَأَقْبَلْتُ وَأَقْبَلَا مَعِي، حَتَّى إِذَا كُنَّا فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ رُفِعَ لَنَا رَكْبٌ مِنْ

1 صحيح: أخرجه البخاري "2740" في كتاب الوصايا، باب: الوصايا، ومسلم "1633" في كتاب الوصية، باب: ترك الوصية، وابن ماجه "2696" في كتاب الوصية، باب: هَلْ أَوْصَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ وأبو نعيم في "الحلية""6178"، والبيهقي في "الدلائل:" "7/ 227"، ورواية الشيخين دون قوله "قال طلحة

" إلخ.

2 صحيح: أخرجه البخاري "1870" في كتاب فضل المدينة، باب: حرم المدينة، ومسلم "1370" في كتاب الحج، باب: فضل المدينة.

3 إسناده موضوع: أخرجه البيهقي في "الدلائل""7/ 229-230".

4 موضوع: أخرجه البيهقي في "الدلائل""7/ 229" وقال: وهو حديث موضوع.

5 مرسل: أخرجه البيهقي في "الدلائل""7/ 230".

ص: 397

قِبَلِ الْمَدِينَةِ، فَسَأَلْنَاهُمْ فَقَالُوا: قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ وَالنَّاسُ صَالِحُونَ، فَقَالَا لِي: أَخْبِرْ صَاحِبَكَ أَنَّا قَدْ جِئْنَا وَلَعَلَّنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ سَنَعُودُ، وَرَجَعَا إِلَى الْيَمَنِ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ1. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ.

بَابُ: تَرِكَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ الْخُزَاعِيِّ أَخِي جُوَيْرِيَةَ قَالَ: وَاللَّهِ مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ مَوْتِهِ دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَلَا عَبْدًا وَلَا أَمَةً وَلَا شَيْئًا إِلَّا بَغْلَتَهُ الْبَيْضَاءَ وَسِلَاحَهُ وَأَرْضًا تَرَكَهَا صَدَقَةً2. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ.

وَقَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَلَا شَاةً وَلَا بَعِيرًا وَلَا أَوْصَى بِشَيْءٍ3. "مُسْلِمٌ".

وَقَالَ مِسْعَرٌ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، قَالَتْ عَائِشَةُ: تَسْأَلُونِي عَنْ مِيرَاثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَلَا عَبْدًا وَلَا وَلِيدَةً4.

وَقَالَ عُرْوَةُ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَقَدْ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَا فِي بَيْتِي إِلَّا شَطْرُ شَعِيرٍ، فَأَكَلْتُ مِنْهُ حَتَّى ضَجِرْتُ، فَكِلْتُهُ فَفَنِيَ، وَلَيْتَنِي لَمْ أَكِلْهُ5. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَقَالَ الْأَسْوَدُ، عَنْ عَائِشَةَ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ بِثَلَاثِينَ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ6. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ.

وَأَمَّا الْبُرْدُ الَّذِي عِنْدَ الْخُلَفَاءِ آلِ الْعَبَّاسِ، فَقَدْ قَالَ يُونُسُ بن بكير، عن ابن

1 صحيح: أخرجه البخاري "4359" في كتاب المغازي، باب: ذهاب جرير إلى اليمن، وأحمد "4/ 363-364" والبيهقي في "الدلائل""7/ 270".

2 صحيح: أخرجه البخاري "2739" في كتاب الدلائل "7/ 270".

3 صحيح: أخرجه مسلم "1635/ 18" في كتاب الوصية، باب: ترك الوصية.

4 أخرجه البيهقي في "الدلائل""7/ 274".

5 صحيح: أخرجه البخاري "6451" في كتاب الرقاق، باب: فضل الفقر، ومسلم "2973" في أول كتاب الزهد، والبيهقي في "الدلائل""7/ 274".

6 صحيح: وقد تقدم.

