المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌وفيات الطبقة الثامنة والأربعون: - تاريخ الإسلام - ط التوفيقية - جـ ٣٢

[شمس الدين الذهبي]

الفصل: ‌وفيات الطبقة الثامنة والأربعون:

بسم الله الرحمن الرحيم

‌وفيات الطبقة الثامنة والأربعون:

وفيات سنة إحدى وسبعين وأربعمائة:

"حرف الألف":

1-

أحمد بن الحافظ أبي عَمْرو عثمان بْن سَعِيد الدّاني1.

المقرئ أبو العبّاس.

قرأ على أبيه، وأقرأ الناس بالروايات.

أخذ عنه: أبو القاسم بن مُدير.

تُوُفّي في ثامن رجب.

2-

أحمد بن عليّ بن محمد بن الفضل.

أبو الحَسَن بن أبي الفرج البغداديّ البَشّاريّ، المعروف أيضًا بابن الوازع2.

شيخ معمّر، وجدَ ابن ماكولا سماعَه من أبي الطّاهر المخلّص في جزء من الفتوح لسيف. فأفادَه الناسَ، وسمعوه منه.

روى عنه: مكّيّ الرُّميليّ، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ.

تُوُفّي في ربيع الأوّل وله 94 سنة.

3-

أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن هبة اللَّه.

أبو الحسين الدّمشقيّ الأكفانيّ3 والد الأمين أبي محمد.

حدَّث عن: المسدَّد الأمْلُوكيّ، وعبد الرحمن بن الطُّبيز. وعنه: ابنه.

مات في ربيع الأوّل.

1 غاية النهاية "1/ 80".

2 الإكمال "7/ 443".

3 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 82" لابن بدران.

ص: 20

4-

أتْسِز بن أوّق الخُوارَزْميّ التُركيّ1.

صاحب دمشق.

قال ابن الأكفاني: غلت الأسعار في سنة حصار الملك أتْسِز بن الخُوارَزْميّ دمشق، وبلغت الغرارة أكثر من عشرين دينارًا. ثمّ ملك البلد صُلحًا، ونزل دار الإمارة داخل باب الفراديس، وخطب لأمير المؤمنين المقتدي بالله عبد الله بن أبي العبّاس، وقُطِعت دعوة المصريّين، وذلك في ذي القعدة سنة ثمانٍ وستين.

وقال ابن عساكر: إنّه ولي دمشق بعد حصاره إيّاها دفعات، وأقام الدّعوة لبني العبّاس، وتغلب على أكثر الشّام، وقصد مصر ليأخذها فلم يتمّ له ذلك.

ثمّ وجّه المصريّون إلى الشّام عسكرًا ثقيلًا في سنة إحدى وسبعين، فلمّا عجز عنهم راسل تُتُش بن ألب أرسلان يستنجد به. فقدم تتش دمشق، وغلب على دمشق، وقتل أتْسِز في ربيع الآخر، واستقام الأمر لتتش.

وكان أتسز لمّا أخذ دمشق أنزل جُنْدَه في دُور النّاس، واعتقل من الرُّؤساء جماعةً وشمّسهم بمرج راهط حتّى افتدوا نفوسهم منه بمالٍ كثير، ونزح جماعة إلى طرابُلُس. وقَتَلَ بالقُدس خلقًا كثيرًا كما مرَّ في الحوادث إلى أن أراح النّاس منه.

5-

إبراهيم بن إسماعيل.

أبو سعْد اليعقوبيّ2.

مات بمرْو في شعبان.

6-

إبراهيم بن عليّ.

الشّيخ أبو إسحاق القبانيّ3.

شيخ الصُّوفيّة بدمشق.

أقام بدمشق، وأقام بصور أربعين عامًا.

1 السير "18/ 431"، وفيات الأعيان "1/ 295".

2 لم نقف عليه.

3 تهذيب تاريخ دمشق "2/ 233".

ص: 21

وسمع بالرملة من: شيخه أبي الحسين بن التّرجُمان، وبصيدا من: الحَسَن بن جُمَيْع.

روى عنه: نصر المقدسيّ، وغيث الأرمنازيّ، وجماعة.

وكان صالحًا صدوقًا له معاملة.

"حرف الحاء":

7-

الحَسَن بن أحمد بن عبد الله1.

الفقيه أبو عليّ بن البنّا البغداديّ الحنبليّ، صاحب التّصانيف والتّخاريج. سمع من: هلال الحفّار، وأبي الفتح بن أبي الفوارس، وأبي الحَسَن بن رزقوَيْه، وأبي الحسين بن بِشْران، وعبد اللَّه بن يحيى السُّكَّريّ، وهذه الطبّقة فأكثر.

روى عنه: أحمد بن ظَفَر المَغَازِليّ، وأبو منصور عبد الرحمن القزّاز، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ، وجماعة، وولداه يحيى وأحمد، وأبو الحسين بن الفرّاء، وقاضي المرِستان.

وقرأ بالرّوايات على أبي الحسن الحمَّاميّ.

وعلّق الفقه والخلاف عن القاضي أبي يَعْلَى قديمًا.

ودرّس في أيّامه، وله تصانيف في الفقه والأصول والحديث.

وكان له حلقتان للفتوى وللوعْظ؛ وكان شديدًا على المُبْتَدِعَة، ناصرًا للسُّنَّة.

آخر من روى عنه بالإجازة الحافظ محمد بن ناصر.

قال القفطيّ: كان من كبار الحنابلة. سأل فقال: هل ذكرني الخطيب في تاريخه مع الثقات أو مع الكذابين؟ فقيل له: ما ذكرك أصلًا.

فقال: ليته ذكرني ولو مع الكذابين.

قال القفطيّ: كان مشارًا إليه في القراءات واللّغة والحديث. حكي عنه أنّه قال: صنّف خمسمائة مصنَّف.

1 السير "18/ 380"، وغاية النهاية "1/ 206".

ص: 22

قال: إلًا أنّه كان حنبليّ المعتَقَد، تكلّموا فيه بأنواع.

تُوُفّي في رجب.

قلت: ما تكلَّم فيه إلّا أهل الكلام لكونه كان لهجًا بمخالفتهم، كثير الذّمّ لهم، مَعْنِيا بأخبار الصِّفات.

قرأ عليه جماعة. ولم يذكره الخطيب في تاريخه؛ لأنّه أصغر منه، ولا ذكر أحدًا من هذه الطّبقة إلّا من مات قبله.

وذكره ابن النّجّار فقال: كان يؤدَّب بني جَرْدَة. قرأ بالرّوايات على الحمّاميّ، وغيره. وكتب بخطه كثيرًا.

إلى أن قال: وتصانيفه تدلّ على قلّة فَهْمه، كان صحفيًّا قليل التحصيل. روى الكثير، وأقرأ ودرّس، وأفتى، وشرح الإيضاح لأبي عليّ الفارسي. إذا نظرت في كلامه بانَ لك سوء تصرُّفه.

ورأيت له ترتيبًا في غريب أبي عُبَيْد قد خَبَطَ كثيرًا وصحّف.

حدَّث عنه: أولاده أحمد ومحمد ويحيى، وابن الحُصَين، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ، وأبو منصور القزاز، وأحمد بن ظَفَر المَغَازِليّ.

قال شجاع الذُّهليّ: كان أحد القراء المجوّدين، سمعنا منه قطعة من تصانيفه.

وقال المؤتمن السّاجيّ: كان له رواء ومنظر، ما طاوعتْني نفسي للسَّماع منه.

وقال إسماعيل بن السَّمرقنديّ: كان واحدٌ من المحدّثين اسمه الحَسَن بن أحمد بن عبد الله النَّيسابوريّ. سمع الكثير، فكان ابن البنّا يكشِط بُورِي منه ويمدّ السّين، فتصير البنّا كذا قيل: إنّه كان يفعل ذلك.

8-

الحَسَن بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن جعفر.

الحافظ أبو عليّ البلْخيّ الوَخْشي1، ووَخْش: من أعمال بلْخ.

رحال حافظ كبير سمع بدمشق من: تمّام الرّازيّ، وعَقِيل بن عَبْدان.

وببغداد من: أبي عَمْر بن مهديّ.

1 السير "18/ 365"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1171".

ص: 23

وبالبصرة من: أبي عَمْر الهاشميّ.

وبمصر من: أبي محمد عبد الرحمن بن عَمْر بن النَّحّاس.

وبخُراسان من: أصحاب الأصمّ.

قال أبو بكر الخطيب: علّقت عنه ببغداد، وإصبهان.

وقال ابن السَّمعانيّ: كان حافظًا فاصلًا ثقة، حَسَن القراءة. رحل إلى العراق، والجبال، والشّام، والثغور، ومصر. وذاكَرَ الحُفّاظ.

وسمع ببلْخ من: أبي القاسم عليّ بن أحمد الخُزَاعيّ؛ وبنَيْسابور من: أبي زكريّا المزكّي، والحِيريّ؛ وببغداد من: أبي مهديّ، وابن أبي الفوارس؛ وبإصبهان من: أبي نُعَيْم.

روى لنا عنه: عمر بن محمد بن عليّ السَّرخسيّ، وعمر بن عليّ المحموديّ.

روى عنه الخطيب في تصانيفه، وذكر الحافظ عبد العزيز النَّخشبيّ أنّه كان يتَّهم بالقَدَر.

قال السَّمعانيّ: وُلِد سنة خمسٍ وثمانين وثلاثمائة.

وتُوُفّي في خامس ربيع الآخر سنة إحدى وسبعين ببلْخ.

قلت: انتقى على أبي نُعَيم خمسة أجزاء مشهورة بالوَخْشِيّات، وسمعنا جزءًا من حديثه رواه من حِفْظه.

سُئِل عن إسماعيل بن محمد التَّيميّ فقال: حافظ كبير.

قلت: روى عن الوخْشِيّ كتاب السُّنن لأبي داود: الحسنُ بن عليّ الحُسَيْنيّ البلْخيّ، والذي قيّد وفاته صاحبُه عَمْر السَّرخسيّ. وقد حدَّث المحموديّ عنه في سنة ستًّ وأربعين وخمسمائة وقال: كنتُ قد راهقت لمّا تُوُفّي الوخْشِيّ وحضرتُ جنازته، فلمّا وضعوه في القبر، سمعنا صيحةً، فقيل: إنّه لمّا وضع في القبر خرجت الحشرات من المَقْبُرَة؛ وكان في طَرفنا وادي، فانحدَرَت إليه الحشرات، فذهبتُ وأبصرتُ البَيْضَ الصِّغار، والعقارب، والخنافس، وهي منحدرة إلى الوادي بعينيَّ، والنّاس ما كانوا يتعرَّضون لها.

ص: 24

قال ابن النّجّار: سمع ببلْخ من عليّ بن أَحْمَد الخزاعيّ، وبهَمَذان محمد بن أحمد بن مَزْدين، وبحلب، وبعَكّا.

وسمع منه: نظام المُلْك ببلخ، وصدّره بمدرسته ببلْخ.

وقال: جُعتُ بعسقلان أيامًا حتّى عجزت عن الكتابة، ثمّ فتح الله.

وقال فيه إسماعيل التيَّميّ: حافظ كبير.

9-

الحسين بن عَقِيل بن محمد بن عبد المنعم بن ريش الدّمشقيّ البّزار1.

الشاعر.

سمع: عبد الرحمن بن أبي نصر.

روى عنه: الخطيب مع تقدُّمه، وأبو الحَسَن بن المسلم الفقيه.

"حرف السين":

10-

سعْد بْن علي بْن مُحَمَّد بْن علي بْن حسين.

أبو القاسم الزَّنجانيّ، الحافظ الزّاهد2.

سمع: أبا عبد الله محمد بن الفضل بن نظيف، وأبا عليّ الحسين بن ميمون الصّدَفيّ بمصر؛ وبغزة عليّ بن سلامة، وبزَنْجَان محمد بن أبي عُبَيْد؛ وبدمشق عبد الرحمن بن ياسر، وأبا الحَسَن الحبّان، وجماعة.

روى عنه: أبو بكر الخطيب وهو أكبر منه، وأبو المظفّر منصور السَّمعانيّ الفقيه، ومكّيّ الرُّميليّ، وهبة الله بن فاخر، ومحمد بن طاهر المقدسيّ، وعبد المنعم القُشَيْريّ، وآخرون.

وجاوَرَ بمكة زمانًا، وصار شيخ الحَرَم.

قال أبو الحَسَن محمد بن أبي طالب الفقيه الكَرَجيّ: سألت محمد بن طاهر عن أفضل من رأى، فقال: سعد الزَّنجانيّ، وعبد الله بن محمد الأنصاريّ، فسألته أيُّهما أفضل؟ فقال: عبد الله كان متفننًا، وأمّا الزَّنجانيّ فكان أعرف بالحديث منه. وذلك

1 معجم الأدباء "10/ 124-126".

2 السير "14/ 642" طبعة التوفيقية، والبداية والنهاية "12/ 120".

ص: 25

أنّي كنت أقرأ على عبد الله فأترك شيئًا لأجرّبه، ففي بعضٍ يرُد، وفي بعضٍ يسكت، والزَّنجانيُّ، كنتُ إذا تركت اسمَ رجلٍ يقول: تركتَ بين فُلان وفُلان اسمَ فُلان.

قال ابن السَّمعانيّ: صَدَق. كان سعد أعرف بحديثه لقلَّته، وعبد الله كان مكثرًا.

قال أبو سعد السَّمعانيّ: سمعتُ بعض مشايخي يقول: كان جدّك أبو المظفّر قد عزم على أن يُقيم بمكّة ويجاور بها، صُحْبَةَ الإمام سعْد بن عليّ، فرأى ليلةً من اللّيالي والدته كأنّها قد كشفت رأسها وقالت له: يا بُنَيّ، بحقّي عليك إلّا ما رجعتَ إلى مرو، فإنّي لا أطيق فِراقَك.

قال: فانتبهتُ مغمومًا، وقلت أشاور الشّيخَ سعْد، فمضيتُ إليه وهو قاعد في الحَرَم، ولم أقدر من الزّحام أن أكلّمه، فلمّا تفرَّق النّاس وقام تبِعْتُه إلى داره، فالتفت إليّ وقال: يا أبا المظفَّر، العجوز تنتظرك. ودخل البيت.

فعرفت أنّه تكلَّم على ضميري، فرجعتُ مع الحاجّ تلك السّنة.

قال أبو سعْد: كان أبو القاسم حافظًا، متقِنًا، ثقة، ورِعًا، كثير العبادة، صاحب كرامات وآيات. وإذا خرج إلى الحرم يخلون المطاف، ويقبّلون يده أكثر ممّا يقبلون الحجر الأسود1.

وقال محمد بن طاهر: ما رأيت مثله، سمعتُ أبا إسحاق الحبّال يقول: لم يكن في الدّنيا مثل أبي القاسم سعْد بن عليّ الزَّنجانيّ في الفضل. وكان يحضر معنا المجالس، ويُقرأ الخطأ بين يديه، فلا يردّ على أحدٍ شيئًا، إلّا أن يُسأل فيُجيب.

قال ابن طاهر: وسمعت الفقيه هياج بن عبيد إمام الحرم ومفتيه يقول: يومٌ لا أرى فيه سعد بن علي لا أعتد أني عملت خيرًا.

وكان هياج يعتمر ثلاث مرات. وسيأتي ذكره.

قال ابن طاهر: كان الشّيخ سعْد لمّا عزم على المجاورة عزم على نيِّفٍ وعشرين عزيمة أنّه يُلْزِمَها نفسَه مِن المجاهدات والعبادات. ومات بعد أربعين سنة ولم يخلّ منها بعزيمةٍ واحدة.

1 السير "14/ 642".

ص: 26

وكان يُملي بمكّة، ولم يكن يُمْلي بها حين تولّى مكة المصريّون، وإنّما كان يُمْلي سرًّا في بيته.

وقال ابن طاهر: دخلتُ على الشّيخ أبي القاسم سعْد وأنا ضيّق الصَّدر من رجلٍ من أهل شيراز لا أذكره، فأخذت يده فقبَّلتها، فقال لي ابتداءً من غير أن أُعْلِمه بما أنا فيه: يا أبا الفضل، لا تضيِّق صدْرَك، عندنا في بلاد العجم مَثَلٌ يُضْرَب، يقال: بُخْلُ أهوازيّ، وحَمَاقةُ شِيرازيّ، وكَثْرةُ كلام رازيّ.

ودخلتُ عليه في أول سنة سبعين لمّا عزمتُ على الخروج إلى العراق حتّى أودّعه، ولم يكن عنده خبرٌ من خروجي. فلمّا دخلت عليه قال:

أَرَاحِلُون فنبكي، أم مُقِيمونا؟

فقلت: ما أمر الشّيخ لا نتعدّاه

فقال: على أيَّ شيءٍ عَزَمْت؟ قلت: على الخروج إلى العراق لألحق مشايخ خُراسان. فقال: تدخل خُراسان، وتبقى بها، وتفوتك مصر، ويبقى في قلبك. فاخرج إلى مصر، ثمّ منها إلى العراق وخراسان، فإنه لا يفوتك شيء.

ففعلتُ، وكان في ذلك البركة.

سمعتُ سعد بن عليّ -وجرى بين يديه ذِكْر الصّحيح الذي خرَّجه أبو ذَر الهَرَويّ- فقال: فيه عن أبي مسلم الكاتب، وليس من شرط الصّحيح.

قال أبو القاسم ثابت بن أحمد البغداديّ: رأيتُ أبا القاسم الزَّنجانيّ في المنام يقول لي مرة بعد أخرى: إنّ الله بنى لأهل الحديث بكلّ مجلسٍ يجلسونه بيتًا في الجنّة.

ولد سعد في حدود سنة ثمانين وثلاثمائة، أو قبلها.

وتُوُفّي في سنة إحدى وسبعين، أو في أواخر سنة سبعين بمكّة. وله قصيدة مشهورة في السُّنّة.

وقد سئل عنه إسماعيل الطّلْحيّ فقال: إمامٌ كبيرٌ عارفٌ بالسُّنَّة.

11-

سُلمان بن الحَسَن بن عبد الله1.

أبو نصر، صاحب ابن الذّهبيّة البغداديّ.

رجل صالح معمَّر.

1 المنتظم "8/ 321"، وهو في عداد العلماء المستوردين، لا بأس به.

ص: 27

روى عن: أَبِي الحَسَن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن محمد بن مَخْلَد صاحب الصّفّار.

روى عنه: محمد بن عبد الباقي الأنصاري، وعبد الوهّاب الأنماطيّ وقال: عاش أكثر من مائة سنة.

مات أبو نصر في رجب.

12-

سهل بن عَمْر بن محمد بن الحسين.

أبو عمر بن المؤَّيد أبي المعالي البِسْطاميّ ثمّ النيَّسابوريّ1.

من بيت الإمامة والحشمة، وهو خَتَن عمه الموفّق بابنته.

روى عن: أبي الفضل عَمْر بن إبراهيم الهَرَويّ، وأصحاب الأصم.

تُوُفّي في شوّال.

"حرف الطاء":

13-

طاهر بن محمد شاه فور.

أبو المظفّر الطٌّوسيّ2.

مات بطوس في شوّال.

يروي عن: ابن مَحْمِش الزّياديّ، وغيره.

وعنه: زاهر الشحّاميّ.

وكان إمامًا مفسِّرًا أُصوليا.

وسمّاه عبد الغافر. شاهفور.

"حرف العين":

14-

عَبْد اللَّه بْن سبعون بْن يحيى:

أبو محمد المسلّميّ القيروانيّ3.

1 لم نقف عليه.

2 طبقات الشافعية "3/ 175" للسبكي.

3 البداية والنهاية "12/ 120".

ص: 28

محدَّث عارف. سكن بغداد ونقل بخطّه الكثير، وقرأ بنفسه.

سمع: أبا القاسم عبد العزيز الأَزَجيّ وأبا طالب بن غيلان، وجماعة.

وبمكة: أبا نصر السِّجزيّ، وأبا الحَسَن بن صخْر.

وبمصر: عليّ بن منير.

روى عنه: أبو القاسم السَّمرقنديّ، وأبو الحَسَن بن عبد السّلام.

تُوُفّي في رمضان.

15-

عبد الباقي بن محمد بن غالب1.

أبو منصور بن العطّار الأزجيّ وكيل أميرَيِ المؤمنين: القائم، والمقتدي.

قال السمعانيّ: كان حَسَن السِّيرة، جميل الأمر، صحيح السّماع.

سمع: أبا طاهر المخلّص، وأحمد بن محمد بن الْجُنْديّ.

روى عنه: يوسف بن أيّوب الهَمذانيّ، وعبد المنعم القُشَيْريّ، وأبو نصر أحمد بن عَمْر الغازي، وآخرون.

قلت: كان قليل الرّواية، رئيسًا.

قال الخطيب: كتبتُ عنه، وكان صدوقًا. قال لي: وُلِدتُ سنة أربع وثمانين وثلاثمائة.

تُوُفّي ابن العطّار في ربيع الآخر.

16-

عبد الحميد بن الحَسَن بن محمد.

أبو الفَرَج الهَمَذانيّ الدّلّال الفُقَاعيّ2.

روى عن: أبي بكر بن لال، وعبد الرحمن الإمام، وعبد الرحمن المؤَّدب الهمذانيين.

قال شيرويه: سمعتُ منه وليس التّحديث من شأنه. وسماعه مع أخيه علي.

1 السير "18/ 400"، تاريخ بغداد "11/ 91".

2 لم نقف عليه.

ص: 29

ولد سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة.

وتوفي في ثامن عشر ذي القعدة.

17-

عَبْد الرَّحْمَن بْن عَلِيّ بْن عبد الله بن منصور الطَّبريّ1.

قال السَّمعانيّّ: أبو القاسم بن الزُّجاجي كان ينزل باب الطّاق من بغداد، وكان خيّرًا ثقة صدوقًا.

سمع من: أبي أحمد الفَرَضيّ، وثنا عنه أبو بكر الأنصاريّ، وأبو محمد بن الطّرّاح، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ، وأبو نصْر أحمد بن عَمْر الغازي.

تُوُفّي فِي ربيع الأوّل.

18-

عَبْد الرَّحْمَن بْن عُلْوان بن عَقِيل.

أبو القاسم الشَّيْبانيّ البغداديّ، أخو عبد الواحد2.

سمع من: عبد القاهر بن عِترة.

روى عنه: قاضي المَرِسْتان؛ ووثَّقه أبو الفضل بن خَيْرُون.

19-

عبد العزيز بن عليّ بن أحمد بن الحسين الأنْماطيّ3.

أبو القاسم ابن بنت السُّكّريّ العتّابيّ. من محلّة العتابين ببغداد.

قال الخطيب: حدَّث عن أبي طاهر المخلِّص. كتبتُ عنه، وكان سماعه صحيحًا.

قلت: روى عنه: أبو بكر الأنصاريّ، وعبد الوهّاب الأنماطيّ، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ.

وقال عبد الوهّاب الأنماطيّ: هو ثقة.

وُلِد أبو القاسم في سنة ثمانٍ وثمانين وثلاثمائة، ومات في رجب. وآخر من حدَّث عنه أحمد بن الطّلّاية.

قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ: أَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ أَبِي الْجُودِ، أَنَا أَحْمَدُ بن أبي غالب

1 المشتبه "1/ 335".

2 المنتظم "8/ 421".

3 السير "13/ 648".

ص: 30

الزَّاهِدُ، أَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَلِيٍّ سَنَةَ ثمانٍ وَسِتِّينَ وَأَرْبَعِمَائَةٍ: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الذَّهَبِيُّ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، ثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ شُرَحْبِيلَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لأَنْ يتصدَّق الرَّجُلُ فِي حَيَاتِهِ بدرهمٍ خيرٌ مِنْ أَنْ يتصدَّق بِمَائَةِ دينارٍ عِنْدَ مَوْتِهِ"1.

20-

عبد القاهر بن عبد الرحمن.

أبو بكر الْجُرْجانيّ النَّحويّ المشهور2.

أخذ النَّحو بجُرْجان عن: أبي الحسين محمد بن الحَسَن الفارسيّ ابن أخت الشّيخ أبي عليّ الفارسيّ.

وعنه أخذ عليّ بن أبي زيد الفَصِيحيّ.

وكان من كبار أئمّة العربيّة. صنَّفَّ كتاب "المغني في شرح الإيضاح" في نحوٍ من ثلاثين مجلَّدًا، وكتاب "المقتصد في شرح الإيضاح" أيضًا، ثلاث مجلّدات، وكتاب "إعجاز القرآن" الكبير، وكتاب "إعجاز القرآن" الصغير، وكتاب "العوامل المائة"، وكتاب "المفتاح"، وكتاب "شرح الفاتحة" في مجلَّد، وكتاب "العُمَد في التّصريف"، وكتاب "الْجُمَل" وهو مشهور. وله كتاب "التّلْخيص" في شرح هذا الْجُمَل.

وكان شافعيَّ المذهب، متكلّمًا على طريقة الأشعريّ، مع دين وسكون3.

وقد ذكره السَّلفيّ في مُعْجَمه فقال: كان ورِعًا قانعًا، دخل عليه لصٌّ وهو في الصلاة فأخذ ما وجد، وعبد القاهر ينظر، فلم يقطع صلاته.

سمعتُ أبا محمد الأبِيوَردِيّ يقول: ما مَقَلَتْ عيني لُغَويًّا مثله. وأمّا في النَّحْو فعبد القاهر. وله نظمٌ، فمنه:

كبِّر على العقل لا تَرُمْه

ومِلْ إلى الْجَهْل مَيْلَ هائِمْ

وعِشْ حمارًا تَعشْ سعيدًا

فالسَّعد في طالع البهائم

1 "حديث ضعيف": أخرجه أبو داود "2866"، وابن حبان "821"، في سنده شرحبيل بن سعد، وهو في عداد الضعفاء.

2 السير "13/ 672"، وفيات الأعيان "3/ 337".

3 السير "13/ 673".

ص: 31

تُوُفّي عبد القاهر، رحمه الله سنة إحدى وسبعين، وقيل: سنة أربعٍ وسبعين، فالله أعلم.

21-

عليّ بن أحمد بن عليّ1.

أبو القاسم السَّمْسار الأصبهانيّ.

مات فِي ربيع الأول.

22-

علي بن مُحَمَّد بن أحمد بن حمدان بن عبد المؤمن.

أبو الحَسَن المَيْدانيّ، ميدان زياد الذي على باب نَيْسابور.

سكن هَمَذان.

روى عن: محمد بن يحيى العاصميّ، وأبي حفص بن مسرور.

ورحل فسمع من: عبد الملك بن بُشْران، وبِشْر الفاتنيّ، وطائفة كبيرة.

قال شيروَيْه: سمعتُ منه. وكان ثقة، صدوقًا، مَعْنِيا بها الشّأن، متقنًا، زاهدًا، صامتًا، لم تَرَ عيناي مثله.

وسمعتُ أحمد بن عمر الفقيه يقول: لم يَرَ أبو الحَسَن المَيْدانيّ مثلَ نفسه.

قال شيروَيْه: ازدحموا على جنازته، وأطنبوا2 في وصْفه وفضله.

تُوُفّي يوم الجمعة ثامن عشرة صَفَر.

قلت: روى عنه هبة الله بن الفَرَج.

23-

عليّ بن محمد بن عليّ بن هارون.

أبو القاسم التَّيميّ الكوفيّ ابن الإدلابيّ النَّيسابوريّ3.

حدَّث عن: أبي بكر بن المُزكّى، وعبد الرحمن بن محمد السّرّاج، وأبي بكر الحِيريّ، وابن نظيف المصريّ، وعبد الملك بن بشران.

وحدَّث ببغداد بمسند الشّافعيّ.

1 لم نقف عليه.

2 أطنبوا: أسهبوا أو أكثروا.

3 المنتظم "8/ 322".

ص: 32

روى عنه: إسماعيل بن السَّمرقنديّ، وأبو البركات بن أبي سعّد، ومحمد بن طلحة الرّازيّ.

وكان ثقة.

مات في ربيع الأوّل سنة إحدى وسبعين.

24-

عَمْر بن عبد الملك بن عَمْر بن خَلَف.

أبو القاسم بن الرّزّاز1.

أحد عُدول بغداد وفقهائها.

سمع: أبا الحَسَن بن رزقويه، وأبا القاسم الحرفيّ، وابن شاذان.

روى عنه: ابن السَّمرقنديّ.

تُوُفّي في رجب.

25-

عَمْر بْن عَبْد اللَّه بْن عَمْر.

أَبُو الفضل بن البقّال البغداديّ الأَزَجيّ المقرئ2.

قرأ القرآن على أبي الحَسَن الحمّاميّ.

وسمع: أبا أحمد بن أبي مسلم الفَرَضيّ.

وختم عليه خلْق.

وكان وِرْدُه كلَّ يومٍ ختمة.

روى عنه: أبو بكر الأنصاريّ، وأبو القاسم بن السَّمرقنديّ، وأحمد بن عَمْر الغازي.

وكان مولده سنة 395.

"حرف الفاء":

26-

الفُضيل بن يحيى بن الفضيل.

1 طبقات الشافعية "4/ 8" للسبكي.

2 المنتظم "8/ 322".

ص: 33

أبو عاصم الفُضَيْليّ الهَرَويّ، الفقيه1.

راوي المائة وغيرها.

عن: عبد الرحمن بن أبي شُرَيْح، وأقرانه.

ذكره أبو سعد السَّمعانيّ، فقال: كان فقيهًا، مزكِّيًا، صدوقًا، ثقة. عمِّر حتّى حُمِل عنه الكثير.

روى عنه: أبو الوقت.

وكان مولده في سنة ثلاثٍ وثمانين وثلاثمائة، وتوفّي في جمادى الأولى.

روى عن: أبي عليّ منصور بن عبد الله الخالديّ، وأبي الحسين بن بشران.

وقدم بغداد.

وروى عنه: عبد السّلام بَكْبَرة، ومحمد بن الحسين العَلَويّ.

"حرف الميم":

27-

مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أبي توبة2.

أَبُو بكر الكُشْمِيهَنيّ.

تُوُفّي بمرّو، وكان واعظًا فقيهًا.

تفقَّه على أبي بكر القفّال، وسمع من جماعة.

28-

محمد بْن عَبْد الواحد بْن عَبْد اللَّه.

أبو بكر المستعمل السِّمسار3.

سمع: البرقانيّ، وأبا عليّ بن شاذان.

روى عنه: عبد الله، وإسماعيل ابنا السَّمرقنديّ.

29-

محمد بن عثمان بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن علي بْن مزدين.

1 السير "13/ 649، 650"، وطبقات الشافعية "4/ 10، 11".

2 لم نقف عليه.

3 انظر السابق.

ص: 34

أبو الفضل القومساني، ثمّ الهَمَذانيّ، ويُعرف بابن زيرَك1.

قال شيرُوَيْه: هو شيخ عصره ووحيد وقته في فنون العلم، روى عن: أبيه، وعمّه أبي منصور محمد، وخاله أبي سعد عبد الغفار، وابن جانجان، وعلي بن أحمد بن عبدان، ويوسف بن كج، والحسين بن فنجويه الثقفي، وعبد الله بن الأفشين، وجماعة.

وروى بالإجازة عن أبي عبد الرحمن السُّلميّ، وأبي الحَسَن بن رزقوَيْه. وسمعتُ منه عامة ما مرَّ له. وكان صدوقًا ثقة، له شأن وحشمة. وله يد في التفسير، حَسَن العبارة والخطّ، فقيهًا، أديبًا، متعّبدًا. تُوُفّي في سَلْخ ربيع الآخر. وقبره يُزار ويتبرَّك به.

وسمعته يقول: ولدت سنة تسعٍ وتسعين وثلاثمائة.

قَالَ شِيرُوَيْهِ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَكِّيٍّ: سَمِعْتُ أَبَا الْفَضْلِ الْقُومَسَانِيَّ يَقُولُ فِي مَرَضِهِ: رَأَيْتُ رَجُلا دَفَعَ إليَّ كِتَابًا، فَأَخْذُتُه، فَإِذَا فِيهِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ الْقُومَسَانِيِّ، سلامٌ عَلَيْكُمْ.

وسمعتُ إبراهيم بن محمد القزّاز الشّيخ الصّالح يقول: رأيتُ ابن عَبَدان ليلة مات أبو الفضل القُومَسَانّي، فأخذ بيدي ساعة، ثمّ قرأ:{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} [الرعد: 41] يريد موته.

سَمِعْتُ أَبَا الْفَضْلِ الْقُومَسَانِيّ يَقُولُ: رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ أَمْتِعْنِي بِسَمْعِي وَبَصَرِي، وَاجْعَلْهُمَا الْوَارِثَ مِنِّي"2.

مَعْنَاهُ مشكلٌ، فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ قَالُوا: كَيْفَ يَكُونُ سَمْعُهُ وَبَصَرُهُ يَرِثَانِهِ بَعْدَهُ دُونَ سَائِرِ أَعْضَائِهِ؟ فَتَأَوَّلُوهُ أَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ الدُّعَاءَ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ:"إِنِّي لَا غِنَى بِي عَنْهُمَا، فَإِنَّهُمَا مِنَ الدِّينِ بِمَنْزِلَةِ السَّمع وَالْبَصَرِ مِنَ الرَّأْسِ"3. فَكَأَنَّهُ دَعَا بِأَنْ يُمَتَّعَ بِهِمَا في حياته، وأن يرثا خِلَافَةَ النُّبوَّة بَعْدَ وَفَاتِهِ. وَلَا يَجِدُ الْعُلَمَاءُ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَجْهًا وَلَا تَأْوِيلًا غَيْرَ هَذَا.

1 السير "13/ 673"، وشذرات الذهب "3/ 341".

2 "حديث صحيح": أخرجه الترمذي "3513"، والحاكم "1/ 523"، وصححه، وأقره الذهبي.

3 "حديث صحيح": أخرجه الترمذي "3671"، والحاكم "3/ 69"، والخطيب "8/ 459، 460"، وله شاهد من حديث عبد الله بن حنطب، أخرجه الحاكم "3/ 69"، وصححه، وأقره الذهبي.

ص: 35

فرأيتُ أبا هريرة في النّوم، وكنتُ مارًا في مقبرة سراكسلهر فقال لي: أتعرفني؟ فقلت: لا. قال: أنا أبو هريرة. أصبتَ ما قلتَ، أنا رويتُ هذا الحديث وكذا أراد به النّبيّ صلى الله عليه وسلم ما فسرتَ1.

سمعتُ أبا الفضل يقول: مرضتُ حتّى غلب علي ظنّي أنّي سأموت، فأشتدّ الأمرُ وعندي أبي وعمر خادم لنا، فكان أبي يقول: يا بُنَيّ أَكْثِر من ذِكْر الله. فأشهدته وعمر على نفسي، أنّي على دين الإسلام، وعلى السُّنّة. فرأيتُ وأنا على تلك الحال كأنّ هَيْبةً دخلت قلبي، فنظرتُ فإذا أنا برجلٍ يأتي من جهة القِبْلة، ذو هَيْبة وجمال، كأنّه يسبح في الهواء، فازدَدْتُ له هيبة. فلمّا قرُب مني قال لي: قلْ.

قلت: نعم. وهِبْته أنْ أقول له: ماذا أقول؟

وكرَّر عليّ وقال: قلْ.

قلت: نعم، أقول.

فقال: قل: الإيمان يزيد وينقُص، والقرآن كلام الله غير مخلوق بجميع جهاته، وأنّ الله تعالى يُري في الآخرة، وقُلْ: بفضل الصّحابة، فإنّهم خيرٌ من الملائكة بعد الأنبياء.

قلتُ: لست أطيق أن أقول ذلك من الهيبة.

فقال: قُلْ معي. فأعاد الكلام فقلتها معه، فتبسَّم وقال: أنا أشهد لك عند العرش.

فلمّا تبسَّم سكن قلبي، وذهبت عنّي الهَيبة، فأردت أن أسأله هل أنا ميت؟ فكأنه عرف فقال: أنا لا أدري. أو قال: من أين أدري؟ فقلت في نفسي: هذا ملك. وعُوفيتُ من المرض.

وسمعته يقول: أصابني وجعٌ شديد، فرأيتُ في المنام كأنّ قائلًا يقول لي: أقرأ على وَجَعِك الآيات التي فيها اسمُ الله الأعظم.

فقلت: ما هي؟ قال: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} إلى قوله: {اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الأنعام: 101-103] فقرأتها فعوفيت.

1 هذا التأويل ليس بصحيح، ولا يصح الاعتماد على المنامات.

ص: 36

وسمعته يقول: أتاني رجلٌ من خُراسان فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أتاني في منامي وأنا في مسجد المدينة، فقال لي: إذا أتيتَ هَمَذان فاقرأ على أبي الفضل بن زيرَك منّي السَّلام.

قلت: يا رسول الله، لماذا؟ قال: لأنه يُصلّى عليَّ في كلّ يومٍ مائة مرّة.

وقال: أسألك أن تعلّمنيها.

فقلتُ: إنّي أقولُ كل يوم مائة مرّة أو أكثر: اللهمَّ صلَّ على محمد النّبيّ الأُمّيّ، وعلى آل محمد، جزى الله محمدًا، صلى الله عليه وسلم، عنّا ما هو أهله. فأخذها عنّي، وحَلَفَ لي: وإني ما كنتُ عرفتك ولا اسمك حتّى عرَّفك لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فعرضت عليه بِرًّا؛ لأنّي ظنَنْتُه متزيِّدًا في قوله، فما قبِل منّي وقال: ما كنتُ لأبيع رِسَالَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بعرضٍ من الدّنيا.

ومضى فما رأيته بعد ذلك.

30-

مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن يَحْيَى بن المهديّ بالله1.

الهاشميّ العبّاسيّ البغدادي الشّاعر. ويعرف بابن الحنْدَقُوقيّ.

سمع: أبا الحَسَن بن رزقوَيْه، وأبا الحسين القطّان.

وسمع بالبصرة من القاضي أبي عمر الهاشميّ.

روى عنه: إسماعيل بن السَّمرقنديّ.

تُوُفّي فِي ذي الحِجّة، وهو فِي عَشْر الثمانين.

31-

محمد بن عَمْر.

أبو طاهر الأصبهاني، النّقّاش2.

32 -

محمد بن أبي عمران موسى بن عبد الله.

أبو الخير المَرْوَزِيّ الصّفّار3.

آخر من روى صحيح البخاريّ في الدّنيا بعلوٍّ.

1 المنتظم "8/ 322".

2 لم نقف عليه.

3 السير "13/ 640"، والميزان "4/ 52".

ص: 37

رواه عن أبي الهيثم الكُشْمِيهنيّ.

قال ابن طاهر المقدسي: ظهر سماعه على الأصل بالصّحيح، فقُرئ عليه. ثمّ استحضره الوزير نظام المُلْك، وسمعوا منه. فسقط يومًا عن دابّته، وحُمِل إلى بيته فمات.

قلت: روى عَنْهُ: أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل المروزي الخراجي، والحافظ أبو جعفر محمد بن أبي علي الهمذاني، وأبو الفتح محمد بن عبد الرحمن الكشميهني الخطيب، وهو آخر أصحابه.

قال الحافظ ابن طاهر: سمعتُ عبد الله بن أحمد السَّمرقنديّ يقول: لم يصحّ لهذا الرجل، أبي الخير بن أبي عمران، من الكُشْمِيهنيّ سَمَاع، وإنّما وافق الاسمُ الاسمَ، وكان هذا آخر من روى الكتاب بمرْو.

حُمِل إلى الوزير نظام الملك ليقرأ عليه، فقرئ عليه بعضه، وطرحته البغلة فمات، ولم يتمّ. وقد رأيتُ أهل مرْو يحكون: إذا قيل: إنّ أبا الخير بن أبي عمران سمع من أبي الهيثم، ويشيرون إلى أنّ هذا غير ذلك.

وقال أبو سعد السَّمعانيّ: كان صالحًا سديد السِّيرة. حدَّث بالبخاريّ، وحدَّث ببعض الجامع للتِّرْمِذيّ، عن أحمد بن محمد بن سراج الطّحّان. وعُمّر، وصار شيخ عصره. تكلَّم بعضهم في سماعه، وليس بشيء. أنا رأيتُ سماعَه في القدر الموجود من أصل أبي الهيثم، وأثنى عليه والدي1.

وقال الأمير ابن ماكولا: سألتُ أبا الخير عن مولده، فقال: كان لي وقت ما سمعتُ الصحيح عشْر سِنين.

وسمع في سنة 88، وتُوُفّي في رمضان.

33-

محمد بن المهديّ2.

وهو محمد بن عبد العزيز بن العبّاس ابن المهديّ الهاشميّ البغداديّ، والد أبي عليّ محمد.

1 السير "13/ 641".

2 لم نقف عليه.

ص: 38

روى عن: أبي عَمْر الهاشمي البصْريّ.

وعَنْه: ابنه.

34-

مهديُّ بنُ نصْر.

أبو الحَسَن الهَمَذانيّ الفقيه المِشظّيّ1.

روى عن: نافع القاضي، وطاهر الإمام.

قال شيرُوَيْه: صدوق، سمعتُ منه.

"حرف الهاء":

35-

هبة الله بن حسين بن المهلَّب البزّاز2.

أبو محمد.

بغداديّ.

سمع: أبا عَمْر بن مهدي، وأبا الحسين بن بشران، وابن رزقوَيْه، وغيرهم.

روى عنه: أبو القاسم بن السَّمرقنديّ، وأبو بكر القاضي، وأبو نصر الغازي.

قال ابن خيرون: كان سماعه صحيحًا.

قال السمعانيّ: كان من ملاح البغداديّين ممّن يُشار إليه في الدّعابة والولع.

مات في ربيع الآخر.

وفيات سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة:

"حرف الألف":

36-

أَحْمَد بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد.

أبو العبّاس القارئ مسكويه3.

1 انظر السابق.

2 في عداد العلماء المستورين لا بأس به.

3 لم نقف عليه.

ص: 39

مات في جُمَادَى الْآخرة.

37-

أَحْمَد بن محمد بن أحمد.

أبو ذَرّ الإسكاف1.

حدَّث بأصبهان عن: أبي سعيد محمد بن موسى الصَّيرفيّ.

روى عنه: سعيد بْن أَبِي الرجاء.

38-

أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عثمان.

الأستاذ أبو عمر البَشْخُوانيّ2.

شيخ الصُّوفيّة.

كان مولده في سنة أربعمائة، وهو من ذرّية الحسن بن سُفيان النَّسويّ.

وبَشْخُوان: من قرى نَسَا.

وُلْي الخطابة ونيابة القضاء، ثمّ ترك ذلك وتجرَّد، وحجّ ورجع، فخدم أبا سعيد المِيهنيّ، وأبا القاسم القُشَيْريْ، وظهرت عليه أحوال الطريقة، وصار من أصحاب الكرامات، وسمع من شيخ الإسلام أبي عثمان الصّابونيّ، وبنى بقريته الخانقاه، وصار شيخ تلك الناحية.

أضرّ في آخر عمره3.

وذكره السمعانيّ.

"حرف التاء":

- تُبّع.

تقدَّم في السّنة الماضية في تقريبها.

1 انظر السابق.

2 المنتظم "8/ 324".

3 يعني أصيب بالعمى.

ص: 40

"حرف الحاء":

39-

الْحَسَن بْن إسماعيل بن صاعد بن محمد1.

قاضي القضاة أبو عليّ الحنفيّ النيَّسابوريّ.

سمع الكثير من: أبي يَعْلَى حمزة، وعبد الله بن يوسف، وأبي الحسن بن عبدان.

تُوُفّي في جُمادى الأولى.

40-

الحَسَن بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الحَسَن بْن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن عبد الله بن العبّاس بن جعفر بن أبي جعفر المنصور العبّاسيّ2.

أبو عليّ المكّيّ الشّافعيّ الحنّاط.

شيخ ثقة، كان يبيع الحنطة.

روى عن: أَحْمَد بن إبراهيم بن فِراس، وعُبَيْد الله بن أحمد السَّقطيّ. وغيرهما.

روى عنه: أبو المظفر منصور السَّمعانيّ، وعبد النعم بن القشيري، ومحمد بن طاهر، وأحمد بن محمد العباسي المكي، وطائفة من حجاج المغاربة، وغيرهم.

قيل: إنه توفي في شهر ذي القعدة.. وكان أسند من بقي بالحجاز.

وثقه ابن السَّمعانيّ في الأنساب.

