المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الفصل الثالث … فصل قال العراقي: (فعند أهل السنة أفعال العبد مخلوقة لله، - تحفة الطالب والجليس في كشف شبه داود بن جرجيس

[عبد اللطيف آل الشيخ]

الفصل: ‌ ‌الفصل الثالث … فصل قال العراقي: (فعند أهل السنة أفعال العبد مخلوقة لله،

‌الفصل الثالث

فصل

قال العراقي: (فعند أهل السنة أفعال العبد مخلوقة لله، وعند المعتزلة أن المخلوق خالق لأفعاله، ومع هذا فأهل السنة لا يكفرونهم) انتهى.

قلت: يريد العراقي أن مسألةَ الأموات والغائبين، ودعاءََهم1 في الحوائج والشدائد مبنية على هذه المسألة، وأن أهل السنة يثبتون ذلك لمن اعتقد أن الله خالق أفعال العباد، وأن من أنكر دعاء الصالحين ونداءهم2، فهو من المعزلة، لأن إنكاره مبني على اعتقاده أن العبد خالق لأفعال نفسه.

والجواب أن يقال: أما هذه المسألة أعني –خلق أفعال العباد- فأهل السنة قائلون بها، لدلالة الكتاب والسنة، والأدلة العقلية والنقلية، قال تعالى:{وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} . [الصافات: 96] .

وقد انعقد الإجماع على هذا، ثم حدث قول القدرية النفاة في أواخر عصر الصحابة، وأول من اشتهر عنه ذلك غيلان القدري،

1 في "ب" و"جـ" وطبعة آل ثاني: "دعائهم".

2 في النسخ الخطية: "دعائهم".

ص: 52

ومعبد الجهني.

فأما غيلان: فكان في زمن هشام بن عبد الملك، فناظره الأوزاعي إما أهل الشام في زمانه، وألزمه الحجة، وحكم بكفره، وقتله هشام.

ومعبد الجهني: قتله الحجاج بن يوسف. وأكثر السلف والأئمة1 يكفرونه بههذ المقالة، كما هو معروف في محله.

وقد قال الإمام أحمد: "ناظروهم بالعلم، فإن أقروا به خصموا، وإن أنكروا كفروا".

وقد حكى الإجماع على كفر من أنكر العلم شمس الدين ابن قيم الجوزية، وناهيك به علماً واطلاعاًَ، فنسبته عدم التكفير إلى أهل السنة كذب جَرَّه عدم الحياء.

ثم أي حجة في هذا على أن الأولياء والصالحين يدعون بما لا يقدر عليه إلا الله، فمسألة خلق الأفعال لا تلازم بينها وبين دعاء الأولياء والصالحين بوجه ما.

وإنما أتي هذا من جهة ظنه أن من قال: بأن الله يخلق أفعال العباد، يباح له دعاء الصالحين. ومن قال: إن العبد يخلق أفعال نفسه، يحرم عليه ذلك، هذا ظن الأحمق، ولم يفرق2 بين مذهب المعتزلة والقدرية، ودين المشركين من العرب والصابئين.

1 سقطت: "والأئمة" من طبعة آل ثاني.

2 في النسخ الخطية: "يميز".

ص: 53

ويذكر أن بعض الأغبياء شكا رجلاً إلى أمير من الأمراء، فقال: إنه مرجئ، خارجي، رافضي1، ناصبي، يسب معاوية بن الخطاب الذي قتل علي بن العاص. فقال له الوالي:"لا أدري على أي شيء أحسدك؟ على علمك بالمقالات، أو على معرفتك بالأنساب"2.

قال العراقي: (وكان أحمد يصلي خلفهم، وكل السلف) .

والجواب أن يقال: سبحان الله، ما أقبح الواقحة والجراءة3، والتمادي في الكذب على الله، وعلى أولي العلم من خلقه؛ ما صلى الإمام أحمد خلف قدري قط، بل أفتى بعض أهل الحديث بمجلسه أنه لا يصلى خلفهم، فاستحسنه واستصوبه. والمعروف من مذهبه أن الصلاة لا تصح خلف فاسق باعتقاده أو فعله.

وقد كذب هذا بانتسابه إليه، والحكم عليه بالصلاة خلف القدرية، وأكثر أهل السنة لا يرون الصلاة خلفهم، كما ذكره صاحب "كشف الغمة".

بعض العلماء يقول: مسألة صلاة الجمعة والجماعة مبنية على

1 في "أ": "رافظي".

2 ذكر هذه الحكاية ابن الجوزي في "أخبار الحمقى والمغفلين": ص144، طبعة دار الكتب العلمية.

وقد ذكر الذهبي –رحمه الله في "السير": (10/ 205) قصةً نحوها.

3 في طبعة آل ثاني: "والجرأة".

ص: 54

مسألة القول بالتكفير وعدمه، ويرى الصلاة خلف من لم يكفر ببدعته إذا احتيج1 إلى ذلك، فما حكاه هذا عن أهل السنة كذب لا مرية فيه، والصواب التفصيل عند بعضهم، والمنع مطلقاً عند آخرين.

1 في طبعة آل ثاني: "احتج".

ص: 55