ص: 398

إِسْحَاقَ فِي قِصَّةِ غَزْوَةِ تَبُوكَ إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَعْطَى أَهْلَ أَيْلَةَ بُرْدَهُ مَعَ كِتَابِهِ الَّذِي كَتَبَ لَهُمْ أَمَانًا لَهُمْ، فَاشْتَرَاهُ أَبُو الْعَبَّاسِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ يَعْنِي السَّفَّاحَ بِثَلَاثِمِائَةِ دِينَارٍ.

وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ حَسَنِ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قُبِضَ وَلَهُ برذان في الحفّ يعملان1. هذان مرسلان، والحفّ هِيَ الْخَشَبَةُ الَّتِي يَلُفُّ عَلَيْهَا الْحَائِكُ وَتُسَمَّى الْمِطْوَاةَ.

وَقَالَ زَمْعَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَهُ جُبَّةُ صُوفٍ فِي الْحِيَاكَةِ2. إِسْنَادُهُ صَالِحٌ.

وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ، أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرْسَلَتْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا من رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ، وَفَاطِمَةُ حِينَئِذٍ تَطْلُبُ صَدَقَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الَّتِي بِالْمَدِينَةِ وَفَدَكَ، وَمَا بَقِيَ مِنْ خُمْسِ خَيْبَرَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ، إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ مِنْ هَذَا الْمَالِ -يَعْنِي مَالَ اللَّهِ- لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَزِيدُوا عَلَى الْمَأْكَلِ"، وَإِنِّي وَاللَّهِ لَا أُغَيِّرُ صَدَقَاتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْ حَالِهَا الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَلَأَعْمَلَنَّ فِيهَا بِمَا عَمِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيهَا، وَأَبَى أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَدْفَعَ إِلَى فَاطِمَةَ مِنْهَا شَيْئًا، فَوَجَدَتْ فَاطِمَةُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ مِنْ ذَلِكَ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ3. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

وَقَالَ أَبُو بُرْدَةَ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَأَخْرَجَتْ إِلَيْنَا إِزَارًا غَلِيظًا مِمَّا يُصْنَعُ بِالْيَمَنِ، وَكِسَاءً مِنْ هَذِهِ الَّتِي تَدْعُونَهَا الْمُلَبَّدَةَ، فَأَقْسَمَتْ بِاللَّهِ لَقَدْ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ4. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ أنّهم حين قدموا المدينة مقتل الحسين

1 مرسل: أخرجه البيهقي في "الدلائل""7/ 279".

2 أخرجه البيهقي في "الدلائل""7/ 279".

3 صحيح: أخرجه البخاري "3092، 3093، 3094" في كتاب فرض الخمس، باب: رقم "1"، ومسلم "1759" في كتاب الجهاد، باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا نورث ما تركنا فهو صدقة".

4 صحيح: وقد تقدم.

ص: 399

لَقِيَهُ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ فَقَالَ لَهُ: هَلْ لك ليّ مِنْ حَاجَةٍ تَأْمُرُنِي بِهَا؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: هل أنت معطيّ سَيْفُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَغْلِبَكَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ، وَايْمُ اللَّهِ لَئِنْ أَعْطَيْتَنِيهِ لَا يَخْلُصُ إِلَيْهِ أَحَدٌ حَتَّى يَبْلُغَ نَفْسِي1. اتَّفَقَا عَلَيْهِ.

وَقَالَ عِيسَى بْنُ طَهْمَانَ: أَخْرَجَ إِلَيْنَا أَنَسُ نَعْلَيْنِ جَرْدَاوَيْنِ2 لَهُمَا قِبَالَانِ، فَحَدَّثَنِي ثَابِتٌ بَعْدُ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُمَا نَعْلَا النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ3. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

عَدَدُ أَزْوَاجِهِ صلى الله عليه وسلم:

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَزَوَّجَ خَمْسَ عَشْرَةَ امْرَأَةً، وَدَخَلَ بِثَلَاثَ عَشْرَةَ مِنْهُنَّ، وَاجْتَمَعَ عِنْدَهُ مِنْهُنَّ إِحْدَى عَشْرَةَ، وَقُبِضَ عَنْ تِسْعٍ.