وقال محمد بن محمد بن يوسف الفاشاني: كنت أقرأ على هبه الله بن عبد الوارث الشيرازي فقال: قرأتُ على أبي عليّ الشّافعيّ بمكة:

ألَا لَيْتَ شِعْري هِل أبيتنَّ ليلةً

بفَخٍّ................................

قال هبة الله: فقرأته بالتّصحيف بفَجٍّ.

فقال أبو عليّ: وأخرجني إلى ظاهر مكّة، وأتى بي إلى موضعٍ فقال: يا بنّي، هذا هو الفخّ، بالخاء المعجمة، وهو الموضع الّذي تمنّى بلال أن يكون به.

1 لا بأس به، وهو في عداد المستورين.

2 السير "18/ 384".

ص: 41

وقد سأل ابنَ السّمعانيّ إسماعيلُ بنُ محمد الحافظ، عن أبي عليّ المذكور فقال: عدلٌ ثقة، كثير السّماع.

41-

الحسين بْن عليّ بْن أبي شريك الحاسب1.

كان آيةً في الهندسة والحساب، ولم يكن بذاك.

سمع: عبد الودود بن عبد المتكبِّر.

روى عنه: أبو القاسم هبة الله الحاسب.

"حرف العين":

42-

عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عُبَيْد اللَّه بْن عثمان2.

أبو محمد بن أبي الخير البغداديّ السكَّريّ صاحب الزّاهد عبد الصّمد.

كان أمينًا مطبوعًا، صحيح الأُصُول.

سمع: أبا أحمد الفَرَضيّ، ومحمد بن بكران الرّازيّ.

روى عنه: أبو نصر الغازي بإصبهان، ويحيى بن الطّرّاح، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ.

وكان يعرف بابن المّطوِّعة.

43-

عَبْد الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَحّاف.

أبو المطرِّف المَعَافِريّ، الفقيه البَلَنْسيّ3.

قاضي بَلَنْسِيَة.

روى عن: خَلَف بن هانئ الطُّرطوشيّ.

روى عنه: أبو بحر سُفيان بن العاص الأسَديّ، وأبو اللَّيث السَّمرقنديّ.

وسمع خَلَف من أحمد بن الفضل الدَّينوريّ.

1 لم نقف عليه.

2 المنتظم "8/ 324".

3 لا بأس به، في عداد العلماء المستورين.

ص: 42

44-

عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بن عبّاس.

أبو محمد القُرْطُبيّ المقرئ1.

قرأ على: مكّيّ بن أبي طالب بالروايات.

وسمع من: حاتم بن مُحَمَّد، وَأَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن عتّاب.

قال ابن بَشْكُوال: كان مع جلَّة المقرئين، وخيارهم. عارفًا بالقراءات، ضابطًا لها، مجوَّدًا، مع الدّين والعَفاف.

أنبا عنه جماعة.

وتُوُفّي رحمه الله في ذي الحِجّة.

45-

عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بن محمد بن مسلم.

أبو سعيد الأبْهريّ المالكيّ2.

سمع بمصر من: عليّ بن منير، وعبد الله بن الوليد الأندلسيّ.

وحدَّث بدمشق.

روى عنه: نصر المقدسيّ، وهبة الله بن الأكفانيّ، ونصر الله المصِّيصيّ وآخرون.

46-

عبد الملك بن الحسين بن خَيْران.

أبو نصر الدّلّال3.

سمع: أبا بكر بن الإسكاف.

مات في جُمَادَى الأولى.

47-

علي بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد.

أَبُو القاسم المحميّ4.

1 معرفة القراء الكبار "1/ 439".

2 لا بأس به، في عداد العلماء المستورين.

3 البداية والنهاية "16/ 207".

4 لا بأس به.

ص: 43

شيخ رئيس من بيت الرواية والتَّزكية.

سمع: ابن مَحْمِش، وأبا بَكْر الحِيريّ، وجماعة.

مولده سنة أربعمائة.

روى عنه: إسماعيل بن عبد الرحمن العَصَائِديّ، وغيره.

48-

عليّ بن أبي القاسم بن عبد الله بن علي.

أبو الحَسَن السَّرقسطيّ، نزيل طُلَيْطُلة1.

حجّ، وأخذ عن أبي ذر الهَرَويّ، وأبي الحَسَن بن صخْر، والقاضي عبد الوهّاب المالكيّ، وجماعة.

وكان رجلًا صالحًا، فاضلًا، لم تكن له خبرة بالإسناد. وفي كُتُبه تخليط كثير.

تُوُفّي في ربيع الأوّل، وكانت له جنازة مشهودة بقُرْطُبة.

"حرف الفاء":

49-

الفضل بن عبد الله بن محمد بن المحبّ2.

قال عبد الغافر: تُوُفّي في المحرَّم سنة اثنتين.

وقال غيره: تُوُفّي في سنة ثلاثٍ وسبعين وهو هناك.

"حرف الميم":

50-

محمد بن حسّان بن محمد.

أبو بكر المُلْقَابَاذيّ النَّيسابوريّ3.

سمع مُسْنَد أبي عَوَانه من أبي نُعَيم، وحدَّث به.

وكان من كبار الفقهاء.

1 الصلة لابن بشكوال "2/ 419".

2 السير "18/ 378".

3 السير "18/ 390".

ص: 44

روى عنه: وجيه الشّحّاميّ، وعُبَيْد الله بن جامع الفارسيّ، وأحمد بن سهل المطرَّزيّ، وآخرون مِن آخرهم وفاةً أبو طالب محمد بن عبد الرحمن الحنْزَبارانيّ.

قال أبو سعْد: محمد بن أبي الوليد حسّان بن محمد بن القاسم فقيه، ثقة، عدل مشتغل بنفسه، غير دخّال في الأمور، أدرك الأسانيد العالية.

سمع: أبا الحَسَن العلويّ، وعبد الله بن يوسف، وابن مَحْمِش.

وروى عنه جدي أبو المظفّر في الأحاديث الألف. وُلِد في المحرَّم سنة أربعٍ وتسعين وثلاثمائة. ومات بَنْيسابور في ذي القعدة سنة اثنتين.

51-

محمد بن الحَسَن بن محمد بن الأنماطيّ الخُزاعيّ الكوفيّ1.

أبو عبد الله.

سمع: أبا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْجُعفيّ القاضي، وغيره.

وعنه: إسماعيل بن السَّمرقنديّ.

ولد سنة أربعمائة.

ومات في شوّال.

52-

محمد بن الحسين بن أحمد بن إبراهيم بن دينار بن يزدانيار2.

أبو جعفر السَّعيديّ الهَمَذانيّ الصُّوفيّ. ويُعرف بالقاضي.

روى عن: يوسف بن أحمد بن كَجّ، وأبي عبد الله بن فَنْجُوَيْه، ومحمد بن أحمد بن حَمْدَوَيْه الطُّوسيّ، وعبد الرحمن بن الإمام، وأحمد بن الحسن الإمام، وأحمد بن عمر حموش، ونصر بن الحارث، وجماعة كبيرة.

قال شيرويه: سمعت منه، وكان ثقة صدوقا فقيرًا. وكان أصمّ، وكنتُ إذا دخلتُ بيته ضاق لمّا أرى من حاله.

تُوُفّي في جُمَادَى الأولى. وكان مولده في سنة ثمانين وثلاثمائة.

1، 2 لم نقف عليه.

ص: 45

53-

محمد بن أبي مسعود عبد العزيز بن محمد.

أبو عبد الله الفارسي الهَرَويّ.

راوي جزء أبي الْجَهْم، ونُسْخة مُصْعَب الزُّبيريّ، وأجزاء ابن صاعد السّتّة، وغير ذلك عن عبد الرحمن بن أبي شُرَيْح.

روى عنه: محمد بن طاهر المقدسيّ، وعبد السّلام بن أحمد بن بَكْبَرَة؛ وأبو الفتح محمد بن عليّ المُضَريّ، وأبو الوقت عبد الأوّل، وأهل هراة.

ورحل ابن طاهر إليه بالقصد إلى هُرَاة، فحكى أنّه مُنِع من الدخول، فتنازل إلى أن يدخل ويقرأ عليه حديثًا واحدًا، فإذن له. فلمّا دخل عليه قرأ عليه الحديث الذي في ذِكْر خيبر، وقد رواه البخاريّ بواسطة ثلاثة بينه وبين مالك، والشيخ يروي هذا الحديث بواسطة ثلاثة كالبخاريّ، فقال لابن طاهر: لِمَ اخترت هذا الحديث؟ فوصف له عُلُوّه فيه. فقال: اقرأ باقي الجزء ولازمة حتّى أكثر عنه1.

تُوُفّي في شوّال.

54-

محمد بن عبد العزيز بن محمد.

أبويعلى بن المناطقيّ البغداديّ الدّلّال في الملك2.

سمع: ابن رزقويه، وأبا الحسين بن بشران.

وعنه: أحمد بن المجلّيّ، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ.

ومات في رمضان.

55-

محمد بن عليّ بن محمود بن إبراهيم بن ماخرة.

أبو بكر الزَّوزنيّ الصُّوفيّ3.

ولد الشّيخ أبي الحَسَن.

سمع: أبا الحسن بن مخلد، وأبا القاسم الخرقيّ.

1 السير "18/ 377".

2 المنتظم "8/ 325".

3 المنتظم "8/ 325".

ص: 46

روى عَنْهُ: أبو عليّ البَرْدانيّ، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ.

ومات رحمه الله في ذي القعدة عن ستين سنة.

56-

محمد بن قاسم بن هلال التِّنِّيسيّ.

الطلُّليطليّ، الفقيه1.

حدَّث عن: أبيه، وأبي عمر الطَّلمنكيّ.

تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة.

57-

مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الحُسَيْن بْن عَبْد العزيز2.

أبو منصور العُكْبريّ الإخْباريّ النّديم، فارسيّ الأصل.

كان راوية للأخبار والحكايات، مليح النادرة، حادّ الخاطر، طيب العشرة، من أولاد المحدّثين.

وُلِد سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة.

وسمع بالكوفة من: محمد بن عبد الله الْجُعْفيّ، وببغداد من: هلال الحفار، وابن رزقُوَيْه، وأبي الحَسَن بن بِشْران.

روى عنه: عبد الله النحَّويّ، والحسين سِبْط الخيّاط، ويحيى بن الطّرّاح، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ.

وقال الخطيب: كتبتُ عنه، وكان صدوقًا.

وقال عبد الله بن عليّ سبط الخيّاط: كان يتشيَّع.

وقال ابن خَيْرُون: إنّه خلّط في غير شيء، وسمّع لنفسه فيه.

وتُوُفّي في رمضان.

قال أبو سعْد السَّمعانيّ: قول ابن خَيْرُون لا يقدح فيه؛ لأنّ عُمدة قدْحه كَوْنه استعار منه جزءًا، فنقل فيه سماعَه وردّه، وما زالت الطَّلبة يفعلون ذلك.

1 الصلة "2/ 551".

2 السير "13/ 646" طبعة التوفيقية.

ص: 47

قلت: وقع لنا المُجْتَبَى لابن دُرَيْد بعُلُوّ من طريقه، سمعناه من أبي حفص ابن القوّاس، عن الكِنْديّ إجازة: أنا سِبْط الخياط، أنا أبو منصور النديم، أنا أبو الطّيّب محمد بن أحمد بن خَلَف بن خاقان العُكْبريّ، أنا أبو بكر بن دُرَيْد.

والنّديم أيضًا بنزول، عن ابن أيّوب الشّافعيّ، عن ابن الجّراح، عنه.

58-

مُحَمَّد بْن هبة اللَّه بْن الحَسَن بْن منصور1.

أبو بكر بن الحافظ أبي القاسم الطَّبريّ اللّالَكائيّ ثمّ البغداديّ. ثقة، مكثر. سمّعه أبوه من هلال الحفَّار، وأبي الحسين بن بِشْران، وأبي الحسين بن الفضل القطّان.

روى عنه: إسماعيل بن السَّمرقنديّ، وأبو محمد سبط الخيّاط، وعبد الوهّاب الأنماطيّ.

ومولده في ذي الحجّة سنة تسعٍ وأربعمائة.

قلت: فيكون سماعه من الحفار حُضُورًا.

تُوُفّي في جمادى الأولى.

وكان شافعيّ المذهب، تبادر من أورده في علماء الشّافعيّة، فإنّه ليس هناك.

59-

محمد بن يحيى بن سعيد.

أبو عبد لله السِّرقسطيّ، خطيب سَرَقُسْطَة. ويعرف بابن سَمَاعة2.

حدَّث عن: أبي عمر الطَّلمنكيّ.

روى عنه: أبو عليّ بن سكَّرة.

وهو مشهور بالصَّلاح التّامّ.

"حرف النون":

60-

نصر بن أحمد بن مروان الكرديّ.

1 السير "18/ 447".

2 الصلة "2/ 551".

ص: 48

صاحب ديار بكر1.

مات عن سنٍّ عالية، وتملَّك ابنه منصور سنة اثنتين وسبعين.

"حرف الهاء":

61-

هياج بن عُبَيْد بن حسين2.

الفقيه الزّاهد أبو محمد الحِطّينيّ. وحِطّين قرية بين عكّا وطبرية، بها قبر شعيب عليه السلام فيما قيل.

سمع: أبا الحَسَن عليّ بن موسى السِّمسار، وعبد الرحمن بن عبد العزيز بن الطُّبيز، ومحمد بن عَوْف المُزَنّي، وجماعة بدمشق؛ وأبا ذر الهَرَويّ بمكة؛ وعبد العزيز الأزَجيّ، وغيره ببغداد.

ومحمد بن الحسين الطّفّال، وعليّ بن حمِّصة بمصر.

والسَّكن بن جميع بصيداء.

ومحمد بن أحمد بن سهل بقَيْسارية.

روى عنه: هبة الله الشّيرازيّ في مُعْجَمه فقال: أنا هيّاج الزّاهد الفقيه، وما رأت عيناي مثله في الزُّهد والورع.

وروى عنه: محمد بن طاهر، وعَمْر الرُّؤاسيّ، ومحمد بن أبي عليّ الهَمَذانيّ، وثابت بن منصور القَيْسرانيّ وإبراهيم بن عثمان الرّازقيّ، وأبو نصر هبة الله السِّجزيّ، وغيرهم.

قال ابن طاهر المقدسيّ: كنّا جلوسًا بالحرم، فتمارى اثنان أيُّهما أحسن: مصر، أو بغداد؟ فقلت: هذا يطول، ولا يفصل بينكما إلا من دخل البلدَين.

فقالوا: من هو؟ قلت: الفقيه هيَّاج.

فقمنا بأجمعنا إليه، قال: فِيَم جئتم؟ فقصصت عليه وقلت: قد احتكما إليك.

فأطرق ساعةً ثمّ قال: أقول لكما أيُّهما أطيب؟ قلنا: نعم.

1 تاريخ ابن الوردي "1/ 380".

2 السير "13/ 647"، طبقات الشافعية الكبرى "4/ 529" للسبكي.

ص: 49

فقال: البصرة.

قلت: إنّما سألا عن مصر وبغداد، فقال: البصرة أطيب؛ ذاك الخراب وقلة الناس، ويطيب القلب بتلك المقابر والزيارات. وأما بغداد ومصر، فليس فيهما خير من الزَّحمة والأكاسرة.

وكان هياج فقيه الحرم بعد رافع الحمال.

وسمعته يقول: كان لرافع الحمَّال في الزُّهد قِدَم، وإنّما تفقّه أبو إسحاق الشيرازيّ، وأبو يَعْلَى بن الفرّاء بمُراعاة رافع. كانوا يتفقهون، وكان يكون معهما، ثمّ يروح يحمل على رأسه، ويعطيهما ما يتقوَّتان به.

قال ابن طاهر: وكان هَيّاج قد بلغ من زُهْده أنه يصوم ثلاثة أيام، ويواصل ولا يُفْطِر إلّا على ماء زمزم. فإذا كان آخر اليوم الثالث من أتاه بشيء أكله، ولا يسأل عنه.

وكان قد نيف على الثمانين، وكان يعتمر في كلّ يومٍ ثلاث عُمَر على رِجْلَيه، ويدرس عدّة دروس لأصحابه. وكان يزور عبد الله بن عبّاس بالطائف كلّ سنة مرّة، يأكل بمكة أكله، وبالطائف أخرى.

وكان يزور النبّيَّ صلى الله عليه وسلم كلّ سنة مع أهل مكّة. كان يتوقّف إلى يوم الرحيل، ثمّ يخرج، فأوّل من أخذ بيده كان في مؤنته إلى أن يرجع، وكان يمشي حافيا من مكّة إلى المدينة ذاهبًا وراجعًا.

وسمعته يقول، وقد شكى إليه بعض أصحابه أنّ نَعْلَه سُرقت في الطّواف: اتَّخذ نَعْلَين لا يسرقهما أحد.

ورُزق الشهادة في وقعةٍ وقعَتَ لأهل السُّنَّة بمكّة، وذلك أنّ بعض الرّوافض شكى إلى أمير مكّة: أنّ أهل السُّنَّة ينالون منّا ويبغضوننا. فأنفذ وأخذ الشّيخ هيَّاجًا، وجماعة من أصحابه، مثل أبي محمد بن الأنماطي، وأبي الفضل بن قوّام، وغيرهما. وضربهم، فمات الاثنان في الحال، وحُمل هيّاج إلى زاويته، وبَقِي أيّامًا، ومات من ذلك -رضي الله عنه1.

1 السير "13/ 647، 648".

ص: 50

وقال السّمعانيّ: سألت إسماعيل بن محمد بن الفضل الحافظ، عن هيّاج بن عُبَيْد، فقال: كان فقيهًا زاهدًا. وأثنى عليه.

"حرف الياء":

62-

يحيى بن محمد بن الحسين1.

الشريف أبو محمد بن الأقساسيّ العلويّ الكوفيّ.

من ولد زيد بن عليّ بن الحسين. وأقساس: قرية من قرى الكوفة.

ثقة، روى عن: محمد بن عبد الله الجعفيّ.

روى عنه: إسماعيل بن السَّمرقنديّ، وأبو الفضل الأُرْمَويّ.

توفّي في حدود هذه السّنة.

وفيات سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة:

"حرف الألف":

63-

أحمد بن حاتم بن بسّام بن عامر2.

أبو العبّاس البكريّ التَّيميّ الأصبهاني الشاهد له رحلة إلى خُراسان وإلى بغداد سنة عشرين، فسمع من جماعة.

روى عن: أبي عليّ بن شاذان.

روى عنه: الحسين بن عبد الملك الأديب.

وتُوُفّي في صَفَر.

64-

أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عليّ بْن سرابان3.

أبو طاهر الرُّوذباريّ الصّائغ ابن الزّاهد.

1 الأنساب "1/ 333" للسمعاني.

2 في عداد المجهولين.

3 لم نقف عليه.

ص: 51

روى عن: أحمد بن تُركان، وعبد الرحمن المؤدب، وأبي سَلَمة الهمدانيين، ومنصور بن رامش.

قال شيرويه: سمعتُ منه، وكان ثقة متقنًا.

تُوُفّي في شوّال، وله ثمانون سنة.

65-

أحمد بن محمد بن أحمد الأخضر البغداديّ المقرئ1.

كان من أحسن النّاس تلاوة في المحراب. وكان مُقِلًّا قانعًا.

روى عن: أبي عليّ بن شاذان.

وعنه: ابن السَّمرقنديّ، وعلي بن أحمد بن بكار المقرئ.

66-

أحمد بن محمد بن الحسين بن الحسن.

الخياط الأنصاري2.

روى عن: ابن خرَّشيد قُولَه، وأبي الفَرَج البُرْجيّ.

67-

إسماعيل بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الحيريّ3.

أبو ممد الَّنيسابوريّ، البزاز.

شيخ معمَّر، صالح، مجاور بالجامع.

سمع الكثير، وحدَّث عن أبي الحسين العلويّ، وأبي طاهر بن مَحْمِش، وعبد اللَّه بن يوسف بن مامَوْيه، وأبي عبد الرحمن السُّلميّ.

روى عنه: عبد الغافر الفارسيّ وقال: تُوُفّي في رابع ذي الحِجّة، والحسين بن عليّ الشحّاميّ، وسعيدة بنت زاهر الشحّاميّ، وآخرون.

68-

أَمَةُ الرحمن بنت عَمْر بن محمد بن يوسف بن دوست العلاّف4.

أمّ الخير.

1 المنتظم "8/ 327".

2 لم نقف عليه.

3 لا بأس به، في عداد المستورين.

4 لم نقف عليه.

ص: 52

صالحة مستورة، رَوَت عن: عمّها عثمان بن دُوَسْت.

وماتت في شوّال.

69-

أَمَةُ القاهر بنت محمد بن أبي عَمْرو بن دُوَسْت العلاف.

أمّ العزّ1.

عن: جدّها.

وعنها: إسماعيل بن السَّمرقنديّ، وغيره.

أرخها ابن النجّار.

"حرف الحاء":

70-

الحسين2 بن عليّ بن عُمَر بن عَلِيّ.

أَبُو عَبْد اللَّه الأنطاكي3.

كان ينوب بدمشق في القضاء عن أبي الفضل بن أبي الْجِنّ العلويّ.

سمع من: تمّام الرّازيّ، وعبد الرحمن بن أبي نصر.

وكان يسكن بالشاغور، وهو آخر من حدَّث عن تمّام.

روى عنه: أبو بكر الخطيب، وهبة اللَّه بن أحمد الأكفانيّ، وجمال الإسلام أبو الحَسَن، وعليّ بن قُبيس.

وسأله غيث عن مولده، فقال: سنة أربعٍ وتسعين وثلاثمائة.

وتُوُفّي في المحرَّم.

71-

الحسين بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن إسحاق.

أبو القاسم النَّيسابوريّ المختار4.

1 لم نقف عليها.

2 تحرف في السير إلى "الحسن".

3 السير "13/ 640"، تهذيب تاريخ دمشق "4/ 349".

4 لم نقف عليه.

ص: 53

حدَّث عن: عبد الله بن يوسف، وابن محمش، والأستاذ أبي سعْد، وأصحاب الأصمّ.

ودفن إلى جانب ابن نُجَيْد.

وله كلام في المعرفة.

72-

الحسين بن محمد بن مبشّر.

أبو عليّ الأنصاري السَّرقسطيّ. ويعرف بابن الإمام1.

أخذ القراءة من: أبي عَمْرو الدّانيّ، وأبي عليّ الإلبِيريّ.

ورحل وسمع من: أبي ذر عبد بن أحمد، وإسماعيل الحدّاد المقرئ.

وأقرأ النّاس. وكان خيِّرًا فاضلًا، رحمه الله.

"حرف السين":

73-

سعيد بن يوسف.

أبو طالب2.

صَلَبوه بَهَمَذَان في شوّال.

رحمه الله.

74-

سُفيان بن الحسين بن محمد بن فَنْجُوَيْه3.

ورّخه بعضهم فيها، والصّحيح ما تقدَّم.

"حرف الشين":

75-

شبيان بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد.

أبو المعمّر البرجيّ، الأصبهانيّ المحتسب4.

1 غاية النهاية "1/ 252".

2 لم نقف عليه.

3 انظر السابق.

4 لم نقف عليه.

ص: 54

تُوُفّي في ربيع الآخر.

شيخ صالح صاحب سُنّة. يعِظ في القُرى.

سمع: أبا عبد الله بن مَنْدَهْ، والْجُرْجانيّ، وأبا سعْد المالينيّ، وأبا بكر بن مَرْدَوَيْه.

أرّخه يحيى بن مَنْدَهْ.

"حرف العين":

76-

عبد الله بن عبد العزيز.

أبو محمد بن عزّون التّميميّ المهدويّ المغربيّ المالكيّ1.

من أصحاب أبي عمران الفاسيّ، وأبي بكر عبد الرحمن. وكان أحد الفقهاء الأربعة الذين نزحوا بعد خراب القيروان عنها، وهم: عبد الحميد الصائغ، وأبو الحَسَن اللَّخميّ، وهذا، وأبو الرّجال المكفوف.

وكان ابن عزون متفنِّنًا في العلوم.

تخرَّج به ابن حسّان، والقاضي ابن شُغْلان، وكان من أقيم النّاس على "المدوَّنة"، وأبحثِهم في أسرارها.

تُوُفّي رحمه الله فِي حدود هذا العام.

77-

عَبْد الرَّحْمَن بْن الحَسَن بْن عَبْد الرَّحْمَن بن عليّ بن أيّوب2.

أبو القاسم العُكْبريّ.

من بيت العلم والعدالة. كان تقة ورعًا، أضرّ في آخر عمره.

سمع: عمّ أبيه الحسين، وعَمْر بن أحمد بن أبي عَمْرو، وعبد الله بن عليّ بن أيّوب العُكْبريّين.

روى عنه: ابن السَّمرقنديّ، وأبو الحَسَن بن عبد السّلام.

حدَّث في هذا العام.

1 ترتيب المدارك "4/ 796".

2 لم نقف عليه.

ص: 55

78-

عبد الرحمن بْن عيسى بن محمد.

أبو زيد الأندلسيّ، قاضي طُلَيْطُلة1.

ويُعرف بابن الحشاء.

سمع بقرطبة من: يونس بن عبد اللَّه، وأبي المطِّرف القَنَازعيّ.

وسمع بدَانِيَة من: أبي عَمْرو المقرئ، وأبي الوليد بن فَتْحُون.

وبمكّة من: أبي ذَرّ الهَرَويّ، وأبي الحَسَن بن صَخْر.

وبالمغرب من: عبد الحقّ بن هارون الصَّقلّيّ وبمصر من: أبي القاسم عبد الملك بن الحَسَن، وعليّ بن إبراهيم الحَوْفيّ.

وبالقيروان من: أبي عمران الفاسيّ الفقيه.

استقضاه المأمون يحيى بن ذي النُّون بطُلَيْطُلة بعد أبي الوليد بن صاعد. وحُمدت سيرتُه، ثم استُقْضى بدانِيَة.

وقال أبو بكر الطّرْطُوشيّ: ولمّا ولي جدّي، يعني لأمّه، أبو زيد بن الحَشَاء القضاء بطُلَيْطُلة جمع أهلَها وأخرج لهم صندوقًا فيه عشرة آلاف دينار، وقال: هذا مالي، فلا تحسبوا ظهور حالي من ولايتكم، ولا نموَّ مالي مِن أموالكم.

79-

عبد السلام ابن شيخ الشيوخ أبي الحَسَن بن سالبة.

أبو الفتح2.

تُوُفّي في جُمَادَى الأولى. كأنه إصبهانيّ.

80-

عبد الواحد بن محمد بن عُبَيْد الله.

أبو القاسم البغداديّ الزّجّاج. ثمّ الخبّاز3.

سمع: ابن بشران، وابن رزقويه.

1 الصلة "2/ 340".

2 المنتظم "8/ 328".

3 لم نقف عليه.

ص: 56

وعنه: إسماعيل بن السَّمرقنديّ.

ومات في ربيع الأوّل سنة ثلاثٍ وسبعين.

81-

عبد الواحد بن المطهر بن عبد الواحد بن محمد البُزَانيّ الأصبهاني1.

قدِم بغداد عميدًا على العراق، ومات كهْلًا قبل أبيه.

82-

عليّ بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن حمزة.

القاضي أبو الحَسَن الهاشميّ العبّاسيّ، الفقيه الشّافعيّ2.

سمع: عبد الرحمن بن أبي نصر.

وعنه: جمال الإسلام.

83-

عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ3.

أَبُو الحَسَن الصُّليحيّ، الخارج باليمن.

ذكره القاضي ابن خلِّكان فقال: كان أبوه قاضيا باليمن، سنِّيّ المذهب. وكان الدّاعي عامر بن عبد الله الزّواخيّ يلاطف عليًّا، فلم يزل به حتّى استمال قلبَه وهو مراهق، وتفرَّس فيه النّجابة.

وقيل: كانت عنده حليته في كتاب الصُّور وهو من الذّخائر القديمة، فأوقف عليًّا منه على تنقُّل حالِه، وشَرَف مآله، وأطلعه على ذلك سِرًا من أبيه.

ثمّ مات عامر عن قريب، وأوصى لعليّ بكُتُب، فعكف علي على الدّرس والمطالعة، فحصّل تحصيلًا جيدًا. وكان فقيهًا في الدّولة المصرية الإماميّة، مستبصرًا في علم التأويل، يعني تأويل الباطنّية، وهو قلبُ الحقائق، ولُبّ الإلحاد والزَّندقة.

ثمّ صار يحجّ بالنّاس على طريق السَّراة والطائف خمس عشرة سنة.

وكان النّاس يقولون له: بَلَغَنَا أنك ستملك اليمن بأسره، فيكره ذلك، ويُنْكر على قائله. فلمّا كان في سنة تسعٍ وعشرين وأربعمائة، ثار عليٌّ بجبل مسار، ومعه

1 المشتبه "1/ 57".

2 لسان الميزان "5/ 207".

3 السير "13/ 625".

ص: 57

ستون رجلًا، قد حلفوا له بمكّة على الموت والقيام بالدّعوة. وآووْا إلى ذروةٍ منيعة برأس الجبل، فلم يتمّ يومهم إلّا وقد أحاط بهم عشرون ألفّا، وقالوا: إنْ لم تنزل وإلّا قتلناك ومن معك جوعًا وعطشًا.

فقال: ما فعلتُ هذا إلّا خوفًا علينا وعليكم أن يملكه غيرنا، فإن تركتموني أحرسه، وإلّا نزلت إليكم.

وخَدعهم، فانصرفوا عنه. ولم تمض عليه أشهر حتّى بناه وحصّنه وأتقنه، وازداد أتباعه، واستفحل أمره، وأظهر الدّعوة فيما بين أصحابه لصاحب مصر المستنصر.

وكان يخاف من نجاح صاحب تهامة، ويلاطفه، ويعمل عليه، فلم يزل به حتّى سقاه سُمًّا مع جاريةٍ مليحة أهداها له في سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة. وكتب إلى المستنصر يستأذنه في إظهار الدّولة، فإذن له. فطوى البلاد طيًّا، وطوى الحصون والتّهائم. ولم تخرج سنة خمسٍ وخمسين حتّى ملك اليمن كلَّه، حتّى أنه قال يومًا وهو يخطب في جامع الْجُنْد: في مثل هذا اليوم نخطب على منبر عَدَن. ولم يكن أخذها بعد. فقال بعض من حضر: سبُّوح قدُّوس. يستهزئ به. فأمر بالحَوْطَة عليه، وخطب يومئذٍ على منبر عدن كما قال. واتّخذ صنعاءَ كرسيَّ مملكته، وأخذ معه ملوك اليمن الذّين أزال مُلكهم، وأسكنهم معه، وبنى عدّة قصور، وطالت أيامه1.

وقال صاحب "المرآة": في سنة خمسٍ وخمسين دخل الصُّليحيّ إلى مكّة، واستعمل الجميل مع أهلها، وطابت قلوبُ النّاس، ورخصت الأسعار، ودعوا له.

وكان شابًا أشقر، أزرق، إذا جاز على جماعةٍ سلَّم عليهم. وكان ذكيًّا فطنًا لبيبًا، كسا البيت ثيابًا بيضاء، ودخل البيتَ ومعه الحُرّة زوجته التي خُطِب لها على منابر اليمن.

وقيل: إنّه أقام بمكّة شهرًا ورحل، وكان يركب فرسًا يألف دينار، وعلى رأسه العصائب. وإذا ركبت الحُرّة ركبت في مائتي جارية، مُزيّنات بالحُلِيّ والجواهر، وبين يديها الجنائب بسُرُوج الذَّهب.

قال ابن خَلِّكان: وقد حجّ في سنة ثلاثٍ وسبعين، واستخلف مكانه ولده الملك المكرَّم أحمد. فلمّا نزل بظاهر المَهْجَم وثب عليه جيّاش بن نجاح وأخوه سعيد فقتلاه بأبيهما نجاح الّذي سمّه.

1 وفيات الأعيان "3/ 413".

ص: 58

فانذعر النّاس، وكان الأخوان قد خرجا في سبعين راجلًا بلا مركوب ولا سلاح بل مع كلّ واحدٍ جريدة في رأسها مسمار حديد، وساروا نحو السّاحل. وسمع بهم الصُليحيّ فسيّر خمسة آلاف حَرْبة من الحبشة الذين في ركابه لقتالهم فاختلفوا في الطّريق. ووصل السبعون إلى طرف مخيّم الصُّليحيّ، وقد أخذ منهم التّعب والحفا، فظنَّ النّاس أنّهم من جملة عُبَيْد العسكر، فلم يشعر بهم إلّا عبد الله أخو الصُّليحيّ، فدخل وقال: يا مولانا أركب، فهذا والله الأحول سعيد بن نجاح. وركبَ عبد الله، فقال الصُّليحيّ: إنّي لا أموت إلّا بالدُّهيم وبئر أمّ مَعْبَد. معتقدًا أنّها أمّ مَعْبَد التي نزل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم لمّا هاجر. فقال له رجل من أصحابه: قاتِلْ عن نفسك، فهذه والله الدُّهيم، وهذه بئر أمّ مَعْبَد. فلمّا سمع ذلك لحِقَه زَمَع اليأس من الحياة على بغْتة وبال، ولم يبرح من مكانه حتّى قطع رأسه بسيفه، وقُتِل أخوه وأقاربه، وذلك في ذي القعدة من السنّة.

ثمّ أرسل ابن نجاح إلى الخمسة آلاف فقال: إنّ الصُّليحيّ قد قُتِل، وأنا رجلٌ منكم، وقد أخذت بثأر أبي، فقدِموا عليه وأطاعوه. فقاتَلَ بهم عسكر الصُّليحيّ، فاستظهر عليهم قتْلًا وأسْرًا، ورفع رأس الصُّليحيّ على رمح، وقرأ القارىء:{قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ} [آل عمران: 26] . ورجع فملك زبيد، وتِهَامَة، إلى أن عملت على قتله الحرَّة، ودبّرت عليه، وهي امرأة من أقارب الصُّليحيّ. فقُتِل سنة إحدى وثمانين وأربعمائة.

قال محمد بن يحيى الزَّبيديّ الواعظ: أنشدني الفقيه عبد الغالب بن الحَسَن الزَّبيديّ لنفسه بزبيد:

أيُّها ذا المغرور لم يدم الدَّهـ

ـر لعادٍ الأولى ولا لثَمُودِ

نقّبوا في البلاد، واجتاب مجتا

بهم الصَّخر، باليَفَاع المشيدِ

والذي قد بنى بأيدٍ متينٍ

إرمًا هل وراءها من مزيد؟

وقرونا من قبل ذاك ومن بعـ

ـد جنودًا أهلكن بعد جنود

والصُّليحيّ كان بالأمس ملكًا

ذا اقتدارٍ وعدّةٍ وعديد

دخل الكعبة الحرام، وزارت

منه للشحر خافقات البنود

فرماه ضحىً بقاصمة الظَّهـ

ـر قضاء أتيح غير بعيد

ص: 59

وأبو الشّبل إذ يتيه بما أعـ

ـطي من مخلبٍ ونابٍ جديد

وأخو المخطم المدلَّ بنابين

كجذعين من سقى مجود

وهي قصيدة طويلة.

84-

عليّ بن أحمد بن الفَرَج.

أبو الحَسَن العُكْبريّ البزّاز الفقيه الحنبليّ، ويعرف بابن أخي أبي نصر1.

كان مفتي عُكْبَرا وعالمها. وكان ورعًا، زاهدًا، ناسكًا، فرضيا، مقرِئًا، له محلٌّ رفيع عند أهل عُكْبَرا.

سمع: أبا عليّ بن شاذان، والحسن بن شهاب العُكْبريّ.

روى عنه: مكي الرُّميليّ، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ.

وتُوُفّي في ربيع الآخر.

85-

عليّ بن مقلّد بن عبد الله بن كرامة.

أبو الحَسَن الأَطْهَريّ، البوّاب الحاجب2.

صَدوق، خيّر.

سمع: محمد بن محمد بن الرُّوزبهان، والحسين بن الحَسَن الغضائريّ.

روى عنه: هبة الله الكاتب، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ.

تُوُفّي في ربيع الآخر.

86-

عليّ بن عبد الغافر بن عليّ بن الحَسَن.

أبو القاسم الخُزاعيّ النَّيسابوريّ3.

حدَّث عن: عبد الله بن يوسف الأصبهاني، وابن مَحْمِش، وجماعة.

توفّي في ثاني شوّال.

1 ذيل طبقات الحنابلة "1/ 47".

2 وفيات الأعيان "3/ 362".

3 لم نقف عليه.

ص: 60

"حرف الفاء":

87-

الفضل بن عبد الله بن المُحِبّ.

أبو القاسم النَّيسابوري، الواعظ1.

سمع: أبا الحسين الخفّاف، وتفرَّد في وقته عنه.

وسمع: السّيد أبا الحَسَن العلويّ، وعبد الله بن يوسف، وابن مَحْمِش.

وهو معروف بالوعظ، قد صنَّف فيه. وكان من أهل الخير والسَّداد والعلم. أثنى عليه ابن السَّمعاني فيما انتقى لولده عبد الرحيم.

وممّن حدَّث عنه: سعيد بن الحسين الجوهريّ، والحسين بن عليّ الشّحّاميّ، ومحمد بن إسماعيل بن أحمد المقرئ، وهبة الرحمن بن القُشَيْريّ، وَمُلَيْكَة بنت أبي الحَسَن الفَنْدُورَجيّ ومحمد بن طاهر، وزاهر الشّحّاميّ، وأبو طالب محمد بن عبد الرحمن الكَنْجَروذيّ الحِيريّ، ومحمد بن إسماعيل الشّاماتيّ، وآخرون.

وبالإجازة: وجيه الشّحّاميّ، والحافظ ابن ناصر.

وقال ابن طاهر: رحلت من مصر إلى نيْسابور لأجل الفضل بن عبد الله المحبّ صاحب الخفّاف، فلمَّا دخلتُ قرأتُ عليه في أوّل المجلس جزءين من حديث السّرّاج، فلم أجد لذلك حلاوة، واعتقدتُ أنّي نلْته بلا تعب؛ لأنّه لم يمتنع عليَّ، ولا طالبني بشيء، وكل حديثٍ من الجزأين يَسْوَى رحلة.

"حرف الميم":

88-

محمد بن حارث بن أحمد بن منيوه.

أبو عبد الله السَّرقسطيّ النَّحويّ2.

كان من جِلّة الأُدباء.

روى عن: أبي عَمْر أحمد بن صارِم الباجيّ كثيرًا من كتب الأدب.

1 السير "18/ 378".

2 الصلة "2/ 552".

ص: 61

أخذ عنه بغَرْناطَة: أبو الحَسَن عليّ بن أحمد المقرئ في هذا العام.

وبَقِي بعده.

89-

محمد بن الحَسَن بن الحسين1.

أبو عبد الله المَرْوَزِيّ، الفقيه الشّافعيّ.

تفقّه بمَرْو على أبي بكر القفّال.

وسمع بهَرَاة من: عَمْر بن أبي سعد، وجماعة.

وكان إمامًا، متفنّنًا، متقنًا، ورِعًا، عابدًا.

وقيل: تُوُفّي سنة 74، فالله أعلم.

90-

محمد بن الحسين بن عبد الله.

أبو عليّ بن الشِّبل البغداديّ2، الشّاعر المشهور.

له ديوان سائر، وقد سمع غريب الحديث من: أحمد بن عليّ بن الباديّ، وكان ظريفًا، نديمًا، مطبوعًا، رقيق الشِّعر.

روى عنه: أبو القاسم بن السَّمرقنديّ، وأبو الحَسَن بن عبد السلام، وأبو سعد الزَّوزنيّ.

وهو القائل:

ما أطيبَ العَيْش في التّصابي

لو أنّ عهد الصّبَى يدوم

أو كان طِيب الشّباب يبقى

لم يتْلُهُ الشَّيب والهموم

وله:

خُذْ ما تعجّل واتْرُكْ ما وُعِدْتَ به

فِعْل الأريب فللتّأخير آفاتُ

فلِلسّعادة أوقاتٌ ميسَّرة

تُعطي السُّرور وللأَحزان أوقاتُ

91-

محمد بن سلطان بن محمد بن حيُّوس3.

1 ستأتي له ترجمة.

2 السير "18/ 430" وفيات الأعيان "4/ 393".

3 السير "18/ 413"، وفيات الأعيان "4/ 438".

ص: 62

الأمير مصطفى الدّولة أبو الفتيْان الغَنَويّ الدّمشقيّ.

أحد فُحُول الشعراء، له ديوان كبير.

سمع من: خاله أبي نصر بن الْجُنْديّ.

روى عنه: أبو بكر الخطيب، وأبو محمد بن السَّمرقنديّ.

وروى عنه من شعره: أبو القاسم النّسيب، وأبو المفضل يحيى بن عليّ القُرَشيّ.

وقال ابن ماكولا: لم أدرك بالشام أشعر منه.

وقال النّسيب: مولده بدمشق في سنة 394. وورد أنّ أباه كان من أمراء العرب. وقد مدح في شِعره ملوكًا وأكابر، وتُوُفّي بحلب في شعبان.

ومن شِعره:

طالما قلتُ للمُسائل عنهْم

واعتِمَادي هدايةُ الضُّلاّل

إنّ تُرِد عِلْمَ حالهم عن يقينٍ

فالْقَهُمْ في مكارمٍ أو نزال

تلْقَ بِيضَ الأَعْراضِ سُوَد مُثار النَّقْعِ

خُضْرَ الأكنافِ حُمْرَ النِّضال

وله:

أسُكانَ نُعمان الأراك تيقَّنوا

بأنكم في ربع قلبي سُكّانُ

ودُوموا على حفْظ الوداد فطَال ما

منينا بأقوامٍ إذا استحفظوا خانوا

سلوا اللَّيل عنّي قد تناءت دياركم

هل اكتحلت بالنّوم لي فيه أجفان

وهل جرَّدت أسياف برقٍ دياركم

فكانتْ لها إلا جفوني أجفان

92-

مُحَمَّد بن عَبْد العزيز بن عَبْد الرَّحْمَن.

أبو سعيد الكرابيسيّ الصّفّار المؤذّن1.

سمَّعه أبوه من: عبد الله بن يوسف بن ماموَيْه، وأبي عبد الرحمن السُّلميّ.

روى عنه: وجيه الشّحّاميّ، وغيره.

1 لا بأس به في عداد العلماء المستورين.

ص: 63

ومات في ذي الحِجّة.

وروى عنه أيضًا: عبد الغافر بن إسماعيل.

وسمع أيضًا من: ابن مَحْمِش، وأكثر عن السُّلميّ. وكان من الصّالحين الثّقات.

روى عنه أيضًا: هبة الرحمن بن القُشَيْريّ، وجامع السّقّاء، ومحمد بن منصور الكاغذِيّ بالإجازة.

93-

محمد بن محمد بن عليّ.

أبو الفضل العُكْبريّ المقرئ1.

من نُبلاء القرّاء. قرأ عَلَى أبي الفرَجَ عبد الملك النَّهروانيّ، وأبي الحَسَن الحمّاميّ، والحسن بن محمد بن الفحّام.

وأتقن القراءات.

وسمع من: ابن رزقُوَيْه. وكان صدوقًا.

تُوُفّي في ربيع الآخر بعُكْبَرا عن سنٍّ عالية.

روى عنه: أبو القاسم بن السَّمرقنديّ، وأخوه.

وقد حدَّث عن: ابن رزقُوَيْه، وكان ضريرًا.

ويقال له: الْجَوْزَرَانيّ، بجيم ثم زاي.

94-

محمد بن يحيى الهاشمي السَّرقسطيّ2.

تُوُفّي في هذه الحدود.

سمع بمصر: أبا العبّاس بن نفيس.

وكان يحفظ صحيح البخاريّ كلّه، والموطَّأ رحمه الله.

95-

محمود بن جعفر بن محمد.

أبو المظفّر الأصبهاني الكَوْسَج التّميميّ3.

1 معرفة القراء الكبار "1/ 434".

2 الصلة "2/ 552".

3 لم نقف عليه.

ص: 64

سمع من: عمّ أبيه الحسين بن أحمد الكَوْسَج، والحَسَن بْن عليّ بْن أحمد بْن سُليمان البغداديّ ثمّ الأصبهاني، وغير واحد.

وسُئِل عنه إسماعيل بن محمد الحافظ فقال: عدلُ مرضيّ رحمه الله.

