المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الفصل الثالث لجان ومجالس وهيئات منظمات ودور إفتاء وجمعيات معاصرة] - تحريم كتابة القرآن الكريم بحروف غير عربية أعجمية أو لاتينية

[صالح علي العود]

الفصل: ‌[الفصل الثالث لجان ومجالس وهيئات منظمات ودور إفتاء وجمعيات معاصرة]

[الفصل الثالث لجان ومجالس وهيئات منظمات ودور إفتاء وجمعيات معاصرة]

الفصل الثالث لجان ومجالس

وهيئات منظمات

ودور إفتاء

وجمعيات معاصرة

ص: 53

(16)

هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية بعد دراسة الموضوع ومناقشته وتداول الرأي فيه، قرر المجلس بالإجماع: تحريم كتابة القرآن بالحروف اللاتينية، أو غيرها من حروف اللغات الأخرى، وذلك للأسباب التالية:

1 -

إن القرآن قد نزل بلسان عربي مبين، حروفه ومعانيه، قال تعالى:

{وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ - نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ - عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ - بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء: 192 - 195](1) والمكتوب بالحروف اللاتينية لا يسمى قرآنا، لقوله تعالى:{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [الشورى: 7](2) وقوله: {لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} [النحل: 103](3) .

(1) سورة الشعراء، الآيات:(192 - 195) .

(2)

سورة الشورى، آية:(7) .

(3)

سورة النحل، آية:(103) .

ص: 54

2 -

إن القرآن كتب حين نزوله، وفي جمع أبي بكر، وعثمان، رضي الله عنهما إياه بالحروف العربية، ووافق على ذلك سائر الصحابة رضي الله عنهم وأجمع عليه التابعون، ومن بعدهم إلى عصرنا، رغم وجود الأعاجم، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:

«عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين» الحديث (1) .

فوجبت المحافظة على ذلك، عملا بما كان في عهده صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين، رضي الله عنهم وعملا بإجماع الأمة.

3 -

إن حروف اللغات من الأمور المصطلح عليها، فهي قابلة للتغيير مرات بحروف أخرى، فيخشى إذا فتح هذا الباب أن يفضي

(1) رواه أبو داود، والترمذي، وقال حديث حسن صحيح.

ص: 55

إلى التغيير كلما اختلف الاصطلاح، ويخشى أن تختلف القراءة تبعا لذلك، ويحصل التخليط على مر الأيام، ويجد عدو الإسلام مدخلا للطعن في القرآن للاختلاف والاضطرابات، كما حصل بالنسبة للكتب السابقة، فوجب أن يمنع ذلك محافظة على أصل الإسلام، وسدا لذريعة الشر والفساد.

4 -

يخشى إذا رخص في ذلك أو أقر: أن يصير القرآن ألعوبة بأيدي الناس، فيقترح كل أن يكتبه بلغته، وبما يجد من اللغات، ولا شك أن ذلك مثار اختلاف وضياع، فيجب أن يصان القرآن عن ذلك صيانة للإسلام وحفظا لكتاب الله من العبث والاضطرابات.

5 -

إن كتابة القرآن بغير الحروف العربية يثبط المسلمين عن معرفة اللغة العربية، التي بواسطتها يعبدون ربهم، ويفهمون دينهم،

ص: 56

ويتفقهون فيه، هذا وبالله التوفيق، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

هيئة كبار العلماء

وجهنا السؤال إلى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية، فتفضل مشكورا بإرساله هذه الفتوى الصادرة عن الهيئة في دورتها الرابعة عشر بالطائف، في شوال (1399) هـ.

(17)

هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية بعد دراسة الموضوع ومناقشته وتداول الرأي فيه، تبين للمجلس أن هناك أسبابا تقتضي بقاء كتابة المصحف بالرسم العثماني، وهي:

1 -

ثبت أن كتابة المصحف بالرسم العثماني، كانت في عهد عثمان رضي الله عنه وأنه أمر

ص: 57

كتبة المصحف أن يكتبوه على رسم معين، ووافقه الصحابة، وتابعهم التابعون، ومن بعدهم إلى عصرنا هذا.

وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين» (1) فالمحافظة على كتابة المصحف بهذا الرسم هو المتعين، اقتداء بعثمان وعلي، وسائر الصحابة، وعملا بإجماعهم.

2 -

إن العدول عن الرسم العثماني، إلى الرسم الإملائي الموجود حاليا، بقصد تسهيل القراءة! يفضي إلى تغيير آخر إذا تغير الاصطلاح في الكتابة، لأن الرسم الإملائي نوع من الاصطلاح، قابل للتغير باصطلاح آخر، وقد يؤدي ذلك إلى تحريف القرآن بتبديل بعض الحروف أو زيادتها أو نقصها، فيقع الاختلاف بين المصاحف على مر

(1) رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح.

ص: 58

السنين، ويجد أعداء الإسلام مجالا للطعن في القرآن الكريم، وقد جاء الإسلام بسد ذرائع البشر، ومنع أسباب الفتن.

3 -

ما يخشى من أنه إذا لم يلتزم الرسم العثماني في كتابة القرآن: أن يصير كتاب الله ألعوبة بأيدي الناس، كلما عنَّتْ لإنسان فكرة في كتابته اقترح تطبيقها، فيقترح بعضهم كتابته باللاتينية أو غيرها، وفي هذا ما فيه من الخطر، ودرء المفاسد أولى من جلب المصالح.

وبناء على هذه الأسباب، اتخذ المجلس! القرار التالي:

" يرى مجلس هيئة كبار العلماء: أن يبقى رسم المصحف على ما كان بالرسم العثماني، ولا ينبغي تغييره ليوافق قواعد الإملاء الحديثة، محافظة على كتاب الله من التحريف، واتباعا لما كان عليه

ص: 59

الصحابة، وأئمة السلف - رضوان الله عليهم أجمعين - والله الموفق، وصلى الله على نبينا محمد.

هيئة كبار العلماء

وجهنا السؤال إلى مجلس البحث الفقهي بلندن، فأرسل إلينا هذه الفتوى مشكورا، وهي برقم (71) وبتاريخ (21 / 10 / 1399) هـ.

(18)

مجلس المجمع الفقهي الإسلامي مكة المكرمة إن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي قد اطلع على خطاب الشيخ هاشم وهبة عبد العال من جدة، الذي ذكر فيه موضوع (تغيير رسم المصحف العثماني إلى الرسم الإملائي) وبعد مناقشة هذا

ص: 60

الموضوع من قبل المجلس واستعراض قرار هيئة كبار العلماء بالرياض رقم (71) وتاريخ 21 / 10 / 1399) هـ، الصادر في هذا الشأن، مما جاء فيه من ذكر الأسباب المقتضية بقاء كتابة المصحف بالرسم العثماني:

قرر بالإجماع تأييد ما جاء في قرار مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية من عدم جواز تغيير رسم المصحف العثماني، ووجوب بقاء رسم المصحف العثماني على ما هو عليه، ليكون حجة خالدة، على عدم تسرب أي تغيير أو تحريف في النص القرآني، واتباعا لما كان عليه الصحابة، أئمة السلف - رضوان الله عليهم أجمعين -

أما الحاجة إلى تعليم القرآن، وتسهيل قراءته على الناشئة التي اعتادت الرسم الإملائي الدارج، فإنها تتحقق عن طريق تلقين المعلمين، إذ لا

ص: 61

يستغني تعليم القرآن في جميع الأحوال عن معلم، فهو يتولى تعليم الناشئين قراءة الكلمات التي يختلف رسمها في المصحف العثماني عن رسمها في قواعد الإملاء الدارجة، ولا سيما إذا لوحظ أن تلك الكلمات عددها قليل، وتكرار ورودها في القرآن كثير، ككلمة:(الصلوة) و: (السموات) ونحوهما، فمتى تعلم الناشئ الكلمة بالرسم العثماني، سهل عليه قراءتها كلما تكررت والمصحف، كما يجري مثل ذلك تماما في رسم كلمة (هذا) ، و (ذلك) في قواعد الإملاء الدارجة أيضا.