فَأَمَّا اللَّتَانِ لَمْ يَدْخُلْ بِهِنَّ فَأَفْسَدَتْهُمَا النِّسَاءُ فَطَلَّقَهُمَا، وَذَلِكَ أَنَّ النِّسَاءَ قُلْنَ لِإِحْدَاهُمَا: إِذَا دَنَا مِنْكِ فَتَمَنَّعِي، فَتَمَنَّعَتْ، فَطَلَّقَهَا، وَأَمَّا الْأُخْرَى فَلَمَّا مَاتَ ابْنُهُ إِبْرَاهِيمُ قَالَتْ: لَوْ كَانَ نَبِيًّا مَا مَاتَ ابْنُهُ، فَطَلَّقَهَا.

وَخَمْسٌ مِنْهُنَّ مِنْ قُرَيْشٍ: عَائِشَةُ، وَحَفْصَةُ، وَأُمُّ حَبِيبَةَ، وَأُمُّ سَلَمَةَ، وَسَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ.

وَمَيْمُونَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ الْهِلَالِيَّةُ، وَجُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ الْخُزَاعِيَّةُ، وَزَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ الْأَسَدِيَّةُ، وَصَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ الْخَيْبَرِيَّةُ. قُبِضَ صلى الله عليه وسلم عَنْ هَؤُلَاءِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ4.

رَوَى دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَزَوَّجَ قُتَيْلَةَ أُخْتَ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ، فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُخْبِرَهَا، فَبَرَّأَهَا اللَّهُ منه.

1 صحيح: أخرجه البخاري "3110" في كتاب فرض الخمس، باب: ما ذكر في درع النبي صلى الله عليه وسلم "2449/ 95" في كتاب فضائل الصحابة، باب: فضائل فاطمة رضي الله عنها.

2 جرداوين: أي لا شعر عليهما.

3 صحيح: أخرجه البخاري "3107" في كتاب فرض الخمس، باب: ما ذكر في درع النبي صلى الله عليه وسلم والترمذي في "الشمائل""76".

4 مرسل: أخرجه البيهقي في "الدلائل""7/ 289".

ص: 400

وقال إبراهيم بن الفضل: حدثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ عِكْرِمَةَ بْنَ أَبِي جَهْلٍ تَزَوَّجَ قُتَيْلَةَ بِنْتَ قَيْسٍ، فَأَرَادَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَضْرِبَ عُنُقَهُ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَعْرِضْ لَهَا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَارْتَدَّتْ مَعَ أَخِيهَا فَبَرِئَتْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى كَفَّ عَنْهُ1.

وَأَمَّا الْوَاقِدِيُّ فَرَوَى عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ كَتَبَ إِلَيْهِ يَسْأَلُهُ: هَلْ تَزَوَّجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قُتَيْلَةَ أُخْتَ الْأَشْعَثِ؟ فَقَالَ: مَا تَزَوَّجَهَا قَطُّ، وَلَا تَزَوَّجَ كِنْدِيَّةً إِلَّا أُخْتَ بَنِي الْجَوْنِ، فَلَمَّا أَتَى بِهَا وَقَدِمَتِ الْمَدِينَةَ نَظَرَ إِلَيْهَا فَطَلَّقَهَا وَلَمْ يَبْنِ بِهَا2.

وَيُقَالُ إِنَّهَا فَاطِمَةُ بِنْتُ الضَّحَّاكِ: فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: هِيَ فَاطِمَةُ بِنْتُ الضَّحَّاكِ، اسْتَعَاذَتْ مِنْهُ فَطَلَّقَهَا، فَكَانَتْ تَلْقُطُ الْبَعْرَ وَتَقُولُ: أَنَا الشَّقِيَّةُ. تَزَوَّجَهَا فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَتُوُفِّيَتْ سَنَةَ سِتِّينَ3.

وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَسْمَاءَ بِنْتَ كَعْبٍ الْجَوْنِيَّةَ، فَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا حَتَّى طَلَّقَهَا.

وَتَزَوَّجَ عَمْرَةَ بِنْتَ يَزِيدَ، وَكَانَتْ قَبْلَهُ عِنْدَ الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ.