"حرف النون":

96-

نصر بن أحمد بن مزاحم الخطيب.

أبو الفتح السِّمنجانيّ البلْخيّ1.

سمع: أبا عليّ بن شاذان البزّاز، وغيره.

روى عَنْهُ: أَبُو بَكْر محمد بْن عَبْد الباقي القاضي، وأبو غالب بن البنّا.

وكتب عنه: أبو الفضل بن خَيْرُون مع تقدُّمه.

وكان يترسّل إلى الإطراف من الدّيوان. وقد سمع ببُخَارى من: منصور بن نصر الكرْمينيّ، وغيره.

97-

نصر بن المظفّر بن طاهر البُوسَنْجيّ2.

أبو الحَسَن.

تُوُفّي بإصبهان في رجب.

"حرف الهاء":

98-

هيّاج بن عُبَيْد الحِطّينيّ الزّاهد3.

ورد أيضًا أنه تُوُفّي في ذي الحِجّة من هذه السّنة.

وقد مرّ في سنة اثنتين.

1 المنتظم "8/ 329".

2 لم نقف عليه.

3 سبق الترجمة له.

ص: 65

"حرف الياء":

99-

يحيي بن أبي نصر الهَرَويّ1.

الفقيه أبو سعد.

سمع من: أبي منصور محمد بن محمد الأزْديّ القاضي، وأبي بكر الحِيريّ.

100-

يحيى بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن.

أَبُو مُحَمَّد بْن الأقساسيّ العلويّ الحُسَينيّ الكوفيّ2.

روى عن: محمد بن عبد الله الجعفيّ.

وعنه: ابن الطُّيوريّ، والمؤتمن الساجيّ، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ، وأبو الفضل الأرمويّ.

وُلِد سنة 395 ومات سنة 73.

وفيات سنة أربع وسبعين وأربعمائة:

"حرف الألف":

101-

أَحْمَد بْن عَبْد العزيز بْن عليّ.

أبو طالب الشُّروطيّ الْجُرْجانيّ، ثمّ البغداديّ3.

ولد سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة.

وسمع: أباه، وبكر بن شاذان الواعظ، وأبا عليّ بن شاذان.

وأوّل سماعه سنة أربع وأربعمائة من أبيه عن بِشْر الإسفرائينيّ.

روى عنه: إسماعيل بن السَّمرقنديّ، ويحيى بن الطّرّاح.

وتُوُفّي في المحرَّم.

1 لم نقف عليه.

2 سبق الترجمة له.

3 المنتظم "8/ 332".

ص: 66

102-

أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن عَمْرو بن مُنْتاب1.

أبو محمد بن أبي عثمان البصْريّ، ثمّ البغداديّ الدّقّاق، المقرئ.

كان ثقة، مكثرًا من الحديث، مهيبًا، جليلًا. ختم عليه جماعة.

سمع: أباه، وإسماعيل بن الحَسَن الصَّرصريّ، وأحمد بن محمد المُجْبِر، وأبا عمر بن مهديّ، وأبا أحمد الفَرَضي، والحسن بن القاسم الدّبّاس، وابن البيِّع.

وعنه: مكّيّ الرُّميليّ، وهبة الله الشّيرازيّ، وعبد الغافر بن الحسين الكاشْغَرِيّ، وعَمْر الرُّؤاسيّ، ومحمد بن عبد الباقي الأنصاريّ، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ، ومحمد بن عبد الملك بن خَيْرون.

ومولده سنة سبعٍ وتسعين وثلاثمائة.

قال يحيى بن الطّرّاح: أنا أبو محمد بن أبي عثمان: أنا الحَسَن بن القاسم سنة أربعمائة حضورًا، أنا أحمد وكيل أبي صخرة، فذكر حديثًا.

وقال إسماعيل بن السَّمرقنديّ: سُئِل أبو محمد أخو أبي الغنائم بن أبي عثمان أن يستشهد، فامتنع، فكلِّف، فقال: أصبروا إلى غدٍ. ودخل البيت، فأصبح ميتًا رحمه الله.

ومثلها حكاية نصْر بن عليّ الْجَهْضَميّ لمّا ورد عليه الكتاب بتوليته القضاء، فاستصبرهم وبات يُصلّي إلى السَّحر، فسجد طويلًا ومات.

تُوُفّي أبو محمد في ذي القعدة، وشيَّعه قاضي القُضاة الدّامغانيّ، والشيخ أبو إسحاق، وخلائق، وأمَّهم أخوه أَبُو الغنائم.

103-

أحمد بن محمد بن إبراهيم بن علي.

أبو طاهر الخُوارَزْميّ القصار2.

سمع: أبا عَمْر بن مهديّ، وإسماعيل بن الحَسَن الصَّرصريّ.

روى عنه: ابنه محمد، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ، وجماعة.

مات في ذي الحِجّة. وكان صحيح السَّماع، فاضلًا.

1 السابق.

2 السابق.

ص: 67

104-

أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه شاهكوَيْه1.

الصُّوفيّ.

كأنّه إصبهانيّ.

105-

أحمد بن المطهّر بن الشّيخ أبي نزار محمد بن عليّ.

أبو سعْد العبْديّ العَبقسيّ الأصبهاني2.

روى عن: جدّه، والحافظ أبي بكر بن مَرْدَوَيْه.

106-

أَحْمَد بْن هِبَةُ اللَّه بْن مُحَمَّد بْن يوسف بن صَدَقَة.

أبو بكر الرحْبيّ الدّبّاس3.

قِيلَ: إنّه من ولد سعد بن مُعاذ رضي الله عنه.

كان شيخًا معمَّرًا، نيَّف على المائة، ويسكن بغداد محلّة النَّصرية.

سمع: أبا الحَسَين بن بِشْران، ومحمد بن الحسين القطّان.

روى عنه: أبو بكر الأنصاريّ، وأبو القاسم السَّمرقنديّ.

قال شجاع الذُّهليّ: حدَّثني غير مرّة أنّه وُلِد سنة سبعين وثلاثمائة.

وقال ابن ناصر: مات أبو بكر الرَّحبيّ في رجب، وقد بلغ مائة وأربع سنين.

وقال ابن النّجّار: كان يذكر أنّه سمع من أبي الْحُسَيْن بن سمعون، والمخلِّص، وأنّ أُصوله ذهبت في النَّهب.

107-

إبراهيم بن عقيل بن حبش.

أبو إسحاق القُرَشيّ السّاميّ النَّحويّ، المعروف بالمَكْبَرَيّ4.

روى عن: عليّ بن أحمد الشّرابيّ، وعن خيثمة الأطرابلسيّ.

1 لم نقف عليه.

2 انظر السابق.

3 السير "18/ 548".

4 الميزان "1/ 49".

ص: 68

روى عنه: الخطيب في كتاب "التلخيص".

ضعفه ابن الأكفانيّ، واطّلع عليه بتركيب سندٍ مستحيلٍ للنَّحو.

108-

أرسلان تكين بن ألْطُنْطَاش.

أبو الحارث التُّركيّ1.

ببغداد. ويُعرف أبوه بسيف المجاهدين.

روى عن: أبي عليّ بن شاذان.

وعنه: أبو القاسم بن السَّمرقنديّ.

مات في جُمَادَى الأولي.

"حرف الحاء":

109-

الحسين بن عبد الرحمن بن عليّ الْجُنَابَذِيّ.

أبو عليّ الفقيه2.

حدَّث عن: ابن مَحْمِش، وأبي إسحاق الإسْفَرائينيّ، والحيريّ.

ومات رحمه الله بنَيْسابور.

110-

الحسين بن علي بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد بْن محمود.

أبو بكر النَّيسابوريّ الحاكم الحنفيّ الدّهّان3.

من أعيان مذهبه.

روى عن: أبي الحَسَن بن عَبْدان، وجماعة من أصحاب الأصمّ.

وتُوُفّي في ذي الحِجّة.

111-

حَمْدُ بنُ عبد العزيز.

أبو القاسم الأصبهانيّ المعدّل4.

1 لم نقف عليه.

2، 3 لم نقف عليه.

4 انظر السابق.

ص: 69

حدَّث في هذه السّنة عن: أبي عبد الله الْجُرْجانيّ.

روى عنه: مسعود الثّقفيّ، والحسن بن العبّاس الرُّستميّ.

112-

حَمْد بن محمد بن أحمد بن العبّاس.

أبو عبد الله الأسديّ الزُّبيديّ الآمُليّ1.

ولي القضاء والرئاسة بآمُل، وطَبَرسْتان سِنين.

وكان من رجال الدَّهر رأيا وكفاءة.

وصاهر نظام الملك. وكان يلقَّب بناصر السُّنَّة.

روى عن: أبيه، وناصر العُمريّ، وأبي محمد الْجُوَيْنيّ.

وتُوُفّي في ربيع الأوّل، وله بضعٌ وخمسون سنة.

"حرف الدال":

113-

دُبَيْس بن عليّ بن مَزْيَد الأسديّ2.

نور الدّولة أمير عرب العراق.

كان نبيلًا، جوادًا، ممدَّحًا، بعيد الصِّيت.

عاش ثمانين سنة، ومات في شوّال فرثاه الشُّعراء فأكثروا.

وولي بعده ابنه بهاء الدّولة أبو كامل منصور، فسارَ إلى السّلطان، وخلع عليه الخليفة أيضًا، وأعطاه الحلَّة كأبيه.

"حرف السين":

114-

سعْد بن محمد بن يحيى.

أبو المظفّر الجوهريّ الأصبهاني، المؤدَّب الضرير3.

حدَّث أيضًا في هذه السّنة عن عثمان البرجيّ.

1 طبقات الشافعية "3/ 164" للسبكي.

2 السير "18/ 557".

3 لم نقف عليه.

ص: 70

وعنه: مسعود، والرُّستميّ.

وهو أخو سعيد شيخ السّاميّ.

115-

سُليمان بن خَلَف بن سعْد بن أيّوب بن وارث.

الإمام أبو الوليد التُّجيبي القُرْطُبيّ الباجيّ1.

صاحب التصانيف.

أصله بَطَلْيُوسيّ، وانتقل آباؤه إلى باجة، وهي مدينة قريبة من إشبيلية.

وُلد في ذي القعدة سنة ثلاثٍ وأربعمائة.

أخذ عن: يونس بن عبد الله بن مغيث، ومكّيّ بن أبي طالب، ومحمد بن إسماعيل، وأبي بكر محمد بن الحَسَن بن عبد الوارث، وجماعة.

ورحل سنة ستٍّ وعشرين، فجاوَرَ ثلاثة أعوام.

ولزِم أبا ذرٍّ، وكان يروح معه إلى السَّراة، ويتصرف في حوائجه، وحمل عنه عِلمًا كثيرًا.

وذهب إلى بغداد، فأقام بها ثلاثة أعوام. وأظنه قدِمها من على الشّام؛ لأنّه سمع بدمشق أبا القاسم عبد الرحمن بن الطُّبيز، وعليّ بن موسى السِّمسار، والحسين بن جُمَيْع.

وسمع ببغداد: أبا طالب عَمْر بن إبراهيم الزُّهريّ، وعبد العزيز الأَزَجيّ، وعُبَيْد الله بن أحمد الأزهريّ، وابن غَيْلان، والصُّوريّ، وجماعة.

وأخذ الفقه عن: أبي الطّيِّب الطَّبريّ، وأبي إسحاق الشّيرازيّ.

وأقام بالموصل على أبي جعفر السمِّنانيّ سنةً يأخذ عنه علم الكلام والأصول.

وأخذ أيضًا عن القاضي: أبي عبد الله الحسين بن علي الصَّيمريّ الحنفيّ، وأبي الفضل بن عَمْرُوس المالكيّ، وأحمد بن محمد العَتِيقيّ، وأبي الفتح الطَّناجيريّ، ومحمد بن عبد الواحد بن رزمةً، وطبقتهم.

1 السير "18/ 535".

ص: 71

حتّى برع في الحديث وبرز فيه على أقرانه، وأحكم الفقه وأقوال العلماء. وتقدَّم في علم النظر بالكلام. ورجع إلى الأندلس بعد ثلاث عشرة سنة بعلومٍ كثيرة.

روى عنه: الحافظ أبو بكر الخطيب، والحافظ أبو عمر بن عبد البَرّ، وهما أكبر منه، ومحمد بن أبي نصر الحُمَيْدِيّ، وعليّ بْن عَبْد اللَّه الصّقلّيّ، وأَحْمَد بْن عَلِيّ بن غَزْلُون، وأبو عليّ بن سكَّرة الصَّدفيّ، وابنه العلّامة الزّاهد أبو القاسم أحمد بن سُليمان، وأبو القاسم عبد الرحمن بن محمد القاضي، وأبو بكر محمد بن الوليد الطُّرطوشيّ، وابن شبرين القاضي، وأبو عليّ بن سهل السَّبتي، وأبو بحر سُفيان بن العاص، ومحمد بن أبي الخير القاضي، وآخرون.

وتفقَّه به جماعة كثيرة.

وكان فقيرًا قانعًا، خَدَم أبا ذر بمكّة1.

قال القاضي عياض: وأجَّر نفسه ببغداد لحراسة درب. وكان لمّا رجع إلى الأندلس يضرب ورق الذَّهب للغزْل، ويعقد الوثائق.

وقال لي أصحابه: كان يخرج إلينا للقراءة عليه، وفي يده أثَرُ المِطْرقة، إلى أن فشا عِلْمُه، وهُنّيَت الدنيا به، وعظُم جاهه، وأُجْزِلَت صِلاتُه، حتّى مات عن مالٍ وافر. وكان يستعمله الأعيان في التَّرسُّل بينهم، ويقبل جوائزهم. وولي قضاء مواضع من الأندلس.

صنَّف كتاب "المُنْتَقَى" في الفقه، وكتاب "المعاني" في شرح الموطّأ، عشرين مجلّدًا، لم يؤلَّف مثله.

وكان قد صنَّف كتابًا كبيرًا جامعًا بلغ فيه الغاية سمّاه كتاب "الاستيفاء"، وصنَّف كتاب "الإيماء" في الفقه، خمس مجلَّدات، وكتاب "السراج في الخلاف". لم يتمَّم، و"مختصر المختصر" في مسائل المدوَّنة، وكتاب "اختلاف الموطآت"، وكتاب "الجرح والتعديل"، وكتاب "التّسديد إلى معرفة التّوحيد" وكتاب "الإشارة" في أُصُول الفقه، وكتاب "إحكام الفصول في أحكام الأصول"، وكتاب "الحدود"، وكتاب "شرح المنهاج"، وكتاب "سُنن الصّالحين وسُنن العابدين"، وكتاب "سُبُل المهتدين"، وكتاب "فرق الفقهاء"، وكتاب "تفسير القرآن"، لم يتمّه، وكتاب "سُنَن المنهاج وترتيب الحجّاج".

1 ترتيب المدارك "4/ 802".

ص: 72

ابن عساكر: حدَّثني أبو محمد الأشِيريّ: سمعتُ أبا جعفر بن غَزْلُون الأُمَويّ الأندلسيّ: سمعتُ أبا الوليد الباجيّ يقول: كان أبي من تجّار القَيْروان من باجة القيروان، وكان يختلف إلى الأندلس ويجلس إلى فقيهٍ بها يقال له: أبو بكر بن سماح، فكان يقول: تُرى أرى لي ابنًا مثلك؟ فلمّا أكثر من ذلك القول قال: إنْ أحببت ذلك فاسكُنْ قُرْطُبة، والزَمْ أبا بكر القَبْريّ، وتزوج بنته، عسى أن تُرزق ولدًا مثلي. ففعل ذلك، فجاءه أبو الوليد، وآخر صار صاحب صلاة، وثالثُ كان من الغزاة.

وقال أبو نصر بن ماكولا: أمّا الباجيّ ذو الوزارتين أبو الوليد سُليمان بن خَلَف القاضي، فقيه، متكلم، أديب، شاعر، رحل وسمع بالعراق، ودَرَس الكلام على القاضي السِّمنانيّ، وتفقه على أبي إسحاق الشيرازي، ودرس وصنَّف.

وكان جليلا رفيع القدر والخطر. توفي بالمرية من الأندلس، وقبره هناك يزار.

وقال أبو علي بن سكَّرة: ما رأيت أحدًا على سمته وهيبته وتوقير مجلسه مثل أبي الوليد الباجي. ولما كنت ببغداد قدم ولده أبو القاسم، فسرت معه إلى شيخنا قاضي القضاة أبي بكر محمد بن المظفر الشامي، وكان ممن صحبه أبو الوليد الباجي قديما، فلما دخلت عليه قلت له: أدام الله عزَّك، هذا ابن شيخ الأندلس. فقال: لعلّه ابن الباجي؟ قلت: نعم. فأقبل عليه.

وقال عياض القاضي: حَصَلت لأبي الوليد من الرؤساء مكانة، وكان مخالطًا لهم، يترسَّل بينهم في مهِم أمورهم، ويقبل جوائزهم. وهم له في ذلك على غاية التِّجلَّة، فكثُرت القالة فيه من أجل هذا.

وولي قضاء مواضع من الأندلس تصغُر عن قدره كأوريُولة وشبهها، فكان يبعث إليها خلفاء، وربما أتاها المرَّة ونحوها.

وكان في أول أمره مقلا حتى احتاج في سفره إلى القصد بشعره، واستئجار نفسه في مقامه ببغداد فيما سمعته مستفيضا لحراسة درب، فكان يستعين بإجارته على نفقته وبضوئه على دراسته، وكان بالأندلس يتولى ضرب ورق الذهب للغزال والأنزال، ويعقد الوثائق.

ص: 73

وقد جمع ابنه شعره. وكان ابتدأ كتابا سماه "الاستيفاء" في الفقه، لم يضع منه غير الطهارة في مجلَّدات.

قال عياض: ولما قدم الأندلس وجد بكلام ابن حزم طلاوة إلّا أنّه كان خارجًا عن المذهب، ولم يكن بالأندلس مَن يشتغل بعلمه، فقَصُرت أَلْسِنةُ الفقهاء عن مجادلته وكلامه، واتَّبعه على رأيه جماعةٌ من أهل الجهل، وحلّ بجزيرة مَيُورقَة، فَرَأس فيها، واتَّبعه أهلّها. فلّما قدِم أبو الوليد كلِّم في ذلك، فدخل إلى ابن حزْم وناظَرَه، وشهرَ باطلَه، وله معه مَجَالس كثيرة. ولمّا تكلَّم أبو الوليد في حديث البخاريّ ما تكلَّم من حديث المقاضاة يوم الحُدَيْبية، وقال بظاهر لفظه، أنكرَ عليه الفقيه أبو بكر بن الصّائغ وكفّره بإجازته الكَتْبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الآي، وأنّه تكذيبٌ للقرآن، فتكلَّم في ذلك مَن لم يفهم الكلام، حتّى أطلقوا عليه الفتنة، وقبّحوا عند العامة ما أتى به، وتكلّم به خطباؤهم في الجمع.

وفي ذلك يقول عبد الله بن هند الشّاعر قصيدة منها:

بَرئتُ ممّن شَرَى دُنْيا بآخِرةٍ

وقال: إنّ رسولَ الله قد كَتَبَا

فصنَّف أبو الوليد في ذلك رسالةً بيَّن فيها أن ذلك لا يقدح في المعجزة، فرجع جماعة بها.

ومن شعره:

قد أفلح القانتُ في جُنْح الدُّجى

يتلو الكتابَ العربيَّ النيِّرا

له حنينٌ وشهيقٌ وبُكا

بيلَ من أَدْمُعِهِ تُرَب الثَّرا

إنّا لسفرٌ نبتغي نَيْل المَدَى

ففي السُّرا بُغْيتُنا لا في الكَرَى

مَن ينصَبِ اللّيلَ يَنَلْ راحتَه

عند الصّباح يَحْمَدُ القَومُ السُّرا

وله:

إذا كنت أعلمُ عِلْمًا يقينًا

بأنّ جميعَ حياتي كساعَة

فلِمْ لا أكون ضنينًا بها

وأجعلها في صلاح وطاعة؟

وله يرثي أمَّه وأخاه رحمهما الله تعالى:

رعى اللهُ قبرَيْن استكانا ببلدةٍ

هما أسكناها في السّواد من القلب

ص: 74

لئن غيِّبا عن ناظري وتبوَّءا

فؤادي لقد زاد التباعد في القُرب

يقرُّ بعيني أن أزور رباهما

وألزق مكنون التّرائب بالتُّرب

وأبكي، وأبكي ساكنيها لعلّني

سأنجد من صحبٍ وأسعد من سحب

فما ساعدت ورق الحمام أخا أسي

ولا روَّحت ريح الصَّبا عن أخي كرب

ولا استعذبت عيناي بعدهما كرى

ولا ظمئت نفسي إلى البارد العذب

أحنُّ ويثني اليأس نفسي على الأسى

كما اضطُّرّ محمولٌ على المركب الصَّعب

وله:

إلهي، قد أفنيت عمري بطالة

ولم يثنني عنها وعيدٌ ولا وعد

وضيَّعته ستين عامًا أعدُّها

وما خير عمر إنما خيره العدُّ

وقدمت إخواني وأهلي، فأصبحوا

تضمُّهم أرضٌ ويسترهم لحد

وجاء نذير الشيب لو كنت سامعًا

لوعظ نذير ليسٍ من سمعه بدُّ

تلبست بالدنيا، فلمّا تنكرت

تمنيت زهدًا حين لا يمكن الزُّهد

وتابعت نفسي في هواها وغيهِّا

وأعرضت عن رشدي وقد أمكن الجهد

ولم آت ما قدمته عن جهالةٍ

يمكنني عذرٌ ولا ينفع الجحد

وها أنا من ورد الحمام على مدى

أراقب أن أمضي إليه وأن أعدو

ولم يبق إلّا ساعة إنّ أضعتها

فما لي في التوفيق نقدٌ ولا وعد

قال ابن سكَّرة: تُوُفّي بالمَريّة لتسع عشرة ليلة خَلَت من رجب.

ذكره ابن السّمعانيّ فقال: باجة بين إشبيلية وشنترين من الأندلس.

وذكر ابن عساكر في تاريخه أنّ أبا الوليد قال: كان أبي من باجة القيروان تاجرًا، كان يختلف إلى الأندلس. وهذا أصحّ.

"حرف العين":

116-

العبّاس بن محمد بن عبد الواحد بن العبّاس. أبو الفضل الدّارانيّ1.

1 لم نقف عليه.

ص: 75

إصبهانيّ.

تُوُفّي في صَفَر.

117-

عبد الله بن عبد العزيز بن الشدّاد.

بغداديّ1.

سمع من: أبي الحَسَن بن رزقُوَيْه، ومحمد بن فارس الغُوريّ.

روى عنه: قاضي المرستان، وعبد الوهّاب الأنماطيّ.

وكان صدوقًا.

118-

عبد الرحمن بن منصور بن رامش الزّاهد.

أبو سعْد الدَّينوريّ، نزيل نَيْسابور2.

سمع: أباه، وأبا طاهر بن مَحْمِش، وعبد الله بن يوسف الأصبهاني، والحاكم أبا عبد الله، جماعة.

وكان ثقة، صوفيًّا، نبيلًا، رئيسًا، كثير الكتابة.

روى عنه: زاهر ووجيه ابنا الشّحّاميّ، وعبد الغافر الفارسيّ.

تُوُفّي في شعبان.

119-

عبد القاهر بن عبد الرحمن.

أبو بكر الْجُرْجانيّ3.

قيل: تُوُفّي فيها. وقد مرّ.

120-

علي بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ.

أَبُو القاسم البسريّ البغداديّ البندار4. والد الحسين.

1 لم نقف عليه.

2 انظر السابق.

3 سبق الترجمة له.

4 السير "18/ 402، 403".

ص: 76

قال أبو سعْد السَّمعانيّ: كان شيخًا صالحًا، ثقة فهمًا، عالمًا، عُمّر، وحدَّث بالكثير، وانتشرت عنه الرواية.

سمع: أبا طاهر المخلّص، وأبا أحمد الفَرَضيّ، وأبا الحَسَن بن الصَّلت المُجْبر، وإسماعيل بن الحَسَن الصَّرصريّ، وأبا عمر بن مهديّ، وجماعة.

وأجاز له: نصر بن أحمد بن الخليل المُرجي، وأبو عبد الله بن بطّة؛ وأبو الحَسَن محمد بن جعفر التّميميّ.

وكان حسن الأخلاق متواضعًا، ذا هَيْبَة ورُواء.

قال الخطيب: كتبتُ عنه، وكان صدوقًا.

قال أبو سعْد: وسألت إسماعيل بن محمد بن الفضل الحافظ عنه، فأثنى عليه وقال: شيخ ثقة.

وسأله الخطيب عن مولده فقال: في صفر سنة ستًّ وثمانين وثلاثمائة.

روى عنه: أبو الفضل محمد بن المهتديّ بالله، وعليّ بن طِراد الزَّينبيّ، وإسماعيل بن أحمد السَّمَرْقَنديّ، والزاهد يوسف بن أيّوب الهَمَذانيّ، وأبو نصر أحمد بن عمر الغازي، وأبو منصور موهوب الجواليقيّ، والإمام أبو الحَسَن عليّ بن الزّاغونيَّ، وأخوه أبو بكر محمد، ومحمد بن طاهر المقدسيّ، والحافظ عبد الوهّاب الأنْماطيّ، وأبو القاسم سعيد بن البنا، وأبو الفضل محمد بن ناصر، ونصر بن نصر العُكْبريّ، وخلْق كثير.

وآخر من روى عَنْهُ بالإجازة، والله أعلم، أبو المعالي بن اللّحّاس.

وتُوُفّي في سادس رمضان.

121-

عليّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد0

أَبُو الحَسَن البغداديّ الصابونيّ1.

سمع: أبا عَمْر بن مهديّ.

روى عنه: عَبْد الوهاب الأَنْماطيّ.

وتُوُفّي رحمه الله فِي ذي الحِجّة.

1 لم نقف عليه.

ص: 77

"حرف القاف":

122-

قُتَيْبة بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن عثمان بن عبد الله.

أبو رجاء العثماني النَّسفيّ الحافظ، نافلة أبي العبّاس المستغفريّ1.

سمع الكثير بسَمَرْقَنْد، وأملى بها وبنَسَف مجالس كثيرة.

روى عنه: المستغفريّ، وعبد الملك بن القاسم، وطائفة.

قال عمر بن محمد النَّسفيّ في كتاب "القند": مولده سنة تسعٍ وأربعمائة، وهو أوّل من سمعت منه، أملى علينا في صفر من السّنة. وتُوُفّي في ربيع الآخر.

"حرف الميم":

123-

مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بن فارس:

أبو عبد الله الشّيرازيّ الكاغَذِيّ.

كان له دُكّان يبيع فيها الكُتُب ببغداد. وكان ظاهريّ المذهب.

ولد سنة خمسٍ وتسعين وثلاثمائة بشيراز. وسمع بها من: عبد الرحمن بن محمد الرّشيقيّ.

وبمصر من: ابن نظيف الفرّاء.

وبدمشق من: الحسين بن محمد الحلبيّ.

روى عنه: أبو الحسين بن الطُّيوريّ، وأبو بكر قاضي المَرِسْتان، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ، ومحمد بن القاسم بن المظفّر الشَّهرزوريّ.

قال شجاع بن فارس: كان غير ثقة.

وقال ابن ناصر: سَّمع لنفسه.

وقال أحمد بن خيرون: تُوُفّي في نصف المحرَّم.

وحدَّث عن أبي القاسم بن بِشْران.

قال: وقيل: إنّه حدَّث عن أبي حيّان التّوحيديّ، ولم يكن له عنه ما يعوَّل عليه.

1 انظر السابق.

ص: 78

124-

محمد بن الحَسَن بن الحسين.

أبو عبد الله المروزيّ المهربندقشائيّ1. نسبة إلى قريةٍ على بريدٍ من مَرْو. كان إمامًا ورعًا، عابدًا، فقيهًا، مُفْتيا.

سمع الكثير، وتفقّه على أبي القفّال.

وسمع منه، ومن مسلم بن الحَسَن الكاتب، ومحمد بن محمود السَّاسجرديّ.

ورحل إلى هَرَاة، فسمع: أبا الفضل عمر بن إبراهيم بن أبي سعد، وأبا أحمد محمد بن محمد المعلّم، وأحمد بن محمد بن الخليل.

روى عنه: محمد بن أبي ناصر المسعوديّ، ومحمد بن أبي النَّجم البزّاز، ومُصْعَب بن عبد الرزّاق، وعبد الواحد بن أبي عليّ الفارْمَذِيّ، وآخرون.

تُوُفّي في سنة أربعٍ. وقيل: سنة ثلاثٍ، وقد ذكرته فيها مختصرًا.

125-

مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الرَّحِيم بن أحمد بن العجوز.

الفقيه أبو عبد الله الكُتَاميّ السَّبتيّ2.

من كبار فُقهاء المالكيّة، وعليه وعلى ابن الثُّريا كانت العُمدة في الفتوى.

أخذ عن أبي إسحاق التُّونسيّ بالقيروان. وكانت بينه وبين المذكور وبين حمّود مطالبات ومشاحنات، جرت عليه منها محنة بسبب كلمةٍ قالها. وذلك أنّه خطب الخطيب، فقال:"وأعدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ من عدَّة". فقال النّاس: أخطأ الخطيب، أبدل مكان "قوَّة" "عدَّة". فقال هو: الوزن واحد. فقيل: كَفَر. وأفتى عليه أولئك الفُقهاء بالاستتابة، فسُجن؛ ثمّ أخرج، فرحل إلى فاس، فولاه أمير المؤمنين ابن تاشفين قضاء فاس، فأحسن السيرة.

تفقه عليه أبو عبد الله بن عيسى التّميميّ، والفقيه أبو عبد الله بن عبد الله.

تُوُفّي في رمضان، وخلّف ثلاثة أولاد: عبد الرحمن وهو فقيههم وكبيرهم، وعبد الله، وعبد الرّحيم.

1 معجم البلدان "5/ 233".

2 السير "18/ 551".

ص: 79

126-

مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن جعفر بن جُولة.

أبو بكر الأبْهَريّ الأصبهاني المؤدَّب1.

روى عن: محمد بن إبراهيم الْجُرْجانيّ.

وعنه: مسعود الثّقفيّ.

تُوُفّي في حدود هذا العام.

127-

محمد بن محمد بن أحمد.

أبو جعفر الشاماتيّ النَّيسابوريّ الأديب2.

سمع: عبد الله بن يوسف الأصبهاني، وأبا طاهر بن مَحْمِش، وأبا عبد الرَّحمن السُّلميّ.

روى عنه: الحافظ عبد الغافر وقال: شيخ فاضل، عفيف. تخرَّج به جماعة من المتأدّبين، وله الخَطّ المنسوب المشهور بالحسن، والحظّ الوافر في التّأديب.

وروى عنه: وجيه الشحامي، وأبو نصر الغازي.

أخبرنا أحمد بن هبة الله: أنا إسماعيل بن عثمان كتابةً: أنا وجيه بن طاهر حضورًا: أنا أبو جعفر محمد بن محمد، أنا أبو عبد الرحمن السُّلميّ: نا جدّي إسماعيل بن نُجَيْد قال: سمعتُ أبا بكر محمد بن إسحاق بن خُزَيْمَة، وسُئِل هل تكفّر من قال: القرآن مخلوق؟ قال: نعم. ولِمَ لا أُكفّره وقد سمعتُ المُزَنّي، والربيع يقولان: من قال: القرآن مخلوق فهو كافر. وقالا: سمعنا الشّافعيّ يقول: من قال: القرآن مخلوق فهو كافر. ثمّ قال: وما لي لا أكفّره وقد كفّره مالك، وابن أبي ذئب قالا: مَن قال: القرآن مخلوق لا يُستتاب، بل يُقتل، فإنه كفرٌ به وارتداد.

128-

محمد بن محمد بن المختار.

أبو الفتح الواسطيّ النَّحويّ3.

أخذ عن: أبي القاسم بن كردان، وأبي الحسن بن دينار.

1 المشتبه "1/ 274".

2 لا بأس به، في عداد العلماء المستورين.

3 معجم الأدباء "19/ 5".

ص: 80

وسمع من: أبي الحَسَن بن عبد السلام بن عبد الملك البزّاز، ومحمد بن أحمد السَّقطيّ.

وكان حَسَن الفَهْم، متيقظًا في الشّهادة.

عاش تسعين سنة. قاله خميس الحَوْزيّ.

129-

محمد بن مكّيّ بن أبي طالب بن محمد بن مختار1.

أبو طالب القَيْسيّ القُرْطُبيّ.

روى الكثير عن أبيه، وعن: يونس بن عبد الله القاضي، وأبي القاسم بن الإفليليّ.

وولي إمامة جامع قُرْطُبة، وأحكام السُّوق.

وكان عالمًا، مشكور السّيرة.

توفّي في المرَّم عن ستين سنة.

130-

محمد بن يحيى بْن إبراهيم بْن محمد بْن يحيى بن سخْتَوْيه2.

أبو بكر المزكّى النَّيسابوريّ، المحدَّث ابن المحدَّث أبي زكريّا بن المزكّى أبي إِسْحَاق.

قال عبد الغافر الحافظ: هو من أظراف المشايخ الذين لقيناهُم، وأكثرهم سماعًا وأُصوُلًا. جمع لنفسه فبلغ عدد شيوخه خمسمائة شيخ. وكان يروي عن نحوٍ من خمسين من أصحاب الأصَمّ.

وأكثر عَن أبيه، وعن أبي عبد الرحمن السُّلميّ.

وأملى ببغداد، فحضر مجلسه القاضي أبو الطّيّب الطَّبريّ، وحضره أكثر من خمسمائة محبرة. وأوصى لي بعد وفاته بالكُتُب والأجزاء.

وقال أبو سعْد السَّمعانيّ: كان من أظرف الشيوخ وأرغبهم في التّجمُّل والنظافة، وأحفظهم لأيّام المشايخ.

1 الصلة "2/ 552".

2 السير "18/ 398".

ص: 81

خرج إلى الحجّ، وبقي بالعراق وغيرها نحوًا من عشرين سنة، ثمّ رجع إلى نيسابور وأملى، ورزق الرواية، ومتِّع بما سمع.

سمع: أبا عبد الله الحاكم، وعبد الله بن يوسف، ومحمد بن محمد بن مَحْمِش، والسُّلميّ.

ثنا عنه: وجيه الشّحّاميّ، وهبة الرحمن القُشَيْريّ، وأبو نصر الغازي.

وقال الخطيب في ترجمته في تاريخه: أنا محمد بن يحيى، نا عبد الرحمن بن بالويه: نا محمد بن الحسين القطّان، ثنا قطن، فذكر حديثًا.

وقع لنا عاليًا في مجلس ابن مالويه هذا.

قال السّمعانيّ: كان الخطيب متوقفًا فيه، فإنّه قال: كتبتُ عنه، ثمّ عاد إليّ بعد ستّ سنين، فحدَّث عن الحاكم، ولم يكن حدَّث فيما تقدَّم. ولم نر له أصلًا، وإنما كان يروي من فروع.

وتُوُفّي في رجب وله ثمانون سنة.

"حرف الياء":

131-

يعقوب بن أحمد.

أبو سعْد الأديب النَّيسابوريّ1.

من علماء العربيّة.

روى عن: أبي بكر الحِيريّ وغيره.

روى عنه: وجيه الشّحّاميّ.

وتُوُفّي في رمضان.

قال: عبد الغافر فيه: أستاذ البلد في العربيّة واللّغة، كثير التصانيف والتلامذة.

تلمذ للحاكم أبي سعيد بن دُوسْت، وقرأ عليه الأصول.

وقرأ الحديث الكثير على المشايخ. وأفاد أولاده.

1 بغية الوعاة "2/ 347".

ص: 82

وحدَّث عن: أبي القاسم السّرّاج، وابن فَنْجُوَيْه، وطبقة أصحاب الأصمّ. ثمّ روى عنه عبد الغافر حديثًا.

132-

يونس بن أحمد بن يونس.

أبو الوليد الأزْديّ الطُّليطليّ. ويُعْرَف بابن شَوْقَةْ1.

روى عن: قاسم بن هلال، وأبي عمر بن سُمَيْق، وجماهر بن عبد الرحمن.

وكان خيِّرًا، فاضلًا، زاهدًا، له بصرٌ بالفِقه، وتصرُّف في الحديث، وفيه مروءة.

توفّي بمجريط.

وفيات سنة خمس وسبعين وأربعمائة:

"حرف الألف":

133-

أحمد بن الحَسَن المانْدكانيّ.

أبو نصْر الأصبهاني المعروف بالقاضي2.

تُوُفّي فِي شوّال.

أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أحمد بن حَسْنَوَيْه.

أبو نصر الخُراسانيّ.

سمع: أبا بكر الحِيريّ، والصَّيرفيّ، والطّرازيّ.

"حرف الباء":

135-

بُديل بن عليّ بن بُديل.

أبو محمد البَرْزَنْديّ الشّافعيّ3.

سكن بغداد، وتفقه، وسمع من: أبي الطيّب الطّبريّ، والبرمكيّ.

وكتب الكثير.

1 الصلة "2/ 687".

2 معجم البلدان "5/ 44".

3 معجم البلدان "1/ 382".

ص: 83

روى عن: إسماعيل بن السَّمرقنديّ، وأبو العزّ بن كادش، وجماعة.

صالح، خيِّر، من أهلِ السُّنّة.

قال ابن خَيْرُون: مات في جُمَادَى الآخرة.

136-

بكر بن محمد بن أبي سهل السُّبعيّ الصُّوفيّ1.

أَبُو عليّ النَّيسابوريّ.

حدَّث ببغداد عن: أَبِي بكر الحيري.

روى عنه: إسماعيل بن السَّمرقنديّ.

وكان جدّه مثريًا فوقف سبع أملاكه، فلذا قيل له: السُّبعيّ.

توفّي ببغداد.

"حرف الجيم":

137-

جعفر بْن عَبْد اللَّه بْن أحمد القرطبي، ثم الطُّليطليّ2.

أبو أحمد.

قرأ القرآن على أبي المطرِّف عبد الرحمن بن مروان القنازعي، وسمع منه الكثير في سنة إحدى عشرة وأربعمائة.

وقرأ الأدب على: قاسم بن محمد المرواني، وحكم بن منذر.

وأخذ أيضا عن: أبي محمد بن عباس الخطيب، وغير واحد.

قال ابن بشكوال: وكان ثقة فيما رواه، فاضلا منقبضا. سمع الناس منه. وأخذ عنه أبو علي الغساني، وأنبا عنه محمد بن أحمد الحاكم وقال لي: قتل بداره ظلما ليلة عيد الأضحى، ومولده سنة ثلاثٍ وتسعين وثلاثمائةٍ.

قلت: هذا من مسندي الأندلس في عصره، وشيخه القنازعيّ قرأ على الأنطاكيّ.

1 الأنساب "7/ 31".

2 الصلة "1/ 129".

ص: 84

"حرف الحاء":

138-

الحَسَن بنِ مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن حمُّويه.

أَبُو عليّ النَّيسابوريّ، الصّفّار الفقيه1.

سمع: أبا بكر الحِيريّ.

وعنه: زاهر الشّحّاميّ، وأبو طالب محمد بن عبد الرحمن الحِيريّ، وغيرهما.

مات فِي صَفَر.

139-

الْحُسَيْن بْن عَبْد اللَّه بْن عليّ2.

أبو عَبْد الله بن عريبة الرَّبعيّ، والد أبي القاسم عليّ.

سمع مع ولده من: أبي الحَسَن بن مَخْلَد البزّاز.

روى عَنْهُ: أَبُو بَكْر محمد بْن عَبْد الباقي.

وتُوُفّي في ذي الحِجّة.

140-

حَمْد بن الفضل بن أحمد بن منصور الرّازيّ3.

الفقيه.

تُوُفّي في ربيع الآخر.

"حرف الخاء":

141-

خَلَف بن محمد بن جعفر.

أبو القاسم الأندلسيّ4.

من أهل المريَّة.

حجّ، وأخذَ عن: أبي عِمران الفاسيّ، وأبي ذرّ عبد بن أحمد.

1 لم نقف عليه.

2 انظر السابق.

3 لم نقف عليه.

4 الصلة "1/ 171".

ص: 85

روى عنه: أبو جعفر بن أحمد بن سعيد.

ولي خَطَابة بلده. وعاش ثمانين سنة.

"حرف السين":

142-

سهل بن عبد الله بن علي.

أبو الحَسَن الغازي الأصبهاني الزّاهد1.

سمع: عثمان بن أحمد البُرْجيّ، ومحمد بن إبراهيم الْجُرْجانيّ، وابن مَرْدَوَيْه.

روى عنه: مسعود الثقفيّ، وأبو عبد الله الرُّستميّ.

مات في ربيع الآخر.

"حرف العين":

143-

عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن أبي الحسين.

أبو الحسين النَّيسابوريّ الشّاماتيّ، الأديب2.

سمع من: أبي الحسين بن عبد الغافر، وغيره.

وأدَّب بالعربيّة بنيسابور، وصنَّف شرحًا لديوان المتنّبي، وشرحًا للحماسة، وشرحًا لأمثال أبي عُبَيْد، وغير ذلك.

وتُوُفّي في رابع عشر رجب.

144-

عبد الله بْن مفوَّز بْن أَحْمَد بْن مفوَّز3.

أبو محمد المَعَافِريّ الشّاطبيّ.

روى الكثير عن أبي عمر بن عبد البَرّ، ثمّ زهَدَ فيه لصُحْبته السّلطان.

وروى عن: أبي تمّام القُطينيّ، وأبي العبّاس العذْريّ.

وكان رحمه الله مشهورًا بالعِلْم والزُّهد. وهو أخو الحافظ طاهر.

1 لا بأس به.

2 بغية الوعاة "2/ 32".

3 الصلة "1/ 284".

ص: 86

145-

عبد الوهّاب بْن الحافظ أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بن محمد بن يحيى بن مَنْدَهْ1.

أبو عمرو العَبْديّ الأصبهاني.

وكان أصغر من أخويه عبد الرحمن، وعُبَيْد الله. وكان حسن الأخلاق، متواضعًا، رحيمًا باليتامى والأرامل، حتّى كان يقال له: أبو الأرامل.

وسمع الكثير من والده، وسمع من: إبراهيم بن خرَّشيد قوله، وأبي عمر بن عبد الوهّاب، وأبي محمد الحسن بن يَوَه.

وسمع بمكّة الحَسَن بن أحمد بن فِراس.

ووقع لنا أجزاء من حديثه. وروى بالإجازة عن أبي الحسين الخفّاف القَنْطَرِيّ، وأبي عبد الله الحاكم، وجماعة.

وحديثه في هذا الوقت بالإجازة من العوالي.

روى عنه: إسماعيل بن محمد بن الفضل الحافظ، ومحمد بن طاهر، وأبو نصر أحمد بن عمر الغازي، وأخوه خالد بن عمر، وأبو سعْد البغداديّ، وأحمد بن محمد بن أحمد بن الفتح الْفيج، والحسن بن العبّاس الرُّستميّ، وأبو الخير محمد بن أحمد بن الباغْبان، ومسعود بن الحَسَن الثّقفيّ، وآخرون.

ورحل النّاس إليه من البلدان.

قال أبو سعْد السَّمعانيّ: رأيتُ النّاس بإصبهان مُجْمِعِين على الثناء عليه والمدْح له. وكان شيخنا إسماعيل الحافظ كثير الثناء عليه والرواية عنه. وكان يفضله على أخيه أبي القاسم.

وقال ابنه أبو زكريّا يحيى: تُوُفّي ليلة تاسع عشر من جُمَادَى الآخرة.

قرأتُ على فاطمة بنت سُليمان، وغيرها، عن محمود بن إبراهيم، أنّ أبا الخير محمد بن أحمد أخبرهم: أنبا عبد الوهّاب بن محمد: ثنا أبي: سمعتُ الحسين بن عليّ النَّيسابوريّ: سَمِعْتُ محمد بْن إِسْحَاق بْن خُزَيْمة يَقُولُ: دخلَ إليَّ جماعة من الكُلابية، وسماهم بأسمائهم، قال: فقلت لهم: إنْ كان كما تزعمون أنّ الله لم يكن

1 السير "13/ 676، 677" طبعة التوفيقية، والبداية والنهاية "12/ 123".

