المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[أقوال المحدثون والفقهاء رحمهم الله تعالى] - تحريم كتابة القرآن الكريم بحروف غير عربية أعجمية أو لاتينية

[صالح علي العود]

الفصل: ‌[أقوال المحدثون والفقهاء رحمهم الله تعالى]

[أقوال المحدثون والفقهاء رحمهم الله تعالى]

المحدثون والفقهاء - رحمهم الله تعالى - (9) الحافظ البيهقي (المتوفى 458 هـ) جاء في كتابه " شعب الإيمان " ما نصه:

" من كتب مصحفا ينبغي أن يحافظ على الهجاء الذي كتبوا به تلك المصاحف ولا يخالفهم فيه ولا يغير مما كتبوه شيئا؛ فإنهم كانوا أكثر علما وأصدق قلبا ولسانا وأعظم أمانة، فلا ينبغي أن نظن بأنفسنا استدراكا عليهم ".

(10)

الإمام البغوي (المتوفى 516 هـ) جاء في كتابه " شرح السنة " ما نصه:

" المصحف الذي استقر عليه الأمر هو آخر

ص: 45

العرضات على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر عثمان بنسخه في المصاحف، وجمع الناس عليه، وأذهب ما سوى ذلك، قطعا لمادة الخلاف، فصار ما يخالف خط المصحف في حكم المنسوخ، والمرفوع كسائر ما نسخ ورفع، فليس لأحد أن يعدو في اللفظ إلى ما هو خارج عن الرسم ".

(11)

الفقيه أبو بكر بن العربي (المتوفى 546 هـ) " قال القاضي أبو بكر بن العربي في تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ} [فصلت: 44](1) .

قال علماؤنا: هذا يبطل قول أبي حنيفة - رضي

(1) سورة فصلت، آية:(44) .

ص: 46

الله عنه - أن ترجمة القرآن بإبدال اللغة العربية بالفارسية جائز، لأن الله تعالى قال:

{وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ} [فصلت: 44] نفى أن يكون للعجمة إليه طريق، فكيف يصرف إلى ما نفى الله عنه، مع إن التبيان والإعجاز إنما يكون بلغة العرب، فلو قلب إلى غير هذا لما كان قرآنا، ولا بيانا، ولا اقتضى إعجازا ".

(12)

العلامة نظام الدين النيسابوري " قال جماعة من الأئمة: إن الواجب على القراء والعلماء وأهل الكتابة أن يتبعوا هذا الرسم في خط المصحف؛ فإنه رسم زيد بن ثابت، وكان أمين رسول الله صلى الله عليه وسلم وكاتب وحيه ".

ص: 47

(13)

شيخ الإسلام ابن تيمية (المتوفى 728 هـ) " إن الله لما أنزل كتابه باللسان العربي، وجعل رسوله مبلغا عنه الكتاب والحكمة بلسانه العربي، وجعل السابقين إلى هذا الدين متكلمين به: لم يكن سبيل إلى ضبط الدين ومعرفته إلا بضبط هذا اللسان، وصارت معرفته من الدين، وصار اعتياد التكلم به أسهل على أهل الدين في معرفة دين الله، وأقرب إلى إقامة شعائر الدين، وأقرب إلى مشابهتهم للسابقين الأولين، من المهاجرين والأنصار في جميع أمورهم.

ولهذا لما علم المؤمنون من أبناء فارس وغيرهم هذا الأمر، أخذ من وفقه الله منهم نفسه بالاجتهاد في تحقيق المشابهة بالسابقين، فصار أولئك من

ص: 48

أفضل التابعين بإحسان إلى يوم القيامة، وصار كثير منهم أئمة لكثير من غيرهم، ولهذا كانوا يفضلون من الفرس: من رأوه أقرب إلى متابعة السابقين، حتى قال الأصمعي - فيما رواه عنه أبو طاهر السلفي - في كتاب فضل الفرس:" عجم أصبهان: قريش العجم "(1) .

(14)

الإمام ابن الحاج العبدري (المتوفى 737 هـ) قال الإمام ابن الحاج:

" ينبغي له - أي للناسخ - بل يتعين عليه: أن لا ينسخ الختمة بلسان العجم، لأن الله تعالى أنزله بلسان عربي مبين، ولم ينزله بلسان العجم، وقد كره مالك رحمه الله نسخ المصحف في أجزاء

(1) عن كتابه: (اقتضاء الصراط المستقيم) ص: (11 - 12) .

ص: 49

متفرقة، وقال: إن الله عز وجل قال: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ} [القيامة: 17](1) وهؤلاء يفرقونه، فإذا كره هذا في الأجزاء، فما بالك بتغييره عن اللسان العربي المبين؟ ! ولقد سرى هذا لبعض الناس في هذا الزمان، حتى إنهم ليعدون قراءة القرآن بالعجمية ونسخ الختمة بها من الفضيلة، وبعضهم يجمع في الختمة الواحدة بين كتبها باللسان العربي واللسان الأعجمي، وهذا مخالف لما أجمع عليه الصدر الأول، والسلف الصالح، والعلماء رضي الله عنهم وإذا كان ذلك كذلك، فيتعين عليه أن لا يعرج على قول من أجاز ذلك فليحذر من ذلك، والله الموفق " (2) .

(1) سورة القيامة، آية:(17) .

(2)

عن كتابه (المدخل) ج 4 ص 86 ط دار الفكر.

ص: 50

(15)

الإمام أبو إسحاق الشاطبي (المتوفى 790 هـ) قال الإمام أبو إسحاق:

" إن الله عز وجل أنزل القرآن عربيا لا عجمة فيه، بمعنى أنه جار في ألفاظه ومعانيه وأساليبه على لسان العرب، قال تعالى:{إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [الزخرف: 3](1) .

وقال: {قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ} [الزمر: 28](2) .

وقال: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ - عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ - بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء: 193 - 195](3) .

وكان المنزل عليه القرآن: عربيا، أفصح من نطق بالضاد، وهو:" محمد بن عبد الله " صلى الله عليه وسلم وكان الذين بعث فيهم عربا - أيضا - يجري الخطاب على

(1) سورة الزخرف، آية:(3) .

(2)

سورة الزمر، آية:(28) .

(3)

سورة الشعراء، آية:(193 - 195) .

ص: 51

معتادهم في لسانهم، فليس فيه شيء من الألفاظ والمعاني إلا وهو جارٍ على ما اعتادوه ولم يدخله شيء؛ بل نفى عنه أن يكون فيه شيء عجمي فقال تعالى:{وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} [النحل: 103](1) .

وقال: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ} [فصلت: 44](2) .

هذا وإن كان بعث للناس كافة، فإن الله عز وجل جعل جميع الأمم وعامة الألسنة في هذا الأمر تبعا للسان العرب، وإذا كان ذلك فلا يفهم كتاب الله تعالى إلا من الطريق الذي نزل عليه وهو اعتبار ألفاظها ومعانيها وأساليبها ".

(1) سورة النحل، آية:(103) .

(2)

سورة فصلت، آية:(44) .

ص: 52