والله ولي التوفيق، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

تفضل كذلك بإرسالها إلينا مجلس البحث الفقهي بلندن فشكرا جزيلا للأستاذ حسن علي الأهدل.

ص: 62

(19)

وزارة العدل - دار الإفتاء جمهورية مصر العربية للإجابة على السؤال وهو: ما مدى جواز كتابة النص القرآني بالحرف اللاتيني تيسيرا لغير العرب؟

يتوقف الجواب على هذا السؤال على معرفة الإجابة عن سؤال آخر وهو: هل الرسم العثماني للمصحف توقيفي، وهل يجب الالتزام به أم لا؟ ذهب جمهور العلماء إلى أن رسم المصحف توقيفي، لا تجوز مخالفته - واستدلوا بأدلة كثيرة منها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان له كتاب يكتبون الوحي، وقد كتبوا القرآن الكريم فعلا بهذا الرسم، وأمرهم الرسول على كتابته، ومضى عهده صلى الله عليه وسلم والقرآن على هذه الصورة، ولم يحدث فيه تغيير ولا تبديل - بل ورد أنه صلى الله عليه وسلم كان يضع الدستور لكتاب الوحي في رسم القرآن وكتابته - والكتيب الذي أرفق - بطلب مركز التربية

ص: 63

الإسلامية بفرنسة - عظيم في هذا الشأن، ونؤيد ما جاء به، وخاصة قرار مجلس المجمع الفقهي الإسلامي المنعقد في مكة المكرمة، في تاريخه، والذي قرر بإجماع أعضائه ما جاء في قرار مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية: عدم جواز تغيير رسم المصحف العثماني، ووجب بقاء رسم المصحف العثماني على ما هو عليه ليكون حجة خالدة على عدم تسرب أي تغيير تحريف في النص القرآني، واتباعا لما كان عليه الصحابة، وأئمة السلف - رضوان الله عليه أجمعين -

ويجب على من يعتنق الإسلام: أن يجتهد قدر وسعه، ويبذل طاقته لتعلم اللغة العربية، ما تيسر له، حتى يستطيع أن يقرأ ما تصح به الصلاة بالعربية، وإن وجد صعوبة في باقي الفروع فلا بأس من ترجمة المعاني، أي: تفسير النص القرآني

ص: 64

وترجمته إلى غير العربية حفاظا على جمال " القرآن الكريم " وكماله وبلاغته وإعجازه.

والله ولي التوفيق.

مفتي

جمهورية مصر العربية

سيد محمد طنطاوي

وجهنا إليه السؤال، فتفضل بالجواب مشكورا.

(20)

لجنة الفتوى في الأزهر جمهورية مصر العربية سئلت لجنة الفتوى في الأزهر عن: كتابة القرآن بالحروف اللاتينية؟ فأجابت: بعد حمد الله، والصلاة والسلام على رسوله، بما نصه: " لا شك أن الحروف اللاتينية المعروفة، خالية من عدة حروف توافق العربية، فلا تؤدي جميع ما تؤديه

ص: 65

الحروف العربية، فلو كتب القرآن الكريم بها على طريق النظم العربي - كما يفهم من الاستفتاء - لوقع الإخلال والتحريف في لفظه، ويتبعهما تغير المعنى وفساده، وقد قضت نصوص الشريعة بأن يصان القرآن الكريم من كل ما يعرضه للتبديل والتحريف، وأجمع علماء الإسلام - سلفا وخلفا - على أن كل تصرف في القرآن يؤدي إلى تحريف في لفظه، أو تغيير في معناه: ممنوع منعا باتا، ومحرم تحريما قاطعا، وقد التزم الصحابة - رضوان الله عليهم - ومن بعدهم إلى يومنا هذا: كتابة القرآن بالحروف العربية) .

أوردها الشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني في كتابه: مناهل العرفان ج 2 ص 134 ط دار الفكر محيلا على المجلد السابع من مجلة الأزهر ص (45) .