ص: 87

خالقًا حتّى خلق الخلْق، فأنتم تزعمون أن الله ليس بالآخر، والله يقول:{هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ} [الحديد: 3] ، وأنّه ليس بمالِك يوم الدين؛ لأنّ يوم الدّين يوم القيامة. فبُهِتوا ورجعوا.

وقال السِّلفيّ: سألت المؤتمن السّاجيّ، عن أبي عَمْرو بن مَنْدَهْ فقال: لم أرَ شيخًا أَقْعَدَ منه وأثبتَ منه في الحديث. قرأت عليه إلى أن فاضت نفْسُه، ولم أُفْجَع بموت شيخٍ لقيتُهُ كما فجعت به رحمه الله.

146-

عليّ بن عبد الملك بن محمد بن عَمْر بن إبراهيم بن بِشْر.

أبو الحَسَن الحفصيّ1.

من أهل إسْتِراباذ. قدِم بغداد، وسمع من: هلال الحفّار، وغيره.

وحدَّث بإسْتِراباذ.

سمع منه: محمد بن طاهر، وعبد الله بن أحمد السَّمرقنديّ، ومحمد بن أبي عليّ الهَمَذانيّ.

وُلِد سنة ستٍّ وتسعين وثلاثمائة.

وتُوُفّي بإسْتِراباذ.

147-

عليّ بن هبة الله بن ماكولا2.

الحافظ.

يقال: إنّه قُتِل فيها. وسيأتي في سنة سبعٍ وثمانين.

"حرف القاف":

148-

قُتَيْبة بن سعْد بن محمد البقّال3.

تُوُفّي بكَرْمان.

1 لم نقف عليه.

2 السير "18/ 569"، والبداية والنهاية "12/ 123".

3 تاريخ بغداد "9/ 114".

ص: 88

"حرف الميم":

149-

مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَليّ.

أبو بكر السَّمْسار1.

إصبهانيّ، مُسْنِد.

سمع: إبراهيم بن خرَّشيد قوله، وجعفر بن محمد بن جعفر، وأبا الْفَضْلِ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ التَّمِيمِيُّ، وغيرهم.

روى عنه: أبو عبد الله الرُّستميّ، ومسعود الثّقفيّ.

ومات في نصف شوّال عن سنٍّ عالية.

قال السَّمعانيّ: سألتُ أبا سعْد البغداديّ عنه، فأثنى عليه وقال: كان من المعمَّرين. سمعته يقول: وُلدت سنة خمسٍ وسبعين. وعاش مائة سنة.

150-

محمد بن أحمد بن علان.

أبو الفرج الكرجي، ثم الكوفيّ2.

حدَّث في هذا العام عَنْ القاضي أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عبد الله الهَرَوانيّ الكوفيّ.

روى عنه: أبو الحَسَن بن عَنْبَرة.

151-

محمد بن الحَسَن بن عليّ.

كمال المُلْك أبو جعفر ابن الوزير نظام المُلْك3.

كان هُمَام الطَّبع، شجاع القلْب. كانت فيه نَخْوَةُ الوزارة وكِبْرياء المُلْك. جمع خزائن أموالًا، وعدّة غلمان وحجّاب، وأشياء لم تجتمع إلّا لأبيه.

ووَزَرَ مدّةً للأمير تِكِش. وكان أكبر أولاد أبيه، ففجع به.

1 السير "18/ 484".

2 لم نقف عليه.

3 المنتظم "9/ 5".

ص: 89

152-

محمد بن عَمْر بن محمد بن تانَة.

أبو نصر الأصبهاني الخَرْجانيّ1.

وخَرْجان: محلّة بإصبهان.

تُوُفّي في شهر رجب.

يروي عن: الحافظ ابن مَرْدَوَيْه.

ورحل فسمع من أبي عليّ بن شاذان.

روى عنه: أبو سَعْد أَحْمَد بن محمد البغداديّ، وأبو عبد الله الرُّستميّ، وإسماعيل الحافظ.

وكان عارفًا بالقراءات، ليس بالصّالح.

153-

محمد بن فارس بن عليّ.

أبو الوفاء الأصبهاني الصُّوفيّ2.

سمع: أحمد بن موسى بن مَرْدَوَيْه الحافظ.

وعَنْه: الرُّستميّ.

تُوُفّي رحمه الله ليلة عيد الفِطْر.

154-

محمد بن المحسن بن الحَسَن بن عليّ.

أبو حرب العَلَويّ الدَّينوريّ النَّسَّابة3.

قال شيرُوَيْه: قدِم علينا من بغداد في جُمَادَى الآخرة سنة خمسٍ وسبعين.

وروى عن: أبيه، وأبي عليّ بن شاذان، وأبي الطَّيّب الطَّبريّ.

وكان فاضلًا، استمليتُ عليه.

1 المشتبه "1/ 45".

2 لم نقف عليه.

3 لا بأس به، في عداد العلماء المستورين.

ص: 90

155-

مسعود بن عبد الرحمن بن القاضي أبي بكر أحمد بن الحَسَن.

أبو البركات الحيري النَّيسابوريّ1.

سمع الكثير من جدّه، ومن جماعة.

وتوفّي في ربيع الآخر عن إحدى وسبعين سنة.

وعنه: عبد الغافر.

156-

مسعود بن عليّ.

أبو نصر النَّيسابوريّ المحتسب2.

روى عن: أبي بكر الحِيريّ، والصَّيرفيّ، والطّرازيّ. ومات في رجب.

157-

المطهّر بن عبد الواحد بن محمد.

أبو الفضل اليَرْبُوعيّ البُزانيّ الأصبهاني3.

سمع: أبا جعفر بن المَرْزُبان، وأبا عبد اللَّه بن مَنْدَهْ، وأبا عَمْر بن عبد الوهّاب السُّلميّ، وجماعة، وإبراهيم بن خرَّشيد قوله أيضًا.

وطال عُمره، وأكثر النّاسُ عنه.

ولا أعلم متى تُوُفّي، ولكنّه بقي إلى هذا العصر.

روى عنه: مسعود الثّقفيّ، والرُّستميّ. وكان رئيسًا كاتبًا.

سأل السّمعانيّ أبا سعْد البغداديّ عنه، فقال: كان والده محدّثًا، أفاده في صِغَره.

"الكنى":

158-

أبو عَبْد الله بْن أَبِي الحَسَن بْن أَبِي قدامة4.

القرشيّ الخراسانيّ الأمير. مات في رجب.

1 انظر السابق.

2 لا بأس به.

3 السير "18/ 549".

4 لم نقف عليه.

ص: 91

159-

الأمير أبو نصر بن ماكولا1.

تُوُفّي فيها في قَوْلٍ، ويُذكر في سنة سبعٍ وثمانين.

وفيات سنة ست وسبعين وأربعمائة:

"حرف الألف":

160-

أحمد بن عليّ.

أوب الخطّاب2.

يُذكر بكنيته.

161-

أحمد بن محمد بن الفضل.

الإمام أبو بكر الفَسَويّ3.

تُوُفّي بسَمَرْقَنْد.

ذكره عبد الغافر في تاريخه فقال: الإمام ذو الفنون، دخل نَيْسابور، وحصّل بها العلوم.

قرأ على الإمام زَين الإسلام، يعني القُشَيْريّ، الأُصول. وسمع من أبي بكر الحِيريّ، وأقام بَنْيسابور مدّةً، ثمّ خرج إلى ما وراء النّهر.

وصار من أعيان الأئمّة. وشاع ذِكره، وانتشر عِلمه.

162-

إبراهيم بن عليّ بن يوسف.

الشيخ أبو إسحاق الشّيرازيّ الفيروزآباديّ4.

شيخ الشّافعيّة في زمانه. لقبه: جمال الدّين.

ولد سنة ثلاثٍ وتسعين وثلاثمائة.

1 سبق الترجمة له.

2 سبق الترجمة له.

3 في عداد العلماء المستورين، لا بأس به.

4 انظر: السير "13/ 7-10"، طبقات الشافعية "3/ 88" للسبكي.

ص: 92

تفقَّه بشيراز على: أبي عبد الله البَيْضاويّ، وعلى: أبي أحمد عبد الوهّاب بن رامين.

وقدِم البصرة فأخذ عن الخَرَزَيّ. ودخل بغداد في شوّال سنة خمس عشرة وأربعمائة، فلازمَ القاضي أبا الطَّيِّب وصحبَه، وبرع في الفقه حتّى نابَ عن أبي الطَّيِّب، ورتَّبه مُعِيدًا في حلقته. وصار أنظر أهل زمانه. وكان يُضرب به المَثَل في الفصاحة.

وسمع من: أبي عليّ بن شاذان، وأبي الفَرَج محمد بن عُبَيْد الله الخَرْجُوشيّ. وأبي بكر البَرْقانيّ، وغيرهم.

وحدَّث ببغداد، وهَمَذَان، ونَيْسابور1.

روى عنه: أبو بكر الخطيب، وأبو الوليد الباجيّ، وأبو عبد الله الحُمَيْدِيّ، وأبو القاسم بن السَّمرقنديّ، وأبو البدر إبراهيم بن محمد الكَرْخيّ، ويوسف بن أيّوب الهَمَذانيّ، وأبو نصر أحمد بن محمد الطُّوسيّ، وأَبُو الحسن بن عبد السّلام، وطوائف سواهم.

وقرأت بخطّ ابن الأنْماطيّ أنّه وجد بخطٍّ قال: أبو عليّ الحَسَن بن أحمد الكَرْمانيّ الصُّوفي، يعني الّذي غسّل الشّيخ أبا إسحاق، سمعته يقول: ولدت سنة تسعين وثلاثمائة، ودخلتُ بغداد سنة ثماني عشرة وله ثمانٍ وعشرون سنة. ومات لم يخلّف دِرهمًا، ولا عليه درهم. وكذلك كان يقضي عُمْرَه.

قال أبو سعْد السَّمعانيّ: أبو إسحاق إمام الشّافعيّة، والمدرّس بالنّظاميّة، شيخ الدّهر، وإمام العصر. رحل النّاس إليه من البلاد، وقصدوه من كلّ الجوانب، وتفرَّد بالعلم الوافر مع السيرة الجميلة، والطريقة المَرْضيّة. جاءته الدّنيا صاغرة، فأباها واقتصر على خشونة العَيْش أيّام حياته. صنَّف في الأصول، والفروع، والخلاف، والمذهب. وكان زاهدًا، ورعًا، متواضعًا، ظريفًا، كريمًا، جوادًا، طلْق الوجه، دائم البشْر، مليح المجاورة.

تفقَّه بفارس على أبي الفرج البيضاويّ، وبالبصرة على الخرزي.

1 السير "13/ 7".

ص: 93

إلى أن قال: حدَّثنا عنه جماعة كثيرة.

وحُكي عنه أنّه قال: كنتُ نائمًا ببغداد، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ أبو بكر وعمر، فقلت: يا رسول الله بلغني عنك أحاديث كثيرة عن ناقلي الأخبار، فأريد أن أسمع منك خبرًا أتشرَّف به في الدنيا، وأجعله ذخيرةً للآخرة.

فقال: يا شيخ، وسمّاني شيخًا وخاطبني به، وكان يفرح بهذا. ثمّ قال: قُلْ عنّي: مَن أراد السّلامة فلْيَطْلُبْها في سلامة غيره1.

رواها السّمعانيّ، عن أبي القاسم حَيْدَر بن محمود الشّيرازيّ بمرْو، أنّه سمع ذلك من أبي إسحاق.

وورد أنّ أبا إسحاق كان يمشي، وإذا كلبٌ، فقال فقيهٌ معه: اخسأ. فنهاه الشّيخ، وقال: لِمَ طَرَدْتَه عن الطريق؟ أما علِمت أنّ الطريق بيني وبينه مشتركٌ؟

وعنه قال: كنتُ أشتهي ثَرِيدًا بماء باقِلّاء أيّام اشتغالي، فما صحَّ لي أكلةٌ، لاشتغالي بالدّرس، وأخْذي النَّوبة2.

قال السَّمعانيّ: قال أصحابنا ببغداد: كان الشّيخ أبو إسحاق إذا بَقِي مدّةً لا يأكل شيئًا صعِد إلى النَّصريّة، فله فيها صديق، فكان يثرد له رغيفًا، ويشربه بماء الباقِلّاء. فربما صعِد إليه، وقد فرغ، فيقول أبو إسحاق:{تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ} [النازعات: 12] . ويرجع3.

قال أبو بكر الشّاشيّ: الشّيخ أبو إسحاق. حجة الله تعالى على أئمّة العصر.

وقال الموفّق الحنفيّ: أبو إسحاق، أمير المؤمنين فيما بين الفقهاء.

قال السَّمعانيّ: سمعتُ محمد بن عليّ الخطيب: سمعتُ محمد بن يوسف الفاشانيّ بمرْو، وسمعت محمد بن محمد بن هانئ القاضي يقول: إمامان ما اتَّفق لهما الحَجّ: أبو إسحاق، والقاضي أبو عبد الله الدّامغانيّ. أما أَبُو إسحاق فكان فقيرًا، ولكن لو أيّدوه لحملوه على الأعناق، والدّامغانيّ، لو أراد الحجّ على السُّندس والإسْتَبْرَق لأَمْكَنَه.

1 السير "13/ 8".

2 السابق.

3 السير "13/ 8، 9" طبعة التوفيقية.

ص: 94

قال: وسمعتُ القاضي أبا بكر محمد بن القاسم الشَّهرزوريّ بالمَوْصل يقول: كان شيخنا أبو إسحاق إذا أخطأ أحدُ بين يديه قال: أيُّ سكتةٍ فاتَتْك وكان يتوسوس.

سمعتُ عبد الوهّاب الأنماطيّ يقول: كان أبو إسحاق يتوضأ في الشّطّ، وكان يشك في غَسْل وجهه، حتّى غسّله مرات، فقال له رجل: يا شيخ، أما تستحيي، تغسل وجهك كذا وكذا نَوْبَة؟ فقال له: لو صحّ لي الثلاث ما زدتّ عليها.

قال السّمعانيّ: دخل أبو إسحاق يومًا مسجدًا ليتغذّى على عادته، فنسي دينارًا معه وخرج، ثمّ ذكر، فرجع، فوجده، ففكّر في نفسه وقال: ربّما وقع هذا الدّينار من غيري، فلم يأخذه وذهب1.

وبَلَغَنَا أنّ طاهرًا النَّيسابوري خرَّج للشّيخ أبي إسحاق جزءًا، فكان يذكر في أوّل الحديث: أنا أبو عليّ بن شاذان، وفي آخر: أنا الحَسَن بن أحمد البزّاز، وفي آخر: أنا الحَسَن بن أبي بكر الفارسي، فقال: من هذا؟ قال: هو ابن شاذان، فقال: ما أريد هذا الجزء. هذا فيه تدليس، والتّدليس أخو الكذِب2.

وقال القاضي أبو بكر الأنصاريّ: أتيت الشَّيخ أبا إسحاق بفُتْيا في الطّريق، فناولته، فأخذ قلم خبّازٍ ودَوَاته، وكتب لي في الطريق، ومسح القلم في ثوبه3.

قال السّمعانيّ: سمعتُ جماعة يقولون: لمّا قدِم أبو إسحاق رسولًا إلى نَيْسابور، تلقّاه النّاسُ لمّا قدِم، وحَمَلَ الإمام أبو المعالي الْجُوَيْنيّ غاشيةَ فرسِهِ، ومشى بين يديه، وقال: أنا أفتخر بهذا.

وكان عامّة المدرّسين بالعراق والجبال تلامذتَه وأشياعَه وأتباعه، وكفاهم بذلك فَخْرًا. وكان يُنِشد الأشعار المليحة ويُوردُها، ويحفظ منها الكثير.

وصنَّف "المهذّب" في المذهب، و"التّنبيه"، و"اللُّمع" في أصول الفقه، و"شرح اللُّمع"، و"المعونة في الجدل"، و"الملخَّص في أصول الفقه"، وغير ذلك.

وعنه قال: العلم الذي لا ينتفع به صاحبه، أن يكون الرجل عالمًا، ولا يكون عاملًا.

1 السير "13/ 8، 9" طبعة التوفيقية.

2 السابق "13/ 9".

3 السابق.

ص: 95

ثمّ أنشد لنفسه:

علِمْتَ ما حلّل المَوْلَى وحرَّمه

فاعملْ بعِلْمك، إنّ العِلَم للعمل

وقال: الجاهل بالعلم يقتدي، فإذا كان العالِم لا يعمل، فالجاهل ما يرجو من نفسه؟ فالله الله يا أولادي، نعوذ بالله من علم يصير حجَّةً علينا.

وقيل: إنّ أبا نصر عبد الرحيم بن القُشَيْريّ جلس بجنْب الشّيخ أبي إسحاق، فأحسّ بثِقَلٍ في كُمّه، فقال: ما هذا يا سيدنا؟ قال: قُرْصي الملّاح. وكان يحملهما في كُمْه طَرْحًا للتكلُّف.

قال السّمعانيّ: رأيتُ بخطّ أبي إسحاق رحمه الله في رُقْعة: "بسم الله الرحمن الرحيم، نسخةُ ما رآه الشّيخ السّيّد أبو محمد عبد الله بن الحَسَن بن نصْر المَزْيَدِيّ، أبقاه الله. رأيتُ في سنة ثمانٍ وستّين وأربعمائة ليلة جُمعة أبا إسحاق إبراهيم بن عليّ بن يوسف الفيروزآباديّ -طوَّل الله عُمره- في منامي يطير مع أصحابه، وأنا معهم استعظامًا لتلك الحال والرؤية. فكنتُ في هذه الفكرة، إذ تلقى الشّيخ ملكٌ، وسلَّم عليه، عن الرّبّ تبارك وتعالى، وقال له: إنّ الله تعالى يقرأ عليك السّلام ويقول: ما الذي تدرَّس لأصحابك؟ فقال له الشّيخ: أدرَّس ما نُقِل عن صاحب الشَّرع.

فقال له المَلَك: فاقرأ عليَّ شيئًا لأسمعه.

فقرأ عليه الشّيخ مسألة لا أذكرها، فاستمع إليه المَلَك وانصرف، وأخذ الشّيخ يطير، وأصحابه معه. فرجع ذلك المَلَك بعد ساعة، وقال للشيخ: إنّ الله يقول: الحقُّ ما أنت عليه وأصحابك، فادخُلِ الجنة معهم1.

وقال الشّيخ أبو إسحاق: كنت أعيدُ كلّ قياسٍ ألف مرة، فإذا فرغت، أخذتُ قياسًا آخر على هذا، وكنتُ أُعيد كلَّ درسٍ مائة مرة، فإذا كان في المسألة بيتُ يُستشهد به حفظت القصيدة التي فيها البيت.

كان الوزير عميد الدّولة بن جهير كثيرًا ما يقول: الإمام أبو إسحاق وحيد عصره، وفريد دهره، ومستجاب الدّعوة.

وقال السّمعانيّ: لمّا خرج أبو إسحاق إلى نَيْسابور، وخرج في صحبته جماعةٌ من

1 السير "13/ 10".

ص: 96

تلامذته، كانوا أئمّة الدّنيا، كأبي بكر الشاشيّ، وأبي عبد الله الطَّبريّ، وأبي مُعاذ الأندلسيّ، والقاضي عليّ المَيَانِجيّ، وأبي الفضل بن فتيان قاضي البصرة، وأبي الحَسَن الآمدي، وأبي القاسم الزَّنجانيّ، وأبي عليّ الفارقيّ، وأبي العبّاس بن الرُّطبيّ1.

وقال أبو عَبْد الله بْن النّجّار في تاريخه: وُلِد، يعني أبا إسحاق، بفيروزآباد، بُلَيدة بفارس، ونشأ بها. ودخل شِيراز. وقرأ الفقه على أبي عبد الله البَيْضاويّ، وابن رامين. وقرأ على أبي القاسم الدّراكيّ، وقرأ الدّارَكيّ على المَرْوَزِيّ صاحب ابن سُرَيْج.

وقرأ أبو إسحاق أيضًا على الطَّبريّ، عن الماسَرْجِسيّ، عن المَرْوَزِيّ.

وقرأ أبو إسحاق أيضًا على الزَّجاجيّ، وقرأ الزَّجّاجيّ على ابن القاصّ صاحب ابن سُرَيْج.

وقرأ أصول الكلام على أبي حاتم القَزْوينيّ، صاحب أبي بكر بن الباقلَّانيّ.

وكان أبو إسحاق خطُّه في غاية الرَّداءة.

أنبأني الخشوعي، عن أبي بكر الطُّرطوشيّ قال: أخبرني أبو العبّاس الْجُرْجانيّ القاضي بالبصرة قال: كان أبو إسحاق لا يملك شيئًا من الدنيا، فبلغ به الفقر حتّى كان لا يجد قُوتًا ولا مَلْبَسًا. ولقد كنّا نأتيه وهو ساكن في القطيعة، فيقوم لنا نصف قَوْمة، كي لا يظهر منه شيءٌ من العُرْي. وكنتُ أمشي معه، فتعلَّق بنا باقلَّانيّ وقال: يا شيخ، أفقرتني وكسرتني، وأكلت رأس مالي، ادفع إليَّ ما لي عندك.

فقلنا: وكم لك عنده؟ قال: أظنّه قال: حبَّتان من ذهب أو حبَّتان ونصف2.

وقال أبو بكر محمد بن أحمد ابن الخاضبة: سمعتُ بعض أصحاب الشّيخ أبي إسحاق يقول: رأيتُ الشّيخ كان يركع رَكْعَتين عند فراغ كلّ فصل من المهذَّب.

قال: قرأتُ بخطّ أبي الفُتُوح يوسف بن محمد بن مقلّد الدّمشقيّ: سمعتُ الوزير ابن هُبَيْرة: سمعتُ أبا الحسن محمد بن القاضي أبي يَعْلَى يقول: جاء رجل من ميَّافارقين إلى والدي ليتفقه عليه، فقال: أنت شافعيٌّ، وأهل بلدك شافعية، فكيف تشتغل بمذهب أحمد؟ قال: قد أحببته لأجلك.

1 السابق.

2 السابق "13/ 11".

ص: 97

فقال: يا ولدي ما هو مصلحة. تبقى وحدك في بلدك ما لكَ من تذاكره، ولا تذكر له درسًا، وتقع بينكم خصومات، وأنت وحيد لا يطيب عَيْشُك.

فقال: إنّما أحببته وطلبته لِمَا ظهر من دينك وعِلْمك.

قال: أنا أدلّك على من هو خيرٌ مني، الشّيخ أبو إسحاق.

فقال: يا سيدي، إنّي لا أعرفه.

فقال: أنا أمضي معك إليه.

فقام معه وحمله إليه، فخرج الشّيخ أبو إسحاق إليه، واحترمه وعظّمه، وبالغ.

وكان الوزير نظام المُلَك يُثني على الشّيخ أبي إسحاق ويقول: كيف لنا مع رجلٍ لا يفرَّق بيني وبين بهروز الفرّاش في المخاطبة؟ لمّا التقيتُ به قال: بارك الله فيك. وقال لبهروز لما صبّ عليه الماء: بارك الله فيك.

وقال الفقيه أبو الحَسَن محمد بن عبد الملك الهَمَذانيّ: حكى أبي قال: حضرتُ مع قاضي القضاة أبي الحَسَن الماوَرْديّ عزاء النّابتيّ قبل سنة أربعين، فتكلَّم الشّيخ أبو إسحاق وأجاد، فلمّا خرجنا قال الماوَرْديّ: ما رأيت كأبي إسحاق، لو رآه الشّافعيّ لتجمَّل به1.

أَنَا ابن الخلال، أَنَا جَعْفَر، أَنَا السِّلفيّ قال: سألت شجاعا الذُّهليّ، عن أبي إسحاق فقال: إمام الشّافعيّة، والمقدَّم عليهم في وقته ببغداد. كان ثقة، ورِعًا، صالحًا، عالمًا بمعرفة الخلاف، عِلْمًا لا يُشاركه فيه أحد.

أنبأنا عن زَيْن الأُمَناء: أنا الصائن هبة الله بن الحَسَن، أنا محمد بن مرزوق الزَّعفرانيّ: أنشدنا أبو الحَسَن عليّ بن فضّال القَيْروانيّ لنفسه في "التَّنبيه"، للإمام أبي إسحاق:

أكتابُ "التّنبيه" ذا، أمْ ريَاضُ

أم لآلي فَلَوْنُهُن البَياضُ

جمع الحسن والمسائل طرَّا

دخلت تحت كله الأبعاض

كلُّ لفظٍ يروق من تحت معنى

جرية الماء تحته الرَّضراض

قلَّ طولًا، وضاق عرضًا مداه

وهو من بعد ذا الطّوال العراض

1 السير "13/ 11".

ص: 98

يدع العالم المسمَّى إمامًا

كفتاةٍ أتى عليها المخاض

أيُّها المدعون ما ليس فيهم

ليس كالدُّرّ في العقود الحضاض

كلُّ نعمى عليَّ يا ابن عليّ

أنا إلا بشكرها نهاض

ما تعدَّاك من ثنائي محالُ

لَيْسَ في غير جوهرٍ أعراض

أنت طودٌ لكنه لا يسامى،

أنت بحرٌ، لكنه لا يخاض

فأبق في غبطةٍ وأنت عزيز

ما تعدى عن المنال انخفاض

وقال أبو الحَسَن محمد بْن عَبْد المُلْك الهَمَذانيّ: نَدَب المقتدي بالله الشّيخ أبا إسحاق الشيرازيّ للخروج في رسالةٍ إلى المعسكر، فتوجه في ذي الحِجّة سنة خمسٍ وسبعين، وكان في صُحْبَته جماعةٌ من أصحابه، فيهم الشاشيّ، والطَّبريّ، وابن فتيان، وإنّه عند وصوله إلى بلاد العجم كان يخرج إليه أهلُها بنسائهم وأولادهم، فيمسحون أردانه1، ويأخذون تراب نَعْلَيْه يستشْفُون به.

وحدَّثني القائد كامل قال: كان في الصُّحبة جمال الدّولة عفيف، ولمّا وصلنا إلى ساوة خرج بياضها وفُقهاؤها وشهودُها، وكلّهم أصحاب الشّيخ، فخدموه. وكان كلّ واحدٍ يسأله أن يحضر في بيته، ويتبرَّك بدخوله وأكْله لمّا يحضره.

قال: وخرج جميع مَن كان في البلد من أصحاب الصِّناعات، ومعهم من الذي يبيعونه طُرَفًا ينثرونه على محفَّته. وخرج الخبازون، ونثروا الخبز، وهو ينهاهم ويدفعهم من حَوَاليه ولا ينتهون.

وخرج من بعدهم أصحاب الفاكهة والحلْواء وغيرهم، وفعلوا كفِعْلهم. ولمّا بلغت النَّوبة إلى الأساكفة خرجوا، وقد عملوا مداساتٍ لطافًا للصَّغار ونثروها، وجعلت تقع على رؤوس النّاس، والشيخ أبو إسحاق يتعجَّب.

فلمّا انتهوا بَدَأ يُداعبنا ويقول: رأيتم النّثار ما أحسنه، أيّ شيء وصل إليكم منه؟ فنقول لعْلمِنا أنّ ذلك يعجبه: يا سيدي؟ وأنت أيّ شيء كان حظَّك منه؟ فيقول: أنا غطّيت نفسي بالمحفّة2.

1 أردانه: الرُّدن: الكم، وأردن القميص ونحوه: جعل له ردنا، والجمع: أردان، وأردنة، المعجم الوجيز "ص/ 261".

2 السير "13/ 12"، والمحفة: الهودج الذي لا قبة له.

ص: 99

وخرج إليه من النِسْوة الصُّوفيات جماعة، وما منهن إلّا من بيدها سُبْحة، وألقوا الجميع إلى المحفة، وكان قصدهن أنْ يلمسها بيده، فتحصل لهنّ البَرَكَة، فجعل يمرَّها على بَدَنه وجسده، وتبرَّك بهنّ، ويقصد في حقّهنّ ما قَصَدْن في حقّه1.

وقال شيرُوَيْه الدَّيلميّ في تاريخ هَمَذان: أبو إسحاق الشيرازيّ إمام عصره، قدِم علينا رسولًا من أمير المؤمنين إلى السّلطان ملِكْشاه. سمعتُ منه ببغداد، وهَمَذان؛ وكان ثقة، فقيهًا، زاهدًا في الدّنيا. على الحقيق أوحد زمانه2.

قال خطيب المَوْصل: حدَّثني والدي قال: توجَّهت من الموصل سنة تسعٍ وخمسين وأربعمائة إلى بغداد، قاصدًا للشّيخ أبي إسحاق، فلمّا حضرتُ عنده بباب المراتب، بالمسجد الذي يدرّس فيه رحّب بي، وقال: من أين أنت؟ قلت: من المَوْصل.

قال مرحبًا: أنت بلدييّ.

فقلت: يا سيّدنا، أنت من فَيْروزاباد، وأنا من المَوْصل! فقال: أما جَمَعتنا سفينةُ نوحٍ عليه السلام؟ وشاهدتُ من حُسن أخلاقه ولطافته وزهده ما حبَّب إليَّ لزومه، فصحبتُه إلى أن تُوُفّي.

قلت: وقد ذكره ابن عساكر في طبقات الأشعرية.

ثمّ أورد ما صورته قال: وجدتُ بخطّ بعض الثقات: ما قول السّادة الفُقّهاء في قومٍ اجتمعوا على لعن الأشعريّة وتكفيرهم؟ وما الّذي يجب عليهم؟ أفْتُونا.

فأجاب جماعة، فمن ذلك: الأشعريّة أعيان السُّنّة انتصبوا للرّدّ على المبتدعة من القدريّة والرّافضة وغيرهم. فَمَن طعن فيهم فقد طعن على أهل السُّنّة، ويجب على النّاظر في أمر المسلمين تأديبه بما يرتدع به كلّ أحدٍ. وكتبَ إبراهيم بن عليّ الفَيْروزاباديّ.

وقال: خرجت إلى خُراسان، فما دخلت بلدةً ولا قريةً إلّا كان قاضيها، أو خطيبها، أو مُفْتيها، تلميذي، أو من أصحابي.

1 هذه أعمال لا أصل لها، وكل عمل ليس عليه أمر النبي صلى الله عليه وسلم فهو مردود على صاحبه.

2 السير "13/ 12" طبعة التوفيقية.

ص: 100

ومن شعره:

أُحِبّ الكأسَ من غير المُدام

وألهو بالحسان بلا حرام

وما حبّي لفاحشةٍ ولكنْ

رأيتُ الحبّ أخلاق الكرامِ

وله:

سألت النّاسَ عن خِلّ وفيٍّ

فقالوا: ما إلى هذا سبيلُ

تمسكْ إنْ ظفِرت بودّ حُرٍّ

فإنّ الحرَّ في الدّنيا قليلُ

وله:

حكيم يرى أنّ النّجومَ حقيقةٌ

ويذهب في أحكامها كلَّ مَذْهبِ

يُخبّر عن أفلاكها وبُرُوجِها

وما عند علمٌ بما في المغيَّب

ولسَلار العقبيّ:

كفاني إذا عنّ الحوادث صارمٌ

يُنيلُني المأمول في الإثْر والأَثَرْ

يُقدّ ويغري في اللّقاء كأنّه

لسان أبي إسحاق في مجلس النّظرْ

ولعاصم بن الحَسَن فيه:

تراه من الذّكاء نحيفَ الجسم

عليه من توقُّده دليلُ

إذا كان الفتى المَعَالي

فليس يَضيره الجسمُ النَّحيل

ولأبي القاسم عبد الله بن ناقِيا يرثي أبا إسحاق، رحمه الله تعالى:

أجرى المدامع بالدّم المهراق

خطبٌ أقيام قيامةَ الآماقِ

خطبٌ شَجَا منّا القلوبَ بلوعةٍ

بين التَّراقي ما لها من رَاق

ما للّيالي لا تألّف شملّها

بعد ابن بَجْدَتها أبي إسحاقِ

إنْ قيل: مات، فلم يَمُتْ من ذِكْرُهُ

حيٌّ على مرّ اللّيالي باقي

تُوُفّي ليلة الحادي والعشرين من جُمَادَى الآخرة، ودُفن من الغد، وأحضِر إلى دار المقتدي بالله أمير المؤمنين، فصلّى عليه، ودُفن بباب أبْرز. وجلس أصحابه للعزاء بالمدرسة النظاميّة، وكان الذي صلّى عليه صاحبه أبو عبد الله الطَّبريّ. ولمّا انقضى

ص: 101

العزاء رتَّب مؤيَّد الدّولة ابن نظام المُلْك أبا سعد المتولّي مدرّسًا، فلمّا وصل الخبر إلى نظام المُلْك، كتب بإنكار ذلك، وقال: كان من الواجب أن تُغلق المدرسة سنةً من أجل الشّيخ. وعابَ على من تولّى مكانه، وأمر أنّ يدرس الشّيخ أبو نصر عبد السّيّد بن الصّبّاغ مكانه.

"حرف الطاء":

163-

طاهر بن الحسين بن أحمد بن عبد الله1.

أبو الوفا القوّاس البغدادي، الفقيه الحنبليّ الزّاهد، من أهل باب البصرة.

ولد سنة تسعين وثلاثمائة.

وسمع من: هلال الحفَّار، وأبي الحسين بن بِشْران، وأبي سهل محمود العُكْبريّ، وجماعة.

روى عنه: أبو محمد، وأبو القاسم ابنا السَّمرقنديّ، وأبو البركات عبد الوهّاب الأنماطيّ، وعليّ بن طراد، وآخرون.

ذكره السَّمعانيّ فقال: من أعيان فقهاء الحنابلة وزُهّادهم، أجَهَد نفسه في الطاعة والعبادة، واعتكف في بيت الله تعالى خمسين سنة. وكان يواصل ليله بنهاره. وكان قارئًا للقرآن، فقيهًا، ورعًا، خشن العيش. كانت له حلقة بجامع المنصور.

قال عبد الوهّاب الأنْماطيّ: سأله رجلٌ في حلقته عن مسألةٍ، فقال: لا أجيبك حتّى تقوم وتخلع سراويلك وتتكشّف. كان قد رآه كذلك في الحمام.

فقال: هذا لا يمكن، وأنا أستحيي.

فقال: يا فلان، فهؤلاء بعينهم هم الذين رأوك في الحمّام بلا مِئْزر، إيش الفرق بين هنا وبين الحمام؟ فخجل. وذكر الشّيخ فصلًا في النَّهي عن كشف العورة.

تُوُفّي يوم الجمعة سابع عشر شعبان.

1 السير "18/ 452"، البداية والنهاية "12/ 125".

ص: 102

"حرف العين":

164-

العباس بن أحمد بن محمد بن العبّاس بن بكران.

أبو الفضل الهاشميّ البغداديّ1.

روى عنه: الحُسين بن الحَسَن الغضائريّ.

روى عنه: قاضي المَرِسْتان، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ.

تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة.

165-

عَبْد الله بْن إبراهيم بْن عَبْد الله.

أبو حكيم الخبريّ الفقيه الفرضيّ2.

تفقه على: أبي إسحاق الشّيرازيّ.

وبرع في الفرائض، والحساب، والعربيّة، واللّغة.

وسمع من: الحسين بن حبيب القادِسيّ، والحسين بن عليّ الجوهريّ.

وصنَّف الفرائض وشرح كتاب "الحماسة"، وديوان البُحْتُريّ، و"ديوان المتنبِّي"، و"ديوان الشريف الرَّضيّ". وكان متدينًا صدوقًا.

روى عنه: ابن بنته أبو الفضل محمد بن ناصرن وأبو العزّ بن كاذش.

قال السِّلفيّ: سألت الذُّهليّ، عن أبي حكيم فقال: كان يسمع معَنا من الجوهريّ ومن بعده. وكان قيِّمًا بعِلم الفرائض، وله فيها مصَّنف، وله معرفة بالآداب صالحة.

قال ابن ناصر كان جدّي أبو حكيم يكتب المصاحف، فبينما هو يومًا قاعدًا مستندًا يكتب، وَضَع القلم واستند، وقال: والله إنّ هذا موت مُهنّأ، موتُ طيّب. ثمّ مات.

ورّخ أبو طاهر الكرجيّ موته في ذي الحجّة.

1 لم نقف عليه.

2 السير "18/ 558"، طبقات الشافعية "3/ 203" للسبكي.

ص: 103

166-

عبد الله بن عطاء بن عبد الله بن أبي منصور بن الحَسَن بن إبراهيم.

أبو محمد الإبراهيميّ الهَرَويّ1.

أحد من عني بهذا الشأن.

وسمع: أبا عَمْر عبد الواحد المليحيّ، وجمال الإسلام أبا الحَسَن الدّاووديّ، وأبا إسماعيل شيخ الإسلام.

ورحل فسمع ببغداد من: أبي الحَسَن بن النَّقُّور، وعبد العزيز بن السُّكَّريّ، وهذه الطبقة. وسمع بإصبهان، ونَيْسابور.

روى عنه زاهر الشّحّاميّ، وأبو بكر سِبْط الخيّاط، وأبو بكر بن الزّاغونيّ، وأبو المعالي النّحّاس، وغيرهم.

قال يحيى بن مَنْدَهْ: كان أحد من يفهم الحديث ويحفظ، صحيح النَّقل، حسن الفهم، سريع الكتابة، حسن التّذكير.

قال هبة الله السَّقطيّ: كان يصحف في الأسماء والمُتُون، ويُصرّ على غَلَطه، وكان متهافتًا، تظهر على لسانه الأباطيل، ويركِّب الأسانيد، فمن ذلك ما ثنا قال: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَبْدِيُّ، نَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدِّينوريّ، ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَنْبَةَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ زِيَادٍ الأصْبَهَانِيُّ، نا الحسين بْنُ مَحْمُودِ بْنِ وَكِيعٍ، ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"أَدُّوا الزَّكاة وتحرُّوا بِهَا أَهْلَ الْعِلْمِ، فَإِنَّهُ أَبَرُّ وَأَتْقَى"2.

قال السّمعانيّ: محمد بن موسى، وشيخه، مجهولان، وهو موضوع لا شكّ فيه.

تُوُفّي الإبراهيميّ راجعًا من الحجّ بقرب العراق سامحه الله.

وروى عنه وجيه الشّحّاميّ.

قال خميس الحَوْزيّ: رأيته ببغداد ملتحقًا بأصحابنا، متخصّصًا بالحنابلة، يخرَّج لهم أحاديث الصِّفات وأضْدادُه يقولون: هو يضعها، وما علمت ذلك فيه.

1 الميزان "3/ 119".

2 "حديث موضوع": أخرجه ابن الجوزي "2/ 150" في الموضوعات وانظر: الفوائد المجموعة "60"، وتنزيه الشريعة "2/ 128"، اللآلئ المصنوعة "2/ 37"، تذكرة الموضوعات "60" للفتني.

ص: 104

167-

عبد الله بن علي بن بحر1.

أبو بكر.

توفّي ببوسنج برجب.

168-

عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بن عيسى بن زياد.

أبو عيسى الأصبهاني التّانيّ، الأديب2.

كان يشبه الصّدر الأوّل.

عنده "جزء لوين"، و"غريب القرآن" للقُتبيّ.

مات في شعبان سنة ستٍّ.

وُجِد سماعُه في آخر عُمره.

روى عنه: مسعود الثقفيّ، وغيره.

169-

عَبْد الرَّحْمَن بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عاصم3.

أبو عطاء الهَرَويّ الجوهريّ.

روى عن: محمد بن محمد بن جعفر المالينيّ، وأبي منصور محمد بن محمد الأزْديّ، وأبي حاتم بن أبي حاتم محمد بن يعقوب، وجماعة.

روى عنه أبو الوقت السِّجزيّ، ووجيه، وعبد الجليل بن أبي سعْد الهَرَويّ.

تُوُفّي في شعبان.

قال السّمعانيّ: كان شيخًا ثقه، صدوقًا. تفرَّد عن أبي مُعاذ الشّاة، والمالينيّ.

سمع منه جماعة كثيرة.

ولد سنة سبعٍ أو ثمانٍ وثمانين وثلاثمائة. حدَّثنا عنه أحمد بن أبي سهل الصوفي، وعبد الواسع بن أميرك.

1، 2 لم نقف عليه.

3 السير "8/ 494".

ص: 105

170-

عبد السّميع بن عبد الودود بن عبد المتكبّر بن هارون بن عُبَيْد الله بن المهتدي بالله1.

أبو أحمد الهاشميّ، أخو الحَسَن.

سمع: أبا الحسن بن بِشْران.

سمع منه: الحُمَيْدِيّ، وشُجاع الذُّهليّ.

قال إسماعيل بن السَّمرقنديّ: سألته عن مولده فقال: سنة أربعٍ وأربعمائة.

مات في جُمَادَى الأولى سنة 76.

171-

عبد الوهّاب بن أحمد بن جَلبَة.

الفقيه أبو الفتح الخزاز البغداديّ ثمّ الحرانيّ، الحنبليّ2. مفتي حَران وعالمها.

تفقه على القاضي أبي يَعْلَى ولازمه، وكتبَ عنه تصانيفه.

وسمع من: أبي بكر البَرْقانيّ، وأبي عليّ بن شاذان، وأبي عليّ الحَسَن بن شهاب العُكْبريّ.

سمع منه: هبة الله الشّيرازيّ، ومكّيّ الرُّميليّ، والرَّحّالة بحران. وقُتِل شهيدًا مظلومًا.

قال أبو الحَسَن بن أبي يَعْلَى: ولي أبو الفتح بن جَلَبة قضاء حران من قبل الوالد، وكتب به سجِلًا، وكان ناشرًا للمذهب، داعيا له في تلك الدّيار. وكان مفتيها وواعظها وخطيبها وقاضيها.

قتل رحمه الله على يد قُريش العُقَيْليّ في سنة ستٍّ وسبعين، عند اضطراب أهل حرّان على ابن قُريش، لما أظهر سبَّ السَّلف رضي الله عنهم.

قلتُ: جاء في حديث ماكِسِين من "أربعين السِّلفيّ". وقال السِّلفيّ: أنا أحمد بن محمد حامد الحرّانيّ قاضي ماكسين، أنبا عبد الوهّاب، فذكر حديثًا.

1 لم نقف عليه.

2 السير "18/ 560"، ذيل طبقات الحنابلة "1/ 42-44".

ص: 106

172-

عتيق:

أبو بكر المغربيّ الواعظ المعروف بالبكْريّ1.

كان من غُلاة الأشاعرة ودُعاتهم. هاجر إلى باب نظام الملك، فأنفق عليه، وكتبَ له كتابًا بأنْ يجلس بجوامع بغداد، فقدم وجلس للوعظ، وذكر ما يُلْطخ به الحنابلة من التّجسيم، وهاجت الفِتَن ببغداد، وكفَّر بعضهم بعضًا. ولمّا همَّ بالجلوس بجامع المنصور، قال نقيب النُّقباء: اصبروا لي حتّى أنقل من هذه النّاحية؛ لأنّي أعلم أنه لابد مِن قتلٍ ونهبٍ يكون.

ثمّ إنّ أبواب الجامع أُغْلِقت سوى بابٍ واحد، فصعِد البكريّ على المِنبر، والأتراك بالقسِيّ والنشّاب حوله، كأنّه حرْب.

فنعوذ بالله من الفتن، ما ظهر منها وما بطن.

ولقبوه بعَلم السُّنّة، وأعطوه ذَهَبًا وثيابًا، فتعرَّض لأصحابه قومٌ من الحنابلة، فكسب دُورُ بني القاضي أبي يَعْلَى، وأُخِذَت كُتُبُهم، ووُجد فيها كتاب الصفات. فكان يقرأ بين يدي البكْريّ وهو على مِنْبر الوعظ، وهو يُشنّع عليهم.

وكان عميد بغداد أبو الفتح بن أبي اللَّيث، فخرج البكْريّ إلى المُعَسْكر شاكيا منه، فلمّا عاد مرض ومات.

ولمّا تكلَّم بجامع المنصور رَفَع من الإمام أحمد وقال: {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا} [البقرة: 102] فجاءته حَصَاةً، وأُخرى، فأحسَّ بذلك النّقيب، فكشف عن الأمر، فكانوا ناسًا من الهاشميّين من أصحاب أحمد اختفوا في السُّقوف، فأخذهم فعاقبهم.

مات في جُمَادَى الأولى. ذكره ابن النّجّار.

173-

عليّ بن أحمد بن عبد الله:

الأستاذ أبو الحَسَن الطَّبريّ2.