كَذَا قَالَ، وَهَذَا شَيْءٌ مُنْكَرٌ. فَإِنَّ الْفَضْلَ يَصْغُرُ عَنْ ذَلِكَ.

وَعَنْ قَتَادَةَ قَالَ: تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْيَمَنِ أَسْمَاءَ بِنْتَ النُّعْمَانِ الْجَوْنِيَّةَ، فَلَمَّا دَخَلَ بِهَا دَعَاهَا، فَقَالَتْ: تَعَالَ أَنْتَ، فَطَلَّقَهَا4.

وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ صَالِحٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى قَالَ: اسْتَعَاذَتِ الْجَوْنِيَّةُ مِنْهُ، وَقِيلَ لَهَا: "هُوَ أَحْظَى لَكِ

1 أخرجه ابن سعد في "الطبقات""4/ 320" عن داود بن أبي هند معضلًا.

2 إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات""4/ 320" بنحوه، والواقدي متروك.

3 إسناده ضعيف جدًّا.

4 مرسل.

ص: 401

عِنْدَهُ" وَإِنَّمَا خُدِعَتْ لِمَا رُوِيَ مِنْ جَمَالِهَا وَهَيْئَتِهَا، وَلَقَدْ ذُكِرَ لَهُ صلى الله عليه وسلم مَنْ حَمَلَهَا عَلَى مَا قَالَتْ لَهُ، فقال: "إِنَّهُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ". وَذَلِكَ سَنَةَ تِسْعٍ1.

وَقَالَ هِشَامُ بْنُ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا اسْتَعَاذَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ النُّعْمَانِ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ مُغْضَبًا، فَقَالَ لَهُ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ: لَا يَسُوءُكَ اللَّهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَلَا أُزَوِّجُكَ مَنْ لَيْسَ دُونَهَا فِي الْجَمَالِ وَالْحَسَبِ؟ فَقَالَ:"مَنْ"? قَالَ: أُخْتِي قُتَيْلَةُ، قَالَ:"قَدْ تَزَوَّجْتُهَا"، فَانْصَرَفَ الْأَشْعَثُ إِلَى حَضْرَمَوْتَ ثُمَّ حَمَلَهَا، فَبَلَغَهُ وَفَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَرَدَّهَا وَارْتَدَّتْ مَعَهُ2.

وَيُرْوَى عَنْ قَتَادَةَ وَغَيْرِهِ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَزَوَّجَ سَنَاءَ بِنْتَ الصَّلْتِ السَّلَمِيَّةَ، فَمَاتَتْ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهَا3.

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ وَجْهٍ لَا يَصِحُّ قَالَ: كَانَ فِي نِسَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سَنَاءُ بِنْتُ سُفْيَانَ الْكِلَابِيَّةُ4.

وَبَعَثَ أَبَا أُسَيْدٍ السَّاعِدِيَّ يَخْطُبُ عَلَيْهِ امْرَأَةً مِنْ بَنِي عَامِرٍ، يُقَالُ لَهَا عَمْرَةُ بِنْتُ يَزِيدَ، فَتَزَوَّجَهَا، ثُمَّ بَلَغَهُ أَنَّ بِهَا بَيَاضًا فَطَلَّقَهَا5.

قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَحَدَّثَنِي أَبُو مَعْشَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَزَوَّجَ مُلَيْكَةَ بِنْتَ كَعْبٍ، وَكَانَتْ تُذْكَرُ بِجَمَالٍ بَارِعٍ، فَدَخَلَتْ عَلَيْهَا عَائِشَةُ فَقَالَتْ: أَمَا تَسْتَحِينَ أَنْ تَنْكِحِي قَاتِلَ أَبِيكِ، فَاسْتَعَاذَتْ مِنْهُ، فَطَلَّقَهَا، فجاء قومها فقالوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّهَا صَغِيرَةٌ، وَلَا رَأْيَ لَهَا، وَإِنَّهَا خُدِعَتْ فَارْتَجِعْهَا، فَأَبَى عَلَيْهِمْ، فَاسْتَأْذَنُوهُ أَنْ يُزَوِّجُوهَا، فَأَذِنَ لَهُمْ. وَأَبُوهَا قَتَلَهُ خَالِدٌ يَوْمَ الْفَتْحِ6. وَهَذَا حديث ساقط كالذي

1 مرسل: إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات""4/ 318".