ص: 66

(21)

لجنة من أفاضل علماء الأزهر بمصر تشكلت لجنة ضمت نخبة من أفاضل علماء الأزهر لوضع تفسير عربي دقيق، تمهيدا لترجمته بواسطة لجنة فنية مختارة، تنفيذا لقرار مجلس الوزراء المصري المنعقد في (16 أبريل 1936) بناء على ما رفعه إليه فضيلة شيخ الأزهر في ذلك الوقت.

هذه اللجنة كان أول ما وضعته من ضوابط وتحفظات، ما جاء في البند الأول من قرارها وهو:

1 -

عدم جواز كتابة القرآن الكريم بحروف غير عربية حذرا من التحريف في لفظه العربي.

عن بحث: " ترجمة القرآن بين الحظر والإباحة " لفضيلة شيخ الأزهر الشيخ جاد الحق.

ص: 67

(22)

مجلس الإقراء بدمشق في محضر كبار القراء

ومشيختهم الجمهورية العربية السورية اطلع المجلس على الكتاب ودرسه بدقة فقرر بعد ذلك بالإجماع: أن كتابة القرآن العظيم بالأحرف اللاتينية، أمر خطير بالغ الخطورة، وهو غير جائز، لأن الأحرف العربية لا يوجد كثير منها باللاتينية، وهو تحريف للقرآن وتغيير له عن العربية المنزل بها، وليس هناك مبرر لكتابته باللاتينية من أجل الذين دخلوا ويدخلون في الإسلام من غير العرب، فحال هؤلاء كحال الذين من قبلهم من الأمم غير العرب، الذين لم يفكروا في يوم من الأيام أن يكتبوا القرآن بأحرفهم، مع أن أكثر المسلمين اليوم في الدنيا من غير العرب: من أتراك، وعجم، وهند، وباكستان، وأندونيسية، وأفريقية، وغيرهم من بلاد المسلمين، فكل هذه

ص: 68

البلاد التي تدين بالإسلام لم تكتب القرآن فيما مضى بغير الحرف العربي، ولو كتب القرآن كل بلغته، وأضافه إلى قطره وبلده، لتعددت الكتابات، وأدى ذلك إلى أن يقال في مستقبل الأمر وبعد الاختصار: قرآن هندي، وقراَن تركي، أو غير ذلك، وفيه ما فيه، ولقد رأينا في صفوف الأعاجم من المسلمين اليوم: من يقرأ القرآن مرتلا مجودا، أحسن من قراءة كثير من العرب، الذين أنزل القرآن بلغتهم!

ثم يقول الشيخ حسني خطاب شيخ قراء الشام بدمشق:

يجب أن لا يقدم أحد على كتابة المصحف الشريف، أو طباعته، إلا بعد مراجعة رسمه الأول واقتفاء أثره، اقتداء بالسلف الصالح، وعملا بما عليه الجماهير المعتمدة من أئمة الإسلام، ومحافظة على ما يحويه الرسم من أنواع القراءات المتواترة، التي يشملها الرسم القديم، ولا يترك شيء قد

ص: 69

أحكمه السلف لجهل الجاهلين، أو زحفا وراء المغرضين من أعداء الدين، أو طمعا في نزر يسير من حطام الدنيا ومتاعها، فإنها لا تساوي عند الله جناح بعوضة؛ والقرآن كلام الله لا يعدله شيء، وفي ذكر هذه النصوص الموجزة، من الحديث والقديم: بيان ما يجب أن يصار إليه في رسم القرآن الكريم، والمحافظة عليه كتابة وقراءة، وترتيلا وتجويدا، أما غير ذلك فإنه لعب بكتاب الله، وتعريض له للضياع، وسبب في تفريق كلمة المسلمين، وقد أنزل الله كتابه لتوحيد كلمتهم، وضم شملهم، وضمان حقوقهم، وتهذيب أخلاقهم:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9](1) والحمد لله رب العالمين.

وجهنا السؤال إلى فضيلة الشيخ عبد الرزاق الحلبي، فتفضل المجلس كله بالجواب، فشكرا له ولهم جميعاٌ.