تُوُفّي في شهر ربيع الآخر.

1 السير "13/ 77" طبعة التوفيقية.

2 لم نقف عليه.

ص: 107

174-

عليّ بْن الْحُسَيْن بْن الحَسَن بْن عليّ بْن الحَسَن بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طالب.

الحسنيّ أبو طالب الهَمَذانيّ1.

قال شيرُوَيْه: وحيد زمانه في الفصل والخُلُق، وطراز البلد.

روى عن: جدّه لأمّه أبي طاهر الحسين بن عليّ بن سَلَمة، وأبي منصور القُومسانيّ، وعبد الله بن حسّان، ورافع بن محمد القاضي، وأبي بكر عبد الله أحمد بن بَيْهَس.

ورحل فسمع بَنْيسابور من: أبي سعْد الفضل بن عبد الرحمن بن حمدان النَّضروييّ، وأبي حفص بْن مسرور، وأبي الحُسَيْن عَبْد الغافر الفارسيّ.

وسمع بإصبهان من أبي ريذة، وعبد الكريم بن عبد الواحد الحَسْنَابَاذيّ، وأحمد بن محمد بن النُّعمان، وعامة أصحاب ابن المقرئ.

وسمع بالدَّينور من: أبي نصر أحمد بن الحسين بن بوّان الكسّار، وعامّة مشايخ زمانه.

سمعتُ منه واستمليتُ عليه. وكان صدوقًا، حسن الخُلُق، خفيف الرُّوح، كريم الطَّبع، ملجأ أصحاب الحديث، أديبًا، فاضلًا، من أدباء وقته.

وُلِد سنة إحدى وأربعمائة.

وتُوُفّي في جُمَادَى الأولى، ودُفن في داره.

175-

عليّ بن عبد الله بن سعيد.

أبو الحَسَن النَّيسابوريّ.

التّاجر الحنفيّ الفقيه2.

شيخ ثقة.

سمع الكثير من أصحاب الأصمّ.

1 لا بأس به، فقد روى عن جمع، وعنه جمعٌ.

2 الجواهر المضية "2/ 575".

ص: 108

وتُوُفّي في عاشر رجب، وله خمسُ وثمانون سنة.

176-

عَمْر بن عَمْر بن يونس بن كُرَيِب.

أبو حفص الأصبحيّ السَّرقسطيّ. نزيل طُلَيْطُلة1.

روى عن: عليّ بن موسى بن حزب الله، ويحيى بن محارب، وأبي عَمْرو الدّانيّ، وخَلَف بن هشام العَبْدريِ القاضي.

وكان فاضلًا ثقة.

عمَّر وأسنّ. قاله ابن بَشْكُوال.

177-

عَمْر بْن واجب بْن عُمَر بْن واجب.

أَبُو حفص البَلَنْسيّ2.

روى عن: أبي عَمْر الطَّلمنكيّ.

وسمع من أبي عبد الله بن الحذّاء صحيح مسلم.

وكان صاحب أحكام بَلنْسِيَة.

روى عنه: حفيده أبو الحَسَن محمد بن واجب بن عَمْر، وأبو عليّ بن سكَّرة.

"حرف الفاء":

178-

فَرَج:

مولى سيّد بن أحمد الغافقيّ الكُتُبيّ.

أبو سعيد الطُّليطليّ.

حجّ وسمع: أبا ذر الهَرَويّ.

وكان صالحًا ثقة.

روى عنه: عبد الرحمن بن عبد الله المعدّل، وغيره.

1 الصلة "2/ 402".

2 الصلة "2/ 462".

ص: 109

"حرف الميم":

179-

مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَمْر بن شَبُوَيْه1.

أبو نصر الأصبهاني التاجر، سمع بَنْيسابور من: أبي بكر الحِيَريّ، وأبي سعيد الصَّيرفيّ.

روى عنه: الرُّستميّ، ومسعود الثقفيّ.

تُوُفّي فِي المحرَّم.

180-

مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن إسماعيل.

أبو طاهر بن أبي الصَّقر اللّخْميّ الأنباريّ، الخطيب2.

له مشيخة في جزءين، سمعناها.

وله رحلة إلى الشّام، والحجاز، ومصر.

وسمع: عبد الرحمن بن أبي نصر التّميميّ، وأبا نصر بن الحِبّان، وأبا عبد الله بن نظيف، ومحمد بن الحُسَين الصَّنعانيّ، وإسماعيل بن عَمْرو الحدّاد المصريّ، وعبد الوهّاب المُرّيّ، وأبا العلاء بن سُليمان المعرَّيّ، وأبا محمد الجوهريّ، وصلة بن المؤمل المصريّ.

وكان دخوله إلى مصر سنة ثلاثٍ وعشرين.

وأكبر شيوخه ابن أبي نصر.

روى عنه: أبو بكر الخطيب، وعبد الله بن عبد الرّزّاق بن الفُضَيل، وإسماعيل بن أحمد السَّمرقنديّ، وأبو الفتح محمد بن أحمد الأبياريّ الخلّال، وعبد الوهّاب الأنماطيّ، والحافظ ابن ناصر، وموهوب بن أحمد بن الْجَوَالِيقيّ.

وآخر من رَوَى عَنْهُ أَبُو بَكْر بن الزَّعْفرانيّ.

ولد سنة ستًّ وتسعين وثلاثمائة.

1 لم نقف عليه.

2 السير "18/ 578"، والبداية والنهاية "12/ 125".

ص: 110

قال السّمعانيّ: سمعتُ خليفة بن محفوظ بالأنبار يقول: كان ابن أبي الصَّقر صوامًا قوَّامًا. سأله بعض النّاس: كم مسموعات الشّيخ؟ قال: وقر جملٍ، سوى ما شذّ عنّي.

قال خليفة: وكان قد أصيب ببعضها.

وقال السّمعانيّ: سمعتُ خطيب الأنبار أبا الفتح بن الخلَّال يقول: خرج شيخنا ابن أبي الصَّقر إلى الرحلة قبل سنة ثمان عشر وأربعمائة.

وله شعرٌ، فمنه:

حبيبٌ خصَّ بالكَرَم

إمام الحُسَن في الأُممِ

بوجه نور جوهره

يريك البدرَ في الظُّلم

مهذَّبة خلائقُهُ

شُمًّا بالأصل والشِّيمِ

حلفتُ على الوِدادِ لهُ

بربّ البيتِ والحَرمِ

لأنتَ أعزّ مِن بَصَري

عليَّ وكلّ ذِي رحِمِ

فقال: لك الوفاء بِذا

ولو لم تأتِ بالقَسَمِ

تُوُفّي رحمه الله بالأنبار فِي جُمَادَى الآخرة.

181-

مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الحَسَن بن جَرْدة.

أبو عبد الله العكبريُّ التّاجر1.

كان رأس ماله نحو مائتي درهم يتَّجر بها من عُكْبرا إلى بغداد، فاتَّسعت عليه الدّنيا، إلى أن ملك ثلاثمائة ألف دينار. وصاهَرَ أبا منصور بن يوسف على بنته، وبنى دارًا عظيمة في غاية الكِبَر والحُسن، واتَّخذ لها بابين، وعلى كلّ باب مسجدًا.

ولمّا دخل البساسيريُّ بغداد بذل لقُرَيش بن بدران عشرة آلاف دينار حتّى حمى داره، واختفت عنده زوجة السّلطان طُغرُلْبَك فلمّا قدِم طُغْرُلْبَك بغداد جاء إلى داره متشكرًا.

1 البداية والنهاية "12/ 125، 126".

ص: 111

وله برٌّ معروف، وأوقاف، وآثار جميلة. روى شعرًا عن الوزير أبي القاسم المغربيّ.

وروى عنه: أبو العزّ بن كادش، وغيره.

ومات في عاشر ذي القعدة عن إحدى وثمانين سنة. وكان سِبْط الخيّاط إمام مسجده الكبير.

182-

محمد بن أحمد بن علان.

أبو الفرج الكَرَجيّ، ثمّ الكوفيّ1.

ثقة، مُسْند، مشهور.

روى عن: أبي الحَسَن بن النّجّار، وأبي عبد الله الهروانيّ.

كتب عنه: أبو الغنائم النَّرسيّ، وغيره.

وآخر من بقي من أصحابه أبو الحسن بن غبرة الذي أجاز لكريمة.

قال النَّرسيّ: كان ثقة، من عدول الحاكم.

تُوُفّي في شعبان.

183-

محمد بن الحسن بن محمد بن القاسم بن المنثور.

أبو الحسن الجهني الكوفي2.

من الرؤساء لكنّه سّيئ المعتقد، شيعي.

وهو آخر من حدَّث عن محمد بن عبد اللَّه الْجُعْفيّ الهَرَوانيّ.

تُوُفّي في شعبان.

روى عنه: إسماعيل بن السَّمرقنديّ، وعَمْر بن إبراهيم الحُسَيْنيّ، ومحمد بن طُرْخان.

وعاش اثنتين وثمانين سنة.

1 الأنساب "12/ 324" للسمعاني.

2 لسان الميزان "6/ 136".

ص: 112

184-

محمد بن الحسين.

أبو بكر البغداديّ البنّا1. ويعرف بأخي فُبَيْدة، بالضّمّ وبموحّدة.

سمع: البَرْقانيّ، وأبي عليّ بن شاذان.

وعنه: إسماعيل، وعبد الله ابنا السَّمرقنديّ.

وكان مقرئًا خيرًا، مات في شهر رجب.

ذكره ابن نقطة.

185-

محمد بن شريح بن أحمد بن محمد بن شُرَيْح2.

أبو عبد الله الرُّعينيّ الإشبيليّ المقرئ، مصنَّف كتاب "الكافي"، وكتاب "التّذكير"، وخطيب إشبيلية.

كان من جلَّة المقرَّبين في زمانه بالأندلس.

رحل وحجّ، وسمع من أبي ذرَّ الهَرَويّ، وأجاز له مكّيّ القَيْسيّ.

وسمع بمصر من: أبي العبّاس بن نفيس، وأبي القاسم الكحّال؛ وبإشبيلية من: عثمان بن أحمد القيشطاليّ.

وقرأ بالروايات بمكّة على القنطريّ، وبمصر على ابن نفيس.

روى عنه: ابنه الخطيب أبو الحَسَن شُرَيْح، وقال: تُوُفّي عصر يوم الجمعة الرابع من شوّال، وله 84 عامًا إلّا 55 يومًا.

186-

محمد بن طلحة بن محمد.

أبو مسعد الْجُنَابَذِيّ النَّيسابوريّ التّاجر3.

سمع من أصحاب الأصمّ.

وسمع بدمشق من عبد الرحمن بن الطُّبيز.

1 المشتبه "2/ 536".

2 السير "18/ 554"، البداية والنهاية "2/ 153".

3 تاريخ دمشق "38/ 133".

ص: 113

روى عنه: عبد الغافر بن إسماعيل وقال: كان صالحًا ثقة كثير البِر.

وروى عنه بالإجازة وجيه الشحاميّ.

187-

محمد بن عليّ بن أَحْمَد بن الحسين.

أبو الفضل السَّهلكيّ البسْطاميّ الفقيه1.

شيخ الصُّوفية. له الأصحاب والتصانيف في الطّريق.

سمع: أبا بكر الحِيريّ، وغيره. وحدَّث بَنْيسابور.

وقيل: تُوُفّي سنة 77، فالله أعلم.

"حرف الياء":

188-

يوسف بن سُليمان بن عيسى2.

أبو الحَجَّاج الأندلسيّ النَّحويّ المعروف بالأَعْلَم.

من أهل شَنْتَمَريّة.

رحل إلى قُرْطُبة في سنة ثلاثٍ وثلاثين، وأتى أبا القاسم إبراهيم بن محمد الإفْلِيليّ فلازمه.

وأخذ عن: أبي سهل الحَرّانيّ، ومسلم بن أحمد الأديب.

وكان عالما باللُّغات والإعراب والمعاني، واسع الحفظ، جيد الضَّبط، كثير العناية بهذا الشأن. اشتهر اسمه، وسار ذكره. وكانت الرحلة إليه في وقته.

أخذ عنه: أبو علي الغساني، وطائفة كبيرة.

وكف بصره في آخر عمره.

وكان مشقوق الشَّفة العليا شقا كبيرا.

توفي بإشبيلية، وله ستٌّ وستون سنة.

قال أبو الحسين شريح بن محمد: توفي أبي في منتصف شوال فأتيت أبا الحجّاج

1 الإكمال "7/ 45".

2 السير "18/ 555".

ص: 114

الأعلم فأعلمته بموته، فإنّهما كانا كالأخوين، فانتخب وبكى، وقال: لا أعيش بعده إلّا شهرًا. فكان كذلك1.

"الكنى":

189-

أبو الخطاب الصّوفيّ.

هو أحمد بن عليّ بن عبد الله المقرئ البغداديّ المؤدَّب2.

أحد الحذَّاق.

قرأ القراءات على الحمّاميّ.

وله قصيدة مشهورة في السُّنَّة، رواها عنه عبد الوهّاب الأنْماطيّ.

وقصيدة في آي القرآن، رواها عنه قاضي المَرِسْتان.

قرأ عليه: هبة الله بن المجليّ، والخطيب أبو الفضل محمد بن المهتدي بالله.

قال أبو الفضل بن خَيْرون: كان عنده عن ابن الحمّاميّ السّبعةُ تلاوةً.

وقال شُجاع الذَّهليّ: كان أحد الحفّاظ للقرآن المجوِّدين. يذكر أنه قرأ بالرّوايات على الحمَّاميّ، ولم يكن معه خطٌّ بذلك، فأحسن النّاسُ به الظّنّ، وصدقوه، وقرأوا عليه.

مات في رمضان سنة ستّ. كذا ورّخه ابن خَيْرُون.

ووُلِد سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة.

وفيات سنة سبع وسبعين وأربعمائة:

"حرف الألف":

190-

أحمد بن الحسين بن محمد بن محمد.

أبو الحسين البغداديّ العطّار3.

1 وفيات الأعيان "7/ 82".

2 معرفة القراء الكبار "1/ 446".

3 لم نقف عليه.

ص: 115

سمع: أبا الحَسَن بن رزقُوَيْه، وأبا الفضل عبد الواحد التّميميّ، وأبا القاسم الحرفيّ.

وعنه: إِسْمَاعِيل بْن السَّمرقنديّ، وعبد الوهاب بْن الأنْماطيّ.

وأثنى عليه عبد الوهّاب، ووصفه بالخير، وقال: ما كان يعرف شيئًا من الحديث.

ولد سنة سبعٍ وتسعين وثلاثمائة، ومات في سادس ذي القعدة.

191-

أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد.

أبو الحسين النَّيسابوريّ الكيّاليّ المقرئ1.

سمع أبا نصر محمد بن عليّ بن الفضل الخُزاعيّ صاحب محمد بن الحسين القطّان.

رَوى عَنْه: إِسْمَاعِيل بْن أَبِي صالح المؤذّن.

192-

أحمد بن محمد بن الفضل.

أبو بكر الفَسَويّ نزيل سَمَرقند2.

كان إمامًا ذا فنون وورع وديانة.

سمع: أبا نُعَيم الحافظ، وأبا بكر الحِيريّ، ومحمد بن موسى الصَّيرفيّ، والحسين بن إبراهيم الحمّال.

مات في رمضان عن بضعٍ وسبعين سنة.

روى عنه بالإجازة أحمد بن الحسين الفراتيّ.

193-

أحمد بن عبد العزيز شيبان:

أبو الغنائم بن المُعَافَى التّميميّ الكرخيّ3.

سمع: أبا الحسين بن بِشْران، وأبا محمد السُّكَّريّ.

1 انظر السابق.

2 لا بأس به، في عدد العلماء المستورين.

3 لا بأس به.

ص: 116

روى عنه: إسماعيل بن السَّمرقنديّ، وعبد الوهاب الأنماطيّ.

مات في ربيع الأوَّل.

194-

أحمد بْن محمد بْن عبد الله الأصبهاني البقّال1.

تُوُفّي في رجب.

195-

أحمد بْن مُحَمَّد بْن رِزْق بن عبد الله.

أبو جعفر القُرْطُبيّ، الفقيه المالكيّ2.

تفقّه بابن القطّان، وأخذ عن: أبي عبد الله بن عتاب، وأبي شاكر بن قَهْب، وابن يحيى المرييّ.

ورحل إلى ابن عبد البر فسمع منه. وكان فقيها، حافظا للرأي، مقدّمًا فيه، ذاكرًا للمسائل، بصيرًا بالنّوازل.

كان مدار طلبة الفقه بقرطبة عليه في المناظرة والتَّفقُّه، نفع الله به كلَّ من أخذ عنه. وكان صالحا، دينا، متواضعا، حليما. على هدى واستقامة.

وصفه بذلك ابن بشكوال وقال: أنا عنه جماعة من شيوخنا، ووصفوه بالعلم والفضل.

وقال عياض القاضي: تخرّج به جماعة كأبي الوليد بن رُشْد، وقاسم بن الأصْبَغ، وهشام بن أحمد شيخنا.

وذكره أبو الحَسَن بن مغيث فقال: كان أذْكى مَن رأيت في علم المسائل، وألْيَنَهُم كلمةً، وأكثَرَهُم حرصا على التعليم، وأنفقهم لطالب فرُع على مشاركةٍ له في علم الحديث.

تُوُفّي ابن رزق فجأةً في ليلة الإثنين لخمسٍ بقين من شوّال، وكان مولده سنة سبعٍ وعشرين وأربعمائة.

196-

أحمد بن المحسِّن بن محمد بن عليّ بن العبّاس.

أبو الحَسَن بن أبي يَعْلَى البغداديّ العطّار الوكيل3.

1 في عداد المجهولين.

2 السير "18/ 563".

3 غاية النهاية "1/ 99".

ص: 117

أحد الدُّهاة المتبحّرين في علم الشُّروط والوثائق والدَّعاوي، يُضرب به المثل في التّوكيل.

قال أبو سعْد السّمعانيّ: سمعتُ محمد بن عبد الباقي الأنصاريّ يقول: طلّق رجل امرأته، فتزوَّجت بعد يوم، فجاء الزوج إلى القاضي أبي عبد الله بن البيضاوي، فطلبها القاضي ليشهِّرها، فجاءت إلى ابن المحسّن الوكيل، وأعطته مبلغًا، فجاء إلى القاضي فقال: الله الله، لا يسمع النّاس.

فقال: أين العُدّة؟ قال: كانت حاملًا فوضعت البارحة ولدًا ميتًا، أفلا يجوز لها أن تتجوَّز؟!.

قال عبد الوهّاب الأنماطيّ: كان صحيح السّماع، قليل الأفعال والحيْل.

قلت: روى عن: أبي القاسم الحرقيّ، وأبي عليّ بن شاذان، ومحمد بن سعيد بن الرُّوزبهان. قرأ القرآن على أبي العلاء الواسطيّ، وأقرأ مدّة.

روى عنه: مكّيّ الرُّميليّ، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ، وَيَحْيَى بن الطّرّاح، وَعَبْد الوهاب الأنماطيّ.

تُوُفّي في رجب. ووُلد في سنة إحدى وأربعمائة.

وأبوه اسمه المحسّن عند ابن السّمعانيّ، والحسين ابن النّجّار، فلعلّهما إسمان، واتفقت وفاتهما في سنةٍ واحدة. ويقوّي أنّهُما اثنان اختلاف كُنْيتهما ونسبهما، وأنّ كنية أحمد بن الحسين: أبو الحسين، وأنّ اسم جدّه محمد بن محمد بن سلمان، وأنّه ليس بوكيل، وأنّه مات في ذي القعدة، وغير ذلك.

197-

إسماعيل بن مَسْعَدة بن إسماعيل بن الإمام أَبِي بَكْر أحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن إِسْمَاعِيل.

المفتي أبو القاسم الإسماعيليّ الْجُرْجانيّ1.

صدر محتشم، نبيل القدر، تامّ المروءة، واسع العلم، صدوق.

1 السير "18/ 564".

ص: 118

كان يعِظُ ويُمْلي على فهمٍ ودراية. وحدَّث ببلاد كثيرة.

وكان عارفًا بالفقه، مليح الوعْظ، له يدٌ في النَّظم والنَّثر والتَّرسُّل.

حدَّث بكتاب "الكامل" وبـ"المعجم" لابن عديّ، وبـ"تاريخ جُرْجان".

سمع: أباه، وعمّه المُفَضَّل، وحمزة السَّهميّ، والقاضي أبا بكر محمد بن يوسف الشالنجي، وأحمد بن إسماعيل الرَّباطيّ، وجماعة.

روى عنه: زاهر ووجيه ابنا الشحامي، وأبو نصر أحمد بن عمر الغازي، وأبو سعد أحمد بن محمد البغدادي، وإسماعيل بن السَّمرقندي، وأبو منصور بن خيرون، وأبو الكرم الشهرزوري، وأبو البدر الكرخيّ، وآخرون.

ولد في سنة سبعٍ وأربعمائة.

قال إسماعيل السَّمرقنديّ: سمعتُ ابن مَسْعَدة: سمعتُ حمزة بن يوسف: سمعتُ أبا بكر الإسماعيليّ يقول: كتْبه الحديث رِق الأبد.

تُوُفّي ابن مَسْعَدة بجُرْجان.

"حرف الباء":

198-

بيبي بنت عبد الصّمد بن عليّ بن محمد1.

أم الفَضل، وأم عزَّي الهرثميَّة الهَرَويّة. راوية الجزء المنسوب إليها.

عن: عبد الرحمن بن أبي شُرَيْح صاحب البغويّ، وابن صاعد.

توفيت فِي هذا العام أو فِي الّذِي بعدَه. وقد كمَّلت التسعين وتعدَّتها.

روى عنها: ابن طاهر المقدسي، ووجيه الشحامي، وأبو الوَقْت السِّجزيّ، وَعَبْد الجليل بن أَبِي سَعْد الهروي وهو آخر من روى عنها.

قال أبو سعد السَّمعانيّ: هي من أهل بخشة، قرية على أربعة فراسخ من هراة، صالحة عفيفة. عندها جزء من حديث ابن أبي شريح تفرَّدت برواية ذلك في عصرها.

سمع منها عالمٌ لا يُحصون. وكانت ولادتها في حدود سنة ثمانين وثلاثمائة.

1 السير "18/ 403".

ص: 119

قال: وماتت في حدود خمسٍ وسبعين بهراة.

روى لنا أبو الفتح محمد بن عبد الله الشيرازيّ، وعبد الجبّار بن أبي سعْد الدّهّان، وجماعة.

قلت: وقد روى أبو عليّ الحدّاد في معجمه، عن ثابت بن طاهر الهَرَويّ، عن بيبي الهرثمية.

وَقَدْ أَدْخَلَ بَعْضُ الْمُتَفَضِّلِينَ فِي الْجُزْءِ الَّذِي رَوَتْهُ حَدِيثًا مَوْضُوعًا، رَوَاهُ أَيْضًا ابْنُ أَخِي مِيمِيٍّ، عَنِ الْبَغَوِيِّ. أخبرناه أبو الْحُسَيْن اليُونِينيّ. وأبو عَبْد اللَّه بْن النّحاس النَّحويّ، وآخرون أنّ أبا المنجَّى بن اللُّتّيّ أخبرهم، وَأَنَاهُ أَبُو الْمَعَالِي الْأَبَرْقُوهِيُّ، أَنَا زَكَرِيَّا الْعُلَبِيُّ قَالَا: أَنَا عَبْدُ الْأَوَّلِ السِّجزيّ. ح. وَأَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ إِجَازَةً، أَنَا عَبْدُ الْقَادِرِ الْحَافِظُ، أَنَا عَبْدُ الْجَلِيلِ بْنُ أَبِي سَعْدٍ الْمُعَدَّلُ، قَالَا: أَخْبَرَتْنَا بيبي: أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي شُرَيْحٍ، نَا عَبْدُ اللَّهِ الْبَغَوِيُّ، ثَنَا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبير،. وَعَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ فِي مَلَأٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، إِذْ دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فِي بَعْضِ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ، مَعَهُمَا فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ يَتَمَارَوْنَ، وَقَدِ ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمْ، يَرُدُّ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:"مَا الَّذِي كُنْتُمْ تُمَارُونَ قَدِ ارْتَفَعَتْ فِيهِ أَصْوَاتُكُمْ وَكَثُرَ لَغَطُكُمْ"؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، شَيْءٌ تكلَّم فِيهِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَاخْتَلَفَا، فَاخْتَلَفْنَا لاخْتِلَافِهِمْ.

فَقَالَ: "وَمَا ذَاكَ"؟ قَالُوا: فِي الْقَدَرِ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يُقَدِّرُ اللَّهُ الْخَيْرَ، وَلَا يقدَّر الشَّرَّ. وَقَالَ عُمَرُ: يُقَدِّرُهُمَا جَمِيعًا.

فَقَالَ: "أَلَا أَقْضِي بَيْنَكُمَا فِيهِ بِقَضَاءِ إِسْرَافِيلَ بَيْنَ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ1؟ قَالَ جِبْرِيلُ مَقَالَةَ عُمَرَ، وَقَالَ مِيكَائِيلُ مَقَالَةَ أَبِي بَكْرٍ"؛ وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ.

تأملتُ هذا الحديث يومًا فإذا هو يشبه أقوال الطُّرقيّة، فجزمت بوضعه، لكونه بإسنادٍ صحيح. ثمّ سألت شيخنا ابن تيمية عنه، فقال: هذا كذب، فاكتب على النُّسخ أنّه موضوع.

1 "حديث موضوع": أخرجه ابن الجوزي "1/ 273" في الموضوعات.

انظر: الميزان "4/ 374، 375"، واللسان "6/ 253، 254"، وتنزيه الشريعة "2/ 315".

ص: 120

قلت: والظّاهر أنّ بعض الكذابين أدخله على البغويّ لمّا شاخ وانهزم.

وأمّا ابن الجوزيّ فقال في الموضوعات: المتَّهم به: يحيى بن زكريّا، قال ابن مَعِين: هو دجّال هذه الأمّة.

"حرف الثاء":

199-

ثابت بن أحمد بن الحسين.

أبو القاسم البغداديّ1.

قدِم دمشق من بغداد حاجًّا، وذكر أنّه سمع أبا القاسم بن بِشْران، وأبا ذر عبد بن أحمد الهَرَويّ، ومحمد بن جعفر الميماسيّ.

روى عنه: الفقيه نصر المقدسيّ، وأحمد بن حسين سبط الكامليّ.

قال غَيْث الأرمنازيّ: قدِم علينا وذكر أنّه سمع من عبد الملك بن بشران وأبي ذرّ. وأجاز لنا في ربيع الأوّل سنة سبعٍ وسبعين، وانّ مولده في أوّل سنة إحدى وأربعمائة.

وروى نصر في أماليه، أنّ ثابتًا هذا حدّثه أنه شاهد رجلًا أذّن بمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم عند قبره صلى الله عليه وسلم للصبح، وقال في الأذان: الصّلاة خير من النوم، فجاء بعض خَدَم المسجد فلطمَهُ، فبكى الرجل وقال: يا رسول الله في حضْرتك يُفعل بي هذا! ففُلِج الخادم في الحال، فحملوه إلى بيته، فمات بعد ثلاثٍ.

"حرف الحاء":

200-

الحُسين بن أحمد بن عليّ بن البقال2.

أبو عبد الله الأزجيّ، الفقيه الشّافعيّ، تلميذ أبي الطّيّب الطَّبريّ. علَّامة مدقّق، زاهد متعبد. وُلْي قضاء الحريم مدّة. ودرَّس وأفتى. وحدَّث عن: عبد الملك بن بِشْران.

في شعبان عن ستٍّ وسبعين.

1 تهذيب تاريخ دمشق "3/ 312".

2 الكامل في التاريخ "10/ 141".

ص: 121

201-

الحسين بن عثمان بن أبي بكر النَّيسابوريّ1.

حدَّث عن عبد الله بن يوسف الأصبهاني، وغيره.

تُوُفّي في ربيع الأوّل.

202-

الحسين بن محمد بن الحُسين.

أبو الغنائم بن السّراج الشّاذانيّ. بغداديّ2.

سمع من: عبد الله بن يحيى السُّكَّريّ.

روى عنه: إسماعيل بن السَّمرقنديّ.

وله سميٌّ في الطبقة الآتية.

"حرف الخاء":

203-

خَلفَ بْن إبراهيم بْن محمد.

أبو القاسم القيسيّ الطُّليطليّ3، نزيل دانِية.

قرأ على: أبي عَمْرو الدّانيّ.

وأقرأ النّاس.

مات رحمه الله في ربيع الأوّل.

"حرف الطاء":

204-

طاهر بن هشام بن طاهر.

أبو عثمان الأزْديّ، الفقيه المالكيّ الأندلسيّ4.

مفتي المريّة.

1 لم نقف عليه.

2 الأنساب "7/ 237".

3 غاية النهاية "1/ 271، 272".

4 الصلة "1/ 240".

ص: 122

روى عن: المهلب بن أبي صُفْرة؛ ورحل وأخذ عن: أبي عمران الفاسي، وأبي ذر الهَرَويّ.

قال ابن بشكوال: أنبا عنه جماعة من شيوخنا.

وقيل: إنّه عاش ستًا وثمانين سنة.

"حرف العين":

205-

عَبْد اللَّه بْن عَبْد الكريم بن هوازن.

الإمام أبو سعْد بن القُشَيْريّ1.

كان أكبر أولاد الشّيخ، وكان كبير الشّأن في السُّلوك والطّريقة، ذكيًّا أصوليًّا، غريز العربيّة.

سمع: أبا بكر الحِيريّ، وأبا سعيد الصَّيرفيّ، وهذه الطبقة.

ومولده سنة أربع عشرة وأربعمائة، وقدم بغداد مع أبيه.

وسمع من: أبي الطَّيِّب الطَّبريّ، وأبي محمد الجوهريّ.

قال السّمعانيّ: كان رضيع أبيه في الطريقة، وفخر ذويه وأهله على الحقيقة.

ثمّ بالغ في تعظيمه في التَّصوُّف، والأصول، والمناظرة، والتفسير.

قال: وكانت أوقاته ظاهرًا مستغرقًا في الطّهارة والاحتياط فيها، ثمّ في الصلوات والمبالغة في وصل التّكبير، وباطنًا في مراقبة الحقّ، ومشاهدة أحكام الغيب. لا يخلو وقته عن تنفُّس الصُّعداء وتذكر البُرَحاء، وترنُّم بكلامٍ منظومٍ أو منثور، يُشعرُ بتذكر وقتٍ مضى، وتأسُّفٍ على محبوب مَرّ وانقضى.

وكان أبوه يعاشره معاشرة الإخْوة، وينظر إلى أحواله بالحُرمة.

روى عنه: ابن أخته عبد الغافر بن إسماعيل الفارسيّ، وابن أخيه هبة الرحمن، وعبد الله بن الفُرَاويّ، وعائشة بنت أحمد الصّفّار، وجماعة.

وذكر عبد الغافر أنّ خاله أصابته علّة احتاج في معالجتها إلى الأدوية الحارّة،

1 السير "18/ 562، 563".

ص: 123

فظهر به علّةٌ من الأمراض الحادّة، وامتدّت مدّة مرضه ستة أشهر، إلى أن ضعف ومات في سادس ذي القعدة قبل أمّه بأربع سنين، وهي فاطمة بنت الدّقّاق.

قال عبد الغافر: هو أكبر الإخوة، من لا ترى العيون مثله في الدُّهور، ذو حظٍّ وافر من العربيّة، وحصّل الفقه، وبرع في علم الأصول بطبْع سيّال، وخاطر، إلى مواقع الإشكال ميّال، سباق إلى درَك المعاني، وقاف على المدارك والمباني.

وأمّا علوم الحقائق فهو فيها يشقّ الشَّعر.

قلت: وطوّل ترجمته.

206-

عبد الرحمن بن محمد بن عفيف1.

أبو منصور البّوشنجيّ الهَرَويّ، المعروف بكُلّاريّ.

سمع: عبد الرحمن بن أبي شُرَيْح.

وقيل: إنّه آخر من روى عَنْهُ.

روى عَنْهُ: أَبُو الوقت، ووجيه الشّحّاميّ، وأبو عليّ الحَسَن بن محمد بن السَّنجبستيّ، ومحمد وفضيل ابنا إسماعيل الفُضَيْليّان، وضحاك بن أبي سعْد الخباز، وزهير بن عليّ بن زهير الجذاميّ السرَّخسيّ، وعبد الجليل بن أبي سعْد.

وقع لنا من طريقه بعُلُوّ حكايات شُعْبة للبَغَويّ. وكان صالحًا معمَّرًا.

مات في رمضان ببُوشَنْج.

207-

عبد السّيّد بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَحْمَدَ بن جعفر2.

ابن الصّبّاغ الفقيه أبو نصر البغداديّ الشّافعيّ، فقيه العراق، ومصِّنف كتاب "الشامل".

كان يقدَّم على الشّيخ أبي إسحاق في معرفة المذهب. ذكره السّمعانيّ فقال: ومن جملة التّصانيف الّتي صنَّفها: "الشّامل"، و"الكامل"، و"تذكرة العالم والطريق السالم".

قال: وكان يضاهي أبا إسحاق. وكانوا يقولون: هو أعرف بالمذهب من أبي إسحاق. وكانت الرحلة إليهما في المختلف والمتفق.

1 السير "18/ 442".

2 السير "18/ 464".

ص: 124

قال: وكان أبو نصر ثبتا حجة ديِّنًا خيرا. ولي النظامية بعد أبي إسحاق، وكفَّ بصره في آخر عمره.

وحدَّث بجزء ابن عرفة، عن محمد بن الحسين القطّان.

وسمع أيضًا أبا عليّ بن شاذان.

روى لنا عنه: ابنُه أبو القاسم عليّ، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ، وأبو نصر الغازي، وإسماعيل بن محمد بن الفضل، وغيرهم.

ومولده في سنة أربعمائة.

وقال الحاكم، وابن خلَّكان: كان تقيا، صالحًا، له كتاب "الشّامل"، وهو من أصحّ كُتُب أصحابنا، وأثبتها أدِلةً. درَّس بالنظامية ببغداد أوّل ما فتحت، ثمّ عُزِل بأبي إسحاق بعد عشرين يومًا. وذلك في سنة تسعٍ وخمسين وأربعمائة.

وكان النّظّام أمر أن يكون المدرَّس بها أبو إسحاق، وقرروا معه أن يحضر في هذا اليوم للتدريس، فاجتمع النّاسُ، ولم يحضر أبو إسحاق، فطلب، فلم يوجد، فأُرسل إلى أبي نصر وأحضِر، ورتَّب مدرَّسها، وتألم أصحاب أبي إسحاق، وفَتَرُوا عن حضور درسه، وراسلوه أنّه إنْ لم يدرس بها لزِموا ابن الصّبّاغ وتركوه. فأجاب إلى ذلك، وصُرف ابن الصّبّاغ.

قال شُجاع الذُّهليّ: تُوُفّي أبو نصر بن الصَّبَّاغ في يوم الثّلاثاء ثالث عشر جُمَادَى الأولى، ودفن من الغد في داره بدرب السَّلوليّ.

قال ابن السّمعانيّ: ثمّ نُقِل إلى مقابر باب حرب. وقد درس بعد أبي إسحاق سنة، ثمّ عُزِل أيضًا وعَمِي.

208-

عبد الوهّاب بن عليّ بن عبد الوهّاب:

البغداديّ السُّكّريّ البزاز المعروف بابن اللَّوح1.

سمع من: هلال الحفّار.

1 لم نقف عليه.

ص: 125

وعنه: إسماعيل بن السَّمرقنديّ.

وتُوُفّي في رمضان وله 76 سنة.

وسمع من: أبي أحمد الفرضيّ أيضًا.

209-

عليّ بن أحمد بن عبد العزيز بن طُبَيز.

أبو الحَسَن الأنصاريّ المَيُورْقيّ، الأندلسيّ1.

حكى عن: أبي عَمْر بن عبد البرّ، وغيره.

وسمع بدمشق من: عبد العزيز الكتّانيّ، وابن طلّاب.

وكان من علماء اللغة والنَّحو، دينًا، فاضلًا، فقيهًا، عارفًا بمذهب مالك كتبَ بصور عامَّة تصانيف أبي بكر الخطيب وحصلها.

وحدَّث بالقُدس، والبحرين، وبغداد.

حكى عنه: شيخاه: الخطيب، والكتّانيّ، وعَمْر الرُّؤاسيّ.

وأثنى عليه الحافظ ابن ناصر وقال: انحدر إلى البصرة وتُوُفّي بها.

وقال: سمعتُ أبا غالب محمد بن الحَسَن الماوَرْديّ يقول: قدِم علينا أبو الحَسَن سنة تسعٍ وستِّين، فسمع السُّنن من أبي عليّ التُّستريّ، وأقام عنده نحوًا من سنتين، ثمّ ذهب بعد ذلك إلى عُمان، والتقيتُ به بمكّة في سنة ثلاثٍ وسبعين. وأخبرني أنّه ركبَ البحر إلى بلاد الزَّنج، وكان معه من العلوم أشياء فما نفق عندهم إلَّا النَّحو.

وقال: لو أردت أن أكسب منهم آلافًا لأمكن ذلك، وقد حصل لي نحوٌ من ألف دينار، وأسِفوا على خروجي من عندهم.

ثمّ إنّه عاد إلى البصرة على أن يقيم بها، فلمّا وصل إلى باب البصرة وقع عن الجمل، فمات بعد رجوعه من الحجّ.

وقال ابن عساكر: ثنا عنه هبة الله بن الأكفانيّ ووثقه.

قلت: وذكر وفاته هبة الله في هذه السُّنّة. وأما ابن السّمعانيّ وغيره فقالوا: تُوُفّي سنة أربعٍ وسبعين، وهو أشبه.

1 بغية الوعاة "2/ 144".

ص: 126

210-

عليّ بن محمد:

أبو الحَسَن الغَزْنَويّ1.

ولي قضاء دمشق في أيام تاج الدّولة تُتُش بن ألْب أرسلان. وفي هذه السّنة ضُرِب وسجن، وولي القضاء نجم القضاة.

وذكره ابن عساكر مختصرًا.

"حرف الفاء":

211-

الفضل بن محمد.

أبو عليّ الفارَمْذِيّ2.

تُوُفّي رحمه الله في شهر ربيع الآخر. وكان شيخ الصُّوفيّة في زمانه.

ذكره عبد الغافر فقال: هو شيخ الشيوخ في عصره وزمانه، المنفرد بطريقته في التذكير التّي لم يُسبق إليها في عبارته وتهذيبه، وحسن آدابه، ومليح استعاراته، ودقيق إشارته ورقة ألفاظه، ووقع كلامه في القلوب.

دخل نَيْسابور، وصحب زينَ الإسلام القُشَيْريّ، وأخذ في الاجتهاد البالغ. وكان ملحوظًا من الإمام بعين العناية، موفرًا عليه منه طريقة الهداية.

وقد مارس في المدرسة أنواعًا من الخدمة، وقعد سنين في التفكير، وعَبَر قناطر المجاهدة، حتّى فُتِح عليه لوامع من أنوار المشاهدة.

ثمّ عاد إلى طُوس، واتصل بالشيخ أبي القاسم الكركانيّ الزّاهد مصاهرةً، وصُحبةً، وجلس للتذكير، وعفّى على من كان قبله بطريقته، بحيث لم يعهد قبله مثله في التذكير. وصار من مذكّري الزّمان، ومشهوري المشايخ. ثمّ قدِم نَيْسابور، وعقد المجلس، ووقع كلامه في القلوب، وحصل له قبول عند نظام المُلْك خارج عن الحدّ، وكذلك عند الكبار.

وسمعتُ ممّن أثق به أنّ الصّاحب خدمه بأنواع من الخدمة، حتّى تعجَّب الحاضرون منه.

1 تاريخ دمشق "37/ 385".

2 السير "18/ 565".

ص: 127

وكان ينفق على الصوفية أكثر مما يُفتح له به. وكان مقصدًا من الأقطار للصُّوفيّة.

وكان مولده في سنة سبعٍ وأربعمائة.

وسمع من: أبي عبد الله بن باكويه، وأبي حسّان المزكّى، وأبي منصور البغداديّ، وابن مسرور، وجماعة.

روى عنه عبد الغافر، وعبد الله بن عليّ الحركوشيّ، وعبد الله بن محمد الكوفيّ العلويّ، وأبو الخير صالح السّقّاء، وآخرون.

212-

أبو الفضل بن القاضي أبي بكر أحمد بن الحَسَن بن أحمد الحِيريّ1.

تُوُفّي فِي صفر.

"حرف الميم":

213-

مُحَمَّدُ بْن أَحْمَد بْن إبراهيم بن سلة.

أبو الطّيِّب الأصبهاني2.

عن: أبي عليّ الحَسَن بن عليّ بن أحمد البغداديّ.

وعنه: الحافظ أبو سعْد البغداديّ، وأبو القاسم الطّلْحيّ، وأبو الخير الباغبان، وآخرون.

حدَّث في ذي الحِجّة من السنة، وانقطع خبره.

214-

مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن القاسم.

أبو الفضل ابن العلّامة أبي الحَسَن المَحَامليّ3.

الفقيه الشّافعيّ.

سمع: أبا الْحُسَيْن بْن بشران، وأبا عليّ بْن شاذان، وجماعة.

أخذ عنه: مكّيّ الرُّميليّ، وغيره.

1 في عداد المجهولين.

2 لم نقف عليه.

3 المنتظم "9/ 13".

ص: 128

وكان من الأذكياء.

مات في رجب عن إحدى وسبعين سنة.

215-

مُحَمَّد بْن سَعِيد بْن مُحَمَّد بْن فرُّوخ زاد.

القاضي أبو سعيد النَّوقانيّ، الفرخزاديّ الطُّوسيّ1.

قال السّمعانيّ: فاضل، عالم، سديد السّيرة، مُكثر من الحديث.

وسمع من: ابن مَحْمِش، وعبد اللَّه بن يوسف الأصبهاني، والسُّلميّ، ويحيى المُزَكّيّ، وأبي عَمْر البسطاميّ.

وسمع من: الثَّعلبيّ أكثر تفسيره.

مولده سنة تسعين. وقيل: نيّفٌ وتسعين وثلاثمائة.

حدَّث عنه: أبو سعد محمد بن أحمد الحافظ، والعباس بن محمد العصّاريّ، وأحمد بن محمد بن بِشْر النَّوقانيّ، ومحمد بن أحمد بن عثمان النَّوقانيّ، وصخر بن عبيد الطّابَرَانيّ.

تُوُفّي سنة سبعٍ وسبعين.

قَرَأْتُ عَلَى ابْنِ عَسَاكِرَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ السَّمْعَانِيِّ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانَ بِنُوقَانَ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، أنا أَبُو طَاهِرٍ مَحْمِشٌ، أنا صَاحِبُ ابْنِ أَحْمَدَ، نا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَرْوَزِيُّ، نا ابْنُ الْمُبَارَكِ، نَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ: حدَّثنيّ الْحَسَنُ، عَنْ أَنَسٍ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَيُسْنِدُ ظَهْرَهُ إِلَى خَشَبَةٍ، فَلَمَّا كَثُرَ النَّاسُ قَالَ:"ابْنُوا لِي مِنْبَرًا لِلْحَدِيثِ"2.

216-

محمد بن عمّار.

أبو بكر المهري الأندلسيّ، ذو الوزارتين3.

1 لا بأس به.

2 "حديث حسن": أخرجه أحمد "3/ 226"، وابن خزيمة "1776"، وابن المبارك "361" في الزهد، والبيهقي "2/ 559" في دلائل النبوة، وابن حبان "574"، ولكن يخشى من عنعنة الحسن، وهو من المدلسين.

3 السير "18/ 582".

ص: 129

شاعر الأندلس. كان هو وابن زيدون الأندلسيّ القُرْطُبيّ كَفَرَسَيْ رِهان. وكان ابن عمّار قد اشتمل عليه المعتمِد بن عبّاد، وبلغ الغاية القصوى، إلى أن استوزره، ثمّ جعله نائبًا له على مَرْسِية، فعصى بها على المعتمد، فلم يزل يحتال عليه ويتلطف إلى أن وقع في يده، فذبحه صبرًا بيده، لعصيانه، ولكونه هجا المعتمِد وآباءه، بقوله:

مما يُقَبِّحُ عندي ذِكْر أندلسٍ

سماعُ معتمدٍ فيها ومُعْتَضِد

أسماءُ مملكةٍ في غير موضعها

كالهرّ يَحكي انتفاخًا صَوْلَةَ الأسدِ

وقيل: قتله في سنة تسعٍ وسبعين.