2 إسناده ضيعف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات""4/ 320"، وأبو صالح ضعيف، وهشام وأبوه كلاهما متروك.

3 أخرجه ابن سعد في "الطبقات""4/ 321" عن رجل من رهط عبد الله بن خازم السلمي، وفي إسناده هشام الكلبي، وهو متروك.

4 إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات""4/ 317".

5 إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات""4/ 317".

6 معضل إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات""4/ 320".

ص: 402

قَبْلَهُ. وَأَوْهَى مِنْهُمَا مَا رَوَى الْوَاقِدِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْجُنْدَعِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَطَاءٍ الْجُنْدَعِيِّ قَالَ: تَزَوَّجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُلَيْكَةَ بِنْتَ كَعْبٍ اللَّيْثِيِّ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ، وَدَخَلَ بِهَا، فَمَاتَتْ عِنْدَهُ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَأَصْحَابُنَا يُنْكِرُونَ ذَلِكَ1.

وَقَالَ عُقَيْلٌ: عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي كِلَابٍ، ثُمَّ فَارَقَهَا2. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: هِيَ الْعَالِيَةُ بِنْتُ ظَبْيَانَ فِيمَا بَلَغَنِي.

وَقَالَ هِشَامُ بْنُ الْكَلْبِيِّ: تَزَوَّجَ بِالْعَالِيَةِ بِنْتِ ظَبْيَانَ، فَمَكَثَتْ عِنْدَهُ دَهْرًا ثُمَّ طَلَّقَهَا، حَدَّثَنِي ذَلِكَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي كِلَابٍ.

رَوَى الْمُفَضَّلُ الْغَلابِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُجَاهِدٍ قَالَ: نَكَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَوْلَةَ بِنْتَ هُذَيْلٍ الثَّعْلَبِيَّةَ، فَحُمِلَتْ إِلَيْهِ مِنَ الشَّامِ، فَمَاتَتْ فِي الطَّرِيقِ، فَنَكَحَ خَالَتَهَا شَرَافَ بِنْتَ فَضَالَةَ، فَمَاتَتْ فِي الطَّرِيقِ أَيْضًا3.

وَيُرْوَى عَنْ سَهْلِ بْنِ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: تَزَوَّجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم امْرَأَةً مِنْ بَنِي غِفَارٍ، فَدَخَلَ بِهَا، فَرَأَى بِهَا بَيَاضًا مِنْ بَرَصٍ، فَقَالَ: الْحَقِي بِأَهْلِكِ، وَأَكْمَلَ لَهَا صَدَاقَهَا4.

هَذَا وَنَحْوُهُ إِنَّمَا أَوْرَدْتُهُ لِلتَّعَجُّبِ لَا لِلتَّقْرِيرِ.

وَمِنْ سَرَارِيِّهِ: مَارِيَةُ أُمُّ إِبْرَاهِيمَ.

وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: كَانَتْ رَيْحَانَةُ أَمَةً لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا، فَكَانَتْ تَحْتَجِبُ فِي أَهْلِهَا، وَتَقُولُ: لَا يَرَانِي أَحَدٌ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ5. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَهَذَا أَثْبَتُ عِنْدَنَا وَكَانَ زَوْجَ رَيْحَانَةَ قَبْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْحَكَمُ. وَهِيَ مِنْ بَنِي النَّضِيرِ، فَحَدَّثَهَا عَاصِمُ بْنُ عبد الله بن

1 إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات""4/ 320".

2 مرسل: أخرجه البيهقي في "الدلائل""7/ 286" بنحوه.