(1) سورة الحجر، آية:(9) .

ص: 70

(23)

وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية

دائرة الإفتاء العام - عمان / الأردن فإن مما لا شك أن الحروف اللاتينية المعروفة خالية من عدة حروف توافق العربية؛ فلا تؤدي جميع الحروف العربية مثل: (القاف، والحاء، والخاء، والعين، والضاد، والظاء، والطاء) .

فلو كتب القرآن الكريم بالحروف اللاتينية، على طريقه النظم العربي، لوقع الإخلال والتحريف في لفظه، وتبعها تغير المعنى وفساده!

وقد قضت نصوص الشريعة الإسلامية بأن يصان القرآن الكريم عن كل ما يعرضه للتبديل والتحريف:

قال الله تعالى:

{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9](1) وقال

(1) سورة الحجر، آية:(9) .

ص: 71

الله تعالى: {لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ} [يونس: 64](1) .

وقال تعالى: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ - عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ - بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء: 193 - 195](2) .

وقال تعالى:

{إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الزخرف: 3](3) .

وقال تعالى:

{قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [الزمر: 28](4) .

فلا عوج فيه، لا من حيث اللفظ والنظم، ولا من حيث المعنى.

وبذلك أجمع علماء الإسلام - سلفا وخلفا - على أن كل تصرف في القرآن الكريم يؤدي إلى تحريف لفظه أو تغيير في معناه: ممنوع منعا باتا، ومحرم تحريما قاطعا.

وقد التزم الصحابة رضي الله عنهم ومن

(1) سورة يونس، آية:(64) .

(2)

سورة الشعراء، آية:(193 - 195) .

(3)

سورة الزخرف، آية:(3) .

(4)

سورة الزمر، آية:(28) .

ص: 72

بعدهم إلى يومنا هذا: كتابة القرآن الكريم بالحروف العربية.

ومن هذا تبين بوضوح: أن كتابة القرآن الكريم بالحروف اللاتينية المعروفة، أو بحروف اللغات الأخرى: لا تجوز والله تعالى أعلم.

المفتي العام

عز الدين الخطيب التميمي

وجهنا السؤال إلى مجلس المنظمات والجمعيات الإسلامية بالأردن، فأحالوه إلى دائرة الإفتاء، فتفضلت بالجواب، فشكرا لهم جميعا.

(24)

كلية الشريعة والدراسات الإسلامية جامعة قطر فقد أنزل الله تعالى القرآن عربيا، كما نصت على ذلك آياته الكثيرة، مثل قوله تعالى:

ص: 73

{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [يوسف: 2](1) .

{وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا} [الرعد: 37](2) .

وقد اقتضت حكمة الله تعالى أن يكتب هذا القرآن الكريم منذ أنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم بالحرف العربي المعبر عن اللسان العربي، فهو قرآن وكتاب، ومن حيث هو قرآن: يتلى باللسان العربي، ومن حيث هو كتاب: يكتب بالحرف العربي المعبر عن الأصوات التي تميزت بها العربية.

وعلى هذا أجمعت الأمة منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد خلفائه الراشدين المهديين، الذين أمرنا أن نتمسك بسنتهم، ونعض عليها بالنواجذ.

وإذا كان هذا هو موقف المسلمين الإجماعي، من الرسم العثماني للنص القرآني وحرصهم عليه، ورفضهم لأي تغيير في صورته مع بقاء الحرف العربي كما هو، فكيف نجيز كتابة النص القرآني

(1) سورة يوسف، آية:(2) .

(2)

سورة، الرعد، آية:(37) .

ص: 74

بحرف آخر غير الحرف العربي، مثل الحرفي اللاتيني؟ ! مع أن هذا الحرف لا يوجد به ما يعبر عن كل الأصوات العربية، التي لها أحرف خاصة في لغة العرب، مثل: الصاد، والضاد، والطاء، والظاء، والعين، والحاء، ونحوها.