ومن شعره:

أَدرِ الزُّجاجة فالنّسيمُ قد انْبَرى

والنَّجم قد صرف العِنانَ عن السُّرى

والصُّبح قد أهدى لنا كافورِهُ

لمّا استردّ اللَّيل منّا العنبرَا

ومنه:

ملكٌ إذا ازدحم الملوكُ بموردٍ

ونَحَاهُ لا يردوه حتّى يصدُرا

أنْدَى على الأكباد من قَطْرِ النَّدى

وأَلَذُّ في الأجفان من سِنة الكرى

قدَّاح زند المجد لا ينفكُّ من

نار الوَغَى إلَّا إلى نار القِرى

جلَّلت رمحك من رؤوس كُمَاتِهِم

لمّا رأيت الغُصْنَ يُعَشْق مُثِمرًا

والسَّيف أفصحُ من زيادٍ خُطْبةً

في الحرب إنْ كانت يمينُك مِنْبَرا1

وله:

عليَّ وإلَّا ما بكاءُ الغمائمِ؟

وفيَّ وإلَّا ما نِياحُ الحمائمِ؟

وعنيّ أثارَ الرَّعد صَرْخَةَ طالبٍ

لثأرٍ وهزَّ البْرقُ صفحة جارم

وما لبست زهر النُّجوم جدادها

لغيري ولا قامت له في مأتمِ

ومنه:

أبى الله أنْ تَلْقاه إلَّا مقلَّدًا

حَمِيلةَ سيفٍ أو حمالة غارم2

1 المغرب في حُلي المغرب "1/ 391".

2 السير "18/ 584".

ص: 130

وقد جال ابن عمّار في الأندلس، ومدح الملوك والرؤساء، حتّى السُّوقة؛ حتّى أنّه مدح رجلًا مرة، فأعطاه مِخلاة شَعِير لحماره، وكان ذلك الرجل فقيرًا. ثمّ آل بابن عمّار الأمر إلى أن نفق على المعتمد، وولَّاه مدينة شِلْب، فملأ لصاحب الشعير مخلاةً دراهم، وقال للرسول: لو ملأتها بُرًا لملأناها تِبْرًا.

ولمّا استولى على مُرْسِية خلع المعتمد، ثمّ عمل عليه أهل مُرْسية فهربَ ولجأ إلى بني هُود بسرَقُسْطَة، فلم يقبلوه، ثمّ وقع إلى حصن شقُّورة فأحسن متولّيه نُزُلَه، ثمّ بعد أيّام قيَّده، ثمّ أُحضر إلى قُرْطُبة مقيَّدًا على بغلٍ بين عِدْلي تبنٍ لِيَراه النّاس.

وقد كان قبل هذا إذا دخل قُرْطُبة اهتزت له، فسجنه المعتمد مدَّةً، فقال في السّجن قصائد لو توسل بها إلى الزّمان لنَزَع عن جَوْره، أو إلى الفُلْك لكَفّ عن دَوْره، فكانت رقيً لم تنْجَع، وتمائم لم تنفع، منها:

سجاياكَ -إن عافَيتَ- أنْدى وأسْجحُ

وعُذرك -إنّ عاقبتَ- أجْلَى وأوْضحُ

وإنْ كان بين الخطَّتين مزيَّة

فأنتَ إلى الأدْنى من الله تجنح

حنانيك في أخْذي برأيك، لا تُطِعْ

عِدايَ، ولو أثْنَوا عليك وأفصحوا

أقِلْني بما بيني وبينك مِن رضى

له نحو روح الله بابٌ مفتَّح

ولا تلتفت قولَ الوشاة ورأيهم

فكُل إناءٍ بالّذي فيه يَرْشَحُ

217-

محمد بن محمد بن أصبغ:

أبو عبد الله الأزْديّ القُرْطُبيّ1، خطيب قرطبة.

جوَّد القرآن على مكّيّ بن أبي طالب.

وأخذ عن: حاتم بن محمد، ومحمد بن عتّاب، وجماعة.

وكان فاضلًا، ديّنًا، متواضعًا، مقرئا، كثير العناية بالعِلم.

ولا نعلمه حدَّث.

218-

محمد بن محمود بن سَوْرة2.

الفقيه أبو بكر التّميميّ النَّيسابوريّ، ختن أبي عثمان الصابونيً على ابنته.

1 غاية النهاية "2/ 239".

2 لا بأس به، في عداد العلماء المستورين.

ص: 131

سمع: ابن مَحْمِش الزياديّ، وأبا عبد الرحمن السُّلميّ.

روى عنه: زاهر ووجيه ابنا الشّحّاميّ، وجماعة.

تُوُفّي في ربيع الأوّل.

وروى عنه: سعيدة بنت زاهر، وعبد الله بن الفُراويّ.

219-

محمد بن محمد بن جعفر.

أبو الحَسَن النّاصحّي النَّيسابوري الفقيه1.

كان ديِّنًا ورِعًا فاضلًا.

روى عن: أصحاب الأصمّ.

روى عنه: عبد الغافر بن إسماعيل.

يروى عن: الحِيريّ، والسُّلميّ.

وتفقه على أبي محمد الْجُوَيْنيّ.

220-

مسعود الرَّكّاب2.

الحافظ.

قال ابن النّجّار: قدم بغداد بعد الثّلاثين وأربعمائة، فسمع من بُشْرَى مولى فاتن، وجماعة.

وبواسط من: أحمد بن المظفّر العطّار.

سمع منه الصُّوريّ، وهو شيخه.

وقال عبد الغافر الفارسيّ: كان متقنًا ورعًا، قصير اليد، زجّى عمره كذلك إلى أن ارتبطه نظام المُلْك بَبْيَهق مدّةً، ثمّ بطُوس للاستفادة منه. وكان يُسمع إلى آخر عمره.

وقال أحمد بن ثابت الطُّرفيّ: سمعتُ ابن الخاضبة يقول: كان مسعود قدريا. سمعته قرأها: "فحجَّ آدم"، بالنَّصب.

1 الأنساب "12/ 16".

2 السير "18/ 532".

ص: 132

221-

مسعود بن ناصر بن أبي زيد عبد الله بن أحمد1.

أبو سعيد السِّجزيّ الرّكّاب الحافظ. أحد الرّحّالين والحُفّاظ، صنَّف التّصانيف وجمع الأبواب؛ وسمع بسِجِسْتان من: أبي الحَسَن عليّ بن بُشْرَى، وأبي سعيد عثمان النُّوقانيّ.

وبَهَراة من: محمد بن عبد الرحمن الدّبّاس، وسعيد بن العبّاس القُرَشيّ، وأبي أحمد منصور بن محمد بن محمد الأزْديّ.

وبنيسابور من: أبي حسان محمد بن أحمد المزكي، وأبي سعد النَّصرويي، وأبي حفص بن مسرور.

وبَبغداد من: ابن غَيْلان، وأبي محمد الخلَّال، والتَّنوخيّ.

وبإصبهان من: ابن رِيذَة، وخلْق كثير.

روى عنه: محمد بن عبد العزيز العِجْليّ المَرْوَزِيّ، وأبو بكر عبد الواحد بن الفضل الطُّوسيّ، وأبو نصر الغازي، وهبة الرحمن بن القُشَيْريّ، وأبو الغنائم النّرْسيّ، والحافظ أبو بكر الخطيب مع تقدُّمه، ومحمد بن عبد الواحد الدّقّاق وقال: ولم أر فيهم -يعني المحدّثين- أجود إتقانًا ولا أحسن ضَبْطًا منه.

وقال زاهر الشّحّاميّ: كان مسعود بن ناصر يذهب إلى رأي القدريّة، ويميل إليهم - وكان يقرؤها في الحديث:"فحجَّ آدَمَ مُوسَى"2.

وقد روى أبو بكر الخطيب عن مسعود.

1 السير "14/ 59" طبعة التوفيقية.

2 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "6614"، ومسلم "2652"، وأبو داود "4701"، والترمذي "2141"، وأحمد "2/ 248، 264، 268، 298، 448".

وقال ابن حجر في الفتح "11/ 157": اتفق الرواة والنقلة والشراح على أن آدم بالرفع وهو الفاعل، وشذ بعض الناس فقرأها بالنصب على أنه المفعول، وموسى في محل الرفع على أنه الفاعل، نقله الحافظ أبو بكر بن الخاصية عن مسعود بن تامر السجزي، وكان قدريًّا.

وهو محجوج بالاتفاق قبله على أن آدم بالرفع على أنه الفاعل، وقد أخرجه أحمد من رواية الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بلفظة:"فحجه آدم"، وهذا يرفع الإشكال، فإن رواته أئمة حفاظ، والزهري من كبار الفقهاء الحفاظ، فروايته هي المعتمدة في ذلك، ومعنى حجه: غلبه بالحجة.

ص: 133

وتُوُفّي بَنْيسابور في جُمَادَى الأولى، وصلى عليه أبو المعالي الْجُوَيْنيّ، ووقفَ كُتُبَه بَنْيسابور، وكانت كثيرة نفيسة.

222-

منصور بْن عَبْد الله بْن محمد بْن منصور المنصوريّ.

الفقيه أبو القاسم الطُّوسيّ1.

روى عن أصحاب الأصمّ، مثل أبي بكر الحِيريّ، وأبي سعيد الصَّيرفيّ، وروى عنه عبد الغافر وقال: تُوُفّي ليلة عيد الأضحى، وكان صالحًا مكثرًا.

"حرف النون":

223-

نصْر بن بِشْر.

أبو القاسم الشَّافعيّ2.

سمع: أبا عليّ بن شاذان، وجماعة.

وتفقه على القاضي أبي الطّيّب.

ونزل البصرة.

سمع منه: الحُمَيْدِيّ، وشُجاع الذَّهليّ.

وفيات سنة ثمان وسبعين وأربعمائة:

"حرف الألف":

224-

أحمدُ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن أبي الحسين.

الشّيخ أبو الحَسَن الكيّاليّ النَّيسابوريّ المشّاط المقرئ3.

شيخ ثقة، جليل، عالم، ذو ثروة وحِشْمة.

روى عن: أبي نصر محمد بن الفضل بن عقيل، وابن مَحْمِش الزِّياديّ، وعبد الله بن يوسف الأصبهانيّ.

1 لا بأس به.

2 طبقات الشافعية "4/ 29" للسبكي.

3 وثقه المصنف، ولم نقف عليه.

ص: 134

ثم سمع الكثير مع ابنه مسعود من: أبي بكر الحيريّ، وأبي الحسين السّقّاء، وأبي سعْد الصَّيرفيّ.

ذكره عبد الغافر فأثنى عليه وقال: قيل: كان له سماع من أبي الحُسين الخفّاف.

وُلِد سنة أربعٍ وثمانين. وتوفّي في سابع عشر جُمَادَى الأولى سنة ثمانٍ.

روى عنه: عبد الغافر المذكور، وإسماعيل بن المؤذّن، وإسماعيل بن عبد الرحمن العصائديّ، وأحمد بن الحَسَن الكاتب، وآخرون.

وقلَّ ما روى.

225-

أحمد بن عَمْر بن أنّس بن دُلْهاث بن أنّس بن فَلْذان بن عَمْر بن مُنيب.

أبو العبّاس العُذْريّ الدَّلايي1. ودَلايةَ من عمل المَريّة.

رحل مع أبَوَيْه فدخلوا مكَّة في رمضان سنة ثمانٍ وأربعمائة، وجاوروا بها ثمانية أعوام، فأكثر عن أبي العبّاس الرّازيّ راوي صحيح مسلم، وأبي الحسن بن جهضم، وأبي بكر بن نوح، وعليّ بن بندار القزوينيّ.

وصحب أبا ذرّ، وسمع منه البخاريّ سبْعَ مرات.

وسمع من جماعة من الحَجَّاج، ولم يسمع بمصر شيئًا.

وكتب بالأندلس عن أبي عليّ البجَّانيّ الحسين بن يعقوب صاحب سعيد بن فَحْلُون، وعن أبي عَمْر بن عفيف، والقاضي يونس بن عبد الله، والمهلَّب بن أبي صُفْرة، وأبي عمرو السَّفاقسيّ.

وكان معينًا بالحديث، ثقة، مشهورًا، عالي الإسناد، ألحَقَ الأصاغر بالأكابر حدَّث عَنْه: إماما الأندلس: أبو عُمَر بْن عَبْد البَرَّ، وأبو محمد بن حَزْم، وأبو الوليد الوَقْشيّ، وطاهر بن مفوَّز، وأبو عليّ الغسّانيّ، وأبو عبد الله الحُمَيْدِيّ وأبو عليّ الصَّدفيّ، وأبو بحر سُفيان بن العاص، والقاضي أبو عبد الله بن شبرين، وجماعة كثيرة.

ووُلِد في رابع ذي القعدة سنة ثلاثٍ وتسعين وثلاثمائة.

ومات في سَلْخ شعبان. وصلى عليه ابنه أنس.

1 السير "18/ 567".

ص: 135

وقد صنَّف كتاب "دلائل النُّبوَّة"، وكتاب "المسالك والممالك".

قلت: أحسبه آخر من روى عن ابن جَهْضَم في الدُّنيا.

قال ابن سكَّرة: أنا أبو العبّاس العُذريّ، ثنا محمد بن نوح الأصبهاني بمكّة، ثنا أبو القاسم الطّبَرانيّ، فذكر حديثًا.

226-

أحمد بن عيسى بن عبّاد بن عيسى بن موسى.

أبو الفضل الدَّينوريّ، المعروف بابن الأستاذ1.

قدم هَمَذان قبل السَّبعين، وحدَّث عن: أبيه أبي القاسم، وأبي بكر بن لال، وأحمد بن تُرْكان، وعبد الرحمن الإمام، وعبد الرحمن الصَّفَّار، وطاهر بن ماهلة، وأبي عمر بن مهديّ، وعليّ البيِّع، وجماعة.

قال شيرُوَيْه: سمعتُ منه بهمذان، والدَّينور، وكان صدوقًا. سألته عن مولده فقال: وُلدتُ سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة.

ومات بالدِّينور سنة ثمانٍ.

قلت: فيكون عمره سبْعًا وتسعين سنة، وكان رحمه الله مُسْنِد تلك الدِّيار في زمانه.

227-

أحمد بن محمد.

أبو العبّاس النَّيسابوريّ التّاجر الصّوفيّ، المعروف بأحمد محمود2. خادم الفقراء في مدرسة الحدّادين سنين.

وقد خدم الشّيخ محمود الصُّوفي مدّة، ولِذا نُسب إليه.

وقد ورث عن أبيه أموالًا جمَّة، أنفقها على الفقراء.

وقد تخرَّج به جماعة، وكان له نفسُ صادق، وقَبُول بين الأكابر. يفتح على يديه ولسانه للفقراء أنواع الفتوح.

وقد سمع من أبي حفص بن مسرور.

وتُوُفّي رحمه الله بناحية جوين في شعبان كهلًا.

1 السير "18/ 584".

2 لم نقف عليه.

ص: 136

228-

أحمد بن محمد بْن الحَسَن بْن فُورَك1.

أبو بَكْر الزُّهريّ النَّيسابوريّ سبط الأستاذ أبي بكر بن فورك.

كان أحد الكتَّاب والمترسِّلين، يلبس الحرير.

سمع مسند الشّافعيّ من أبي بكر الحِيريّ.

وسمع من أبي حفص بن مسرور، وجماعة.

وكان زوج بنت القُشَيْريّ، ذكيًّا مُناظرًا، واعظًا، شَهْمًا، مُقبِلًا على طلب الجاه والتّقدُّم، وبسببه وقعت فتنةٌ ببغداد بين الحنابلة والأشاعرة.

وقد روى عنه: إسماعيل بن محمد التَّميميّ الحافظ، وأبو القاسم إسماعيل بن السَّمرقنديّ، وغيرهما.

ووعظ ببغداد، ونَفَقَ سُوقُه وزادت حشمته وأملاكه ببغداد، وتردّد مرّاتٍ إلى المعسكر. وكان نظام المُلْك يُكرمه ويحترمه.

قال ابن ناصر: كان داعيةً إلى البدْعة، يأخذ مَكْس الفحْم من الحدادين.

229-

أحمد بن محمد بن الحَسَن بن داود الأصبهاني.

الخيّاط، سِبْط محمد بن عَمْر الجرواآنيّ2.

مات فجأةً في سَلخ ذي القِعْدة.

230-

أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد بن يحيى ين خليل بن ماسوَيْه.

أبو العبّاس بن الحدّاد الأنصاريّ البَلَنْسِيّ3.

حجّ سنة اثنتين وخمسين، ودخل إلى خُراسان، وعاد إلى مصر.

وكان واسع العلم والرواية.

ذكره ابن الآبّار في تاريخه.

1 البداية "12/ 127".

2 في عداد المجهولين.

3 لم نقف عليه.

ص: 137

231-

إسماعيل بن أحمد بن عبد العزيز.

أبو القاسم السّياريّ العطّار النَّيسابوريّ1.

شيخ، معتَمَد، رئيس.

صحب أبا محمد الْجُوَيْنيّ، وسمع ابن مَحْمِش الزّياديّ.

وحدَّث ببغداد بعد السّبعين.

وتُوُفّي سنة ثمانٍ.

ثمّ حضر إليَّ تاريخ عبد الغافر فإذا فيه:

232-

إسحاق بن أحمد بن عبد العزيز بن حامد.

أبو يعقوب المحمَّداباذيّ الزّاهد، المعروف بإسحاقك2.

شيخ ثقة من العُبّاد، عديم النَّظير في زُهْده وورعه. وكان من أصحاب أبي عبد الله. قليل الاختلاط بالناس، محتاط في الطهارة والنّظافة.

وُلِد سنة أربعمائة.

وسمع من أبي سعيد الصَّيرفيّ.

وتُوُفّي عاشر جُمَادَى الأولى سنة 78.

233-

إسماعيل بن عَمْرو بْن محمد بْن أحمد بْن جعفر.

أبو سعيد البَحِيريّ النَّيسابوري3.

حدَّث في هذا العام -لمّا حجّ- بَهَمَذان، عن: أبيه أبي عثمان، وأبي حسان محمد بن أحمد المزكي، وأبي سعد النَصروييّ، والحسين بن إبراهيم الكَيْسَليّ، ومحمد بن عبد العزيز النّيليّ، وبِشْرُوَيْه بن محمد المغفَّليّ، وأبي إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم النَّصراباذيّ.

قال شيرُوَيْه: سمعت منه، وكان صدوقًا.

1 انظر السابق.

2 السابق.

3 الأنساب "2/ 97".

ص: 138

"حرف الحاء":

234-

الحسين بن عليّ بن أبي نزار.

الحاجب الصدر أبو عبد الله المردوسيّ1، حاجب باب النُّوبيّ.

محمود السيرة، ديِّن، خيِّر، متعبّد.

مات فِي ذي القعدة، وله أربعٌ وتسعون سنة.

لم يروِ شيئًا.

235-

حمزة بن عليّ بن محمد بن عثمان بن السّوّاق.

أبو الغنائم البغداديّ البُنْدار2.

ولد سنة اثنتين وأربعمائة.

وسمع: أبا الحسين بن بِشْران، وأبا الفَرَج أحمد بن عَمْر العَصائديّ صاحب جعفر الخُلديّ.

وعنه: أبو بكر الأنصاريّ، وأبو القاسم بن السَّمرقنديّ، وعبد الوهاب الأنماطي، والمبارك بن أحمد.

مات في شعبان.

"حرف الزاي":

236-

زياد بْن عَبْد اللَّه بْن محمد بْن زياد3.

أبو عبد الله الأنصاريّ الأندلسيّ، خطيب قُرْطُبة.

أخذ عن: يونس بن عبد الله.

وحجّ فسمع من: أبي محمد بن الوليد.

وأجاز له أبو ذرّ.

1 البداية والنهاية "12/ 127، 128".

2 المنتظم "9/ 18".

3 الصلة "1/ 189، 190".

ص: 139

قال ابن بَشْكُوال: وكان فاضلًا، ديَّنًا، ناسكًا، خطيبًا، بليغًا، محبَّبًا إلى النّاس، معظَّمًا عند السُّلطان، جامعًا لكلّ فضيلة، حَسَن الخُلُق، وافر العقل.

أخبروني عن: محمد بن فَرَج الفقيه، قال: ما رأيت أعقل من زياد بن عبد الله.

تُوُفّي زياد في رمضان، وله ستٌّ وثمانون سنة. أنبا عنه أبو الحَسَن بن مغيث.

"حرف السين":

237-

سُليمان بن أحمد الواسطيّ1:

عن: ابن شاذان.

وعنه: إسماعيل بن السَّمرقنديّ.

"حرف الطاء":

238-

طلْحة بن عليّ بن يوسف.

أبو محمد الرّازيّ. ثمّ البغداديّ، الصُّوفيّ الفقيه2.

من ساكني رباط أبي سعْد.

كان حسن السيرة.

سمع: أبا الحسين بن بِشْران، وأبا القاسم الخِرَقِيّ.

وعنه: ابنه محمد بن طلْحة، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ.

تُوُفّي رحمه الله في صَفَر.

"حرف الظاء":

239-

ظَفَر بن عبد الواحد بن عبد الرّحيم.

أبو محمد الأصبهاني3.

مات في ذي الحجّة.

1 في عداد المجهولين.

2 لا بأس به، في عداد العلماء المستورين.

3 في عداد المجهولين.

ص: 140

"حرف العين":

240-

عَبْد اللَّه بْن إِسْمَاعِيل بْن محمد بن خَزْرَج.

أبو محمد اللَّخميّ الإشبيليّ الحافظ المؤرِّخ1.

ولد سنة سبعٍ وأربعمائة.

وروى عن: أبي عَمْرو المرشانيّ، وأبي الفتوح الْجُرْجانيّ، وأبي عبد الله الخَوْلانيّ، وخلْق.

وعدد شيوخه مائتان وستّون رجلًا.

وكان مع حِفْظه فقيهًا مشاورًا. أكثر النّاسُ عنه.

روى عنه: شُرَيْح بن محمد، وأبو محمد بن يَرْبُوع.

مات رحمه الله في شوّال بإشبيلية.

241-

عبد الرحمن بن الحَسَن.

أبو القاسم الشّيرازيّ الفارسيّ2.

إمامٌ ذو فنون، سافر الكثير، وسكن ميهنة، قَصَبة خابران، في آخر عمره، وكان من مُريدي أبي سعيد بن أبي الخير المَيْهَنيّ.

سمع ببغداد: أبا يَعْلَى بن الفرَّاء؛ وبدمشق: الحسين بن محمد الحِنّائيّ، وبالمعرَّة: أبا صالح محمد بن المهذَّب، وجماعة.

روى عنه: أبو بكر المحتاجي الخطيب بمَيْهَنَة.

وحدَّث في هذا العام، ولم نعرف وفاته.

242-

عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ الباجيّ3.

أبو محمد اللَّخميّ. من أهل إشبيلية.

1 السير "18/ 488".

2 لا بأس به.

3 الصلة "1/ 285".

ص: 141

سمع من: جدّه.

وكان فقيهًا فاضلًا.

روى عنه: أحمد بن عبد الله بن جابر.

243-

عبد الرحمن بن مأمون بن عليّ.

الإمام أبو سعْد المتولّي النيَّسابوري، الفقيه الشّافعيّ1.

أحد الكبار.

قدِم بغداد، وكان فقيهًا محقِّقًا، وحبْرًا مدقِّقًا. وُلْي تدريس النّظاميّة بعد الشّيخ أبي إسحاق، ودرَّس وروى شيئًا يسيرًا.

ثمّ عُزِل بابن الصّبّاغ في أواخر سنة ستٍّ وسبعين، ثمّ أُعيد إليها سنة سبعٍ وسبعين.

وقد تفقّه على القاضي حسين بمَرْو الرُّوذ، وعلى أبي سهل أحمد بن عليّ الأَبيوَرْديّ ببُخَارى، وعلى أبي القاسم عبد الرحمن الفورانيّ بمَرْو، حتّى برع وتميَّز.

وكان مولده في سنة ستٍّ وعشرين وأربعمائة.

وتُوُفّي ببغداد.

وله كتاب "التَّتمَّة" تمَّم به "الإبانة" لشيخه الفورانيّ، ولكنّه لم يُكْمِلْه، وعاجَلَتْه المنيَّة، وانتهى فيه إلى الحدود. وله مختصر في الفرائض، ومصنَّف في الأصول، وكتاب في الخلاف جامعٌ للمآخِذ.

244-

عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بن زياد.

أبو عيسى الأصبهاني الأديب الزّاهد2.

لا أعرف متى توفّي.

وتوفّ في هذه الحدود.

وسمع: أبا جعفر بن المرزبان الأبهريّ.

1 السير "18/ 585"، البداية والنهاية "12/ 128".

2 السير "18/ 585"، طبقات الشافعية "3/ 225".

ص: 142

روى عنه: إسماعيل بن محمد الحافظ، ويحيى بن عبد الله بن أبي الرجاء، ومحمد بن أبي القاسم الصالحاني، ومسعود الثقفيّ، والحسن بن العبّاس الرُّستميّ، وآخرون.

وكان رحمه الله من بقايا الصّالحين والعُلماء.

245-

عبد الرحمن بن محمد بن سَلَمة.

أبو المطرِّف الطُّليطليّ1.

عن: أبيّ عَمْر الطَّلمنكيّ، وأبي عَمْر بن عبّاس الخطيب.

وكان من كبار الفقهاء المُفْتِين.

مات فجأةً. في صَفَر، وله سبعٌ وسبعون سنة.

246-

عَبْد الكريم بْن عَبْد الصمد بْن مُحَمَّد بن عليّ.

أبو مَعْشَر الطّبريّ القطّان المقرئ2، مقرئ مكّة.

كان إمامًا مجودًا، بارعًا، مصنفًا، له كُتُبُ في القراءات.

قرأ بحرّان على أبي القاسم الزَّيديّ، وبمصر على أصحاب السّامرّيّ، وأبي عديّ عبد العزيز. قرأ بمكة على أبي عبد الله الكارَزينيّ.

وسمع بمصر من: أبي عبد الله بن نظيف، وأبي النُّعمان تُراب بن عَمْر، وعبد الله بن يوسف بتنيس، وأبي الطّيّب الطَّبريّ ببغداد، وعبد الله بن عَمْر بن العبّاس بغزّة.

وسمع بمنْبج، وحَرّان، وآمِد، وحلب، وسَلَمَاس، والجزيرة.

روى عنه: أبو نصر أحمد بن عَمْر الغازي، ومحمد بن عبد الباقي الأنصاريّ، وأبو تمّام إبراهيم بن أحمد الصَّيمريّ.

قال ابن طاهر: سمعتُ أبا سعْد الحَرَميّ بهَرَاة يقول: لم يكن سماع أبي مَعْشَر الطَّبريّ في جزء ابن نظيف صحيحًا، وإنّما أخذ نسخةً فرواها.

1 الصلة "2/ 342".

2 معرفة القراء الكبار "1/ 435".

ص: 143

قلت: قرأ القراءات خلق، منهم أبو عليّ بن العرجاء، وأبو القاسم خَلَف بن النّحّاس، وأبو عليّ بن بَليّمة.

وله كتاب "سوق العروس"، يقال: فيه ألف وخمسمائة طريق.

تُوُفّي بمكّة.

وله كتاب "الدُّرر" في التفسير، وكتاب "الرّشاد" في شرح القراءات الشاذّة، وكتاب "عيون المسائل"، وكتاب "طبقات القرّاء"، وكتاب "مخارج الحروف"، وكتاب "الورد"، وكتاب "هجاء المصاحف"، وكتاب في اللّغة.

وقد روى كتاب "شفاء الصُّدور" للنّقّاش، عن الزَّيديّ، عنه، و"مسند أحمد" عن الزَّيديّ، عن القطيعيّ، و"تفسير الثّعلبيّ".

رواه عن مؤلِّفه. وكان فقيهًا شافعيا، رحمه الله.

247-

عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بْن عَبْد اللَّه بْن يوسف بْن محمد بن حيُّويه1.

إمام الحَرَمَيْن أبو المعالي ابن الإمام أبي محمد الْجُوَيْنيّ، الفقيه الملقَّب ضياء الدّين. رئيس الشّافعيّة بَنْيسابور.

قال أبو سعْد السّمعانيّ: كان إمام الأئّمة على الإطلاق، المُجْتَمع على إمامته شرقًا وغربًا، لم تَرَ العيون مثله.

وُلِد سنة تسع عشرة وأربعمائة في المحَّرم، وتفقَّه على والده، فأتى على جميع مصنفاته، وتُوُفّي أبوه وله عشرون سنة، فأُقعِد مكانه للتّدريس، فكان يدرّس ويخرج إلى مدرسة البَيْهقيّ.

وأحكم الأصول على أبي القاسم الإسفرائينيّ الإسكاف. وكان ينفق من ميراثه وممّا يَدْخله من معلومه، إلى أن ظهر التعّصُّب بين الفريقين، واضطّربت الأحوال، واضطُر إلى السَّفر عن نَيْسابور، فذهب إلى المعسكر، ثمّ إلى بغداد.

وصحب أبا نصْر الكُنْدُريّ الوزير مدّةً يطوف معه، ويلتقي في حضرته بالأكابر من العلماء، ويُناظرهم، ويحتكّ بهم، حتّى تهذَّب في النَّظر وشاع ذكْرُه. ثمّ خرج

1 السير "13/ 17، 18" طبعة التوفيقية.

ص: 144

إلى الحجاز، وجاور بمكّة أربع سنين، يدرّس ويفتي، ويجمع طرق المذاهب، إلى أن رجع إلى بلده بَنيْسابور بعد مُضِي نوبة التعصب، فأُقعِد للتّدريس بنظاميّة نَيْسابور، واستقامت أمور الطَّلبة، وبَقِيّ على ذلك قريبًا من ثلاثين سنة غير مُزاحَم ولا مُدافَع، مسلَّم له المحراب، والمِنبر، والخطابة والتّدريس، ومجلس الوعْظ يوم الجمعة.

وظهرت تصانيفه، وحضَر درسَه الأكابر والْجَمْع العظيم من الطَّلبة.

وكان يقعد بين يديه كلَّ يومٍ نحو من ثلاثمائة رجل. وتفقه به جماعة من الأئّمة.

وسمع الحديث من أبيه، ومن: أبي حسّان محمد بن أحمد المزكّي، وأبي سعد البصروييّ، ومنصور بن رامش، وآخرين.

ثنا عنه: أبو عبد اللَّه الفرَّاويّ، وأبو القاسم الشّحّاميّ، وأحمد بن سهل المسجديّ، وغيرهم.

أخبرنا أبو الحسين اليُونينيّ، أنا الحافظ زكيّ الدّين المنذريّ قال: تُوُفّي والد أبي المعالي، فأُقعِد مكانه، ولم يكمّل عشرين سنةً، فكان يدرِّس، وأحكم الأُصول على أبي القاسم الإسكاف الإسفرائينيّ.

وجاوَرَ بمكّة أربع سنين، ثمّ رجع إلى نَيْسابور، وجلس للتدريس بالنّظاميّة قريبًا من ثلاثين سنة، مسلَّم له المحراب، والمِنْبَر، والخطابة، والتّدريس، والتّذكير.

سمع من أبيه، ومن: عليّ بن محمد الطِّرازيّ، ومحمد بن إسحاق المزكّى، وأبي سعْد بن عليَّك، وفضل الله أبي الخير الميهنيِّ، والحسن بن عليّ الجوهريّ البغداديّ.

وأجاز له أبو نُعَيم الحافظ.

قال المؤلف: في سماعه من الطِّرازيّ نظر، فإنّه لم يَلْحق ذلك، فلعلّه أجاز له.

قال السّمعانيّ: قرأتُ بخطّ أبي جعفر محمد بن أبي عليّ الهَمَذانيّ: سمعتُ أبا إسحاق الفَيْرُوزآباديّ يقول: تمتَّعوا بهذا الإمام، فإنّه نزهة هذا الزمان، يعني أبا المعالي الْجُوَيْنيّ.

قال: وقرأتُ بخط أبي جعفر أيضًا: سمعتُ أبا المعالي يقول: قرأت خمسين ألفًا

ص: 145

في خمسين ألفًا، ثمّ خلّيت أهل الإسلام بإسلامهم فيها وعلومهم الظّاهرة وركبت البحر الخضمَّ1 العظيم، وغُصْتُ في الذي نُهي أهل الإسلام منها، كلّ ذلك في طلب الحقّ. وكنتُ أهربُ في سالف الدّهر من التّقليد، والآن رجعتُ من الكُلّ إلى كلمة الحقّ. عليكم بِدِين العجائز. فإنْ لم يدركْني الحقُّ بلطيف بِرّه، فأموت على دين العجائز، ويختُم عاقبة أمري عند الرحيل على بُرهة أهل الحقّ، وكلمة الإخلاص: لا إله إلَّا الله، فالويْلُ لابن الْجُوَيْنيّ يريد نفسه2.

وكان أبو المعالي مع تبحُّره في الفقه وأصوله لا يدري الحديث. ذكر في كتاب "البرهان" حديث مُعَاذ في القياس، فقال: هو مدوَّنُ في الصّحاح، متَّفق على صحته. كذا قال، وأنَّى له الصّحّة، ومداره على الحارث بن عَمْرو، مجهول، عن رجالٍ من أهل حمص لا يُدْري من هم، عن مُعاذ.

وقال المازِريّ رحمه الله في شرح البرهان في قوله: إنّ الله تعالى يعلم الكلّيات لا الْجُزْئيّات: ودِدْتُ لو مَحَوْتُها بدمي.

قلت: هذه لفظة ملعونة.

قال ابن دِحْية: هذه كلمة مكذِّبة للكتاب والسَّنة، مكفّر بها، هَجَره عليها جماعة، وحلف القُشَيْريّ لا يكلّمه أبدًا؛ ونُفي بسببها مدّةً. فجاورَ وتاب3.

قال السّمعانيّ: وسمعت أبا الفَرَج بن أبي بكر الأُرْمَويّ مذاكرةً يقول: سمعتُ أستاذي غانم الموُشيليّ. سمعتُ الإمام أبا المعالي الْجُوَيْنيّ. يقول: لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا اشتغلت بالكلام.

وقال أبو المعالي الْجُوَيْنيّ في كتاب "الرسالة النظاميّة": اختلفت مسالك العلماء في الظّواهر الَّتي وردت في الكتاب والسُّنّة، وامتنع على أهل الحقّ اعتقاد فَحْواها، فرأى بعضهم تأويلها، والتزم ذلك في آي الكتاب وما يصح من السُّنن. وذهب أئّمةُ السَّلف إلى الانكفاف عن التّأويل، وإجراء الظواهر على مواردها، وتفويض معانيها إلى الرب تعالى.

1 البحر الخضم: الواسع الضخم.

2 السير "13/ 18".

3 السابق "13/ 19".

ص: 146

والذي نرتضيه رأيا، وندين الله به عقدا اتِّباع سلف الأمة؛ فالأولى الاتِّباع وترك الابتداع، والدليل السَّمعيُّ القاطع في ذلك أنّ إجماع الأمّة حُجّةٌ متبعة وهو مُسْتَنَدُ معظَم الشريعة. وقد دَرَج صَحْبُ الرسول صلى الله عليه وسلم على ترك التّعريض لمعانيها، ودَرْك ما فيها، وهو صفوة الإسلام المستقلون بأعباء الشريعة، وكانوا لا يأْلُون جهدًا في ضبط قواعد الملَّة، والتّواصي بحفظها، وتعليم النّاس أن يكون اهتمامهم ما يحتاجون إليه منها، فلو كان تأويل هذه الظواهر مسوغًا أو محتومًا لأوْشَك أن يكون اهتمامهم بفروع الشريعة، فإذا تصرَّمَ عصرهم وعصْر التابعين. على الإضراب عن التأويل، كان ذلك قاطعّا بأنّه الوجه المتَّبع، فحقَّ على ذي الدّين أن يعتقد تنزه الباري تعالى عن صفات المُحْدَثين، ولا يخوض في تأويل المشْكَلات، وَيَكل معناها إلى الرّبّ فَلْيُجْر آية الاستواء والمجيء وقوله:{لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75]، و {يَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} [الرحمن: 27] ، و {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} [القمر: 14] ، وما صح من أخبار الرسول كخبر النُّزُول وغيره على ما ذكرناه1.

وقال محمد بن طاهر الحافظ: سمعتُ أبا الحسن القروانيّ الأديب بَنْيسابور، وكان يسمع معنا الحديث، وكان يختلف إلى درس الأستاذ أبي المعالي الْجُوَيْنيّ، يقرأ عليه الكلام، يقولُ: سمعتُ الأستاذ أبا المعالي اليوم يقول: يا أصحابنا، لا تشتغلوا بالكلام، فلو عرفتُ أنَّ الكلام بلغ بي إلى ما بلغ ما اشتغلت به2.

وحكى أبو عبد الله الحَسَن بن العبّاس الرُّستميّ فقيه إصبهان قال: حكى لنا أبو الفتح الطَّبرّي الفقيه قال: دخلتُ على أبي المعالي في مرضه فقال: اشهدوا عليَّ أنّي قد رجعت عن كلّ مقالةٍ تخالف السَّف، وأنّي أموت على ما تموت عليه عجائز نيسابور3.

وذكر محمد بن طاهر أنّ المحدِّث أبا جعفر الهَمَذانيّ حضر مجلس وعْظ أبي المعالي فقال: كان الله ولا عرش، وهو الآن على ما كان عليه.

فقال أبو جعفر: أخبرنا يا أستاذ عن هذه التي نجدها، ما قال عارفٌ قطّ: يا الله؛ إلّا وجَدَ من قلبه ضرورة تطلب العلوَّ، لا نلتفت يَمْنَةً ولا يَسْرَة، فكيف ندفع هذه الضرورة عن أنفُسنا؟ أو قال: فهل عندك من دواء لدفع هذه الضرورة التي نجدها؟ فقال: يا حبيبي، ما ثمَّ إلَّا الحَيْرَة. ولَطَمَ على رأسه ونزل، وبَقِيّ وقتُ عجيب، وقال فيما بعد: حيرَّني الهمذانيّ4.

1، 2 السير "13/ 20، 21".

3، 4 السابق.

ص: 147

ولأبي المعالي من التصانيف: كتاب "نهاية المَطْلَب في المذهب"، وهو كتابٌ جليل في ثمانية مجلَّدات، وكتاب "الإرشاد في الأصول"، وكتاب "الرسالة النظاميّة في الأحكام الإسلامية"، وكتاب "الشامل في أصول الدّين"، وكتاب "البرهان في أصول الفِقه"، و"مدارك العُقُول" لم يتمُّه، وكتاب "غياث الأُمم في الإمامة"، وكتاب "مغيث الخلق في اختيار الأحقِّ"، و"غنية المسترشدين" في الخلاف.

وكان إذا أخذ في علم الصُّوفية وشرح الأحوال أبكى الحاضرين1.

وقد ذكره عبد الغافر في تاريخه فأسهب وأطْنَب، إلى أن قال: وكان يذكر في اليوم دروسًا يقع كلّ واحدٍ منها في عدّة أوراق، لا يتلعثم في كلمةٍ منها، ولا يحتاج إلى استدراك عثرةٍ، مارًّا فيها كالبرق بصوت كالرَّعد.

وما يوجد في كُتُبه من العبارات البالغة كُنْه الفصاحة غَيْض من فيض ما كان على لسانه، وغره من أمواج ما كان يعهد من بيانه، تفقّه في صباه على والده. وذكر التّرجمة بطولها.

وقال عليّ بن الحَسَن الباخَرْزِيّ في "الدُمْية"، وذكر الإمام أبا المعالي فقال: فالفقه فقه الشَّافعيِّ، والآدب أدب الأصمعيّ، وفي بصره بالوعظ الحَسَن البصْريّ. وكيف ما هو، فهو إمامُ كلّ إمام، والمستَعْلي بهمّته على كلّ هُمام.

والفائز بالظَّفر على إرغام كلّ ضِرْغام. إذا تصدَّر للفقه، فالمزنيّ من مُزْنَتِه قَطْرَه، وإذا تكلَّم فالأشعريّ من وفْرته شَعْرَه، وإذا خطب ألجم الفصحاء بالعي شقاشقه الهادرة، ولثم البلغاء بالصَّمت حقائقه البادرة.

وقد أخبرنا يحيى بن أبي منصور الفقيه وغيره في كتابهم عن الحافظ عبد القادر الرّهاويّ أنّ الحافظ أبا العلاء الهَمَذانيّ أخبره قال: أخبرني أبو جعفر الهَمَذانيّ الحافظ قال: سمعتُ أبا المعالي الْجُوَيْنيّ، وقد سُئل عن قوله تعالى:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] فقال: كان الله ولا عرش. وجعل يتخبَّط في الكلام، فقلت: قد علِمنا ما أشرت عليه، فهل عندك للضّرورات من حيلة؟ فقال: ما تريد بهذا القول وما تعني بهذه الإشارات؟ فقلتُ: ما قال عارف قطّ يا ربّاه، إلَّا قبل أن يتحرّك لسانه قام من باطنه قصْدٌ، لا يلتفت يَمْنَةً ولا يَسْرةً، يقصد الفَوق. فهل لهذا القصد

1 السير "13/ 21".

ص: 148

الضّروريّ عندك من حيلةٍ، فنبِّئْنا نتخلَّص من الفوق والتَّحت؟ وبكيتُ، وبكى الخلْق، فضرب بكُمه على السرير، وصاح بالحَيْرة. وخرَّق ما كان عليه، وصارت قيامة في المسجد، ونزل ولم يُجِبْني إلَّا: بيا حبيبي، الحَيْرَة الحَيْرَة والدّهشة الدّهشة1.

فسمعتُ بعد ذلك أصحابه يقولون: سمعناه يقول: حيَّرني الهَمَذانيّ.

وقد تُوُفّي أبو المعالي في الخامس والعشرين من ربيع الآخر، ودُفِن في داره، ثمّ نُقِل بعد سنين إلى مقبرة الحسين، فدُفن إلى جانب والده وكُسِر مِنْبَره في الجامع، وأُغلقت الأسواق، وَرَثَوْه بقصائد. وكان له نحو من أربعمائة تلميذ، فكسروا محابرهم وأقلامهم، وأقاموا على ذلك حولًا. وهذا من فعل الجاهلية والأعاجم، لا من فِعْل أهل السُّنّة والإتّباع.

248-

عَلِيّ بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ.

أَبُو الحَسَن الشَّهرستانيّ2، شيخ الصُّوفيّة برباط شهرستان.

خدم الكبار، وعُمِر وأسنَّ، ولعله نيفٌ على المائة.

قال عبد الغافر: اجتمعت به وأكرم موردي في سنة ثمان، توفِّي بعدُ بقريب.

249-

عليّ بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أبي سعْد الهَرَويّ الشُّروطيّ3.

أبو الحسين.

سمع من: الحاكم أبي الحَسَن الدِّيناريّ، والقاضي أبي عَمْر البسْطاميّ.

250-

عليّ بن الحَسَن بن سلمُوَيْه.

أبو الحَسَن النَّيسابوري الصُّوفيّ التّاجر4.

روى عن: أبي بكر الحِيريّ، والطّرازيّ، والصَّيرفيّ، وغيرهم.

وتوفيّ في شعبان.

روى عنه: عمر بن محمد الدّهستانيّ.

1 السير "13/ 22".

2 لم نقف عليه.

3 انظر السابق.

4 انظر السابق.

ص: 149

251-

عليّ بن عبد السلام الأرمنازيّ1.

له شِعْر حسن.

روى عنه: المحدِّث غَيْث، والحافظ محمد بن طاهر.

252-

عليّ بن عبد العزيز بن محمد2.

أبو القاسم النَّيسابوري الخشاب. من شيوخ الشّيعة.

سمع الكثير عن: أبي نُعَيم الإسفرائيني، وأبي الحَسَن السقاء الإسفرائيني، وعبد الله بن يوسف الأصبهاني، وطائفة.

توفي رحمه الله في ربيع الأول، وله تسعون سنة.

253-

عليّ بن محمد.

أبو الحَسَن القيراونيّ، الفقيه المالكيّ المعروف باللَّخميّ3؛ لأنّه ابن بنت اللَّخميّ.

