الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الهادئة ، وتعبيرات الوجه الطلقة ، فالتزم مصعب بن عمير رضي الله عنه الأدب في السؤال مع أسيد بن حضير رضي الله عنه ، رغم الذي لاقاه من شتم وتهديد ، فاختار له من ألطف الأسئلة إذ قال له:" أوَ تجلسُ فتسمعُ؟ "(1) ، فكان أدباً لطيفاً يطلب منه الجلوس ليسمعه ما يريد ، فلم يتمالك أسيد رضي الله عنه أمام هذا الأدب الجم إلا أن استجاب له وجلس ليستمع لما يقوله ، مما يبين أهمية هذا الأدب وضرورة الالتزام به في أثناء الحوار.
خامساً: الإعراض اللفظي:
إن الإعراض قد يكون بالجسد أو بالعين أو بالوجه أو باللفظ ، ويستعمل المحاور هذا الأدب ، حين لا يُجدي الحوار ، ولا يُغني العتاب ، ويكون ذلك عند كثرة أخطاء الخصم وإصراره ، أو ارتكابه خطأً فادحاً قد يتضرر به المحاور.
ومصعب بن عمير رضي الله عنه أعرض عن أخيه أبي عزيز ، وذلك مقابل تأييده ووقوفه مع أمه عليه ، فعندما وقعت غزوة بدر وانتصر المسلمون ، وكان من بين الأسرى " أبو عزيز بن عمير، أسره أبو اليسر ، ثم اُقْتُرِعَ عليه فصار لمُحرِزِ بن نضلة، وأبو عزيز أخو مصعب بن عمير لأمه وأبيه. فقال مصعب لمُحْرِزٍ: اُشدُدْ يديك به، فإن له أُمّا بمكة كثيرة المال. فقال له أبو عزيز: هذه وصاتُك بي يا أخي؟ فقال مصعب: إنه أخي دونك! فبَعَثَتْ أُمّهُ فيه بأربعةِ آلافٍ، وذلك بعد أن سألت أغلى ما تُفَادِي به قريش، فقيل لها أربعةُ آلافٍ"(2) ، فكان أبو عزيز يكلم أخاه مصعباً رضي الله عنه فلا يجيبه ، فيعرض عنه مصعب بن عمير رضي الله عنه لفظاً ويجعل كلامه إلى محرزٍ رضي الله عنه ، وما ذاك إلا من شنيع ما لاقاه مصعبٌ رضي الله عنه منه ، ولما يعرف من عداوة أخيه له.
(1) ابن هشام: السيرة النبوية ، 1/ 435.
(2)
الواقدي: المغازي ، 1/ 144.