وربما قيل: إن ذلك يمكن أن يعالج بوضع علامات خاصة، كالتي وضعها المستشرقون لتمييز الصوت الذي لا يوجد له حرف خاص يعبر عنه في الحروف اللاتينية، ولكن هذا يفيد من يعرف اللغة العربية، وأصوات الحروف فيها، أما غيره فلا يستفيد منها إلا بعد دراسة وتدريب.

ثم هناك أشياء مثل: همزة الوصل، ومتى ينطق بها، ومتى لا ينطق؟ وكذلك التنوين في حالة الوصل، وحالة الوقف، واختلاف ذلك في حالة النصب عن حالتي الرفع والجر، وأيضا التنوين في التاء المربوطة واختلافه عن التاء المفتوحة في حالة

ص: 75

الوقف؛ وغير ذلك، مما يمكن أن يظهر بالممارسة، ولا يصلح معه إلا التلقي الشفهي.

مكتب العميد الدكتور يوسف القرضاوي وجهنا إليه السؤال، فتفضل بالجواب مشكورا

(25)

وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية

الهيئة العامة للفتوى - الكويت لا يجوز كتابة القرآن الكريم (المصحف) بغير اللغة العربية، وبغير الرسم العثماني؛ حتى ولو كان بقصد تيسير قراءة القرآن الكريم لغير العرب، أو للمسلمين الجدد، لما يترتب على ذلك من تحريف للقرآن الكريم، وتبديل بعض الحروف، ولأنه كتب بالرسم العثماني، الذي يستوعب القراءات السبع كلها، وسدا للذرائع، وصيانة للقرآن الكريم من محاولات التغيير والتبديل، التي

ص: 76

يحرص عليها أعداء الإسلام، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

مدير مكتب الإفتاء

مشعل مبارك الصباح

وجهنا السؤال إلى الهيئة الخيرية العالمية الإسلامية، فأحالته إلى الهيئة العامة للفتوى، فتفضلت بالجواب مشكورة، فشكرا لهما جميعا.

(26)

وزارة الأوقاف - إدارة جامع بني أمية

الجمهورية العربية السورية إن فكرة كتابة القرآن الكريم بالأحرف اللاتينية فكرة هدامة، يجب محاربتها بكل الوسائل، على أن علماء الأمة الإسلامية، وعلماء القراءات، لم يجيزوا كتابته إلا بالرسم الذي رسم به في زمن الخليفة

ص: 77

الثالث سيدنا عثمان رضي الله عنه وحافظوا على هذا الرسم حتى وصلنا بطريق التواتر، والآيات القرآنية شاهدة على ذلك، بأن نزل باللغة العربية وحروفها، والذي نعتقده وندين به: أنه لا يجوز كتابة القرآن باللاتينية، ولا على قواعد الإملاء الحديث، وإنما على ما كتبه الصحابة الكرام، ومراعاة الأصول في ذلك، والله أعلم.

كتبه

عبد الرزاق الحلبي

وجهنا إليه السؤال، فتفضل بالجواب مشكورا.

(27)

جمعية علماء الهند دلهي - الهند أود أن أجيبكم بأن علماء السلف الصالح لا

ص: 78

يجيزون كتابة نص القرآن الكريم بغير العربية، وهذا هو مسلك الأمة؛ وكما هو معلوم أن الأمة الإسلامية تتعرض لفتن ومخاطر كثيرة في هذا العصر على أيدي الأعداء، وهذه الفتنة تشكل جزءا من مسلسل التآمر!

رئيس جمعية علماء الهند

أسعد مدني

وجهنا إليه السؤال، فتفضل بالجواب مشكورا.

(28)

رئاسة الشؤون الدينية أنقرة - الجمهورية التركية من المعلوم أن الكتابة هي بيان الأصوات: بالحروف أو الأرقام أو الإشارات (كالنوطة في الموسيقى مثلا) ، وأنه كما توجد في جميع اللغات

ص: 79

أصوات تتوافق مع بعضها، يوجد كذلك أصوات منفردة في بعض اللغات لا توجد في غيرها.