تفقَّه بابن مُحْرز، وأبي الفضل ابن بنت خلدون، والسيوريّ.

وظهرت في أيّامه له فتاوٍ كثيرة، وطال عمره، وصار عالم إفريقيّة، وتفقَّه به جماعة من السفاقُسيّين.

وأخذ عنه: أبو عبد الله المازِريّ، وأبو الفضل ابن النَّحويّ، وأبو عليّ الكَلاعيّ، وعبد الحميد السَّفاقسيّ.

وله تعليق كبير على "المدوَّنة" سمّاه "التَّبصرة".

254-

عَوَضُ بن أبي عبد الله بن حمزة.

السّيّد أبو الرضيّ العَلَويّ الهَرَويّ4.

تُوُفّي في رمضان.

1 معجم الأدباء "13/ 211".

2 لسان الميزان "4/ 241".

3 ترتيب المدارك "4/ 797".

4 في عداد المجهولين.

ص: 150

"حرف الفاء":

255-

فَرَجُ بن عبد الملك الأنصاريّ القُرْطُبيّ1.

روى عن: مكّيّ.

وصحِب محمد بن عتّاب.

وتقدَّم في الفقه والحديث. كان يحفظ.

256-

الفضل بن محمد بن أحمد.

أبو القاسم الأصبهاني البقّال المؤدِّب2.

عُرِف بتانة.

سمع: محمد بن إبراهيم الخَرْجانيّ، وعليّ بن مَيْلَة.

وكان صالحًا عابدًا.

روى عنه: مسعود الثّقفّي، وأبو عبد الله الرُّستميّ.

257-

فيّاض بن أميرجة.

أبو القاسم الهَرَويّ السَّوْسَمانيّ3.

مات بالكوفة.

"حرف الميم":

258-

محمد بن إبراهيم بن سُليمان.

أبو الطّيّب الأصبهانيّ4.

في ذي الحجّة بأصبهان.

1 الصلة "2/ 463".

2 لم نقف عليه.

3 انظر السابق.

4 في عداد المجهولين.

ص: 151

259-

مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بن أحمد بن الوليد.

شيخ المعتزلة أبو عليّ بن الوليد الكَرْخيّ1.

ولد سنة ستٍّ وتسعين وثلاثمائة، وأخذ علم الكلام عن أبي الحسين البصريّ، وحفظ عنه حديثًا واحدًا بإسناده، وهو حديث القعنبيّ:"إذا لم تستحي فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ".

رَوَاهُ عَنْهُ: أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ السَّمرقنديّ، وَعَبْدُ الْوَهَّابِ الْأَنْمَاطِيُّ، وَغَيْرُهُمَا. وأخذ عنه: ابن عقيل شيخ الحنابلة، وبه انحرف عن السُّنَّة.

قال محمد بن عبد الملك في تاريخه: في ذي الحِجّة تُوُفّي أبو عليّ بن الوليد شيخ المعتزلة وزاهدهم، ولم نعرف في أعمارنا مثل تورُّعه وقناعته. تورَّع عن ميراثه من أبيه، وقال: لم أتحقق أنه أخذ حرامًا، ولكنّي أعافُه. ولمّا كبر وافتقر جعل ينقض داره، ويبيع منها حسبةً، يتقوَّت بها، وكانت من حِسان الدُّور. وكان يلبس الخَشِن من القُطْن.

وقال أبو الفضل بن خيرون: تُوُفّي في خامس ذي الحِجّة، ودُفن في الشُّونِيزيّة، إلى جَنْب أبي الحَسَن البصْريّ أستاذه، وكان يدرّس الاعتزال والمنطق. وكان داعية إلى الاعتزال.

260-

محمد بن خيرة.

أبو عبد الله بن أبي العافية الأندلسيّ2، من كبار فقهاء المَرِيّة، وممّن شُهِر بالحِفْظ.

يروى عن حاتم بْن محمد.

261-

محمد بْن عَبْد اللَّه بن محمد.

أبو بكر القصّار، المعروف بابن الكنداجيّ، البغداديّ المقرئ3.

روى عن: أبي الحسين بن بِشْران، وأبي الحَسَن الحمّاميّ، والحرفيّ.

1 السير "18/ 489".

2 الصلة "2/ 554".

3 لم نقف عليه.

ص: 152

روى عنه: قاضي المَرِسْتان، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ، وأبو بكر بن الزّاغونيّ.

تُوُفّي في صَفَر.

262-

محمد بن علي بن مُحَمَّد بن المطّلب1.

أبو سعْد الكرْمانيّ الكاتب، والد الصّاحب الوزير أبي المعالي هبة الله.

قدم أبوه من كرمان، وولد هو ببغداد. ونظر في الأدب وأخبار الأوائل.

ومع من: أبي الحسين بن بِشْران، وأبي عليّ بن شاذان.

روى عنه: يحيى بن البنّا، وشُجاع الذُّهليّ.

وكان شاعرًا هجًّا، بليغ الفحش، مقدّمًا في ذلك.

عُزِل لهجوه، فقال:

عُزِلتُ وما خُنْتُ فيما وُلِيتُ

وغيري يخونُ ولا يُعْزَلُ

وهذا يدلُّ على أنَّ من

يولِّي ويَعْزِل لا يعقِلُ

ومن شعره:

يا حسرتي مات حظّي من قلوبكُمُ

وللحُظُوظ كما للنّاس آجالٌ

تصرَّم العُمُر لم أحظى بقربكم

كم تحت هذِي القبورِ الخُرْس آمالُ

قال هبة الله السَّقطيّ: كنتُ أجتمع بأبي سعْد كثيرًا، فقلَّ أن انفصلتُ عنه إلَّا بنادرةٍ أو شِعْر، ولم تنزل الحالُ به إلى أنْ تاب، وأُلْهِم الصّلاة والصَّوم والصَّدقات، وغَسَلَ مسوَّدات شِعْره قبل موته رحمه الله.

مات في ربيع الآخر، وَلَهُ أربعٌ وثمانون سنة.

263-

مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن حسن بن عبد الوهّاب بن حسُّويه.

قاضي القُضاة أبو عبد الله الدَّامغانيّ، الحنفيّ2.

شيخ حنفيّة زمانه. تفقَّه بخراسان، ثمّ قدِم بغداد في شبيبته، ودرس على القدوريّ.

1 السير "18/ 490"، البداية والنهاية "12/ 319".

2 السير "18/ 485"، البداية والنهاية "12/ 129".

ص: 153

وسمع الحديث من: القاضي أبي عبد الله بن عليّ الصَّيمريّ، والحافظ محمد بن عليّ الصُّوريّ، وشيخه أبي الحسين أحمد بن محمد القُدُوريّ.

روى عنه: عبد الوهّاب الأنْماطيّ، وعليّ بن طِراد الزَّينبيّ، والحسين المقدسيّ، وغيرهم.

وتفقّه به جماعة.

وكان مولده بدَامَغَان سنة ثمانٍ وتسعين وثلاثمائة، وحصّل للعلم على الفقر والقنوع.

قال أبو سعْد السَّمعانيّ: قال والدي: سمعتُ أحمد بن الحسين البصْريّ الخبّاز يقول: رأيتُ أبا عبد الله الدّامَغَانيّ كان يحرس في درْب الريّاح، وكان يقوم بعيشته إنسان اسمُه أبو العشائر الشيْرَجيّ.

قلتُ: ثمّ آل به الآمرُ إلى أن ولي قضاء القُضاة للمقتدي بالله، ولأبيه قبله. وطالت أيّامه، وانتشر ذِكْرُه، وكان مثل القاضي أبي يوسف قاضي الرّشيد في أيّامه حشمةً وجاهًا وسُؤْدُدًا وعَقْلًا، وبَقِيّ في القضاء نحوًا من ثلاثين سنة.

ولي أولًا في ذي القعدة سنة سبعٍ وأربعين، بعد موت قاضي القُضاة أبي عبد اللَّه بن ماكولا.

وقال محمد بن عبد الملك الهَمَذانيّ في "طبقات الفُقَهاء": قال قاضي القضاة الدّامغانيّ: قرأتُ على أبي صالح الفقيه بدامَغَان، وهو من أصحاب أبي عبد الله الْجُرْجانيّ، وأصابني جُدَرِيّ فاكتحلتُ، وجئت إلى المجلس بعدما برأتُ فقال: أنت مجدور، فقم. فقمت وقصدت من دامغان نيسابور، فأقمت أربعة أشهر، وصحِبْتُ أبا العلاء صاعد بن محمد الأستوائي قاضيها. قرأت على أبي الحَسَن المصَّيصيّ لِدِينه وتواضعه.

وجَرَت فتنة بين الطَّوائف هناك، فمنعهم محمود بن سُبُكْتِكِين مِن الْجَدَل، فخرجتُ إلى بغداد وورَدْتُها.

قال محمد: فقرأ على القُدُوريّ إلى أن توفّي سنة ثمانٍ وعشرين وأربعمائة، ولازم أبا عبد الله الصَّيمريّ فلمّا مات، انفرد بالتَّدريس، وصار أحد شهود بغداد. ثمّ ولي قضاء القائم بأمر الله، وبعده لابنه ثلاثين سنة وثلاثة أشهر وخمسة أيّام. وقد شهد عنده شيخ الشّافعيّة أبو الطَّيِّب الطَّبريّ.

ص: 154

وكان أبو الطّيّب يقول: أبو عبد الله الدّامَغَاني أَعْرفُ بمذهب الشّافعيّ من كثيرٍ من أصحابنا.

قال: وكان عندنا بدامَغَان أبو الحَسَن صاحب أبي حامد الإسفرائينيّ، يعني فاستفاد منه الدّامَغَانيّ. وكان الدّامَغَانيّ قد جمع الصّورة البهيّة، والمعاني الحسنة من الدّين والعقل والعِلْم والحِلْم، وكَرَم المعاشرة للنّاس، والتّعصُّب لهم. وكانت له صَدَقات في السّرِّ، وإنصافٌ في العِلْم لم يكن لغيره. وكان يورد من المداعبات في مجلسه والحكايات المضحكة في تدريسه نظيرَ ما يورده الشّيخ أبو إسحاق الشّيرازيّ، فإذا اجتمعا صار اجتماعهما نُزْهة.

عاش ثمانين سنة وثلاثة أشهر وخمسة أيّام، وغَسَله أبو الوفاء ابن عَقِيل الواعظ، وصاحبه الفقيه أبو ثابت مسعود بن محمد الرّازيّ، وصلّى عليه ولده قاضي القُضاة أبو الحَسَن على باب داره بنهر القلَّايين.

ولقاضي القُضاة أصحاب كثيرون انتشروا بالبلاد، ودرَّسوا ببغداد فمنهم أبو سعْد الحَسَن بن داود بن بابشاذ المصريّ، ومات قبل الأربعين وأربعمائة.

ومنهم نور الهدى الحسين بن محمد الزَّينبيّ، ومنهم أبو طاهر الياس بن ناصر الدَّيلميّ. ومات في حياته منهم أبو القاسم عليّ بن محمد الَّرحبيّ ابن السَمَنانيّ، وآخرون فيهم كَثْرة ذكرهم ابن عبد الملك الهَمَذانيّ.

تُوُفّي في رابع وعشرين رجب. ودُفن في داره بنهر القلَّايين، ثمّ نُقِل ودُفن في القُبّة إلى جنب الإمام أبي حنيفة رحمهما الله.

264-

محمد ن عَمْر بن محمد بن أبي عَقِيل1.

أبو بكر الكَرَجيّ الواعظ. وُلِد بالكَرَج سنة أربع وأربعمائة ورحل إلى إصبهان فسمع مُعْجَم الطَّبرانيّ، عن شيوخه من أبي ريذة.

وسمع بالشّام من: محمد بن الحسين بن التُّرجمان، والسَّكن بن جُمَيْع، وجماعة.

روى عنه: الفقيه نصر، وهبة الله بن طاوس.

وتُوُفّي في رجب بدمشق.

1 تاريخ دمشق "39/ 54".

ص: 155

265-

محمد بن محمد بن موسى.

أبو عليّ النعُّيميّ النَّيسابوريّ1.

حدَّث عن: أبي الحَسَن محمد بن الحسين العَلَويّ.

وعمَّر أربعًا وتسعين سنة.

وتُوُفّي رحمه الله في رجب.

266-

مسلم ابن الأمير أبي المعالي قُرَيْش بن بدران بن مقلّد حسام الدّولة أبي حسّان بن المسيب بن رافع العُقَيْليّ2.

السّلطان الأمير شرف الدّولة أبو المكارم.

كان أبوه قد نهب دار الخلافة مع البساسيريّ، ومات سنة ثلاثٍ وخمسين كَهْلًا، فقام شرف الدّولة بعده، واستولى على ديار ربيعة، ومُضَر، وتملَّك حلب، وأخذ الحمْل والإتاوة من بلاد الرّوم، أعني من أنطاكيّة، ونحوها. وسار إلى دمشق فحاصرها. وكان قد تهيَّأ له أخذها، فبلغه أنّ حرّان قد عصى عليه أهلُها، فسار إليهم، فحاربهم وحاربوه، فافتتحها وبذل السَّيف، وقتل بها خلقًا من أهل السُّنَّة.

وكان رافضيا خبيثًا، أظهر ببلاده سبّ السَّلف، واتسعت مملكته، وأطاعته العرب، واستفحل أمرُه حتّى طمع في الاستيلاء على بغداد بعد وفاة طُغْرُلْبَك.

وكان فيه أدبٌ، وله شعرٌ جيّد. وكان له في كلّ قرية قاض، وعامل، وصاحب خبر. وكان أحول، له سياسة تامّة. وكان لهيبته الأمنُ، وبعض العدْل في أيّامه موجودًا. وكان يصرف الجزية في بلاده إلى العلويِّين. وهو الذي عمَّر سُور المَوْصل وشيّدها في ستّة أشهر من سنة أربع وسبعين.

ثمّ إنّه جرى بينه وبين السّلطان سُليمان بن قُتْلُمش السَّلجوقيّ ملك الرّوم مصافٌّ في نصف صَفَر على باب أنطاكيّة فقُتِل فيه مسلم، وله بضعٌ وأربعون سنة.

قال صاحب الكامل، والقاضي شمس الدّين بن خَلِّكان.

1 لم نقف عليه.

2 السير "18/ 482".

ص: 156

وقال المأمونيّ في تاريخه: بل وثب عليه خادمٌ في الحمام فخنقه.

ثمّ إنّ السّلطان ملكشاه رتَّب ولده في الرَّحبة، وحَرّان وسَرُوج، وزوّجه بأخته زُلَيْخا.

"حرف الهاء":

267-

هبة اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن محمد.

أبو الحَسَن القَصْريّ السيبيّ1.

من أهل قصر هبيرة.

قدِم بغداد مع عمّه أبي عبد الله بن السيبيّ.

وسمع الحديث من: أبي الحَسَن بن بِشْران، وغيره.

روى عنه: إسماعيل بن السَّمرقنديّ، وأبو نصر أحمد بن عمر الغازي، وعليّ بن عبد السلام.

وكان فاضلًا. قرأ طَرَفًا من النَّحو والفقه، وولي القضاء بناحيته. ثمّ إنه طُلِب لتأديب أمير المؤمنين المقتدي بالله وبَنيه من بعده. وولي القضاء بالحريم الشّريف. وكان وَقُورًا مهيبًا فهمًا عالمًا.

تُوُفّي في ثاني عشر المحرَّم عن بضعٍ وثمانين سنة.

"حرف الياء":

268-

يحيى بن محمد بن القاسم بن محمد.

أبو المعمَّر بن طَبَاطَبَا العلويّ الشّيعيّ2.

من كبار الإماميّة.

روى عن الحسين بن محمد الخلَّال. وشارك في العلم.

روى عنه: أبو نصر الغازي، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ.

1 البداية والنهاية "12/ 130".

2 بغية الوعاة "2/ 342".

ص: 157

وفيات سنة تسع وسبعين وأربعمائة:

"حرف الألف":

269-

أَحْمَد بْن عَبْد العزيز بْن شيبان.

البغداديّ1.

روى عن: أبي الحسين بن بِشْران، وعبد اللَّه بن يحيى السُّكَّريّ.

روى عنه: إسماعيل بن السَّمرقنديّ، وعبد الوهّاب الأنماطيّ.

270-

أحمد بن عُبَيْد الله.

أبو غالب بن الزّيّات البيّع الخيّاط المؤذّن.

سمع: ابن شاذان، والحرفيّ.

وعنه: إسماعيل بن السَّمرقنديّ، وأبو بكر بن الزّاغُونيّ.

تُوُفّي فِي شعبان.

271-

أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن دوست دَادَا.

شيخ الشيوخ أبو سعْد النَّيسابوريّ الصُّوفيّ2.

صحِب الزّاهد القُدوة أبا سعيد فضل اللَّه بْن أَبِي الخير الميْهَنيّ، وسافر الكثير. وكان ذا همّةٍ شريفة وأخلاق سَنِيّة. حجّ على التجريد مرّات؛ لأنّ الطّريق كان منقطعًا. وكان يجمع جماعة من الفُقراء والصُّوفيّة، ويدور في قبائل العرب، وينتقل من حلّة إلى حلّة، إلى أن يصل مكّة.

وكان بينه وبين نظام المُلْك مودَّة أكيدة.

اتفق أنّه كان منصرفًا من إصبهان إلى حضرة نظام المُلْك، فنزل بنهاوند، وكان قد غَرُبَت الشمس، فنزل فأتى خانقاه أبي العبّاس النَّهاونديّ، فمُنع من الدّخول وقيل: إنْ كنت من الصُّوفيّة، فليس هذا وقت دخول الخانقاه، وإنْ كنتَ لست منهم، فليس هذا موضعك.

1 لم نقف عليه.

2 السير "13/ 31" طبعة التوفيقية.

ص: 158

فباتَ تلك الليلة على باب الخانقاه في البرد، فقال في نفسه: إنْ سهْل الله لي بناء خانقاه أمنع من دخولها أهل الجبال، وتكون موضع نزول الغرباء من الخُراسانيّين.

قال أبو سعْد السّمعانيّ: بَلَغَني أنّه خرج مرّةً إلى البادية، فأضافه صاحبه أحمد بن زَهْراء، وكانت له زاوية صغيرة يجتمع فيها الفقراء، فلمّا دخلها أبو سعْد قال: يا شيخ لو بنيت للأصحاب موضعًا أوسع من هذا، وبابًا أرفع من هذا، حتّى لا يحتاج الدّاخل إلى انحناء ظهره.

فقال له أحمد: إذا بنيت أنت رِباطًا للصُّوفيّة في بغداد، فاجعل له بابًا يدخل فيه الجمل وعليه الرّاكب.

فضربَ الدَّهر ضرباته، وانصرف أبو سعْد، إلى نَيْسابور، وباعَ أملاكه، وجمع ما قدر عليه، وقدِم بغداد، وبنى الرّباط، وحضر فيه الأصحاب، وأحضر أحمد بن زَهْراء وركب واحدٌ جملًا حتَّى دخل من باب الرِّباط.

وسمعت ولده أبا البركات إسماعيل يقول: لما غرق جميع بغداد في سنة ستٍّ وستين وأربعمائة، وكان الماء يدخل الدُّور من السُّطوح، وضرب الجانب الشّرقيّ بالكلّية، اكترى والدي زورقًا، وركب فيه، وحمل أصحابه الصُّوفيّة وأهله. وكان الزَّورق يدور على الماء، والماء يخرّب الحِيطان، ويحمل الأخشاب إلى البحر، فقال أحمد بن زَهْراء لوالدي: لو اكتريت1 زورقًا ورجلًا يأخذ هذه الْجُذُوع ويربطها في موضع، حتَّى إذا نقص الماء بنيت الرّباط، كان أخفَّ عليك.

قال: يا شيخ أحمد هذا زمان التفرقة، ولا يمكن الجمع في زمن التفرقة. فلمّا هبط الماء بنى الرّباط أحسن ممّا كان.

تُوُفّي في ربيع الآخر، وهو الذي تولّى رباط نهر المعلَّى.

وكان عالي الهمّة، كثير التّعصُّب لأصحابه، جدَّد تربة معروف الكَرْخيّ بعد أن احتَرَقَت. وكان ذا منزلةٍ كبيرةٍ عند السُّلطان، وحُرْمة عند الدّولة. وكان يقال: الحمد لله الذي أخرج رأس أبي سعْد من مرقَّعةٍ، فلو خرج من قباء لَهَلَكْنا.

وابن زَهراء هذا هو أبو بكر الطُّريثيثيّ.

1 الاكتراء: الإيجار.

ص: 159

272-

أحمد بن محمد بن مفرّج.

أبو العبّاس الأنصاري القُرْطُبيّ1.

يُعرف بابن رُمَيْلَة. كان معنيا بالعِلم، وصحبة الشّيوخ. وله شعر حسن في الزُّهد، وفيه عبادة. واستُشهد بوقعة الزّلّاقة، مقبِلًا غير مُدبْر رحمه الله وكانت يوم الجمعة ثاني عشر رجب على مقربةٍ من بَطَلْيُوس. قُتِل فيها من الفرنج ثلاثون ألف فارس، ومن الرَّجَّالة ما لا يحصى؛ وهي من الملاحم المشهورة كما يأتي.

273-

أحمد بن يوسف بن أصبغ.

أبو عمر الطُّلَيطليّ2.

سَمِعَ: أَبَاهُ، وعبد الرحمن بْن محمد بْن عبّاس.

وكان ماهرًا في الحديث والفرائض والتّفسير، ورحل إلى المشرق وحجّ. وولي قضاء طُلَيْطُلة. ثمّ عُزِل.

وكان ثقة رضيً.

توفِّي في شعبان.

274-

إبراهيم بن عبد الواحد بن طاهر القطّان.

أبو الخطاب البغداديّ3.

ثقة صالح.

سمع: البرقاني، وأبا القاسم الحرفيّ، وابن بِشْران.

وعنه: ابن السَّمرقنديّ، والأنْماطيّ.

تُوُفّي في جُمَادَى الأولى.

275-

إسماعيل بن زاهر بن محمد.

أبو القاسم النوُّقانيّ النيسابوريّ4.

1 الصلة "1/ 68".

2 السابق "1/ 68، 69".

3 لم نقف عليه.

4 السير "18/ 446".

ص: 160

قال السَّمعانيّ: فقيه صالح، صدوق، كثير السّماع.

سمع: أبا الحَسَن العَلَويّ، وأبا الطَّيِّب الصعلوكيِّ، وعبد الله بن يوسف بن مامويه، وابن مَحْمِش بَنْيسابور.

وأبا الحسين بن بِشْران، ونحوه ببغداد.

وجناح بن بدر بالكوفة؛ وابن نظيف، وأبا ذر بمكّة.

روى عنه: زاهر الشّحّاميّ، وأبو نصر بن عَمْر الغازي، وإسماعيل بن عبد الرحمن القارئ.

وقد تفقَّه على الطُّوسيّ، وعقد مجلس الإملاء، وأفاد الكثير.

وكان مولده سنة سبعٍ وتسعين وثلاثمائة.

ومن آخر مَن روى عنه عبد الكريم بن محمد الدّامَغَانيّ.

قال عبد الغافر: هو من أركان فقهاء الشّافعيّة. سمعتُ منه بعض أماليه.

وروى عنه أيضًا: سعيد بن عليّ الشّجّاعيّ، وعائشة بنت أحمد الصّفّار، وأبو الفتوح عبد الله بن عليّ الخركوشيّ، وعبد الكريم بن عليّ العَلَويّ، وَعَبْد الملك بن عَبْد الواحد بن القُشَيْريّ، ومحمد بن جامع خيّاط الصُّوف، وغيرهم.

ومن مسموعاته: كتاب "تاريخ الفَسَويّ".

رواه عن ابن الفضل القطّان، عن ابن دَرَسْتَوَيْه، عن الفَسَويّ.

276-

إسماعيل بن محمد بن أحمد.

أو سعْد الحَجَّاجيّ الفقيه1.

سمع: الحسين بن محمد بن فنجُوَيْه الثقفيّ، وأبا بكر الحِيريّ، وأبا سعيد الصَّيرفيّ، وابن حيد.

وعنه: إسماعيل بن أبي صالح، وعبد الغافر الفارسيّ، وعبد الله بن الفراويّ.

1 لا بأس به في عداد العلماء المستورين.

ص: 161

"حرف الثاء":

277-

ثابت بن الحسين بن شراعة.

أبو طالب التّميميّ الهَمَذانيّ الأديب1.

روى عن: أبي طاهر بن سَلَمة، ومنصور بن رامش، وابن عيسى وجماعة.

قال شيرُوَيْه: سمعتُ منه، وكان صدوقًا.

تُوُفّي في صَفَر.

"حرف الجيم":

278-

جَعبْر بن سابق.

الأمير سابق الدّين القُشَيْريّ2، صاحب قلعة جَعْبَر، الحصن الّذي على فُرات. قتله السّلطان ملكشاه السَّلجوقيّ لمّا قدِم حلب؛ لأنّه بلغه أنّ ولديه يقطعان الطّريق.

يُقال لقلعة جَعْبَر أيضًا: الدَّوسريّة؛ لأنّ دَوْسَر غلام ملك الحيرة النُّعمان بن المنذر بناها.

"حرف الحاء":

279-

الحَسَن بن محمد بن القاسم بن زَيْنَة.

أبو عليّ البغداديّ الدّقّاق الكاتب3.

قال السّمعانيّ: شيخ صالح، ثقة مأمون. سمع الكثير، وتفرّقت كُتُبُه.

وكان يُسْمع من أصول غيره.

روى عن: هلال الحفّار.

ثنا عنه: إسماعيل السَّمرقنديّ، وعبد الوهّاب الأنماطي، وأحمد بن الأخوَّة.

مات في صفر، وله ثمانون سنة.

1 لا بأس به، ولم نقف عليه.

2 السير "18/ 552".

3 المنتظم "9/ 31".

ص: 162

280-

حمْد بن أحمد الحلمقريّ الهَرَويّ.

يروي عن أبي منصور الأزْديّ1.

"حرف السين":

281-

سَعِيد بْن فضل اللَّه بْن أَبِي الخير2.

الشّيخ أبو طاهر ابن الإمام القدوة، أبي سعيد الميهني.

توفي في شعبان. وهو أكبر أولاد أبيه. وجلس في المشيخة بعد والده ولم يحدّث.

روى عن: أبي بكر الحِيريّ، وعن والده.

282-

سُليمان بن قُتُلْمِش بن سلْجُوق3.

أمير قُونية، وجدّ سلاطين الرّوم.

قُتِلَ في صَفَر في المصافّ بأرض حلب، وقام بعد ابنه قلج أرسلان.

"حرف الشين":

283-

شافع بن محمد بن شافع.

أبو بكر الأَبِيوَرْدِيّ4.

"حرف الصاد":

284-

صالح بن أحمد بن يوسف.

أبو رجاء البُسْتيّ5، المعبّر.

جاور بمكّة مدّةً، وحدَّث عن: أبي المستعين محمد بن أحمد البُسْتيّ، وطاهر بن

1 لم نقف عليه.

2 لا بأس به، في عداد العلماء المستورين.

3 السير "18/ 449".

4 لم نقف عليه.

5 لا بأس به.

ص: 163

العبّاس المَرْوَزِيّ، وأبي ذَرّ الهَرَويّ، سمع منه: عمر الرُّؤاسيّ، وغيره.

تُوُفّي بعد سنة ثمانٍ وسبعين.

"حرف الطاء":

285-

طاهر بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن يوسف.

أبو عبد الرحمن الشّحّاميّ النَّيسابوريّ المستملي1.

والد زاهر ووجيه.

كان أحد من عنى بالحديث وأكثر منه. وسمَّع أولاده.

وحدَّث عن: أبي بكر الحيريّ، وأبي عيد الصَّيرميّ، وفضل الله بن أبي الخير الميهَنِّيّ الزّاهد، ووالده أبي بكر محمد بن محمد الرجل الصّالح، والأستاذ أبي إسحاق الإسفراينيّ، وصاعد بن محمد القاضي.

روى عنه: ابناه، وحفيده عبد الخالق بن زاهر، وفاطمه بنت خَلَف، وعبد الغافر الفارسيّ.

وصنَّف كتابًا بالفارسيّة في الشرائع والأحكام.

واستملى على نظام المُلْك، وغيره.

وكان فقيهًا، أديبًا، بارعًا، شُرُوطيًّا، صالحًا، عابدًا، تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة، وله ثمانون سنة.

"حرف العين":

286-

عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الصّمد ابن المهتدي بالله ابن الواثق ابن المعتصم ابن الرشيد.

الخطيب أبو جعفر العبّاسيّ البغداديّ، والد أبي الفضل محمد بن عبد الله2.

كان خطيبًا جليلًا رئيسًا صالحًا، يخطب بجامع الحربيّة.

1 السير "18/ 448".

2 المنتظم "9/ 32".

ص: 164

سمع: أبا القاسم بن بشران، وغيره.

وعن: ابن السَّمرقنديّ.

ومات في شعبان.

287-

عَبْد الجليل بْن عَبْد الْجَبّار بْن عَبْد اللَّه بْن طلحة.

أبو المظفّر المَرْوَزِيّ، الفقيه الشّافعيّ1.

قدِم دمشق، وتفقَّه به جماعةُ منهم: أبو الفضل يحيى بن عليّ القُرَشيّ.

وكان قد تفقَّه على الكارزونيّ، وولي القضاء حين دخل التُّرك إلى دمشق.

وكان فاضلًا مهيبًا عفيفًا.

حدَث عن: عبد الوهّاب بن برهان، وغيره.

وعنه: غيث الأرمنازيّ، وهبة الله بن طاوس.

288-

عبد الخالق بن هبة الله بن سلامة.

أبو عبد اله الواعظ ابن المفسِّر، خال رزق الله التّميميّ2.

صالح، زاهد، ورِع، نبيل، مَهِيب.

سمع: أبا عليّ بن شاذان.

روى عنه: عبد الوهّاب الأنماطيّ.

مولده سنة تسعين وثلاثمائة.

289-

عبد الكريم بن عبد الواحد3.

أبو الفتح الأصبهاني، الصّوّاف الدّلَّال.

سمع: عثمان بن أحمد البُرْجيّ، وأبا عبد الله الْجُرْجانيّ.

روى عنه: الثَّقفيِّ، والرُّستميّ

1 طبقات الشافعية "3/ 221" للسبكي.

2 المنتظم "29/ 3".

3 لم نقف عليه.

ص: 165

290-

عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد السميع بن إسحاق1.

أبو الفضل بن الطَّوابيقيّ، العبّاسيّ.

من أولاد الواثق بالله.

سمع: أبا الحَسَن عليّ بن هبة الله العيسَويّ.

روى عنه: إسماعيل بن السَّمرقنديّ، وغيره.

تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة ببغداد.

291-

عُبَيْد الله بن عثمان بن محمد بن يوسف دوست.

أبو منصور بن العلَّاف2.

من أولاد الشيوخ.

روى عن: الحسين بن الحَسَن الغَضَائِريّ، وعُبَيْد الله بن منصور الحربيّ.

وعنه: إسماعيل بن السَّمرقنديّ، وعبد الوهّاب الأنماطي، وعمر بن السّنبك.

تُوُفّي في شعبان عن ستٍّ وثمانين سنة. قال ابن النّجّار

292-

عليّ بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيم بْن بحر.

أبو عليّ التُّستريّ، ثمّ البصْريّ السَّقطيّ3.

كانت الرحلة إليه في سماع سنن أبي داود.

رواها عن: أبي عمر الهاشميّ.

وروى عن: عمه أبي سعيد الحَسَن بن عليّ.

روى عنه: المؤتمن السّاجيّ، وعبد الله بن أحمد السَّمرقنديّ، وأبو الحَسَن محمد بن مرزوق الزَّعفرانيّ، وأبو غالب بن الحَسَن الماوَرْدِيّ، وعبد الملك بن عبد الله، وآخرون.

وكان صدوقًا.

1 المنتظم "9/ 32".

2 لا بأس به.

3 السير "18/ 481".

ص: 166

وآخر من حدَّث عنه أبو طالب محمد بن محمد بن أبي زيد العلويّ النّقيب. روى عنه الجزء الأوّل من السُّنن بالسَّماع، والباقي إجازةً إنّ لم يكن سماعًا.

وبقي إلى سنة ستِّين وخمسمائة.

293-

عليّ بن أحمد بن عليّ.

الأديب أبو القاسم الأُسَديّ النّجّاشيّ1.

سمع: أبا عليّ بن شاذان، وطبقته.

وكان إخباريا، عارفًا، راوية.

روى عنه: أبو محمد بن السَّمرقنديّ، وهبة الله بن المُجْلي.

يُعرف بابن الكوفيّ.

تُوُفّي في رجب.

294-

عليّ بن فضّال بن عليّ بن غالب.

أبو الحَسَن القَيْروانيّ، المُجاشِعيّ التّميميّ، الفَرَزْدَقيّ النَّحويّ2.

صاحب التَّصانيف.

مسقط رأسه هجَر، وطوَّف الأرض حتّى وصل إلى غَزْنَة، وأقبل عليه أكابرها. وانخرط في صحبة الوزير نظام المُلْك.

وصنَّف "بُرهان العَمِيديّ في التفسير"، في عشرين مجلدًا، وكتاب "الإكسير في علم التَّفسير" خمسة وثلاثون مجلَّدًا، وكتابًا في النَّحو، في عدَّة مجلدات وهو كتاب "إكسير الذّهب في صناعة الأدب"، وغير ذلك.

قال ابن طاهر المقدسيّ: سمعتُ إبراهيم بن عثمان الأديب الغَزّيّ يقول: لمّا دخل أبو الحَسَن بن فضّال النَّحويّ نَيْسابور اقترح عَليه أبو المعالي الْجُوَيْنيّ أنّ يصنّف باسمه كتابًا في النَّحو، فصنَّفه وسمّاه "الإكسير". ووعده بألف دينار، فلمّا صنَّفه وفرغ ابتدأ أبو المعلي بقراءته عليه، فلمَّا فرغ من القراءة انتظر أيامًا أن يدفع إليه ما وعده، فلم

1 المنتظم "9/ 33".

2 السير "18/ 528"، معجم الأدباء "14/ 90".

ص: 167

يُعْطه شيئًا، فأرسل إليه: إنّك إنّ لم تَفِ بما وعدتَ وإلَّا هجوتُك. فأنفذ إليه على يد الرسول: نكثتها، عرضي فداؤك. ولم يُعطِه حبة.

وقيل: إنّ ابن فَضّال روى أحاديث، فأنكرها عليه عبد الله بن سبعون القيروانيّ، فاعتذر بأنّه وهْم.

وقد صنَّف ابن فَضّال بغَزْنة عدَّة كُتُب بأسماء أكابر غَزْنَة.

وكان إمامًا في اللغة، والنَّحو، والسِّير، وأقرأ الأدب مدّةً ببغداد.

ومن شعره:

وإخواني حسِبْتُهُمُ دُرُوعًا

فكانوها ولكنْ للأعادي

وخِلْتُهُم سهامًا صائباتٍ

فكانوها ولكنْ في فؤادي

وقالوا: قد صَفَتْ منّا قُلُوبٌ

لقد صدقوا ولكنْ عن وِدادي

وله:

لا عُذْرَ للصَّبّ إذا لم يكُنّ

يخلَعُ في ذاك العذار العِذارْ

كأنّه في خدّهِ إذْ بدا

ليلٌ تبدّى طالعًا في نهارْ

وشعره كثير.

وله من التّصانيف أيضًا: كتاب "النُّكَّت في القرآن"، وكتاب "البَسْمَلة وشرحها" مجلّد، وكتاب "العوامل والهوامل" في الحروف خاصّة، وكتاب "الفُصُول في معرفة الأُصُول"، وكتاب "الإشارة في تحسين العبارة"، وكتاب "شرح عنوان الإعراب"، وكتاب "العَرُوض"، وكتاب "معاني الحروف"، وكتاب "الدُّول في التّاريخ"، وهو كبير وُجد منه ثلاثون مجلَّدًا، وكتاب "شجرة الذَّهب في معرفة أئمة الأدب"، وكتاب "معارف الأدب"، وغير ذلك مع ما تقدَّم.

قال ابنُ ناصر: تُوُفّي ابن فَضّال المُجَاشِعيّ في ثاني وعشرين ربيع الأوّل.

295-

عَليّ بن مقلَّد بن نصر بن مُنْقذ بن محمد.

الأمير سديد المُلْك أبو الحسن الكنانيِّ صاحب شيزر1.

1 السير "18/ 553".

ص: 168

أديب شاعرٌ. قدِم دمشقَ مرَّات. واشترى حصن شَيْزَر من الرّوم وكان أخا محمود بن صالح صاحب حلب من الرضاعة.

ومن شعره في غلام:

أَسْطُو عليه وقلبي لو تمكّن من

يديَّ غلَّهما غيْظًا إلى عُنقي

وأستعير إذا عاتبتُه حَنَقًا

وأين ذلُّ الهَوَى من عِزّة الحَنقِ

وكان قبل تملُّك شَيْزَر ينزل في نواحي شيزر، على عادة العرب؛ وقيل: إنّه حاصرها وأخذها بالأمان في سنة أربعٍ وسبعين. ولم تزل في يد أولاده إلى أن هدمتها الزَّلزلة، وقتلت سائر من فيها في سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة.

وكان جوادًا ممدَّحًا، مدحَه ابن الخيّاط، والخَفَاجيّ، وغيرهما.

وقيل: بل تُوُفّي سنة خمسٍ وسبعين وأربعمائة.

وهلك في الزَّلزلة حفيده تاج الدّولة محمد بن سلطان بن عليّ ابن عمّ الأمير أسامة الشاعر.

"حرف الفاء":

296-

الفضْل ابن العلَّامة أبي محمد عليّ بْن أَحْمَد بْن سعيد بن حَزْم.

أبو رافع القُرْطُبيّ1.

روى عن: أبيه، وابن عبد البَرّ.

وكتب بخطه علما كثيرا. وكان ذا أدبٍ ونباهة، وذكاء.

توفي رحمه الله بوقعة الزّلَّاقة شهيدا.

وكان مع مخدومه المعتمد.

"حرف الميم":

297-

محمد بْن أحْمَد بْن عثمان بْن أحْمَد بْن محمد.

أبو الفتح الخزاعيّ المطيريّ. المعروف بالباهر2.

1 الصلة "2/ 464".

2 المنتظم "9/ 33".

ص: 169

خطيب قصر هبيرة، من أعمال سامراء.

روى عن: عَلِيّ بْن أحمد بْن محمد بْن يوسف السّامرّيّ الرّفّاء، وأبي محمد الحَسَن بن محمد بن يحيى الفحام، وأبي عليّ شهاب الدّين العُكْبريّ، وأبي الحَسَن محمد بن جعفر بن محمد التّميميّ النَّحويّ الكوفيّ، وجماعة.

روى عنه: هبة الله السَّقطيّ، وأبو العزّ بن كادش.

وُلِد في رمضان سنة خمسٍ وثمانين وثلاثمائة.

وقال السَّقطيّ: مات بقصر هُبَيْرة. فذكر السّنة وقال: تسمَّح في حديثه عن الرّفّاء خاصة.

298-

محمد بن أحمد بن محمد بن يونس الأنصاريّ.

أبو عبد الله السَّرقسطيّ المقرئ1.

أخذ عن: أبي عَمْرو الدَّانيّ، وأبو عُمَر بن عبد البَرّ.

روى عنه: هبة الله بن الأكفانيّ.

299-

مُحَمَّد بْن عَبْد القادر بْن مُحَمَّد بْن يوسف.

أبو بكر البغداديّ، أخو أحمد2.

كان ورِعًا صالحًا لا يخرج من منزله إلَّا للصَّلوات.

سمع: أبا الفتح بن أبي الفوارس، وابا الحسين بن بِشْران، والحمَّاميّ.

روى عنه: إسماعيل بن السَّمرقنديّ، وعبد الوهاب الأنماطي.

قال ابن ناصر: كان عالمًا، متقنًا، مجوَّدًا، كثير السّماع، ورِعًا، ثقة.

هجر أخاه لكونه حضر مجلس أبي نصر بن القُشَيْريّ.

مات في ربيع الأوّل.

1 لم نقف عليه.

2 المنتظم "9/ 34".

ص: 170

300-

محمد بن عُبَيْد الله بن محمد.

أبو الفضل الصّرّام النَّيسابوريّ الصّالح العابد1.

سمع: أبا نعيم عبد الملك بن الحسن، وعبد الله بن يوسف بن ماموَيْه، وأبا الحَسَن العلويّ، وأبا عبد الله الحاكم، وجماعة.

روى عنه: وجيه الشّحّاميّ، وإسماعيل بن المؤذن، ومحمد بن جامع الصّوّاف، وعبد الله بن الفُراويّ، وجماعة.

وطال عُمره، ومات في شعبان، وكان أبوه من رؤساء نَيْسابور، وهو، فكان يقرأ القرآن في ركعة أو ركعتين. ويديم التّعبُّد والتلاوة رحمه الله.

301-

محمد بن الحَسَن بن منازل.

أبو سعْد المَوْصليّ الحدّاد الإسكاف2.

سمع: ابن مَخْلَد الرّزّاز، وأبا القاسم بن بِشْران.

وزعم أنّه سمع شيئًا من أبي الحسين بن بِشْران.

روى عنه: قاضي المَرِسْتان، وعبد الوهّاب الأنماطيّ، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ، وإسماعيل بن محمد الطّلْحيّ.

مات في شعبان. قاله السّمعانيّ.

302-

مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ هلال.

أبو الحَسَن بن الخبّازة، المستعمل العتّابي، الملقَّب بالْجُنَيد3.

سمع: أبا الحَسَن بن رزقُوَيْه، وأبا الحسين بن بِشْران، وغيرهما.

روى عنه: يحيى بن الطّرّاح، وابن السَّمرقنديّ، ومحمد بن مسعود بن السَّدنك.

توفّي في ذي الحجّة.

1 السير "18/ 483".

2 لا بأس به.

3 الأنساب "8/ 31".

ص: 171

303-

محمد بن عليّ بن إبراهيم الأُمَويّ.

يُعرف بابن قرْذِيال، أبو عبد الله الطُّليطليّ1.

سمع من: جماعة من رجال بلده.

وكان يُقرئ الفقه. وله تصنيفٌ في شرح البخاريّ.

ذكره ابن بَشْكُوال.

- محمد بن عمَّار.

قيل: قُتِل فيها. وقد مرّ سنة سبعٍ.

304-

محمد بن مُحَمَّد بْن عَليّ بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن عبد الوهّاب بْن سُليمان بْن مُحَمَّد بْن سُليمان بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن إبراهيم الإمام بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن عبّاس بن عبد المطّلب.

أبو نصْر الهاشميّ العبّاسيّ، الزَّينبيّ2.

مُسْنِد العراق في زمانه، وآخر من حدَّث عن المخلّص.

قال السّمعانيّ: شريف، زاهد، صالح، متعبِّد، دين، هجر الدّنيا في حداثته، ومال إلى التّصوُّف. وكان منقطعًا إلى رباط شيخ الشّيوخ أبي سعْد. وانتهى إسناد البَغَوي إليه. ورحل إليه الطَّلبة.

وسمع: المخلّص، وأبا بكر محمد بن عمر الورّاق، وأبا الحَسَن الحمّاميّ، وغيرهم.

ثنا عنه: ابنا أخيه عليّ ومحمد ابنا طِرَد، وأبو الفضل الأرْموَيّ، والفُرَاويّ، ووجيه الشّحّاميّ، وأبو تمّام أحمد بن محمد المؤيَّد بالله، ومحمد بن القاسم الشَّهرزوريّ، والمظفر بن أبي أحمد القاضي بسنجار، وإسماعيل الحافظ، وأبو نصر الغازي، وآخرون.

ثمّ قال: أنا فُلان وفُلان، إلى أن سمى سبعَة عشر رجلًا قالوا: ثنا أبو نصر

1 الصلة "2/ 555".

2 السير "18/ 443".

ص: 172

الزَّينبيّ، أنا المخلّص، ثنا البغويّ، نا أبو نصر التّمّار، عن حمّاد، فذكر حديث:"يوم يقوم النّاس لرب العالمين".

وقد وقع لي عاليا في أوّل المخلّصيّات.

وقال السّمعانيّ: سمعتُ أبا الفضل محمد بن المهتدي بالله يقول: كان أبو نَصْر إذا قُرئ عليه اللَّحن ردّه لكثرة ما قُرِئت عليه تلك الأجزاء.