3 أخرجه ابن سعد في "الطبقات""4/ 326" عن الشرقي بن القطامي بنحوه، وفي إسناده هشام الكلبي، وهو متروك.

4 أخرجه أحمد "3/ 493" من حديث كعب بن زيد أبو زيد بن كعب بنحوه، وإسناده ضعيف. وأما حديث سهل بن سعد فأصله عند البخاري "5256-5257" في كتاب الطلاق، باب: من طلق، دون قول "فرأى بها بياضًا من برص".

5 مرسل إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في"الطبقات""4/ 311".

ص: 403

الْحَكَمِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ: أَعْتَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَيْحَانَةَ بنت زيد بن عمرو بن خناقة، وَكَانَتْ ذَاتَ جَمَالٍ، قَالَتْ: فَتَزَوَّجَنِي وَأَصْدَقَنِي اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً وَنَشًّا1 وَأَعْرَسَ بِي وَقَسَمَ لِي. وَكَانَ مُعْجَبًا بِهَا، تُوُفِّيَتْ مَرْجِعَهُ مِنْ حِجَّةِ الْوَدَاعِ، وَكَانَ تَزْوِيجُهُ بِهَا فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ سِتٍّ2.

وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ قَالَ: كَانَتْ رَيْحَانَةُ مِنْ بَنِي النَّضِيرِ، فَسَبَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا وَمَاتَتْ عِنْدَهُ3.

وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: أنا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَسَرَّ رَيْحَانَةَ ثُمَّ أَعْتَقَهَا، فَلَحِقَتْ بِأَهْلِهَا4. قُلْتُ: هَذَا أَشْبَهُ وَأَصَحُّ.

قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: كَانَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعُ وَلَائِدَ: مَارِيَةُ، وَرَيْحَانَةُ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ وَجَمِيلَةُ فَكَادَهَا نِسَاؤُهُ، وَكَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ نَفِيسَةٌ وَهَبَتْهَا لَهُ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ.

وَقَالَ زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ} 5 قَالَ: كَانَ نِسَاءٌ وَهَبْنَ أَنْفُسَهُنَّ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَدَخَلَ بِبَعْضِهِنَّ وَأَرْجَى بَعْضَهُنَّ، فَلَمْ يُنْكَحْنَ بَعْدَهُ، مِنْهُنَّ أُمُّ شَرِيكٍ، يَعْنِي الدَّوْسِيَّةَ6.

وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ أُمَّ شَرِيكٍ كَانَتْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَتِ امْرَأَةً صَالِحَةً7.

وَقَالَ هِشَامُ بْنُ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَقْبَلَتْ لَيْلَى بِنْتُ الْخَطِيمِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَعْرِضُ نَفْسَهَا عَلَيْهِ، قال: قد فعلت، فرجعت

1 النش: نصف الأوقية، والأوقية أربعون درهمًا، فالنش عشرون درهمًا.

2 مرسل إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات""4/ 310".

3 إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات""4/ 310".

4 مرسل.

5 سورة الأحزاب: 51.

6 مرسل: أخرجه ابن سعد في "الطبقات""4/ 323".

7 مرسل.

ص: 404

إِلَى قَوْمِهَا فَقَالَتْ: قَدْ تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالُوا: أَنْتِ امْرَأَةٌ غَيْرَى تَغَارِينَ مِنْ نِسَائِهِ فَيَدْعُو عَلَيْكِ، فَرَجَعَتْ فَقَالَتْ: أَقِلْنِي، قَالَ:"قَدْ أَقَلْتُكِ"1.

وَقَدْ خَطَبَ صلى الله عليه وسلم أُمَّ هَانِئٍ بِنْتَ أَبِي طَالِبٍ، وَضُبَاعَةَ بِنْتَ عَامِرٍ، وَصَفِيَّةَ بِنْتَ بَشَامَةَ وَلَمْ يُقْضَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهِنَّ. والله سبحانه وتعالى أعلم.

1 إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات""4/ 321"، وأبو صالح هو باذام ضعيف، وهشام وأبوه كلاهما متروك.

ص: 405