وإن مجموع الإشارات التي تعبر عن الأصوات الخاصة، بأي لغة يطلق عليها:" الحروف الهجائية "، فبسبب اختلاف عدد وصفات الأصوات في مختلف اللغات، قد تكون الحروف الهجائية مختلفة أيضا بين اللغات، لأن كل مجموعة من حروف الهجاء، مرتبة لتعبير الأصوات الخاصة بلغتها، لذا لا يمكن كتابة أي نص كتابة تامة وسالمة من الأخطاء بحروف هجائية عائدة إلى لغة غير لغة ذلك النص، كما لا يمكن - أيضا - قراءته قراءة صحيحة بأصوات تلك اللغة.

إن لغة القرآن الكريم هي: اللغة العربية، والقرآن مخطوط بالحروف الهجائية العربية، وعدد الحروف الهجائية العربية:(28) حرفا، وعدد حروف الهجاء المحدثة من أصل لاتيني للغات

ص: 80

التي تستعمل في مختلف البلدان بقرب نفس العدد، تقل أو تكثر عنها بحرف أو حرفين فقط.

ولكن الجدير بالذكر هنا: أن كل حرف من حروف اللغة العربية له صوت خاص ينفرد عن غيره، وبعض الحروف المحدثة من أصل لاتيني كحروف (i، e، a، u، o،) تستعمل لتصويت الحروف الأخرى، حيث تقوم الحركات مقام هذا التصويت المذكور باللغة العربية (كالفتحة والكسرة والضمة، وهي إشارات خاصة لهذه اللغة) ، وليس من الضروري أن توجد هذه الحركات مرسومة على الخط المكتوب.

إذا، إن حروف الهجاء للغة العربية تزيد عن اللغات المحدثة من أصل لاتيني بثمانية حروف، وذاك بالإضافة إلى أنه لا يوجد بين حروف هجاء اللغة العربية أصوات وصفات بعض الأحرف المستعملة باللغات المحدثة من أصل لاتيني

ص: 81

كحروف: (o، o، j، g، c، p) .

ومعنى هذا: أن النص العربي إذا كتب بحروف لاتينية، فلا تستعمل هذه الحروف المدرجة أعلاه بكتابة ذلك النص. وبذلك يزداد عدد أصوات اللغة العربية، التي لا يوجد مقابلها في اللغات اللاتينية.

كما أن لتلاوة القرآن الكريم قواعد خاصة تجويدية، كالإدغام والإظهار والإخفاء والإقلاب، لا يمكن تحقيق هذه القواعد إلا بالخط القرآني العربي.

إذا، لا توجد في الحروف اللاتينية جميع أصوات الحروف العربية، كما لا توجد - أيضا - الميزات اللازمة والضرورية لتلاوة القرآن الكريم، لذا لا يمكن كتابة وتلاوة القرآن الكريم بالحروف اللاتينية سالمة من النقص والأخطاء، إلا بعد تنسيق وإبداع واستعمال بعض الرموز والحروف

ص: 82

الخاصة، مع أن هذه الرموز والحروف الخاصة التي تستخدم بقراءة الحروف العربية والتي يسمونها:(ترانسكريبسيون - Transkripsiyon) ، تنفع فقط في حالة المعرفة التامة للحروف العربية ومخارجها وقراءتها، وإلا فلا فائدة لها في حالة عدم معرفة مخارج الحروف العربية، ولا تؤدي لأي سهولة وتيسير في تلاوة القرآن الكريم تلاوة صحيحة، وقي الأصل ليس سبب وضع رموز (الترانسكريبسيون) كان لكتابة النصوص العربية الطويلة؛ بل السبب الوحيد هو استعمالها بكتابة بعض الألفاظ والأسامي العربية المحدودة، في الكتب والمقالات الأجنبية، وقراءتها قراءة صحيحة من قبل الذين يعلمون تلك الرموز، وإلا فلم يوجد في العالم أي كتاب عربي مطبوع برموز (الترانسكريبسيون) .

لا يفيد رأينا هذا عدم إمكانية كتابة وتلاوة

ص: 83