قلت: كان أبو نصر أسند مَن بقي. وكذا أخوه طِراد، وكذا أخوهما نور الهدى الحسين، ومات سنة 512 عن اثنتين وتسعين سنة.

قال السّمعانيّ: سمعتُ إسماعيل الحافظ بإصبهان يقول: رَحَلَ أبو سعْد البغداديّ إلى أبي نصر الزَّينبيّ، فدخل بغداد، ولم يلْحقه، فحين أخبر بموته خرَّق ثوبه، ولطم، وجعل يقول: من أين لي عليّ بن الْجَعْد، عن شُعْبة؟ سألت إسماعيل الحافظ، عن أبي نصر فقال: زاهد صحيح السَّماع، آخر من حدَّث عن المخلّص.

قلتُ: آخر من حدَّث عنه هبة الله الشّبليّ القصّار؛ وبقي بعده يروي بالإجازة عن أبي نصْر أبي الفتح بن البطّيّ.

قال السّمعانيّ: وُلِد في صفر سنة سبعٍ وثمانين وثلاثمائة. وتُوُفّي في حادي وعشرين من جُمَادَى الآخرة.

305-

محمد بن محمد بن عليّ.

أبو الحسين البَجَليّ الكوفيّ، ويُعرف بالرُّزّيّ1.

عن: أبي الطّيّب أحمد بن عليّ الجعفريّ بن عشيق سمع منه سنة اثنتي عشرة وأربعمائة.

روى عنه: أبو الحَسَن بن الطُّيوريّ، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ.

ومات في جُمَادَى الآخرة سنة سبعٍ.

306-

محمد بن أبي جعفر محمد بن أحمد بن عمر بن المُسْلِمة2.

أبو عليّ.

1 لم نقف عليه.

2 المنتظم "9/ 33".

ص: 173

سمع من: جدّه أبا الفَرَج، وهلالًا الحفّار.

وعنه: أبو بكر قاضي المَرِسْتان، وأبو القاسم بن السَّمرقنديّ.

تُوُفّي في رمضان وله ثمانون سنة.

قال ابن النَّجَّار: كان زاهدًا متعبّدًا، له كرامات.

وسئل عنه المؤتمن بن أحمد فقال: كان شيخًا شديدًا في السُّنَّة ثَبْتًا في الحديث، لا يخرج إلَّا لجمعة.

307-

محمد بن أبي القاسم عبد الجبّار بن عليّ الإسفرائينيّ.

أبو بكر الإسكاف المتكلّم إمام الجامع المَنِيعيّ1.

سمع: أبا عبد الرحمن السُّلميّ، وأبا إسحاق الإسفرائينيّ المتكلّم، وجماعة.

أخذ عنه: أبو المظفّر السّمعانيّ، والكبار.

قال عبد الرحيم بن السّمعانيّ: ثنا عنه: إسماعيل العصائديّ، وأحمد بن العباس الشّقّانيّ، وأبو العبّاس الشّقّانيّ، وأبو القاسم محمد بن الحسين العَلَويّ.

مات في جُمَادَى الأولى سنة سبعٍ بَنْيسابور.

308-

مسعود بن سهل بن حَمَك.

أبو الفتح العميد النَّيسابوريّ2. أحد الأكابر.

حدَّث في هذا العام ببغداد.

توفي في شوّال.

عن: عليّ بن أحمد بن عَبْدان، والحسين بن محمد بن فَنْجُوَيْه الثَّقفيّ.

روى عنه: أبو محمد، وأبو القاسم ابنا السَّمرقنديّ.

وقد تزهَّد وحجَّ، وأنفق الأموال على الصُّوفية والعُبّاد، ولبس المرقَّعة.

وكان مولده سنة 458.

1 لا بأس به.

2 المنتخب من السياق "435 رقم 1474".

ص: 174

309-

المعتزّ بن عُبَيْد الله بن المعتزّ بن منصور1.

أبو نصْر البَيْهَقيّ، ولد الرئيس أبي مسلم.

سمع: عليّ بن محمد بن عليّ بن السّقاء الإسْفَرايينيّ، وأبا القاسم عبد الرحمن بن محمد السّرّاج.

روى عنه: أبو البركات بن الفُراويّ، وعبد الرحمن بن عبد الصّمد الفاينيّ المقرئ.

عاش خمسًا وسبعين سنة.

310-

منصور بن دُبَيْس بن عليّ بن مَزْيَد الأَسَديّ2.

أمير العرب بهاء الدّولة، صاحب الحلّة والنّيل.

كان فارسًا شجاعًا مذكورًا. أديبًا شاعرًا. ذا رأي وسماحة. قرأ الأدب وأخبار الجاهلية وأشعارها.

وقرأ النَّحو على: عبد الواحد بن برهان.

وكان عادلا حسن السيرة.

مات في الكهولة سامحه الله. وولي بعده ولده سيف الدولة صدقة بن منصور.

"حرف الواو":

311-

واقد بن الخليل بن عَبْد الله بْن أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن الخليل3.

الخطيب أبو زيد بن أبي يعلى القزويني، صاحب أبي الحَسَن عليّ بن إبراهيم القطّان.

قال شيرُوَيْه: سمعتُ منه بَهَمَذان وقزوين. وكان فقيهًا، فاضلًا، صدوقًا، مفتيًا.

1 لم نقف عليه.

2 وفيات الأعيان "2/ 491".

3 التدوين "4/ 202".

ص: 175

"حرف الهاء":

312-

هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بن المهتدي بالله.

أبو الحَسَن بن أبي الحسين بن الغريق. أحد الأعيان، وخطيب جامع القصْر1.

سمع: أبا بكر البَرْقانيّ.

روى عنه: ابن السَّمرقنديّ. وكان أفصح خُطَباء بغداد.

قُتِل رحمه الله في صَفَر في الفتنة.

"حرف الياء":

313 -

يحيى بن الموفق بالله أبي عبد الله الحسين بن إسماعيل بن زيد.

أبو الحسين العَلَويّ الحُسينيّ الزَّيديّ الشَّجريّ الرّازيّ2.

كان مفتي الزَّيدية ومقدّمهم وعالمِهم. وكان متفننًا من العِلم، والأدب، واللّغة.

سمع: ابن غَيْلان، والصُّوريّ، والعَتِيقيّ ببغداد، وأبا بكر بن ريذَة، وابن عبد الرّحيم الكاتب بإصبهان.

روى عنه: محمد بن عبد الواحد الدّقّاق، ونصْر بن مهديّ العَلَويّ، وأبو سعد يحيى بن طاهر السّمّان.

وكان ممّن عُنِي بالحديث والرحلة فيه.

تُوُفّي بالرَّيّ في سنة تسعٍ وسبعين.

وفيات سنة ثمانين وأربعمائة:

"حرف الألف":

314-

أحمد بن الحَسَن بن عليِّ بن عَمْر بن جعفّر بن عبد السَّلام.

أبو نصر بن الحدّاد الأزديّ التّبريزيّ3.

1 المنتظم "9/ 34".

2 البداية والنهاية "12/ 132".

3 لم نقف عليه.

ص: 176

قدِم في صَفَر إلى هَمَذَان، وحدَّث عن: محمد بن منصور الميْمذيّ.

قال شيرُوَيْه: قرأتُ عليه مصنَّفًا له في أُصول السُّنَّة، فأنكرتُ عليه مسائل فيه، فرجع إليَّ فيها.

315-

أحمد بن عليّ بن محمد.

أبو نصر الهبَّاري، البصْريّ1.

شيخ مُسنّ يخضب. قدِم مَرْو، وحدَّث بسُنَن أبي داود عن: أبي عمر الهاشميّ. وحدَّث بالسُّنن ببُخَارى، واتُّهم في ذلك. قال محمد بن عبد الواحد فيه: كذّاب لا تحلّ الرواية عنه.

وكذا كذبه غيره.

وحدَّث بمَرْو في هذا العام. وسيُعاد.

316-

أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن عُمَر.

أَبُو الحَسَن البغداديّ الأَوَانيّ البزّاز2.

سمع: أبا علي بن شاذان.

روى عنه: إسماعيل بن السَّمرقنديّ.

وتُوُفّي فِي شوال.

317-

أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد.

أبو القاسم العاصميّ البُوشَنْجيّ3.

سمع: أبا الحسين بن العالي، وعفيف بن محمد الخطيب.

روى عنه: أبو الوقْت، وعبد الجليل بن منصور العدْل.

مات في المحرَّم عن نحوٍ من ثمانين سنة.

1 الميزان "1/ 122".

2 لم نقف عليه.

3 لا بأس به.

ص: 177

318-

أحمد بن أبي الربيع محمد بن أحمد بن عبد الواحد.

الحافظ أبو طاهر الإسْتِرَاباذيّ1.

سمع: أباه، وأبا سعْد المالينيّ، وعليّ بن عَمْر الأَسَدَابَاذيّ.

روى عنه: الرُّستميّ، وطائفة.

مات في رجب.

319-

إسماعيل بن عبد الله بن موسى.

أبو القاسم السّاويّ2.

تُوُفّي في جُمَادَى الأولى. كان صدوقًا فاضلًا، أملى مجالس.

سمع: أبا بكر الحِيريّ.

ورحل فسمع ببغداد: أبا محمد السُّكّريّ، وابن الفضل القطّان، وجماعة.

روى عنه: زاهر الشّحّاميّ، وابنه عبد الخالق، وأخوه وجيه، وعبد الله بن الفُراويّ.

"حرف الحاء":

320-

الحَسَن بن عليّ بن العلاء بن عَبْدَوَيْه3.

أبو عليّ البُشْتيّ، وبُشت: بالمعجمة، ناحية من أعمال نَيْسابور، غير بُسْت التي بالمهملة.

كان واعظًا فاضلًا، كبير القدْر. لكنه كان قليل العقل، يأكل في الطُّرق، ويسفّه، ويطرق على الأبواب.

ثمّ عَمِي، وبقي في حالٍ زَرِيّ، فكان يؤذيه الصِّبْيان، ويبسط هو لسانه فيهم.

قاله ابن السّمعانيّ.

1 انظر السابق.

2 البداية والنهاية "12/ 133".

3 الأنساب "2/ 226".

ص: 178

سمع: ابن مَحْمِش الزياديّ، وأبا عبد الرحمن السُّلميّ، وعليّ بن محمد السقاء وغيرهم.

روي عنه: أبو الأسعد هبة الرحمن، وشريفة بنت الفراوي، وإسماعيل بن أبي صالح المؤذن، وآخرون.

تُوُفّي في رمضان. وكان أبوه أبو الحَسَن من كبار الشّافعيّة.

"حرف الشين":

321-

شافع بْن صالح بْن حاتم1.

الفقيه أبو محمد الجيليّ الحنبليّ، الفقيه الزّاهد.

قدِم بغداد بعد الثَّلاثين وأربعمائة. ولزم القاضي أبا يَعْلَى، وكتب معظم مصنَّفاته، وبرع في الأُصُول والفروع، وسمع الحديث، ودرّس وأفاد. وكان ذا تقشُّف.

وعنه سمع من ابن غَيْلان.

"حرف العين":

322-

عبد الله بن الحسين.

الإمام أبو الفضل ابن الجوهريّ المصريّ الواعظ2.

منن جلَّة مشايخ بلده ومن بيت العِلْم.

روى عن: أبي سعْد المالينيِّ.

أخذ عنه: أبو عبد الله الحُمَيْدِيّ، وغيره.

وكان أبوه من كبار العلماء والصُّلحاء.

أنشد أبو الفضل على كرسي وعظه:

أقبل جيش الهجر في موكبٍ

بين يديه علمٌ يخفق

1 طبقات الحنابلة "2/ 247".

2 السير "18/ 495".

ص: 179

وصار قلبي في حصار الهوى

كأنما النار له تحرق

مات في سابع عشر شوال من السّنة.

وروى عنه: علي بن المشرف الأنماطي، وطائفة من مشيخة السلفي.

واسم جده سعيد.

323-

عبد الله بن سهل بن يوسف.

أبو محمد الأنصاري الأندلسي المرسي المقرئ1.

أخذ عن: أبي عَمْر الطَّلمنكيّ، ومكّيّ، وأبي عمرو الدّانيّ.

ورحل فأخذ بالقيروان عَن مصنّف الهادي في القراءات، أبي عبد الله محمد بن سُفيان، وأبي عبد الله محمد بن سُليمان الأُبِّيّ.

وكان ضابطًا للقراءات وطُرُقها، عارفًا بها، حاذقًا بمعانيها.

أخذ النّاس عنه.

قال أبو عليّ بن سكَّرة: هو إمام أهل وقته في فنّه، لقيته بالمريّة.

لازم أبا عَمْرو الدّانيّ ثمانية عشر عامًا، ثمّ رحل ولقي جماعة. وأقرأ بالأندلس، وبَعُد صِيتُه. فمن شيوخه: الطَّلمنكيّ، ومكّيّ، وأبو ذر الهَرَويّ، وأبو عِمران الفاسيّ، وأبو عبد الله بن غالب، وحسن بن حمَّود التونسيّ، وعبد الباقي بن فارس الحمصيّ.

قال: وجرت بينه وبين أبي عَمْرو شيخه عند قدومه منافسه، وتقاطعا، وكان أبو محمد شديدًا على أهل البِدَع، قوّالًا بالحقّ مَهيبّا، جَرَت له في ذلك أخبار كثيرة، وامتحِن بالتّغرُّب، ولَفَظَتْهُ البلاد، وغمزه كثيرٌ من النّاس، فدخل سبْتة، وأقرأ بها مُدَيْدة، ثمّ خرج إلى طَنْجَة، ثمّ رجع إلى الأندلس، فمات برُنْدَة.

قال ابن سكَّرة، عزمتُ على القراءة عليه، فقطع عن ذلك قاطعٌ.

قال القاضي عياض: وقد حدَّث عنه غير واحدٍ من شيوخنا، وثنا عنه شيخنا أبو إسحاق بن جعفر. وحدَّث عنه خالي أبو بكر محمد بن عليّ.

1 الميزان "2/ 437".

ص: 180

وقال أبو الإصبغ بن سهل: أشْكَلَتْ عليَّ مسائل من علم القرآن، لم أجد في من لقيت من يشفيني، حتّى لقيته.

قال: وكانت بينه وبين القاضي أبي الوليد الباجي منافرة عظيمة، بسبب مسألة الكتابة، فكان ابن سهل يلعنه في حياته، وبعد موته، فأدى ذلك أصحاب الباجيّ إلى القول في ابن سهل، والإكثار عليه.

قلت: وقرأ عليه بالروايات أبو الحَسَن عبد العزيز بن عبد الملك بن شفيع المذكور في أسانيد الشّاطبيّ.

324-

عبد الباقي بن أحمد بن هبة الله:

أبو الحَسَن البزاز. صهْر المقرئ أبي عليّ الأهوازيّ1.

دمشقيّ، سمع من: الأهوازيّ، وأبي عثمان الصابوني، وابن سلوان المازنيّ.

روى عنه: أبو القاسم الخضر بن عَبَدان.

وذكر هبة الله بن طاوس أنّ هذا زوَّر سماعًا لنفسِه في جزء.

325-

عبد الرحيم بن أبي عاصم بن الأحنف.

أبو سعْد الهَرَويّ الزّاهد2.

سمع من: أبي محمد حاتم بن محمد بن يعقوب الميت في سنة 454.

326-

عبد الملك بن الحَسَن بن خَبْرون بن إبراهيم.

أبو القاسم الدّبّاس، أخو الحافظ أبي الفضل أحمد3.

كان من خيار البغداديّين وسراتهم وصُلحائهم.

سمع من: البَرْقَانيّ، وعبد الملك بن بِشْران.

روى عنه: ابنهُ المقرئ أبو منصور محمد، وعبد الوهّاب الأنماطيّ.

ومات في ذي الحجّة.

1 لسان الميزان "3/ 383".

2 في عداد المجهولين.

3 المنتظم "9/ 39، 40".

ص: 181

327-

عبد الواحد بن إسماعيل.

الإمام أبو القاسم البوشنجيّ الفقيه1.

328-

عَليّ بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن اللَّيث.

أبو الحسن الناتقيّ، ثمّ النيَّسابوريّ2.

سمع: أبا طاهر بن مَحْمِش.

وعنه: زاهر الشّحّاميّ، وبنته سعيدة بنت زاهر، وعائشة بنت الصّفّار، والحسين بن عليّ الشّحّاميّ، وغيرهم.

تُوُفّي في سلخ جُمَادَى الأولى.

329-

عليّ بْن أَبِي بَكْر أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن يوسف.

أبو الحسن الفارسيّ ثمّ النَّيسابوريّ3.

سمع: ابن مَحْمِش، وأبا بكر الحِيريّ، وجماعة.

حدَّث عنه: عبد الخالق بن زاهر، وغيره.

أرَّخه السّمعانيّ في رابع ربيع الأوّل.

"حرف الفاء":

330-

فاطمة بنت الحَسَن بن عليّ4.

أمّ الفضل البغداديّة الكاتبة، المعروفة ببنت الأقرع.

كانت تكتب طريقة ابن البوَّاب.

كتب النّاس وجوَّدوا على خطها، وهي التي أُهِّلَتْ لكتابة كتاب الهُدْنة إلى ملك الروم من الدّيوان العزيز.

1 طبقات الشافعية "3/ 283" للسبكي.

2 لا بأس به.

3 انظر السابق.

4 السير "18/ 480".

ص: 182

يُضرب المثل بحُسن خطها. وكان لها سماعٌ عالٍ.

رَوَت عن: أبي عَمْر بن مهديّ، وغيره.

روى عنها: أبو القاسم بن السَّمرقنديّ، وأبو البركات الأنْماطيّ، وأبو سعْد البغداديّ الأصبهاني، وقاضي المرستان، وغيرهم.

قال السّمعانيّ: سمعتُ محمد بن عبد الباقي: سمعتُ فاطمة بنت الأقرع قالت: كتبتُ ورقةً لعميد الملك أبي نصر الكُنْدُريّ، فأعطاني ألف دينار تُوُفِّيت في المحرَّم.

331-

فاطمة بنت الأستاذ أبي عليّ الحَسَن بن عليّ الدّقّاق.

أمّ البنين النيَّسابوريّة الحُرّة الزّاهدة، زوجة أبي القاسم القُشَيْريّ وأمّ أولاده1.

سمعت: أبا نُعَيم عبد الملك الإسفرائينيّ، وأبا الْحَسَن العَلَويّ، وعبد اللَّه بْن يوسف الأصبهاني، وأبا عليّ الرُّوذباريّ، وأبا عبد الله الحاكم، وأبا عبد الرحمن السُّلميّ، وغيرهم.

روى عنها: سِبْطُها أبو الأسعد هبة الرحمن، وعبد الله بن الفُراويّ، وزاهر الشّحّاميّ، وآخرون.

وأوّل سماعٍ لها من أبي الحَسَن العَلَويّ، وذلك في سنة ثمانٍ وتسعين وثلاثمائة. وعُمرت تسعين سنة.

وكانت عابدةً، قانتة، مُتَهجِّدة، متبتِّلة.

تُوُفّيت في ثالث عشر ذي القعدة.

قال أبو سعْد السّمعانيّ: كانت فخر نساء عصرها، ولم يُرَ نظيرها في سيرتها، كانت عالمة بكتاب الله، فاضلة. إلى أن قال: سمعت من أبي نُعَيم، والعَلَويّ.

ثمّ قال: ولدت سنة إحدى وأربعمائة؛ وهذا غلظٌ بيّن والصّواب أنّها وُلِدت قبل ذلك بمدّة.

332-

الفضل بن محمد بن أحمد. أبو القاسم المدينيّ البقّال2.

مات في رمضان.

1 السير "18/ 479".

2 لم نقف عليه.

ص: 183

"حرف الميم":

333-

محمد بن إبراهيم بن علي.

العلّامة أبو الخطّاب الكعْبي الطَّبريّ شيخ الشّافعيّة ببُخارى1.

تفقَّه بأبي سهل أحمد بن عليّ الأَبيوَرْديّ.

وكان من العلماء الزُّهّاد، تخرَّج به الأصحاب.

قال السّمعانيّ: حتّى كان يقعد بين يديه أكثر من مائتي فقيه على ما قيل.

سمع من شيخه أبي سهل، والحسن بن أبي المبارك الشّيرازيّ الحافظ، ومكّيّ بن عبد الرّزّاق الكُشْمِيهَنيّ، ومحمد بن عبد العزيز القنْطريّ، وعبد الكريم بن عبد الرحمن الكَلَاباذيّ، والمظفّر بن أحمد.

نا عنه عثمان بن عليّ البِيكَنْدِيّ.

مات ببُخَارى في ربيع الأوّل.

334-

محمد بن الحَسَن بن عليّ بن أحمد2.

أبو طاهر الحلبيّ المعروف بابن المِلْحيّ.

روى عن: رشأ بن نظيف، وأبي عليّ الأهوازيّ، وجماعة.

وعنه: ابن الأكفانيّ.

335-

محمد بن أبي سعيد أَحْمَد بْن الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن أحْمَد بْن سُلَيْمَان.

أبو الفضل البغداديّ، ثمّ الأصبهاني3.

من بيت العِلم والحديث. كان واعظًا، عالمًا، فصيحًا، حلو المَنْطق، عارفًا بالتّفسير، له مشيخة خرَّج فيها عن جماعة منهم: أبوه، وأبو الحسين بن فاذشاه، وابن ريذَة، وعبد العزيز بن أحمد بن فادويه، وغيرهم.

1 لا بأس به.

2 انظر السابق.

3 السير "18/ 531".

ص: 184

روى عنه: ابنه الحافظ أبو سعْد أحمد، وإسماعيل بن السَّمرقنديّ، وعبد الوهّاب بن الأنماطيّ.

حجّ، ورجع، فأدركه أجله ببَغْدَاد، في صَفَر، رحمه الله.

336-

مُحَمَّد بْن هلال بْن المحسِّن بْن إِبْرَاهِيم بن هلال بن الصّابئ:

أبو الحَسَن البغداديّ، غرس النّعمة1.

من بيت الكتابة والبلاغة والتَّاريخ. جمع ذيلًا على تاريخ أبيه.

وكان عاقلًا، لبيبًا، رئيسًا مُبَجّلًا.

سمع: أبا عليّ بن شاذان، وغيره.

روى عنه: ابن السَّمرقنديّ، والأنماطيّ.

وتُوُفّي في ذي القعدة عن ستِّين سنة، أو أربعٍ وستّين سنة. وله أيضًا كتاب "الربيع"، وكتاب "الهفَوات".

337-

مسعود بن سهل بن حَمَك2.

أبو الفتح النَّيسابوريّ، نزيل مَرْو.

كان أحد الرؤساء المتموّلين.

روى عن: عليّ بن أحمد بن عَبْدان الأهوازيّ، وجماعة.

تُوُفّي في حدود هذه السَّنة. وقد ذُكر سنة تسعٍ أيضًا.

ومن المتوفين تقريبًا:

"حرف الألف":

338-

إسماعيل بن أحمد بن حسن.

الفقيه أبو سريج الشّاشيّ الصُّوفيّ3.

1 وفيات الأعيان "6/ 101-105".

2 سبق الترجمة له.

3 لا بأس به.

ص: 185

شيخ جوّال، لقي المشايخ والصُّلحاء، وحدَّث بَنْيسابور، وغيرها.

سمع بهَرَاة: أبا الحَسَن محمد بن عبد الرحمن الدّبّاس، وأبا عثمان سعيد بن العبّاس القُرَشيّ.

روى عنه: عبد الغفّار الفارسيّ ووثّقه، وأثنى عليه في سياقه، ولقِيه سنة سبعين.

339-

إسماعيل بْن أحمد بْن محمد بن محمد بْن يحيى بن مُعَاذ الرّازيّ1.

أبو إبراهيم.

شيخ من أهل نَيْسابور. صدوق خيّر.

سمع: عبد الملك بن أبي عثمان الخَرْكُوشيّ الواعظ، وغيره.

روى عنه: سعيد بن الحُسين الجوهريّ، شيخٌ لعبد الرحيم بن السّمعانيّ.

340-

إفرائيم بن الزّفّان.

أبو كثير اليهوديّ المصريّ، الطَّبِيب2.

خدم ملوك الباطنية بمصر، ونال دنيا عريضة، واقتنى من الكُتُب شيئًا كثيرًا. وهو أمهرُ تلامذة عليّ بن رضوان المذكور في سنة ثلاثٍ وخمسين.

وكان إفرائيم في أيَّام الأفضل ابن أمير الجيوش. وخلَّف من الكُتُب ما يزيد على عشرين ألف مجلَّد، ومن الأموال شيئًا كثيرًا.

"حرف الجيم":

341-

الْجُنَيْد بن القاسم.

أبو محمد المُحْتاجي، خطيب مَيْهَنَة3.

سمع: أبا بكر الحيريّ، وأبا إسحاق الإسفرائينيّ.

1 انظر السابق.

2 الوافي بالوفيات "9/ 296".

3 لم نقف عليه.

ص: 186

روي عَنْهُ: حفيده محمد بْن أَحْمَد بْن الْجُنَيْد. وسماعه منه في سنة اثنتين وسبعين.

"حرف السين":

342-

سعيد بن محمد بن أَحْمَد بن سعيد بن صالح1.

البقّال أبو القاسم الأصبهاني الحافظ.

عن: ابن المَرْزُبان الأبْهَريّ، وابن مَرْدَوَيْه، وخلْق.

وهو والد قُتَيْبة بن سعيد البقّال، وأخته لامِعَة، ذكرهم ابن نُقْطَة مختصرًا.

343-

سُليمان بن أبي الفضل عبّاس بن سُليمان2.

الشّيخ أبو محمد القيروانيّ، مُسْنِد معمَّر، أجاز له من الحجاز أبو الحَسَن أحمد بن إبراهيم بن فراس، وأبو القاسم عُبَيْد الله السَّقطيّ.

وأجاز له من القيروان أبو الحَسَن القابسيّ.

سمع منه: أبو عليّ الصَّدفيّ، وغيره.

وقال: قال لي: لمّا ولدتُ ذهب أبي إلى أبي الحَسَن القابسيّ، فقال: سمِّه باسم الأعمش.

أنا سُليمان، أنا ابن فِراس كتابةً، أنا نافلة بن المقرئ، فذكر حديثًا.

"حرف الشين":

344-

شبيب بن أحمد بن محمد بن خُشنام البَسْتِيغيّ النَّيسابوريّ3.

أبو سعْد.

وُلِد سنة ثلاثٍ وتسعين وثلاثمائة.

سمع: أبا نعيم عبد الملك الإسفرائيني، وأبا الحسن العلويّ، وغيرهما.

1 انظر السابق.

2 لا بأس به.

3 سبق الترجمة له.

ص: 187

روى عنه: أبو عبد اللَّه الفراوي، وزاهر الشَّحّاميّ، وأخوه وجيه، وأبو الأسعد القُشَيْريّ.

ذكره ابن السَّمعانيّ في الأنساب، وقال: كان من الكرَّاميّة.

وبَسْتِيغ: قرية من سواد نَيْسابور.

تُوُفّي في

وسبعين وأربعمائة.

"حرف العين":

345-

عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عُمَر.

أبو محمد الطُّليطليّ، ويُعرف بابن الأديب1.

روى عن: الصّاحبين أبي إسحاق بن شَنْظِير، وأبي جعفر بن ميمون، وعَبْدُوس بن محمد، وأبي عبد الله الفخّار.

وسمع على: أبي القاسم البراذعيّ كتابه في اختصار المدوّنة. وعُمّر دهرًا. وحمل النّاس عنه.

قال ابن بَشْكُوال: كان في عشر الثّمانين وأربعمائة.

346-

عبد الرحمن بن عبد الله بن أسد الْجُهَنيّ.

أبو المطرِّف الطُّليطليّ2.

روى عن: محمد بن مغيث، وأبي محمد القشاريّ.

ولقي بمكّة أبا ذر الهَرَويّ.

وكان ثقة، محدّثًا، فقيهًا، مشاوَرًا، ذا خيرٍ وتواضع، وسنّ وجلالة.

تُوُفّي قبل الثمانين.

347-

عبد الرحمن بن محمد بن اللّبّان.

الصّنهاجيّ القرطبيّ3.

1 الصلة "1/ 285".

2 الصلة "1/ 343".

3 السابق.

ص: 188

روى عن: مكّيّ بن أبي طالب، وأبي عَمْر أحمد بن مهديّ.

واختص بمحمد بن عتَّاب.

وكان عارفًا، نبيهًا، يقظًا، كامل الأدوات، مليح الخطّ.

تُوُفّي في نحو الثَّمانين أيضًا.

348-

عبد الرحمن بن محمد بن يونس بن أفلح.

أبو الحَسَن الأندلسيّ1.

من كبار النُّحاة.

أخذ عن: أبي تمّام القطينيّ، وأبي عثمان الأصفر.

حمل النّاس عه.

ومات بإشبيلية في حدود الثّمانين أو بعدها.

349-

عبد الصّمد بن سعدون.

أبو بكر الصَّدفيّ، المعروف بالرّكانيّ الطُّليطليّ2.

روى عن: قاسم بن محمد بن هلال.

وحجّ، وسمع بمصر من: أبي محمد بن الوليد، وأبي العبّاس أحمد بن نفيس، وأبي نصر الشيرازيّ.

وكان صالحًا يلقّن القرآن.

وتُوُفّي بعد سنة خمسٍ وسبعين، قاله ابن بَشْكُوال.

350-

عبد الوهّاب بْن محمد بْن الحَسَن بْن إبراهيم.

أبو محمد الجزريّ البروجرديّ3، نزيل اليمن.

مقرئ فاضل.

1 الصلة "2/ 344".

2 السابق "2/ 377".

3 لا بأس به.

ص: 189

سمع: أبا عمر بن مهدي ببغداد، وأبا محمد بن النّحّاس بمصر.

روى عنه: مكّيّ الرُّميليّ، وابن طاهر المقدسيّ، ومحمد بن القاسم الحلوانيّ.

تُوُفّي بعد السّبعين. قاله السّمعانيّ.

351-

عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحمد بن محمد بن حسْكان1.

القاضي أبو القاسم بن الحذَّاء القُرَشيّ النَّيسابوريّ الحنفيّ الحاكم، الحافظ.

شيخ متقن، ذو عناية تامّة بالحديث والسَّماع. أسنّ وعُمِّر، وهو من ذُرّيّة عبد الله بن عامر بن كُرَيْز. سمع وجمع وصنَّف، وجمع الأبواب والطُّرف، وتفقَّه على القاضي أبي العلاء صاعد.

وحدَّث عن: جدّه، والسّيد أبي الحَسَن العَلَويّ، وأبي عبد الله الحاكم، وابن مَحْمِش الزّياديّ، وعبد الله بن يوسف، وأبي الحَسَن بن عَبْدان، وابن فَنْجُوَيْه، وأبي الحَسَن بن السّقّاء، وابن باكُوَيْه، وأبي حسّان المُزَكّيّ، ومن بعدهم إلى أبي سعْد الكَنْجَرُوذيّ، وطبقته.

واختصّ بأبي بكر بن الحارث الأصبهاني، وأخذ عنه.

وكذا أخذ العلم عن أحمد بن عليّ بن فَنْجُوَيْه.

وما زال يَسمع ويُسمع ويُحدِّث ويفيد.

وقد أكثر عنه أبو الحَسَن عبد الغفّار بن إسماعيل، وذكره. ولم أجدْه ذكر له وفاةً. وقد بقي إلى بعد السّبعين وأربعمائة.

ووجدتُ له مجلسًا في تصحيح "ردّ الشَّمس وترغيم النّواصب2 الشُّمس". وقد تكلَّم على رجاله كلامَ شيعيٍّ عارفٍ بفنّ الحديث.

ويُعرف بالحَسّكانيّ.

فابن حسْكوَيْه الذي روى عنه عبد الخالق الشّحّاميّ آخر يأتي سنة ثمانٍ وثمانين، اسمه عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بن أحمد بن حسكويه أبو سعد.

1 السير "18/ 268".

2 النواصب: الشيعة.

ص: 190

352-

علي بْن الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن بَكْر.

أبو الحَسَن المحكَّميّ الأسَتِرَاباذيّ الفقيه الأديب1.

سمع الحديث، وأكثر منه. وعُمّر حتّى حدَّث وحُمل عنه.

سمع بأسداباذ: أبا عبد الله بن شاذي الْجِيليّ، وأبا القاسم نصْر بن أحمد.

وببغداد: أبا الحسين بن بِشْران، وأبا الحَسَن الحمَّاميّ، وجماعة.

وبَنْيسابور: أبا بكر الحِيريّ، وغيره.

وبإصبهان وغيرها.

روى عنه: هبة الله ابن أخت الطّويل الهَمَذانيّ.

ووُلِد سنة ثلاثٍ وتسعين وثلاثمائة.

"حرف الميم":

353-

محمد بْن أحمد بْن عثمان.

أبو عبد الله القَيْسيّ الأندلسيّ ابن الحدّاد الشّاعر المشهور. ولقَبُه: مازن2.

من أهل مدينة وادي آش، سكن المَرِيّة.

ذكره ابن الأبّار فقال: كان من فُحُول الشُّعراء، وأفراد البُلَغاء، له ديوان كبير، ومؤلَّف في العروض. اختصَّ بالمعتصم محمد بن مَعْن بن صُمَادح، وفيه استفرغ مدائحه. ثمَّ سار عنه إلى سَرَقُسْطَة وأقام في كنف المقتدر بن هود.

توفّي في حدود الثّمانين وأربعمائة.

354-

محمد بن أحمد بن أبي الحَسَن العارف المَيْهَنيّ3.

أبو الفضل. شيخ صالح، ثقة، صوفيّ.

سمع الكثير.

1 المشتبه "2/ 577".

2 السير "18/ 601".

3 لا بأس به، في عداد العلماء المستورين.

ص: 191

حدَّث بمرو عن: أبي بكر الحِيريّ، وأبي سعد الصَّيرفيّ، وجماعة.

وعن: جدّه أبي العبّاس.

سمع منه أبو المظفّر السّمعانيّ وابنُه "مُسْنَد الشّافعيّ" في سنة ثمانٍ وسبعين وأربعمائة.

روى عنه: أبو الفتح محمد بن عبد الرحمن الخطيب الكُشْمِيهَنيّ، والحافظ أبو سعْد محمد بن أحمد بن محمد بن الخليل، ومحمد بن أحمد بن الْجُنَيْد المُحْتاجيّ، والعبّاس بن محمد العصّاريّ، وعبد الواحد بن محمد التُّونيّ، وسعيد بن سعْد المَيْهَنيّ، وآخرون.

سمع منهم عبد الرّحيم بن السّمعانيّ.

355-

محمد بن عليّ بن حيدرة.

أبو بكر الهاشميّ الجعفريّ البخاريّ1.

تفقَّه على القاضي أبي عليّ الحُسَيْن بن الخضر النَّسفيّ.

وسمع الكثير، وأملى عن: أبي الطَّيِّب إسماعيل بن إبراهييم الميدانيّ صاحب خَلَف الخيّام. وعن: إبراهيم بن سَلَم الشِّكَانيّ، وأبي مقاتل أحمد بن محمد بن حمدي، ومحمد بن أحمد الغُنْجار الحافظ.

ولد قبل الأربعمائة.

حدَّث عنه: عثمان بن عليّ البَيْكَنْديّ، وجماعة.

356-

محمد بن عليّ بن محمد بن جُولة.

أبو بكر الأبْهَريّ الأصبهاني2.

عن: أبي عبد الله محمد بن إبراهيم الْجُرْجانيّ، وأبي بكر بن مَرْدَوَيْه.

وعنه: أبو المُنَازِل عبد العزيز الأدميّ، وأبو سعْد أَحْمَد بْن مُحَمَّد الْبَغْدَادِيّ، وأحمد بْن حامد بن أحمد بن محمود الثّقفيّ، وأبو مسعود عبد الجليل كوتاه.

1 الأنساب "3/ 267".

2 المشتبه "1/ 274".

ص: 192

357-

محمد بن الفضل بن جعفر1.

أبو عبد الله المَرْوَزِيّ الخَرَقِيّ الزّاهد.

من أهل قرية: خَرَق.

قال السّمعانيّ: كان فقيهًا ورعًا زاهدًا متبرِّكًا به.

سمع: محمد بن عمر بن طُرفة السِّجْزِيّ، وعليّ بن عبد الله الطَّيسفونيّ. وكان في الزُّهد والورع إلى غاية.

وُلِد قبل سنة أربعمائة، وبقي إلى حدود سنة ثمانٍ وسبعين.

ثنا عنه عبد الواحد بن محمد التُّونيّ.

358-

محمد بْن محمد بْن زيد بْن عليّ بْن موسى2.

الشّريف المُرْتَضَى أبو المعالي، وأبو الحَسَن. ذو الشَّرفين، العَلَويّ، الحُسَينيّ.

وُلِد ببغداد وسمع بها من: أبي القاسم الحرفيّ، وأبي عبد الله المَحَامليّ، والبَرْقَانيّ، وطلحة الكِنَانيّ، ومحمد بن عيسى الهَمَذانيّ، وأبي عليّ بْن شاذان، وأبي القاسم بْن بِشْران، وطائفة.

وتخرَّج بأبي بكر الخطيب ولازمه. روى عنه: الخطيب شيخه، وأبو العبّاس المُسْتَغفِريّ أحد شيوخه، وزاهر الشّحّاميّ، ويوسف بن أيّوب الهَمَذانيّ، وأبو الأسعد بن القُشَيْريّ، وهبة الله السّيِّديّ، وخلْق آخرهم وفاةً الخطيب أبو المعالي المَدِينيّ.

وممّن حدَّث عنه: أبو طالب محمد بن عبد الرحمن الحِيريّ، وأبو الفتح أحمد بن الحسين الأديب السمَّرقنديّ؛ حدَّث هذا عنه بالإجازة.

قال فيه السّمعانيّ: أفضل عَلويّ في عصره، له المعرفة التّامّة بالحديث. وكان يرجع إلى عقلٍ وافر، ورأيٍ صائب. وبرع على الخطيب في الحديث.

ونقل عنه الخطيب، أظنُّ في كتاب "البخلاء". ورُزق حسن التّصنيف وسكن في آخر عُمره سمرقند، ثمَّ قدم بغداد وأملى بها.

1 لم نقف عليه.

2 السير "18/ 520".

ص: 193

وحدَّث بإصبهان، ثمّ ردّ إلى سَمَرْقَند.

سمعتُ يوسف بن أيّوب الهَمَذانيّ يقول: ما رأيت علويًّا أفضل منه. وأثنَى عليه.

وكان من الأغنياء المذكورين. وكان كثير الإيثار، ينفّذ كلّ سنةٍ إلى جماعةٍ من الأئمّة إلى كلّ واحدٍ ألف دينار أو خمسمائة أو أكثر، وربّما يبلغ مبلغَ ذلك عشرةَ آلاف دينار، ويقول: هذه زكاة مالي، وأنا غريب، ففرِّقوا على من تعرفون استحقاقه.

ويقول: كلّ من أعطيتموه شيئًا، فاكتتبوا له خطًّا، وأرسِلُوه حتَّى نُعطيه من عُشْر الغلَّة.

وكان يملك قريًا من أربعين قرية خالصة بنواجي كِش. وله في كلّ قرية وكيلٌ أوْفَى من رئيسٍ بسَمَرْقَند.

قلت: هذا من فرط المبالغة من السّمعانيّ.

ثمّ قال: سمعتُ أبا المعالي محمد بن نصر الخطيب يقول ذلك، وكان من أصحاب الشّريف. وسمعتُ أبا المعالي يقول: إنَّ الشّريف عمل بستانًا عظيمًا، فطلب ملك سمرقند وما وراء النَّهر الخضر خاقان أنْ يحضر البُسْتان، فقال الشّريف السّيّد لحاجب الملك: لا سبيل إلى ذلك. فألح عليه، فقال: لكنْ لا أحضُر، ولا أهيّئ آلة الفِسْق والفساد لكم، ولا أفعل ما يعاقبني الله عليه في الآخرة.

فغضب الملك، وأراد أن يمسكه، فاختفى عن وكيل له نحو شهرين، ونُوديَ عليه في البلد، فلم يظفروا به. ثمّ أظهروا النَّدم على ما فعلوه، فألحّ عليه أهله حتّى ظهر، وجلس على ما كان مدّة.

ثمّ إنّ الملك نفَّذ إليه يطلبه ليشاوره في أمر، فلمَّا استقرَّ عنده أخذه وسجنه، وأخذ جميع ما يملكه من الأموال والجواهر والضّياع، فصبَر وحمد الله، وقال: مَن يكون من أَهْلِ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا بدّ وأن يُبتَلَى. وأنا قد ربِّيت في النّعمة،

ص: 194

وكنتُ أخاف لا يكون وَقَعَ خَلَلٌ في نسبي، فلمَّا وقع هذا فرِحْتُ، وعلمتُ أنّ نسبي متّصل1.

قال لنا أبو المعالي: فسمعنا أنّهم منعوه من الطّعام حتّى مات جوعًا. ثمّ أُخرج من القلعة ودُفن2.

وهو من ولد عليّ بن زين العابدين عليّ بن الحسين رضي الله عنه.

قال السّمعانيّ: قال أبو العبّاس الجوهريّ: رأيتُ السّيّد المرتضى أبا المعالي بعد موته وهو في الجنّة، وبين يدية مائدة من طعام، وقيل له: ألا تأكل؟ قال: لا، حتى يجيء ابني، فإنّه غدًا يجيء. فلمّا انتبهت، وذلك في رمضان سنة اثنتي وتسعين، قُتِل ابنه أبو الرّضا في ذلك اليوم.

وُلِد السّيّد المرتضى رضي الله عنه في سنة خمسٍ وأربعمائة، واستشهد بعد سنة ستٍّ وسبعين، وقيل: سنة ثمانين. قتله الخاقان خَضِر بن إبراهيم صاحب ما وراء النَّهر.

وقد قدِم رسولًا من سلطان ما وراء النَّهر إلى الخلفية القائم بأمر الله في سنة ثلاثٍ وخمسين.

قلت: وقع لنا من تصنيفه كتاب "فرحة العالِم"، سمعناه بالإجازة العالية من ابن عساكر. وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ أَبُو الْمُظَفَّرِ بْنِ السَّمْعَانِيِّ، كِتَابَةً: أنا أَبُو الأَسْعَدِ بْنُ الْقُشَيْرِيِّ، أنا أَبُو الْمَعَالِي مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحُسَيْنِيُّ الْحَافِظُ، أنا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْفَارِسِيُّ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ نَجِيحٍ، ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ، وَسَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ قَالا: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلاقَةَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ قَالَ:"أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وأصحابه كأنّما على رؤوسهم الطَّير"3.

الفارسيّ هو ابن شاذان.

359-

مُطَهَّر بن يحيى بْن مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن جعفر بن محمد بن بَحِير.

أبو القاسم البحيريّ النّيسابوريّ4.

1، 2 السير "18/ 522".

3 "حديث صحيح": أخرجه أحمد "4/ 278"، والطيالسي "1747"، وأبو داود "2015"، والترمذي "2109"، وابن ماجه "3436"، والحاكم "4/ 399"، وصححه، وأقره الذهبي.

4 لا بأس به.

ص: 195

حدَّث عن: أبيه، والحاكم، وحمزة المهلَّبيّ، وابن محمش.

وعنه: ابن ماكولا، وابن طاهر المقدسي، وعبد الغافر وقال: شيخ معروف سديد.

"حرف النون":

360-

نصْر بْن عليّ بْن أَحْمَد بن منصور بن شاذوَيْه.

أبو الفتح الحاكميّ الطُّوسيّ1.

شيخ عالم مشهور معمَّر.

حدَّث بالسُّنن لأبي داود، عن أبي عليّ الرُّوذباريّ.

وسمع أيضًا من أبي بكر الحيريّ.

وأحضر إلى نيسابور، فسمعوا منه السُّنن.

قال أبو سعد السَّمعاني: فسَمعه منه جدّي. روى عنه لولدي عبد الرّحيم: صخُر بن عُبيد الطّابَرَانّي، وهبة الرحمن بن القُشَيْريّ، وأبو الفتح محمد بن أبي أحمد الحصريّ.

مات عد السَّبعين والأربعمائة.

1 انظر السابق.

ص: 196